Rabu, 07 Desember 2011

Manhaj Salikin

Agus Subandi
منهج السالكين
وتوضيح الفقه في الدين
تأليف العلامة الشيخ
عبد الرحمن بن ناصر السعدي
رحمه الله


مقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين
الحمد لله نحمده ونستعينه ، ونستغفره ونتوب إليه ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا عبده ورسوله ، صلى الله عليه وعلى آله وسلم .
أما بعد :
فهذا كتاب مختصر في الفقه ، جمعت فيه بين المسائل والدلائل ؛ لأن " العلم " معرفة الحق بدليله . و " الفقه " : معرفة الأحكام الفرعية بأدلتها من الكتاب والسنة والإجماع والقياس الصحيح . واقتصرت على الأدلة المشهورة خوفا من التطويل .
وإذا كانت المسألة خلافية ، اقتصرت على القول الذي ترجح عندي ، تبعا للأدلة الشرعية .
الأحكام خمسة :
الواجب : وهو ما أثيب فاعله وعوقب تاركه . والحرام : ضده .
والمسنون : وهو ما أثيب فاعله ولم يعاقب تاركه .
والمكروه : ضده .
والمباح : وهو الذي فعله وتركه على حد سواء .
ويجب على المكلف أن يتعلم من الفقه كل ما يحتاج إليه في عباداته ومعاملاته ، قال رسول الله  { من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين } ( ) . . . متفق عليه .

فصل
بني الإسلام على خمس
قال النبي  { بني الإسلام على خمس : شهادة أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله ، وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، وحج البيت ، وصوم رمضان } ( ) . متفق عليه .
فشهادة أن لا إله إلا الله : علم العبد واعتقاده والتزامه أنه لا يستحق الألوهية والعبادة إلا الله وحده لا شريك له .
فيوجب ذلك للعبد : إخلاص جميع الدين لله تعالى ، وأن تكون عباداته - الظاهرة والباطنة - كلها لله وحده ، وأن لا يشرك به شيئا في جميع أمور الدين . وهذا أصل دين جميع الرسل وأتباعهم ، كما قال تعالى : {                 } ( ) [ الأنبياء : 25 ] .
وشهادة أن محمدا رسول الله : أن يعتقد العبد أن الله أرسل محمدا  إلى جميع الثقلين - الإنس والجن - بشيرا ونذيرا ، يدعوهم إلى توحيد الله وطاعته بتصديق خبره ، وامتثال أمره .
وأنه لا سعادة ولا صلاح في الدنيا والآخرة إلا بالإيمان به وبطاعته ، وأنه يجب تقديم محبته على النفس والولد والناس أجمعين ، وأن الله أيده بالمعجزات الدالة على رسالته ، وبما جبله الله عليه من العلوم الكاملة والأخلاق العالية ، وبما اشتمل عليه دينه من الهدى والرحمة والحق ، والمصالح الدينية والدنيوية .
وآيته الكبرى : هذا القرآن العظيم ، بما فيه من الحق في الأخبار والأمر والنهي ، والله أعلم .
كتاب الطهارة
وأما الصلاة : فلها شروط تتقدم عليها .
فمنها : الطهارة ، كما قال النبي  { لا يقبل الله صلاة بغير طهور } ( ) . رواه البخاري ومسلم .
فمن لم يتطهر من الحدث الأكبر والأصغر والنجاسة فلا صلاة له .
والطهارة نوعان :
أحدهما : الطهارة بالماء ، وهي الأصل . فكل ماء نزل من السماء ، أو خرج من الأرض : فهو طهور ، يطهر من الأحداث والأخباث ، ولو تغير طعمه أو لونه أو ريحه بشيء طاهر ، كما قال النبي  { إن الماء طهور لا ينجسه شيء } ( ) . رواه أهل السنن ، وهو صحيح .
فإن تغير أحد أوصافه بنجاسة فهو نجس يجب اجتنابه .
والأصل في الأشياء : " الطهارة والإباحة " ، فإذا شك المسلم في نجاسة ماء أو ثوب أو بقعة أو غيرها ، فهو طاهر ، أو تيقن الطهارة وشك في الحدث فهو طاهر ، لقوله  - في الرجل يخيل إليه أنه يجد الشيء في الصلاة : { لا ينصرف حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا } ( ) . متفق عليه .
وجميع الأواني مباحة ، إلا آنية الذهب والفضة ، وما فيه شيء منهما ، إلا اليسير من الفضة للحاجة ، لقوله  { لا تشربوا في آنية الذهب والفضة ، ولا تأكلوا في صحافها ، فإنها لهم في الدنيا ولكم في الآخرة } ( ) . متفق عليه .
باب الاستنجاء وآداب قضاء الحاجة
يستحب إذا دخل الخلاء : أن يقدم رجله اليسرى ، ويقول : " بسم الله ، اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث " ، وإذا خرج منه قدم رجله اليمنى ، وقال : " غفرانك ، الحمد لله الذي أذهب عني الأذى وعافاني " .
ويعتمد في جلوسه على رجله اليسرى وينصب اليمنى ، ويستتر بحائط أو غيره ، ويبعد إن كان في الفضاء .
ولا يحل له أن يقضي حاجته في طريق ، أو في محل جلوس للناس ، أو تحت الأشجار المثمرة ، أو في محل يؤذي به الناس .
ولا يستقبل القبلة ولا يستدبرها حال قضاء حاجته لقوله  { إذا أتيتم الغائط فلا تستقبلوا القبلة بغائط ولا بول ، ولا تستدبروها ولكن شرقوا أو غربوا } ( ) . متفق عليه .
فإذا قضى حاجته استجمر بثلاثة أحجار ونحوها ، تنقي المحل ، ثم استنجى بالماء ، ويكفي الاقتصار على أحدهما . ولا يستجمر بالروث والعظام ، لنهي النبي  عن ذلك ، وكذلك كل ما له حرمة .
ويكفي في غسل النجاسات - على البدن ، أو الثوب ، أو البقعة ، أو غيرها - أن تزول عينها عن المحل ؛ لأن الشارع لم يشترط في غسل النجاسة عددا إلا في نجاسة الكلب ، فاشترط فيها سبع غسلات إحداها بالتراب .
والأشياء النجسة : بول الآدمي وعذرته والدم ، إلا أنه يعفى عن الدم اليسير ، ومثله الدم المسفوح من الحيوان المأكول دون الذي يبقى في اللحم والعروق ، فإنه طاهر .
ومن النجاسات : بول وروث كل حيوان محرم أكله ، والسباع كلها نجسة ، وكذلك الميتات إلا ميتة الآدمي ، وما لا نفس له سائلة ، والسمك والجراد فإنها طاهرة ، قال تعالى : {     } ( ) [ المائدة : 3 ] .
وقال النبي  { المؤمن لا يَنْجُس حيا أو ميتا } ( ) . وقال : { أُحل لنا ميتتان ودمان ، أما الميتتان : فالحوت والجراد ، وأما الدمان : فالكبد والطحال } ( ) . رواه أحمد وابن ماجه .
وأما أرواث الحيوانات المأكولة وأبوالها فإنها طاهرة .
ومَنِيُّ الآدمي طاهر ، كان النبي  يغسل رطبه ويفرك يابسه ، وبول الغلام الصغير الذي لم يأكل الطعام لشهوة : يكفي فيه النضح كما قال النبي  { يغسل من بول الجارية ، ويرش من بول الغلام } ( ) . رواه أبو داود والنسائي .
وإذا زالت عين النجاسة طَهُرت ، ولم يضر بقاء اللون أو الريح ، كما قال النبي  لخولة بنت يسار في دم الحيض : { يكفيك الماء ولا يضرك أثره } ( ) .

باب صفة الوضوء
وهو أن ينوي رفع الحدث أو الوضوء للصلاة ونحوها .
والنية : شرط لجميع الأعمال من طهارة وغيرها لقوله  { إنما الأعمال بالنيات ، وإنما لكل امرئ ما نوى } ( ) . متفق عليه . ثمّ يقول : " بسم الله " ويغسل كفيه ثلاثا ثمّ يتمضمض ويستنشق ثلاثا بثلاث غرفات ، ثمّ يغسل وجهه ثلاثا ، ويديه مع المرفقين ثلاثا ، ويمسح رأسه من مُقَدَّمه إلى قفاه بيديه ، ثمّ يعيدهما إلى المحل الذي بدأ منه مرة واحدة ، ثمّ يدخل سَبَّاحتيه في أذنيه ويمسح بإبهامه ظاهرهما ، ثمّ يغسل رجليه مع الكعبين ثلاثا ، ثلاثا .
هذا أكمل الوضوء الذي فعله النبي  .
والفرض من ذلك : أن يغسلها مرة واحدة وأن يرتبها على ما ذكره الله بقوله {          } ( ) . . الآية [ المائدة : 6 ] وأن لا يفصل بينهما فاصل كثير عرفا ، بحيث لا ينبني بعضه على بعض ، وكذا كل ما اشتُرطت له الموالاة .
فإن كان عليه خُفَّان ونحوهما : مسح عليهما إن شاء يوما وليلة للمقيم ، وثلاثة أيام بلياليهن للمسافر ، بشرط أن يلبسهما على طهارة ، ولا يمسحهما إلا في الحدث الأصغر ، عن أنس مرفوعا : { إذا توضأ أحدكم ولبس خفيه فليمسح عليهما وليصل فيهما ، ولا يخلعهما إن شاء إلا من جنابة } ( ) . رواه الحاكم وصححه .
فإن كان على أعضاء وضوئه جبيرة على كسر ، أو دواء على جرح ، ويضره الغسل : مسحه بالماء في الحدث الأكبر والأصغر حتى يبرأ .
وصفة مسح الخفين : أن يمسح أكثر ظاهرهما .
وأما الجبيرة : فيمسح على جميعها .
باب نواقض الوضوء
وهي : الخارج من السبيلين مطلقا ، والدم الكثير ونحوه ، وزوال العقل بنوم أو غيره ، وأكل لحم الجزور ، ومس المرأة بشهوة ، ومس الفرج ، وتغسيل الميت ، والردة ، وهي تحبط الأعمال كلها ، لقوله تعالى : {          } ( ) [ المائدة : 6 ] .
وسئل النبي  { أنتوضأ من لحوم الإبل ؟ فقال : نعم } ( ) . رواه مسلم ، وقال في الخفين : { ولكن من غائط وبول ونوم } ( ) . رواه النسائي والترمذي وصححه .
باب ما يوجب الغسل وصفته
يجب الغسل من الجنابة ، وهي إنزال المني بوطء أو غيره أو بالتقاء الختانين ، وبخروج دم الحيض والنفاس ، وموت غير الشهيد ، وإسلام الكافر .
قال تعالى : {      } ( ) [ المائدة : 6 ] .
وقال تعالى : {              } ( ) [ البقرة : 222 ] أي : إذا اغتسلن .
وقد أمر النبي  بالغسل من تغسيل الميت ، وأمر من أسلم أن يغتسل .
أما صفة غسل النبي  من الجنابة : فكان يغسل فرجه أولا ، ثمّ يتوضأ وضوءا كاملا ، ثمّ يحثي الماء على رأسه ثلاثا ، يرويه بذلك ، ثمّ يفيض الماء على سائر جسده ، ثمّ يغسل رجليه بمحل آخر .
والغرض من هذا : غسل جميع البدن ، وما تحت الشعور الخفيفة والكثيفة ، والله أعلم .

باب التيمم
وهو النوع الثاني من الطهارة ، وهو بدل عن طهارة الماء إذا تعذر استعمال الماء لأعضاء الطهارة ، أو بعضها لعدمه أو خوف ضرر باستعماله . فيقوم التراب مقام الماء ، بأن ينوي رفع ما عليه من الأحداث ، ثمّ يقول : " بسم الله " ، ثمّ يضرب التراب بيديه مرة واحدة ، يمسح بهما جميع وجهه وجميع كفيه ، فإن ضرب مرتين فلا بأس ، قال الله تعالى : {                            } ( ) [ المائدة : 6 ] .
وعن جابر أن النبي  قال : { أعطيت خمسا لم يعطهن أحد من الأنبياء قبلي ، نصرت بالرعب مسيرة شهر ، وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا ، فأيما رجل أدركته الصلاة فليصل ، وأحلت لي الغنائم ، ولم تحل لأحد قبلي ، وأعطيت الشفاعة ، وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت للناس عامة } ( ) . متفق عليه .
ومن عليه حدث أصغر : لم يحل له أن يصلي ، ولا أن يطوف بالبيت ، ولا يمس المصحف .
ويزيد من عليه حدث أكبر : أنه لا يقرأ شيئا من القرآن ولا يلبث في المسجد بلا وضوء .
وتزيد الحائض والنفساء : أنها لا تصوم ، ولا يحل وطؤها ، ولا طلاقها .
والأصل في الدم الذي يصيب المرأة أنه حيض بلا حد لسنه ولا قدره ، ولا تكرره ، إلا إن أطبق الدم على المرأة ، أو صار لا ينقطع عنها إلا يسيرا ، فإنها تصير مستحاضة ، فقد أمرها النبي  أن تجلس عادتها ، فإن لم تكن لها عادة فإلى تمييزها ، فإن لم يكن لها تمييز ، فإلى عادة النساء الغالبة ، ستة أيام أو سبعة أيام ، والله أعلم .

كتاب الصلاة
تقدم أن الطهارة من شروطها .
ومن شروطها : دخول الوقت ، والأصل فيه : حديث جبريل : { أنه أم النبي  في أول الوقت وآخره وقال : يا محمد ، الصلاة ما بين هذين الوقتين } ( ) . رواه أحمد والنسائي والترمذي .
وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي  قال : { وقت الظهر : إذا زالت الشمس ، وكان ظل الرجل كطوله ، ما لم تحضر العصر ، ووقت العصر : ما لم تصفر الشمس ، ووقت صلاة المغرب : ما لم يغب الشفق ، ووقت صلاة العشاء : إلى نصف الليل ، ووقت صلاة الصبح من طلوع الفجر ما لم تطلع الشمس } ( ) . رواه مسلم .
ويدرك وقت الصلاة بإدارك ركعة ، لقوله  { من أدرك ركعة من الصلاة ، فقد أدرك الصلاة } ( ) . متفق عليه .
ولا يحل تأخيرها أو تأخير بعضها عن وقتها لعذر أو غيره إلا إذا أخرها ليجمعها مع غيرها ، فإنه يجوز لعذر ، من سفر ، أو مرض ، أو مطر ، أو نحوها .
والأفضل : تقديم الصلاة في أول وقتها ، إلا العشاء إذا لم يَشُقَّ ، وإلا الظهر في شدة الحر ، قال النبي  { إذا اشتد الحر فأبردوا عن الصلاة ، فإن شدة الحر من فيح جهنم } ( ) . متفق عليه .
ومن فاتته الصلاة وجب عليه المبادرة إلى قضائها مرتبا ، فإن نسي الترتيب أو جهله أو خاف فوت الصلاة سقط الترتيب .
ومن شروطها ستر العورة بثوب مباح لا يصف البشرة .
والعورة ثلاثة أنواع :
مغلظة : وهي عورة المرأة الحرة البالغة ، فإن جميع بدنها عورة في الصلاة إلا وجهها .
ومخففة : وهي عورة ابن سبع سنين إلى عشر ، فإنها الفرجان .
ومتوسطة : وهي عورة من عداهم ، من السرة إلى الركبة . قال تعالى : {         } ( ) [ الأعراف : 31 ] .
ومنها : استقبال القبلة ، قال تعالى : {          } ( ) [ البقرة : الآيتان : 149 ، 150 ] .
فإن عجز عن استقبالها لمرض أو غيره سقط ، كما تسقط جميع الواجبات بالعجز عنها . قال تعالى : { •    } ( ) [ التغابن : الآية 16 ] .
{ وكان النبي  يصلي في السفر النافلة على راحلته حيث توجهت به } ( ) . متفق عليه ، وفي لفظ : { غير أنه لا يصلي عليها المكتوبة } ( ) .
ومن شروطها : النية .
وتصح الصلاة في كل موضع ، إلا في محل نجس أو مغصوب ، أو في مقبرة ، أو حمام ، أو أعطان إبل ، وفي سنن الترمذي مرفوعا : { الأرض كلها مسجد إلا المقبرة والحمام } ( ) .
باب صفة الصلاة
يستحب أن يأتي إليها بسكينة ووقار . فإذا دخل المسجد قال : " بسم الله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، اللهم اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب رحمتك " ، ويقدم رجله اليمنى لدخول المسجد ، واليسرى للخروج منه ويقول هذا الذكر ، إلا أنه يقول : " وافتح لي أبواب فضلك " كما ورد في الحديث .
فإذا قام إلى الصلاة قال : " الله أكبر " ورفع يديه إلى حذو منكبيه أو إلى شحمتي أذنيه ، في أربعة مواضع :
عند تكبيرة الإحرام ، وعند الركوع ، وعند الرفع منه ، وعند القيام من التشهد الأول ، كما صحت بذلك الأحاديث عن النبي  .
ويضع يده اليمنى على اليسرى تحت سرته ، أو فوقها ، أو على صدره ، ويقول : " سبحانك اللهم وبحمدك ، وتبارك اسمك ، وتعالى جدك ، ولا إله غيرك " ، أو غيره من الاستفتاحات الواردة عن النبي  .
ثمّ يتعوذ ويبسمل ، ويقرأ الفاتحة ويقرأ معها في الركعتين الأُوليين من الرباعية والثلاثية سورة ، تكون في الفجر من طوال المفصل ، وفي المغرب من قصاره ، وفي الباقي من أوساطه . يجهر في القراءة ليلا ، ويُسِرُّ بها نهارا إلا الجمعة والعيد والكسوف والاستسقاء ، فإنه يجهر . ثمّ يكبر للركوع ، ويضع يديه على ركبتيه ، ويجعل رأسه حيال ظهره ، ويقول : " سبحان ربي العظيم " ويكرره . وإن قال مع ذلك في ركوعه وسجوده : " سبحانك اللهم ربنا وبحمدك ، اللهم اغفر لي " فحسن ، ثمّ يرفع رأسه قائلا : " سمع الله لمن حمده " إن كان إماما أو منفردا ، ويقول أيضا : " ربنا ولك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه ملء السماء وملء الأرض وملء ما شئت من شيء بعد " ، ثمّ يسجد على أعضائه السبعة ، كما قال النبي  { أمرت أن أسجد على سبعة أعظم : على الجبهة - وأشار بيده إلى أنفه - والكفين والركبتين ، وأطراف القدمين } ( ) . متفق عليه ، ويقول : " سبحان ربي الأعلى " ، ثمّ يكبر ، ويجلس على رجله اليسرى وينصب اليمنى وهو الافتراش .
وجميع جلسات الصلاة افتراش ، إلا في التشهد الأخير ، فإنه يتورك : بأن يجلس على الأرض ويخرج رجله اليسرى من الخلف الأيمن ، ويقول : " ربي اغفر لي وارحمني واهدني وارزقني واجبرني وعافني " ، ثمّ يسجد الثانية كالأولى ، ثمّ ينهض مكبرا على صدور قدميه ، ويصلي الركعة الثانية كالأولى .
ثمّ يجلس للتشهد الأول ، وصفته : " التحيات لله والصلوات والطيبات ، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ، أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله " ، ثمّ يقوم لبقية صلاته ، ويقتصر في الذي بعد التشهد على الفاتحة . ثمّ يتشهد في الجلوس الأخير ، وهو المذكور ، ويقول أيضا : " اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد ، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد . أعوذ بالله من عذاب جهنم ومن عذاب القبر ومن فتنة المحيا والممات ، ومن فتنة المسيح الدجال " ، ويدعو بما أحب ، ثمّ يسلم عن يمينه وعن يساره : " السلام عليكم ورحمة الله " .
والأركان القولية من المذكورات : تكبيرة الإحرام ، قراءة الفاتحة على غير مأموم ، والتشهد الأخير والسلام .
وباقي أفعالها : أركان فعلية ، إلا التشهد الأول ، فإنه من واجبات الصلاة كالتكبيرات غير تكبيرة الإحرام ، وقول : " سبحان ربي العظيم " في الركوع ، و " سبحان ربي الأعلى " مرة في السجود ، و " رب اغفر لي " بين السجدتين مرة مرة ، وما زاد فهو مسنون ، وقول : " سمع الله لمن حمده " للإمام والمنفرد ، و " ربنا لك الحمد " للكل . فهذه الواجبات تسقط بالسهو ، ويجبرها سجوده .
والأركان لا تسقط سهوا ولا جهلا ولا عمدا .
والباقي : سنن أقوال وأفعال مكمل للصلاة .
ومن أركانها : الطمأنينة في جميع أركانها . وعن أبي هريرة أن النبي  قال : { إذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء ، ثمّ استقبل القبلة فكبر ، ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن ، ثم اركع حتى تطمئن راكعا ، ثمّ ارفع حتى تعتدل قائما ، ثمّ اسجد حتى تطمئن ساجدا ، ثم ارفع حتى تطمئن جالسا ، ثمّ اسجد حتى تطمئن ساجدا ، ثمّ افعل ذلك في صلاتك كلها } ( ) . متفق عليه . وقال  { صلوا كما رأيتموني أصلي } ( ) . متفق عليه .
فإذا فرغ من صلاته استغفر ثلاثا ، وقال : " اللهم أنت السلام ومنك السلام ، تباركت يا ذا الجلال والإكرام ، لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير " ، " سبحان الله والحمد لله والله أكبر " ثلاثا وثلاثين ، ويقول : " لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير " ، تمام المائة .
والرواتب المؤكدة التابعة للمكتوبات : عشر ، وهي المذكورة في حديث ابن عمر رضي الله عنهما ، قال : { حفظت عن رسول الله  عشر ركعات : ركعتين قبل الظهر وركعتين بعدها ، وركعتين بعد المغرب في بيته ، وركعتين بعد العشاء في بيته ، وركعتين قبل صلاة الصبح } ( ) . متفق عليه .
باب سجود السهو والتلاوة والشكر
وهو مشروع إذا زاد الإنسان في صلاة ركوعا أو سجودا أو قياما أو قعودا أو سهوا أو نقص شيئا من الأركان : يأتي به ويسجد ، أو ترك واجبا من واجبات الصلاة سهوا ، أو شك في زيادة أو نقصان .
وقد ثبت " أنه  قام عن التشهد الأول فسجد ، وسلم من ركعتين من الظهر أو العصر ، ثمّ ذكروه فتمم وسجد للسهو " . و { صلى الظهر خمسا فقيل له : أزيدت الصلاة ؟ فقال : وما ذاك ؟ قالوا : صليت خمسا ، فسجد سجدتين بعد ما سلم } ( ) . متفق عليه .
وقال : { إذا شك أحدكم في صلاته ، فلم يدر كم صلى : أثلاثا أم أربعا ؟ فليطرح الشك ، وليبن على ما استيقن ، ثمّ يسجد سجدتين قبل أن يسلم ، فإن كان صلى خمسا شفعن صلاته ، وإن كان صلى تماما كانتا ترغيما للشيطان } ( ) . رواه أحمد ومسلم . وله أن يسجد قبل السلام أو بعده .
وسن للقارئ والمستمع ، إذا تلا آية سجدة : أن يسجد في الصلاة أو خارجها سجدة واحدة .
وكذلك إذا تجددت له نعمة ، أو اندفعت عنه نقمة : سجد لله شكرا . وحكم سجود الشكر كسجود التلاوة .

باب مفسدات الصلاة ومكروهاتها
تبطل الصلاة بترك ركن أو شرط ، وهو يقدر عليه عمدا أو سهوا أو جهلا ، وبترك واجب عمدا ، وبالكلام عمدا ، وبالقهقهة وبالحركة الكثيرة عرفا المتوالية لغير ضرورة ؛ لأنه في الأول ترك ما لا تتم العبادة إلا به ، وبالأخيرات فعل ما ينهى عنه فيها .
ويكره الالتفات في الصلاة ؛ لأن النبي  سئل عن الالتفات في الصلاة ؟ فقال : { هو اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد } ( ) . رواه البخاري .
ويكره العبث ووضع اليد على الخاصرة ، وتشبيك أصابعه وفرقعتها ، وأن يجلس فيها مُقْعِيًا كإقعاء الكلب ، وأن يستقبل ما يلهيه ، أو يدخلها وقلبه مشتغل بمدافعة الأخبثين أو بحضرة طعام ، كما قال النبي  { لا صلاة بحضرة طعام ، ولا وهو يدافعه الأخبثان } ( ) . متفق عليه .
ونهى النبي  أن يفترش الرجل ذراعيه في السجود .
باب صلاة التطوع
وآكدها صلاة الكسوف ؛ لأن النبي  فعلها وأمر بها ، وتصلى على صفة حديث عائشة : { أن النبي  جهر في صلاة الكسوف بقراءته ، فصلى أربع ركعات في ركعتين وأربع سجدات } ( ) . متفق عليه .
وصلاة الوتر سنة مؤكدة ، داوم النبي  عليه حضرا وسفرا ، وحث الناس عليه . وأقله ركعة وأكثره إحدى عشرة ، ووقته من صلاة العشاء إلى طلوع الفجر ، والأفضل أن يكون آخر صلاته ، كما قال النبي  { اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترا } ( ) . متفق عليه . وقال : { من خاف أن لا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله ، ومن طمع أن يقوم آخره ، فليوتر آخر الليل ، فإن صلاة آخر الليل مشهودة ، وذلك أفضل } ( ) . رواه مسلم .
وصلاة الاستسقاء : سنة إذا اضطر الناس لفقد الماء ، وتفعل كصلاة العيد في الصحراء ويخرج إليها متخشعا متذللا متضرعا ، فيصلي ركعتين ، ثمّ يخطب خطبة واحدة يكثر فيها الاستغفار وقراءة الآيات التي فيها الأمر به ، ويلح في الدعاء ، ولا يستبطئ الإجابة .
وينبغي قبل الخروج إليها ، فعل الأسباب التي تدفع الشر وتنزل الرحمة ، كالاستغفار والتوبة ، والخروج من المظالم ، والإحسان إلى الخلق ، وغيرها من الأسباب التي جعلها الله جالبة للرحمة دافعة للنقمة ، والله أعلم .
أوقات النهي عن النوافل المطلقة : من الفجر إلى أن ترتفع الشمس قيد رمح ، ومن صلاة العصر إلى الغروب ، ومن قيام الشمس في كبد السماء إلى أن تزول .

باب صلاة الجماعة والإمامة
وهي فرض عين للصلوات الخمس على الرجال حضرا وسفرا ، كما قال النبي  { لقد هممت أن آمر بالصلاة أن تقام ، ثم آمر رجلا يؤم الناس ثمّ انطلق بحزم من حطب إلى أناس يتخلفون عنها فَأُحَرِّقُ عليهم بيوتهم بالنار } ( ) . متفق عليه .
وأقلها : إمام ومأموم ، وكلما كان أكثر فهو أحب إلى الله ، وقال  { صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة } ( ) . متفق عليه . وقال : { إذا صليتما في رحالكما ثم أتيتما مسجد جماعة فصليا معهم فإنها لكما نافلة } ( ) . رواه أهل السنن . وعن أبي هريرة مرفوعا : { إنما جعل الإمام ليؤتم به ، فإذا كبر فكبروا ولا تكبروا حتى يكبر ، وإذا ركع فاركعوا ، ولا تركعوا حتى يركع ، وإذا قال : سمع الله لمن حمده . فقولوا : ربنا ولك الحمد . وإذا سجد فاسجدوا ولا تسجدوا حتى يسجد ، وإذا صلى قائما فصلوا قياما ، وإذا صلى قاعدا فصلوا قعودا أجمعون } ( ) . رواه أبو داود ، وأصله في الصحيحين . وقال : { يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله ، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة ، فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة ، فإن كانوا في الهجرة سواء فأقدمهم سنا ، ولا يَؤُمَّنَّ الرجلُ الرجلَ في سلطانه ، ولا يقعد في بيته على تَكرِمته إلا بإذنه } ( ) . رواه مسلم .
وينبغي أن يتقدم الإمام ، وأن يتراص المأمومون ، ويكملوا الصف الأول فالأول .
ومن صلى ركعة وهو فذ خلف الصف لغير عذر أعاد صلاته . وقال ابن عباس : { صليت مع النبي  ذات ليلة ، فقمت عن يساره ، فأخذ برأسي من ورائي فجعلني عن يمينه } ( ) متفق عليه . وقال : { إذا سمعتم الإقامة فامشوا إلى الصلاة وعليكم السكينة والوقار ، ولا تسرعوا ، فما أدركتم فصلوا ، وما فاتكم فأتموا } ( ) . متفق عليه . وفي الترمذي : { إذا أتى أحدكم الصلاة والإمام على حال ، فليصنع كما يصنع الإمام } ( ) .
باب صلاة أهل الأعذار
والمريض يعفى عنه حضور الجماعة ، وإذا كان القيام يزيد في مرضه صلى جالسا ، فإن لم يطق فعلى جنبه لقوله  لعمران بن حُصَين : { صل قائما ، فإن لم تستطع فقاعدا ، فإن لم تستطع فعلى جنبك } ( ) . رواه البخاري .
وإن شق عليه فعل كل صلاة في وقتها فله الجمع بين الظهر والعصر ، وبين العشاءين في وقت إحداهما . وكذلك المسافر يجوز له الجمع ويسن له القصر للصلاة الرباعية إلى ركعتين وله الفطر في رمضان .
وتجوز صلاة الخوف على كل صفة صلاها النبي  .
فمنها : حديث صالح بن خوات عمن صلى مع النبي  يوم ذات الرقاع صلاة الخوف : { أن طائفة صلت معه وِجَاهَ العدو ، فصلى بالذين معه ركعة ثمّ ثبت قائما وأتموا لأنفسهم ، ثمّ انصرفوا وصفوا وجاه العدو ، وجاءت الطائفة الأخرى فصلى بهم الركعة التي بقيت ثمّ ثبت جالسا وأتموا لأنفسهم ، ثمّ سلم بهم } ( ) . متفق عليه .
وإذا اشتد الخوف صلوا رجالا وركبانا إلى القبلة وإلى غيرها ، يومئون بالركوع والسجود ، وكذلك كل خائف على نفسه يصلي على حسب حاله ، ويفعل كل ما يحتاج إلى فعله من هرب أو غيره ، قال النبي  { إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم } ( ) . متفق عليه .
باب صلاة الجمعة
كل من لزمته الجماعة لزمته الجمعة إذا كان مستوطنا ببناء .
ومن شروطها : فعلها في وقتها ، وأن تكون بقرية ، وأن يتقدمها خطبتان . وعن جابر قال : { كان النبي  إذا خطب احمرت عيناه ، وعلا صوته واشتد غضبه ، حتى كأنه منذر جيش يقول : صبحكم ومساكم ، ويقول : أما بعد ، فإن خير الحديث كتاب الله ، وخير الهدي هدي محمد ، وشر الأمور محدثاتها ، وكل بدعة ضلالة } ( ) . رواه مسلم . وفي لفظ : { كانت خطبة النبي  يوم الجمعة : يحمد الله ويثني عليه ، ثمّ يقول على إثر ذلك ، وقد علا صوته } ( ) ، وفي رواية : { من يهد الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له } ( ) ، وقال : { إن طول صلاة الرجل وقصر خطبته مَئِنَّةٌ من فقهه } ( ) . رواه مسلم .
ويستحب أن يخطب على منبر .
فإذا صعد أقبل على الناس فسلم عليهم ، ثمّ يجلس ويؤذن المؤذن ، ثمّ يقوم فيخطب ثمّ يجلس ، ثمّ يخطب الخطبة الثانية ، ثمّ تقام الصلاة فيصلي بهم ركعتين يجهر فيهما بالقراءة ، يقرأ في الأولى (بسبح) وفي الثانية بالغاشية أو بالجمعة والمنافقين .
ويستحب لمن أتى الجمعة أن يغتسل ويتطيب ويلبس أحسن ثيابه ويبكر إليها ، وفي الصحيحين : { إذا قلت لصاحبك : أنصت يوم الجمعة والإمام يخطب فقد لغوت } ( ) ، ودخل رجل يوم الجمعة والنبي  يخطب ، فقال : { صليت ؟ قال : لا ، قال : قم فصل ركعتين } ( ) . متفق عليه .
باب صلاة العيدين
{ أمر النبي  الناس بالخروج إليها حتى العواتق والحُيَّض يشهدن الخير ودعوة المسلمين ، ويعتزل الحيض المصلى } ( ) . متفق عليه .
ووقتها : من ارتفاع الشمس قيد رمح إلى الزوال .
والسنة : فعلها في الصحراء ، وتعجيل الأضحى وتأخير الفطر ، والفطر في الفطر خاصة قبل الصلاة بتمرات وترا ، وأن يتنظف ويتطيب لها ، ويلبس أحسن ثيابه ويذهب من طريق ويرجع من أخرى .
فيصلي بهم ركعتين بلا أذان ولا إقامة ، يكبر في الأولى سبعا بتكبيرة الإحرام ، وفي الثانية خمسا سوى تكبيرة القيام ، يرفع يديه مع كل تكبيرة ، ويحمد الله ويصلي على النبي  بين كل تكبيرتين ، ثمّ يقرأ الفاتحة وسورة ، يجهر بالقراءة فيها ، فإذا سلم خطب بهم خطبتين كخطبتي الجمعة إلا أنه يذكر في كل خطبة الأحكام المناسبة للوقت .
ويستحب التكبير المطلق ليلتي العيدين ، وفي كل عشر ذي الحجة . والمقيد عقب المكتوبات ، من صلاة فجر يوم عرفة إلى عصر آخر أيام التشريق : " الله أكبر الله أكبر الله أكبر ، لا إله إلا الله ، الله أكبر الله أكبر ، ولله الحمد " .

كتاب الجنائز
قال النبي  { لقنوا موتاكم لا إله إلا الله } ( ) . رواه مسلم .
وقال : { اقرءوا على موتاكم يس } ( ) . رواه النسائي وأبو داود .
وتجهيز الميت - كتغسيله وتكفينه والصلاة عليه وحمله ودفنه - فرض كفاية . قال النبي  { أسرعوا بالجنازة ، فإن تك صالحة فخير تقدمونها إليه ، وإن كانت غير ذلك فشر تضعونه عن رقابكم } ( ) . وقال : { نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه } ( ) . رواه أحمد والترمذي .
والواجب في الكفن : ثوب يستر جميعه ، سوى رأس المُحْرِم ووجه المُحْرِمة .
وصفة الصلاة عليه : أن يكبر فيقرأ الفاتحة ، ثمّ يكبر فيصلي على النبي  ثمّ يكبر فيدعو للميت فيقول : " اللهم اغفر لحينا وميتنا ، وشاهدنا وغائبنا ، وذكرنا وأنثانا ، وصغيرنا وكبيرنا ، اللهم من أحييته منا فأحيه على الإسلام ، ومن توفيته فتوفه على الإيمان ، اللهم اغفر له وارحمه ، وعافه واعف عنه ، وأكرم نزله ، ووسع مدخله ، واغسله بالماء والثلج والبرد ، ونقه من الذنوب كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس ، اللهم لا تحرمنا أجره ولا تفتنا بعده ، واغفر لنا وله " .
وإن كان صغيرا قال بعد الدعاء العام : " اللهم اجعله فرطا لوالديه وذخرا وشفيعا مجابا ، اللهم ثقل به موازينهما ، وأعظم به أجورهما ، واجعله في كفالة إبراهيم ، وقه برحمتك عذاب الجحيم " ، ثمّ يكبر ويسلم . وقال النبي  { ما من رجل مسلم يموت فيقوم على جنازته أربعون رجلا لا يشركون بالله شيئا إلا شفعهم الله فيه } ( ) . رواه مسلم . وقال : { من شهد الجنازة حتى يصلى عليها فله قيراط ، ومن شهدها حتى تدفن فله قيراطان ، قيل : وما القيراطان ؟ قال : مثل الجبلين العظيمين } ( ) . متفق عليه . { ونهى النبي  " أن يجصص القبر ، وأن يقعد عليه ، وأن يبنى عليه } ( ) . رواه مسلم .
وكان إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه وقال : { استغفروا لأخيكم ، واسألوا له التثبيت فإنه الآن يسأل } ( ) . رواه أبو داود وصححه .
ويستحب تعزية المصاب بالميت .
وبكى النبي  على الميت ، وقال : " إنها رحمة " . مع أنه لعن النائحة والمستمعة . وقال : { زوروا القبور فإنها تذكر بالآخرة } ( ) . رواه مسلم .
وينبغي لمن زارها أن يقول : " السلام عليكم أهل دار قوم مؤمنين ، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون ، اللهم لا تحرمنا أجرهم ، ولا تفتنا بعدهم ، واغفر لنا ولهم ، نسأل الله لنا ولكم العافية " .
وأي قُربة فعلها وجعل ثوابها لمسلم نفعه ذلك ، والله أعلم .

كتاب الزكاة
وهي واجبة على كل مسلم حر ملك نصابا .
ولا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول ، إلا الخارج من الأرض ، وما كان تابعا للأصل كنماء النصاب وربح التجارة فإن حولهما حول أصلهما .
ولا تجب الزكاة إلا في أربعة أنواع : السائمة من بهيمة الأنعام ، والخارج من الأرض ، والأثمان ، وعروض التجارة .
فأما السائمة : فالأصل فيها حديث أنس أن أبا بكر - رضي الله عنهما - كتب له : { هذه فريضة الصدقة التي فرضها رسول الله  على المسلمين ، والتي أمر الله بها رسوله : في أربع وعشرين من الإبل فما دونها من الغنم ، في كل خمس شاة ، فإذا بلغت خمسا وعشرين إلى خمس وثلاثين ففيها بنت مخاض أنثى ، فإن لم تكن فابن لبون ذكر ، فإذا بلغت ستا وثلاثين إلى خمس وأربعين ففيها بنت لبون أنثى ، فإذا بلغت ستا وأربعين إلى ستين ففيها حقة طروقة الجمل ، فإذا بلغت واحدة وستين إلى خمس وسبعين ففيها جذعة ، فإذا بلغت ستا وسبعين إلى تسعين ففيها بنتا لبون ، فإذا بلغت إحدى وتسعين إلى عشرين ومائة ، ففيها حقتان طروقتا الجمل ، فإذا زادت على عشرين ومائة ، ففي كل أربعين بنت لبون ، وفي كل خمسين حقة ، ومن لم يكن معه إلا أربع من الإبل فليس فيها صدقة إلا أن يشاء ربها . وفي صدقة الغنم : في سائمتها إذا كانت أربعين إلى عشرين ومائة شاة ، فإذا زادت على عشرين ومائة إلى مائتين ففيها شاتان ، فإذا زادت على مائتين إلى ثلاثمائة ففيها ثلاث شياه ، فإذا زادت على ثلاثمائة ففي كل مائة شاة ، فإذا كانت سائمة الرجل ناقصة عن أربعين شاة فليس فيها صدقة إلا أن يشاء ربها . ولا يجمع بين متفرق ، ولا يفرق بين مجتمع خشية الصدقة ، وما كان من خليطين فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية ، ولا يخرج في الصدقة هَرِمة ولا ذات عَوار . وفي الرِّفَة ربع العشر ، فإن لم يكن إلا تسعون ومائة فليس فيها صدقة إلا أن يشاء ربها . ومن بلغت عنده من الإبل صدقة الجذعة ، وليس عنده جذعة وعنده حقة فإنها تقبل منه الحقة ، ويجعل معها شاتين إن استيسرتا له ، أو عشرين درهما ، ومن بلغت عنده صدقة الحقة وليست عنده الحقة ، وعنده الجذعة : فإنها تقبل منه الجذعة ، ويعطيه المصدق عشرين درهما أو شاتين } ( ) . رواه البخاري . وفي حديث معاذ : { أن النبي  أمره أن يأخذ من كل ثلاثين بقرة تبيعا أو تبيعة ، ومن كل أربعين مُسِنَّة } ( ) . رواه أهل السنن .
وأما صدقة الأثمان : فإنه ليس فيها شيء حتى تبلغ مائتي درهم ، وفيها ربع العشر .
وأما صدقة الخارج من الأرض من الحبوب والثمار ، فقد قال النبي  { ليس فيما دون خمسة أوسق من التمر صدقة } ( ) . متفق عليه . والوسق ستون صاعا ، فيكون النصاب للحبوب والثمار : ثلاثمائة صاع بصاع النبي  وقال النبي  { فيما سقت السماء والعيون ، أو كان عَثَرِيًّا : العشر ، وفيما سقي بالنضح نصف العشر } ( ) . رواه البخاري . وعن سهل بن أبي حثمة قال : { أمرنا رسول الله  إذا خرصتم فدعوا الثلث ، فإن لم تدعوا الثلث فدعوا الربع } ( ) . رواه أهل السنن .
وأما عروض التجارة ، وهي كل ما أعد للبيع والشراء لأجل الربح : فإنه يُقوَّم إذا حال الحول بالأحظ للمساكين من ذهب وفضة ويجب فيها ربع العشر .
ومن كان له دين ومال لا يرجو وجوده ، كالذي على مماطل أو معسر لا وفاء له : فلا زكاة فيه ، وإلا ففيه الزكاة .
ويجب الإخراج من وسط المال ، ولا يجزئ من الأدون ، ولا يلزم الخيار إلا إن شاء ربه .
وفي حديث أبي هريرة مرفوعا : { وفي الركاز الخمس } ( ) . متفق عليه .

باب زكاة الفطر
عن ابن عمر قال : { فرض رسول الله  زكاة الفطر : صاعا من تمر ، أو صاعا من شعير ، على العبد والحر ، والذكر والأنثى ، والصغير والكبير من المسلمين ، وأمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس للصلاة } ( ) . متفق عليه .
وتجب عن : نفسه ، وعمن تلزمه مؤنته ، إذا كان فاضلا عن قوت يومه وليلته : صاعا من تمر أو شعير أو أقِط أو زبيب أو بُرٍّ .
والأفضل فيها : الأنفع ، ولا يحل تأخيرها عن يوم العيد .
وقد فرضها رسول الله  { طُهرة للصائم من اللغو والرفث ، وطُعمة للمساكين ، فمن أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة ، ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات } ( ) . رواه أبو داود وابن ماجه . وقال  { سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله : إمام عادل ، وشاب نشأ في طاعة الله ، ورجل معلق قلبه بالمساجد ، ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه ، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال ، فقال : إني أخاف الله ، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه ، ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه } ( ) . متفق عليه .

باب أهل الزكاة ومن لا تدفع له
لا تدفع الزكاة إلا للثمانية الذين ذكرهم الله تعالى بقوله : {                           } ( ) [ التوبة : 60 ] .
ويجوز الاقتصار على واحد منهم لقوله  لمعاذ : { فإن هم أطاعوك لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم } ( ) . متفق عليه .
ولا تحل الزكاة لغني ولا لقوي مكتسب ، ولا لآل محمد ، وهم بنو هاشم ومواليهم ، ولا لمن تجب عليه نفقته وقت جريانها ، ولا لكافر .
فأما صدقة التطوع : فيجوز دفعها إلى هؤلاء وغيرهم ، ولكن كلما كانت أنفع نفعا عاما أو خاصا فهي أكمل . وقال النبي  { من سأل الناس أموالهم تكثرا فإنما يسأل جمرا ، فليستقل أو ليستكثر } ( ) . رواه مسلم . وقال لعمر  { ما جاءك من هذا المال وأنت غير مشرف ولا سائل فخذه ، وما لا ، فلا تُتبعه نفسك } ( ) . رواه مسلم .

كتاب الصيام
الأصل فيه قوله تعالى : {             } ( ) الآيات . [ البقرة : 183 - 187 ] .
ويجب صيام رمضان على كل مسلم بالغ عاقل قادر على الصوم ، برؤيته أو إكمال شعبان ثلاثين يوما ، قال  { إذا رأيتموه فصوموا ، وإذا رأيتموه فأفطروا ، فإن غُمَّ عليكم فاقْدُروا له } ( ) . متفق عليه ، وفي لفظ : { فاقدروا له ثلاثين } ( ) ، وفي لفظ : { فأكملوا عدة شعبان ثلاثين } ( ) . رواه البخاري .
ويصام برؤية عدل لهلاله ، ولا يقبل في بقية الشهور إلا عدلان ، ويجب تبييت النية لصيام الفرض ، وأما النفل : فيجوز بنية من النهار .
والمريض الذي يتضرر بالصوم والمسافر : لهما الفطر والصيام .
والحائض والنفساء : يحرم عليهما الصيام ، وعليهما القضاء .
والحامل والمرضع ، إذا خافتا على ولديهما أفطرتا وقضيتا وأطعمتا عن كل يوم مسكينا .
والعاجز عن الصوم لكبر أو مرض لا يرجى بُرْؤُهُ ، يطعم عن كل يوم مسكينا .
ومن أفطر فعليه القضاء فقط ، إذا كان فطره بأكل أو بشرب أو قيء عمدا أو حجامة أو إمناء بمباشرة ، إلا من أفطر بجماع ، فإنه يقضي ويعتق رقبة ، فإن لم يجد فيصوم شهرين متتابعين ، فإن لم يستطع فيطعم ستين مسكينا .
وقال النبي  { من نسي وهو صائم ، فأكل أو شرب فليتم صومه ، فإنما أطعمه الله وسقاه } ( ) . متفق عليه . وقال : { لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر } ( ) . متفق عليه . وقال : { تسحروا فإن في السحور بركة } ( ) . متفق عليه . وقال : { إذا أفطر أحدكم فليفطر على تمر ، فإن لم يجد فليفطر على ماء فإنه طَهور } ( ) . رواه الخمسة . وقال  { من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه } ( ) . رواه البخاري . وقال : { من مات وعليه صيام صام عنه وليه } ( ) . متفق عليه .
{ وسئل عن صوم يوم عرفة ، فقال : " يكفر السنة الماضية والباقية " ، وسئل عن صيام عاشوراء ، فقال : " يكفر السنة الماضية } ( ) ، { وسئل عن صوم يوم الاثنين فقال : " ذاك يوم ولدت فيه ، وبعثت فيه ، أو أُنزل علي فيه } ( ) . رواه مسلم .
وقال : { من صام رمضان ثمّ أتبعه ستا من شوال كان كصيام الدهر } ( ) . رواه مسلم . وقال أبو ذر : { أمرنا رسول الله  أن نصوم من الشهر ثلاثة أيام ، ثلاث عشرة ، وأربع عشرة ، وخمس عشرة } ( ) . رواه النسائي والترمذي .
و { نهى عن صيام يومين : يوم الفطر ويوم النحر } ( ) . متفق عليه . وقال : { أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر الله  } ( ) . رواه مسلم . وقال : { لا يصومن أحدكم يوم الجمعة إلا أن يصوم يوما قبله أو يوما بعده } ( ) . متفق عليه .
وقال : { من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ، ومن قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ، ومن قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه } ( ) . متفق عليه .
و { كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله ، واعتكف من بعده أزواجه } ( ) . متفق عليه .
وقال : { لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد : المسجد الحرام ، ومسجدي هذا والمسجد الأقصى } ( ) . متفق عليه .

كتاب الحج
الأصل فيه قوله تعالى : {   ••        } ( ) [ آل عمران : 97 ] .
والاستطاعة أعظم شروطه ، وهي : ملك الزاد والراحلة بعد ضرورات الإنسان وحوائجه الأصلية .
ومن الاستطاعة : أن يكون للمرأة محرم إذا احتاجت إلى سفر ، وحديث جابر في حج النبي  يشتمل على أعظم أحكام الحج ، وهو ما رواه مسلم عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما : { أن النبي  مكث في المدينة تسع سنين لم يحج ، ثم أُذِّن في الناس في العاشرة أن رسول الله  حاج ، فقدم المدينة بشر كثير - كلهم يلتمس أن يأتم برسول الله  ويعمل مثل عمله - فخرجنا معه حتى أتينا ذا الحليفة ، فولدت أسماء بنت عميس محمد بن أبي بكر ، فأرسلت إلى رسول الله  كيف أصنع ؟ قال : " اغتسلي واستثفري بثوب وأحرمي " . فصلى رسول الله  في المسجد ثمّ ركب القصواء حتى استوت به ناقته على البيداء ، أهلَّ بالتوحيد : (لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك لبيك ، إن الحمد والنعمة لك والملك ، لا شريك لك) ، وأهلَّ الناس بهذا الذي يهلون به ، فلم يرد رسول الله  عليهم شيئا منه ، ولزم رسول الله  تلبيته . قال جابر : لسنا ننوي إلا الحج ، لسنا نعرف العمرة ، حتى إذا أتينا البيت معه استلم الركن فطاف سبعا فَرَمَلَ ثلاثا ومشى أربعا ، ثمّ نفذ إلى مقام إبراهيم فقرأ : {   •    } ( ) [ البقرة : 125 ] فصلى ركعتين ، فجعل المقام بينه وبين البيت - وفي رواية أنه قرأ في الركعتين : {      } ( ) و {     } ( ) - ثمّ رجع إلى الركن واستلمه ، ثمّ خرج من الباب إلى الصفا ، فلما دنا من الصفا قرأ : {  •       } ( ) [ البقرة : 158 ] . " أبدأ بما بدأ الله به " .
فبدأ بالصفا فرقي عليه ، حتى رأى البيت ، فاستقبل القبلة فوحد الله وكبره ، وقال : " لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، وهو على كل شيء قدير ، لا إله إلا الله وحده أنجز وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده " ، ثمّ دعا بين ذلك - قال مثل هذا ثلاث مرات - ثمّ نزل ومشى إلى المروة حتى إذا انصبت قدماه في بطن الوادي سعى ، حتى إذا صعدنا مشى ، حتى أتى المروة ، ففعل على المروة كما فعل على الصفا - حتى كان آخر طواف على المروة ، فقال : " لو أني استقبلت من أمري ما استدبرت لم أسق الهدي وجعلتها عمرة ، فمن كان منكم ليس معه هدي فليحل وليجعلها عمرة " . فقام سراقة بن جعشم ، فقال : يا رسول الله ألعامنا هذا أم لأبد ؟ فشبك رسول الله  أصابعه واحدة في الأخرى وقال : " دخلت العمرة في الحج - مرتين - لا ، بل لأبد أبد " . وقدم عَلِيٌّ من اليمن ببدن للنبي  فوجد فاطمة ممن حل ، ولبست صبيغا واكتحلت ، فأنكر ذلك عليها فقالت : إن أبي أمرني بهذا ، قال : فكان علي يقول بالعراق : فذهبت إلى رسول الله  مُحرِّشا على فاطمة للذي صنعت ، مستفتيا لرسول الله  فيما ذكرت عنه ، فأخبرته أني أنكرت عليها ، فقال : " صدقت ، صدقت ، ماذا قلتَ حين فرضتَ الحج ؟ " قال : قلتُ : اللهم إني أُهلُّ بما أَهَلَّ به رسولك . قال : " فإن معي الهدي فلا تحل " . قال : فكان جماعة الهدي الذي قدم به عليٌّ من اليمن ، والذي أتى به النبي  مائة ، قال : فحل الناس كلهم ، وقصروا ، إلا النبي  ومن كان معه هدي .
فلما كان يوم التروية توجهوا إلى منى ، فأهلوا بالحج ، وركب النبي  فصلى بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر ، ثمّ مكث قليلا حتى طلعت الشمس ، وأمر بقبة من شعر تضرب له بنمرة ، فسار رسول الله  ولا تشك قريش إلا أنه واقف عند المشعر الحرام ، كما كانت قريش تصنع في الجاهلية ، فأجاز رسول الله  حتى أتى عرفة فوجد القبة قد ضربت له بنمرة ، فنزل بها حتى إذا زاغت الشمس أمر بالقصواء فَرُحِلَتْ له ، فأتى بطن الوادي ، فخطب الناس ، وقال : " إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا ، ألا كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدميَّ موضوع ، ودماء الجاهلية موضوعة ، وإن أول دم أضع من دمائنا : دم ابن ربيعة بن الحارث - كان مسترضعا في بني سعد فقتلته هذيل - وربا الجاهلية موضوع ، وأول ربا أضع من ربانا ربا عباس بن عبد المطلب ، فإنه موضوع كله ، فاتقوا الله في النساء ، فإنكم أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله ، ولكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه ، فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضربا غير مبرح ، ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف ، وقد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به : كتاب الله ، وأنتم تُسألون عني يوم القيامة ، فما أنتم قائلون ؟ " قالوا : نشهد أنك قد بلغت وأديت ونصحت ، فقال - بإصبعه السبابة يرفعها إلى السماء وينكتها إلى الناس - : " اللهم اشهد ، اللهم اشهد " - ثلاث مرات - ، ثمّ أذن بلال ، ثمّ أقام فصلى الظهر ، ثمّ أقام فصلى العصر ، ولم يصل بينهما شيئا ، ثمّ ركب حتى أتى الموقف ، فجعل بطن ناقته القصواء إلى الصخرات ، وجعل حبل المشاة بين يديه واستقبل القبلة ، فلم يزل واقفا حتى غربت الشمس وذهبت الصفرة قليلا حتى غاب القرص ، وأردف أسامة بن زيد خلفه ، ودفع رسول الله  وقد شنق للقصواء الزمام حتى إن رأسها ليصيب مورك رحله ، ويقول بيده اليمنى : " أيها الناس ، السكينةَ ، السكينةَ " ، كلما أتى حبلا من الحبال أرخى لها قليلا حتى تصعد ، حتى أتى المزدلفة فصلى بها المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين ولم يسبح بينهما شيئا ، ثم اضطجع حتى طلع الفجر ، وصلى الفجر حين تبين له الصبح بأذان وإقامة ، ثمّ ركب القصواء حتى أتى المشعر الحرام ، فاستقبل القبلة فدعا الله وكبره وهلله ووحده ، فلم يزل واقفا حتى أسفر جدا ، فدفع قبل أن تطلع الشمس ، وأردف الفضل بن العباس ، حتى أتى بطن مُحَسِّر ، فحرك قليلا ، ثمّ سلك الطريق الوسطى التي تخرج على الجمرة الكبرى ، حتى أتى الجمرة التي عند الشجرة فرماها بسبع حصيات ، يكبر مع كل حصاة منها ، مثل حصى الخذف ، رمى من بطن الوادي ثم انصرف إلى المنحر فنحر ثلاثا وستين بيده ، ثم أعطى عليا فنحر ما غبر ، وأشركه في هديه ، ثم أمر من كل بدنة ببَضْعَة ، فجُعلت في قدر وطبخت ، فأكلا من لحمها وشربا من مرقها ، ثمّ ركب رسول الله  فأفاض إلى البيت فصلى بمكة الظهر ، فأتى بني عبد المطلب يسقون على زمزم فقال : " انزعوا بني عبد المطلب ، فولا أن يغلبكم الناس على سقايتكم لنزعت معكم " فناولوه دلوا فشرب منه } . رواه مسلم .
وكان  يفعل المناسك ، ويقول للناس : { خذوا عني مناسككم } ( ) فأكمل ما يكون من الحج : الاقتداء فيه بالنبي  وأصحابه رضي الله عنهم .
ولو اقتصر الحاج على الأركان الأربعة ، التي هي : الإحرام ، والوقوف بعرفة ، والطواف ، والسعي . والواجبات التي هي : الإحرام من الميقات ، والوقوف بعرفة إلى الغروب ، والمبيت ليلة النحر بمزدلفة ، وليالي أيام التشريق بمنى ، ورمي الجمار ، والحلق - أو التقصير - لأجزأه ذلك .
والفرق بين ترك الركن في الحج وترك الواجب : أن تارك الركن لا يصح حجه حتى يفعله على صفته الشرعية ، وتارك الواجب حجه صحيح ، وعليه إثم ودم لتركه .
ويخير من يريد الإحرام بين التمتع - وهو أفضل - والقران ، والإفراد .
فالتمتع هو : أن يحرم بالعمرة في أشهر الحج ويفرغ منها ، ثمّ يحرم بالحج من عامه ، وعليه هدي إن لم يكن من حاضري المسجد الحرام .
والإفراد هو : أن يحرم بالحج من الميقات مفردا .
والقران : أن يحرم بهما معا ، أو يحرم بالعمرة ثمّ يدخل الحج عليها قبل الشروع في طوافها ، ويضطر التمتع إلى هذه الصفة إذا خاف فوات الوقوف بعرفة إذا اشتغل بعمرته ، وإذا حاضت المرأة أو نفست وعرفت أنها لا تطهر قبل وقت الوقوف بعرفة .
والمفرد والقارن فعلهما واحد ، وعلى القارن هدي دون المفرد .
ويجتنب المحرم جميع محظورات الإحرام من : حلق الشعر ، وتقليم الأظافر ، ولبس المخيط ، إن كان رجلا ، وتغطية رأسه إن كان رجلا ، ومن الطيب رجلا وامرأة .
وكذلك يحرم على المحرم : قتل الصيد البر الوحشي المأكول والدلالة عليه والإعانة على قتله .
وأعظم محظورات الإحرام : الجماع ؛ لأن تحريمه مغلظ ، مفسد للنسك موجب لفدية بدنة .
وأما فدية الأذى إذا غطى رأسه أو لبس المخيط أو غطت المرأة وجهها أو لبست القفازين أو استعمال الطيب ، فيخير بين صيام ثلاثة أيام أو إطعام ستة مساكين أو ذبح شاة .
وإذا قتل الصيد خير بين ذبح مثله - إن كان له مثل من النعم - وبين تقويم المثل بمحل الإتلاف ، فيشتري به طعاما فيطعمه لكل مسكين مد بر أو نصف صاع من غيره ، أو يصوم عن إطعام كل مسكين يوما .
وأما دم المتعة والقران : فيجب فيه ما يجزئ في الأضحية ، فإن لم يجد صام عشرة أيام : ثلاثة في الحج - ويجوز أن يصوم أيام التشريق منها - وسبعة إذا رجع ، وكذا حكم من ترك واجبا أو وجبت عليه الفدية لمباشرة .
وكل هدي أو إطعام يتعلق بحرم أو إحرام : فلمساكين الحرم من مقيم وآفاقي .
ويجزي الصوم بكل مكان .
ودم النسك - كالمتعة والقران ، والهدي - : المستحب أن يأكل منه ويهدي ويتصدق .
والدم الواجب لفعل المحظور ، أو ترك الواجب - ويسمى دم جبران - : لا يأكل منه شيئا ، بل يتصدق بجميعه ؛ لأنه يجري مجرى الكفارات .
وشروط الطواف مطلقا : النية ، وأن يبدأ من الحجر ، ويسن أن يستلمه ويقبله ، فإن لم يستطع أشار إليه ، ويقول عند ذلك : " بسم الله ، الله أكبر ، اللهم إيمانا بك وتصديقا بكتابك ووفاء بعهدك واتباعا لسنة نبيك محمد  " ، وأن يجعل البيت عن يساره ، ويكمل الأشواط السبعة ، وأن يتطهر من الحدث والخبث .
والطهارة في سائر الأنساك - غير الطواف - سنة غير واجبة ، وقد ورد في الحديث : { أن الطواف بالبيت صلاة ، إلا أن الله أباح فيه الكلام } ( ) .
ويسن له أن يضطبع في طواف القدوم ، بأن يجعل وسط ردائه تحت عاتقه الأيمن وطرفه على عاتقه الأيسر ، وأن يرمل في الثلاثة الأشواط الأول منه ويمشي في الباقي ، وكل طواف سوى هذا لا يسن فيه رمل ولا اضطباع .
وشروط السعي : النية ، وتكميل السبعة ، والابتداء من الصفا .
والمشروع : أن يكثر الإنسان في طوافه وسعيه وجميع مناسكه من ذكر الله ودعائه لقوله  { إنما جعل الطواف بالبيت وبالصفا والمروة ورمي الجمار لإقامة ذكر الله } ( ) . وعن أبي هريرة  قال : { لما فتح الله على رسوله مكة قام في الناس فحمد الله وأثنى عليه ثمّ قال : إن الله حبس عن مكة الفيل ، وسلط عليها رسوله والمؤمنين ، وإنها لن تحل لأحد كان قبلي ، وإنما حلت لي ساعة من نهار ، وإنها لن تحل لأحد بعدي ، فلا ينفر صيدها ولا يختلى شوكها ، ولا تحل ساقطتها إلا لمنشد ، ومن قتل له قتيل فهو بخير النظرين ، فقال العباس : إلا الإذخر يا رسول الله ، فإنا نجعله في قبورنا وبيوتنا ، فقال : إلا الإذخر } ( ) . متفق عليه ، وقال : { المدينة حرام ما بين عير إلى ثور } ( ) . رواه مسلم ، وقال { خمس من الدواب كلهن فاسق ، يقتلن في الحل والحرم : الغراب ، والحدأة ، والعقرب ، والفأرة ، والكلب العقور } ( ) . متفق عليه .

باب الهدي والأضحية والعقيقة
تقدم ما يجب من الهدي ، وما سواه سنة ، وكذلك الأضحية والعقيقة .
ولا يجزئ فيها إلا الجذع من الضأن ، وهو ما تمّ له نصف سنة ، والثني من الإبل : ما له خمس سنين ، ومن البقر : ما له سنتان ، ومن المعز : ما له سنة ، قال  { أربع لا تجوز في الضحايا : العوراء البين عورها ، والمريضة البين مرضها ، والعرجاء البين ضلعها ، والكبيرة التي لا تنقي } ( ) . صحيح ، رواه الخمسة .
وينبغي أن تكون كريمة كاملة الصفات ، وكلما كانت أكمل فهي أحب إلى الله وأعظم لأجر صاحبها ، وقال جابر : { نحرنا مع النبي  عام الحديبية البدنة عن سبعة ، والبقرة عن سبعة } ( ) . رواه مسلم .
وتسن العقيقة في حق الأب : عن الغلام شاتان ، وعن الجارية شاة ، قال  { كل غلام مرتهن بعقيقته ، تذبح عنه يوم سابعه ويحلق رأسه ، ويسمى } ( ) . صحيح ، رواه الخمسة .
ويأكل من المذكورات ، ويهدي ويتصدق ، ولا يعطي الجازر أجرته منها ، بل يعطيه هدية أو صدقة .

كتاب البيوع
الأصل فيها الحل ؛ قال تعالى : { •      } ( ) [ البقرة : 275 ] . فجميع الأعيان - من عقار وحيوان وأثاث وغيرها - يجوز إيقاع العقود عليها ، إذا تمت شروط البيع .
فمن أعظم الشروط : الرضى ؛ لقوله تعالى : {         } ( ) [ النساء : 29 ] ، إلا أن يكون فيها غرر وجهالة ؛ لأن النبي  { نهى عن بيع الغرر } ( ) . رواه مسلم .
فيدخل فيه بيع الآبق والشارد ، وأن يقول : بعتك إحدى السلعتين ، أو بمقدار ما تبلغ الحصاة من الأرض ونحوه ، أو ما تحمل أمته أو شجرته ، أو ما في بطن الحامل ، وسواء كان الغرر في الثمن أو المثمن ، وأن يكون العاقد مالكا للشيء ، أو له عليه ولاية ، وهو بالغ عاقل رشيد .
ومن شروط البيع أيضا : أن لا يكون فيه ربا ، عن عبادة  قال : قال رسول الله  { الذهب بالذهب ، والفضة بالفضة ، والبر بالبر ، والشعير بالشعير ، والتمر بالتمر ، والملح بالملح ، مثلا بمثل ، سواء بسواء ، فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم ، إذا كان يدا بيد ، فمن زاد أو استزاد فقد أربى } ( ) . رواه مسلم .
فلا يباع مكيل بمكيل من جنسه إلا بهذين الشرطين ، ولا موزون بجنسه إلا كذلك ، وإن بيع مكيل بمكيل من غير جنسه أو موزون بموزون من غير جنسه : جاز بشرط التقابض قبل التفرق ، وإن بيع مكيل بموزون أو عكسه جاز ، ولو كان القبض بعد التفرق ، والجهل بالتماثل كالعلم بالتفاضل ، كما { نهى النبي  عن بيع المزابنة - وهو شراء التمر بالتمر في رؤوس النخل } ( ) . متفق عليه ، و { رخص في بيع العرايا بخرصها فيما دون خمسة أوسق للمحتاج للرطب ولا ثمن عنده يشتري به بخرصها } ( ) . رواه مسلم .
ومن الشروط : أن لا يقع العقد على محرم شرعا ، إما لعينه كما { نهى النبي  عن بيع الخمر والميتة والأصنام } ( ) . متفق عليه . وإما لما يترتب عليه من قطيعة المسلم ، كما { نهى النبي  عن البيع على بيع المسلم ، والشراء على شرائه والنجش } ( ) . متفق عليه .
ومن ذلك : نهيه  عن التفريق بين ذوي الرحم في الرقيق .
ومن ذلك : إذا كان المشتري يعلم منه أنه يفعل المعصية بما اشتراه كاشتراء الجوز والبيض للقمار ، أو السلاح للفتنة ، وعلى قطاع الطريق . ونهى النبي  عن تلقي الجلب ، فقال : { لا تلقوا الجلب ، فمن تلقى فاشترى منه ، فإذا أتى سيده السوق : فهو بالخيار } ( ) . رواه مسلم ، وقال : { من غشنا فليس منا } ( ) . رواه مسلم .
ومثل الربا الصريح : التحيل عليه بالعينة ، بأن يبيع سلعة بمائة إلى أجل ثمّ يشتريها من مشتريها بأقل منها نقدا أو بالعكس ، أو بالتحيل على قلب الدين أو التحيل على الربا بالقرض ، بأن يقرضه مائة ويشترط الانتفاع بشيء من ماله ، أو إعطائه عن ذلك عوضا ، فكل قرض جر نفعا فهو ربا .
ومن التحيل : بيع حلي فضة معه غيره بفضة ، أو مد عجوة ودرهم بدرهم ، { وسئل النبي  عن بيع التمر بالرطب ؟ فقال : " أينقص إذا جف ؟ قالوا : نعم . فنهى عن ذلك } ( ) . رواه الخمسة . و { نهى عن بيع الصبرة من التمر ، لا يعلم مكيلها ، بالكيل المسمى من التمر } ( ) . رواه مسلم .
وأما بيع ما في الذمة : فإن كان على من هو عليه جاز ، وذلك بشرط قبض عوضه قبل التفرق ؛ لقوله  { لا بأس أن تأخذها بسعر يومها ما لم تتفرقا وبينكما شيء } ( ) . روه الخمسة . وإن كان على غيره لا يصح ؛ لأنه من الغرر .

باب بيع الأصول والثمار
قال  { من باع نخلا بعد أن تؤبر فثمرتها للبائع ، إلا أن يشترطها المبتاع } ( ) . متفق عليه ، وكذلك سائر الأشجار إذا كان ثمره باديا ، ومثله إذا ظهر الزرع الذي لا يحصد إلا مرة ، فإن كان يحصد مرارا فالأصول للمشتري والجزة الظاهرة عند البيع : للبائع .
و { نهى رسول الله  عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها ، نهى البائع والمبتاع " ، وسئل عن صلاحها ؟ فقال : " حتى تذهب عاهته } ( ) ، وفي لفظ : { حتى تحمار أو تصفار } ( ) ، و { نهى عن بيع الحب حتى يشتد } ( ) . رواه أهل السنن ، وقال : { لو بعت من أخيك ثمرا فأصابته جائحة فلا يحل لك أن تأخذ منه شيئا ، بم تأخذ مال أخيك بغير حق ؟ } ( ) . رواه مسلم .
باب الخيار وغيره
إذا وقع العقد صار لازما ، إلا لسبب من الأسباب الشرعية .
فمنها : خيار المجلس ، قال النبي  { إذا تبايع الرجلان فكل واحد منهما بالخيار ما لم يتفرقا ، وكانا جميعا ، أو يخير أحدهما الآخر ، فإن خير أحدهما الآخر فتبايعا على ذلك : فقد وجب البيع وإن تفرقا بعد أن تبايعا ولم يترك واحد منهما البيع ، فقد وجب البيع } ( ) . متفق عليه .
ومنها : خيار الشرط ، إذا شرط الخيار لهما أو لأحدهما مدة معلومة ، قال  { المسلمون عند شروطهم ، إلا شرطا أحل حراما أو حرم حلالا } ( ) . رواه أهل السنن .
ومنها : إذا غبن غبنا يخرج عن العادة ، إما بنجش أو تلقي جلب أو غيرها .
ومنها : خيار التدليس ، بأن يدلس البائع على المشتري ما يزيد به الثمن كتصرية اللبن في ضرع بهيمة الأنعام ، قال  { لا تصروا الإبل والغنم ، فمن ابتاعها بعد فهو بخير النظرين بعد أن يحلبها ، إن شاء أمسكها وإن شاء ردها وصاعا من تمر } ( ) . متفق عليه ، وفي لفظ : { فهو بالخيار ثلاثة أيام } ( ) .
وإذا اشترى معيبا لم يعلم عيبه ، فله الخيار بين رده وإمساكه ، فإن تعذر رده تعين أرشه ، وإذا اختلفا في الثمن تحالفا ولكل منهما الفسخ .
وقال  { من أقال مسلما بيعته أقال الله عثرته } ( ) . رواه أبو داود وابن ماجه .
باب السلم
يصح السلم في كل ما ينضبط بالصفة إذا ضبطه بجميع صفاته التي يختلف بها الثمن ، وذكر أجله ، وأعطاه الثمن قبل التفرق ، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : { قدم النبي  المدينة وهم يسلفون في الثمار السنة والسنتين ، فقال : من أسلف في شيء فليسلف في كيل معلوم ووزن معلوم ، إلى أجل معلوم } ( ) . متفق عليه . وقال  { من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدّاها الله عنه ، ومن أخذها يريد إتلافها أتلفه الله } ( ) . رواه البخاري .
باب الرهن والضمان والكفالة
وهذه وثائق بالحقوق الثابتة .
فالرهن : يصح بكل عين يصح بيعها ، فتبقى أمانة عند المرتهن ، لا يضمنها إلا إن تعدى أو فرط كسائر الأمانات ، فإن حصل الوفاء التام انفك الرهن ، وإن لم يحصل ، وطلب صاحب الحق بيع الرهن وجب بيعه والوفاء من ثمنه ، وما بقي من الثمن بعد وفاء الحق فلربه ، وإن بقي من الدين شيء يبقى دينا مرسلا بلا رهن .
وإن أتلف الرهن أحد فعليه ضمانه يكون رهنا .
ونماؤه تبع له ، ومؤنته على ربه ، وليس للمرتهن ولا للراهن الانتفاع به إلا بإذن الآخر ، أو بإذن الشارع في قوله  { الظهر يركب بنفقته ، إذا كان مرهونا ، ولبن الدر يشرب بنفقته ، إذا كان مرهونا ، وعلى الذي يركب ويشرب النفقة } ( ) . رواه البخاري .
والضمان : أن يضمن الحق عن الذي عليه .
والكفالة : أن يلتزم بإحضار بدن الخصم ، قال  { الزعيم غارم } ( ) ، فكل منهما ضامن ، إلا إن قام بما التزم به ، أو أبرأه صاحب الحق ، أو برئ الأصيل . . والله أعلم .
باب الحجر لفلس أو غيره
ومن له الحق فعليه أن ينظر المعسر ، وينبغي له أن ييسر على الموسر ، ومن عليه الحق فعليه الوفاء كاملا بالقدر والصفات . قال  { مطل الغني ظلم ، وإذا أحيل بدينه على مليء فليحتل } ( ) . متفق عليه ، وهذا من المياسرة .
فالمليء : هو القادر على الوفاء الذي ليس مماطلا ، ويمكن تحضيره لمجلس الحكم ، وإذا كانت الديون أكثر من مال الإنسان ، وطلب الغرماء أو بعضهم من الحاكم أن يحجر عليه ، حجر عليه ومنعه من التصرف في جميع ماله ، ثمّ يصفي ماله ويقسمه على الغرماء بقدر ديونهم ، ولا يقدم منهم إلا صاحب الرهن برهنه ، وقال  { من أدرك ماله عند رجل قد أفلس فهو أحق به من غيره } ( ) . متفق عليه .
ويجب على ولي الصغير والسفيه والمجنون أن يمنعهم من التصرف في مالهم الذي يضرهم ، قال تعالى : {          } ( ) [ النساء : 5 ] .
وعليه ألا يقرب مالهم إلا بالتي هي أحسن : من حفظه ، والتصرف النافع لهم ، والصرف عليهم منه ما يحتاجون إليه .
ووليهم : أبوهم الرشيد ، فإن لم يكن جعل الحاكم الولاية لأشفق من يكون من أقاربه وأعرفهم وآمنهم ، ومن كان غنيا فليستعفف ، ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف ، وهو الأقل من أجرة مثله أو كفايته .

باب الصلح
قال النبي  { الصلح جائز بين المسلمين إلا صلحا أحل حراما أو حرم حلالا } ( ) . رواه أبو داود والترمذي ، وقال : حسن صحيح . وصححه الحاكم .
فإذا صالحه عن عين بعين أخرى ، أو بدين جاز ، وإن كان له عليه دين فصالحه عنه بعين ، أو بدين قبضه قبل التفرق جاز ، أو صالحه على منفعة في عقاره أو غيره معلومة ، أو صالحه عن الدين المؤجل ببعضه حالا ، أو كان له عليه دين لا يعلمان مقداره فصالحه على شيء صح ذلك ، قال  { لا يمنعن جار جاره أن يغرز خشبه على جداره } ( ) . رواه البخاري .
باب الوكالة والشركة والمساقاة والمزارعة
كان النبي  يوكل في كل حوائجه الخاصة وحوائج المسلمين المتعلقة به ، فهي عقد جائز من الطرفين تدخل في جميع الأشياء التي تصلح النيابة فيها : من حقوق الله كتفريق الزكاة والكفارة ونحوها ، ومن حقوق الآدميين كالعقود والفسوخ وغيرها .
وما لا تدخله النيابة من الأمور التي تتعين على الإنسان وتتعلق ببدنه خاصة - كالصلاة والطهارة والحلف والقسم بين الزوجات ونحوها - لا تجوز الوكالة فيها .
ولا يتصرف الوكيل في غير ما أذن له فيه نطقا أو عرفا .
ويجوز التوكيل بجعل أو غيره ، وهو كسائر الأمناء ، لا ضمان عليهم إلا بالتعدي أو التفريط ، ويقبل قولهم في عدم ذلك باليمين .
ومن ادعى الرد من الأمناء ، فإن كان بجعل : لم يقبل إلا ببينة ، وإن كان متبرعا قبل قوله بيمينه ، وقال  { يقول الله تعالى : أنا ثالث الشريكين ، ما لم يخن أحدهما صاحبه ، فإذا خان خرجت من بينهما } ( ) . رواه أبو داود .
فالشركة بجميع أنواعها كلها جائزة ، ويكون الملك فيها والربح بحسب ما يتفقان عليه إذا كان جزءا مشاعا معلوما .
فدخل في هذا " شركة العنان " وهي : أن يكون من كل منهما مال وعمل ، " وشركة المضاربة " : بأن يكون من أحدهما المال ومن الآخر العمل ، و " شركة الوجوه " : بما يأخذان بوجوههما من الناس و " شركة الأبدان " : بأن يشتركا بما يكتسبان بأبدانهما من المباحات من حشيش ونحوه ، وما يتقبلانه من الأعمال ، و " شركة المفاوضة " : وهي الجامعة لجميع ذلك ، وكلها جائزة .
ويفسدها إذا دخلها الظلم والغرر لأحدهما ، كأن يكون لأحدهما ربح وقت معين وللآخر ربح وقتٍ آخر ، أو ربح إحدى السلعتين أو إحدى السفرتين ، وما يشبه ذلك ، كما يفسد ذلك المساقاة والمزارعة ، وقال رافع بن خديج : { كان الناس يؤاجرون على عهد رسول الله  ما على الماذيانات ، وأقبال الجداول ، وأشياء من الزرع ، فيهلك هذا ويسلم هذا ، ويسلم هذا ويهلك هذا ، ولم يكن للناس كراء إلا هذا ، فلذلك زجر عنه ، فأما شيء معلوم مضمون فلا بأس به } ( ) . رواه مسلم . و { عامل النبي  أهل خيبر بشطر ما يخرج منها من ثمر أو زرع } ( ) . متفق عليه .
فالمساقاة على الشجر : بأن يدفعها للعامل ويقوم عليها بجزء مشاع معلوم من الثمرة . والمزارعة : بأن يدفع الأرض لمن يزرعها بجزء مشاع معلوم من الزرع . وعلى كل منهما ما جرت العادة به ، والشرط الذي لا جهالة فيه .
ولو دفع دابته إلى آخر يعمل عليها وما حصل بينهما جاز .
باب إحياء الموات
وهي الأرض الداثرة التي لا يعلم لها مالك ، فمن أحياها بحائط أو حفر بئر أو إجراء ماء إليها أو منع ما لا تزرع معه ، ملكها بجميع ما فيها إلا المعادن الظاهرة ؛ لحديث ابن عمر : { من أحيا أرضا ليست لأحد فهو أحق بها } ( ) . رواه البخاري .
وإذا تحجر مواتا بأن أدار حولها أحجارا أو حفر بئرا لم يصل إلى مائها أو أقطع أرضا فهو أحق بها ، ولا يملكها حتى يحييها بما تقدم .
باب الجعالة والإجارة
وهما : جعل مال معلوم لمن يعمل له عملا معلوما ، أو مجهولا في الجعالة ومعلوما في الإجارة ، أو على منفعة في الذمة ، فمن فعل ما جعل عليه فيهما استحق العوض وإلا فلا ، إلا إذا تعذر العمل في الإجارة فإنه يتقسَّط العوض ، وعن أبي هريرة  قال : قال رسول الله  { قال الله تعالى : ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة : رجل أعطى بي ثمّ غدر ، ورجل باع حرا فأكل ثمنه ، ورجل استأجر أجيرا فاستوفى منه ولم يعطه أجره } ( ) . رواه مسلم .
والجعالة أوسع من الإجارة ؛ لأنها تجوز على أعمال القُرَب ؛ لأن العمل فيها يكون معلوما أو مجهولا ، ولأنها عقد جائز بخلاف الإجارة .
وتجوز إجارة العين المؤجرة على من يقوم مقامه إلا بأكثر ضررا منه ، ولا ضمان فيهما بدون تعد ولا تفريط ، وفي الحديث : { أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه } ( ) . رواه ابن ماجه .

باب اللقطة
وهي على ثلاثة أضرب :
أحدها : ما تقل قيمته ، كالسوط والرغيف ونحوهما ، فيُملك بلا تعريف .
والثاني : الضوال التي تمتنع من صغار السباع كالإبل ، فلا تُملك بالالتقاط مطلقا .
والثالث : ما سوى ذلك ، فيجوز التقاطه ، ويملكه إذا عرّفه سنة كاملة ، وعن زيد بن خالد الجهني قال : { جاء رجل إلى النبي  فسأله عن اللقطة ؟ فقال : اعرف عِفَاصَها ووكاءها ثمّ عرِّفها سنة ، فإن جاء صاحبها وإلا فشأنك بها ، قال : فضالة الغنم ؟ قال : هي لك أو لأخيك ، أو للذئب ، قال فضالة : الإبل ؟ قال : ما لك ولها ؟ معها سقاؤها وحذاؤها ، ترد الماء ، وتأكل الشجر حتى يلقاها ربها } ( ) . متفق عليه .
والتقاط اللقيط والقيام به فرض كفاية ، فإذا تعذر بيت المال فعلى من علم بحاله .
باب المسابقة والمغالبة
وهي ثلاثة أنواع :
نوع يجوز بعوض وغيره : وهي مسابقة الخيل والإبل والسهام . ونوع يجوز بلا عوض ، ولا يجوز بعوض : وهي جميع المغالبات بغير الثلاثة المذكورة وبغير النرد والشطرنج ونحوهما ، فتحرم مطلقا ، وهو النوع الثالث لحديث : { لا سبق إلا في خف أو حافر أو نصل } ( ) . رواه أحمد والثلاثة .
وأما ما سواها : فإنها داخلة في القمار والميسر .

باب الغصب
وهو الاستيلاء على مال الغير بغير حق ، وهو محرم لحديث : { من اقتطع شبرا من الأرض ظلما طوقه الله به يوم القيامة من سبع أرضين } ( ) . متفق عليه ، وعليه رده لصاحبه ولو غرم أضعافه ، وعليه نفقته وأجرته مدة مقامه بيده ، وضمانه إذا تلف مطلقا ، وزيادته لربه .
وإن كانت أرضا فغرس أو بنى فيها : فلربه قلعه ، لحديث : { ليس لعرق ظالم حق } ( ) . رواه أبو داود .
ومن انتقلت إليه العين من الغاصب ، وهو عالم فحكمه حكم الغاصب .
باب العارية والوديعة
وهي إباحة المنافع ، وهي مستحبة في المعروف ، قال  { كل معروف صدقة } ( ) .
وإن شرط ضمانها ضمنها ، وإن تعدى أو فرط فيها ضمنها ، وإلا فلا ، ومن أودع وديعة فعليه حفظها في حرز مثلها ، ولا ينتفع بها بغير إذن ربها .
باب الشفعة
وهي : استحقاق الإنسان انتزاع حصة شريكه من يد من انتقلت إليه ، ببيع ونحوه ، وهي خاصة في العقار الذي لم يقسم ؛ لحديث جابر  { قضى النبي  بالشفعة في كل ما لم يقسم ، فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة } ( ) . متفق عليه .
ولا يحل التحيل لإسقاطها ، فإن تحيل لم تسقط لحديث : { إنما الأعمال بالنيات } ( ) .
باب الوقف
وهو تحبيس الأصل وتسبيل المنافع ، وهو من أفضل القرب وأنفعها إذا كان على جهة بر ، وسلم من الظلم لحديث : { إذا مات العبد انقطع عمله إلا من ثلاث : صدقة جارية ، أو علم ينتفع به ، أو ولد صالح يدعو له } ( ) . رواه مسلم . وعن ابن عمر قال : { أصاب عمر أرضا بخيبر ، فأتى النبي  يستأمره فيها ، فقال يا رسول الله ، إني أصبت أرضا بخيبر لم أصب مالا قط هو أنفس عندي منه ، قال : إن شئت حبست أصلها وتصدقت بها ، قال : فتصدق بها عمر ، غير أنه لا يباع أصلها ولا يورث ولا يوهب ، فتصدق بها في الفقراء ، وفي القربى ، وفي الرقاب وفي سبيل الله وابن السبيل ، والضيف . لا جناح على من وليها أن يأكل منها بالمعروف ويطعم صديقا ، غير متمول مالا } ( ) . متفق عليه .
وأفضله : أنفعه للمسلمين ، وينعقد بالقول والفعل الدال على الوقف . ويرجع في مصارف الوقف وشروطه إلى شرط الواقف حيث وافق الشرع ، ولا يباع إلا أن تتعطل منافعه ، فيباع ويجعل في مثله أو بعض مثله .
باب الهبة والعطية والوصية
وهي من عقود التبرعات .
فالهبة : التبرع بالمال في حال الحياة والصحة .
والعطية : التبرع به في مرض موته المخوف .
والوصية : التبرع بعد الوفاة . فالجميع داخل في الإحسان والبر .
فالهبة : من رأس المال ، والعطية والوصية : من الثلث فأقل لغير وارث ، فإن زاد على الثلث ، أو كان لوارث : توقف على إجازة الورثة للراشدين .
وكلها يجب فيها العدل بين أولاده ، لحديث : { " اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم } ( ) . متفق عليه .
وبعد تقبيض الهبة وقبولها لا يحل الرجوع فيها لحديث : { العائد في هبته كالكلب يقيء ثمّ يعود في قيئه } ( ) . متفق عليه ، وفي الحديث الآخر : { لا يحل لرجل مسلم أن يعطي العطية ثمّ يرجع فيها ، إلا الوالد فيما يعطي ولده } ( ) . رواه أهل السنن . { وكان النبي  يقبل الهدية ويثيب عليها } ( ) .
وللأب أن يتملك من مال ولده ما شاء ، ما لم يضره ، أو يعطيه لولد آخر أو أن يكون بمرض موت أحدهما ، لحديث : { أنت ومالك لأبيك } ( ) .
وعن ابن عمر مرفوعا : { ما حق امرئ مسلم له شيء يريد أن يوصي فيه يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده } ( ) . متفق عليه . وفي الحديث : { إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه ، فلا وصية لوارث } ( ) . رواه أهل السنن ، وفي لفظ : { إلا أن يشاء الورثة } .
وينبغي لمن ليس عنده شيء يحصل منه إغناء ورثته أن لا يوصي ، بل يدع التركة كلها لورثته ، كما قال النبي  { إنك أن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس } ( ) . متفق عليه . والخير مطلوب في جميع الأحوال .

كتاب المواريث
وهي العلم بقسمة التركة بين مستحقيها ، والأصل فيها قوله تعالى في سورة النساء : {           } ( ) إلى قوله تعالى : {     } ( ) [ النساء : 11 - 13 ] .
وقوله في آخر السورة : {        } ( ) إلى آخرها . [ النساء : 176 ] .
مع حديث ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي  قال : { ألحقوا الفرائض بأهلها ، فما بقي فلأولى رجل ذكر } ( ) . متفق عليه .
وقد اشتملت الآيات الكريمة - مع حديث ابن عباس - على جل أحكام المواريث وذكرها مفصلة بشروطها . فجعل الله الذكور والإناث من أولاد الصلب وأولاد الابن ، ومن الإخوة الأشقاء أو لغير أم إذا اجتمعوا يقتسمون المال ، وما أبقت الفروض : للذكر مثل حظ الأنثيين ، وأن الذكور من المذكورين يأخذون المال أو ما أبقت الفروض ، وأن الواحدة من البنات لها النصف ، والثنتين فأكثر لهما الثلثان ، وإذا كانت بنت وبنت ابن فللبنت النصف ولبنت الابن السدس تكملة الثلثين ، وكذلك الأخوات الشقيقات واللاتي للأب في الكلالة إذا لم يكن ولد ولا والد ، وأنه إذا استغرقت البنات الثلثين سقط من دونهن من بنات الابن ، إذا لم يُعَصِّبْهن ذَكَرٌ بدرجتهن أو أنزل منهن . وكذلك الشقيقات يسقطن الأخوات للأب إذا لم يعصبهن أخوهن . وأن الإخوة من الأم والأخوات : للواحد منهن السدس ، وللاثنين فأكثر الثلث ، ويسوى بين ذكورهم وإناثهم ، وأنهم لا يرثون مع الفروع مطلقا ، ولا مع الأصول الذكور . وأن الزوج له النصف مع عدم أولاد الزوجة ، والربع مع وجودهم . وأن الزوجة فأكثر لها الربع مع عدم أولاد الزوج والثمن مع وجودهم . وأن الأم لها السدس مع أحد من الأولاد ، أو اثنين فأكثر من الإخوة أو الأخوات ، والثلث مع عدم ذلك ، وأن لها ثلث الباقي في زوج وأبوين أو زوجة وأبوين ، وقد { جعل النبي  للجدة السدس إذا لم يكن دونها أم } ( ) . رواه أبو داود والنسائي . وأن للأب السدس لا يزيد عليه مع الأولاد الذكور ، وله السدس مع الإناث ، فإن بقي بعد فرضهن شيء أخذه تعصيبا مع عدم الأولاد مطلقا .
وكذلك جميع الذكور - غير الزوج والأخ من الأم - عصبات وهم : الإخوة الأشقاء أو لأب وأبناؤهم ، والأعمام الأشقاء أو لأب وأبناؤهم : أعمام الميت وأعمام أبيه وجده ، وكذلك البنون وبنوهم .
وحكم العاصب : أن يأخذ المال كله إذا انفرد ، وإن كان معه صاحب فرض أخذ الباقي بعده . وإذا استغرقت الفروض التركة لم يبق للعاصب شيء ، ولا يمكن أن تستغرق مع ابن الصلب ولا مع الأب .
وإن وجد عاصبان فأكثر فجهات العصوبة على الترتيب الآتي :
بنوة ، ثم أبوة ، ثم أخوة وبنوهم ، ثمّ أعمام وبنوهم ، ثمّ الولاء وهو المعتق وعصباته المتعصبون بأنفسهم ، فيقدم منهم الأقرب جهة ، فإن كانوا في جهة واحدة قدم الأقرب منزلة ، فإن كانوا في المنزلة سواء قدم الأقوى منهم وهو الشقيق على الذي للأب . وكل عاصب غير الأبناء والإخوة لا ترث أخته معه شيئا .
وإذا اجتمعت فروض تزيد على المسألة بحيث لا يُسقط بعضهم بعضا ، عالت بقدر فروضهم . فإذا كان زوج وأم وأخت لغير أم ، فأصلها ستة وتعول لثمانية . فإن كان معهم أخ لأم فكذلك ، فإن كانوا اثنين عالت لتسعة ، فإن كان الأخوات لغير أم ثنتين عالت إلى عشرة ، وإذا كان بنتان وأم وزوج عالت مع اثنتي عشرة إلى ثلاثة عشر ، فإن كان معهم أب عالت إلى خمسة عشر ، فإن كان بدل الزوج زوجة فأصلها مع أربع وعشرين وتعول إلى سبع وعشرين ، وإن كانت الفروض أقل من المسألة ولم يكن معهم عاصب رد الفاضل على كل ذي فرض بقدر فرضه .
فإن عدم أصحاب الفروض والعصبات ورث ذوو الأرحام وهم سوى المذكورين ، وينزلون منزلة من أدلوا به .
ومن لا وراث له فماله لبيت المال يصرف في المصالح العامة والخاصة .
وإذا مات الإنسان تعلق بتركته أربعة حقوق مرتبة : أولها مؤنة التجهيز ، ثمّ الديون الموثقة والمرسلة من رأس المال ، ثمّ إذا كان له وصية تنفذ من ثلثه للأجنبي . ثمّ الباقي للورثة المذكورين . . . والله أعلم .
وأسباب الإرث ثلاثة : النسب ، والنكاح الصحيح ، والولاء .
وموانعه ثلاثة : القتل ، والرق ، واختلاف الدين .
وإذا كان بعض الورثة حملا ، أو مفقودا أو نحوه : عملت بالاحتياط ، ووقفت له ، إن طلب الورثة قسمة التركة عملت بما يحصل به الاحتياط على حسب ما قرره الفقهاء ، رحمهم الله تعالى .
باب العتق
وهو تحرير الرقبة وتخليصها من الرق ، وهو من أفضل العبادات ؛ لحديث : { أيما امرئ مسلم أعتق امرءًا مسلما استنقذ الله بكل عضو منه عضوا من النار } ( ) . متفق عليه ، وسئل رسول الله  { أي الرقاب أفضل ؟ قال : أغلاها ثمنا ، وأنفسها عند أهلها } ( ) . متفق عليه .
ويحصل العتق بالقول ، وهو لفظ " العتق " وما في معناه ، وبالملك ، فمن ملك ذا رحم محرم من النسب عتق عليه ، وبالتمثيل بعبده بقطع عضو من أعضائه أو تحريقه ، وبالسراية لحديث : { من أعتق شركا له في عبد ، فكان له مال يبلغ ثمن العبد قوم عليه قيمة عدل ، فأعطى شركاؤه حصصهم وعتق عليه العبد ، وإلا فقد عتق عليه ما عتق } ( ) . متفق عليه ، وفي لفظ : { وإلا قوم عليه واستسعي غير مشقوق عليه } ( ) . متفق عليه .
فإن علق عتقه بموته فهو المدبر ، يعتق بموته إذا خرج من الثلث ، فعن جابر : { أن رجلا من الأنصار أعتق غلاما له عن دبر لم يكن له مال غيره فبلغ ذلك النبي  فقال : من يشتريه مني ؟ فاشتراه نعيم بن عبد الله بثمانمائة درهم ، وكان عليه دين فأعطاه ، وقال : اقض دينك } ( ) . متفق عليه .

باب الكتابة ( )
والكتابة : أن يشتري الرقيق نفسه من سيده بثمن مؤجل بأجلين فأكثر ، قال تعالى : {       } ( ) [ النور : 33 ] ، يعني صلاحا في دينهم وكسبا . فإن خيف منه الفساد بعتقه أو كتابته ، أو ليس له كسب ، فلا يشرع عتقه ولا كتابته .
ولا يعتق المكاتب إلا بالأداء ، لحديث : { المكاتب عبد ما بقي عليه من كتابته درهم } ( ) . رواه أبو داود .
وعن ابن عباس مرفوعا ، وعن عمر موقوفا : { أيما أمة ولدت من سيدها فهي حرة بعد موته } ( ) . أخرجه ابن ماجه ، والراجح الموقوف على عمر  والله أعلم .

كتاب النكاح
وهو من سنن المرسلين ، وفي الحديث : { يا معشر الشباب ، من استطاع منكم الباءة فليتزوج ، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء } ( ) . متفق عليه . وقال  { تنكح المرأة لأربع : لمالها وحسبها وجمالها ودينها ، فاظفر بذات الدين تربت يمينك } ( ) . متفق عليه .
وينبغي أن يتخير صاحبة الدين والحسب ، الودود الولود الحسيبة .
وإذا وقع في قلبه خطبة امرأة فله أن ينظر منها ما يدعوه إلى نكاحها ، ولا يحل للرجل أن يخطب على خطبة أخيه المسلم ، حتى يأذن أو يترك ، ولا يجوز التصريح بخطبة المعتدة مطلقا ، ويجوز التعريض في خطبة البائن بموت أو غيره ، لقوله تعالى : {          } ( ) [ البقرة : 235 ] .
وصفة التعريض أن يقول : إني في مثلك لراغب ، أو لا تفوتي نفسك علي ، ونحوها .
وينبغي أن يخطب في عقد النكاح بخطبة ابن مسعود قال : " علمنا رسول الله  التشهد في الحاجة : إن الحمد لله ، نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله " ويقرأ ثلاث آيات لرواية أصحاب السنن . والثلاث الآيات سردها بعضهم ، وهي قوله تعالى : {      •   •     } ( ) [ آل عمران : 102 ] ، والآية الأولى من سورة النساء ، وقوله تعالى : {          } ( ) {              •   } ( ) [ الأحزاب 70 - 71 ] .
ولا يجب إلا بالإيجاب : وهو اللفظ الصادر من الولي ، كقوله : زوجتك أو أنكحتك . والقبول : هو اللفظ الصادر من الزوج أو نائبه ، كقوله : قبلت هذا الزواج ، أو قبلت ، ونحوه .
باب شروط النكاح
ولا بد فيه من رضى الزوجين ، إلا الصغيرة فيجبرها أبوها ، والأمة يجبرها سيدها .
ولا بد فيه من الولي ، قال  { لا نكاح إلا بولي } ( ) حديث صحيح رواه الخمسة .
وأولى الناس بتزويج الحرة : أبوها وإن علا ، ثم ابنها وإن نزل ، ثم الأقرب فالأقرب من عصباتها ، وفي الحديث المتفق عليه : { لا تنكح الأيم حتى تستأمر ، ولا تنكح البكر حتى تستأذن ، قالوا : يا رسول الله ، وكيف إذنها ؟ قال أن تسكت } ( ) . وقال النبي  { أعلنوا النكاح } ( ) . رواه أحمد . ومن إعلانه : شهادة عدلين ، وإشهاره وإظهاره ، والضرب عليه بالدف ونحوه .
وليس لولي المرأة تزويجها بغير كفء لها ، فليس الفاجر كفؤا للعفيفة ، والعرب بعضهم لبعض أكفاء ، فإن عدم وليها ، أو غاب غيبة طويلة ، أو امتنع من تزويجها كفؤا زوجها الحاكم ، كما في الحديث : { السلطان ولي من لا ولي له } ( ) . أخرجه أصحاب السنن إلا النسائي .
ولا بد من تعيين من يقع عليه العقد ، فلا يصح : زوجتك بنتي ، وله غيرها حتى يميزها باسمها أو صفتها . ولا بد أيضا من عدم الموانع بأحد الزوجين ، وهي المذكورات في باب المحرمات في النكاح .
باب المحرمات في النكاح
وهن قسمان : محرمات إلى الأبد ، ومحرمات إلى أمد .
فالمحرمات إلى الأبد : سبع من النسب ، وهن : الأمهات وإن علون ، والبنات وإن نزلن ، ولو من بنات البنت ، والأخوات مطلقا وبناتهن ، وبنات الإخوة ، والعمات والخالات له أو لأحد أصوله ، وسبع من الرضاع نظير المذكورات ، وأربع من الصهر ، وهن أمهات الزوجات وإن علون ، وبناتهن وإن نزلن إذا كان قد دخل بهن ، وزوجات الآباء وإن علون ، وزوجات الأبناء ، وإن نزلن من نسب أو رضاع .
والأصل في هذا قوله تعالى : {   • } ( ) إلى آخرها ، [ النساء : 23 ، 24 ] ، وقوله  { يحرم من الرضاع ما يحرم من الولادة ، أو من النسب } ( ) . متفق عليه .
وأما المحرمات إلى أمد : فمنهن قوله  { لا يجمع بين المرأة وعمتها ، ولا بين المرأة وخالتها } ( ) . متفق عليه ، مع قوله تعالى : {     } ( ) [ النساء : 23 ] .
ولا يجوز للحر أن يجمع بين أكثر من أربع ، ولا للعبد أن يجمع بين أكثر من زوجتين ، وأما ملك اليمين فله أن يطأ ما شاء .
وإذا أسلم الكافر وتحته أختان : اختار إحداهما ، أو عنده أكثر من أربع اختار أربعا ، وفارق البواقي .
وتحرم المحرمة حتى تحل من إحرامها ، والمعتدة من الغير حتى يبلغ الكتاب أجله ، والزانية على الزاني وغيره حتى تتوب ، وتحرم مطلقته ثلاثا حتى تنكح زوجا غيره وتنقضي عدتها .
ويجوز الجمع بين الأختين بالملك ، ولكن إذا وطئ إحداهما لم تحل له الأخرى حتى يحرم الموطوءة بإخراج عن ملكه أو تزوج لها بعد الاستبراء .
والرضاع الذي يحرم : ما كان قبل الفطام ، وهو خمس رضعات فأكثر ، فيصير له الطفل وأولاده أولادا للمرضعة وصاحب اللبن ، وينتشر التحريم من جهة المرضعة وصاحب اللبن كانتشار النسب .

باب شروط في النكاح
وهي ما يشترطه أحد الزوجين على الآخر ، وهي قسمان : صحيح كاشتراط أن لا يتزوج عليها ولا يتسرى ، ولا يخرجها من دارها أو بلدها ، أو زيادة مهر أو نفقة ونحو ذلك ، فهذا ونحوه كله داخل في قوله  { إن أحق الشروط أن توفوا به : ما استحللتم به الفروج } ( ) . متفق عليه .
ومنها : شروط فاسدة كنكاح المتعة والتحليل والشغار ، ورخص النبي  في المتعة ثمّ حرمها ، و { لعن المحلل والمحلل له } ( ) ، { ونهى عن نكاح الشغار ، وهو أن يزوجه موليته على أن يزوجه موليته ولا مهر بينهما } ( ) . . . وكلها أحاديث صحيحة .
باب العيوب في النكاح
إذا وجد أحد الزوجين بالآخر عيبا لم يعلم به قبل العقد - كالجنون والجذام والبرص ونحوها - فله فسخ النكاح .
وإذا وجدته عنينا : أجل إلى سنة ، فإن مضت وهو على حاله فلها الفسخ .
وإن عتقت كلها وزوجها رقيق خيرت بين المقام معه وفراقه ، لحديث عائشة الطويل في قصة عتق بريرة : { خيرت بريرة حين عتقت على زوجها } ( ) . متفق عليه .
وإذا وقع الفسخ قبل الدخول فلا مهر ، وبعده يستقر ، ويرجع الزوج على من غره .
كتاب الصداق
ينبغي تخفيفه ، وسئلت عائشة : { كم كان صداق النبي  ؟ قالت : كان صداقه لأزواجه اثنتي عشرة أوقية ونشا ، أتدري ما النش ؟ قلت : لا ، قالت : نصف أوقية فتلك خمسمائة درهم } ( ) . رواه مسلم ، و { أعتق صفية وجعل عتقها صداقها } ( ) . متفق عليه . وقال لرجل : { التمس ولو خاتما من حديد } ( ) . متفق عليه . فكل ما صح ثمنا وأجرة - وإن قل - صح صداقا .
فإن تزوجها ولم يسم لها صداقا : فلها مهر المثل ، فإن طلقها قبل الدخول فلها المتعة على الموسع قدره وعلى المعسر قدره ؛ لقوله تعالى : {                      } ( ) [ البقرة : 236 ] .
ويتقرر الصداق كاملا بالموت أو الدخول . ويتنصف بكل فرقة قبل الدخول من جهة الزوج ، كطلاق ، ويسقط بفرقة من قبلها أو فسخه لعيبها . وينبغي لمن طلق زوجته أن يمتعها بشيء يحصل به جبر خاطرها : لقوله تعالى : {         } ( ) [ البقرة : 241 ] .
باب عشرة الزوجين
يلزم كل واحد من الزوجين معاشرة الآخر بالمعروف : من الصحبة الجميلة ، وكف الأذى ، وألا يمطله حقه .
ويلزمها طاعته في الاستمتاع ، وعدم الخروج والسفر إلا بإذنه ، والقيام بالخبز والعجن والطبخ ونحوها .
وعليه نفقتها وكسوتها بالمعروف ، قال تعالى : {    } ( ) [ النساء : 19 ] .
وفي الحديث : { استوصوا بالنساء خيرا } ( ) . متفق عليه ، وفيه : { خيركم خيركم لأهله } ( ) ، وقال  { إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت أن تجيء لعنتها الملائكة حتى تصبح } ( ) . متفق عليه .
وعليه أن يعدل بين زوجاته في القسم والنفقة والكسوة وما يقدر عليه من العدل ، وفي الحديث : { من كانت له امرأتان فمال إلى أحدهما جاء يوم القيامة وشقه مائل } ( ) . متفق عليه ، عن أنس : { من السنة : إذا تزوج الرجل البكر على الثيب أقام عندها سبعا ثمّ قسم ، وإذا تزوج الثيب أقام عندها ثلاثا ثمّ قسم } ( ) . متفق عليه ، وقالت عائشة : { كان رسول الله  إذا أراد السفر أقرع بين نسائه ، فأيتهن خرج سهمها خرج بها } ( ) . متفق عليه .
وإن أسقطت المرأة حقها من القسم بإذن الزوج ، أو من النفقة أو الكسوة جاز ذلك ، وقد { وهبت سودة بنت زمعة يومها لعائشة ، فكان النبي  يقسم لعائشة يومها ويوم سودة } ( ) . متفق عليه .
وإن خاف نشوز امرأته وظهرت منها قرائن معصية وعظها ، فإن أصرت هجرها في المضجع ، فإن لم ترتدع ضربها ضربا غير مبرح ، ويمنع من ذلك إن كان مانعا لحقها .
وإن خيف الشقاق بينهما بعث الحاكم حكما من أهله وحكما من أهلها يعرفان الأمور والجمع والتفريق ، يجمعان إن رأيا بعوض أو غيره ، أو يفرقان ، فما فعلا جاز عليهما . . . والله أعلم .
باب الخلع
وهو فراق زوجته بعوض منها أو من غيرها . والأصل فيه قوله تعالى : {              } ( ) [ البقرة : 229 ] .
فإذا كرهت المرأة خلق زوجها أو خلقه ، وخافت ألا تقيم حقوقه الواجبة بإقامتها معه ، فلا بأس أن تبذل له عوضا ليفارقها . ويصح في كل قليل وكثير ممن يصح طلاقه . فإن كان لغير خوف ألا يقيما حدود الله فقد ورد في الحديث : { من سألت زوجها الطلاق من غير بأس فحرام عليها رائحة الجنة } ( ) .

كتاب الطلاق
والأصل فيه قوله تعالى : {  •      } ( ) [ الطلاق : 1 ] ، وغيرها من نصوص الكتاب والسنة .
وطلاقهن لعدتهن فسره حديث ابن عمر ، حيث { طلق زوجته وهي حائض ، فسأل عمر  رسول الله  عن ذلك ، فقال : مره فليراجعها ثمّ ليتركها حتى تطهر ثمّ تحيض ثمّ تطهر ، ثمّ إذا شاء أمسك بعد وإن شاء طلق قبل أن يمس ، فتلك العدة التي أمر الله أن تطلق لها النساء } ( ) . متفق عليه . وفي رواية : { مره فليراجعها ، ثم ليطلقها طاهرا أو حاملا } ( ) . وهذا دليل على أنه لا يحل له أن يطلقها وهي حائض أو في طهر وطئ فيه إلا إن تبين حملها .
ويقع الطلاق بكل لفظ دل عليه من صريح لا يفهم منه سوى الطلاق كلفظ " الطلاق " ، وما تصرف منه ، وما كان مثله ، وكنايته إذا نوى بها الطلاق أو دلت القرينة على ذلك .
ويقع الطلاق منجزا أو معلقا على شرط ، كقوله : إذا جاء الوقت الفلاني فأنت طالق ، فمتى وجد الشرط الذي علق عليه الطلاق وقع .

فصل
الحر يملك ثلاث طلقات
ويملك الحر ثلاث طلقات ، فإذا تمت لم تحل له حتى تنكح زوجا غيره بنكاح صحيح ويطؤها ، لقوله تعالى : {    } ( ) إلى قوله : {             } ( ) [ البقرة : 229 ، 230 ] .
ويقع الطلاق بائنا في أربع مسائل : هذه إحداها ، وإذا طلق قبل الدخول لقوله تعالى : {                    } ( ) [ الأحزاب : 49 ] ، وإذا كان في نكاح فاسد ، وإذا كان على عوض .
وما سوى ذلك فهو طلاق رجعي ، يملك الزوج رجعة زوجته ما دامت في العدة ؛ لقوله تعالى : {          } ( ) [ البقرة : 228 ] . والرجعية حكمها حكم الزوجات إلا في وجوب القسم .
والمشروع : إعلان النكاح ، والطلاق ، والرجعة ، والإشهاد على ذلك ؛ لقوله تعالى : {     } ( ) [ الطلاق : 2 ] .
وفي الحديث : { ثلاث جدهن جد وهزلهن جد : النكاح ، والطلاق ، والرجعة } ( ) . رواه الأربعة إلا النسائي ، وفي حديث ابن عباس مرفوعا : { إن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه } ( ) . رواه ابن ماجه .
باب الإيلاء والظهار واللعان
فالإيلاء : أن يحلف على ترك وطئه زوجته أبدا ، أو مدة تزيد على أربعة أشهر ، فإذا طلبت الزوجة حقها من الوطء : أمر بوطئها ، وضربت له أربعة أشهر ، فإن وطئ كفر كفارة يمين ، وإن امتنع ألزم بالطلاق ، لقوله تعالى : {           •        •     } ( ) [ البقرة : 226 ، 227 ] .
والظهار : أن يقول لزوجته : أنت علي كظهر أمي ونحوه من ألفاظ التحريم الصريحة لزوجته ، فهو منكر وزور ، ولا تحرم الزوجة بذلك ، لكن لا يحل له أن يمسها حتى يفعل أمر الله به في قوله : {         } ( ) إلى آخر الآيتين [ المجادلة : 3 ، 4 ] ، فيعتق رقبة مؤمنة سالمة من العيوب الضارة بالعمل ، فإن لم يجد صام شهرين متتابعين ، فإن لم يستطع أطعم ستين مسكينا ، وسواء كان الظهار مطلقا أو مؤقتا بوقت كرمضان ونحوه .
وأما تحريم المملوكة والطعام واللباس وغيرها : ففيه كفارة يمين ، لقوله تعالى : {        •   } ( ) [ المائدة : 87 - 89 ] إلى أن ذكر كفارة اليمين في هذه الأمور .
وأما اللعان : فإذا رمى الرجل زوجته بالزنى فعليه حد القذف ثمانون جلدة إلا أن يقيم البينة أربعة شهود عدول ، فيقام عليها الحد ، أو يلاعن فيسقط عنه حد القذف .
وصفة اللعان على ما ذكره الله في سورة النور {    } ( ) إلى آخر الآيات . [ النور : 6 - 9 ] .
فيشهد خمس شهادات بالله إنها لزانية ، ويقول في الخامسة : " وإن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين " ، ثمّ تشهد هي خمس مرات بالله إنه من الكاذبين ، وتقول في الخامسة : " وإن غضب الله عليها إن كان من الصادقين " . فإذا تمّ اللعان سقط عنه حد القذف ، واندرأ عنها العذاب وحصلت الفرقة بينهما والتحريم الأبدي ، وانتفى الولد إذا ذكر في اللعان . والله أعلم .

كتاب العدد والاستبراء
العدة : تربص من فارقها زوجها بموت أو طلاق . فالمفارقة بالموت إذا مات عنها تعتد على كل حال ، فإن كانت حاملا فعدتها وضعها جميع ما في بطنها لقوله تعالى : {        } ( ) [ الطلاق : 4 ] ، وهذا عام في المفارقة بموت أو حياة ، وإن لم تكن حاملا فعدتها أربعة أشهر وعشرة أيام .
ويلزم في هذه العدة أن تحد المرأة وتترك الزينة والطيب والحلي والتحسن بحناء ونحوه ، وأن تلزم بيتها الذي مات زوجها وهي فيه ، فلا تخرج منه إلا لحاجتها نهارا ، لقوله تعالى : {            } ( ) [ البقرة : 234 ] .
وأما المفارقة في حال الحياة : فإذا طلقها قبل أن يدخل بها فلا عدة له عليها لقوله تعالى : {                    } ( ) [ الأحزاب : 49 ] .
وإن كان قد دخل بها أو خلا بها ، فإن كانت حاملا فعدتها وضع حملها ، قصرت المدة أو طالت . وإن لم تكن حاملا : فإن كانت تحيض ، فعدتها ثلاث حيض كاملة ؛ لقوله تعالى : {       } ( ) [ البقرة : 228 ] .
وإن لم تكن تحيض - كالصغيرة ومن لم تحض والآيسة - فعدتها ثلاثة أشهر ، لقوله تعالى : {                } ( ) [ الطلاق : 4 ] .
فإن كانت تحيض وارتفع حيضها لرضاع ونحوه ، انتظرت حتى يعود الحيض فتعتد به .
وإن ارتفع ولا تدري ما رفعه انتظرت تسعة أشهر احتياطا للحمل ، ثمّ اعتدت بثلاثة أشهر . وإذا ارتابت بعد انقضاء العدة لظهور أمارات الحمل لم تتزوج حتى تزول الريبة .
وامرأة المفقود تنتظر حتى يحكم بموته بحسب اجتهاد الحاكم ثمّ تعتد . ولا تجب النفقة إلا للمعتدة الرجعية ، أو لمن فارقها زوجها في الحياة وهي حامل ؛ لقوله تعالى : {           } ( ) [ الطلاق : 6 ] .
وأما الاستبراء فهو تربص الأمة التي كان سيدها يطؤها ، فلا يطؤها بعده زوج أو سيد حتى تحيض حيضة واحدة . وإذا لم تكن من ذوات الحيض تستبرأ بشهر أو وضع حملها إن كانت حاملا .

باب النفقات للزوجات والأقارب والمماليك والحضانة
على الإنسان نفقة زوجته وكسوتها ومسكنها بالمعروف بحسب حال الزوج ؛ لقوله تعالى : {                        } ( ) [ الطلاق : 7 ] .
ويلزم بالواجب من ذلك إذا طلبت ، وفي حديث جابر الذي رواه مسلم : { ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف } ( ) .
وعلى الإنسان نفقة أصوله وفروعه الفقراء إذا كان غنيا ، وكذلك من يرثه بفرض أو تعصيب ، وفي الحديث : { للمملوك طعامه وكسوته ، ولا يكلف من العمل إلا ما يطيق } ( ) . رواه مسلم ، وإن طلب التزوج زوجه وجوبا .
وعلى الإنسان أن يقيت بهائمه طعاما وشرابا ، ولا يكلفها ما يضرها ، وفي الحديث : { كفى بالمرء إثما أن يحبس عمن يملك قوته } ( ) . رواه مسلم .
والحضانة : هي حفظ الطفل عما يضره والقيام بمصالحه .
وهي واجبة على من تجب عليه النفقة ، ولكن الأم أحق بولدها ذكرا أو أنثى ، إن كان دون سبع ، فإذا بلغ سبعا : فإن كان ذكرا خير بين أبويه ، فكان مع من اختار ، وإن كانت أنثى ، فعند من يقوم بمصلحتها من أمها أو أبيها ، ولا يترك المحضون بيد من لا يصونه ويصلحه .
كتاب الأطعمة
وهي نوعان :
حيوان وغيره . فأما غير الحيوان - من الحبوب والثمار وغيرها - فكله مباح إلا ما فيه مضرة كالسم ونحوه .
والأشربة كلها مباحة إلا ما أسكر ، فإنه يحرم كثيره وقليله ؛ لحديث : { كل مسكر حرام ، وما أسكر منه الفرق فملء الكف منه حرام } ( ) ، وإن انقلبت الخمرة خلا حلت .
والحيوان قسمان : بحري ، فيحل كل ما في البحر حيا وميتا ، قال تعالى : { •     } ( ) . [ المائدة : 96 ] .
أما البري : فالأصل فيه الحل ، إلا ما نص الشارع على تحريمه .
فمنها : ما في حديث ابن عباس { كل ذي ناب من السباع فأكله حرام } ( ) ، و { نهى عن كل ذي مخلب من الطير } ( ) . رواه مسلم . و { نهى عن لحوم الحمر الأهلية } ( ) . متفق عليه . و { نهى عن قتل أربع من الدواب : النملة ، والنحلة ، والهدهد ، والصرد } ( ) . رواه أحمد وأبو داود .
وجميع الخبائث محرمة كالحشرات ونحوها ، ونهى النبي  عن الجلالة وألبانها حتى تحبس وتطعم الطاهر ثلاثا .

باب الذكاة والصيد
الحيوانات المباحة لا تباح بدون الذكاة إلا السمك والجراد .
ويشترط في الذكاة أن يكون المذكي مسلما أو كتابيا ، وأن يكون بمحدد وأن ينهر الدم ، وأن يقطع الحلقوم والمريء ، وأن يذكر اسم الله عليه .
وكذلك يشترط في الصيد ، إلا أنه يحل بعقره في أي موضع من بدنه ، ومثل الصيد ما نفر وعجز عن ذبحه . وعن رافع بن خديج أن النبي  قال : { ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكل ، ليس السن والظفر ، أما السن فعظم ، وأما الظفر فمدى الحبشة } ( ) . متفق عليه .
ويباح صيد الكلب المعلم بأن يسترسل إذا أرسل ، وينزجر إذا زجر ، وإذا أمسك لا يأكل ، ويسمي صاحبها عليها إذا أرسلها .
وعن عدي بن حاتم قال : قال رسول الله  { إذا أرسلت كلبك المعلم فاذكر اسم الله عليه ، فإن أمسك عليك فأدركته حيا فاذبحه ، وإن أدركته قد قتله ولم يأكل منه فكله ، وإن وجدت مع كلبك كلبا غيره وقد قتله فلا تأكل ، فإنك لا تدري أيهما قتله ، وإن رميت سهمك فاذكر اسم الله عليه ، فإن غاب عنك يوما فلم تجد فيه إلا أثر سهمك فكل إن شئت ، فإن وجدته غريقا في الماء فلا تأكل } ( ) . متفق عليه . وفي الحديث : { إن الله كتب الإحسان على كل شيء ، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة ، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة ، وليحد أحدكم شفرته ، وليرح ذبيحته } ( ) . رواه مسلم . وقال  { ذكاة الجنين ذكاة أمه } ( ) . رواه أحمد .
باب الأيمان والنذور
لا تنعقد اليمين إلا بالله أو اسم من أسمائه أو صفة من صفاته ، والحلف بغير الله شرك لا تنعقد به اليمين .
ولا بد أن تكون اليمين الموجبة للكفارة على أمر مستقبل ، فإن كانت على ماض - وهو كاذب عالما - فهي اليمين الغموس ، وإن كان يظن صدق نفسه فهي من لغو اليمين ، كقوله : " لا والله ، وبلى والله " في عرض حديثه . وإذا حنث في يمينه - بأن فعل ما حلف على تركه ، أو ترك ما حلف على فعله - وجبت عليه الكفارة : عتق رقبة أو إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم ، فإن لم يجد صام ثلاثة أيام . وعن عبد الرحمن بن سمرة قال : قال رسول الله  { إذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيرا منها فكفر عن يمينك وائت الذي هو خير } ( ) . متفق عليه ، وفي الحديث : { من حلف على يمين ، فقال : إن شاء الله ، فلا حنث عليه } ( ) . رواه الخمسة .
ويرجع في الأيمان إلى نية الحالف ، ثمّ إلى السبب الذي هيج اليمين ، ثمّ إلى اللفظ الدال على النية والإرادة ، إلا في الدعاوى . ففي الحديث : { اليمين على نية المستحلف } ( ) . رواه مسلم .
وعقد النذر مكروه ، وقد نهى النبي  عن النذر ، وقال : { إنه لا يأتي بخير ، وإنما يستخرج به من البخيل } ( ) . متفق عليه .
فإذا عقده على بر : وجب عليه الوفاء به لقوله  { من نذر أن يطيع الله فليطعه ، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه } ( ) . متفق عليه .
وإذا كان النذر مباحا ، أو جاريا مجرى اليمين ، كنذر اللجاج والغضب - أو كان نذر معصية لم يجب الوفاء به ، وفيه كفارة يمين إذا لم يوف به ويحرم الوفاء به في المعصية .

كتاب الجنايات
القتل بغير حق ينقسم إلى ثلاثة أقسام :
أحدها : العمد العدوان ، وهو أن يقتله بجناية تقتل غالبا ، فهذا يخير الولي فيه بين القتل والدية ، لقوله  { من قتل له قتيل فهو بخير النظرين : إما أن يقتل ، وإما أن يفديه } ( ) . متفق عليه .
الثاني : شبه العمد ، وهو أن يتعمد الجناية عليه بما لا يقتل غالبا .
الثالث : الخطأ ، وهو أن تقع الجناية منه بغير قصد بمباشرة أو سبب ، ففي الأخيرين لا قود ، بل الكفارة في مال القاتل والدية على عاقلته ، وهم عصباته كلهم قريبهم وبعيدهم ، توزع عليهم الدية بقدر حالهم ، وتؤجل عليهم ثلاث سنين كل سنة يحملون ثلثها .
والديات للنفس وغيرها قد فصلت في حديث عمرو بن حزم : { أن النبي  كتب إلى أهل اليمن وفيه : إن من اعتبط مؤمنا قتلا عن بينة ، فإنه قود إلا أن يرضى أولياء المقتول ، وإن في النفس الدية مائة من الإبل ، وفي الأنف إذا أوعب جدعه الدية ، وفي اللسان الدية ، وفي الشفتين الدية ، وفي الذكر الدية ، وفي البيضتين الدية ، وفي الصلب الدية ، وفي العينين الدية ، وفي الرجل الواحدة نصف الدية ، وفي المأمومة ثلث الدية ، وفي الجائفة ثلث الدية ، وفي المنقلة خمس عشرة من الإبل ، وفي كل إصبع من أصابع اليد والرجل عشر من الإبل ، وفي السن خمس عشرة من الإبل ، وفي الموضحة خمس من الإبل ، وإن الرجل يقتل بالمرأة وعلى أهل الذهب ألف دينار } ( ) . رواه أبو داود .
ويشترط في وجوب القصاص : كون القاتل مكلفا والمقتول معصوما ، ومكافئا للجاني في الإسلام والرق والحرية ، فلا يقتل المسلم بالكافر ، ولا الحر بالعبد ، وألا يكون والدا للمقتول ، فلا يقتل الأبوان بالولد .
ولا بد من اتفاق الأولياء المكلفين ، والأمن من التعدي في الاستيفاء .
وتقتل الجماعة بالواحد . ويقاد كل عضو بمثله إذا أمكن بدون تعد ؛ لقوله تعالى : {    • • • } ( ) إلى آخر الآية [ المائدة : 45 ] .
ودية المرأة على النصف من الرجل إلا فيما دون ثلث الدية فهما سواء .

كتاب الحدود
لا حد إلا على مكلف عالم بالتحريم ، ولا يقيمه إلا الإمام أو نائبه إلا السيد فإن له إقامته بالجلد خاصة على رقيقه . وحد الرقيق في الجلد نصف حد الحر .
فحد الزنا - وهو فعل الفاحشة في قبل أو دبر - : إن كان محصنا - وهو الذي قد تزوج - ووطئها ، وهما حران مكلفان فهذا يرجم حتى يموت ، وإن كان غير محصن جلد مائة جلدة وغرب عن وطنه عاما ، ولكن بشرط أن يقر به أربع مرات ، أو يشهد عليه أربعة عدول يصرحون بشهادتهم ، قال تعالى : { • •  •      } ( ) [ النور : 2 ] .
وعن عبادة بن الصامت قال : قال رسول الله  { خذوا عني ، خذوا عني ، فقد جعل الله لهن سبيلا : البكر بالبكر جلد مائة ونفي سنة ، والثيب بالثيب جلد مائة ورجم } ( ) . رواه مسلم ، وآخر الأمرين الاقتصار على رجم المحصن ، كما في قصة ماعز والغامدية .
ومن قذف محصنا بالزنى ، وشهد عليه به ولم تكمل الشهادة : جلد ثمانين جلدة .
وقذف غير المحصن فيه التعزير .
والمحصن : هو الحر البالغ المسلم العاقل العفيف .
والتعزير واجب في كل معصية لا حد فيها ولا كفارة .
ومن سرق ربع دينار من الذهب أو ما يساويه من حرزه : قطعت يده اليمنى من مفصل الكف وحسمت ، فإذا عاد قطعت رجله اليسرى من مفصل الكعب وحسمت ، فإذا عاد حبس ، ولا يقطع غير يد ورجل ، قال تعالى {     } ( ) [ المائدة : 38 ] . وعن عائشة رضي الله عنها ، عن النبي  قال : { لا تقطع يد سارق إلا في ربع دينار فصاعدا } ( ) . متفق عليه ، وفي الحديث : { لا قطع في ثمر ولا كثر } ( ) . رواه أهل السنن ، وقال تعالى في المحاربين : {          •                } ( ) [ المائدة : 33 ] . وهم الذين يخرجون على الناس ويقطعون الطريق عليهم بنهب أو قتل .
فمن قتل وأخذ مالا قتل وصلب ، ومن قتل تحتم قتله .
ومن أخذ مالا قطعت يده اليمنى ورجله اليسرى ، ومن أخاف الناس نفي من الأرض ، ومن خرج على الإمام يريد إزالته عن منصبه فهو باغ .
وعلى الإمام مراسلة البغاة وإزالة ما ينقمون عليه مما لا يجوز وكشف شبههم ، فإن انتهوا كف عنهم ، وإلا قاتلهم ، وعلى رعيته معونته على قتالهم ، فإن اضطر إلى قتالهم أو إتلاف مالهم فلا شيء على الدافع ، وإن قتل الدافع كان شهيدا ، ولا يتبع لهم مدبر ، ولا يجهز على جريح ، ولا يغنم لهم مال ، ولا يسبى لهم ذرية ، ولا ضمان على أحد الفريقين فيما أتلف حال الحرب من نفوس أو أموال .
باب حكم المرتد
والمرتد : هو من خرج عن دين الإسلام إلى الكفر بفعل أو قول أو اعتقاد أو شك ، وقد ذكر العلماء رحمهم الله تفاصيل ما يخرج به العبد من الإسلام ، وترجع كلها إلى جحد ما جاء به الرسول  أو جحد بعضه .
فمن ارتد استتيب ثلاثة أيام ، فإن رجع وإلا قتل بالسيف .

كتاب القضاء والدعاوى والبينات
وأنواع الشهادات
والقضاء لا بد للناس منه فهو فرض كفاية .
يجب على الإمام نصب من يحصل به الكفاية ممن له معرفة بالقضاء بمعرفة الأحكام الشرعية وتطبيقها على الوقائع الجارية بين الناس .
وعليه أن يولي الأمثل فالأمثل بالصفات المعتبرة في القاضي ، ويتعين على من كان أهلا ولم يوجد غيره ولم يشغله عما هو أهم منه ، وقد قال النبي  { البينة على المدعي واليمين على من أنكر } ( ) ، وقال : { إنما أقضي بنحو ما أسمع } ( ) ، فمن ادعى مالا ونحوه فعليه البينة : إما شاهدان عدلان ، أو رجل وامرأتان ، أو رجل ويمين المدعي ؛ لقوله تعالى : {                } ( ) [ البقرة : 282 ] .
وقد { قضى النبي  بالشاهد مع اليمين } ( ) وهو حديث صحيح ، فإن لم يكن له بينة حلف المدعى عليه وبرئ ، فإن نكل عن الحلف قضي عليه بالنكول ، أو ردت اليمين على المدعي . فإذا حلف مع نكول المدعى عليه أخذ ما ادعى به .
ومن البينة : القرينة الدالة على صدق أحد المدعيين ، مثل أن تكون العين المدعى بها بيد أحدهما ، فهي له بيمينه ، ومثل أن يتداعى اثنان متاعا لا يصلح إلا لأحدهما ، كتنازع نجار وغيره آلة النجارة ، وحداد وغيره آلة حدادة ونحوها .
وتحمل الشهادة في حقوق الآدميين فرض كفاية ، وأداؤها فرض عين .
ويشترط أن يكون الشاهد عدلا ظاهرا وباطنا .
والعدل : هو من رضيه الناس ؛ لقوله تعالى : {     } ( ) [ البقرة : 282 ] .
ولا يجوز أن يشهد إلا بما يعلمه برؤية أو سماع من المشهود عليه ، أو استفاضة يحصل بها العلم في الأشياء التي يحتاج إليها ، كالأنساب ونحوها . وقال النبي  لرجل : { ترى الشمس ؟ قال : نعم ، قال : على مثلها فاشهد أو دع } . رواه ابن عدي .
ومن موانع الشهادة : مظنة التهمة ، كشهادة الوالدين لأولادهم وبالعكس ، وأحد الزوجين للآخر ، والعدو على عدوه ، كما في الحديث : { لا يجوز شهادة خائن ولا خائنة ولا ذي غمر على أخيه ، ولا تجوز شهادة القانع لأهل البيت } ( ) . رواه أحمد وأبو داود . وفي الحديث : { من حلف على يمين يقتطع بها مال امرئ مسلم هو فيها فاجر لقي الله وهو عليه غضبان } ( ) . متفق عليه .
باب القسمة
وهي نوعان : قسمة إجبار فيما لا ضرر فيه ولا رد عوض ، كالمثليات ، والدور الكبار ، والأملاك الواسعة .
وقسمة تراض ، وهي ما فيه ضرر على أحد الشركاء في القسمة ، وفيه رد عوض ، فلا بد فيها من رضى الشركاء كلهم ، وإن طلب أحدهم فيها البيع وجبت إجابته ، وإن أجروها : كانت الأجرة فيها على قدر ملكهم فيها . . . والله أعلم .
باب الإقرار
وهو اعتراف الإنسان بكل حق عليه بكل لفظ دال على الإقرار ، وبشرط كون المقر مكلفا وهو أبلغ البينات .
ويدخل في جميع أبواب العلم والعبادات والمعاملات والأنكحة وغيرها . وفي الحديث : { لا عذر لمن أقر } .
ويجب على الإنسان أن يعترف بجميع الحقوق التي عليه للآدميين ليخرج من التبعة بأداء أو استحلال ، والله أعلم .

فهرس الآيات

أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعا لكم وللسيارة وحرم عليكم صيد البر 83
أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم ولا تضاروهن لتضيقوا عليهن وإن كن 81
إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح 39
إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم 33
إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن 91
الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان 46
الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ولا تأخذكم بهما 90
الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان ولا يحل لكم أن تأخذوا 74, 77
حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعماتكم وخالاتكم وبنات الأخ 69, 70
حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به والمنخنقة 6
فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره فإن طلقها فلا 77
فاتقوا الله ما استطعتم واسمعوا وأطيعوا وأنفقوا خيرا لأنفسكم ومن 13
فيه آيات بينات مقام إبراهيم ومن دخله كان آمنا ولله على الناس 38
قل هو الله أحد 39
قل ياأيها الكافرون 39
لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة 72
للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر فإن فاءوا فإن الله غفور 78
لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله لا 82
وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمنا واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى 38
والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا 80
والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم فشهادة أحدهم 79
والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا فتحرير رقبة من قبل 78
والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالا من الله 91
واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر 80
والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق 77, 80
وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين والأنف بالأنف 89
ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياما وارزقوهم فيها 52
ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء أو أكننتم في أنفسكم 67
وللمطلقات متاع بالمعروف حقا على المتقين 72
وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا حتى يغنيهم الله من فضله والذين 66
وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون 3
ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام وإنه للحق من ربك وما 13
ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن 8
ياأيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه وليكتب 93, 94
ياأيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم 8, 10
ياأيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن 77, 80
ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون 67
ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا 68
ياأيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم 34
ياأيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون 46
ياأيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ولا تعتدوا 78
ياأيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها ولا تعضلوهن 73
ياأيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة واتقوا 76
يابني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه 13
يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة إن امرؤ هلك ليس له ولد وله 62
يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز 68
يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين فإن كن نساء فوق 62

فهرس الأحاديث
أحل لنا ميتتان ودمان، أما الميتتان فالحوت والجراد، وأما الدمان فالكبد والطحال 6
إذا أتى أحدكم الصلاة والإمام على حال، فليصنع كما يصنع الإمام 22
إذا أتيتم الغائط فلا تستقبلوا القبلة بغائط ولا بول، ولا تستدبروها 5
إذا أرسلت كلبك المعلم فاذكر اسم الله عليه، فإن أمسك عليك فأدركته حيا 85
إذا أفطر أحدكم فليفطر على تمر، فإن لم يجد فليفطر على ماء فإنه طهور 35
إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم 23
إذا اشتد الحر فأبردوا عن الصلاة، فإن شدة الحر من فيح جهنم 12
إذا تبايع الرجلان فكل واحد منهما بالخيار ما لم يتفرقا، وكانا جميعا، 49
إذا توضأ أحدكم ولبس خفيه فليمسح عليهما وليصل فيهما، ولا يخلعهما إن 7
إذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيرا منها فكفر عن يمينك وائت الذي هو خير 86
إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت أن تجيء لعنتها الملائكة حتى تصبح 73
إذا رأيتموه فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا، فإن غم عليكم فاقدروا له 34
إذا سمعتم الإقامة فامشوا إلى الصلاة وعليكم السكينة والوقار، ولا تسرعوا، 22
إذا شك أحدكم في صلاته، فلم يدر كم صلى أثلاثا أم أربعا ؟ فليطرح الشك، 18
إذا صليتما في رحالكما ثم أتيتما مسجد جماعة فصليا معهم فإنها لكما نافلة 21
إذا قلت لصاحبك أنصت يوم الجمعة والإمام يخطب فقد لغوت 24
إذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء، ثم استقبل القبلة فكبر، ثم اقرأ ما 16
إذا مات العبد انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية، أو علم ينتفع به، 59
أربع لا تجوز في الضحايا العوراء البين عورها، والمريضة البين مرضها، 45
أسرعوا بالجنازة، فإن تك صالحة فخير تقدمونها إليه، وإن كانت غير ذلك 26
أصاب عمر أرضا بخيبر، فأتى النبي يستأمره فيها، فقال يا رسول الله، إني 59
أعتق صفية وجعل عتقها صداقها 72
أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه 56
أعطيت خمسا لم يعطهن أحد من الأنبياء قبلي، نصرت بالرعب مسيرة شهر، وجعلت 10
أعلنوا النكاح 69
إلا أن يشاء الورثة 61
ألحقوا الفرائض بأهلها، فما بقي فلأولى رجل ذكر 62
أمر النبي الناس بالخروج إليها حتى العواتق والحيض يشهدن الخير ودعوة 24
أمرت أن أسجد على سبعة أعظم على الجبهة وأشار بيده إلى أنفه والكفين 15
أمرنا رسول الله إذا خرصتم فدعوا الثلث، فإن لم تدعوا الثلث فدعوا الربع 30
أمرنا رسول الله أن نصوم من الشهر ثلاثة أيام، ثلاث عشرة، وأربع عشرة، وخمس عشرة 36
إن أحق الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج 71
أن الطواف بالبيت صلاة، إلا أن الله أباح فيه الكلام 43
إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث 61
إن الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم 85
إن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه 78
إن الماء طهور لا ينجسه شيء 4
أن النبي أمره أن يأخذ من كل ثلاثين بقرة تبيعا أو تبيعة، ومن كل أربعين مسنة 30
أن النبي جهر في صلاة الكسوف بقراءته، فصلى أربع ركعات في ركعتين وأربع سجدات 19
أن النبي كتب إلى أهل اليمن وفيه إن من اعتبط مؤمنا قتلا عن بينة، فإنه 88
أن النبي مكث في المدينة تسع سنين لم يحج، ثم أذن في الناس في العاشرة 38
أن رجلا من الأنصار أعتق غلاما له عن دبر لم يكن له مال غيره فبلغ ذلك 65
أن طائفة صلت معه وجاه العدو، 28 فصلى بالذين معه ركعة ثم ثبت قائما 23
إن طول صلاة الرجل وقصر خطبته مئنة من فقهه 24
أنت ومالك لأبيك 61
أنتوضأ من لحوم الإبل ؟ فقال نعم 8
إنك أن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس 61
إنما أقضي بنحو ما أسمع 93
إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى 7, 59
إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا كبر فكبروا ولا تكبروا حتى يكبر، وإذا 21
إنما جعل الطواف بالبيت وبالصفا والمروة ورمي الجمار لإقامة ذكر الله 43
أنه أم النبي في أول الوقت وآخره وقال يا محمد، الصلاة ما بين هذين الوقتين 12
إنه لا يأتي بخير، وإنما يستخرج به من البخيل 87
أي الرقاب أفضل ؟ قال أغلاها ثمنا، وأنفسها عند أهلها 64
أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر الله 36
أيما أمة ولدت من سيدها فهي حرة بعد موته 66
أيما امرئ مسلم أعتق امرءا مسلما استنقذ الله بكل 71 عضو منه عضوا من النار 64
اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم 60
اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترا 20
استغفروا لأخيكم، واسألوا له التثبيت فإنه الآن يسأل 27
استوصوا بالنساء خيرا 73
اقرءوا على موتاكم يس 26
الأرض كلها مسجد إلا المقبرة والحمام 14
البينة على المدعي واليمين على من أنكر 93
التمس ولو خاتما من حديد 72
الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر 46
الزعيم غارم 52
السلطان ولي من لا ولي له 69
الصلح جائز بين المسلمين إلا صلحا أحل حراما أو حرم حلالا 54
الظهر يركب بنفقته، إذا كان مرهونا، ولبن الدر يشرب بنفقته، إذا كان 51
العائد في هبته كالكلب يقيء ثم يعود في قيئه 60
المؤمن لا ينجس حيا أو ميتا 6
المدينة حرام ما بين عير إلى ثور 44
المسلمون عند شروطهم، إلا شرطا أحل حراما أو حرم حلالا 50
المكاتب عبد ما بقي عليه من كتابته درهم 66
اليمين على نية المستحلف 86
بني الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، 3
ترى الشمس ؟ قال نعم، قال على مثلها فاشهد أو دع 94
تسحروا فإن في السحور بركة 35
تنكح المرأة لأربع لمالها وحسبها وجمالها ودينها، فاظفر بذات الدين تربت يمينك 67
ثلاث جدهن جد وهزلهن جد النكاح، والطلاق، والرجعة 77
جاء رجل إلى النبي فسأله عن اللقطة ؟ فقال اعرف عفاصها ووكاءها ثم عرفها 57
جعل النبي للجدة السدس إذا لم يكن دونها أم 63
حتى تحمار أو تصفار 49
حفظت عن رسول الله عشر ركعات ركعتين قبل الظهر وركعتين بعدها، وركعتين 17
خذوا عني مناسككم 41
خذوا عني، خذوا عني، فقد جعل الله لهن سبيلا البكر بالبكر جلد مائة ونفي 90
خمس من الدواب كلهن فاسق، يقتلن في الحل والحرم الغراب، والحدأة، والعقرب، 44
خيرت بريرة حين عتقت على زوجها 71
خيركم خيركم لأهله 73
ذكاة الجنين ذكاة أمه 86
رخص في بيع العرايا بخرصها فيما دون خمسة أوسق للمحتاج للرطب ولا ثمن 47
زوروا القبور فإنها تذكر بالآخرة 27
سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله إمام عادل، وشاب نشأ في طاعة 32
صل قائما، فإن لم تستطع فقاعدا، فإن لم تستطع فعلى جنبك 22
صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة 21
صلوا كما رأيتموني أصلي 16
صلى الظهر خمسا فقيل له أزيدت الصلاة ؟ فقال وما ذاك ؟ قالوا صليت خمسا، 17
صليت ؟ قال لا، قال قم فصل ركعتين 24
صليت مع النبي ذات ليلة، فقمت عن يساره، فأخذ برأسي من ورائي فجعلني عن يمينه 22
طلق زوجته وهي حائض، فسأل عمررسول الله عن ذلك، فقال مره فليراجعها ثم 76
طهرة للصائم من اللغو والرفث، وطعمة للمساكين، فمن أداها قبل الصلاة 32
عامل النبي أهل خيبر بشطر ما يخرج منها من ثمر أو زرع 55
غير أنه لا يصلي عليها المكتوبة 14
فأكملوا عدة شعبان ثلاثين 34
فإن هم أطاعوك لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم 33
فاقدروا له ثلاثين 34
فرض رسول الله زكاة الفطر صاعا من تمر، أو صاعا من شعير، على العبد والحر، 32
فهو بالخيار ثلاثة أيام 50
فيما سقت السماء والعيون، أو كان عثريا العشر، وفيما سقي بالنضح نصف العشر 30
قال الله تعالى ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة رجل أعطى بي ثم غدر، ورجل 56
قدم النبي المدينة وهم يسلفون في الثمار السنة والسنتين، فقال من أسلف 51
قضى النبي بالشاهد مع اليمين 93
قضى النبي بالشفعة في كل ما لم يقسم، فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة 58
كان الناس يؤاجرون على عهد رسول الله ما على الماذيانات، وأقبال الجداول، 55
كان النبي إذا خطب احمرت عيناه، وعلا صوته واشتد غضبه، حتى كأنه منذر 23
كان رسول الله إذا أراد السفر أقرع بين نسائه، فأيتهن خرج سهمها خرج بها 74
كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله، واعتكف من بعده أزواجه 36
كانت خطبة النبي يوم الجمعة يحمد الله ويثني عليه، ثم يقول على إثر ذلك، 24
كفى بالمرء إثما أن يحبس عمن يملك قوته 82
كل ذي ناب من السباع فأكله حرام 83
كل غلام مرتهن بعقيقته، تذبح عنه يوم سابعه ويحلق رأسه، ويسمى 45
كل مسكر حرام، وما أسكر منه الفرق فملء الكف منه حرام 83
كل معروف صدقة 58
كم كان صداق النبي ؟ قالت كان صداقه لأزواجه اثنتي عشرة أوقية ونشا، 72
لا بأس أن تأخذها بسعر يومها ما لم تتفرقا وبينكما شيء 48
لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد المسجد الحرام، ومسجدي هذا والمسجد الأقصى 36
لا تشربوا في آنية الذهب والفضة، ولا تأكلوا في صحافها، فإنها لهم في 4
لا تصروا الإبل والغنم، فمن ابتاعها بعد فهو بخير النظرين بعد أن يحلبها، 50
لا تقطع يد سارق إلا في ربع دينار فصاعدا 91
لا تلقوا الجلب، فمن تلقى فاشترى منه، فإذا أتى سيده السوق فهو بالخيار 47
لا تنكح الأيم حتى تستأمر، ولا تنكح البكر حتى تستأذن، قالوا يا رسول 68
لا سبق إلا في خف أو حافر أو نصل 57
لا صلاة بحضرة طعام، ولا وهو يدافعه الأخبثان 19
لا عذر لمن أقر 95
لا قطع في ثمر ولا كثر 91
لا نكاح إلا بولي 68
لا يجمع بين المرأة وعمتها، ولا بين المرأة وخالتها 70
لا يجوز شهادة خائن ولا خائنة ولا ذي غمر على أخيه، ولا تجوز شهادة القانع 94
لا يحل لرجل مسلم أن يعطي العطية ثم يرجع فيها، إلا الوالد فيما يعطي ولده 60
لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر 35
لا يصومن أحدكم يوم الجمعة إلا أن يصوم يوما قبله أو يوما بعده 36
لا يقبل الله صلاة بغير طهور 4
لا يمنعن جار جاره أن يغرز خشبه على جداره 54
لا ينصرف حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا 4
لعن المحلل والمحلل له 71
لقد هممت أن آمر بالصلاة أن تقام، ثم آمر رجلا يؤم الناس ثم انطلق بحزم 21
لقنوا موتاكم لا إله إلا الله 26
للمملوك طعامه وكسوته، ولا يكلف من العمل إلا ما يطيق 82
لما فتح الله على رسوله مكة قام في الناس فحمد الله وأثنى عليه ثم قال 43
لو بعت من أخيك ثمرا فأصابته جائحة فلا يحل لك أن تأخذ منه شيئا، بم 49
ليس فيما دون خمسة أوسق من التمر صدقة 30
ليس لعرق ظالم حق 58
ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكل، ليس السن والظفر، أما السن فعظم، 85
ما جاءك من هذا المال وأنت غير مشرف ولا سائل فخذه، وما لا، فلا تتبعه نفسك 33
ما حق امرئ مسلم له شيء يريد أن يوصي فيه يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده 61
ما من رجل مسلم يموت فيقوم على جنازته أربعون رجلا لا يشركون بالله شيئا 27
مره فليراجعها، ثم ليطلقها طاهرا أو حاملا 76
مطل الغني ظلم، وإذا أحيل بدينه على مليء فليحتل 52
من أحيا أرضا ليست لأحد فهو أحق بها 56
من أخذ أموال الناس يريد أداءها أداها الله عنه، ومن أخذها يريد إتلافها 51
من أدرك ركعة من الصلاة، فقد أدرك الصلاة 12
من أدرك ماله عند رجل قد أفلس فهو أحق به من غيره 52
من أعتق شركا له في عبد، فكان له مال يبلغ ثمن العبد قوم عليه قيمة عدل، 65
من أقال مسلما بيعته أقال الله عثرته 50
من اقتطع شبرا من الأرض ظلما طوقه الله به يوم القيامة من سبع أرضين 58
من السنة إذا تزوج الرجل البكر على الثيب أقام عندها سبعا ثم قسم، وإذا 73
من باع نخلا بعد أن تؤبر فثمرتها للبائع، إلا أن يشترطها المبتاع 49
من حلف على يمين يقتطع بها مال امرئ مسلم هو 100 فيها فاجر لقي الله 94
من حلف على يمين، فقال إن شاء الله، فلا حنث عليه 86
من خاف أن لا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم آخره، 20
من سأل الناس أموالهم تكثرا فإنما يسأل جمرا، فليستقل أو ليستكثر 33
من سألت زوجها الطلاق من غير بأس فحرام عليها رائحة الجنة 75
من شهد الجنازة حتى يصلى عليها فله قيراط، ومن شهدها حتى تدفن فله قيراطان، 27
من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام رمضان 36
من صام رمضان ثم أتبعه ستا من شوال كان كصيام الدهر 36
من غشنا فليس منا 48
من قتل له قتيل فهو بخير النظرين إما أن يقتل، وإما أن يفديه 88
من كانت له امرأتان فمال إلى أحدهما جاء يوم القيامة وشقه مائل 73
من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه 35
من مات وعليه صيام صام عنه وليه 35
من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه 87
من نسي وهو صائم، فأكل أو شرب فليتم صومه، فإنما أطعمه الله وسقاه 35
من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين 2
من يهد الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له 24
نحرنا مع النبي عام الحديبية البدنة عن سبعة، والبقرة عن سبعة 45
نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه 26
نهى النبي عن البيع على بيع المسلم، والشراء على شرائه والنجش 47
نهى النبي عن بيع الخمر والميتة والأصنام 47
نهى النبي عن بيع المزابنة وهو شراء التمر بالتمر في رؤوس النخل 47
نهى رسول الله عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها، نهى البائع والمبتاع ، 49
نهى عن بيع الحب حتى يشتد 49
نهى عن بيع الصبرة من التمر، لا يعلم مكيلها، بالكيل المسمى من التمر 48
نهى عن بيع الغرر 46
نهى عن صيام يومين يوم الفطر ويوم النحر 36
نهى عن قتل أربع من الدواب النملة، والنحلة، والهدهد، والصرد 83
نهى عن كل ذي مخلب من الطير 83
نهى عن لحوم الحمر الأهلية 83
هذه فريضة الصدقة التي فرضها رسول الله على المسلمين، والتي أمر الله 29
هو اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد 19
وإلا قوم عليه واستسعي غير مشقوق عليه 65
وسئل النبي عن بيع التمر بالرطب ؟ فقال أينقص إذا جف ؟ قالوا نعم فنهى عن ذلك 48
وسئل عن صوم يوم الاثنين فقال ذاك يوم ولدت فيه، وبعثت فيه، أو أنزل علي فيه 35
وسئل عن صوم يوم عرفة، فقال يكفر السنة الماضية والباقية ، وسئل عن 35
وفي الركاز الخمس 31
وقت الظهر إذا زالت الشمس، وكان ظل الرجل كطوله، ما لم تحضر العصر، ووقت 12
وكان النبي يصلي في السفر النافلة على راحلته حيث توجهت به 14
وكان النبي يقبل الهدية ويثيب عليها 60
ولكن من غائط وبول ونوم 8
ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف 82
ونهى النبي أن يجصص القبر، وأن يقعد عليه، وأن يبنى عليه 27
ونهى عن نكاح الشغار، وهو أن يزوجه موليته على أن يزوجه 78 موليته ولا مهر بينهما 71
وهبت سودة بنت زمعة يومها لعائشة، فكان النبي يقسم لعائشة يومها ويوم سودة 74
يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة، 21
يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن 67
يحرم من الرضاع ما يحرم من الولادة، أو من النسب 69
يغسل من بول الجارية، ويرش من بول الغلام 6
يقول الله تعالى أنا ثالث الشريكين، ما لم يخن أحدهما صاحبه، فإذا خان 54
يكفيك الماء ولا يضرك أثره 6



الفهرس
مقدمة 2
فصل بني الإسلام على خمس 3
كتاب الطهارة 4
باب الاستنجاء وآداب قضاء الحاجة 5
باب صفة الوضوء 7
باب نواقض الوضوء 8
باب ما يوجب الغسل وصفته 8
باب التيمم 10
كتاب الصلاة 12
باب صفة الصلاة 14
باب سجود السهو والتلاوة والشكر 17
باب مفسدات الصلاة ومكروهاتها 19
باب صلاة التطوع 19
باب صلاة الجماعة والإمامة 21
باب صلاة أهل الأعذار 22
باب صلاة الجمعة 23
باب صلاة العيدين 24
كتاب الجنائز 26
كتاب الزكاة 29
باب زكاة الفطر 32
باب أهل الزكاة ومن لا تدفع له 33
كتاب الصيام 34
كتاب الحج 38
باب الهدي والأضحية والعقيقة 45
كتاب البيوع 46
باب بيع الأصول والثمار 49
باب الخيار وغيره 49
باب السلم 50
باب الرهن والضمان والكفالة 51
باب الحجر لفلس أو غيره 52
باب الصلح 54
باب الوكالة والشركة والمساقاة والمزارعة 54
باب إحياء الموات 56
باب الجعالة والإجارة 56
باب اللقطة 57
باب المسابقة والمغالبة 57
باب الغصب 58
باب العارية والوديعة 58
باب الشفعة 58
باب الوقف 59
باب الهبة والعطية والوصية 60
كتاب المواريث 62
باب العتق 64
باب الكتابة () 66
كتاب النكاح 67
باب شروط النكاح 68
باب المحرمات في النكاح 69
باب شروط في النكاح 71
باب العيوب في النكاح 71
كتاب الصداق 72
باب عشرة الزوجين 73
باب الخلع 74
كتاب الطلاق 76
فصل الحر يملك ثلاث طلقات 77
باب الإيلاء والظهار واللعان 78
كتاب العدد والاستبراء 80
باب النفقات للزوجات والأقارب والمماليك والحضانة 82
كتاب الأطعمة 83
باب الذكاة والصيد 85
باب الأيمان والنذور 86
كتاب الجنايات 88
كتاب الحدود 90
باب حكم المرتد 92
كتاب القضاء والدعاوى والبينات وأنواع الشهادات 93
باب القسمة 94
باب الإقرار 95
فهرس الآيات 96
فهرس الأحاديث 98
الفهرس 106

Tidak ada komentar:

Posting Komentar