Selasa, 29 November 2011

I'rab Surat al Humazah

Agus Subandi,Drs.MBA

اعراب آيات سورة الهمزة
{ ويْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ }
{وَيْلٌ..} [1]
رفع بالابتداء ويجوز نصبه لأنه بمعنى المصدر كما يجوز قُبوحاً له منصوب الاّ أن الرفع في "ويل" أحسن؛ لأنه غير مأخوذ من فعل والنصب في قُبُوحٍ أجود؛ لأنه مأخوذ مِنْ فِعْلٍ. وفي نصب "ويل" قول آخر، ويكون التقدير قولوا الزم الله ويلاً لكل همزة، وهذا مذهب سيبويه. قال مجاهد: ليست هذه خاصَّاً لأحد. قال أبو جعفر: وهذا قول صحيح في العربية؛ لأن سبيل كل أن تكون غير خاصة. قال أبو العالية: "الهمزة" الذي يعيب الناس في وجوههم، واللُّمَزَةُ الذي يعيبهم من ورائهم. وسَمِعتُ علي بن سليمان يستحسن هذا القول. وقال ابن زيد: الهمزة الذي يهمز الناس ويضربهم بيده، واللمز الذي يلمزهم ويعيبهم بلسانه.

{ ٱلَّذِى جَمَعَ مَالاً وَعَدَّدَهُ }
{ٱلَّذِى جَمَعَ مَالاً وَعَدَّدَهُ} [2]
"ٱلَّذِى" في موضع رفع بمعنى هو الذي، ويجوز النصب بمعنى أعني الذي، ويجوز الخفض على البدل من كل. قرأ أبو جعفر ويحيى بن وثاب والأعمش وحمزة والكسائي {جَمَّعَ} بالتشديد. وقرأ الحسن وابن كثير وعاصم وأبو عمرو وشيبة ونافع {جَمَعَ}. قال أبو جعفر: "جَمَعَ" بالتخفيف يكون للقليل والكثير، وجمَّعَ لا يكون الا للكثير. ورُوِيَ عن الحسن {وَعَدَدَهُ} بالتحفيف، وهي قراءة شاذة إن كان يريد عَدَّهُ ثم أظهر التضعيف كما قال:
* إنّي أجُودُ لأقوَامٍ وإِنْ ضَنَنُوا *
وهو بعيد، وإنما يجوز في الشعر وإن كان يريد جَمَعَ مالاً وجَمَعَ عَدَدَهُ على أنه مفعول أي أحصى عَدَدَهُ فهو جائز.

{ يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ * كَلاَّ لَيُنبَذَنَّ فِي ٱلْحُطَمَةِ }
{يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ} [3]
يقال: هي لغة النبي صلى الله عليه وسلم بكسر السين جاء على فَعِلَ يَفْعِلُ، وله نَظَائِرُ يسيرةٌ قد ذكرناها. "أنّ" وما عملت فيه في موضع المفعولين، والمعروف من قراءة الحسن {.. ليُنبذانّ فِي ٱلْحُطَمَةِ} [4] بعينه وماله، وقد روي عنه {ليُنبذُنَّ} بضم الذال. فقيل لا يجوز؛ لأنه إنما تقدّم ذكر اثنين، وقيل: هو للهمزة واللمزة والذي جمع مالاً.

اعراب آيات سورة ( الهمزة )
{ وَمَآ أَدْرَاكَ مَا ٱلْحُطَمَةُ }
{وَمَآ أَدْرَاكَ مَا ٱلْحُطَمَةُ} [5]
قال الفراء: اسم للنار، ولو كانت بغير ألفَ ولام لم تنصرف. قال أبو جعفر: يقال: حَطَمهُ اذا كسَّرَهُ كما قال:
* قد لَفَّها اللَّيلُ بسَوّاقٍ حُطَمْ *
ورجلٌ حُطَمٌ أي أكُولٌ.

{ نَارُ ٱللَّهِ ٱلْمُوقَدَةُ }
{نَارُ ٱللَّهِ..} [6] أي هي نار الله "ٱلْمُوقَدَةُ" نعت للنار، وكذا {ٱلَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى ٱلأَفْئِدَةِ} [7] اطَّلعْتُ على فلانٍ وطَلَعْتُ أي بلغتُ وواحد الأفئدة فؤاد.

{ إِنَّهَا عَلَيْهِم مُّؤْصَدَةٌ }
{إِنَّهَا عَلَيْهِم مُّؤْصَدَةٌ} [8]
خبر "إن" يقال: آصَدْتُ أُوصِدُ فمن قال: أوْصَدْتُ قال: موصَدَةٌ فلم يهمز، ومن قال:/ 333/ أ آصَدْتُ قال: مُؤصَدَةٌ، وجاز أن يخفّفَ الهمزة فيقول: مُوْصَدةٌ واللغتان حسنتان كثيرتان، وكذا أكَّدتُ ووكَدتُ وهو التأكيد والتوكيد، وكذا أَرَّخْتُ وَورَّختُ وهو التأريخ والتوريخ، وأكفت وأوكفتُ وهو الاكافُ والوِكافُ.

اعراب آيات سورة ( الهمزة )
{ فِي عَمَدٍ مُّمَدَّدَةِ }
{فِي عُمُدٍ..} [9]
هكذا روي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه وابن مسعود وزيد بن ثابت وهي قراءة عاصم ويحيى بن وثاب والأعمش وحمزة والكسائي، وقرأ المدنيون وأبو عمرو {فِي عَمَدٍ} واذا جاء الشيء على هذا الاجتماع حُظِرَ في الديانة أن يقال: احداهما أولى من الأخرى. وأجود ما قيل هكذا أُنزِلَ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم "أُنزِلَ القرآنُ على سبعةِ أحرُفٍ كلها شافٍ كافٍ" ولكن تلخّص القراءات من العربية فيقال: عَمُودٌ وعُمُدٌ فهكذا فَعُولٌ وفعِيلٌ وفِعَالٌ يُجمعْنَ على فُعُلٍ نحوُ كتابِ وكُتُبٍ ورَغيفٍ ورُغُفٍ، وقد قالوا: أديمٌ وأُدُمٌ، وهذا كعمود وعُمُد اسم للجميع لا جمع على الحقيقة وكذا أفيقُ وأُفُقٌ واهابٌ وأُهُبٌ ونِعيمٌ ونُعُمٌ، وقال: خادم وخَدَمٌ فأما معنى "فِي عَمَدٍ" فقد تكلَّم فيه أهل التفسير وأهل العربية. قال عطاء الخراساني يعني عمداً من نار ممددة عليهم، وقال ابن زيد: "فِي عَمَدٍ مُّمَدَّدَةٍ" أي هم مغلَّلون بعمد من حديد قد احترقت فصارت ناراً، وقيل: تُوصَدُ عليهم الأبواب أي تُطبقُ ويقام عليها عمدٌ من حديد ليكون ذلك أشدّ ليأسهم من الخروج، وقيل "فِي عَمَدٍ" أي بينَ عَمَدٍ، كما تقول: فلان في القوم أي بينَهُمْ، وقيل مع عمَدٍ، كما قال:
وَهَلْ ينعَمَنْ مَنْ كانَ آخرُ عَهْدِهِ * ثَلاثينَ شَهْراً في ثلاثةِ أحْوَالِ
أي معَ، وسمعتُ علي بن سليمان يقول: "في" على بابها أي ثلاثين شهراً داخلةً في ثلاثة أحوال. قال أبو جعفر؛ ومن أجَلِّ ما يُروَى في الآية ما يُروَى عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: أَتَدرُونَ كيفَ أبوابَ النار؟ قلنا: مثل أبوابنا هذه فقال: لا، إنّ بعضها فوقَ بعضٍ "مُّمَدَّدَةٍ" بالخفض نعت لعَمَدٍ، وبالرفع نعت لموصدة أو خبر بعد خبر.


اعراب آيات سورة ( العصر )
{ وَٱلْعَصْرِ }
{وَٱلْعَصْرِ} [1]
التقدير ورَبِّ العصر. ويدخل فيه كلُّ ما يسمى بالعصر؛ لأنه لم يقع اختصاص تقوم به حجة فالعصر الدهر، والعصر العشي، والعصر الملجأ.

{ إِنَّ ٱلإِنسَانَ لَفِى خُسْرٍ }
{إِنَّ ٱلإِنسَانَ لَفِى خُسْرٍ} [2]
الانسان بمعنى الناس، والخسر دخول النار، فهو أكبرُ الخُسْرانِ.

{ إِلاَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْاْ بِٱلْحَقِّ وَتَوَاصَوْاْ بِٱلصَّبْرِ }
{إِلاَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ..} [3]
"ٱلَّذِينَ" في موضع استثناء من موجب {آمَنُواْ} صلته، وكذا {وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْاْ بِٱلْحَقِّ وَتَوَاصَوْاْ بِٱلصَّبْرِ} لأنه معطوف.


اعراب آيات سورة ( التكاثر )
{ أَلْهَاكُمُ ٱلتَّكَّاثُرُ * حَتَّىٰ زُرْتُمُ ٱلْمَقَابِرَ }
{أَلْهَاكُمُ ٱلتَّكَّاثُرُ} [1] {حَتَّىٰ زُرْتُمُ ٱلْمَقَابِرَ} [2]
أصوب ما قيل في معناه أنّ المعنى ألهَاكُمُ التكاثر عن طاعة الله جل وعز الى أن صرتم الى المقابر فدُفِنتُمْ، ودلَّت هذه الآية على عذاب القبر؛ لا بعدها {كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ} [3] أي اذا صرتم الى المقابر. وَرُوِيَ عن زر عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه نزل في عذاب القبر ألهاكم التكاثر، وقرأ الى {كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ}. قال الفراء: واحد المقَابِرِ مَقْبَرَةٌ ومَقْبُرَةٌ وبعض أهل الحجاز يقول: مَقبِرَةٌ، وقد سمعتُ مَشْرَقةٌ ومَشرُقَةً ومَشْرقَةً.

{ كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ * ثُمَّ كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ }
{كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ} [3] {ثُمَّ كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ} [4]
تكرير عند الفراء. وأحسن منه ما قاله الضحاك قال: الأولى للكفار، وذَهَبَ الى أن الثانية للعصاة من المؤمنين.

{ كَلاَّ لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ ٱلْيَقِينِ }
{كَلاَّ لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ ٱلْيَقِينِ} [5]
مصدر، وحذف جواب لو. والتقدير لو تعلمون أنكم ترَونَ الجحيم لما تكاثرتم في الدنيا بالأموال وغيرها. قال الكسائي: جواب "لو" في أول السورة أي لو تعلَمُونَ عِلْمَ اليَقِينِ ما ألهاكم التكاثر وقرأ الكسائي {لَتَرَوُنَّ..} [6] بضمّ التاء. حكاه أبو عُبَيْدٍ عنه، وقرىء على ابراهيم بن موسى عن محمد بن الجهم عن أبي عبدالرحمن عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه [أنََهُ قرأ {لَتُرَوُنَّ ٱلْجَحِيمَ ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا} الأولى بضمّ التاء والثانية بفتحها]. قال أبو جعفر: والأولى عند الفراء وأبي عبيد فتحها، لأن التكرير يكون متفقاً. قال أبو جعفر: والأحسن ألا يكون تكريراً، ويكون المعنى لتَروُنَّ الجحيم في موقف القيامة.


اعراب آيات سورة ( التكاثر )
{ ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ ٱلْيَقِينِ }
{ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا..} [7]
إذا دخلتم {عَيْنَ ٱلْيَقِينِ} مصدر؛ لأن المعنى لتعايننّها عياناً.

{ ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ ٱلنَّعِيمِ }
{ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ ٱلنَّعِيمِ} [8]
قيل: أي عن النعيم الذي شغل عن طاعة الله جل وعز. وظاهر الكلام يدلّ على أنه عام؛ وأنَّ الانسان مسئول عن كل نعيم تنَعَّم به في الدنيا من أَيْنَ اكتسبه؟ وما قَصَدَ به؟ وهل فَعَلَ ما غيرُهُ أولى مِنْهُ؟ ويسند الظاهر للأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه كما قرىء على محمد بن جعفر ابن حفص عن يوسف بن موسى قال: حدثنا هشام بن عبدالملك قال: حدثنا حمَّادُ بن سَلَمَةَ قال: حدثنا عمَّارُ بن أبي عمَّار قال: سمعت جابر بن عبدالله يقول: جاءني النبيّ صلى الله عليه وسلم فأخرجنا أو قدمنا اليه رُطَباً أو بسراً وماء فقال "هذا من النَّعيمِ الذي تُسألُونَ عنهُ" وحدثنا علي بن الحسين عن الحسن بن محمد قال: حدثنا داود بن مهران عن داود بن عبدالرحمن عن محمد بن عيثم عن ابن عباس ثم {لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ/ 332/ ب عَنِ ٱلنَّعِيمِ} قال: الأمن والصحَّة.


اعراب آيات سورة ( القارعة )
{ ٱلْقَارِعَةُ }
{ٱلْقَارِعَةُ..} [1]
مرفوعة بالابتداء والخبر في الجملة وقيل: هي مرفوعة بإضمار فعل والتقدير ستأتي القارعة. روى ابن أبي طلحة عن ابن عباس "ٱلْقَارِعَةُ" من أسماء القيامة عظَّمَ الله وحذَّرَ منه.
قال أبو جعفر: {وَمَآ أَدْرَاكَ مَا ٱلْقَارِعَةُ} [3] تعظيم لها ونصب "يَومَ": ستأتي على قول من أضمره، ومن لم يضمره فالتقدير عنده: القارعة.

{ يَوْمَ يَكُونُ ٱلنَّاسُ كَٱلْفَرَاشِ ٱلْمَبْثُوثِ }
{يَوْمَ يَكُونُ ٱلنَّاسُ كَٱلْفَرَاشِ ٱلْمَبْثُوثِ} [4]
الكاف في موضع نصب خبر يكون، وكذا {وَتَكُونُ ٱلْجِبَالُ كَٱلْعِهْنِ ٱلْمَنفُوشِ} [5] وفي قراءة عبدالله (كالصوف) والعِهْنُ جمْعُ عِهنَةٍ.

{ فَأَمَّا مَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ }
{فَأَمَّا مَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ} [6]
"مَنْ" في موضع رفع بالابتداء والجملة الخبر. قال الفراء: موازينه أي وَزْ


اعراب آيات سورة ( القارعة )
{ فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ }
{فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ} [7]
قال مجاهد: يرضى بها. قال أبو جعفر: التقدير في العربية ذَاتِ رِضًى على النسب.

{ وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ * فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ }
{وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ} [8] {فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ} [9]
قول الأخفش: إن معنى أمه مُستقرّهُ، وهاوية نَارٌ وأنشد:
هَوَتْ أمّهُ ما يبعَثُ الصُّبْحَ غادِياً * وماذا يُؤَدِّي اللَّيلُ حِينَ يَؤُوبُ
وقال غيره: "فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ" أصله هاوٍ أي هالك لأن أمّ الشيء أصله/ 332/ أ ومعظمه ومنه قيل للحمد: أمّ القرآن، ومنه قول الشاعر:
لأُم الأرضِ وَيْلٌ ما أجَنَّتْ * غَدَاةَ أضَرَّ بالحَسَنِ السَّبِيلَ

{ وَمَآ أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ }
{وَمَآ أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ} [10]
جيءَ بالهاء لأن من العرب من يقول: هِيْ بإسكان الياء فتثبت الهاء على لغة من حرَّكها ليفرق بينَها وبينَ لغة من أسكَنَ فإنْ وصلت لم يجز إثبات الهاء؛ لأن الحركة قد تثبت، والصواب أن يُوقفَ عليه يتَّبِعُ السواد ولا يَلحَنُ، وسمِعتُ علي بن سليمان يقول: من قال: أصل وأُريد الوُقُوفَ فقد أخطأ؛ لأنه يلزمه أن لا يُعرِبَ الأسماء في الادراج ويُريدُ الوقوف. قال أبو جعفر: وهذا حجَّةٌ بيّنة صحيحة.


اعراب آيات سورة ( القارعة )
{ نَارٌ حَامِيَةٌ }
{نَارٌ حَامِيَةٌ} [11] بإضمار مبتدأ.
اعراب آيات سورة ( العاديات )
{ وَٱلْعَادِيَاتِ ضَبْحاً }
{وَٱلْعَادِيَاتِ..} [1]
خفض بواو القسم. وللعلماء في معناها قولان: رَوَى مجاهد وعكرمة عن ابن عباس أنها الخيل، وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: إنها الابل وكذا قال ابن مسعود، وروى سعيد بن جبير عن ابن عباس سألني رجل عن {وَٱلْعَادِيَاتِ ضَبْحاً} فقلت: هي الخيل، فمضى الى علي بن أبي طالب فأخبره فبعث لي فأحضرني فقال لي: أتتكلّمُ في كتاب الله بغير علم؟ والله ان أول غزوة كانت لبدر، وما كان معنا إلاّ فرَسَانِ فَرسٌ للزبير وفَرَسٌ للمقداد ابن الأسود إنَّما العاديات مِنْ عَرَفَةٍ الى المُزدلِفَةِ، [ومنَ المزدلفَةِ] الى منىً. ونظير هذا ما حدّثناه البهلول بن اسحاق بن البهلول بن حسان ثنا اسماعيل بن أبي أويسٍ ثنا كثير بن عبدالله المزنيّ قال: كنتُ عند محمد بن كعب القُرظيّ فجاءه رجل فقال يا أبا حمزة اني رجل صَرُورَةٌ لم أحجج قط فعلّمني مما علَّمك الله سبحانه. قال: أتقرأ القرآن؟ قال: نعم. قال: فاستفتح فاقرأ بسم الله الرحمن الرحيم خمس آيات {وَٱلْعَادِيَاتِ ضَبْحاً. فَٱلمُورِيَاتِ قَدْحاً. فَٱلْمُغِيرَاتِ صُبْحاً. فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً. فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً} [1 - 5] أتدري ما هذا؟ قال: لا. قال: "وَٱلْعَادِيَاتِ ضَبْحاً" الرفع من عَرَفةَ "فَٱلمُورِيَاتِ قَدْحاً" الى المُزدَلِفَةِ "فَٱلْمُغِيرَاتِ صُبْحاً" لا تغير حتى تصبح "فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً" "فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً" يوم منى. قال أبو جعفر: اختلف العلماء في معنى "فَٱلمُورِيَاتِ قَدْحاً" فمذهب علي بن أبي طالب وابن مسعود أنها الإبلُ، وروى مجاهد وعكرمة عن ابن عباس قال: الناس يورون النار ليراها غيرهم، وروى غيرهما عن ابن عباس الخيل،/ 331/ ب وقال قتادة: الخيل تشعل الحرب، وقال عكرمة: الموريات الألسن. قال أبو جعفر: ولا دليل يدلّ على تخصيص شيء من هذه الأقوال فالصواب أن يقال ذلك لكل من أورى على أن المعنى واحد اذا كان التقدير ورَبّ العاديات ونَصبتَ "ضَبْحاً" لأنه مصدر في موضع الحال. وعن ابن عباس الضَّبْحُ نَفْخُهَا بمشافرها. ونصبتَ "قدحاً" على المصدر؛ لأن معنى "فَٱلمُورِيَاتِ" فالقادحات "فَٱلْمُغِيرَاتِ" عن ابن عباس أنها الخيل وعن ابن مسعود أنها الإبل "ضَبْحاً" ظرف زمان "فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً" قال الفراء: الهاء كناية عن الوادي، ولم يَتقَدَّمْ له ذكر؛ لأنه قد عُرِفَ المعنى، وروى أبو الجوزاء عن ابن عباس: النقع الغبار. وَسَطْنَ وَوَسَّطنَ وتَوَسَّطنَ واحد. وعن ابن عباس "فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً" من العدو. عن ابن مسعود "جَمْعاً" المزدلفة.

{ إِنَّ ٱلإِنسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ }
{إِنَّ ٱلإِنسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ} [6] أهل التفسير على أن معناه لكفُورٌ أي كفُورٌ لِنعَمهِ. قال الحسن: يتسخَّطُ على ربه جل وعز ويلومه فيما يلحقه من المصائب، وينسى النعَمَ.

{ وَإِنَّهُ عَلَىٰ ذَلِكَ لَشَهِيدٌ }
{وَإِنَّهُ..} [7] أي وإن ربه {عَلَىٰ ذَلِكَ لَشَهِيدٌ}.


اعراب آيات سورة ( العاديات )
{ وَإِنَّهُ لِحُبِّ ٱلْخَيْرِ لَشَدِيدٌ }
{وَإِنَّهُ..} [8] أي وإن الانسَان {لِحُبِّ ٱلْخَيْرِ لَشَدِيدٌ} في معناه أقوال: قيل: لشديد القوى، وقول الفراء: أن المعنى أن الانسان للخير لشديد الحب فالتقدير عنده إنه لحُبّ الخير لشديد الحب ثم حذف ما بعد شديد، والقول الثالث سَمِعتُ علي بن سليمان يقول كما تقول: أنا أُكرِمُ فلاناً لكَ أي من أجلك أي وإنه من أجل حُبِّ الخيرِ أي المال لشديد أي لبخيل.

{ أَفَلاَ يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي ٱلْقُبُورِ }
{أَفَلاَ يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي ٱلْقُبُورِ} [9]
لا يجوز أن يعمل في "إِذَا" "يَعْلَمُ" ، ولا "لَّخَبِيرٌ"، ولكن العامل فيها عند محمد بن يزيد "بُعْثِرَ"، وروى علي بن أبي طلحة عن ابن عباس:

{ وَحُصِّلَ مَا فِي ٱلصُّدُورِ }
{وَحُصِّلَ مَا فِي ٱلصُّدُورِ} [10] يقول أبرز.



اعراب آيات سورة ( العاديات )
{ إِنَّ رَبَّهُم بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّخَبِيرٌ }
{إِنَّ رَبَّهُم بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّخَبِيرٌ} [11]
كُسِرَتْ "إنّ" من أجل اللام. حكى علي بن سليمان عن محمد بن يزيد أنه يجوز فتحها مع اللام؛ لأنها زائدة، دخولها كخروجها الاّ أنها أفادت التوكيد.

I'rab Surat ar Ra'd

Agus Subandi,Drs.MBA

اعراب آيات سورة ( الرعد )
{ الۤمۤر تِلْكَ آيَاتُ ٱلْكِتَابِ وَٱلَّذِيۤ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ ٱلْحَقُّ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يُؤْمِنُونَ }
{الۤمۤر تِلْكَ آيَاتُ ٱلْكِتَابِ..} [1]
ابتداء وخبر، ويجوز أن يكون التقدير هذا الذي أنزل اليك تلك آيات الكتاب التي وعدت بها {وَٱلَّذِيۤ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ ٱلْحَقُّ} ابتداء وخبر، ويجوز أن يكونَ الذي عطفاً على آيات في موضع رفع ويكون الحق مرفوعاً نعتاً للذي أو على اضمار مبتدأ. ويجوز أن يكون الذي في موضع خفض عطفاً على الكتاب ويكون الحق رفعاً على اضمار مبتدأ، ويجوز خفضه يكون نعتاً للذي {وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يُؤْمِنُونَ} أي بعد وضوح الآيات.

{ ٱللَّهُ ٱلَّذِي رَفَعَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ ٱسْتَوَىٰ عَلَى ٱلْعَرْشِ وَسَخَّرَ ٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لأَجَلٍ مُّسَمًّـى يُدَبِّرُ ٱلأَمْرَ يُفَصِّلُ ٱلآيَاتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقَآءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ }
{ٱللَّهُ ٱلَّذِي رَفَعَ ٱلسَّمَاوَاتِ..} [2]
ابتداء وخبر أي ولا بدّ لها من رافع فهذا من الآيات {بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا} يكون "ترونها" في موضع نصب على الحال أي رفع السماوات مرئيَّة بغير عمد، ويجوز أن يكون مستأنفاً أي رفع السموات بغير عمد ثم قال أنتم ترونها، ويجوز أن يكون "ترونها" في موضع خفض أي بغير عمد مرئيةٍ أي لو كانت بعمد لرأيتموها لكثافة العمد.

{ وَهُوَ ٱلَّذِي مَدَّ ٱلأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِىَ وَأَنْهَاراً وَمِن كُلِّ ٱلثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ ٱثْنَيْنِ يُغْشِى ٱلَّيلَ ٱلنَّهَارَ إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ }
{وَهُوَ ٱلَّذِي مَدَّ ٱلأَرْضَ..} [3]
ابتداء وخبر فدلّ على قدرته جل وعز في الأرض بَعدَ أن دلّ عليها في السماء. {وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ} حُرِّكَتْ الياء في موضع النصب لخفة الفتحة ولم تنصرف لأنها قد صارت بمنزلة السالم. {أن تَميدَ بِكُمْ} في موضع نصب أي كراهة أن تميد بكم.

اعراب آيات سورة ( الرعد )
{ وَفِي ٱلأَرْضِ قِطَعٌ مُّتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِّنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَىٰ بِمَآءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَىٰ بَعْضٍ فِي ٱلأُكُلِ إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ }
{وَفِي ٱلأَرْضِ قِطَعٌ مُّتَجَاوِرَاتٌ..} [4]
ابتداء وخبر، ودلّ بهذا على قدرته جل وعز {وَجَنَّاتٌ مِّنْ أَعْنَابٍ} عطف، ويجوز و "جناتٍ"/ 112 أ/ على "وَجَعَلَ فيها جناتٍ"، ويجوز أن يكون في موضع خفض عطفاً على كلّ {وَزَرْعٍ وَنَخِيلٍ صِنْوَانٍ وَغَيْرِ صِنْوَانٍ} بالخفض قراءة أهل المدينة وأهل الكوفة، وقرأ أبو عمرو وابن كثير {وَزَرعٌ} بالرفع وما بعده مثله. قال الأصمعي: قلت لأبي عمرو بن العلاء كيف لا تقرأ "وَزرعٍ" بالجر؟ فقال: الجنات لا تكون من الزرع. قال أبو جعفر: هذا الذي قاله أبو عمرو رحمه الله لا يلزم من قرأ بالجر لأنّ بعده ذكر النخيل واذا اجتمع مع النخيل الزرعُ قيل لهما: جنة، وحُكِيَ عن محمد بن يزيد أنه قال "وَزَرْعٍ وَنَخِيلٍ" بالخفض أولى لأنه أقرب اليه واحتج بحكاية سيبويه: خَشَّنْتُ بِصَدرِهِ وصَدْرِ زيدٍ، وأنّ الجر أولى من النصب لقربه منه كذا "وزرعٍ" أولى لقربه من أعناب، "صنوانٌ" جَمعُ صِنْوٍ مثل نِسوَةٍ ونِسْوان وَقِنوٍ وقِنوان، وحكى سيبويه قُنْوان، وقال الفراء: "صُنْوَان" بالضمّ لغة تميم وقيس والكسر لغة أهل الحجاز، فان جمعت صِنواً في أقلّ العدد قلتَ: أصناء والكثيرة صُنِيٌ وصِنِيّ. وقرأ الحسن وعاصم وحُمَيْدُ وابن مُحَيْصِنٍ {يُسْقَىٰ} بالياء على تذكير النبت أو الجمع، واحتجّ أبو عمرو للتأنيث بأن بعده {وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا} ولم يقل بعضَهُ. قال أبو جعفر: وهذا احتجاج حَسَنٌ، وقرأ أهل الحرمين وأهل البصرة {ونُفَضِّلُ} بالنون، وقرأ أهل الكوفة إلا عاصماً {ويفضِّل} بالياء قال أبو عبيدٍ ونفضّل على الاستئناف، ويفضّل على أول السورة. وهذا شيء قد تقدّم وانفصل بقوله عز وجل "وَفِي ٱلأَرْضِ قِطَعٌ مُّتَجَاوِرَاتٌ". قال أبو جعفر: وهذا احتجاج حَسَنٌ {إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} في موضع خفض أي عقلاء.

{ وَإِن تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَإِذَا كُنَّا تُرَاباً أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ أُوْلَـٰئِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ وَأُوْلَئِكَ ٱلأَغْلاَلُ فِيۤ أَعْنَاقِهِمْ وَأُوْلَـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدونَ }
{وَإِن تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ..} [5]
أي فيجب أن يَعجَبَ من قولهم العقلاء لأنه جَهلٌ اذ كان الله جل وعز قد دلَّهم على قدرته وأراهم من آياته ما هو أعظم من إحياء الموتى. و "عجب" مرفوع يُنَوى فيه التأخير على خبر المبتدأ {أَإِذَا كُنَّا تُرَاباً} العامل في "إذا" كنا لأنه لا يجوز أن يعمل ما بعد إنّ فيما قبلها فاذن قرأ "أإِنّا" فالعامل "إذا" فعل محذوف والتقدير أَنُبعَثُ اذا. {أُوْلَـٰئِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ} أي من سأل عن البعث سؤال مُنكرٍ له بعد البراهين فقد كَفَر ونظير هذا {ما يُجادِلُ في آيات اللهِ إلاّ الذينَ كفروا} أي جِدَالَ منكر. والجملة خبر الأول {وَأُوْلَـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ} مبتدأ وخبر.

{ وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِٱلسَّيِّئَةِ قَبْلَ ٱلْحَسَنَةِ وَقَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِمُ ٱلْمَثُلاَتُ وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِّلنَّاسِ عَلَىٰ ظُلْمِهِمْ وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ ٱلْعِقَابِ }
{وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِٱلسَّيِّئَةِ قَبْلَ ٱلْحَسَنَةِ..} [6]
قال قتادة: بالعقوبة قبل العافية قال أبو اسحاق: هو من قولهم: اللَّهُمّ ان كان هذا هو الحقّ من عندك فأمطر علينا حجارةً من السماء أو ائتنا بعذاب أليم. {وَقَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِمُ ٱلْمَثُلاَتُ} قد ذكرنا ما فيه قال الفراء: بنو تميم يقولون: مثْلاَتٌ بسكون الثاء {وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِّلنَّاسِ عَلَىٰ ظُلْمِهِمْ} رُوِي عن ابن عباس أنه قال: ليس في القرآن أرجأ من هذه.
اعراب آيات سورة ( الرعد )
{ وَيَقُولُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْلاۤ أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ إِنَّمَآ أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ }
{وَيَقُولُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْلاۤ أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ..} [7]
وإنما قالوا هذا بعد ظهور الآيات والبراهين على التعنّتِ والتَّهزُّء فقال الله جل وعز: {إِنَّمَآ أَنتَ مُنذِرٌ} أي تنذرهم العذاب لكفرهم بعد البراهين {وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ} قد ذكرنا قول أهل التفسير فيه، وفيه تقديران في العربية: يكون هاد معطوفاً على منذر، وهذا من أحسن ما قيل فيه لأن المنذر هو الهادي إلى الله جل وعز، والتقدير إنما أنت منذر هادٍ، والتقدير الآخر أن يكون مرفوعاً بالابتداء، والتقدير ولكل قوم نبيٌّ هادٍ.

{ ٱللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنثَىٰ وَمَا تَغِيضُ ٱلأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِندَهُ بِمِقْدَارٍ }
{ٱللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنثَىٰ..} [8]
ابتداء وخبر، و كذا {وَكُلُّ شَيْءٍ عِندَهُ بِمِقْدَارٍ}.

{ عَالِمُ ٱلْغَيْبِ وَٱلشَّهَادَةِ ٱلْكَبِيرُ ٱلْمُتَعَالِ }
{عَالِمُ ٱلْغَيْبِ..} [9]
نعت، وإن شئتَ على اضمار مبتدأ، وإن شئت بالابتداء وما بعده/ 112 ب/ خبره ويجوز في الاعراب النصب على المدح والخفض على البدل و {ٱلْكَبِيرُ} الملِك المقتدر على كل شيء و {ٱلْمُتَعَالَ} المستعلي على كل شيء، وحذفت الياء لأنه رأس آية.
اعراب آيات سورة ( الرعد )
{ سَوَآءٌ مِّنْكُمْ مَّنْ أَسَرَّ ٱلْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِٱلَّيلِ وَسَارِبٌ بِٱلنَّهَارِ }
{سَوَآءٌ مِّنْكُمْ..} [10]
مرفوع يُنوَى به التأخير. قال أبو اسحاق: والتقدير ذو سواء، كما يقال: رَجُلٌ عَدلٌ، وقيل: سواء بمعنى مُسْتَوٍ وهو مرفوع بالابتداء. قال أبو اسحاق: ولا يجوز عند سيبويه هذا لأنه لا يُبتَدَأ بنكرةٍ. قال أبو جعفر: والمعنى أنه يستوي عند الله جل وعز هؤلاء وعِلمُهُ بهم واحد، وقال حسان:
فَمَنْ يَهجُو رَسُولَ اللهِ منكم * وَيَمدَحُهُ وَيَنْصُرُهُ سَوَاءُ
أي بمنزلته عند الله جل وعز.

{ لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ ٱللَّهِ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ ٱللَّهُ بِقَوْمٍ سُوۤءًا فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ }
{لَهُ مُعَقِّبَاتٌ..} [11]
جَمعُ مُعَقِّبةٍ والهاء للمبالغة ولهذا جاز {يَحْفَظُونَهُ} على التذكير {مِنْ أَمْرِ ٱللَّهِ} أي حفظهم إياه من أمر الله جل وعز أمرهم أن يحفظوه مما لم يقدر عليه وقيل المعنى أن المعقبات من أمر الله جل وعز وهذان الجوابان على قول من قال: إنّ المعقّبات الملائكة وأما من قال: ان المعقّبات الشُّرَطُ فالمعنى عنده يحفظونه من أمر الله على قولهم. {إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ} فيه قولان: أحدهما أن المعنى أن الله لا يغير ما بإِنسان من نعمة وكرامة ابتدأ بها بأن يعاقبه أو يعذبه الا أن يغيّر ما بنفسه، والقول الآخر أن الله جل وعز لا يغير ما بقوم مؤمنين صالحين فيسميهم كافرين فاسقين الا أن يفعلوا ما يوجب ذلك ولا يأمر بإذلالهم الا أن يغيِّروا ما بأنفسهم: {وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوۤءًا فَلاَ مَرَدَّ لَهُ} فَحَذَّرَهُمُ الله جل وعز بعد أن أعلَمَ أنَّه يعلم سرائرهم وما يخفون. {وَمَا لَهُمْ مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ} أي من وَليٍّ ينصرهم ويمنع منهم.

{ هُوَ ٱلَّذِي يُرِيكُمُ ٱلْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً وَيُنْشِىءُ ٱلسَّحَابَ ٱلثِّقَالَ }
{هُوَ ٱلَّذِي يُرِيكُمُ ٱلْبَرْقَ..} [12]
ابتداء وخبر {خَوْفاً وَطَمَعاً} على المصدر. وقول أهل التفسير خوفاً للمسافر وطَمَعا للحاضر على الأكثر. وحقيقته على العموم لكل من خاف أو طَمِعَ {وَيُنْشِىءُ ٱلسَّحَابَ ٱلثِّقَالَ} جمع سحابة فلهذا نُعِتَ بالثقال.
اعراب آيات سورة ( الرعد )
{ وَيُسَبِّحُ ٱلرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَٱلْمَلاَئِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَيُرْسِلُ ٱلصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَن يَشَآءُ وَهُمْ يُجَٰدِلُونَ فِي ٱللَّهِ وَهُوَ شَدِيدُ ٱلْمِحَالِ }
{وَيُسَبِّحُ ٱلرَّعْدُ بِحَمْدِهِ..} [13]
أهل التفسير يقولون: الرعدُ اسمُ مَلَكٍ فهذا حقيقة، وقيل؛ أنَّه مجاز [وانه الصوت فيكون معنى يسبح يدلُّ على تنزيه الله جل وعز عن الأشباه فنسب التسبيح اليه مجازاً].

{ لَهُ دَعْوَةُ ٱلْحَقِّ وَٱلَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ لاَ يَسْتَجِيبُونَ لَهُم بِشَيْءٍ إِلاَّ كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى ٱلْمَآءِ لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ وَمَا دُعَآءُ ٱلْكَافِرِينَ إِلاَّ فِي ضَلاَلٍ }
{.. وَمَا دُعَآءُ ٱلْكَافِرِينَ..} [14]
أي وما دعاء الكافرين الأوثان {إِلاَّ فِي ضَلاَلٍ} عن الصواب وعن الانتفاع بالإجابة.

{ وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَظِلالُهُم بِٱلْغُدُوِّ وَٱلآصَالِ }
{وَللَّهِ يَسْجُدُ مَن فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ..} [15]
قد تكلَّمَ العلماء في معنى هذا، ومن أحسن ما قيل أنّ السجود ها هنا الخضوع لتدبير الله جل وعز وتصريفه من صحَّةٍ وسقَمٍ وغيرهما {طَوْعاً وَكَرْهاً} أي ينقادون على ما أَحبّوا أو كرهوا لا حيلة لهم في ذلك، وظِلالُهُم أيضاً منقادة لتدبير الله جل وعز واجرائه الشمس بزيادة الظل ونقصانِهِ وزواله بتصرّفٍ الزمان وَجَرْيِ الشمس على ما دبَّره جل وعز.
اعراب آيات سورة ( الرعد )
{ قُلْ مَن رَّبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ قُلِ ٱللَّهُ قُلْ أَفَٱتَّخَذْتُمْ مِّن دُونِهِ أَوْلِيَآءَ لاَ يَمْلِكُونَ لأَنْفُسِهِمْ نَفْعاً وَلاَ ضَرّاً قُلْ هَلْ يَسْتَوِي ٱلأَعْمَىٰ وَٱلْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي ٱلظُّلُمَاتُ وَٱلنُّورُ أَمْ جَعَلُواْ للَّهِ شُرَكَآءَ خَلَقُواْ كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ ٱلْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ ٱللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ ٱلْوَاحِدُ ٱلْقَهَّارُ }
{.. هَلْ يَسْتَوِي ٱلأَعْمَىٰ وَٱلْبَصِيرُ..} [16]
أي المؤمن والكافر {أَمْ هَلْ تَسْتَوِي ٱلظُّلُمَاتُ وَٱلنُّورُ} أي الكفر والإِيمان.

{ أَنَزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَٱحْتَمَلَ ٱلسَّيْلُ زَبَداً رَّابِياً وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي ٱلنَّارِ ٱبْتِغَآءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِّثْلُهُ كَذٰلِكَ يَضْرِبُ ٱللَّهُ ٱلْحَقَّ وَٱلْبَاطِلَ فَأَمَّا ٱلزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَآءً وَأَمَّا مَا يَنفَعُ ٱلنَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي ٱلأَرْضِ كَذٰلِكَ يَضْرِبُ ٱللَّهُ ٱلأَمْثَالَ }
{.. فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا..} [17]
قال أهل التفسير: أي بقدر ملئها، وقيل: ما قُدِّرَ لها {فَٱحْتَمَلَ ٱلسَّيْلُ زَبَداً رَّابِياً} تم الكلام ثم قال جل وعز {وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي ٱلنَّارِ ٱبْتِغَآءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ} رفع بالابتداء عند البصريين، وقال الكسائي: ارتفع لأن معناه مما توقدون عليه في النار زبد، قال: وهو الغثاء. وقد غَثَى يَغْثي غَثْياً وغَثَياناً وهو ما لا ينتفع به مِثلُهُ أي مثل زبَدِ البحر {كَذٰلِكَ} في موضع نصب، {فَأَمَّا ٱلزَّبَدُ} أي من هذه الأشياء {فَيَذْهَبُ جُفَآءً} على الحال من قولهم: انجَفَأتِ القدرُ إِذا رَمَتْ بِزَبَدِها، وهو الغثاء أيضاً.

{ لِلَّذِينَ ٱسْتَجَابُواْ لِرَبِّهِمُ ٱلْحُسْنَىٰ وَٱلَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُواْ لَهُ لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَّا فِي ٱلأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لاَفْتَدَوْاْ بِهِ أُوْلَـٰئِكَ لَهُمْ سُوۤءُ ٱلْحِسَابِ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ ٱلْمِهَادُ }
{لِلَّذِينَ ٱسْتَجَابُواْ لِرَبِّهِمُ ٱلْحُسْنَىٰ..} [18]
في موضع رفع يجوز أن يكون التقدير جَزَاءُ الحسنى، وقيل: هو اسم للجنة. أولئك لهم سواء الحساب والمناقشة والتوبيخ واحباط الحسنات بالسيئات.
اعراب آيات سورة ( الرعد )
{ ٱلَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ ٱللَّهِ وَلاَ يَنقُضُونَ ٱلْمِيثَاقَ }
{ٱلَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ ٱللَّهِ..} [20]
في موضع رفع على البدل من قوله جل وعز {إِنّما يَتَذكّر أُولُوا الألبابِ}.

{ وَٱلَّذِينَ يَصِلُونَ مَآ أَمَرَ ٱللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الحِسَابِ }
{وَٱلَّذِينَ يَصِلُونَ مَآ أَمَرَ ٱللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ..} [21]
أي يصلون أرحامهم ومن/ 113 أ/ أمر الله جل وعز باكرامه واجلاله من أهل الطاعة.

{ وَالَّذِينَ صَبَرُواْ ٱبْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلاَةَ وَأَنْفَقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلاَنِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِٱلْحَسَنَةِ ٱلسَّيِّئَةَ أُوْلَـٰئِكَ لَهُمْ عُقْبَىٰ ٱلدَّارِ }
{.. وَيَدْرَءُونَ بِٱلْحَسَنَةِ ٱلسَّيِّئَةَ..} [22]
أي يدفعون، إذا هَمُّوا بالسّيئة فَكّروا فارتدعوا ودفعوها بالاستغفار والاقلاع. وهذا حسن من الفعل، وينهون أيضاً عن المنكر بالموعظة أو بالغِلْظَةِ فهذا كلّه حَسَنٌ. {أُوْلَـٰئِكَ لَهُمْ عُقْبَىٰ ٱلدَّارِ}.
اعراب آيات سورة ( الرعد )
{ جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالمَلاَئِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِّن كُلِّ بَابٍ * سَلاَمٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَىٰ ٱلدَّارِ }
{جَنَّاتُ عَدْنٍ..} [23]، [24]
بدل من عقبى {يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ} وهذا من مشكل النحو لأن أكثر النحويين يقولون: ضَربتُهُ وزيدٌ، قبيح حتى يؤكد المضمر. فتكلم النحويون في هذا حتى قال جماعة منهم قمتُ وزيدٌ، جيد بالف لأن هذا ليس بمنزلة المجرور لأن المجرور لا ينفصل بحال، وكان أبو اسحاق يذهب الى أن الأجود: قُمتُ وزيداً بمعنى معاً إِلاَّ أن يطول الكلام فتقول: قُمتُ في الدارِ وزَيْدٌ، وضربتكَ أمسِ وزَيدٌ وان شئت نصبتَ. وإِنما ينظر في هذا الى ما كان منفصلاً فَيُشبّهُ بالتوكيدِ. قال أبو جعفر: يجوز عندي - والله أعلم - أن يكون "مَنْ" في موضع رفع ويكون التقدير أولئك ومن صَلَحَ من آبائهم وأزواجهم وذرّياتهم لهم عقبى الدار. {وَالمَلاَئِكَةُ} ابتداء {يَدْخُلُونَ} في موضع الخبر، والتقدير يقولون {سَلاَمٌ عَلَيْكُم}.

{ وَيَقُولُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ قُلْ إِنَّ ٱللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَآءُ وَيَهْدِيۤ إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ }
{وَيَقُولُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ..} [27]
هذا أيضاً على التعنّت بعد أن رأوا الآيات.

{ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ ٱللَّهِ أَلاَ بِذِكْرِ ٱللَّهِ تَطْمَئِنُّ ٱلْقُلُوبُ }
{ٱلَّذِينَ آمَنُواْ..} [28]
في موضع نصب على البدل من {مَنْ} {وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ ٱللَّهِ} أي بوعده. {أَلاَ} تنبيه {بِذِكْرِ ٱللَّهِ تَطْمَئِنُّ ٱلْقُلُوبُ} أي قلوبهم.
اعراب آيات سورة ( الرعد )
{ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ طُوبَىٰ لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ }
{ٱلَّذِينَ آمَنُواْ..} [29]
في موضع رفع بالابتداء وخبره {طُوبَىٰ لَهُمْ} ويجوز أن يكون "ٱلَّذِينَ" في موضع نصب بدلاً من "مَنْ" وبمعنى أعني، ويجوز أن يكون "طُوبَىٰ" في موضع نصب بمعنى جعل الله لهم طوبى.

{ كَذَلِكَ أَرْسَلْنَاكَ فِيۤ أُمَّةٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهَآ أُمَمٌ لِّتَتْلُوَاْ عَلَيْهِمُ ٱلَّذِيۤ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِٱلرَّحْمَـٰنِ قُلْ هُوَ رَبِّي لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتَابِ }
{كَذَلِكَ أَرْسَلْنَاكَ..} [30]
الكاف في موضع نصب والأُمة الجماعة.

{ وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ ٱلْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ ٱلأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ ٱلْمَوْتَىٰ بَل للَّهِ ٱلأَمْرُ جَمِيعاً أَفَلَمْ يَيْأَسِ ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ أَن لَّوْ يَشَآءُ ٱللَّهُ لَهَدَى ٱلنَّاسَ جَمِيعاً وَلاَ يَزَالُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ تُصِيبُهُم بِمَا صَنَعُواْ قَارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيباً مِّن دَارِهِمْ حَتَّىٰ يَأْتِيَ وَعْدُ ٱللَّهِ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُخْلِفُ ٱلْمِيعَادَ }
{وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ ٱلْجِبَالُ..} [31]
"أنّ" في موضع رفع أي لو وقع هذا وللعلماء في هذه الآية أقوال منها أن الجواب محذوف، والتقدير لكان هذا القرآن، وقيل: التقدير لما آمنوا. قال الكسائي: المعنى وددنا أنّ قرآناً سُيِّرَت به الجبال فهذا بغير حذف، وللفراء فيها قول حسن. قال: يكون الجواب فيما قبله أي وهم يكفرون بالرحمن ولو أن قرآناً سيّرت به الجبال. {بَل للَّهِ ٱلأَمْرُ جَمِيعاً} على الحال. {أَفَلَمْ يَيْأَسِ ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ} وفيه لغات: يقال: يائِسُ ويقال: يَيئِسُ على فَعِل يَفعِلُ، ويقال يَئِسَ يَئِسُ. المستقبل على لفظ الماضي. {أَن لَّوْ يَشَآءُ ٱللَّهُ} في موضع نصب.
اعراب آيات سورة ( الرعد )
{ أَفَمَنْ هُوَ قَآئِمٌ عَلَىٰ كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ وَجَعَلُواْ لِلَّهِ شُرَكَآءَ قُلْ سَمُّوهُمْ أَمْ تُنَبِّئُونَهُ بِمَا لاَ يَعْلَمُ فِي ٱلأَرْضِ أَم بِظَاهِرٍ مِّنَ ٱلْقَوْلِ بَلْ زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ مَكْرُهُمْ وَصُدُّواْ عَنِ ٱلسَّبِيلِ وَمَن يُضْلِلِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ }
{أَفَمَنْ هُوَ قَآئِمٌ عَلَىٰ كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ..} [33]
رفع بالابتداء، والخبر، محذوف دلّ عليه {وَجَعَلُواْ للَّهِ شُرَكَآءَ} قال الكسائي والفراء التقدير كشركائهم {قُلْ سَمُّوهُمْ} [أي سموهم] بخلق خلقوه أو فعلٍ فعلوه بقدرتهم {أَم بِظَاهِرٍ مِّنَ ٱلْقَوْلِ} قيل: معناه ليس له حقيقة، وقيل: أو بظاهر من القول قد ذَكِرَ في الكتب. وقرأ يحيى ابن وثّاب {وَصِدُّوا} بكسر الصاد لأن الأصل صُدِدُوا فَقُلِبَتْ حَركةُ الدال على الصاد.

{ لَّهُمْ عَذَابٌ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَلَعَذَابُ ٱلآخِرَةِ أَشَقُّ وَمَا لَهُم مِّنَ ٱللَّهِ مِن وَاقٍ }
{لَّهُمْ عَذَابٌ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا..} [34]
لعنة الله جل وعز إياهم ومعاداة المؤمنين لهم.

{ مَّثَلُ ٱلْجَنَّةِ ٱلَّتِي وُعِدَ ٱلْمُتَّقُونَ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ أُكُلُهَا دَآئِمٌ وِظِلُّهَا تِلْكَ عُقْبَىٰ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ وَّعُقْبَى ٱلْكَافِرِينَ ٱلنَّارُ }
{مَّثَلُ ٱلْجَنَّةِ ٱلَّتِي وُعِدَ ٱلْمُتَّقُونَ..} [35]
رفع بالابتداء عند سيبويه، والتقدير عنده فيما يُقَصُّ عليكم مَثلُ الجنّةِ أو مثل الجنة فيما نَقصُّ عليكم، وقال الفراء: الرافع له "تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ" والمعنى الجنة التي وُعِدَ المتقون تجري من تحتها الأنهار كما يقال: حِليةُ فُلاَنٍ أسمَرُ: قال محمد بن يزيد: من قال: مَثَلُ بمعنى صفة فقد أخطأ لأنه إِنما يقال: صفة فلان أنه ظريف وأنه كريم، ويقال: مثلُ زَيدٍ مَثَلُ عمروٍ "ومَثَلُ" مأخوذ من المثال والحذو، وصفة مأخوذة من التحلية والنعت، وإنما التقدير فيما يُقَصّ عليكم مثل الجنة {أُكُلُهَا دَآئِمٌ} وفيها كذا وفيها كذا. {تِلْكَ عُقْبَىٰ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ} ابتداء وخبر، وكذا {وَّعُقْبَى ٱلْكَافِرِينَ ٱلنَّارُ}.
اعراب آيات سورة ( الرعد )
{ وَٱلَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ ٱلْكِتَابَ يَفْرَحُونَ بِمَآ أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمِنَ ٱلأَحْزَابِ مَن يُنكِرُ بَعْضَهُ قُلْ إِنَّمَآ أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ ٱللَّهَ وَلاۤ أُشْرِكَ بِهِ إِلَيْهِ أَدْعُو وَإِلَيْهِ مَآبِ }
{وَٱلَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ ٱلْكِتَابَ..} [36]
قيل: يعني به المؤمنين والكتاب القرآن {مِنَ ٱلأَحْزَابِ} أي الذين تحَزَّبُوا على عداوة رسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنون ينكرون ما لم يوافقهم، وقيل الذين أوتوا الكتابَ اليهودُ والنصارى يفرحون بالقرآن لأنه مصدقٌ بأنبيائهم وكتبهم وإِن لم يؤمنوا بمحمد/ 113 ب/ صلى الله عليه وسلم.

{ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِّن قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجاً وَذُرِّيَّةً وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَن يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ ٱللَّهِ لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ * يَمْحُواْ ٱللَّهُ مَا يَشَآءُ وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ ٱلْكِتَابِ }
{.. وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَن يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ ٱللَّهِ..} [38]
أي الا بأن يأذن له أن يسأل الآية فيعلم أنّ في ذلك صلاحاً. {لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ} أي لكل أمة كتابٌ مكتوب وأمرٌ مقدّر مقضيّ تقف عليه الملائكة لِيُعلَمَ بذلك قدرة الله جل وعز، وكذلك {.. وَعِندَهُ أُمُّ ٱلْكِتَابِ} [39] وقد بَيّنّا معنى {يَمْحُواْ ٱللَّهُ مَا يَشَآءُ وَيُثْبِتُ}.

{ وَإِن مَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ ٱلَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ ٱلْبَلاَغُ وَعَلَيْنَا ٱلْحِسَابُ }
{وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ..} [40] في موضع جزم بالشرط ودخلت النون توكيداً.

اعراب آيات سورة ( إبراهيم )
{ الۤر كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ ٱلنَّاسَ مِنَ ٱلظُّلُمَاتِ إِلَى ٱلنُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَىٰ صِرَاطِ ٱلْعَزِيزِ ٱلْحَمِيدِ }
{الۤر كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ..} [1]
أي هذا كتاب أنزلناه إليك في موضع رفع على النعت لكتاب {لِتُخْرِجَ ٱلنَّاسَ} لام كي، والتقدير ليخرج الناس {بِإِذْنِ رَبِّهِمْ} والأذن يُستعمَلُ بمعنى الأمر مجازاً {إِلَىٰ صِرَاطِ ٱلْعَزِيزِ ٱلْحَمِيدِ}.

{ ٱللَّهِ ٱلَّذِي لَهُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ وَوَيْلٌ لِّلْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ شَدِيدٍ }
{ٱللَّهِ..} [2]
على البدل والرفع على الابتداء، وإن شِئتَ على إضمار مبتدأ، وكذا {وَوَيْلٌ لِّلْكَافِرِينَ}.

{ ٱلَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ ٱلْحَيَاةَ ٱلدُّنْيَا عَلَى ٱلآخِرَةِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجاً أُوْلَـٰئِكَ فِي ضَلاَلٍ بَعِيدٍ }
{ٱلَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ ٱلْحَيَاةَ ٱلدُّنْيَا عَلَى ٱلآخِرَةِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجاً..} [3]
قال أبو إسحاق: عوَجاً مصدر في موضع الحال. قال أبو جعفر: وسَمِعتُ علي بن سليمان يقول: هو منصوب على أنه مفعول ثان وهذا مما يتعدى إلى مفعولين أحدهما بحرف، والتقدير ويبغون بها عوجاً.
اعراب آيات سورة ( إبراهيم )
{ وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ ٱللَّهُ مَن يَشَآءُ وَيَهْدِي مَن يَشَآءُ وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ }
{وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ..} [4]
نصب بلام كي {فَيُضِلُّ ٱللَّهُ مَن يَشَآءُ} مستأنف، وعند أكثر النحويين لا يجوز عطفه على ما قبله، ونظيره {لِنُبيِّن لكم ونُقِرُ في الأرحامِ ما نشاءُ} وأنشد النحويون:
* يُريدُ أن يُعرِبَهُ فيَعْجِمُهْ *
قال أبو إسحاق: يجوز النصب "فيضلَّ ٱللَّهُ مَن يَشَآءُ" على أن يكون مثل {ليكونَ لهم عدواً وحَزَناً} أي صار أمرهم إلى هذا.

{ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَىٰ بِآيَاتِنَآ أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ ٱلظُّلُمَاتِ إِلَى ٱلنُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ ٱللَّهِ إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ }
{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَىٰ بِآيَاتِنَآ أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ..} [5]
يجوز أن تكون "أنْ" في موضع نصب أي بأن أخرج قومك. وهذا مذهب سيبويه كما يقال: أَمرتُهُ أَنْ قُمْ والمعنى عنده أمرته أن يقومَ ثم حمل على المعنى كما قال:
* وأَنَا الذِي قَتّلتُ بكراً بالقَنَا *
ويجوز أن تكون "أنْ" لا موضع لها من الإِعراب مثل: أَرسلتُ إليه أَنْ قُمْ، والمعنى أي قُمْ، ومثله قوله سبحانه {وانطَلَقَ المَلأ منهم أَن امشُوا}.

{ وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ ٱذْكُرُواْ نِعْمَةَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنجَاكُمْ مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوۤءَ ٱلْعَذَابِ وَيُذَبِّحُونَ أَبْنَآءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَآءَكُمْ وَفِي ذٰلِكُمْ بَلاۤءٌ مِّن رَّبَّكُمْ عَظِيمٌ }
{.. يَسُومُونَكُمْ سُوۤءَ ٱلْعَذَابِ وَيُذَبِّحُونَ..} [6]
في موضع آخر بغير واو كان بالواو فهو عند الفراء بمعنى يُعذّبونكم ويذبِّحونكم فيكون التذبيح غير العذاب الأول ويجوز عند غيره أن يكون/ 114 أ/ بعض الأول وإذا كان بغير واو فهو تبيين للأول وبدلٌ منه كما أنشد سيبويه:
مَتى تَأَتِنا تُلْمِمْ بنا في ديارنا * تَجدْ حَطَباً جزلاً وناراَ تأَجَّجا
اعراب آيات سورة ( إبراهيم )
{ وَقَالَ مُوسَىۤ إِن تَكْفُرُوۤاْ أَنتُمْ وَمَن فِي ٱلأَرْضِ جَمِيعاً فَإِنَّ ٱللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ }
{.. فَإِنَّ ٱللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ} [8]
كسرت إنّ لأن ما بعد الفاء في المجازاة مستأنف واللام للتوكيد.

{ أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَٱلَّذِينَ مِن بَعْدِهِمْ لاَ يَعْلَمُهُمْ إِلاَّ ٱللَّهُ جَآءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِٱلْبَيِّنَـٰتِ فَرَدُّوۤاْ أَيْدِيَهُمْ فِيۤ أَفْوَٰهِهِمْ وَقَالُوۤاْ إِنَّا كَفَرْنَا بِمَآ أُرْسِلْتُمْ بِهِ وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِّمَّا تَدْعُونَنَآ إِلَيْهِ مُرِيبٍ }
{أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ..} [9]
على البدل ولم يخفض ثمودَ لأنه جعل إسماً للقبيلة، ويجوز خفضه يجعل اسماً للحيّ {وَٱلَّذِينَ مِن بَعْدِهِمْ} في موضع خفض معطوف {لاَ يَعْلَمُهُمْ إِلاَّ ٱللَّهُ} رفع بالفعل {جَآءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِٱلْبَيِّنَاتِ}.
وإن شئتَ حذفتَ الضمة من السين لثقلها {فَرَدُّوۤاْ أَيْدِيَهُمْ فِيۤ أَفْوَاهِهِمْ} فإِذا أفردت قُلتَ: فَمٌ والأصلُ فوهٌ، فجمع على أصله مثل حوضِ وأحواض.

{ قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِن نَّحْنُ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ يَمُنُّ عَلَىٰ مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ وَمَا كَانَ لَنَآ أَن نَّأْتِيَكُمْ بِسُلْطَانٍ إِلاَّ بِإِذْنِ ٱللَّهِ وَعلَى ٱللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ ٱلْمُؤْمِنُونَ }
{.. وَمَا كَانَ لَنَآ أَن نَّأْتِيَكُمْ..} [11] في موضع رفع بكان.
اعراب آيات سورة ( إبراهيم )
{ وَمَا لَنَآ أَلاَّ نَتَوَكَّلَ عَلَى ٱللَّهِ وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَىٰ مَآ آذَيْتُمُونَا وَعَلَى ٱللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ ٱلْمُتَوَكِّلُونَ }
{.. وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَىٰ مَآ آذَيْتُمُونَا..} [12] واللازم أَذِيَ يَأَذَى أَذى.

{ وَلَنُسْكِنَنَّـكُمُ ٱلأَرْضَ مِن بَعْدِهِمْ ذٰلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ }
{.. ذٰلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ} [14]
وَمَنْ أمال أراد أن يدلّ على أنه من خفت.

{ وَٱسْتَفْتَحُواْ وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ }
{.. وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ..} [15] ويجوز رفع عنيد نعتاً لكلّ.

اعراب آيات سورة ( إبراهيم )
{ يَتَجَرَّعُهُ وَلاَ يَكَادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ ٱلْمَوْتُ مِن كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِن وَرَآئِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ }
{يَتَجَرَّعُهُ..} [17]
أي تكرهه الملائكة على ذلك لِيُعَذَّبَ به {وَلاَ يَكَادُ يُسِيغُهُ} أي ينزل من حلقه {وَيَأْتِيهِ ٱلْمَوْتُ مِن كُلِّ مَكَانٍ} أي يأتيه ما يُماتُ منه من كلّ مكان من جسده {وَمِن وَرَآئِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ} قيل: من وراء ما يُعَذَّبُ به عذابٌ آخر غليظ.

{ مَّثَلُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ ٱشْتَدَّتْ بِهِ ٱلرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ لاَّ يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُواْ عَلَىٰ شَيْءٍ ذٰلِكَ هُوَ ٱلضَّلاَلُ ٱلْبَعِيدُ }
{مَّثَلُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ..} [18]
التقدير عند سيبويه والأخفش وفيما يُقَصُّ عليكم، وقال الكسائي: إنما مثل أعمال الذين كفروا كرماد، وقال غيره "مَّثَلُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ" مبتدأ "أَعْمَالُهُمْ" بدل منه، والتقدير مثل أعمالهم، ويجوز أن يكون مبتدأ ثانياً كما حُكِيَ صفةُ فُلانٍ أنَّه أَحمرُ. قال الفراء ولو قرأ قارىء بالخفض أعمالهم جاز، وأنشد:
* ما لِلْجَمال مَشْيِها وَئِيداً *
{فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ} على النسب عند البصريين بمعنى ذي عاصف، وأجاز الفراء أن يكون بمعنى في يوم عاصف الريح، وأجاز أيضاً أن يكون عاصف للريح خاصَّة ثم يتبعه يوماً، قال: وحكى نحويون: هذا جحر ضب خرب. قال أبو جعفر: هذا مما لا ينبغي أن يُحمَلَ كتاب الله جل وعز عليه، وقد ذكر سيبويه أن هذا من العرب غلط واستدلّ بأنهم إذا ثَنّوا قالوا: هذان حجرا ضب خربان؛ لأنه قد استبان بالتثنية والتوحيد، ونظير هذا الغلط قول النابغة.
أمِن آلِ مَيَّةَ رائحٌ أو مُغتَدي * عَجْلاَنَ ذا زادٍ وغَيرَ مُزوَّدِ
زَعمَ البَوَارِحُ أنّ رحلَتَنا غَدٌ * وبذاكَ خَبَرَّنا الغُرَابُ الأسوَدُ
فلا يجوز مثلُ هذا في كلام ولا لشاعر نَعرِفُهُ فكيف يجوز في كتاب الله جل وعز ثم أنشد الفراء بيتاً:
يا صاحِ بلِّغْ ذَوي الزَّوجَاتِ كُلِّهم * أنْ ليس وَصلٌ إذا انْحلَّت عُرَى الذنَبِ
وزعم أن أبا الجراح أنشده إياه بخفض "كلّهم"، وهذا مما لا يعرج عليه لأن النصب لا يفسد الشعر، ومن قرأ "فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ" بغير تنوين أقام الصفة مقام الموصوف أي في يوم ريح عاصف.

{ وَبَرَزُواْ لِلَّهِ جَمِيعاً فَقَالَ ٱلضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ ٱسْتَكْبَرُوۤاْ إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنتُمْ مُّغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذَابِ ٱللَّهِ مِن شَيْءٍ قَالُواْ لَوْ هَدَانَا ٱللَّهُ لَهَدَيْنَاكُمْ سَوَآءٌ عَلَيْنَآ أَجَزِعْنَآ أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِن مَّحِيصٍ }
{وَبَرَزُواْ للَّهِ جَمِيعاً..} [21]
أي من قبورهم ونصب "جَمِيعاً" على الحال {تَبَعاً} بمعنى ذي تَبَعٍ، ويجوز أن يكون جمع تابع. قال علي بن سليمان التقدير سواءٌ علينا جَزَعُنَا وصَبْرُنَا.
اعراب آيات سورة ( إبراهيم )
{ وَقَالَ ٱلشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ ٱلأَمْرُ إِنَّ ٱللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ ٱلْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَٱسْتَجَبْتُمْ لِي فَلاَ تَلُومُونِي وَلُومُوۤاْ أَنفُسَكُمْ مَّآ أَنَاْ بِمُصْرِخِكُمْ وَمَآ أَنتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَآ أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ إِنَّ ٱلظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }
{.. إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ..} [22]
في موضع نصب استثناء ليس من الأول {وَمَآ أَنتُمْ بِمُصْرِخِيَّ} بفتح الياء لأن ياء النفس فيها لغتان: الفتح والتسكين إذا لم يكن قبلها ساكن فإذا كان قبلها ساكن فالفتح لا غير، ويجب على من كسرها أن يقرأ {هِيَ عصايِ} بكسر الياء، وقد قرأ يحيى بن وثاب والأعمش وحمزة {بمُصرِخِيِّ إِنِّي} بكسر الياء - قال الأخفش سعيد: ما سَمِعتُ هذا من أحد من العرب ولا من النحويين، وقال الفراء: لَعلَّ الذي قرأ بهذا ظَنَّ أن الباء تخفض الكلمة كُلَّها. قال أبو جعفر: فقد صار هذا بإجماع لا يجوز وأن كان الفراء قد نقض هذا وأنشد:
قَالَ لَهَا هل لَّك ياتافيّيِ/ 114 ب * قَالَتْ له ما أَنتَ بالمرضيّ
ولا ينبغي أن يُحمَلَ كتاب الله جل وعز على الشذوذ. ومعنى {بِمَآ أَشْرَكْتُمُونِ} من قبلُ أنه قد كان مشركاً قَبلَهُمْ، وقيل: من قبل الأمر.

{ وَمَثلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ ٱجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ ٱلأَرْضِ مَا لَهَا مِن قَرَارٍ }
{وَمَثلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ..} [26]
ابتداء وخبر، وأجاز الكسائي والفراء: ومثل كلمةٍ خبيثة على النسق وحكيا أن في قراءة ابَيّ {وضَرَبَ مثلَ كلمةٍ خبيثةٍ}.

{ أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ بَدَّلُواْ نِعْمَتَ ٱللَّهِ كُفْراً وَأَحَلُّواْ قَوْمَهُمْ دَارَ ٱلْبَوَارِ }
{.. وَأَحَلُّواْ قَوْمَهُمْ دَارَ ٱلْبَوَارِ..} [28] مفعولان.
اعراب آيات سورة ( إبراهيم )
{ جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ ٱلْقَرَارُ }
{جَهَنَّمَ..} [29]
منصوب على البدل من دار، ولم تنصرف لأنها مؤنَّثةٌ معرفة مشتقَّة من قولهم: ركيَّةٌ جِهنّامٌ اِذا كانت مُقَعَّرةً.

{ وَجَعَلُواْ لِلَّهِ أَندَاداً لِّيُضِلُّواْ عَن سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعُواْ فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى ٱلنَّارِ }
{وَجَعَلُواْ للَّهِ أَندَاداً لِّيُضِلُّواْ عَن سَبِيلِهِ..} [30]
نصب بلام كي وبعضهم يسميها لام العاقبة. والمعنى أنه لما آل أمرهم إلى هذا كانوا بمنزلة من فَعَلَ ذلك ليكون هذا.

{ قُل لِّعِبَادِيَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ يُقِيمُواْ ٱلصَّلاَةَ وَيُنْفِقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلانِيَةً مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خِلاَلٌ }
{قُل لِّعِبَادِيَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱلصَّلاَةَ..} [31]
في {يُقِيمُواْ} للنحويين أقوال: قال الفراء: تأويله الأمر. قال أبو إسحاق بمثل هذا قال المعنى ليقيموا الصلاة ثم حذفت اللام لأنه قد تقدم الأمر قال: ويجوز أن يكون مبنياً لأن اللام حُذِفَتْ وَبُنِيَ لأنه بمعنى الأمر. قال أبو جعفر: وسَمِعتُ علي بن سليمان يقول: حدثنا محمد بن يزيد عن المازني قال: التقدير قل للذين آمنوا أقيموا الصلاة يقيموا، وهذا قول حَسَن لأن المؤمنين إذا أُمِرُوا بشيء قبلوا فهوا جواب الأمر {وَيُنْفِقُواْ} عطف عليه. {مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خِلاَلٌ} جعلت "لا" بمعنى ليس، وإن شئتَ رفعتَ ما بعدها بالابتداء، ويجوز رفع الأول ونصب الثاني بغير تنوين وبتنوين، ويجوز نصب الأول بغير تنوين ورفع الثاني بتنوين ونصبه بتنوين. قال الأخفش: خِلالُ جَمعُ خُلَّة وقال أبو عُبَيْدٍ: هو مصدر مثل القتال، وأنشد:
* وَلَستُ بمَقْلِيِّ الخِلاَلِ ولا قَالِ *
اعراب آيات سورة ( إبراهيم )
{ وَسَخَّر لَكُمُ ٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ دَآئِبَينَ وَسَخَّرَ لَكُمُ ٱلَّيلَ وَٱلنَّهَارَ }
{.. دَآئِبَينَ..} [33] على الحال أي دائبين فيما يؤدّي إلى صلاح الناس.

{ وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ ٱللَّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ ٱلإنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ }
{وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ..} [34]
في معناه أقوال فمذهب الفراء من كل سؤالكم، كما تقول: أنا أعطيته سؤاله وإن لم يسأل شيئاً أي ما لم يسأل لسأله، وقال الأخفش: وآتاكم من كل ما سألتموه شيئاً، ومثله {أُوتَيِتْ من كلّ شيء} أي من كلّ شيء في زمانها شيئاً. قال ويكون على التكثير، وحكى سيبويه: ما بقي منهم مُخّبِّرٌ، وذلك معروف في كلام العرب، وفيه قول رابع وهو أنّ الناس قد سألوا على تفرق أحوالهم الأشياء فخوطبوا على ذلك.

{ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ ٱجْعَلْ هَـٰذَا ٱلْبَلَدَ ءَامِناً وَٱجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ ٱلأَصْنَامَ }
{.. رَبِّ ٱجْعَلْ هَـٰذَا ٱلْبَلَدَ آمِناً..} [35]
مفعولان {وَٱجْنُبْنِي} ويقال على التكثير: جَنِّبْنِي، ويقال: أَجنِبنِي {أَن نَّعْبُدَ} في موضع نصب والمعنى من أن نعبدَ الأصنام.
اعراب آيات سورة ( إبراهيم )
{ رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِّنَ ٱلنَّاسِ فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }
{.. فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي..} [36]
أي من أهل ديني ومن أصحابي {وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} أي له اِن تاب.

{ رَّبَّنَآ إِنَّيۤ أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ ٱلْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ ٱلصَّلاَةَ فَٱجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ ٱلنَّاسِ تَهْوِىۤ إِلَيْهِمْ وَٱرْزُقْهُمْ مِّنَ ٱلثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ }
{رَّبَّنَآ إِنَّيۤ أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ..} [37]
وحذف المفعول لأن "من" تدلّ عليه وكذا {رَبِّ ٱجْعَلْنِي مُقِيمَ ٱلصَّلاَةِ وَمِن ذُرِّيَتِي..} [40].

{ وَلاَ تَحْسَبَنَّ ٱللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ ٱلظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ ٱلأَبْصَارُ }
{وَلاَ تَحْسَبَنَّ ٱللَّهَ غَافِلاً..} [42] مفعولان.
اعراب آيات سورة ( إبراهيم )
{ مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لاَ يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَآءٌ }
قال أبو إسحاق {مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ..} [43] نصب على الحال. والمعنى ليوم تشخص فيه أبصارهم مهطعين أي مسرعين {لاَ يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ} رفع بيرتد {وَأَفْئِدَتُهُمْ} مبتدأ {هَوَآءٌ} خبره.

{ وَأَنذِرِ ٱلنَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ ٱلْعَذَابُ فَيَقُولُ ٱلَّذِينَ ظَلَمُوۤاْ رَبَّنَآ أَخِّرْنَآ إِلَىٰ أَجَلٍ قَرِيبٍ نُّجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ ٱلرُّسُلَ أَوَلَمْ تَكُونُوۤاْ أَقْسَمْتُمْ مِّن قَبْلُ مَا لَكُمْ مِّن زَوَالٍ }
{وَأَنذِرِ ٱلنَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ ٱلْعَذَابُ فَيَقُولُ ٱلَّذِينَ ظَلَمُوۤاْ..} [44]
ليس لجواب الأمر ولكنه معطوف على يأتيهم أو مستأنف. وقد أشكل هذا على بعض النحويين حتَّى قال: لا يُنصَبُ جواب الأمر بالفاء، وهذا خلاف ما قال الخليل رحمه الله وسيبويه، وقد أنشد النحويون:
ياناقَ سِيرِي عَنَقاً فَسِيحَاً * إلى سُلَيمَانَ فَنَستَرِيحَا
وإنما امتنع النصب في الآية لأن المعنى ليس عليه {أَوَلَمْ تَكُونُوۤاْ أَقْسَمْتُمْ مِّن قَبْلُ مَا لَكُمْ مِّن زَوَالٍ} أي من زوالٍ عمّا أنتم عليه من الأمهال إلى الانتقام والمجازاة/ 115 أ/.

{ وَقَدْ مَكَرُواْ مَكْرَهُمْ وَعِندَ ٱللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِن كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ ٱلْجِبَالُ }
{.. وَإِن كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ ٱلْجِبَالُ} [46]
"إنْ" بمعنى "ما" وهذا يروى عن الحسن كذا، وأنّ مثلَهُ {فإن كُنتَ في شك مما أنزلناه إليك}، وكذا {قل إِن كان لِلرَّحمنِ ولَدٌ فأَنا أولُ العابِدِينَ} وقد قيل في هاتين الآيتين غير ما قال وذلك في مواضعهما، وقرأ مجاهد {وَإِن كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ ٱلْجِبَالُ} بفتح اللام ورفع الفعل، وبه قرأ الكسائي، وكان محمد بن يزيد فيما حُكِي عنه يختار فيه قول قتادة. قال هذا لكفرهم مثلُ قوله جل وعز: {تكادُ السماواتُ يَتَفطّرنَ منه}. قال أبو جعفر: وكان أبو إسحاق يذهب إلى أن هذا جاء على كلام العرب لأنهم يقولون: لو أنكَ بلغتَ كذا ما وصلت إلى شيء وإن كان لا تبلغه وكذا في "إِنْ"، وأنشد سيبويه:
لَئِنْ كُنت في جُبٍّ ثَمَانِينَ قَامَةً * وَرُقِّيتُ أَسبَابَ السّماءِ بِسُلّمِ
وَرُوِيَ عن عمر وعلي وعبد الله رضي الله عنهم أنهم قَرءوا {وإن كاد مكرهم لَتزُولُ منه الجبالُ}، بالدال ورفع الفعل. والمعنى في هذا بين وإنما هو تفسير وليس بقراءة.
اعراب آيات سورة ( إبراهيم )
{ فَلاَ تَحْسَبَنَّ ٱللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ ذُو ٱنْتِقَامٍ }
{فَلاَ تَحْسَبَنَّ ٱللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ..} [47]
مجاز كما يقال: مُعطِي درهمٍ زيداً، وأنشد سيبويه:
تَرَى الثورَ فيها مُدخِلَ الظّلِّ رَأسَهُ * وسَائرهُ بادٍ إلى الشمّس أَجمَعُ

{ يَوْمَ تُبَدَّلُ ٱلأَرْضُ غَيْرَ ٱلأَرْضِ وَٱلسَّمَٰوَٰتُ وَبَرَزُواْ لِلَّهِ ٱلْوَاحِدِ الْقَهَّارِ }
{يَوْمَ تُبَدَّلُ ٱلأَرْضُ غَيْرَ ٱلأَرْضِ..} [48]
اسم ما لم يسم فاعله "غَيْرَ ٱلأَرْضِ" خبره. وفي معناه قولان: أحدهما أنها تُبدَّلُ أرضاً غَيرَ هذه وفي هذا أحاديث، والقول الآخر أنّ تبديلها أذهاب جبالها وجعلها قاعاً صفصفاً، وتبديلُ السماء انفطارها وانتثار كواكبها وتكوير شمسها، كما يقال: بَدّلتُ خاتمي أَي غَيّرتُهُ عَمّا كانَ عَلَيهِ.

{ وَتَرَى ٱلْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُّقَرَّنِينَ فِي ٱلأَصْفَادِ }
{.. مُّقَرَّنِينَ..} [49]
نصب على الحال {مُّقَرَّنِينَ} معطوفة أيديهم وأرجلهم إلى أعناقهم بالسلال والأغلال. والقَرَنُ بفتح الراء الحبلُ الذي يُجمَعُ به بينَ الشيئينِ. قال جرير:
* وابنُ اللّبونِ إذا ما لُزَّ في قَرَنٍ *
اعراب آيات سورة ( إبراهيم )
{ هَـٰذَا بَلاَغٌ لِّلنَّاسِ وَلِيُنذَرُواْ بِهِ وَلِيَعْلَمُوۤاْ أَنَّمَا هُوَ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُوْلُواْ ٱلأَلْبَابِ }
{هَـٰذَا بَلاَغٌ لِّلنَّاسِ..} [52]
ابتداء وخبر أي هذا الوعظ قد بلغ لهم إِن اتَّعظُوا {وَلِيُنْذَرُواْ بِهِ} لام كي، والفعل محذوف لعلم السامع {وَلِيَعْلَمُوۤاْ أَنَّمَا هُوَ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُوْلُواْ ٱلأَلْبَابِ} عطف عليه.

اعراب آيات سورة ( الحجر )
{ الۤرَ تِلْكَ آيَاتُ ٱلْكِتَابِ وَقُرْآنٍ مُّبِينٍ }
{الۤرَ تِلْكَ آيَاتُ ٱلْكِتَابِ..} [1] التقدير هذا تلك آيات الكتاب..

{ رُّبَمَا يَوَدُّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ كَانُواْ مُسْلِمِينَ }
{رُّبَمَا..} [2]
فيه ثمانية أوجه: قرأ الأعمش وحمزة والكسائي {رُبّما} مثقلة، وقرأ أهل المدينة وعاصم {رُبما} مخففة. والأصل التثقيل، والعرب تخفف المُثقّل ولا تثقل المخفف. وقال سيبويه: لو سميت رجلاً رُبَ مخففة ثم صغرته رددته إلى أصله فقلت: رُبَيْبٌ. قال إسماعيل بن إسحاق: حدثنا نصر بن علي عن أبيه عن الأصمعي قال: سمعت أبا عمرو بن العلاء يقرأ "ربما" مخففة ومثقلة. قال: التخفيف لغة أهل الحجاز والتثقيل لغة تميم وقيس وبكر. وحكى أبو زيد أنه يقال: رُبَّتَما ورَبَّتَما. وهذا على تأنيث الكلمة. فهذه أربع لغات وحكى أبو حاتم: رَبَمَا ورَبّما ورَبَتَما ورَبْتَما. ولا موضع لها من الإِعراب عند أكثر النحويين لأنها كافة جيء بها لأن ربّ لا يليها الفعل، فلما جئت بما وليها الفعل عند سيبويه لا غير الاّ في الشعر فإِنه يليها الابتداء والخبر، وأنشد.
صَدَدت فاطْولْتِ الصُّدُودَ وقلّما * وِصَالٌ على طُولِ الصُّدُودِ يَدومُ
والجيد قوله:
وطال ما وطَالَ ما وطالمــا * سَقَى بكفِّ خالدٍ وأَطعما
والذي حكيناه قول الخليل وسيبويه، وحكى1/ 115 ب/ لنا علي بن سليمان عن محمد بن يزيد أن هذا جائز في الكلام والشعر كما أن إنما يكون بعدها الفعل والابتداء والخبر، وسمعت محمد بن الوليد يقول: ليس في حروف الخفض نظير لرب لأن سبيل حروف الخفض أن يضاف بها قبلها [إلى ما بَعدَهَا وسَبِيلُ رب أن يضاف ما بعدَه من الفعل إلى ما قبلَهُ]، وزعم الأخفش أنه يجوز أن تكون "ما" في موضع خفض على أنها نكرة أي ربّ شيء أو ربّ وُدّ. يقال: وَدِدتُ أنّ ذلك كانَ، إذا تمنيتهُ وُدّاً لا غير، ووَدِدتُ الرجلَ، إذا أحببته وُدّاً، بضم الواو ومَوَدّةً وودَدَاَةً وَوِدَاداً.

{ ذَرْهُمْ يَأْكُلُواْ وَيَتَمَتَّعُواْ وَيُلْهِهِمُ ٱلأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ }
{ذَرْهُمْ..} [3]
في موضع أمر فيه معنى التهديد، ولا يقال: وَذَرَ ولا واذر، والعلة فيه عند سيبويه أنهم استغنوا عنه بترك، وعند غيره ثقل الواو فلما وجدوا عنها مندوحة تركوها، {يَأْكُلُواْ} جواب الأمر {وَيَتَمتَّعُوا} عطف عليه.
اعراب آيات سورة ( الحجر )
{ وَمَآ أَهْلَكْنَا مِن قَرْيَةٍ إِلاَّ وَلَهَا كِتَابٌ مَّعْلُومٌ }
{وَمَآ أَهْلَكْنَا مِن قَرْيَةٍ إِلاَّ وَلَهَا كِتَابٌ مَّعْلُومٌ} [4]
في موضع الحال، وفي غير القرآن يجوز حذف الواو. ودلّ بهذا على أن كل مُهلَكٍ ومقتول فبأجله.

{ مَا نُنَزِّلُ ٱلْمَلائِكَةَ إِلاَّ بِٱلحَقِّ وَمَا كَانُواْ إِذاً مُّنظَرِينَ * إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا ٱلذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ }
{مَا تُنَزِّلُ ٱلْمَلائِكَةَ إِلاَّ بِٱلحَقِّ..} [8] الأصل تَتَنزّلُ فحذفت إحدى التاءين تخفيفاً.
والأصل في {إِنَّا..} [9] إنّنا {نَحْنُ} في موضع نصب على التوكيد إِنّ ويجوز أن تكون في موضع رفع على الابتداء، ويجوز أن تكون لا موضع لها تكون فاصلة. {وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} اللام الأولى لام خفض والثانية لام توكيد ولم يحتج إلى فرقٍ في المُضمر لاختلاف العلامة.

{ كَذَلِكَ نَسْلُكُهُ فِي قُلُوبِ ٱلْمُجْرِمِينَ }
{كَذَلِكَ نَسْلُكُهُ..} [12]
الكاف في موضع نصب نعت لمصدر، وقد تكلم الناس في المضمر ها هنا فقيل: هو كناية عن التكذيب، وقيل: عن الذكر، وقيل: هو مثل {وسْئَل القرية} أي عقوبته.
اعراب آيات سورة ( الحجر )
{ وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِم بَاباً مِّنَ ٱلسَّمَاءِ فَظَلُّواْ فِيهِ يَعْرُجُونَ * لَقَالُواْ إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَّسْحُورُونَ }
{وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِم بَاباً مِّنَ ٱلسَّمَاءِ فَظَلُّواْ فِيهِ يَعْرُجُونَ..} [14]، [15]
ولغة هذيل "يَعرِجُونَ"، وفي المضمر قولان: أحدهما أن التقدير فظل الملائكة، والآخر أن التقدير ولو فتحنا على هؤلاء الكفار المعاندين باباً من السماء فأدخلناهم فيه لِيَعرُجُوا إلى السماء فيكون ذلك آية لتصديقك لَدَفعُوا العيان، وقالوا إنما سُكِّرَتْ أَبْصارُنَا وسُحِرنَا حتى رأينا الشيء على غير ما هو عليه، ويقال: سِكِرَ وسُكِّرَ على التكثير أي غُطِّي على عقله، ومنه قيل: سكرْان، وهو مشتق من السُّكْرِ.

{ وَحَفِظْنَاهَا مِن كُلِّ شَيْطَانٍ رَّجِيمٍ * إِلاَّ مَنِ ٱسْتَرَقَ ٱلسَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُّبِينٌ }
{وَحَفِظْنَاهَا مِن كُلِّ شَيْطَانٍ رَّجِيمٍ} [17] {إِلاَّ مَنِ ٱسْتَرَقَ ٱلسَّمْعَ..} [18]
{مَنْ} في موضع نصب. قال الأخفش: استثناء خارج، وقال أبو إسحاق: يجوز أن تكون "من" في موضع خفض، ويكون التقدير إلا ممن استَرقَ السمع.

{ وَٱلأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْزُونٍ }
{وَٱلأَرْضَ مَدَدْنَاهَا..} [19] على إضمار فعل.
اعراب آيات سورة ( الحجر )
{ وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ وَمَن لَّسْتُمْ لَهُ بِرَازِقِينَ }
{وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ وَمَن لَّسْتُمْ لَهُ بِرَازِقِينَ} [20]
قال الفراء: "مَنْ" في موضع نصب والمعنى وجعلنا لكم فيها المعايش والاماء والعبيد. قال: ويجوز أن يكون "مَنْ" في موضع خفض أي ولمن لستم له برازقين، والقول الثاني عند البصريين لحن لأنه عَطفَ ظاهراً على مكنيّ مخفوض، ولأبي إسحاق فيه قول ثالث حَسَنٌ غريبٌ قال "مَنْ" معطوفة على تأويل لكم، والمعنى أعشناكم أي رزقناكم ورزقنا من لستم له برازقين.

{ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ عِندَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلاَّ بِقَدَرٍ مَّعْلُومٍ }
{وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ عِندَنَا خَزَائِنُهُ..} [21]
أي نحن مالكون له وقادرون عليه، وقيل: يعني به المطر.

{ وَأَرْسَلْنَا ٱلرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنزَلْنَا مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَآ أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ }
{وَأَرْسَلْنَا ٱلرِّيَاحَ لَوَاقِحَ..} [22]
قد ذكرناه وقرأ طلحة ويحيى بن وثاب والأعمش وحمزة {وَأَرْسَلْنَا الريحَ لَوَاقِحَ} وهذا عند أبي حاتم لحن لأن الريح واحدة فلا تُنعَتُ بجمع. قال أبو حاتم: يقبح أن يقال: الريح لواقح. قال وأما قولهم: اليمينُ الفاجرةُ تَدَعُ الدارَ بلاقع. فإنما يعنون بالدار البلد كما قال عز وتعالى: {فأصبحوا في دارهم جاثمين}. وقال أبو جعفر: هذا الذي قاله أبو حاتم في قبح هذا غلط بين، وقد قال الله جل وعز: {والملكُ على أرجائِهَا} يعني الملائكة لا اختلاف بينَ أهل العلم في ذلك، وكذا الريح بمعنى الرياح، وقال سيبويه: وأما الفعل فأمثلةٌ أُخِذَتْ من لفظ/ 1116 أ/ أحداث الأسماء، وحكى الفراء في مثل هذا جاءت الريح من كل مكان يعني الرياح.
اعراب آيات سورة ( الحجر )
{ وَإِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَحْشُرُهُمْ إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ }
{.. إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ} [25] حكيم في تدبيره عليم به.

{ وَلَقَدْ خَلَقْنَا ٱلإِنسَانَ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ * وَٱلْجَآنَّ خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ مِن نَّارِ ٱلسَّمُومِ }
{وَلَقَدْ خَلَقْنَا ٱلإِنسَانَ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ} [26]
قد ذكرناه. ومن أحسن ما قيل فيه قول ابن عباس رحمه الله قال: "مسنون" على الطريق، وتقديره على سَنَن الطريق وَسِنَنِهَا، وسُنَنِهَا، وإذا كان كذلك أنتنَ وتغيّرَ لأنه ماء منفرد.
ورُوِيَ عن الحسن أنه قرأ {والجَأنَّ خَلَقْنَاهُ..} [27] بالهمز كأنه كره اجتماع الساكنين. والأجود بغير همز ولا ينكر اجتماع ساكنين إذا كان الأول حرف مد ولين والثاني مدغماً. {وَٱلْجَآنَّ} نصب بإضمار فعل.

{ فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُواْ لَهُ سَاجِدِينَ }
قوله {.. سَاجِدِينَ} [29] نصب على الحال.
اعراب آيات سورة ( الحجر )
{ فَسَجَدَ ٱلْمَلاۤئِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ }
{فَسَجَدَ ٱلْمَلاۤئِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ} [30]
مذهب الخليل وسيبويه أنه توكيد بعد توكيد، وقال محمد بن يزيد: أجمعون يفيد أنهم غير متفرقين. قال أبو إسحاق: هذا خطأ ولو كان كما قال لكان نصباً على الحال.

{ إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَىٰ أَن يَكُونَ مَعَ ٱلسَّاجِدِينَ }
{إِلاَّ إِبْلِيسَ..} [31]
قال أبو إسحاق: استثناء ليس من الأول يذهب إلى قول من قال: إن إبليس ليس منَ الملائكة ولا كان منهم. وهذا قول صحيح يدلّ عليه أن الله جل وعز أَخبرنا أنه خلق الجانّ من نار والملائكة لم تخلق من نار.

{ قَالَ يٰإِبْلِيسُ مَا لَكَ أَلاَّ تَكُونَ مَعَ ٱلسَّاجِدِينَ }
{.. مَا لَكَ أَلاَّ تَكُونَ..} [32] في موضع نصب.
اعراب آيات سورة ( الحجر )
{ قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ ٱلْمُنظَرِينَ * إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْوَقْتِ ٱلْمَعْلُومِ }
{قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ ٱلْمُنظَرِينَ} [37] {إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْوَقْتِ ٱلْمَعْلُومِ} [38]
ليس إجابة له إلى ما سأل وإنما هو على التهاون به إذ كان لا يَصِلُ إلى صلال أحدٍ إلاّ من لا يُفلِحُ لو لم يُوسَوِسهُ.

{ قَالَ رَبِّ بِمَآ أَغْوَيْتَنِي لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي ٱلأَرْضِ وَلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ }
{قَالَ رَبِّ بِمَآ أَغْوَيْتَنِي} [39]
فيه أقوال: فمن أحسنها أن المعنى بما خيّبتنِي من الجنة يقال: غَوى إذا خاب وأغواه خَيّبَهُ ومنه:
* وَمَن يَغوِلا يَعْدَمْ على الغَيّ لائماً *

{ إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ ٱلْمُخْلَصِينَ }
{إِلاَّ عِبَادَكَ..} [40] نصب على الاستثناء.
اعراب آيات سورة ( الحجر )
{ قَالَ هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ }
{قَالَ هَذَا صِرَاطٌ..} [41]
مبتدأ وخبر {عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ} من نعته. قال زياد بن أبي مريم: "عليّ" هي إليّ يذهب إلى أن المعنى واحد. قيل: فيه معنى التهديد أي إِليّ مرجعه وعلى طريقه، وقيل: على بيانه أي ضمان ذلك.

{ إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلاَّ مَنِ ٱتَّبَعَكَ مِنَ ٱلْغَاوِينَ }
{إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ..} [42]
الأصل في لَيْسَ عند سيبويه لَيسَ قال سيبويه: وأما ليس فَمُسكَّنةٌ من نحو صَيدَ كما قالوا: عَلْمَ ذاكَ. قال أبو جعفر: كان يجب على أصول العربية أن يقال: لاَسَ لِتَحرّكِ الياء وتَحَرّكِ ما قبلَهَا. قال سيبويه: فجعلوا إِعلالهُ إزالة الحركة؛ لأنه لا يقال منه: يَفعَلُ ولا فاعل ولا مصدر ولا اشتقاق، وكَثُرَ في كلامهم فلم يجعلوه كأخواته. يعني ما يعملُ عملَهُ. قال: فجعلوه كَلَيْتَ. قال أبو إسحاق: ولم يَتَصرّفْ ليس لأنه ينفى بها المستقبل والحال والماضي فلم يحتج فيها إلى تصرّفٍ. قال أبو جعفر: وسَمِعتُ محمد بن الوليد يقول: لَمّا ضارعت "ما" مُنِعتَ من التصريف.

{ وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَٰناً عَلَىٰ سُرُرٍ مُّتَقَـٰبِلِينَ }
{وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ..} [47]
قال الكسائي: غلَّ يَغِلُّ من الشحناء، وغَلَّ يَغُلُّ من الغلول، وأَغلَّ يُغِلُّ من الخيانة، وقال غيره: معنى "وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ" أزلنا عنهم الجهل والغضب وشهوة ما لا ينبغي حتى زال التحاسد. {إِخواناً} على الحال.
اعراب آيات سورة ( الحجر )
{ وَنَبِّئْهُمْ عَن ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ }
{وَنَبِّئْهُمْ عَن ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ..} [51]
والتقدير عن أصحاب ضيف إبراهيم ولهذا لم يكثِّر ضيوف.

{ قَالُواْ لاَ تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ عَلِيمٍ }
{قَالُواْ لاَ تَوْجَلْ..} [53]
ومن قال تاجل أبدَلَ من الواو ألفاً لأنها أخفّ، ومن قال: تيجل أبدل منها ياءاً لأنها أخفّ من الواو، ولغة بني تميم تيجَلُ ليدلّوا على أنه من فَعِلَ، ويقال: فلانٌ يِيْجَلْ، بكسر الياء، وهذا شاذ لأن الكسرة في الياء مستقلة ولكن فعل هذا لتنقلب الواو ياءاً.

{ قَالَ أَبَشَّرْتُمُونِي عَلَىٰ أَن مَّسَّنِيَ ٱلْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ * قَالُواْ بَشَّرْنَاكَ بِٱلْحَقِّ فَلاَ تَكُن مِّنَ ٱلْقَانِطِينَ * قَالَ وَمَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ ٱلضَّآلُّونَ }
{.. فَبِمَ تُبَشِّرُونَ} [54]
قراءة أكثر الناس، وقرأ نافع بكسر النون، وحكي عن أبي عمرو بن العلاء رحمه الله أنه قال كسر النون لحن، يذهب إلى أنه لا يقال: أنتم تقوموا فيحذف نون الاعراب. قال أبو جعفر: قد أجاز سيبويه والخليل مثل هذا. قال سيبويه: وقرأ بعض الموثوق بهم {قَالَ أَتُحَاجّوني} و {فَبِمَ تُبشرونِ} وهي قراءة أهل المدينة، والأصل عند سيبويه فبمَ تُبشِّرونِّ بإِدغام النون/ 116 ب/ في النون ثم استُثقِلَ الادغام فَحَذَفَ إحدى النونين ولم يحذِفْ نون الاعراب كما تأول أبو عمرو وانما حَذَفَ النون الزائدة. وأنشد سيبويه:
تَراهُ كالثَّغَامِ يُعَلُّ مسْكاً * يَسُوءُ الفالياتِ اذا فَلَينِي
وقال الآخر.
أَبِالموتِ الَّذِي لا بُدَّ أَنّي * مُلاَقٍ لا أَباكِ تُخوِّفينِي
وقرأ يحيى بن وثاب والأعمش {قَالُواْ بَشَّرْنَاكَ بِٱلْحَقِّ فَلاَ تَكُن مِّنَ ٱلْقَانِطِينَ} [55] وقرأ {.. وَمَن يَقنِطُ..} [56] وقرأ "من بَعدِ ما قَنِطُوا" جميعاً بالكسر وقرأ أبو عمرو والكسائي {قال ومن يَقنِطُ} بكسر النون و "قَنَطُوا" بفتح النون، وقرأ أهل الحرمين وعاصم وحمزة {قَالَ وَمَن يَقْنَطُ} بفتح النون، وقرؤوا {قَنَطُوا} بفتح النون، وقرأ الأشهب العقيلي {قَالَ وَمَن يَقْنُطُ} بضم النون. قال أبو جعفر؛ أبو عبيد القاسم بن سلام يختار قراءة أبي عمرو والكسائي في هذا، وزعم أنها أصحّ في العريبة، ورَدَّ قراءة أهل الحرمين وعاصم وحمزة لأنها على فَعَل يَفْعَلَ عنده، وكذا أنكر قَنَطَ يَقْنِطُ، ولو كان الأمر كما قال لكانت القراءتان لحناً، وهذا شيء لا يُعْلَمََ أنه يوجد أن يَجتمِعَ أهل الحرمين على شيء ثم يكون لحناً ولا سيما ومعهم عاصم معَ جلالته ومَحلِّهِ وعلمِهِ ومَوضعِهِ من اللغة، والقراءتان اللتان أنكرهما جائزتان حسنتان وتأويلهما على خلاف ما قال. يقال: قَنطَ يَقْنِطُ وَقُنطُ قُنُوطاً فهو قانطٌ، وقَنِطَ يَقنَطُ قَنَطاً فهو قَنِطٌ وقانطٌ. فإذا قرأ "ومن يَقنَطُ" فهو على لغة من قال: قَنِطَ يَقنَطُ، وإذا قرأ "ومن يَقنِطُ" فهو على لغة من قال: قَنَطَ يَقنِطُ مثل ضَرَبَ يَضرِبُ، وإذا قرأ يَقنَطوا فهو على لغة من قال: قَنِطَ يَقنَطُ مثل حَذِرَ يَحذَرُ فله أن يستعمل اللغتين، وأبو عُبَيْدٍ ضَيَّقَ ما هو واسع من اللغة ومعنى ومن يَقنِطُ من يَيأَسُ.
اعراب آيات سورة ( الحجر )
{ قَالَ فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا ٱلْمُرْسَلُونَ }
{قَالَ فَمَا خَطْبُكُمْ..} [57] ابتداء وخبر.

{ قَالُواْ إِنَّآ أُرْسِلْنَآ إِلَىٰ قَوْمٍ مُّجْرِمِينَ * إِلاَّ آلَ لُوطٍ إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ }
{قَالُواْ إِنَّآ أُرْسِلْنَآ إِلَىٰ قَوْمٍ مُّجْرِمِينَ} [58] {إِلاَّ آلَ لُوطٍ..} [59]
قال أبو اسحاق: استثناء ليس من الأول {إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ}.

{ إِلاَّ ٱمْرَأَتَهُ قَدَّرْنَآ إِنَّهَا لَمِنَ ٱلْغَابِرِينَ }
{إِلاَّ ٱمْرَأَتَهُ..} [60]
قال: استثناء من الهاء والميم. وتأَوَّلَ أبو يوسف هذا على أنه استثناء رُدّ على استثناء، وهو قول أبي عبيد القاسم بن سلاّم {قالوا إِنّا أُرسِلنَا إلى قومٍ مُجرِمينَ إلاّ آلَ لوطٍ} فاستثناهم من المجرمين إلا امرأته فاستثناها من قوم لوط فصارت مع المجرمين. قال كما تقول: له عَليَّ عَشرَةٌ إِلاّ أَربعَةً إِلاّ واحِداً، فيكون سبعةً لأنك استثنيت من الأربعة واحداً فصار مع الستة فصارت سبعة. قال أبو عبيد: كما تقول: إذا قال رجل لامرأته: أنتِ طالقٌ ثلاثاً إلاّ اثنتين الا واحدة فقد طلَّق ثنتين. قال أبو جعفر: الذي قال أبو يوسف كما قال عند أهل العربية، والذي قاله أبو عبيد عند حذاق أهل العربية لا يجوز. يقولون إِنَّهُ لا يُستَثنَى من الشيء نصفُهُ ولا أكثرُ من النصف ولا يتكلّم به أحد من العرب. والاستثناء عند الخليل وسيبويه التوكيد، لأنك إذا قلتَ: جاءني القومُ جاز أن يكون قد بقي منهم، فإذا قلتَ: كُلُّهُمْ أحطَت بهم، وكذا اذا قلت: جاءني القومُ جاز أن يكون زيد داخلاً فيهم فإِذا قلتَ: إِلا زيداً بَيّنتَ كما بيّنتَ بالتوكيد. ومعنى قولك: له عِندِي عَشرةٌ إِلا واحداً، له عندي عشرةٌ ناقصة، ولا يجوز أن يقال لخمسة ولا أقل منها عشرة ناقضة. {قَدَّرْنَآ إِنَّهَا} وقرأ عاصم {قَدَرْنَا} وفي التشديد معنى المبالغة أي كتبنا ذلك وأخبرنا به وعلِمنَا أنّها لَمِن الغابِرينَ قد ذكرناه ومن أحسن ما قيل فيه أن معنى الغابرين الباقون المتخلّفون عن الخروج معه من قولهم: غَبَرَ إِذا بقي، وهكذا قال أهل العربية في معنى {ولا يلتفِتْ منكم أحَدٌ إلاّ امَرأَتَكَ} إِن المعنى فأَسر بأهلِكَ إِلاّ امرأتك، ومن أحسن ما قيل في معنى {ولا يلتفتْ منكم أحدٌ إِلاّ امرأتك} أن/ 117 أ/ المعنى ولا يلتفت إلى ما خلّف وَلْيَخْرُجْ، وقد قيل: إِنه من الالتفات أي لا يكن منكم خروج فيلتفت.
اعراب آيات سورة ( الحجر )
{ قَالُواْ بَلْ جِئْنَاكَ بِمَا كَانُواْ فِيهِ يَمْتَرُونَ }
{قَالُواْ بَلْ جِئْنَاكَ بِمَا كَانُواْ فِيهِ يَمْتَرُونَ} [63]
أي بالعذاب الذي كانوا يشكّون فيه.

{ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِّنَ ٱلَّيلِ وَٱتَّبِعْ أَدْبَارَهُمْ وَلاَ يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ وَٱمْضُواْ حَيْثُ تُؤْمَرُونَ }
{فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ..} [65]
من أسرى، ومن وَصَلَ جَعَلهُ من سرّى. لغتان معروفتان.

{ وَقَضَيْنَآ إِلَيْهِ ذَلِكَ ٱلأَمْرَ أَنَّ دَابِرَ هَؤُلآءِ مَقْطُوعٌ مُّصْبِحِينَ }
{وَقَضَيْنَآ إِلَيْهِ ذَلِكَ ٱلأَمْرَ أَنَّ دَابِرَ هَؤُلآءِ مَقْطُوعٌ..} [66]
قال الأخفش: "أَنَّ" في موضع نصب على البدل من الأمر، وقال الفراء هي في موضع نصب بسقوط الخافض أي قضينا اليه ذلك الأمر بهذا. قال وفي قراءة عبد الله {وقلنا إِن دَبِرَ هؤلاء} فلو قرأ قارئ على هذا بكسر انّ لجاز. {مُّصْبِحِينَ} نصب على الحال، والتقدير عند الفراء وأبي عبيد اذا كانوا مصبحين. قال أبو عبيد: كما تقول: أنتَ راكباً أحسنُ منك ماشياً. قال: وسَمعتُ أعرابياً فصيحاً من بني كلاب يقول: أنا لك صديقاً خَيرٌ منّي لك عدواً.
اعراب آيات سورة ( الحجر )
{ وَجَآءَ أَهْلُ ٱلْمَدِينَةِ يَسْتَبْشِرُونَ }
{وَجَآءَ أَهْلُ ٱلْمَدِينَةِ يَسْتَبْشِرُونَ} [67] في موضع نصب على الحال.

{ قَالَ إِنَّ هَؤُلآءِ ضَيْفِي فَلاَ تَفْضَحُونِ }
{قَالَ إِنَّ هَؤُلآءِ ضَيْفِي..} [68]
وُحِّدَ لأنه مصدر في الأصل ضِفْتُهُ ضَيْفاً أي نزلت به، والتقدير ذَوُو ضيفي. قال أبو اسحاق: المعنى أو لم نَنْهَكَ عن ضيافة العالمين، وقال غيره: المعنى أو لم ننهك عن أن تُجِيرَ أحداً علينا وتمنعنا منه.

{ لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ }
{لَعَمْرُكَ..} [72]
مبتدأ، والخبر محذوف لأن القسم باب حذف، والتقدير لعمرك قَسَمي {إِنَّهُمْ} بالكسر لأنه جواب القسم وأجاز جماعة من النحويين فَتحَهَا. {لَفِي سَكْرَتِهِمْ} أي جهلهم شُبّهَ بالسكر.
اعراب آيات سورة ( الحجر )
{ فَأَخَذَتْهُمُ ٱلصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ }
{فَأَخَذَتْهُمُ ٱلصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ} [73]
نصب على الحال. وأشرقوا صادفوا شروق الشمس أي طلوعها.

{ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ }
{إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ} [75]
أي لعِظَاتٍ عن المعاصي والكفر للمستدلّين.

{ وَإِن كَانَ أَصْحَابُ ٱلأَيْكَةِ لَظَالِمِينَ }
{وَإِن كَانَ أَصْحَابُ ٱلأَيْكَةِ..} [78]
لا اختلاف في صرف هذا والذي في "ق"، واختلفوا في الذي في "الشعراء" والذي في "ص" فقرأهما أهل المدينة بغير صرف، وقرأهما أهل البصرة وأهل الكوفة كذَينِكَ، وهذا هو الحق؛ لأنه لا فرق بَينَهُنّ والقصة واحدة، وإنما هذا كتكرير القصص في القرآن. فأما قول من قال: إِن أيكة اسم للقرية، وإن "ٱلأَيْكَةِ" اسم للبلد فَغَيرُ مَعرُوفِ ولا مشهور، فأمّا احتجاج من احتجّ بالسواد وقال: لا أصرف اللتين في "الشعرء" و "ص" لأنهما في الخط بغير ألفٍ فلا حُجّةَ له في ذلك وانما هذا على لغة من قال: جاءَني صاحِبُ زيدٍ لَسْوَدُ، يريد الأسود، فألقى حركة الهمزة على اللام فَتَحَرّكَتِ اللام وسقطت ألف الوصل لِتَحَرّكِها وَسَقَطَتِ الهمزة لَمّا أُلفِيَتْ حركتها على ما قبلها، وكذا لَيْكَةُ.
اعراب آيات سورة ( الحجر )
{ فَٱنتَقَمْنَا مِنْهُمْ وَإِنَّهُمَا لَبِإِمَامٍ مُّبِينٍ }
{.. وَإِنَّهُمَا لَبِإِمَامٍ مُّبِينٍ} [79]
في معناه قولان: أحدهما أنّ الإِمامَ الكتاب الذي كتبه الله جل وعز لأنه قَبلَ الكتب كلّها، والآخر أنه الطريق لأنه يُؤتَم به.

{ وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحَابُ ٱلحِجْرِ ٱلْمُرْسَلِينَ }
{وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحَابُ ٱلحِجْرِ ٱلْمُرْسَلِينَ} [80] قيل: أصحاب الحِجْرِ قوم صالح.

{ وَكَانُواْ يَنْحِتُونَ مِنَ ٱلْجِبَالِ بُيُوتاً آمِنِينَ }
قرأ الحسن {وَكَانُواْ يَنْحِتُونَ..} [82] لأن فيه حرفاً من حروف الحلق والكسر أفصح.
اعراب آيات سورة ( الحجر )
{ وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعاً مِّنَ ٱلْمَثَانِي وَٱلْقُرْآنَ ٱلْعَظِيمَ * لاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَىٰ مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِّنْهُمْ وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَٱخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ }
{وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعاً مِّنَ ٱلْمَثَانِي وَٱلْقُرْآنَ ٱلْعَظِيمَ} [87]
في الحديث أن القرآن ها هنا هو الحمدُ لأن بعض القرآن قرآن {لاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَىٰ مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِّنْهُمْ..} [88] أي لا تَتَمنَّينَّ نِعَمَهُمْ {وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ} أي على نعمتي عليهم. قال أبو اسحاق: ومعنى {وَٱخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ} أَلِنْ جناحك لمن آمن بك واتّبعَكَ.

{ كَمَآ أَنْزَلْنَا عَلَى ٱلْمُقْتَسِمِينَ * ٱلَّذِينَ جَعَلُواْ ٱلْقُرْآنَ عِضِينَ }
{كَمَآ أَنْزَلْنَا..} [90]
الكاف في موضع نصب أي {وقُلْ إِنّي أنا النَّذِيرُ المُبِينُ} عقاباً أو عذاباً مثل ما أنزلنا على المقتسمين {ٱلَّذِينَ جَعَلُواْ ٱلْقُرْآنَ عِضِينَ} [91] أبو عبيدة مَعْمَرُ بنُ المثّنى يذهب إلى أنّ "عضين" من عَضّيْتُ أي فَرّقتُ، وهو مشتق من العُضْوِ، والمحذوف عنده واو، والتصغيرُ عندَهُ عُضَيّة، والكسائي يذهب إلى أنه من عضَهْتُ الرجلَ أي رميتُهُ بالبهتان، والتصغير عنده عُضَيْهَةٌ. قال الفراء: العِضُونَ في كلام العرب السحر وانما جُمِعَ بالواو والنون عند البصريين عوضاً مما حُذِفَ منه وعند الكوفيين أنه كانَ يجِبُ أن يُجمَعَ على فُعُول فطلبوا الواو التي في فُعُول فجاءوا بها فقالوا عِضُون. قال الفراء: ومن العرب من يقول: عِضينُكَ يجعلُهُ بالياء على كلّ حال ويعرب النون، كما تقول: مضت سِنِينُكَ، وهي كثيرة في أسد وتميم وعامر، والعلّة عنده فيه أن الواو لَمّا وقَعَتْ مَوقعَ حرف ناقص توهّموا أنها واو فُعُول فأعربوا ما بعدها وقلبوها ياءاً كما قال بعض العرب في التاء حكاه عن أبي الجرّاح: سَمِعتُ لُغَاتَهُمْ، ولا تقول ذلك في الصالحات، ولا فيما حذِفَ من أوله نحو لِدّات.

{ فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ }
{فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ} [92] توكيد للهاء والميم.
اعراب آيات سورة ( الحجر )
{ فَٱصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ ٱلْمُشْرِكِينَ }
قال أبو إسحاق {فَٱصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ..} [94] أي أبِنْهُ وأَظهِرهُ مشتقّ من الصَّدِيع وهو الصبح، والصدعُ في الزجاجة أن يَبِينَ بَعضُها من بَعضٍ {بِمَا تُؤْمَرُ} مصدر عن عند البصريين أي بأمرنا، وقال الكسائي: التقدير بما تؤمر به مثل {أَلا إِنّ عادا كَفَرُوا رَبَّهُمْ} أي بربّهم ثم حذفت الباء. قال أبو جعفر: لا يجوز حذف الباء عند البصريين في كلام ولا شعر، وقد أنشد: الكوفيون لجرير:
تَمُرّونَ الديارَ ولم تَعُوجُوا * كَلاَمُكُم عَلَيَّ إِذاً حَرامُ
وسمعت علي بن سليمان يقول: سمعت محمد بن يزيد يقول: سمعت عمارة بن عقيل بن بلال بن جرير ينشد لجدّه:
* مَرَرتُمْ بالدّيارِ ولم تَعُوجُوا *

{ ٱلَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ ٱللَّهِ إِلـٰهاً آخَرَ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ }
{ٱلَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ ٱللَّهِ إِلـٰهاً آخَرَ..} [96]
في موضع نصب على النعت للمستهزئين: ومعنى {وأَعرِضْ عن المُشرِكِينَ} أي عن إِجابتهم إِذا تَلَقّوك بالقبيح.

{ وَٱعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّىٰ يَأْتِيَكَ ٱلْيَقِينُ }
{.. حَتَّىٰ يَأْتِيَكَ ٱلْيَقِينُ} [99]
نصب بحتّى، ولا يجوز رفعه لأنه مستقبل، "واليقين" الموت لأن كلّ عاقل يُوقِنُ بِهِ.

I'rab Surat Hud

Agus Subandi,Drs.MBA

اعراب آيات سورة هود
{ الۤر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ }
قال أبو جعفر: يقال: هذه هُودُ فاعلَمْ بغير تنوين على أنه اسم للسورة لأنك لو سَمّيتَ امرأة بزيد لم تصرف هذا قول الخليل وسيبويه، وعيسى يقول: هذه هُودٌ فاعلَمْ بالتنوين على أنه اسم للسورة وكذلك لو سَمّى امرأة بزيدٍ لأنه لَمّا سكّنَ وَسَطُهُ خَفّ فصرف فإن أَردتَ الحذفَ صَرفْتَ على قول الجميع فقلتَ: هذه هُودٌ فاعلَمْ تريد هذه سورة هُودٍ. قال سيبويه: والدليل على هذا أنك تقول: هذه الرحمنُ فلولا أنك تريد سورة الرحمن ما قلتَ هذه. {كِتَابٌ} بمعنى هذا كتاب {أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ} في موضع رفع نَعتٌ لكتاب وأحسنُ ما قِيلَ في معنى "أُحكِمَتْ" جُعِلَتْ مُحكَمةً كُلُّها لا خَلَلَ فيها ولا باطل وفي {ثُمَّ فُصِّلَتْ} آياته جُعلَتْ مُتفرّقةً لِيُتَدَبَّرَ {مِن لَّدُنْ} في موضع خفض إِلاّ أنها مبنيّة على السكون لأنها غيرُ مُتَمكّنةٍ وما بعدها مخفوض بالإضافة، وحكى سيبويه: لَدُنْ غُدْوةً يا هذا لَمّا كان يقال: لَدُ، كما أنشد سيبويه:
* من لَدُ شولٍ فالى اتلاَئهَا *
صارت النون مثلها في عشرين فَنَصبتَ ما بعدها {حَكِيمٍ} أي في أفعاله {خَبِيرٍ} أي بمصالح خلقه.

{ أَلاَّ تَعْبُدُوۤاْ إِلاَّ ٱللَّهَ إِنَّنِي لَكُمْ مِّنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ }
{أَلاَّ..} [2]
قال الكسائي والفراء: أي بأن لا وقال أبو إسحاق المعنى لئلا {تَعْبُدُوۤاْ} نَصبٌ بأن.

{ وَأَنِ ٱسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوۤاْ إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَّتَاعاً حَسَناً إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ وَإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنِّيۤ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ }
{وَأَنِ ٱسْتَغْفِرُواْ..} [3]
عطف {ثُمَّ تُوبُوۤاْ} عطف أيضاً {يُمَتِّعْكُمْ} جواب الأمر أي يمتعكم بالمنافع {مَّتَاعاً} اسم للمصدر {حَسَناً} من نعته {وَيُؤْتِ} عطف على يُمتّعكم {كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ} مفعولان.
وروى ابن جريج عن محمد بن عبّاد قال سمعت ابن عباس يقول: {أَلا إِنَّهُمْ تَثنَونِي صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُواْ مِنْهُ..} [5] قال: كانوا لا يجامعون النساء ولا يأتون الغائط وهم يُغْضُونَ إلى السماء فنزلت هذه الآية، وقيل: كان بعضهم ينحني على بعض لِيُسارّه وبلغ من جهلهم أن تَوهموا أن ذلك يخفى على الله جل وعز، وروى غير محمد بن عباد عن ابن عباس {إلا إنهم تَثنونِ صُدورهم} ومعنى تَثنونِ والقراءتين الأخريين مقارب لأنها لا تثنوني حتى يَثنُوهَا، وحذف الياء لا يجوز إلا في ضرورة الشعر كما قال:
فَهَلْ يَمنَعَنّي ارتيادي البِلادَ * منْ حَذَرِ المَوتِ أنْ يَأْتيَنْ
أو في صِلَة نَحو {والليل إذا يسْر} {يَستَغشونَ} في موضع خفض بالاضافة.
اعراب آيات سورة ( هود )
{ وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي ٱلأَرْضِ إِلاَّ عَلَى ٱللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ }
{وَمَا مِن دَآبَّةٍ..} [6]
في موضع رفع والمعنى وما دابةٌ {إِلاَّ عَلَى ٱللَّهِ رِزْقُهَا} رفع بالابتداء وعند الكوفيين بالصفة.

{ وَهُوَ ٱلَّذِي خَلَق ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى ٱلْمَآءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَلَئِن قُلْتَ إِنَّكُمْ مَّبْعُوثُونَ مِن بَعْدِ ٱلْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ إِنْ هَـٰذَآ إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ * وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ ٱلْعَذَابَ إِلَىٰ أُمَّةٍ مَّعْدُودَةٍ لَّيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ أَلاَ يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفاً عَنْهُمْ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِءُونَ }
{.. وَلَئِن قُلْتَ إِنَّكُمْ مَّبْعُوثُونَ..} [7]
كسرت ان لأنها بعد القول مبتدأة وحكى سيبويه الفتح {لَيَقُولَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ} بفتح اللام [التي قبل النون] لأنه فعل مُتَقدمٌ لا ضمير فيه، وبعده {.. لَيَقُولُنَّ..} [8] لأن فيه صميراً.

{ وَلَئِنْ أَذَقْنَا ٱلإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ إِنَّهُ لَيَئُوسٌ كَفُورٌ * وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَآءَ بَعْدَ ضَرَّآءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ ٱلسَّيِّئَاتُ عَنِّيۤ إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ }
{.. لَيَئُوسٌ..} [9]
من يَئِسَ يَيأسُ وحكى/ 99 أ/ سيبويه: يَئِس يَيْئِسُ على فَعِلَ يفعِلُ، ونظيره حَسِبَ يَحسِبُ ونَعِمَ يَنعِم وبَئِسَ يبئِسُ وبعضهم يقول: يَئِسَ ييأَسُ لا يُعرَف في كلام العرب إلا هذه الأربعة الأحرف من السالم جاءت على فَعِلَ يَفعِلُ في واحد منها اختلاف، فهو يائسٌ ويؤوس على التكثير وكذا فاخر وفخور.
قال يعقوب القارئ: وقرأ بعض أهل المدينة {.. إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ..} [10].
قال أبو جعفر: هكذا كما تقول: فَطُنٌ وحَذُر وَنَدُسٌ ويجوز في كلتا اللغتين الاسكان لثقل الضمة والكسرة.
اعراب آيات سورة ( هود )
{ إِلاَّ ٱلَّذِينَ صَبَرُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ أُوْلَـٰئِكَ لَهُمْ مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ }
{إِلاَّ ٱلَّذِينَ صَبَرُواْ..} [11]
في موضع نصب. قال الأخفش: هو استثناء [ليس من الأول وقال الفراء: هو استثناء من الأول] "ولئن أذقناهُ" أي الانسان قال: لأن الانسان بمعنى الناس.

{ فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَىٰ إِلَيْكَ وَضَآئِقٌ بِهِ صَدْرُكَ أَن يَقُولُواْ لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَيْهِ كَنزٌ أَوْ جَآءَ مَعَهُ مَلَكٌ إِنَّمَآ أَنتَ نَذِيرٌ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ }
{فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَىٰ إِلَيْكَ وَضَآئِقٌ بِهِ صَدْرُكَ..} [12]
معطوف على تارك، وصدرك مرفوع به {أَن يَقُولُواْ} في موضع نصب أي كراهة أن يقولوا.

{ أَمْ يَقُولُونَ ٱفْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُواْ بِعَشْرِ سُوَرٍ مِّثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَٱدْعُواْ مَنِ ٱسْتَطَعْتُمْ مِّن دُونِ ٱللَّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ }
{.. قُلْ فَأْتُواْ..} [13] وبعده.
اعراب آيات سورة ( هود )
{ فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُواْ لَكُمْ فَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّمَآ أُنزِلَ بِعِلْمِ ٱللَّهِ وَأَن لاَّ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ فَهَلْ أَنتُمْ مُّسْلِمُونَ }
{فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُواْ لَكُمْ..} [14]
ولم يقل: لك فهو على تحويل المخاطَبَةِ أو على أن تكون المُخَاطَبَةُ له كالمُخَاطَبَةِ للمؤمنين وعلى أن يُخاطَب مُخَاطَبَة الجميع.

{ مَن كَانَ يُرِيدُ ٱلْحَيَاةَ ٱلدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لاَ يُبْخَسُونَ }
{مَن كَانَ..} [15]
في موضع جزم بالشرط، وجوابه {نُوَفِّ إِلَيْهِمْ} فالأول من اللفظ ماض والثاني مستقبل كما قال زهير:
* وَمَنْ هَابَ أسبابَ المَنَايا يَنَلْنَهُ *
قال مجاهد: نُوف إليه حسناته في الدنيا وقال ميمون بن مهران: ليس احد يعمل حَسَنَة إلا وفِيّ ثوابها فإن كان مسلماً وفيّ في الدنيا والآخرة وإن كان كافراً وفي في الدنيا وقيل: المعنى من كان يريد بغزوه مَعَ النبي صلى الله عليه وسلم الغَنِيمَة وفيَهَا ولم يُنْقَصَ منها.

{ أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي ٱلآخِرَةِ إِلاَّ ٱلنَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا وَبَاطِلٌ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ }
{.. وَبَاطِلٌ..} [16]
ابتداء {مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} خبره، وقال أبو حاتم: وحذف الهاء. قال أبو جعفر: وهذا لا يحتاج الى حذف لأنه بمعنى المصدر أي وبَاطلٌ عَمَلُهُ وفي حرف أبي وعبد الله {وباطلاً مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} خبره تكون ما زائدة أي كانوا يعملون باطلاً.
اعراب آيات سورة ( هود )
{ أَفَمَن كَانَ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَىٰ إِمَاماً وَرَحْمَةً أُوْلَـٰئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَن يَكْفُرْ بِهِ مِنَ ٱلأَحْزَابِ فَٱلنَّارُ مَوْعِدُهُ فَلاَ تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِّنْهُ إِنَّهُ ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّكَ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يُؤْمِنُونَ }
{أَفَمَن كَانَ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ..} [17]
ابتداء والخبر محذوف أي أفمن كان على بَيّنة من ربه ومعه من الفضل ما يبين به ذلك لغيه فهذا على قول علي بن الحسين والحسن بن أبي الحسن قالا {وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ} لسانه وقال عكرمة عن ابن عباس: ويتلوه شاهد منه، جبرئيل صلى الله عليه وسلم فيكون على هذا ويتلو البيان والبرهان شاهد من الله عز وجل، وقال الفراء: قال بعضهم "وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ" الإنجيل وإن كان قبله أي يتلوه في التصديق. {وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَىٰ} رفع بالابتداء. قال أبو اسحاق: المعنى ويتلوه من قبله كتاب موسى لأن النبي صلى الله عليه وسلم موصوف في كتاب موسى صلى الله عليه وسلم يجدونه مكتوباً عندهم في التوراة والانجيل، وحكى أبو حاتم عن بعضهم أنه قرأ {وَمِن قَبلِهِ كِتَابَ مُوسَىٰ} بالنصب. قال أبو جعفر: النصب جائز يكون معطوفاً على الهاء أي ويتلو كتابَ موسى {إِمَاماً وَرَحْمَةً} على الحال.

{ أُولَـٰئِكَ لَمْ يَكُونُواْ مُعْجِزِينَ فِي ٱلأَرْضِ وَمَا كَانَ لَهُمْ مِّن دُونِ ٱللَّهِ مِنْ أَوْلِيَآءَ يُضَاعَفُ لَهُمُ ٱلْعَذَابُ مَا كَانُواْ يَسْتَطِيعُونَ ٱلسَّمْعَ وَمَا كَانُواْ يُبْصِرُونَ }
{.. يُضَاعَفُ لَهُمُ ٱلْعَذَابُ..} [20]
أي على قدر كفرهم ومعاصيهم {مَا كَانُواْ يَسْتَطِيعُونَ ٱلسَّمْعَ} {مَا} في موضع نصب على أن يكون المعنى بما كانوا كما تقول: جَزَيتُهُ ما فعل وبما فعل وأنشد سيبويه:
* أَمرتُكَ الخَيرَ فافعلْ ما أُمِرتَ بِهِ *
ويجوز أن يكون المعنى يُضاعَفُ لهم العذاب أبداً والتقدير في العربية وَقتَ ذلك ويجوز أن تكون "ما" النافية لا موضع لها. قال الفراء: ما كانوا يستطيعون السمع لأن الله جل وعز أضلّهم في اللوح المحفوظ، والجواب الرابع عن أبي اسحاق قال: لِبُغضِهِمْ النبي صلى الله عليه وسلم وعداوتهم له لا يستطيعون أن يستمعوا منه ولا يتفهموا الحجج. قال أبو جعفر: وهذا معروف في كلام العرب أن يقال: فلان لا يستطيع أن ينظر الى فلان إِذا كان ذلك ثقيلاً عليه. {وَمَا كَانُواْ يُبْصِرُونَ}/ 99 ب/ عطف.

{ أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ خَسِرُوۤاْ أَنْفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ }
{أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ خَسِرُوۤاْ أَنْفُسَهُمْ..} [21]
ابتداء وخبر: ويقال: اللذون ولا يجوز أن يُبنَى كما يُبنَى الواحد وفي بنائه أربعة أقوال: قال الأخفش: ضُمَّتِ الذي الى النون فصار كخمسة عشر، وقيل: لأنه لا يتم إِلاّ بصلة، ولا يُعرَبُ الاسم من وسطه، وقال علي بن سليمان: لأنه يقع لكل غائب، وقال محمد بن يزيد: لأنه يحتاج الى ما بعده كالحروف إِلاّ أنه أُنّثَ وَثُنّي وَجُمِعَ لأنه نعت ولم تُحَرّكْ ياؤه في موضع النصب لأنه ليس بمعرف ولهذا حُذِفَتْ في التثنية.
اعراب آيات سورة ( هود )
{ لاَ جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي ٱلآخِرَةِ هُمُ ٱلأَخْسَرُونَ }
{لاَ جَرَمَ..} [22]
قد تكلّم العلماء فيه، فقال الخليل وسيبويه: جَرَمَ بمعنى حَقَّ، "فأنّ" عندهما في موضع رفع وهذا قول الفراء ومحمد بن يزيد وزعم الخليل أن "لا" ههنا جيء بها لِيُعلّمَ أنّ المخاطب لم يَبتَدئْ كلامه وإِنّما خاطب من خَاطَبهُ والكلام يجاء ليدلّ على المعاني. وقال أبو اسحاق: "لا" ههنا نَفْيٌ لما ظنّوا أنه ينفعهم كان المعنى لا ينفعهم ذلك جَرَمَ أنّهم أي كسب ذلك الفعلُ لهم الخُسرَانَ فأنّ عنده في موضع نصب وقال الكسائي: في الاعراب لا صَدَّ ولا مَنعَ عن أنهم وحكى الكسائي فيها أَربعَ لغاتٍ "لا جَرَمَ"، "ولا عن ذا جرم" و "لا انّ ذا جرم" قال وناس من فزارة يقولون: لا جَرَ أنهم بغير ميم، وحكى الفراء فيه لغتين أخريين قال: بنو عامر يقولون: لا ذَا جَرَمَ، قال: وناس من العرب يقولون: لا جُرْمَ بضم الجيم.

{ إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ وَأَخْبَتُوۤاْ إِلَىٰ رَبِّهِمْ أُوْلَـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ }
{إِنَّ ٱلَّذِينَ..} [23]
اسم إِنّ {آمَنُواْ} صلة {وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ وَأَخْبَتُوۤاْ إِلَىٰ رَبِّهِمْ} عطف على الصلة قال مجاهد "أَخْبَتُوۤاْ" اطمأنوا وقال الفراء: أخبتوا الى ربهم ولربهم واحد وقد يكون المعنى وجّهوا أخباتهم الى ربهم. أولئك أصحاب الجنة خبر "إِنّ".

{ مَثَلُ ٱلْفَرِيقَيْنِ كَٱلأَعْمَىٰ وَٱلأَصَمِّ وَٱلْبَصِيرِ وَٱلسَّمِيعِ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ }
{مَثَلُ ٱلْفَرِيقَيْنِ..} [24]
ابتداء، والخبر {كَٱلأَعْمَىٰ} وما بعده. قال الأخفش: أي كمثل الأعمى قال أبو جعفر: التقدير مثل فريق الكافر كالأعمى والأصمّ ومثل فريق المؤمن كالسميعِ والبصير ولهذا {هَلْ يَسْتَوِيَانِ} ولا يقع ههنا من حروف العطف إلاّ الواو لأنها للاجتماع، وحكى سيبويه: مَرَرتُ بأَخِيكَ وَصَدِيقكَ.
اعراب آيات سورة ( هود )
{ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَىٰ قَوْمِهِ إِنَّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ }
{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَىٰ قَوْمِهِ إِنَّي..} [25]
أي [فقال إِنّي وأني أي] بأنّي.

{ فَقَالَ ٱلْمَلأُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قِوْمِهِ مَا نَرَاكَ إِلاَّ بَشَراً مِّثْلَنَا وَمَا نَرَاكَ ٱتَّبَعَكَ إِلاَّ ٱلَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ ٱلرَّأْيِ وَمَا نَرَىٰ لَكُمْ عَلَيْنَا مِن فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كَاذِبِينَ }
{فَقَالَ ٱلْمَلأُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قِوْمِهِ..} [27]
قال أبو اسحاق: "ٱلْمَلأُ" الرؤساء أي هم مليئون بما يقولون. {مَا نَرَاكَ إِلاَّ بَشَراً مِّثْلَنَا} نصب على الحال ومثلنا مضاف الى معرفة وهو نكرة يقدّر فيه التنوين كما قال:
* يا رُبّ مِثْلِكِ في النّساءِ غَرِيرَةٍ *
{وَمَا نَرَاكَ ٱتَّبَعَكَ إِلاَّ ٱلَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا} وهم الفقراء والذين لا حسب لهم والخسيسو الصناعات، وفي الحديث أَنّهم كانوا حاكةً وحجّامِينَ، وكان هذا جهلاً منهم لأنهم عابوا نبي الله صلى الله عليه وسلم بما لا عيب فيه لأن الأنبياء صلوات الله عليهم إنّما عليهم أن يأتوا بالبراهين والآيات وليس عليهم تغيير الصور والهيئات وهم يُرسَلُونَ الى الناس جميعاً فاذا أسلم منهم الذين لم يلحقهم من ذلك نقصان لأن عليهم أن يقبلوا اسلام كل من أسلم منهم {بَادِيَ ٱلرَّأْيِ} بَدَا يبدو إِذا ظهر كما قال:
* فاليَومَ حِينَ بَدونَ لِلنّظّار *
ويجوز أن يكون "بَادِيَ ٱلرَّأْيِ" مِنْ بَدَأ وَخُفّفَت الهمزة، وحَقّقَ أبو عمرو الهمزة فقرأ {بادىءَ الرأيِ}. قال أبو اسحاق: نصبه بمعنى في بادىء الرأي. قال أبو جعفر: لم يشرح النحويون نَصبَهُ فيما علمت بأكثر من هذا فيجوز أن يكون "في" حذفت كما قال جل وعز {واختارَ مُوسَى قَومَهُ} ويجوز أن يكون المعنى اتّباعاً ظاهراً.

{ قَالَ يٰقَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّيۤ وَآتَانِي رَحْمَةً مِّنْ عِندِهِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنتُمْ لَهَا كَارِهُونَ }
حكى الكسائي والفراء {.. أَنُلْزِمْكُمُوهَا..} [28] باسكان الميم الأولى تخفيفاً/ 100 أ/ وقد أجاز سيبويه مثل هذا وأنشد:
فاليَومَ أَشرَبْ غَيرَ مُسْتَحقِبٍ * إثماً مِنَ الله ولا وَاغِلِ
ويجوز على قول يونس في غير القرآن أَنُلزِمْكُمْهَا يُجْري المضمر مَجرى المظهر كما تقول: أَنُلزِمْكُمْ تلك.
اعراب آيات سورة ( هود )
{ وَيٰقَوْمِ مَن يَنصُرُنِي مِنَ ٱللَّهِ إِن طَرَدتُّهُمْ أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ }
{.. أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ..} [30]
أدغمت التاء في الذال ويجوز حذفها فتقول: تَذَكّرُونَ.

{ وَلاَ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَآئِنُ ٱللَّهِ وَلاَ أَعْلَمُ ٱلْغَيْبَ وَلاَ أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ وَلاَ أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِيۤ أَعْيُنُكُمْ لَن يُؤْتِيَهُمُ ٱللَّهُ خَيْراً ٱللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا فِيۤ أَنْفُسِهِمْ إِنِّيۤ إِذاً لَّمِنَ ٱلظَّٰلِمِينَ * قَالُواْ يٰنُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَآ إِن كُنتَ مِنَ ٱلصَّادِقِينَ }
{وَلاَ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَآئِنُ ٱللَّهِ..} [31]
أخبر بتواضعه وتذلّله للهِ جل وعز وأنه لا يدعي ما ليس له من خزائن الله جل وعز وهي أنعامه على من يشاء من عباده، وأنه لا يعلم الغيب لأن الغيب لا يعلمه إلا الله جل وعز {وَلاَ أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ} أي ولا أقول إنّ منزلتي عند الله جل وعز منزلة الملائكة. وقد قالت العلماء: الفائدة في هذا الكلام الدلالة على أن الملائكة أفضل من الأنبياء صلوات الله عليهم وسلم لدوامهم على الطاعة واتّصال عبادتهم الى يوم القيامة {وَلاَ أَقُولُ} لكم ولا {لِلَّذِينَ تَزْدَرِيۤ أَعْيُنُكُمْ} والأصل تزدريهم حذِفَتِ الهاء والميم لطول الاسم والدال مُبدَلةُ من تاء لأن الزاي مجهورة والتاء مهموسة فَأُبدِلَ مِنَ التاء حرف مجهور من مخرجها. {إِنِّيۤ إِذاً لَّمِنَ ٱلظَّالِمِينَ} أي إِنْ قلتُ هذا وإِذن ملغاة لأنها متوسطة.
وعن ابن عباس {.. فَأَكثرتَ جَدَلَنَا..} [32] والجَدَلُ في كلام العرب المبالغة في الخصومة والمناظرة مُشتَقٌ من الجَدْلِ وهو شدة الفتل. ويقال للصقر أَجدَلُ لشدته في الطير.

{ وَلاَ يَنفَعُكُمْ نُصْحِيۤ إِنْ أَرَدْتُّ أَنْ أَنصَحَ لَكُمْ إِن كَانَ ٱللَّهُ يُرِيدُ أَن يُغْوِيَكُمْ هُوَ رَبُّكُمْ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ }
{وَلاَ يَنفَعُكُمْ نُصْحِيۤ إِنْ أَرَدْتُّ أَنْ أَنصَحَ لَكُمْ..} [34] أي لأنكم لا تقبلون نصحاً.
اعراب آيات سورة ( هود )
{ أَمْ يَقُولُونَ ٱفْتَرَاهُ قُلْ إِنِ ٱفْتَرَيْتُهُ فَعَلَيَّ إِجْرَامِي وَأَنَاْ بَرِيۤءٌ مِّمَّا تُجْرِمُونَ }
{.. إِجْرَامِي..} [35]
مصدر أجرمَ وأجرامي جمع جُرْمٍ وقد أَجرَمَ وَجَرَم.

{ وَأُوحِيَ إِلَىٰ نُوحٍ أَنَّهُ لَن يُؤْمِنَ مِن قَوْمِكَ إِلاَّ مَن قَدْ آمَنَ فَلاَ تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ }
{وَأُوحِيَ إِلَىٰ نُوحٍ..} [36]
في صرف نوح قولان: أحدهما أنّه أعجميّ ولكنه خَفّ لأنه على ثلاثة أحرف، والآخر أنّه عربيّ قال عكرمة: إِنما سُمّي نوحاً لأنه كان يكثر النياحة على نفسه قال: وَرَكِبَ في السفينة لِعَشْرٍ خلون من رجب {واستَوَتْ على الجودِيّ} لعشر خَلَونَ من المُحَرَّمِ فذلك ستة أشهر وكان طولها ثلثمائة ذراع وعرضها وَرفعُها ثلاثون ذراعاً {أَنَّهُ} في موضع رفع على أنه اسم ما لم يُسَمّ فاعله ويجوز أن يكون في موضع نصب ويكون التقدير بأنه، {لَن يُؤْمِنَ مِن قَوْمِكَ إِلاَّ مَن قَدْ آمَنَ} في موضع رفع بيؤمن {فَلاَ تَبْتَئِسْ} أي فلا تغتَمّ حتى تكون بائساً.

{ وَٱصْنَعِ ٱلْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا وَلاَ تُخَاطِبْنِي فِي ٱلَّذِينَ ظَلَمُوۤاْ إِنَّهُمْ مُّغْرَقُونَ }
{وَٱصْنَعِ ٱلْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا..} [37]
قيل: معناه بحفظنا، وقيل: بعلمنا، وقيل: لأن الملائكة صلوات الله عليهم كانت تريد ذلك، {وَلاَ تُخَاطِبْنِي فِي ٱلَّذِينَ ظَلَمُوۤاْ} أي لا تسألني فيهم فاني مغرقهم.
اعراب آيات سورة ( هود )
{ وَيَصْنَعُ ٱلْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلأٌ مِّن قَوْمِهِ سَخِرُواْ مِنْهُ قَالَ إِن تَسْخَرُواْ مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ }
{.. وَكُلَّمَا..} [38]
ظرف {مَرَّ عَلَيْهِ مَلأٌ مِّن قَوْمِهِ سَخِرُواْ مِنْهُ} قال الأخفش والكسائي يقال: سَخِرتُ به ومنه.

{ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُّقِيمٌ }
{فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ..} [39]
قال الكسائي: وناس من أهل الحجاز يقولون: سَوْ تعلمون، قال؛ ومن قال: ستعلمون أسقط الواو والقاء جميعاً، وحكى الكوفيون: سَفَ تعلمون. ولا يعرف البصريون إِلاّ سَوفَ يفعلُ وسَيَفعلُ لغتان ليست احداهما من الأخرى.

{ حَتَّىٰ إِذَا جَآءَ أَمْرُنَا وَفَارَ ٱلتَّنُّورُ قُلْنَا ٱحْمِلْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ ٱثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلاَّ مَن سَبَقَ عَلَيْهِ ٱلْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ وَمَآ آمَنَ مَعَهُ إِلاَّ قَلِيلٌ }
{.. قُلْنَا ٱحْمِلْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ ٱثْنَيْنِ..} [40]
في موضع نصب باحملْ {وَأَهْلَكَ} عطف عليه {إِلاَّ مَن سَبَقَ عَلَيْهِ ٱلْقَوْلُ} "مَنْ" في موضع نصب بالاستثناء {وَمَنْ آمَنَ} في موضع نصب عطف على اثنين وإن شئت على أهلَكَ، {وَمَآ آمَنَ مَعَهُ إِلاَّ قَلِيلٌ} رفع بآمنَ، ولا يجوز نصبه على الاستثناء لأن الكلام قبله لم يتم إِلاّ أنّ الفائدة في دخول "إِلاّ" و "ما" أنك لو قلت: آمنَ معَهُ فلانٌ وفلانٌ جاز أن يكون غيرهم قد آمن فإذا جِئتَ بما وإِلا أَوجَبتَ لِما بَعدَ إِنّ وَنَفَيتَ عن غَيرهِم.
اعراب آيات سورة ( هود )
{ وَقَالَ ٱرْكَبُواْ فِيهَا بِسْمِ ٱللَّهِ مَجْريٰهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ }
{وَقَالَ ٱرْكَبُواْ فِيهَا بِسْمِ ٱللَّهِ مُجْريٰهَا وَمُرْسَاهَا..} [41]
بضم ميميهما قراءة أهل الحرمين وأهل البصرة إِلاّ من شذَّ منهم،/ 100 ب/ وقرأ الأعمش وحمزة والكسائي {بِسْمِ ٱللَّهِ مَجْريٰهَا } بفتح الميم {وَمُرْسَاهَا} بضم الميم، وروي عن يحيى بن عيسى عن الأعمش عن يحيى بن وثاب {باسم الله مَجَراها ومَرَسَاها} بفتح الميم فيهما، وقرأ مجاهد ومسلم بن جُندَبٍ وعاصم الجحدري {باسم الله مُجْرِيهَا ومُرسيها} فالقراءة الأولى بمعنى باسم الله إجراؤها وإرساؤها مرفوع بالابتداء، ويجوز أن يكون في موضع نصب ويكون التقدير باسم الله وقت إجرائها كما تقول: أنا أجيئُكَ مَقدَم الحاجّ، وقيل التقدير باسم الله مَوضِعَ اجرائها ثم حذف موضع وأقيم مجراها مقامه، وقال الضحاك: كان إذا قال: باسم الله جَرَتْ وإِذا قال: باسم الله رَسَتْ وتكون الباء متعلقة باركبوا و "مَجْرَاها" بفتح الميم من جَرتْ مجرَى و "مَرسَاهَا" بفتح الميم من رَسَتْ رُسُوّاً ومَرسَى إِذا ثَبَتَتْ، ومُجرِيها نعت لله جل وعز في موضع جر، ويجوز أن يكون في موضع رفع على اضمار مبتدأ أي هو مِجرِيها ومُرسِيها ويجوز النصب على الحال بمعنى أعني.

{ وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَٱلْجِبَالِ وَنَادَىٰ نُوحٌ ٱبْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يٰبُنَيَّ ٱرْكَبَ مَّعَنَا وَلاَ تَكُن مَّعَ ٱلْكَافِرِينَ }
{.. وَنَادَىٰ نُوحٌ ٱبْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ..} [42]
ويجوز على قول سيبويه {وَنَادَىٰ نُوحٌ ٱبْنَهُ} مختلس {وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ} وأنشد سيبويه:
* له زجل كأنه صوت حاد *
فأما {وَنَادَىٰ نُوحٌ ٱبْنَهُ وَكَانَ} فقراءة شاذة وزعم أبو حاتم أنها تجوز على أنه يريد ابنها ثم يحذف الألف كما تقول: ابنه فتحذف الواو. قال أبو جعفر: هذا الذي قاله أبو حاتم لا يجوز على مذهب سيبويه لأن الألف خفيفة فلا يجوز حذفها والواو ثقيلة يجوز حذفها. {وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ} اسم المكان والمصدر مَعزَلٌ {يٰبُنَيَّ ٱرْكَبَ مَّعَنَا}، وقرأ عاصم {يٰبُنَيَّ ٱرْكَبَ مَّعَنَا} بفتح الياء. قال أبو اسحاق: ويجوز في العربية يا بُنَيَّ اركبْ مَعَنَا كما تقول: يا غُلاَمِي أَقبِلْ وكذا {يا عِبَادِيَ الذينَ أسرفوا على أنفُسِهِمْ} "يا بُنَيِ ٱرْكَبَ مَّعَنَا" على أن تحذف الياء وتُبقِي الكَسرَةَ دالّةً عليها كما تقول: يا غُلاَمِ أقبِلْ. فأما قراءة عاصم فمشكلة، قال أبو حاتم: يريد يا بُنَيّاه ثم حذف. قال أبو جعفر، ورأيتُ عليّ بن سليمان يذهب إلى أنّ هذا لا يجوز لأن الألف خفيفة فلا يحذف. قال أبو جعفر: وما علمت أحداً من النحويين جَوّز الكلام في هذا إلاّ أبا إِسحاق فإِنّهُ زَعم أنّ الفتح من جهتين والكسر من جهتين فالفتح على أن يبدل من الياء ألفاً كما قال: جل وعز أحياناً {يا ويلَنَا} وكما قال:
* فيا عَجَبَا مِن رَحلِهَا المُتَحَمَّلِ *
فيريد بابُنَيّا ثم حَذَف الألف لالتقاء الساكنين كما تقول: جاءني عبد الله في التثنية، والجهة الأخرى أن تحذف الألف لأنّ النداء موضع حذف ولكن على أن تحذف الياء، والجهة الأخرى على أن يحذفها لالتقاء الساكنين. {وَلاَ تَكُن مَّعَ ٱلْكَافِرِينَ} يدلّ هذا - والله أعلم - على أنّ نوحاً صلى الله عليه وسلم لم يعلم أنه كافر وأنه ظنّ أنه مؤمن.

{ قَالَ سَآوِيۤ إِلَىٰ جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ ٱلْمَآءِ قَالَ لاَ عَاصِمَ ٱلْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ ٱللَّهِ إِلاَّ مَن رَّحِمَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا ٱلْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ ٱلْمُغْرَقِينَ }
{.. قَالَ لاَ عَاصِمَ ٱلْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ ٱللَّهِ..} [43]
على التبرئة ويجوز "لاَ عَاصِمٌ ٱلْيَوْمَ" تكون "لا" بمعنى ليس {إِلاَّ مَن رَّحِمَ} في موضع نصب استثناء ليس من الأول ويجوز أن تكون في موضع رفع على أنّ عاصماً بمعنى معصوم مثل {ماءٍ دافقٍ} ومن أحسن ما قيل فيه أن يكون "مَنْ" في موضع رفع والمعنى لا يعصم اليوم من أمر الله إلاّ الراحمُ أي إلاّ اللهُ جل وعز ويُحَسّنُ هذا لأنك لم تجعل عاصماً بمعنى معصوم فتخرجه من بابه.
اعراب آيات سورة ( هود )
{ وَقِيلَ يٰأَرْضُ ٱبْلَعِي مَآءَكِ وَيٰسَمَآءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ ٱلْمَآءُ وَقُضِيَ ٱلأَمْرُ وَٱسْتَوَتْ عَلَى ٱلْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْداً لِّلْقَوْمِ ٱلظَّالِمِينَ }
{وَقِيلَ يٰأَرْضُ ٱبْلَعِي مَآءَكِ..} [44]
قيل: هذا مجاز لأنها موات وقيل: جُعِلَ فيها ما تُمَيِّزُ به، والذي قال إنّها مجاز، قال: لو فُتِّشَ كَلاَمُ العرب والعجم ما وُجِد فيه مثل هذه الآية على حس نظمها وبلاغة وصفها واشتمال المعاني فيها، وحكى الكسائي والفراء بَلِعَتْ وَبَلَعَتْ، {وَغِيضَ ٱلْمَآءُ} يقال: غاضَ الماءُ وَغِضْتُهُ، ويجوز غُيْضَ الماءُ، بضم الغين {وَٱسْتَوَتْ/ 101 أ/ عَلَى ٱلْجُودِيِّ} فبيَّن الاعراب فيه لأن الياء مشدَّدة فقبلها ساكن وحكى الفراء واستوت على الجُودِيْ، باسكان الياء لأن قبلها مكسوراً وهي مُخفَّفَةٌ {وَقِيلَ بُعْداً لِّلْقَوْمِ ٱلظَّالِمِينَ} والذي قال هذه فيما رُوِيَ نوحٌ صلى الله عليه وسلم والمؤمنون أي أَبعَدَ الله الظالمين فبعدوا بُعداً على المصدر.

{ وَنَادَى نُوحٌ رَّبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ٱبْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ ٱلْحَقُّ وَأَنتَ أَحْكَمُ ٱلْحَاكِمِينَ }
{.. إِنَّ ٱبُنِي..} [45]
اسم إِنّ {مِنْ أَهْلِي} في موضع الخبر. {وَإِنَّ وَعْدَكَ ٱلْحَقُّ} اسم "إن" وخبرها، {وَأَنتَ أَحْكَمُ ٱلْحَاكِمِينَ} ابتداء وخبره.

{ قَالَ يٰنُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلاَ تَسْئَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّيۤ أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ ٱلْجَاهِلِينَ }
{.. إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ..} [46]
قد ذكرناه {فَلاَ تَسْئَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} أي بي من لم يعلم أنه مؤمن، {إِنِّيۤ أَعِظُكَ} أي أعظك بنهيي وزجري لئلاّ تكون، والبصريون يقدرون كراهة أن يكون.
اعراب آيات سورة ( هود )
{ قَالَ رَبِّ إِنِّيۤ أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلاَّ تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِيۤ أَكُن مِّنَ ٱلْخَاسِرِينَ }
{قَالَ رَبِّ إِنِّيۤ أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ..} [47]
أي أسألك أن تُوفّقَنِي وتَلْطُفَ لي حتّى لا أسأل ذلك {وَإِلاَّ تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِيۤ} يدلّ على أنّ الأنبياء صلوات الله عليهم يذنبون {أَكُن مِّنَ ٱلْخَاسِرِينَ} أي رحمتك يَوْمَ القيامة.

{ قِيلَ يٰنُوحُ ٱهْبِطْ بِسَلاَمٍ مِّنَّا وَبَركَاتٍ عَلَيْكَ وَعَلَىٰ أُمَمٍ مِّمَّن مَّعَكَ وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُمْ مِّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ }
{قِيلَ يٰنُوحُ ٱهْبِطْ..} [48]
أي من السفينة {بِسَلاَمٍ} أي بسلامة {وَبَرَكَاتٍ عَلَيْكَ} أي نعَمٍ ثابتةٍ مشتقّ من بُرُوكِ الجملِ وهو ثباته واقامته. {مِّمَّن مَّعَكَ} "مِنْ" للتبعيض وتكون لبيان الجنس {وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ} أي وتكون أممٌ. قال الأخفش سعيد: كما تقول: كلّمتُ زيداً وعمرُو جالسٌ، وأجاز الفراء في غير القراءة {وأُمَماً} وتقديره وسنمتّع أمماً.

{ تِلْكَ مِنْ أَنْبَآءِ ٱلْغَيْبِ نُوحِيهَآ إِلَيْكَ مَا كُنتَ تَعْلَمُهَآ أَنتَ وَلاَ قَوْمُكَ مِن قَبْلِ هَـٰذَا فَٱصْبِرْ إِنَّ ٱلْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ }
{تِلْكَ مِنْ أَنْبَآءِ ٱلْغَيْبِ..} [49]
أي تلك الأنباء وفي موضع آخر ذلك اي ذلك النبأ {فَٱصْبِرْ} أي فاصبر على أذى قومك كما صبر هؤلاء الرسل صلى الله عليهم وسلم.
اعراب آيات سورة ( هود )
{ وَإِلَىٰ عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً قَالَ يٰقَوْمِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُمْ مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ مُفْتَرُونَ }
{وَإِلَىٰ عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً..} [50]
نصب بمعنى وأرسلنا. قال أبو اسحاق: قيل له أخوهم لأنه منهم أو لأنه من بني آدم عليه السلام كما أنهم من بني آدم {مَا لَكُمْ مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ} على اللفظ وَغَيْرُهُ على الموضع وغَيرَهُ على الاستثناء. {إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ مُفْتَرُونَ} أي ما أنتم في اتخاذكم إِلهاً غيره إلا كاذبون عليه جل وعز.

{ يٰقَوْمِ لاۤ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى ٱلَّذِي فَطَرَنِيۤ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ }
{يٰقَوْمِ لاۤ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً..} [51]
حُذِفَتِ الياء لأن النداء موضع حَذفٍ لكثرته، ويجوز إثباتها لأنها اسم.

{ وَيٰقَوْمِ ٱسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوۤاْ إِلَيْهِ يُرْسِلِ ٱلسَّمَآءَ عَلَيْكُمْ مِّدْرَاراً وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَىٰ قُوَّتِكُمْ وَلاَ تَتَوَلَّوْاْ مُجْرِمِينَ }
{.. يُرْسِلِ ٱلسَّمَآءَ..} [52]
جزم لأنه جواب وفيه معنى المجازاة {مِّدْرَاراً} على الحال وفيه معنى التكثير، والعرب تحذف الهاء في مِفْعَالٍ على النسب {وَيَزِدْكُمْ} عطفاً على يُرسِلْ.
اعراب آيات سورة ( هود )
{ إِن نَّقُولُ إِلاَّ ٱعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوۤءٍ قَالَ إِنِّيۤ أُشْهِدُ ٱللَّهَ وَٱشْهَدُوۤاْ أَنِّي بَرِيۤءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ }
{إِن نَّقُولُ إِلاَّ ٱعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا..} [54]
على تذكير بعض ويجوز التأنيث على المعنى.

{ إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى ٱللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَّا مِن دَآبَّةٍ إِلاَّ هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَآ إِنَّ رَبِّي عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ }
{إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى ٱللَّهِ..} [56]
أي رضيتُ بحكمه ووثقت بنصره {مَّا مِن دَآبَّةٍ} في موضع رفع بالابتداء {إِلاَّ هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَآ} أي يُصرّفها كيفَ يشاءُ ويمنعها مما شاء أي فلا يصلون الى ضرري، وكلّ ما فيه الروحُ يقال: له دابٌّ ودابّةٌ والهاء للمبالغة {إِنَّ رَبِّي عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} قيل: معناه لا خلل في تدبيره ولا تفاوت في خلقه.

{ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ مَّآ أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْماً غَيْرَكُمْ وَلاَ تَضُرُّونَهُ شَيْئاً إِنَّ رَبِّي عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ }
{فَإِن تَوَلَّوْاْ..} [57]
في موضع جزم فلذلك حُذِفَتْ منه النون، والأصل تتولّوا فحذفت التاء لاجتماع تاءين وإِنّ المعنى معروف {فَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ مَّآ أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ} بمعنى قد بَيّنتُ لكم {وَيَستَخلِفُ ربّي قَو}مَاً غَيْركُمْ} مستأنف، ويجوز أن يكون عطفاً على ما يجب فيما بعد الفاء ويجوز الجزم في غير القرآن مثل {ونذرُهُمْ في طُغيَانِهِمْ} وكذا {وَلاَ تَضُرُّونَهُ شَيْئاً}.
اعراب آيات سورة ( هود )
{ وَلَمَّا جَآءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا هُوداً وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا وَنَجَّيْنَاهُمْ مِّنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ }
{وَلَمَّا جَآءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا هُوداً وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا..} [58]
لأنّ أحداً لا ينجو إلا برحمة الله تعالى وإِن كانت له أعمال صالحة، وعن النبي صلى الله عليه وسلم مثل هذا، وقيل: معنى {بِرَحْمَةٍ مِّنَّا} بأنْ بينّا لهم الهدَى الذي هو رحمة.

{ وَتِلْكَ عَادٌ جَحَدُواْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَعَصَوْاْ رُسُلَهُ وَٱتَّبَعُوۤاْ أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ }
{وَتِلْكَ عَادٌ..} [59]
ابتداء وخبر، وحكى الكسائي والفراء أنّ من العرب من لا يصرف عاداً أي يجعله اسماً للقبيلة.

{ وَأُتْبِعُواْ فِي هَـٰذِهِ ٱلدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ أَلاۤ إِنَّ عَاداً كَفَرُواْ رَبَّهُمْ أَلاَ بُعْداً لِّعَادٍ قَوْمِ هُودٍ }
{.. أَلاۤ إِنَّ عَاداً كَفَرُواْ رَبَّهُمْ..} [60]
قال الفراء: أي كفروا نعمةَ ربّهم قال: ويقال: كَفرتُهُ وكَفَرتُ بِهِ، وشَكَرتُ لَهُ وشكرتُهُ.
اعراب آيات سورة ( هود )
{ وَإِلَىٰ ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً قَالَ يٰقَوْمِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُمْ مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنشَأَكُمْ مِّنَ ٱلأَرْضِ وَٱسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَٱسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوۤاْ إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُّجِيبٌ }
{وَإِلَىٰ ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً..} [61]
وقرأ يحيى بن وثاب والأعمش {وَإِلَىٰ ثَمُودٍ أَخَاهُمْ صَالِحاً}/ 101 ب/ وصَرفا ثموداً في سائر القرآن ولم يصرف حمزة ثمود في شيء من القرآن، وكذا رُوِيَ عن الحسن واختلف سائر القراء فيه فَصَرَفُوهُ في موضع ولم يصرفوه في موضع، وزعم أبو عُبَيْدٍ أنه لولا مُخالَفةُ السواد لكان الوجه تَرَكَ الصرف إذ كان الأغلب عليه التأنيث. قال أبو جعفر: الذي قاله أبو عبيد رحمه الله من أن الغالب عليه التأنيث كلامٌ مردود لأن ثموداً يقال له حَيّ ويقال له قبيلة وليس الغالب عليه القبيلةَ بل الأمر على ضِدّ ما قال عند سيبويه، والأجود عند سيبويه فيما لم يُقَلْ فيه بنو فلان، الصرف نحو قُرَيشٍ وثَقيفٍ وما أشبهها وكذا ثمود، والعلة في ذلك أنه لَمّا كان التذكير الأصل وكان يقع له مذكّر ومؤنّث كان الأصل والأخفّ أولى والتأنيث جَيّدٌ بالغٌ حَسَنٌ، وأنشد سيبويه في التأنيث:
غَلَبَ المَسَامِيحَ الولِيدُ سَماحةً * وكَفَى قُرَيش المُعضِلاَتِ وَسَادَهَا
{غَيْرُهُ هُوَ أَنشَأَكُمْ} ولا يجوز إِدغام الهاء [في الهاء] إلاّ على لغة من حذف الواو في الإِدراج {إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُّجِيبٌ} أي قريب الإجابة.

{ وَيٰقَوْمِ هَـٰذِهِ نَاقَةُ ٱللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِيۤ أَرْضِ ٱللَّهِ وَلاَ تَمَسُّوهَا بِسُوۤءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ قَرِيبٌ }
{.. هَـٰذِهِ نَاقَةُ ٱللَّهِ..} [64]
ابتداء وخبر، وقيل: ناقةُ اللهِ لأنه أخرجها لهم من جبل على ما طلبوا على أنهم يؤمنون. {لَكُمْ آيَةً} نصب على الحال {فَذَرُوهَا} أمر فلذلك حُذِفَتْ منه النون، ولا يقال: وذر ولا واذِر إِلاّ شاذاً، وللنحويين فيه قولان: قال سيبويه: استغنُوا عنه بِتَركَ، وقال غيره: لما كانت الواو ثقيلة وكان في الكلام فِعلٌ بمعناه لا واو فيه ألغَوهُ، {تَأْكُلْ فِيۤ أَرْضِ ٱللَّهِ} جزم لأنه جواب الأمر. قال أبو اسحاق: ويجوز رفعه على الحال والاستئناف {وَلاَ تَمَسُّوهَا} جزم بالنهي. قال الفراء: {بِسُوۤءٍ} أي بِعقرٍ {فَيَأْخُذَكُمْ} جواب النهي {عَذَابٌ قَرِيبٌ} من عقرها.

{ فَعَقَرُوهَا فَقَالَ تَمَتَّعُواْ فِي دَارِكُمْ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ ذٰلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ * فَلَمَّا جَآءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا صَالِحاً وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ ٱلْقَوِيُّ ٱلْعَزِيزُ }
{فَعَقَرُوهَا فَقَالَ تَمَتَّعُواْ..} [65]
أي بِنِعَمِ اللهِ جل وعز قبل العذاب {ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ} ظرف زمان.
قال أبو حاتم: حدّثنا أبو زيد عن أبي عمرو أنه قرأ {.. وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ..} [66] أدغم الياء في الياء وأضاف وكَسَرَ الميم من يومئذ. قال أبو جعفر: الذي يرويه النحويون مِثلُ سيبويه ومن قَارَبَهُ عن أبي عمرو في مثل هذا الاخفاءُ فأما الادغام فلا يجوز لأنه يلتقي ساكنان ولا يجوز كسر الزاي. قال أبو جعفر: ومن قرأ مِنْ خِزْيَ يَومئِذ حَذَفَ التنوين وأضاف ومن نَوّنَ نَصَبَ يَومَئِذٍ على أنه ظرف ومن حذف التنوين ونصبَ فقال "ومن خِزْيِ يَومَئِذٍ" فله تقديران عند النحويين: فتقدير سيبويه أنه مَبنيّ لأن ظرف الزمان ليس الاعراب فيه متمكناً فلما أضيف الى غير معرب بُنِيَ وأنشد:
* على حِينَ ألهى الناسَ جُلُّ أُمورِهِمْ *
وقال أبو حاتم: جُعِلَ "يَومٌ" و "إِذا" بمنزلة خمسةَ عَشرَ.
اعراب آيات سورة ( هود )
{ وَأَخَذَ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ ٱلصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ }
{وَأَخَذَ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ ٱلصَّيْحَةُ..} [67]
صيح بهم فماتو وذُكِّرَ لأن الصيحة والصياح واحد، {فَأَصْبَحُواْ فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ} قيل: ساقطين على وجوههم.

{ وَلَقَدْ جَآءَتْ رُسُلُنَآ إِبْرَاهِيمَ بِٱلْبُـشْرَىٰ قَالُواْ سَلاَماً قَالَ سَلاَمٌ فَمَا لَبِثَ أَن جَآءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ }
{وَلَقَدْ جَآءَتْ رُسُلُنَآ إِبْرَاهِيمَ بِٱلْبُـشْرَىٰ..} [69]
قيل: بالولد، وقيل: بشروه بأنهم رسلُ اللهِ جل وعز وأنّه لا خوف عليه {قَالُواْ سَلاَماً} في نصبه وجهان: يكون مصدراً، والوجه الآخر أن يكونَ منصوباً بقالوا كما يقال: قالوا خيراً والتفسير على هذا روى يحيى القطّان عن سفيان عن ابن أبي نُجَيحٍ عن مجاهد {قَالُواْ سَلاَماً} أي سَدَداً، {قَالَ سَلاَمٌ} في رفعه وجهان: أحدهما على اضمار مبتدأ أي هو سلام وأمري سلام، والآخر بمعنى سلام عليكم. قال الفراء: ولو كانا جميعاً منصوبين أو مرفوعين جاز، غير أن الفراء اعتل لأن كان الأول منصوباً والثاني مرفوعاً فقال: قالوا سلاماً فقال إبراهيم صلى الله عليه وسلم إن شاء الله. {فَمَا لَبِثَ أَن جَآءَ/ 102 أ/ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ} سيبويه يذهب إلى أنّ "أنْ" في موضع نصب، قال: تقول: لا يلبث أنْ ياتيك أي عن اتيانك وأجاز الفراء: أن يكون موضعها بِلَبِثَ أي فما أبطأ مجيئه.

{ فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لاَ تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُواْ لاَ تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَىٰ قَوْمِ لُوطٍ }
{فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لاَ تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ..} [70]
هذه لغة أهل الحجاز، ولغة أسد وتميم أنكَرَهُمْ وقال امرؤ القيس:
* لقد أنكَرَتْنِي بَعَلبَكّ وأهلُها *
وَيُرْوَى للأعشى:
وأَنكرتْنِي وما كَانَ الذي نِكرَتْ * مِنَ الحوادِثِ إلاّ الشيبَ والصلَعَا
{وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً} قال سيبويه: وناسٌ من ربيعة يقولون: "مِنِهِم" اتبعوها الكسرة ولم يكن المسكّن عندهم حاجزاً حصيناً. قال أبو جعفر: وقيل: إنما أوجس منهم خيفة لأنه كان يقيم معتزلاً في ناحية فخاف أن يكونوا عزموا له على شرّ، وكان الضّيفان إذا لم يأكلوا فإِنما أرادوا شراً.
اعراب آيات سورة ( هود )
{ وَٱمْرَأَتُهُ قَآئِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِن وَرَآءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ }
{وَٱمْرَأَتُهُ قَآئِمَةٌ..} [71]
ابتداء وخبر، {فَضَحِكَتْ} قد ذكرناه، وقيل: إنما ضحكت لأنهم أَحيَوا العِجْلَ بإِذنِ الله عز وجل فلما لحق بأمه ضحكت فلما ضحكت بشروها باسحاق {وَمِن وَرَآءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبُ} رفعه من جهتين: احداهما بالإِبتداء ويكون في موضع الحال أي بشروها باسحاق مقابلاً له يعقوب، والوجه الآخر أن يكون التقدير ومن وراء اسحاق يحدث يعقوب، ولا يكون على هذا داخلاً في البشارة، وقرأ حمزة وعبد الله بن عامر {وَمِن وَرَآءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ} والكسائي والأخفش وأبو حاتم يقدّرون يعقوبَ في موضع خفض، وعلى مذهب سيبويه والفراء، يكون في موضع نصب. قال الفراء: ولا يجوز الخفض إلاّ باعادة الخافض. قال سيبويه ولو قلتَ: مَررتُ بزيدٍ أوّل من أمسِ وأمسَ عمرو كان قبيحاً خبيثاً لأنك فرَّقت بَيْنَ المجرور وما يشركه وهو الواو كما تُفرّق بَيْنَ الجارِّ والمجرور. قال أبو جعفر: يكون التقدير من وراء اسحاق وهبنا له يَعقُوبَ كما قال:
جِئْنِي بِمِثْلِ بَنِي بدرٍ لِقَومِهِم * أو مِثلَ أسرَةِ مَنظُورِ بنِ سَيّارِ
أو عَامِرَ بنَ طُفَيلٍ في مُركَّبِهِ * أو حادثاً يَوْمَ نادَى القومُ يا حَارِ

{ قَالَتْ يَٰوَيْلَتَىٰ ءَأَلِدُ وَأَنَاْ عَجُوزٌ وَهَـٰذَا بَعْلِي شَيْخاً إِنَّ هَـٰذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ }
{قَالَتْ يَٰوَيْلَتَىٰ..} [72]
بإِمالة الألف وتفخيمها. قال أبو اسحاق: أصلها الياء فأُبدِلَ من الياء ألف. {وَهَـٰذَا بَعْلِي} ابتداء وخبر {شَيْخاً} على الحال. قال أبو اسحاق: والحال ها هنا نَصْبُها من لطيف النحو وغامضه لأنك إذا قلت: هذا زيدٌ قائماً، وكان المخاطَبُ لا يعرف زيداً لم يجز لأنه لا يكون زيداً ما دام قائماً فإِذا زال ذلك لم يكن زيداً فإِذا كان يَعرفُ زيداً صَحّتِ المسألة، والعامل في الحال التنبيهُ والاشارة. قال الأخفش: وفي قراءة أُبَيّ وابن مسعود {وَهَـٰذَا بَعْلِي شيخٌ} قال الفراء: وفي قراءة ابن مسعود {وَهَـٰذَا بَعْلِي شيخ}. قال أبو جعفر: الرفع من خمسة أوجه: تقول هذا زيدٌ قائم، فزيد بدل من هذا وقائم خبر المبتدأ، ويجوز أن يكون هذا مبتدأ وزيد قائم خبرين، وحكى سيبويه: هذا حلوٌ حامضٌ: ويجوز أن يكون "قائم" مرفوعاً على اضمار هذا أو هو، ويجوز أن يكون مرفوعاً على البدل من زيد، والوجه الخامس أن يكون هذا مبتدأ وزيدٌ مُبيّناً عنه وقائم خبراً.

{ قَالُوۤاْ أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ ٱللَّهِ رَحْمَتُ ٱللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ ٱلْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَّجِيدٌ }
{.. رَحْمَةُ ٱللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ..} [73]
مبتدأ، والخبر في {عَلَيْكُمْ} وحكى سيبويه "عَليكِم" بكسر الكاف لمجاورتها الياء {أَهْلَ ٱلْبَيْتِ} منصوب على النداء ويُسمّيهِ سيبويه تخصيصاً {إِنَّهُ حَمِيدٌ} اي محمود {مَّجِيدٌ} أي ماجد.
اعراب آيات سورة ( هود )
{ فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ ٱلرَّوْعُ وَجَآءَتْهُ ٱلْبُشْرَىٰ يُجَادِلُنَا فِي قَوْمِ لُوطٍ * إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُّنِيبٌ }
{فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ ٱلرَّوْعُ وَجَآءَتْهُ ٱلْبُشْرَىٰ يُجَادِلُنَا..} [74]، [75]
في قوم لوط، مذهب الأخفش والكسائي أن يجادلنا في موضع جَادَلَنَا. قال أبو جعفر: لما كان جواب "لمّا" يجب أن يكون للماضي جُعِلَ المستقبل مكانه كما أنّ الشرط يجب أن يكون بالمستقبل فَجُعلَ الماضي مكانه، وفيه جواب آخر يكون "يجادلنا" في موضع/ 102 ب/ الحال أي أقبل يجادلنا وهذا قول الفراء. ويقال: أناب إذا رجع، فإبراهيم صلى الله عليه وسلم كان راجعاً إلى الله جل وعز في أموره كلّها.

{ وَلَمَّا جَآءَتْ رُسُلُنَا لُوطاً سِيۤءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعاً وَقَالَ هَـٰذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ }
{وَلَمَّا جَآءَتْ رُسُلُنَا لُوطاً سِيۤءَ بِهِمْ..} [77]
وان شئتَ ضَمَمتَ السين لأن أصلها الضم. الأصل سوِيءَ بهم من السوء، قُلِبَتْ حركة الواو على السين فانقلبت ياءاً فإِن خَفّفتَ الهمزة ألقيتَ حركتها على الياء فقلت: سِـْيَ بهم مخففاً. ولغة شاذة التشديد. {وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعاً} على البيان {وَقَالَ هَـٰذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ} وَعَصَبْصَبٌ على التكثير أي مكروه مجتمعُ الشرّ، وقد عَصب أي عَصَب بالشرِّ عِصابةً، ومنهم قيل: عِصَابةٌ وعُصْبَةٌ أي مجتمعوا الكلمة ومجتمعون في أنفسهم، وَعُصبَةُ الرجلِ المجتمعون معه في النسب، وَتَعَصّبتُ لفلان صرت كَعَضَبَتِهِ، ورجل مَعصُوبٌ مجتمع الخلقِ.

{ وَجَآءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِن قَبْلُ كَانُواْ يَعْمَلُونَ ٱلسَّيِّئَاتِ قَالَ يٰقَوْمِ هَـٰؤُلاۤءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُواْ اللًّهَ وَلاَ تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَّشِيدٌ }
{وَجَآءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ..} [78]
في موضع الحال {قَالَ يٰقَوْمِ هَـٰؤُلاۤءِ بَنَاتِي} ابتداء وخبر، وكذا {هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ} وقرأ عيسى بن عمرو {هُنّ أطهَرَ لكم}، وروى سيبويه احتبى ابن مروان في اللحن، أي حين قرأ {هُنَّ أَطهَرَ لكم} قال أبو حاتم: ابن مروان قارىء أهل المدينة. قال الكسائي: "هُنَّ أَطهَرَ لكم" صواب يجعل هنّ عماداً. قال أبو جعفر: قول الخليل وسيبويه والأخفش أن هذا لا يجوز ولا تكون "هنّ" ها هنا عماداً، قال: وإنما تكون عماداً فيما لا يتمّ الكلام الا بما بَعدَها نَحوَ: كان زيدٌ هو أخاك، لتدلّ بها على أن الأخ ليس بنعت. قال أبو إِسحاق: وتدلّ على أنّ كان تحتاج الى خبر، وقال غيره: يُدَلُّ بها على أن الخبر معرفة أو ما قاربها. {وَلاَ تُخْزُونِ} في ضَيفِي أي لا تهينوني ولا تذلوني، وضيفٌ يَقعُ للاثنين والجميع على لفظ الواحد لأنه في الأصل مصدر، ويجوز فيه التثنية والجمع. {أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَّشِيدٌ} أي يرشدكم وينهاكم.
اعراب آيات سورة ( هود )
{ قَالُواْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا لَنَا فِي بَنَاتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ }
{قَالُواْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا لَنَا فِي بَنَاتِكَ مِنْ حَقٍّ..} [79]
أي لأنا لم نَتَزَوّجْ بهن.

{ قَالُواْ يٰلُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَن يَصِلُوۤاْ إِلَيْكَ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِّنَ ٱلْلَّيْلِ وَلاَ يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ إِلاَّ ٱمْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَآ أَصَابَهُمْ إِنَّ مَوْعِدَهُمُ ٱلصُّبْحُ أَلَيْسَ ٱلصُّبْحُ بِقَرِيبٍ }
{قَالُواْ يٰلُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَن يَصِلُوۤاْ إِلَيْكَ..} [81]
أي لن يصلوا إليك بمكروه فيروى أنه لَمّا قالوا له هذا خَلّى بينَ قَومِهِ وبَينَ الدخول فأَمَر جبرائيل صلى الله عليه وسلم يَدَهُ على أعينهم فَعَمُوا وعلى أيديهم فَجَفَّتْ فرجعوا إلى منازلهم مسرعين. {فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ} يقال: سَرَى وأَسرَى إِذا سار بالليل لغتان فصيحتان، {وَلاَ يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ إِلاَّ ٱمْرَأَتَكَ} نصب بالاستثناء، وهي القراءة البيّنةُ. والمعنى فأَسرِ بأَهلِكَ إِلاّ امرأَتكَ، وقد قال جل وعز {كانت من الغابرين} أي من الباقين لم يَخرُجْ بها، وان كان قد قيل فيه غير هذا، ويدل أيضاً على النصب أنه في قراءة عبد الله {فأَسرِ بأهلك إِلا امرأتَك} وقد قيل: المعنى لا يلتفت منكم أحدٌ الى ما خَلَّفَ ولْيَخرُجْ مع لوطٍ صلى الله عليه وسلم، وقرا أبو عمرو وابن كثير {إِلا امرأَتُكَ} بالرفع على البدل، فأنكر هذه القراءة جماعة منهم أبو عبيد، قال أبو عبيد: ولو كان كذا لكان "ولا يلتفتُ" بالرفع، وقال غيره: كَيفَ يجوز أن يأمرها بالالتفات؟ قال أبو جعفر: وهذا الحَمْلُ من أبي عبيد ومن غيره على مِثْلِ أبي عمرو مع جلالته ومحلّهِ من العربية لا يجبُ أن يكون، والتأويل له على ما حكى محمد بن يزيد قال: هذا كما يقول الرجل لحاجبه لا يَخْرُجْ فلانٌ فلفظ النهي لِفُلانٍ ومعناه للمخاطَبِ أي لا تَدَعْهُ يخرُج، فكذا لا يَلتَفِتْ منكم أحدٌ إِلاّ امرأتكَ، ومثله لا يَقُمْ أَحدٌ إِلاّ زيدٌ، يكون معناه انههُمْ عنِ القيام إِلاّ زيداً، ووجه آخر يكون معناه مُرْ زيداً وحده بالقيام. {أَلَيْسَ ٱلصُّبْحُ بِقَرِيبٍ} لأن لوطاً صلى الله عليه وسلم استعجلهم بالعذابِ لغيظه على قومه، وقرأ عيسى بن عمر {أَليسَ الصُّبُحُ} بضم الباء وهي لغة.

{ فَلَمَّا جَآءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ مَّنْضُودٍ }
{.. جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا..} [82]
مفعولان، حكى أبو عبيد عن الفراء/ 103 أ/ أنه قد يقال لحجارة الأرحاء {سِجِّيلٍ} وحكى عنه محمد بن الجهم أن سجّلاً طين يُطبَخُ حتى يَصيرَ بمنزلة الأرحاء، {مَّنْضُودٍ} من نعت سجيل.
اعراب آيات سورة ( هود )
{ مُّسَوَّمَةً عِندَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ ٱلظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ }
{مُّسَوَّمَةً..} [83]
من نعت حجارة. قال الفراء: زعموا أنها كانت مُخطّطةً بحمرةٍ وسوادٍ في بياضٍ، فذلك تسويمها أي علاماتها. قال: {وَمَا هِيَ مِنَ ٱلظَّالِمِينَ} يعني قوم لوط {بِبَعِيدٍ} قال: لم تكن تخطئهم.

{ وَإِلَىٰ مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْباً قَالَ يٰقَوْمِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُمْ مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ وَلاَ تَنقُصُواْ ٱلْمِكْيَالَ وَٱلْمِيزَانَ إِنِّيۤ أَرَاكُمْ بِخَيْرٍ وَإِنِّيۤ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُّحِيطٍ }
{وَإِلَىٰ مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْباً..} [84]
لم تنصرف مَديَنُ لأنها اسم مدينة.

{ بَقِيَّتُ ٱللَّهِ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ وَمَآ أَنَاْ عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ }
{بَقِيَّةُ ٱللَّهِ خَيْرٌ لَّكُمْ..} [86]
ابتداء وخبر. وقد ذكرنا معناه وقد قيل: المعنى ما يبقيه الله جل وعز لكم من رزقه وحفظه {خَيْرٌ لَّكُمْ} مِمّا تأخذونه بالبَخْسِ والظلم {وَمَآ أَنَاْ عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ} أي لا يتهيّأ لي أن أحفظكم من إِزالة نِعَمِ اللهِ جل وعز عنكم بمعاصيكم.
اعراب آيات سورة ( هود )
{ قَالُواْ يٰشُعَيْبُ أَصَلَٰوتُكَ تَأْمُرُكَ أَن نَّتْرُكَ مَا يَعْبُدُ ءابَاؤُنَآ أَوْ أَن نَّفْعَلَ فِيۤ أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ إِنَّكَ لأَنتَ ٱلْحَلِيمُ ٱلرَّشِيدُ }
{قَالُواْ يٰشُعَيْبُ أَصَلَٰوتُكَ تَأْمُرُكَ أَن نَّتْرُكَ مَا يَعْبُدُ ءابَاؤُنَآ..} [87]
{أنْ} في موضع نصب، وقال الكسائي: موضعها خفضٌ على اضمار الباء، {أَوْ أَن نَّفْعَلَ فِيۤ أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ} {أنْ} في موضع نصب لا غير عطف على {ما} والمعنى أو تَأمُرُكَ أن نتركَ أن نفعَلَ في أموالنا ما نشاء، وزعم الفراء أنّ التقدير أو تنهانا أن نفعَلَ في أموالنا ما نشاء، وقرأ الضحاك بن قيس {أو أنْ تَفعَلَ في أموالِنَا ما تَشَاءُ} بالتاء فانْ على هذه القراءة معطوفة على أنْ الأولى. {إِنَّكَ لأَنتَ ٱلْحَلِيمُ ٱلرَّشِيدُ}. قال أبو جعفر: قد ذكرناه وفيه زيادة هي أَحسنُ مِمّا تقدم ولأن ما قَبلَها يدلُّ على صِحّتِها أي أنت الحليم الرشيد فكيف تأمرنا أن نتركَ ما يَعبُدُ آباؤنا ويدلّ عليها "أَصَلَٰوتُكَ تَأْمُرُكَ أَن نَّتْرُكَ مَا يَعْبُدُ ءابَاؤُنَآ" أنكروا لَمّا رأوا من كثرة صَلاتِهِ وعبادتِهِ وأنه حليم رشيد أن يكونَ بأمرك بتَركِ ما كان يعبد آباؤهم، وهذا جهل شديد أو مكابرةٌ وبَعدَهُ أيضاً ما يدلّ عليه.

{ قَالَ يٰقَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقاً حَسَناً وَمَآ أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَىٰ مَآ أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ ٱلإِصْلاَحَ مَا ٱسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِيۤ إِلاَّ بِٱللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ }
{قَالَ يٰقَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقاً حَسَناً..} [88]
أي أفلا أنهاكم عن الضلال، {وَمَآ أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ} في موضع نصب بأريد.

{ وَيٰقَوْمِ لاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِيۤ أَن يُصِيبَكُم مِّثْلُ مَآ أَصَابَ قَوْمَ نُوحٍ أَوْ قَوْمَ هُودٍ أَوْ قَوْمَ صَالِحٍ وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِّنكُم بِبَعِيدٍ }
قرأ يحيى بن وثاب {.. لاَ يُجْرِمَنَّكُمْ..} [89] بضم الياء {شِقَاقِيۤ} في موضع رفع {أَن يُصِيبَكُم} في موضع نصب {وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِّنكُم بِبَعِيدٍ} قال الكسائي أي دورهم في دوركم.
اعراب آيات سورة ( هود )
{ قَالُواْ يٰشُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيراً مِّمَّا تَقُولُ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفاً وَلَوْلاَ رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ وَمَآ أَنتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ }
{قَالُواْ يٰشُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيراً مِّمَّا تَقُولُ..} [91]
يقال فَقِهَ يَفقَهُ اذا فَهِمَ فِقْهاً وفَقَهاً، وحكى الكسائي فِقْهَاناً وَفَقُهَ فِقْهاً إذا صار فقيهاً. {وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفاً} على الحال {وَلَوْلاَ رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ} رفع بالابتداء، وكذا {أَرَهْطِيۤ} والمعنى أرهطي في قلوبكم أعظم من الله عز وجل وهو يملككم {وَٱتَّخَذْتُمُوهُ وَرَآءَكُمْ ظِهْرِيّاً} مفعولان.

{ وَيٰقَوْمِ ٱعْمَلُواْ عَلَىٰ مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَٰمِلٌ سَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَمَنْ هُوَ كَٰذِبٌ وَٱرْتَقِبُوۤاْ إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ }
{.. سَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ..} [93]
{مَنْ} في موضع نصب مثل {يعلم المفسدَ من المُصلِحِ} {وَمَنْ هُوَ كَاذِبٌ} عطف عليها، وأجاز الفراء أن يكون موضعهما رفعاً يجعلهما استفهاماً. ويدل على القول الأول أنّ مَنْ الثانية موصولة ومحال أن يُوصَلَ بالاستفهام، وقد زعم الفراء أنهم انما جاءُوا بهو في "وَمَنْ هُوَ كَاذِبٌ" لأنهم لا يقولون: مَنْ قَائمٌ انما يقولون: مَنْ قَامَ ومن يقومُ ومن القائمُ، فزادوا هو ليكون جملة تقوم مقام فَعَلَ ويَفعَلُ. قال أبو جعفر: ويدلّ على خلاف هذا قوله:
مَن رَسُولٌ الى الثريا بأنّي * ضِقتُ ذرعاً بِهَجْرِها والكتابِ

{ كَأَن لَّمْ يَغْنَوْاْ فِيهَآ أَلاَ بُعْداً لِّمَدْيَنَ كَمَا بَعِدَتْ ثَمُودُ }
حكى أن أبا عبد الرحمن السلمي قرأ {..كما بَعُدَتْ ثَمُود} [95] بضم العين. قال أبو جعفر: المعروف في اللغة أنه يقال: بَعِدَ يَبْعَدُ بَعْداً وبُعداً اذا هلك.
اعراب آيات سورة ( هود )
{ يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ ٱلنَّارَ وَبِئْسَ ٱلْوِرْدُ ٱلْمَوْرُودُ * وَأُتْبِعُواْ فِي هَـٰذِهِ لَعْنَةً وَيَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ بِئْسَ ٱلرِّفْدُ ٱلْمَرْفُودُ }
{يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ..} [98]
يقال: قَدَمَهُمْ يَقدُمُهُم قَدْماً وقدوماً إذا تَقَدّمَهُمْ {بِئْسَ ٱلْوِرْدُ} رفع ببئس {ٱلْمَوْرُودُ} رفع بالابتداء وان شئت على اضمار مبتدأ، وكذا بئس {..ٱلرِّفْدُ ٱلْمَرْفُودُ} [99] حكى الكسائي وأبو عبيدة: رفَدْتُهُ أَرفِدُهُ رفداً أي أعنتُهُ وأَعطيتُهُ، واسم العطيَّة الرِفدُ.

{ ذَلِكَ مِنْ أَنْبَآءِ ٱلْقُرَىٰ نَقُصُّهُ عَلَيْكَ مِنْهَا قَآئِمٌ وَحَصِيدٌ }
{ذَلِكَ..} [100]
رفع على اضمار مبتدأ أي الأمر ذلك/ 103 ب/ وإِن شئتَ بالابتداء، وكذا {مِنْهَا قَآئِمٌ وَحَصِيدٌ} أي منها موجود مبني ومنها مخسوفٌ به وذاهب. قال الأخفش سعيد: حَصِيدٌ اي محصود وجمعه حَصدَى وحِصادٌ مثل مَرضَى وَمِراضٍ، قال: ويجوز فيمن يعقل حُصَدَاءُ مثل قبيل وقبلاء.

{ وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَـٰكِن ظَلَمُوۤاْ أَنفُسَهُمْ فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ ٱلَّتِي يَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ مِن شَيْءٍ لَّمَّا جَآءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَمَا زَادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ }
{وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ..} [101]
أصل الظلم في اللغة وضع الشيء في غير موضعه، {وَلَـٰكِن ظَلَمُوۤاْ أَنفُسَهُمْ} وحكى سيبويه أنه يقال: ظَلَمَ إِياهُ. {وَمَا زَادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ} مفعولان وهو مجاز لَمّا كانت عبادتهم إياها قد خَسرَتهم ثواب الآخرة قيل: ما زادوهم غير تخسير.

اعراب آيات سورة ( هود )
{ وَكَذٰلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ ٱلْقُرَىٰ وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ }
{وَكَذٰلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ..} [102]
ابتداء وخبر، وقرأ عاصم الجحدري {وَكَذٰلِكَ أَخَذَ رَبُّكَ إِذ أَخذَ ٱلْقُرَىٰ} فاذ لما مَضَى أي حِينَ أخذَ القرى، وإذا للمستقبل أي متى أَخَذَ القرى {وَهِيَ ظَالِمَةٌ} أي أهلها مثل {وسئل القرية}.

{ إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَةً لِّمَنْ خَافَ عَذَابَ ٱلآخِرَةِ ذٰلِكَ يَوْمٌ مَّجْمُوعٌ لَّهُ ٱلنَّاسُ وَذَٰلِكَ يَوْمٌ مَّشْهُودٌ }
{.. ذٰلِكَ يَوْمٌ..} [103]
ابتداء وخبر {مَّجْمُوعٌ} من نعته الناسُ اسم ما لم يُسمّ فاعله ولهذا لم يقل: مجموعون، ويجوز أن يكون الناس رفعاً بالابتداء، ومجموع له خبره ولم يقل: مجموعون لأن له يقوم مقام الفاعل.

{ يَوْمَ يَأْتِ لاَ تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلاَّ بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ }
{يَوْمَ يَأْتِ لاَ تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلاَّ بِإِذْنِهِ..} [105]
قراءة أهل المدينة وأبي عمرو والكسائي باثبات الياء في الادراج وحذفها في الوقف، وحكى أن أبيّا وابن مسعود رضي الله عنهما قرآ {يَوْمَ يَأْتي} بإثبات الياء في الوقف والوصل، وقرأ الأعمش وحمزة {يَوْمَ يَأْتِ} بغير ياء في الوقف والوصل. قال أبو جعفر: الوجه في هذا أن لا يُوقفَ عليه وأن يُوصَلَ بالياء لأن جماعة من النحويين قالوا لا وجه لحذف الياء، ولا يجزم الشيء بغير جازم فأما الوقف بغير ياء ففيه قول الكسائي قال: لأن الفعل السالم يُوقَفُ عليه كالمجزوم فَحذَفَ الياء كما يحذف الضمة على أنّ أبا عبيد قد احتج بحذف الياء في الوقف والوصل بحجتين: احداهما أنه زعم أنه رآه في الامام الذي يقال له مصحف عثمان رضي الله عنه بغير ياء، والحجة الأخرى أنه حكى أنها لغة هُذيل يقولون: ما ادْر. قال أبو جعفر: أما حجته بمصحف عثمان رضي الله عنه فشيء يرده عليه أكثر العلماء. قال مالك بن أنس رحمه الله: سألت عن مُصحف عثمان رضي الله عنه، فقيل لي قد ذَهَب وأما الحجة بقولهم: ما أدرِ فلا حُجّةَ فيه لأن هذا الحرف قد حكاه النحويون القدماء وذكروا علته، وأنه لا يقاس عليه والعلَّة فيه عند سيبويه، وان كان سيبويه حكى: لا أَدرِ، كثرةُ الاستعمال، ومعنى كثرة الاستعمال أنه نفيٌ لكل ما جُهِلَ، وأنشد الفراء في حذف الياء:
كَفّاك كفّ ما تُلِيقُ درهَما * جُوداً وأُخرى تُعْطِ بالسيف الدَّما
{لاَ تَكَلَّمُ نَفْسٌ} والأصل تتكلّم حُذِفَتْ احدى التاءين تخفيفاً.
اعراب آيات سورة ( هود )
{ فَأَمَّا ٱلَّذِينَ شَقُواْ فَفِي ٱلنَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ }
{فَأَمَّا ٱلَّذِينَ شَقُواْ..} [106]
ابتداء {فَفِي ٱلنَّارِ} في موضع الخبر، وكذا {لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ} قال أبو العالية: الزفيرُ من الصدر والشهيقُ من الحلق. قال أبو اسحاق: الزفير من شديد الانين وقبيحه، والشهيق من الانين المرتفع جداً. قال: وزعم أهل اللغة من البصريين والكوفيين أن الزفير بمنزلة ابتداء صوت الحمار في النهيق، والشهيق بمنزلة آخر صوت الحمار في النهيق.

{ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ ٱلسَّمَٰوَٰتُ وَٱلأَرْضُ إِلاَّ مَا شَآءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ }
{خَالِدِينَ فِيهَا..} [107]
نصب على الحال {مَا دَامَتِ ٱلسَّمَاوَاتُ وَٱلأَرْضُ} في موضع نصب أي دوام السموات والأرض والتقدير وقتَ ذلك، {إِلاَّ مَا شَآءَ رَبُّكَ} في موضع نصب، لأنه استثناء ليس من الأول وقد ذكرنا معناه.

{ وَأَمَّا ٱلَّذِينَ سُعِدُواْ فَفِي ٱلْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ ٱلسَّمَٰوَٰتُ وَٱلأَرْضُ إِلاَّ مَا شَآءَ رَبُّكَ عَطَآءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ }
قرأ الأعمش وحمزة والكسائي {وَأَمَّا ٱلَّذِينَ سُعِدُواْ..} [108]
بضم السين، وقال أبو عمرو: والدليل على أنه سَعِدُوا أَن الأول شَقُوا ولم يقل: أُشقُوا قال أبو جعفر: رايت علي بن سليمان يتعجّبُ من قراءة الكسائي {سُعِدُواْ} من علمه بالعربية إِذ كان هذا لحناً لا يجوز لأنه إِنما يقال: سَعِدَ فلان وأَسعَدَهُ الله جل وعز فأُسعِدَ مثل أُمرضَ وإنما احتج الكسائي/ 104 أ/ بقولهم: مسعودٌ ولا حجَّة له فيه لأنه يقال: مكانٌ مَسعودٌ فيه ثم يُحذَفُ فيه ويسمّى به واحتجّ بقول العرب: فغر فاهُ وفَغَر فوهُ، وكذا شحاه وسار الدابةُ وسرتُهُ ونَزَحت البئرُ ونَزَحتُها وجَبر العظمُ وجَبَرتُهُ، وذا لا يقاس عليه إِنما يُنطق منه بما نَطَقَتْ به العرب. قال أبو جعفر: وسمعتُ علي بن سليمان يقول: لو قال لنا قائل: كيفَ تنطقون بالمتعدّي من فَغَرَ فوه؟ ما قلنا الاّ أفغرت فاه، وهذا الذي قال حسنٌ ويكون فَغَر فاهُ ليس بمتعدّي ذلك ولكنها لغة على حِدَة. {عَطَآءً} اسم للمصدر {غَيْرَ مَجْذُوذٍ} من نعته يقال: جَذَّه وَحَذَّه كما قال:
تجذّ السلوقيّ المضاعف نسجُهُ * وَيُوقِدْنَ بالصُفّاح نَارَ الحُبَاحبِ
اعراب آيات سورة ( هود )
{ فَلاَ تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِّمَّا يَعْبُدُ هَـٰؤُلاۤءِ مَا يَعْبُدُونَ إِلاَّ كَمَا يَعْبُدُ آبَاؤُهُم مِّن قَبْلُ وَإِنَّا لَمُوَفُّوهُمْ نَصِيبَهُمْ غَيْرَ مَنقُوصٍ }
{فَلاَ تَكُ..} [109]
في موضع جزم بالنهي وحذف النون لكثرة الاستعمال. وأحسن ما قيل في معناه: قل لكل من شكّ {لاَ تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِّمَّا يَعْبُدُ هَـٰؤُلاۤءِ} إِنّ الله جل وعز ما أمرهم به وانما يَعبُدُونَهَا كما كان آباؤهم يفعلون تقليداً لهم.

{ وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَىٰ ٱلْكِتَابَ فَٱخْتُلِفَ فِيهِ وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مُرِيبٍ }
{.. وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ..} [110]
والكلمة أنّ الله جل وعز حكم أن يؤخّرهم الى يوم القيامة لما عَلِمَ من الصلاح في ذلك. ولولا ذلك لقضي بينهم بأن يُثابَ المؤمنُ ويُعاقَبَ الكافرُ. {وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مُرِيبٍ} من نعت شكٍّ.

{ وَإِنَّ كُـلاًّ لَّمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمَالَهُمْ إِنَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ خَبِيرٌ }
{وَإِنَّ كُـلاًّ لَّمَّا..} [111]
فيها ثماني قراءات خمس منها موافقةٌ للسواد. قرأ ابن كثير وأبو عمرو والكسائي بتشديد "إنّ" وتخفيف "لما"، وقرأ نافع بتخفيفهما جميعاً. وقرأ أبو جعفر وشيبة وحمزة وهو المعروف من قراءة الأعمش بتشديدهما جميعاً وقرأ عاصم بتخفيف "إِن" وتشديد "لمّا"، وقرأ الزهري بتشديد "لمّا" والتنوين، فهذه خمس قراءات، ورُوِيَ عن الأعمش {وإِنْ كُلٌّ لمّا} بتخفيف "إن" ورفع "كلّ" وتشديد "لمّا". قال أبو حاتم: وفي حرف أبيّ {وإِنْ كلٌّ إلاّ ليُوفّينّ ربُّكَ أَعمَالَهُمْ}، وفي حرف ابن مسعود {وإِنْ كلٌّ إلا لَيُوفّينَّهُمْ ربُّكَ أعمالَهُمْ}. قال أبو جعفر: القراءة الأولى أَبينُهَا يَنصبُ "كلاّ" بانّ اللام للتوكيد وما صلة والخبر في لَيُوفّينّهُم، والتقدير وأنّ كلاّ ليُوفِّيَنَّهُمْ، وقراءة نافع على هذا التقدير إلاّ أنه خَفّف "إن" وأعملها عمَل الثقيلة. وقد ذكر هذا الخليل وسيبويه وهو عندهما كما يُحذَفُ من الفعل ويُعمَلُ كما قال:
* كَأَنْ ظَبِيةٌ تَعطُو إلى نَاضِرِ السَّلَم *
وأنكر الكسائي أن تُخَفّفَ "إِن" وتعمَلُ وقال: ما أدري على أي شيء قرأ وإِنْ كلاًّ، وقال الفراء: نصب كلاًّ بقوله: لنُوفّينّهم. وهذا من كثير الغلط، لا يجوز عند أحد: زيداً لأضربنّه، والقراءة الثالثة بتشديدهما جميعاً عند أكثر النحويين لحنٌ، حُكِي عن محمد بن يزيد أن هذا لا يجوز، ولا يقال: إنْ زيداً إلا لأضرِبَنَّهُ، ولا لمَّا لأضربنَه، وقال الكسائي: الله جل وعز أعلَمُ بهذه القراءة ما أعرفُ لها وجهاً. قال أبو جعفر: وللنحويين بَعْدَ هذا أربعةُ أقوال: قال الفراء: الأصل وإِنّ كلاًّ لَممّا فاجتمعتْ ثلاثُ ميماتٍ فَحُذِفَتْ احداهن قال أبو اسحاق هذا خطأ لأنه يحذف النون من "مِنْ" فيبقى حرف واحد. وقال أبو عثمان المازني: الأصل وانّ كلاًّ لَمَا بتخفيف ما ثم ثُقِلَتْ. قال أبو اسحاق: هذا خطأ إنما يُخَفَّفُ المثقَّل ولا يثقَّلُ المُخَفّفُ، وقال أبو عبيد القاسم بن سلاّم: الأصل {وإنّ كلاًّ لَماً لَيُوفّينهم} بالتنوين من لممته لَمّاً أي جمعته ثم بنى منه فَعْلَى كما قريء {ثم أرسلنا رُسُلنا تَتْرَى} بغير تنوين وتنوين. قال أبو اسحاق: القول الذي لا يجوز عندي غيره أن "إنْ" تكون مخففة من الثقيلة وتكون بمعنى "ما" مثل {إنْ كلّ نفسٍ لَمّا علَيْهَا حافِظٌ} وكذا أيضاً تشدّد على أصلها وتكون بمعنى "ما" ولمّا بمعنى "إِلاّ" حكى ذلك الخليل وسيبويه. قال أبو جعفر: والقراءات الثلاث المخالفات للسواد تكون فيها "إِنْ" بمعنى "ما" لا غير/ 104ب/ وتكون على التفسير لأنه لا يجوز أنْ يقرأ بما خالف السواد إلاّ على هذه الجهة.
اعراب آيات سورة ( هود )
{ وَلاَ تَرْكَنُوۤاْ إِلَى ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ ٱلنَّارُ وَمَا لَكُمْ مِّن دُونِ ٱللَّهِ مِنْ أَوْلِيَآءَ ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ }
قال أبو عمرو بن العلاء {وَلاَ تَرْكَنُوۤاْ..} [113] لغة أهل الحجاز، وقال الفراء: لغة تميم وقيس رَكَنَ يَركُنُ وَرُوِيَ عن قتادة أنه قرأ {ولا تَركُنُوا} بضم الكاف. وقرأ يحيى بن وثاب والأعمش {فَتَمِسَّكُمُ ٱلنَّارُ} وأنكر هذا أبو عبيد قال: لأنه ليس فيه حرف من حروف الحلق. قال أبو جعفر: لا معنى لقوله: ليس فيه حرف من حروف الحلق؛ لأن حروف الحلق لا تَجتلبُ الكسرة، وهذه اللغة ذكرها الخليل وسيبويه عن غير أهل الحجاز اذا كان الفعل على فَعِلَ كَسَرُوا أولَ مُستقبَلِهِ ليدلّوا على الكسرة التي في ماضيه، وكان يجب أن يُكسَرَ ثانية ليتفق مع الماضي فلم يجز ذلك للزوم الثاني الاسكان فكسروا الأول، فقالوا يحذَرُ وهي مشهورة في بني فزارة وهذيل، كما قال:
* وإِخالُ أنّي لاحِقٌ مُسْتَتبعُ *
وكذا إِذا كان في ماضيه ألف وصل مكسورة كسروا أول المستقبل نحو نِستَعِينُ. قال سيبويه: وكذا ما كان يجب أن تكون فيه ألف وصل مثل تَفعَل وتَفَاعَلَ.

{ وَأَقِمِ ٱلصَّلاَةَ طَرَفَيِ ٱلنَّهَارِ وَزُلَفاً مِّنَ ٱلَّيْلِ إِنَّ ٱلْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ ٱلسَّـيِّئَاتِ ذٰلِكَ ذِكْرَىٰ لِلذَّاكِرِينَ }
{وَأَقِمِ ٱلصَّلاَةَ طَرَفَيِ ٱلنَّهَارِ..} [114]
نصب على الظرف، وحذفت النون للاضافة، وكسرت الياء لالتقاء الساكنين، ولم يحذفها لأن ما قبلها مفتوح {وَزُلَفاً} عطف. وقرأ أبو جعفر {وَزُلُفاً} بضم الزاي واللام وهو جمع زَليفٍ لأنه قد نُطِقَ بزليف ويجوز أن يكون واحداً، وقرأ ابن مُحَيصنٍ {وَزلْفاً مِّنَ ٱلْلَّيْلِ} بضم الزاي واسكان اللام والتنوين وهو مسكن من زُلُفٍ لأَزَلَفٍ لأن الفتحة خفيفة. {إِنَّ ٱلْحَسَنَاتِ} قد قيل: يعني به الصلوات ومما لا تنازع فيه أن التوبة تذهب السيئات. وأن اجتناب الكبائر يذهب السيئات الصغائر.

{ وَٱصْبِرْ فَإِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ ٱلْمُحْسِنِينَ }
{وَٱصْبِرْ..} [115] أي على أذاهم.
اعراب آيات سورة ( هود )
{ فَلَوْلاَ كَانَ مِنَ ٱلْقُرُونِ مِن قَبْلِكُمْ أُوْلُواْ بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ ٱلْفَسَادِ فِي ٱلأَرْضِ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّنْ أَنجَيْنَا مِنْهُمْ وَٱتَّبَعَ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مَآ أُتْرِفُواْ فِيهِ وَكَانُواْ مُجْرِمِينَ }
{فَلَوْلاَ..} [116]
بمعنى هَلاّ، وهذا نستعمله العرب على التعجب من الشيء أي فهلاّ كان من القرون من قبلكم قَومٌ {يَنْهَوْنَ عَنِ ٱلْفَسَادِ فِي ٱلأَرْضِ} لِمَا أعطاهم الله جل وعز من العقول وأراهم من الآيات. {إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّنْ أَنجَيْنَا مِنْهُمْ} استثناء ليس من الأول، واتّبَعَ الذينَ ظَلَمُوا ما أُترِفُوا فِيهِ} أي من الاشتغال بالمال واللذات.

{ وَلَوْ شَآءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ ٱلنَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ }
{.. وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ..} [118] خبر يزال.

{ إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ وَلِذٰلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ ٱلْجِنَّةِ وَٱلنَّاسِ أَجْمَعِينَ }
{إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ..} [119]
استثناء {وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ} معنى تَمَّتْ ثبتت، ذلك كما أخبرَ بِه.

اعراب آيات سورة ( هود )
{ وَكُـلاًّ نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ ٱلرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَآءَكَ فِي هَـٰذِهِ ٱلْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ }
{وَكُـلاًّ..} [120]
نصب بنقُصُّ {مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ} أي على الصبر على أداء الرسالة و {مَا} بدل من كل، وقال الأخفش، "وكلاّ" نصب على الحال فقدّمَ الحال كما تقول: كلاّ ضربتُ القوم. {وَمَوْعِظَةٌ} أي ما يتّعظ به من إهلاك الأمم {وَذِكْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ} أي يتذكرون ما ترك بِمَنْ هلك فيتوفَّونَ.

{ وَلِلَّهِ غَيْبُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ ٱلأَمْرُ كُلُّهُ فَٱعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ }
قال الأخفش: {.. وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ} [123] إذا لم يُخاطَبِ النبي صلى الله عليه وسلم معهم قال: وقال بعضهم: "تعملون" لأنه خاطَبَ النبي صلى الله عليه وسلم مَعَهُم أو قال قُلْ لهم: {وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ}.