Selasa, 29 November 2011

I'rab Surat Hud

Agus Subandi,Drs.MBA

اعراب آيات سورة هود
{ الۤر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ }
قال أبو جعفر: يقال: هذه هُودُ فاعلَمْ بغير تنوين على أنه اسم للسورة لأنك لو سَمّيتَ امرأة بزيد لم تصرف هذا قول الخليل وسيبويه، وعيسى يقول: هذه هُودٌ فاعلَمْ بالتنوين على أنه اسم للسورة وكذلك لو سَمّى امرأة بزيدٍ لأنه لَمّا سكّنَ وَسَطُهُ خَفّ فصرف فإن أَردتَ الحذفَ صَرفْتَ على قول الجميع فقلتَ: هذه هُودٌ فاعلَمْ تريد هذه سورة هُودٍ. قال سيبويه: والدليل على هذا أنك تقول: هذه الرحمنُ فلولا أنك تريد سورة الرحمن ما قلتَ هذه. {كِتَابٌ} بمعنى هذا كتاب {أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ} في موضع رفع نَعتٌ لكتاب وأحسنُ ما قِيلَ في معنى "أُحكِمَتْ" جُعِلَتْ مُحكَمةً كُلُّها لا خَلَلَ فيها ولا باطل وفي {ثُمَّ فُصِّلَتْ} آياته جُعلَتْ مُتفرّقةً لِيُتَدَبَّرَ {مِن لَّدُنْ} في موضع خفض إِلاّ أنها مبنيّة على السكون لأنها غيرُ مُتَمكّنةٍ وما بعدها مخفوض بالإضافة، وحكى سيبويه: لَدُنْ غُدْوةً يا هذا لَمّا كان يقال: لَدُ، كما أنشد سيبويه:
* من لَدُ شولٍ فالى اتلاَئهَا *
صارت النون مثلها في عشرين فَنَصبتَ ما بعدها {حَكِيمٍ} أي في أفعاله {خَبِيرٍ} أي بمصالح خلقه.

{ أَلاَّ تَعْبُدُوۤاْ إِلاَّ ٱللَّهَ إِنَّنِي لَكُمْ مِّنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ }
{أَلاَّ..} [2]
قال الكسائي والفراء: أي بأن لا وقال أبو إسحاق المعنى لئلا {تَعْبُدُوۤاْ} نَصبٌ بأن.

{ وَأَنِ ٱسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوۤاْ إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَّتَاعاً حَسَناً إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ وَإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنِّيۤ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ }
{وَأَنِ ٱسْتَغْفِرُواْ..} [3]
عطف {ثُمَّ تُوبُوۤاْ} عطف أيضاً {يُمَتِّعْكُمْ} جواب الأمر أي يمتعكم بالمنافع {مَّتَاعاً} اسم للمصدر {حَسَناً} من نعته {وَيُؤْتِ} عطف على يُمتّعكم {كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ} مفعولان.
وروى ابن جريج عن محمد بن عبّاد قال سمعت ابن عباس يقول: {أَلا إِنَّهُمْ تَثنَونِي صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُواْ مِنْهُ..} [5] قال: كانوا لا يجامعون النساء ولا يأتون الغائط وهم يُغْضُونَ إلى السماء فنزلت هذه الآية، وقيل: كان بعضهم ينحني على بعض لِيُسارّه وبلغ من جهلهم أن تَوهموا أن ذلك يخفى على الله جل وعز، وروى غير محمد بن عباد عن ابن عباس {إلا إنهم تَثنونِ صُدورهم} ومعنى تَثنونِ والقراءتين الأخريين مقارب لأنها لا تثنوني حتى يَثنُوهَا، وحذف الياء لا يجوز إلا في ضرورة الشعر كما قال:
فَهَلْ يَمنَعَنّي ارتيادي البِلادَ * منْ حَذَرِ المَوتِ أنْ يَأْتيَنْ
أو في صِلَة نَحو {والليل إذا يسْر} {يَستَغشونَ} في موضع خفض بالاضافة.
اعراب آيات سورة ( هود )
{ وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي ٱلأَرْضِ إِلاَّ عَلَى ٱللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ }
{وَمَا مِن دَآبَّةٍ..} [6]
في موضع رفع والمعنى وما دابةٌ {إِلاَّ عَلَى ٱللَّهِ رِزْقُهَا} رفع بالابتداء وعند الكوفيين بالصفة.

{ وَهُوَ ٱلَّذِي خَلَق ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى ٱلْمَآءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَلَئِن قُلْتَ إِنَّكُمْ مَّبْعُوثُونَ مِن بَعْدِ ٱلْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ إِنْ هَـٰذَآ إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ * وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ ٱلْعَذَابَ إِلَىٰ أُمَّةٍ مَّعْدُودَةٍ لَّيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ أَلاَ يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفاً عَنْهُمْ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِءُونَ }
{.. وَلَئِن قُلْتَ إِنَّكُمْ مَّبْعُوثُونَ..} [7]
كسرت ان لأنها بعد القول مبتدأة وحكى سيبويه الفتح {لَيَقُولَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ} بفتح اللام [التي قبل النون] لأنه فعل مُتَقدمٌ لا ضمير فيه، وبعده {.. لَيَقُولُنَّ..} [8] لأن فيه صميراً.

{ وَلَئِنْ أَذَقْنَا ٱلإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ إِنَّهُ لَيَئُوسٌ كَفُورٌ * وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَآءَ بَعْدَ ضَرَّآءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ ٱلسَّيِّئَاتُ عَنِّيۤ إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ }
{.. لَيَئُوسٌ..} [9]
من يَئِسَ يَيأسُ وحكى/ 99 أ/ سيبويه: يَئِس يَيْئِسُ على فَعِلَ يفعِلُ، ونظيره حَسِبَ يَحسِبُ ونَعِمَ يَنعِم وبَئِسَ يبئِسُ وبعضهم يقول: يَئِسَ ييأَسُ لا يُعرَف في كلام العرب إلا هذه الأربعة الأحرف من السالم جاءت على فَعِلَ يَفعِلُ في واحد منها اختلاف، فهو يائسٌ ويؤوس على التكثير وكذا فاخر وفخور.
قال يعقوب القارئ: وقرأ بعض أهل المدينة {.. إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ..} [10].
قال أبو جعفر: هكذا كما تقول: فَطُنٌ وحَذُر وَنَدُسٌ ويجوز في كلتا اللغتين الاسكان لثقل الضمة والكسرة.
اعراب آيات سورة ( هود )
{ إِلاَّ ٱلَّذِينَ صَبَرُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ أُوْلَـٰئِكَ لَهُمْ مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ }
{إِلاَّ ٱلَّذِينَ صَبَرُواْ..} [11]
في موضع نصب. قال الأخفش: هو استثناء [ليس من الأول وقال الفراء: هو استثناء من الأول] "ولئن أذقناهُ" أي الانسان قال: لأن الانسان بمعنى الناس.

{ فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَىٰ إِلَيْكَ وَضَآئِقٌ بِهِ صَدْرُكَ أَن يَقُولُواْ لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَيْهِ كَنزٌ أَوْ جَآءَ مَعَهُ مَلَكٌ إِنَّمَآ أَنتَ نَذِيرٌ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ }
{فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَىٰ إِلَيْكَ وَضَآئِقٌ بِهِ صَدْرُكَ..} [12]
معطوف على تارك، وصدرك مرفوع به {أَن يَقُولُواْ} في موضع نصب أي كراهة أن يقولوا.

{ أَمْ يَقُولُونَ ٱفْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُواْ بِعَشْرِ سُوَرٍ مِّثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَٱدْعُواْ مَنِ ٱسْتَطَعْتُمْ مِّن دُونِ ٱللَّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ }
{.. قُلْ فَأْتُواْ..} [13] وبعده.
اعراب آيات سورة ( هود )
{ فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُواْ لَكُمْ فَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّمَآ أُنزِلَ بِعِلْمِ ٱللَّهِ وَأَن لاَّ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ فَهَلْ أَنتُمْ مُّسْلِمُونَ }
{فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُواْ لَكُمْ..} [14]
ولم يقل: لك فهو على تحويل المخاطَبَةِ أو على أن تكون المُخَاطَبَةُ له كالمُخَاطَبَةِ للمؤمنين وعلى أن يُخاطَب مُخَاطَبَة الجميع.

{ مَن كَانَ يُرِيدُ ٱلْحَيَاةَ ٱلدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لاَ يُبْخَسُونَ }
{مَن كَانَ..} [15]
في موضع جزم بالشرط، وجوابه {نُوَفِّ إِلَيْهِمْ} فالأول من اللفظ ماض والثاني مستقبل كما قال زهير:
* وَمَنْ هَابَ أسبابَ المَنَايا يَنَلْنَهُ *
قال مجاهد: نُوف إليه حسناته في الدنيا وقال ميمون بن مهران: ليس احد يعمل حَسَنَة إلا وفِيّ ثوابها فإن كان مسلماً وفيّ في الدنيا والآخرة وإن كان كافراً وفي في الدنيا وقيل: المعنى من كان يريد بغزوه مَعَ النبي صلى الله عليه وسلم الغَنِيمَة وفيَهَا ولم يُنْقَصَ منها.

{ أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي ٱلآخِرَةِ إِلاَّ ٱلنَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا وَبَاطِلٌ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ }
{.. وَبَاطِلٌ..} [16]
ابتداء {مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} خبره، وقال أبو حاتم: وحذف الهاء. قال أبو جعفر: وهذا لا يحتاج الى حذف لأنه بمعنى المصدر أي وبَاطلٌ عَمَلُهُ وفي حرف أبي وعبد الله {وباطلاً مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} خبره تكون ما زائدة أي كانوا يعملون باطلاً.
اعراب آيات سورة ( هود )
{ أَفَمَن كَانَ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَىٰ إِمَاماً وَرَحْمَةً أُوْلَـٰئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَن يَكْفُرْ بِهِ مِنَ ٱلأَحْزَابِ فَٱلنَّارُ مَوْعِدُهُ فَلاَ تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِّنْهُ إِنَّهُ ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّكَ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يُؤْمِنُونَ }
{أَفَمَن كَانَ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ..} [17]
ابتداء والخبر محذوف أي أفمن كان على بَيّنة من ربه ومعه من الفضل ما يبين به ذلك لغيه فهذا على قول علي بن الحسين والحسن بن أبي الحسن قالا {وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ} لسانه وقال عكرمة عن ابن عباس: ويتلوه شاهد منه، جبرئيل صلى الله عليه وسلم فيكون على هذا ويتلو البيان والبرهان شاهد من الله عز وجل، وقال الفراء: قال بعضهم "وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ" الإنجيل وإن كان قبله أي يتلوه في التصديق. {وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَىٰ} رفع بالابتداء. قال أبو اسحاق: المعنى ويتلوه من قبله كتاب موسى لأن النبي صلى الله عليه وسلم موصوف في كتاب موسى صلى الله عليه وسلم يجدونه مكتوباً عندهم في التوراة والانجيل، وحكى أبو حاتم عن بعضهم أنه قرأ {وَمِن قَبلِهِ كِتَابَ مُوسَىٰ} بالنصب. قال أبو جعفر: النصب جائز يكون معطوفاً على الهاء أي ويتلو كتابَ موسى {إِمَاماً وَرَحْمَةً} على الحال.

{ أُولَـٰئِكَ لَمْ يَكُونُواْ مُعْجِزِينَ فِي ٱلأَرْضِ وَمَا كَانَ لَهُمْ مِّن دُونِ ٱللَّهِ مِنْ أَوْلِيَآءَ يُضَاعَفُ لَهُمُ ٱلْعَذَابُ مَا كَانُواْ يَسْتَطِيعُونَ ٱلسَّمْعَ وَمَا كَانُواْ يُبْصِرُونَ }
{.. يُضَاعَفُ لَهُمُ ٱلْعَذَابُ..} [20]
أي على قدر كفرهم ومعاصيهم {مَا كَانُواْ يَسْتَطِيعُونَ ٱلسَّمْعَ} {مَا} في موضع نصب على أن يكون المعنى بما كانوا كما تقول: جَزَيتُهُ ما فعل وبما فعل وأنشد سيبويه:
* أَمرتُكَ الخَيرَ فافعلْ ما أُمِرتَ بِهِ *
ويجوز أن يكون المعنى يُضاعَفُ لهم العذاب أبداً والتقدير في العربية وَقتَ ذلك ويجوز أن تكون "ما" النافية لا موضع لها. قال الفراء: ما كانوا يستطيعون السمع لأن الله جل وعز أضلّهم في اللوح المحفوظ، والجواب الرابع عن أبي اسحاق قال: لِبُغضِهِمْ النبي صلى الله عليه وسلم وعداوتهم له لا يستطيعون أن يستمعوا منه ولا يتفهموا الحجج. قال أبو جعفر: وهذا معروف في كلام العرب أن يقال: فلان لا يستطيع أن ينظر الى فلان إِذا كان ذلك ثقيلاً عليه. {وَمَا كَانُواْ يُبْصِرُونَ}/ 99 ب/ عطف.

{ أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ خَسِرُوۤاْ أَنْفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ }
{أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ خَسِرُوۤاْ أَنْفُسَهُمْ..} [21]
ابتداء وخبر: ويقال: اللذون ولا يجوز أن يُبنَى كما يُبنَى الواحد وفي بنائه أربعة أقوال: قال الأخفش: ضُمَّتِ الذي الى النون فصار كخمسة عشر، وقيل: لأنه لا يتم إِلاّ بصلة، ولا يُعرَبُ الاسم من وسطه، وقال علي بن سليمان: لأنه يقع لكل غائب، وقال محمد بن يزيد: لأنه يحتاج الى ما بعده كالحروف إِلاّ أنه أُنّثَ وَثُنّي وَجُمِعَ لأنه نعت ولم تُحَرّكْ ياؤه في موضع النصب لأنه ليس بمعرف ولهذا حُذِفَتْ في التثنية.
اعراب آيات سورة ( هود )
{ لاَ جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي ٱلآخِرَةِ هُمُ ٱلأَخْسَرُونَ }
{لاَ جَرَمَ..} [22]
قد تكلّم العلماء فيه، فقال الخليل وسيبويه: جَرَمَ بمعنى حَقَّ، "فأنّ" عندهما في موضع رفع وهذا قول الفراء ومحمد بن يزيد وزعم الخليل أن "لا" ههنا جيء بها لِيُعلّمَ أنّ المخاطب لم يَبتَدئْ كلامه وإِنّما خاطب من خَاطَبهُ والكلام يجاء ليدلّ على المعاني. وقال أبو اسحاق: "لا" ههنا نَفْيٌ لما ظنّوا أنه ينفعهم كان المعنى لا ينفعهم ذلك جَرَمَ أنّهم أي كسب ذلك الفعلُ لهم الخُسرَانَ فأنّ عنده في موضع نصب وقال الكسائي: في الاعراب لا صَدَّ ولا مَنعَ عن أنهم وحكى الكسائي فيها أَربعَ لغاتٍ "لا جَرَمَ"، "ولا عن ذا جرم" و "لا انّ ذا جرم" قال وناس من فزارة يقولون: لا جَرَ أنهم بغير ميم، وحكى الفراء فيه لغتين أخريين قال: بنو عامر يقولون: لا ذَا جَرَمَ، قال: وناس من العرب يقولون: لا جُرْمَ بضم الجيم.

{ إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ وَأَخْبَتُوۤاْ إِلَىٰ رَبِّهِمْ أُوْلَـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ }
{إِنَّ ٱلَّذِينَ..} [23]
اسم إِنّ {آمَنُواْ} صلة {وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ وَأَخْبَتُوۤاْ إِلَىٰ رَبِّهِمْ} عطف على الصلة قال مجاهد "أَخْبَتُوۤاْ" اطمأنوا وقال الفراء: أخبتوا الى ربهم ولربهم واحد وقد يكون المعنى وجّهوا أخباتهم الى ربهم. أولئك أصحاب الجنة خبر "إِنّ".

{ مَثَلُ ٱلْفَرِيقَيْنِ كَٱلأَعْمَىٰ وَٱلأَصَمِّ وَٱلْبَصِيرِ وَٱلسَّمِيعِ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ }
{مَثَلُ ٱلْفَرِيقَيْنِ..} [24]
ابتداء، والخبر {كَٱلأَعْمَىٰ} وما بعده. قال الأخفش: أي كمثل الأعمى قال أبو جعفر: التقدير مثل فريق الكافر كالأعمى والأصمّ ومثل فريق المؤمن كالسميعِ والبصير ولهذا {هَلْ يَسْتَوِيَانِ} ولا يقع ههنا من حروف العطف إلاّ الواو لأنها للاجتماع، وحكى سيبويه: مَرَرتُ بأَخِيكَ وَصَدِيقكَ.
اعراب آيات سورة ( هود )
{ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَىٰ قَوْمِهِ إِنَّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ }
{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَىٰ قَوْمِهِ إِنَّي..} [25]
أي [فقال إِنّي وأني أي] بأنّي.

{ فَقَالَ ٱلْمَلأُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قِوْمِهِ مَا نَرَاكَ إِلاَّ بَشَراً مِّثْلَنَا وَمَا نَرَاكَ ٱتَّبَعَكَ إِلاَّ ٱلَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ ٱلرَّأْيِ وَمَا نَرَىٰ لَكُمْ عَلَيْنَا مِن فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كَاذِبِينَ }
{فَقَالَ ٱلْمَلأُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قِوْمِهِ..} [27]
قال أبو اسحاق: "ٱلْمَلأُ" الرؤساء أي هم مليئون بما يقولون. {مَا نَرَاكَ إِلاَّ بَشَراً مِّثْلَنَا} نصب على الحال ومثلنا مضاف الى معرفة وهو نكرة يقدّر فيه التنوين كما قال:
* يا رُبّ مِثْلِكِ في النّساءِ غَرِيرَةٍ *
{وَمَا نَرَاكَ ٱتَّبَعَكَ إِلاَّ ٱلَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا} وهم الفقراء والذين لا حسب لهم والخسيسو الصناعات، وفي الحديث أَنّهم كانوا حاكةً وحجّامِينَ، وكان هذا جهلاً منهم لأنهم عابوا نبي الله صلى الله عليه وسلم بما لا عيب فيه لأن الأنبياء صلوات الله عليهم إنّما عليهم أن يأتوا بالبراهين والآيات وليس عليهم تغيير الصور والهيئات وهم يُرسَلُونَ الى الناس جميعاً فاذا أسلم منهم الذين لم يلحقهم من ذلك نقصان لأن عليهم أن يقبلوا اسلام كل من أسلم منهم {بَادِيَ ٱلرَّأْيِ} بَدَا يبدو إِذا ظهر كما قال:
* فاليَومَ حِينَ بَدونَ لِلنّظّار *
ويجوز أن يكون "بَادِيَ ٱلرَّأْيِ" مِنْ بَدَأ وَخُفّفَت الهمزة، وحَقّقَ أبو عمرو الهمزة فقرأ {بادىءَ الرأيِ}. قال أبو اسحاق: نصبه بمعنى في بادىء الرأي. قال أبو جعفر: لم يشرح النحويون نَصبَهُ فيما علمت بأكثر من هذا فيجوز أن يكون "في" حذفت كما قال جل وعز {واختارَ مُوسَى قَومَهُ} ويجوز أن يكون المعنى اتّباعاً ظاهراً.

{ قَالَ يٰقَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّيۤ وَآتَانِي رَحْمَةً مِّنْ عِندِهِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنتُمْ لَهَا كَارِهُونَ }
حكى الكسائي والفراء {.. أَنُلْزِمْكُمُوهَا..} [28] باسكان الميم الأولى تخفيفاً/ 100 أ/ وقد أجاز سيبويه مثل هذا وأنشد:
فاليَومَ أَشرَبْ غَيرَ مُسْتَحقِبٍ * إثماً مِنَ الله ولا وَاغِلِ
ويجوز على قول يونس في غير القرآن أَنُلزِمْكُمْهَا يُجْري المضمر مَجرى المظهر كما تقول: أَنُلزِمْكُمْ تلك.
اعراب آيات سورة ( هود )
{ وَيٰقَوْمِ مَن يَنصُرُنِي مِنَ ٱللَّهِ إِن طَرَدتُّهُمْ أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ }
{.. أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ..} [30]
أدغمت التاء في الذال ويجوز حذفها فتقول: تَذَكّرُونَ.

{ وَلاَ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَآئِنُ ٱللَّهِ وَلاَ أَعْلَمُ ٱلْغَيْبَ وَلاَ أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ وَلاَ أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِيۤ أَعْيُنُكُمْ لَن يُؤْتِيَهُمُ ٱللَّهُ خَيْراً ٱللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا فِيۤ أَنْفُسِهِمْ إِنِّيۤ إِذاً لَّمِنَ ٱلظَّٰلِمِينَ * قَالُواْ يٰنُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَآ إِن كُنتَ مِنَ ٱلصَّادِقِينَ }
{وَلاَ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَآئِنُ ٱللَّهِ..} [31]
أخبر بتواضعه وتذلّله للهِ جل وعز وأنه لا يدعي ما ليس له من خزائن الله جل وعز وهي أنعامه على من يشاء من عباده، وأنه لا يعلم الغيب لأن الغيب لا يعلمه إلا الله جل وعز {وَلاَ أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ} أي ولا أقول إنّ منزلتي عند الله جل وعز منزلة الملائكة. وقد قالت العلماء: الفائدة في هذا الكلام الدلالة على أن الملائكة أفضل من الأنبياء صلوات الله عليهم وسلم لدوامهم على الطاعة واتّصال عبادتهم الى يوم القيامة {وَلاَ أَقُولُ} لكم ولا {لِلَّذِينَ تَزْدَرِيۤ أَعْيُنُكُمْ} والأصل تزدريهم حذِفَتِ الهاء والميم لطول الاسم والدال مُبدَلةُ من تاء لأن الزاي مجهورة والتاء مهموسة فَأُبدِلَ مِنَ التاء حرف مجهور من مخرجها. {إِنِّيۤ إِذاً لَّمِنَ ٱلظَّالِمِينَ} أي إِنْ قلتُ هذا وإِذن ملغاة لأنها متوسطة.
وعن ابن عباس {.. فَأَكثرتَ جَدَلَنَا..} [32] والجَدَلُ في كلام العرب المبالغة في الخصومة والمناظرة مُشتَقٌ من الجَدْلِ وهو شدة الفتل. ويقال للصقر أَجدَلُ لشدته في الطير.

{ وَلاَ يَنفَعُكُمْ نُصْحِيۤ إِنْ أَرَدْتُّ أَنْ أَنصَحَ لَكُمْ إِن كَانَ ٱللَّهُ يُرِيدُ أَن يُغْوِيَكُمْ هُوَ رَبُّكُمْ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ }
{وَلاَ يَنفَعُكُمْ نُصْحِيۤ إِنْ أَرَدْتُّ أَنْ أَنصَحَ لَكُمْ..} [34] أي لأنكم لا تقبلون نصحاً.
اعراب آيات سورة ( هود )
{ أَمْ يَقُولُونَ ٱفْتَرَاهُ قُلْ إِنِ ٱفْتَرَيْتُهُ فَعَلَيَّ إِجْرَامِي وَأَنَاْ بَرِيۤءٌ مِّمَّا تُجْرِمُونَ }
{.. إِجْرَامِي..} [35]
مصدر أجرمَ وأجرامي جمع جُرْمٍ وقد أَجرَمَ وَجَرَم.

{ وَأُوحِيَ إِلَىٰ نُوحٍ أَنَّهُ لَن يُؤْمِنَ مِن قَوْمِكَ إِلاَّ مَن قَدْ آمَنَ فَلاَ تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ }
{وَأُوحِيَ إِلَىٰ نُوحٍ..} [36]
في صرف نوح قولان: أحدهما أنّه أعجميّ ولكنه خَفّ لأنه على ثلاثة أحرف، والآخر أنّه عربيّ قال عكرمة: إِنما سُمّي نوحاً لأنه كان يكثر النياحة على نفسه قال: وَرَكِبَ في السفينة لِعَشْرٍ خلون من رجب {واستَوَتْ على الجودِيّ} لعشر خَلَونَ من المُحَرَّمِ فذلك ستة أشهر وكان طولها ثلثمائة ذراع وعرضها وَرفعُها ثلاثون ذراعاً {أَنَّهُ} في موضع رفع على أنه اسم ما لم يُسَمّ فاعله ويجوز أن يكون في موضع نصب ويكون التقدير بأنه، {لَن يُؤْمِنَ مِن قَوْمِكَ إِلاَّ مَن قَدْ آمَنَ} في موضع رفع بيؤمن {فَلاَ تَبْتَئِسْ} أي فلا تغتَمّ حتى تكون بائساً.

{ وَٱصْنَعِ ٱلْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا وَلاَ تُخَاطِبْنِي فِي ٱلَّذِينَ ظَلَمُوۤاْ إِنَّهُمْ مُّغْرَقُونَ }
{وَٱصْنَعِ ٱلْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا..} [37]
قيل: معناه بحفظنا، وقيل: بعلمنا، وقيل: لأن الملائكة صلوات الله عليهم كانت تريد ذلك، {وَلاَ تُخَاطِبْنِي فِي ٱلَّذِينَ ظَلَمُوۤاْ} أي لا تسألني فيهم فاني مغرقهم.
اعراب آيات سورة ( هود )
{ وَيَصْنَعُ ٱلْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلأٌ مِّن قَوْمِهِ سَخِرُواْ مِنْهُ قَالَ إِن تَسْخَرُواْ مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ }
{.. وَكُلَّمَا..} [38]
ظرف {مَرَّ عَلَيْهِ مَلأٌ مِّن قَوْمِهِ سَخِرُواْ مِنْهُ} قال الأخفش والكسائي يقال: سَخِرتُ به ومنه.

{ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُّقِيمٌ }
{فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ..} [39]
قال الكسائي: وناس من أهل الحجاز يقولون: سَوْ تعلمون، قال؛ ومن قال: ستعلمون أسقط الواو والقاء جميعاً، وحكى الكوفيون: سَفَ تعلمون. ولا يعرف البصريون إِلاّ سَوفَ يفعلُ وسَيَفعلُ لغتان ليست احداهما من الأخرى.

{ حَتَّىٰ إِذَا جَآءَ أَمْرُنَا وَفَارَ ٱلتَّنُّورُ قُلْنَا ٱحْمِلْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ ٱثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلاَّ مَن سَبَقَ عَلَيْهِ ٱلْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ وَمَآ آمَنَ مَعَهُ إِلاَّ قَلِيلٌ }
{.. قُلْنَا ٱحْمِلْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ ٱثْنَيْنِ..} [40]
في موضع نصب باحملْ {وَأَهْلَكَ} عطف عليه {إِلاَّ مَن سَبَقَ عَلَيْهِ ٱلْقَوْلُ} "مَنْ" في موضع نصب بالاستثناء {وَمَنْ آمَنَ} في موضع نصب عطف على اثنين وإن شئت على أهلَكَ، {وَمَآ آمَنَ مَعَهُ إِلاَّ قَلِيلٌ} رفع بآمنَ، ولا يجوز نصبه على الاستثناء لأن الكلام قبله لم يتم إِلاّ أنّ الفائدة في دخول "إِلاّ" و "ما" أنك لو قلت: آمنَ معَهُ فلانٌ وفلانٌ جاز أن يكون غيرهم قد آمن فإذا جِئتَ بما وإِلا أَوجَبتَ لِما بَعدَ إِنّ وَنَفَيتَ عن غَيرهِم.
اعراب آيات سورة ( هود )
{ وَقَالَ ٱرْكَبُواْ فِيهَا بِسْمِ ٱللَّهِ مَجْريٰهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ }
{وَقَالَ ٱرْكَبُواْ فِيهَا بِسْمِ ٱللَّهِ مُجْريٰهَا وَمُرْسَاهَا..} [41]
بضم ميميهما قراءة أهل الحرمين وأهل البصرة إِلاّ من شذَّ منهم،/ 100 ب/ وقرأ الأعمش وحمزة والكسائي {بِسْمِ ٱللَّهِ مَجْريٰهَا } بفتح الميم {وَمُرْسَاهَا} بضم الميم، وروي عن يحيى بن عيسى عن الأعمش عن يحيى بن وثاب {باسم الله مَجَراها ومَرَسَاها} بفتح الميم فيهما، وقرأ مجاهد ومسلم بن جُندَبٍ وعاصم الجحدري {باسم الله مُجْرِيهَا ومُرسيها} فالقراءة الأولى بمعنى باسم الله إجراؤها وإرساؤها مرفوع بالابتداء، ويجوز أن يكون في موضع نصب ويكون التقدير باسم الله وقت إجرائها كما تقول: أنا أجيئُكَ مَقدَم الحاجّ، وقيل التقدير باسم الله مَوضِعَ اجرائها ثم حذف موضع وأقيم مجراها مقامه، وقال الضحاك: كان إذا قال: باسم الله جَرَتْ وإِذا قال: باسم الله رَسَتْ وتكون الباء متعلقة باركبوا و "مَجْرَاها" بفتح الميم من جَرتْ مجرَى و "مَرسَاهَا" بفتح الميم من رَسَتْ رُسُوّاً ومَرسَى إِذا ثَبَتَتْ، ومُجرِيها نعت لله جل وعز في موضع جر، ويجوز أن يكون في موضع رفع على اضمار مبتدأ أي هو مِجرِيها ومُرسِيها ويجوز النصب على الحال بمعنى أعني.

{ وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَٱلْجِبَالِ وَنَادَىٰ نُوحٌ ٱبْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يٰبُنَيَّ ٱرْكَبَ مَّعَنَا وَلاَ تَكُن مَّعَ ٱلْكَافِرِينَ }
{.. وَنَادَىٰ نُوحٌ ٱبْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ..} [42]
ويجوز على قول سيبويه {وَنَادَىٰ نُوحٌ ٱبْنَهُ} مختلس {وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ} وأنشد سيبويه:
* له زجل كأنه صوت حاد *
فأما {وَنَادَىٰ نُوحٌ ٱبْنَهُ وَكَانَ} فقراءة شاذة وزعم أبو حاتم أنها تجوز على أنه يريد ابنها ثم يحذف الألف كما تقول: ابنه فتحذف الواو. قال أبو جعفر: هذا الذي قاله أبو حاتم لا يجوز على مذهب سيبويه لأن الألف خفيفة فلا يجوز حذفها والواو ثقيلة يجوز حذفها. {وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ} اسم المكان والمصدر مَعزَلٌ {يٰبُنَيَّ ٱرْكَبَ مَّعَنَا}، وقرأ عاصم {يٰبُنَيَّ ٱرْكَبَ مَّعَنَا} بفتح الياء. قال أبو اسحاق: ويجوز في العربية يا بُنَيَّ اركبْ مَعَنَا كما تقول: يا غُلاَمِي أَقبِلْ وكذا {يا عِبَادِيَ الذينَ أسرفوا على أنفُسِهِمْ} "يا بُنَيِ ٱرْكَبَ مَّعَنَا" على أن تحذف الياء وتُبقِي الكَسرَةَ دالّةً عليها كما تقول: يا غُلاَمِ أقبِلْ. فأما قراءة عاصم فمشكلة، قال أبو حاتم: يريد يا بُنَيّاه ثم حذف. قال أبو جعفر، ورأيتُ عليّ بن سليمان يذهب إلى أنّ هذا لا يجوز لأن الألف خفيفة فلا يحذف. قال أبو جعفر: وما علمت أحداً من النحويين جَوّز الكلام في هذا إلاّ أبا إِسحاق فإِنّهُ زَعم أنّ الفتح من جهتين والكسر من جهتين فالفتح على أن يبدل من الياء ألفاً كما قال: جل وعز أحياناً {يا ويلَنَا} وكما قال:
* فيا عَجَبَا مِن رَحلِهَا المُتَحَمَّلِ *
فيريد بابُنَيّا ثم حَذَف الألف لالتقاء الساكنين كما تقول: جاءني عبد الله في التثنية، والجهة الأخرى أن تحذف الألف لأنّ النداء موضع حذف ولكن على أن تحذف الياء، والجهة الأخرى على أن يحذفها لالتقاء الساكنين. {وَلاَ تَكُن مَّعَ ٱلْكَافِرِينَ} يدلّ هذا - والله أعلم - على أنّ نوحاً صلى الله عليه وسلم لم يعلم أنه كافر وأنه ظنّ أنه مؤمن.

{ قَالَ سَآوِيۤ إِلَىٰ جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ ٱلْمَآءِ قَالَ لاَ عَاصِمَ ٱلْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ ٱللَّهِ إِلاَّ مَن رَّحِمَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا ٱلْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ ٱلْمُغْرَقِينَ }
{.. قَالَ لاَ عَاصِمَ ٱلْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ ٱللَّهِ..} [43]
على التبرئة ويجوز "لاَ عَاصِمٌ ٱلْيَوْمَ" تكون "لا" بمعنى ليس {إِلاَّ مَن رَّحِمَ} في موضع نصب استثناء ليس من الأول ويجوز أن تكون في موضع رفع على أنّ عاصماً بمعنى معصوم مثل {ماءٍ دافقٍ} ومن أحسن ما قيل فيه أن يكون "مَنْ" في موضع رفع والمعنى لا يعصم اليوم من أمر الله إلاّ الراحمُ أي إلاّ اللهُ جل وعز ويُحَسّنُ هذا لأنك لم تجعل عاصماً بمعنى معصوم فتخرجه من بابه.
اعراب آيات سورة ( هود )
{ وَقِيلَ يٰأَرْضُ ٱبْلَعِي مَآءَكِ وَيٰسَمَآءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ ٱلْمَآءُ وَقُضِيَ ٱلأَمْرُ وَٱسْتَوَتْ عَلَى ٱلْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْداً لِّلْقَوْمِ ٱلظَّالِمِينَ }
{وَقِيلَ يٰأَرْضُ ٱبْلَعِي مَآءَكِ..} [44]
قيل: هذا مجاز لأنها موات وقيل: جُعِلَ فيها ما تُمَيِّزُ به، والذي قال إنّها مجاز، قال: لو فُتِّشَ كَلاَمُ العرب والعجم ما وُجِد فيه مثل هذه الآية على حس نظمها وبلاغة وصفها واشتمال المعاني فيها، وحكى الكسائي والفراء بَلِعَتْ وَبَلَعَتْ، {وَغِيضَ ٱلْمَآءُ} يقال: غاضَ الماءُ وَغِضْتُهُ، ويجوز غُيْضَ الماءُ، بضم الغين {وَٱسْتَوَتْ/ 101 أ/ عَلَى ٱلْجُودِيِّ} فبيَّن الاعراب فيه لأن الياء مشدَّدة فقبلها ساكن وحكى الفراء واستوت على الجُودِيْ، باسكان الياء لأن قبلها مكسوراً وهي مُخفَّفَةٌ {وَقِيلَ بُعْداً لِّلْقَوْمِ ٱلظَّالِمِينَ} والذي قال هذه فيما رُوِيَ نوحٌ صلى الله عليه وسلم والمؤمنون أي أَبعَدَ الله الظالمين فبعدوا بُعداً على المصدر.

{ وَنَادَى نُوحٌ رَّبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ٱبْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ ٱلْحَقُّ وَأَنتَ أَحْكَمُ ٱلْحَاكِمِينَ }
{.. إِنَّ ٱبُنِي..} [45]
اسم إِنّ {مِنْ أَهْلِي} في موضع الخبر. {وَإِنَّ وَعْدَكَ ٱلْحَقُّ} اسم "إن" وخبرها، {وَأَنتَ أَحْكَمُ ٱلْحَاكِمِينَ} ابتداء وخبره.

{ قَالَ يٰنُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلاَ تَسْئَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّيۤ أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ ٱلْجَاهِلِينَ }
{.. إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ..} [46]
قد ذكرناه {فَلاَ تَسْئَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} أي بي من لم يعلم أنه مؤمن، {إِنِّيۤ أَعِظُكَ} أي أعظك بنهيي وزجري لئلاّ تكون، والبصريون يقدرون كراهة أن يكون.
اعراب آيات سورة ( هود )
{ قَالَ رَبِّ إِنِّيۤ أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلاَّ تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِيۤ أَكُن مِّنَ ٱلْخَاسِرِينَ }
{قَالَ رَبِّ إِنِّيۤ أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ..} [47]
أي أسألك أن تُوفّقَنِي وتَلْطُفَ لي حتّى لا أسأل ذلك {وَإِلاَّ تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِيۤ} يدلّ على أنّ الأنبياء صلوات الله عليهم يذنبون {أَكُن مِّنَ ٱلْخَاسِرِينَ} أي رحمتك يَوْمَ القيامة.

{ قِيلَ يٰنُوحُ ٱهْبِطْ بِسَلاَمٍ مِّنَّا وَبَركَاتٍ عَلَيْكَ وَعَلَىٰ أُمَمٍ مِّمَّن مَّعَكَ وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُمْ مِّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ }
{قِيلَ يٰنُوحُ ٱهْبِطْ..} [48]
أي من السفينة {بِسَلاَمٍ} أي بسلامة {وَبَرَكَاتٍ عَلَيْكَ} أي نعَمٍ ثابتةٍ مشتقّ من بُرُوكِ الجملِ وهو ثباته واقامته. {مِّمَّن مَّعَكَ} "مِنْ" للتبعيض وتكون لبيان الجنس {وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ} أي وتكون أممٌ. قال الأخفش سعيد: كما تقول: كلّمتُ زيداً وعمرُو جالسٌ، وأجاز الفراء في غير القراءة {وأُمَماً} وتقديره وسنمتّع أمماً.

{ تِلْكَ مِنْ أَنْبَآءِ ٱلْغَيْبِ نُوحِيهَآ إِلَيْكَ مَا كُنتَ تَعْلَمُهَآ أَنتَ وَلاَ قَوْمُكَ مِن قَبْلِ هَـٰذَا فَٱصْبِرْ إِنَّ ٱلْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ }
{تِلْكَ مِنْ أَنْبَآءِ ٱلْغَيْبِ..} [49]
أي تلك الأنباء وفي موضع آخر ذلك اي ذلك النبأ {فَٱصْبِرْ} أي فاصبر على أذى قومك كما صبر هؤلاء الرسل صلى الله عليهم وسلم.
اعراب آيات سورة ( هود )
{ وَإِلَىٰ عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً قَالَ يٰقَوْمِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُمْ مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ مُفْتَرُونَ }
{وَإِلَىٰ عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً..} [50]
نصب بمعنى وأرسلنا. قال أبو اسحاق: قيل له أخوهم لأنه منهم أو لأنه من بني آدم عليه السلام كما أنهم من بني آدم {مَا لَكُمْ مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ} على اللفظ وَغَيْرُهُ على الموضع وغَيرَهُ على الاستثناء. {إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ مُفْتَرُونَ} أي ما أنتم في اتخاذكم إِلهاً غيره إلا كاذبون عليه جل وعز.

{ يٰقَوْمِ لاۤ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى ٱلَّذِي فَطَرَنِيۤ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ }
{يٰقَوْمِ لاۤ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً..} [51]
حُذِفَتِ الياء لأن النداء موضع حَذفٍ لكثرته، ويجوز إثباتها لأنها اسم.

{ وَيٰقَوْمِ ٱسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوۤاْ إِلَيْهِ يُرْسِلِ ٱلسَّمَآءَ عَلَيْكُمْ مِّدْرَاراً وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَىٰ قُوَّتِكُمْ وَلاَ تَتَوَلَّوْاْ مُجْرِمِينَ }
{.. يُرْسِلِ ٱلسَّمَآءَ..} [52]
جزم لأنه جواب وفيه معنى المجازاة {مِّدْرَاراً} على الحال وفيه معنى التكثير، والعرب تحذف الهاء في مِفْعَالٍ على النسب {وَيَزِدْكُمْ} عطفاً على يُرسِلْ.
اعراب آيات سورة ( هود )
{ إِن نَّقُولُ إِلاَّ ٱعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوۤءٍ قَالَ إِنِّيۤ أُشْهِدُ ٱللَّهَ وَٱشْهَدُوۤاْ أَنِّي بَرِيۤءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ }
{إِن نَّقُولُ إِلاَّ ٱعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا..} [54]
على تذكير بعض ويجوز التأنيث على المعنى.

{ إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى ٱللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَّا مِن دَآبَّةٍ إِلاَّ هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَآ إِنَّ رَبِّي عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ }
{إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى ٱللَّهِ..} [56]
أي رضيتُ بحكمه ووثقت بنصره {مَّا مِن دَآبَّةٍ} في موضع رفع بالابتداء {إِلاَّ هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَآ} أي يُصرّفها كيفَ يشاءُ ويمنعها مما شاء أي فلا يصلون الى ضرري، وكلّ ما فيه الروحُ يقال: له دابٌّ ودابّةٌ والهاء للمبالغة {إِنَّ رَبِّي عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} قيل: معناه لا خلل في تدبيره ولا تفاوت في خلقه.

{ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ مَّآ أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْماً غَيْرَكُمْ وَلاَ تَضُرُّونَهُ شَيْئاً إِنَّ رَبِّي عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ }
{فَإِن تَوَلَّوْاْ..} [57]
في موضع جزم فلذلك حُذِفَتْ منه النون، والأصل تتولّوا فحذفت التاء لاجتماع تاءين وإِنّ المعنى معروف {فَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ مَّآ أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ} بمعنى قد بَيّنتُ لكم {وَيَستَخلِفُ ربّي قَو}مَاً غَيْركُمْ} مستأنف، ويجوز أن يكون عطفاً على ما يجب فيما بعد الفاء ويجوز الجزم في غير القرآن مثل {ونذرُهُمْ في طُغيَانِهِمْ} وكذا {وَلاَ تَضُرُّونَهُ شَيْئاً}.
اعراب آيات سورة ( هود )
{ وَلَمَّا جَآءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا هُوداً وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا وَنَجَّيْنَاهُمْ مِّنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ }
{وَلَمَّا جَآءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا هُوداً وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا..} [58]
لأنّ أحداً لا ينجو إلا برحمة الله تعالى وإِن كانت له أعمال صالحة، وعن النبي صلى الله عليه وسلم مثل هذا، وقيل: معنى {بِرَحْمَةٍ مِّنَّا} بأنْ بينّا لهم الهدَى الذي هو رحمة.

{ وَتِلْكَ عَادٌ جَحَدُواْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَعَصَوْاْ رُسُلَهُ وَٱتَّبَعُوۤاْ أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ }
{وَتِلْكَ عَادٌ..} [59]
ابتداء وخبر، وحكى الكسائي والفراء أنّ من العرب من لا يصرف عاداً أي يجعله اسماً للقبيلة.

{ وَأُتْبِعُواْ فِي هَـٰذِهِ ٱلدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ أَلاۤ إِنَّ عَاداً كَفَرُواْ رَبَّهُمْ أَلاَ بُعْداً لِّعَادٍ قَوْمِ هُودٍ }
{.. أَلاۤ إِنَّ عَاداً كَفَرُواْ رَبَّهُمْ..} [60]
قال الفراء: أي كفروا نعمةَ ربّهم قال: ويقال: كَفرتُهُ وكَفَرتُ بِهِ، وشَكَرتُ لَهُ وشكرتُهُ.
اعراب آيات سورة ( هود )
{ وَإِلَىٰ ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً قَالَ يٰقَوْمِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُمْ مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنشَأَكُمْ مِّنَ ٱلأَرْضِ وَٱسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَٱسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوۤاْ إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُّجِيبٌ }
{وَإِلَىٰ ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً..} [61]
وقرأ يحيى بن وثاب والأعمش {وَإِلَىٰ ثَمُودٍ أَخَاهُمْ صَالِحاً}/ 101 ب/ وصَرفا ثموداً في سائر القرآن ولم يصرف حمزة ثمود في شيء من القرآن، وكذا رُوِيَ عن الحسن واختلف سائر القراء فيه فَصَرَفُوهُ في موضع ولم يصرفوه في موضع، وزعم أبو عُبَيْدٍ أنه لولا مُخالَفةُ السواد لكان الوجه تَرَكَ الصرف إذ كان الأغلب عليه التأنيث. قال أبو جعفر: الذي قاله أبو عبيد رحمه الله من أن الغالب عليه التأنيث كلامٌ مردود لأن ثموداً يقال له حَيّ ويقال له قبيلة وليس الغالب عليه القبيلةَ بل الأمر على ضِدّ ما قال عند سيبويه، والأجود عند سيبويه فيما لم يُقَلْ فيه بنو فلان، الصرف نحو قُرَيشٍ وثَقيفٍ وما أشبهها وكذا ثمود، والعلة في ذلك أنه لَمّا كان التذكير الأصل وكان يقع له مذكّر ومؤنّث كان الأصل والأخفّ أولى والتأنيث جَيّدٌ بالغٌ حَسَنٌ، وأنشد سيبويه في التأنيث:
غَلَبَ المَسَامِيحَ الولِيدُ سَماحةً * وكَفَى قُرَيش المُعضِلاَتِ وَسَادَهَا
{غَيْرُهُ هُوَ أَنشَأَكُمْ} ولا يجوز إِدغام الهاء [في الهاء] إلاّ على لغة من حذف الواو في الإِدراج {إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُّجِيبٌ} أي قريب الإجابة.

{ وَيٰقَوْمِ هَـٰذِهِ نَاقَةُ ٱللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِيۤ أَرْضِ ٱللَّهِ وَلاَ تَمَسُّوهَا بِسُوۤءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ قَرِيبٌ }
{.. هَـٰذِهِ نَاقَةُ ٱللَّهِ..} [64]
ابتداء وخبر، وقيل: ناقةُ اللهِ لأنه أخرجها لهم من جبل على ما طلبوا على أنهم يؤمنون. {لَكُمْ آيَةً} نصب على الحال {فَذَرُوهَا} أمر فلذلك حُذِفَتْ منه النون، ولا يقال: وذر ولا واذِر إِلاّ شاذاً، وللنحويين فيه قولان: قال سيبويه: استغنُوا عنه بِتَركَ، وقال غيره: لما كانت الواو ثقيلة وكان في الكلام فِعلٌ بمعناه لا واو فيه ألغَوهُ، {تَأْكُلْ فِيۤ أَرْضِ ٱللَّهِ} جزم لأنه جواب الأمر. قال أبو اسحاق: ويجوز رفعه على الحال والاستئناف {وَلاَ تَمَسُّوهَا} جزم بالنهي. قال الفراء: {بِسُوۤءٍ} أي بِعقرٍ {فَيَأْخُذَكُمْ} جواب النهي {عَذَابٌ قَرِيبٌ} من عقرها.

{ فَعَقَرُوهَا فَقَالَ تَمَتَّعُواْ فِي دَارِكُمْ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ ذٰلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ * فَلَمَّا جَآءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا صَالِحاً وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ ٱلْقَوِيُّ ٱلْعَزِيزُ }
{فَعَقَرُوهَا فَقَالَ تَمَتَّعُواْ..} [65]
أي بِنِعَمِ اللهِ جل وعز قبل العذاب {ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ} ظرف زمان.
قال أبو حاتم: حدّثنا أبو زيد عن أبي عمرو أنه قرأ {.. وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ..} [66] أدغم الياء في الياء وأضاف وكَسَرَ الميم من يومئذ. قال أبو جعفر: الذي يرويه النحويون مِثلُ سيبويه ومن قَارَبَهُ عن أبي عمرو في مثل هذا الاخفاءُ فأما الادغام فلا يجوز لأنه يلتقي ساكنان ولا يجوز كسر الزاي. قال أبو جعفر: ومن قرأ مِنْ خِزْيَ يَومئِذ حَذَفَ التنوين وأضاف ومن نَوّنَ نَصَبَ يَومَئِذٍ على أنه ظرف ومن حذف التنوين ونصبَ فقال "ومن خِزْيِ يَومَئِذٍ" فله تقديران عند النحويين: فتقدير سيبويه أنه مَبنيّ لأن ظرف الزمان ليس الاعراب فيه متمكناً فلما أضيف الى غير معرب بُنِيَ وأنشد:
* على حِينَ ألهى الناسَ جُلُّ أُمورِهِمْ *
وقال أبو حاتم: جُعِلَ "يَومٌ" و "إِذا" بمنزلة خمسةَ عَشرَ.
اعراب آيات سورة ( هود )
{ وَأَخَذَ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ ٱلصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ }
{وَأَخَذَ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ ٱلصَّيْحَةُ..} [67]
صيح بهم فماتو وذُكِّرَ لأن الصيحة والصياح واحد، {فَأَصْبَحُواْ فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ} قيل: ساقطين على وجوههم.

{ وَلَقَدْ جَآءَتْ رُسُلُنَآ إِبْرَاهِيمَ بِٱلْبُـشْرَىٰ قَالُواْ سَلاَماً قَالَ سَلاَمٌ فَمَا لَبِثَ أَن جَآءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ }
{وَلَقَدْ جَآءَتْ رُسُلُنَآ إِبْرَاهِيمَ بِٱلْبُـشْرَىٰ..} [69]
قيل: بالولد، وقيل: بشروه بأنهم رسلُ اللهِ جل وعز وأنّه لا خوف عليه {قَالُواْ سَلاَماً} في نصبه وجهان: يكون مصدراً، والوجه الآخر أن يكونَ منصوباً بقالوا كما يقال: قالوا خيراً والتفسير على هذا روى يحيى القطّان عن سفيان عن ابن أبي نُجَيحٍ عن مجاهد {قَالُواْ سَلاَماً} أي سَدَداً، {قَالَ سَلاَمٌ} في رفعه وجهان: أحدهما على اضمار مبتدأ أي هو سلام وأمري سلام، والآخر بمعنى سلام عليكم. قال الفراء: ولو كانا جميعاً منصوبين أو مرفوعين جاز، غير أن الفراء اعتل لأن كان الأول منصوباً والثاني مرفوعاً فقال: قالوا سلاماً فقال إبراهيم صلى الله عليه وسلم إن شاء الله. {فَمَا لَبِثَ أَن جَآءَ/ 102 أ/ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ} سيبويه يذهب إلى أنّ "أنْ" في موضع نصب، قال: تقول: لا يلبث أنْ ياتيك أي عن اتيانك وأجاز الفراء: أن يكون موضعها بِلَبِثَ أي فما أبطأ مجيئه.

{ فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لاَ تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُواْ لاَ تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَىٰ قَوْمِ لُوطٍ }
{فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لاَ تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ..} [70]
هذه لغة أهل الحجاز، ولغة أسد وتميم أنكَرَهُمْ وقال امرؤ القيس:
* لقد أنكَرَتْنِي بَعَلبَكّ وأهلُها *
وَيُرْوَى للأعشى:
وأَنكرتْنِي وما كَانَ الذي نِكرَتْ * مِنَ الحوادِثِ إلاّ الشيبَ والصلَعَا
{وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً} قال سيبويه: وناسٌ من ربيعة يقولون: "مِنِهِم" اتبعوها الكسرة ولم يكن المسكّن عندهم حاجزاً حصيناً. قال أبو جعفر: وقيل: إنما أوجس منهم خيفة لأنه كان يقيم معتزلاً في ناحية فخاف أن يكونوا عزموا له على شرّ، وكان الضّيفان إذا لم يأكلوا فإِنما أرادوا شراً.
اعراب آيات سورة ( هود )
{ وَٱمْرَأَتُهُ قَآئِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِن وَرَآءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ }
{وَٱمْرَأَتُهُ قَآئِمَةٌ..} [71]
ابتداء وخبر، {فَضَحِكَتْ} قد ذكرناه، وقيل: إنما ضحكت لأنهم أَحيَوا العِجْلَ بإِذنِ الله عز وجل فلما لحق بأمه ضحكت فلما ضحكت بشروها باسحاق {وَمِن وَرَآءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبُ} رفعه من جهتين: احداهما بالإِبتداء ويكون في موضع الحال أي بشروها باسحاق مقابلاً له يعقوب، والوجه الآخر أن يكون التقدير ومن وراء اسحاق يحدث يعقوب، ولا يكون على هذا داخلاً في البشارة، وقرأ حمزة وعبد الله بن عامر {وَمِن وَرَآءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ} والكسائي والأخفش وأبو حاتم يقدّرون يعقوبَ في موضع خفض، وعلى مذهب سيبويه والفراء، يكون في موضع نصب. قال الفراء: ولا يجوز الخفض إلاّ باعادة الخافض. قال سيبويه ولو قلتَ: مَررتُ بزيدٍ أوّل من أمسِ وأمسَ عمرو كان قبيحاً خبيثاً لأنك فرَّقت بَيْنَ المجرور وما يشركه وهو الواو كما تُفرّق بَيْنَ الجارِّ والمجرور. قال أبو جعفر: يكون التقدير من وراء اسحاق وهبنا له يَعقُوبَ كما قال:
جِئْنِي بِمِثْلِ بَنِي بدرٍ لِقَومِهِم * أو مِثلَ أسرَةِ مَنظُورِ بنِ سَيّارِ
أو عَامِرَ بنَ طُفَيلٍ في مُركَّبِهِ * أو حادثاً يَوْمَ نادَى القومُ يا حَارِ

{ قَالَتْ يَٰوَيْلَتَىٰ ءَأَلِدُ وَأَنَاْ عَجُوزٌ وَهَـٰذَا بَعْلِي شَيْخاً إِنَّ هَـٰذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ }
{قَالَتْ يَٰوَيْلَتَىٰ..} [72]
بإِمالة الألف وتفخيمها. قال أبو اسحاق: أصلها الياء فأُبدِلَ من الياء ألف. {وَهَـٰذَا بَعْلِي} ابتداء وخبر {شَيْخاً} على الحال. قال أبو اسحاق: والحال ها هنا نَصْبُها من لطيف النحو وغامضه لأنك إذا قلت: هذا زيدٌ قائماً، وكان المخاطَبُ لا يعرف زيداً لم يجز لأنه لا يكون زيداً ما دام قائماً فإِذا زال ذلك لم يكن زيداً فإِذا كان يَعرفُ زيداً صَحّتِ المسألة، والعامل في الحال التنبيهُ والاشارة. قال الأخفش: وفي قراءة أُبَيّ وابن مسعود {وَهَـٰذَا بَعْلِي شيخٌ} قال الفراء: وفي قراءة ابن مسعود {وَهَـٰذَا بَعْلِي شيخ}. قال أبو جعفر: الرفع من خمسة أوجه: تقول هذا زيدٌ قائم، فزيد بدل من هذا وقائم خبر المبتدأ، ويجوز أن يكون هذا مبتدأ وزيد قائم خبرين، وحكى سيبويه: هذا حلوٌ حامضٌ: ويجوز أن يكون "قائم" مرفوعاً على اضمار هذا أو هو، ويجوز أن يكون مرفوعاً على البدل من زيد، والوجه الخامس أن يكون هذا مبتدأ وزيدٌ مُبيّناً عنه وقائم خبراً.

{ قَالُوۤاْ أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ ٱللَّهِ رَحْمَتُ ٱللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ ٱلْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَّجِيدٌ }
{.. رَحْمَةُ ٱللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ..} [73]
مبتدأ، والخبر في {عَلَيْكُمْ} وحكى سيبويه "عَليكِم" بكسر الكاف لمجاورتها الياء {أَهْلَ ٱلْبَيْتِ} منصوب على النداء ويُسمّيهِ سيبويه تخصيصاً {إِنَّهُ حَمِيدٌ} اي محمود {مَّجِيدٌ} أي ماجد.
اعراب آيات سورة ( هود )
{ فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ ٱلرَّوْعُ وَجَآءَتْهُ ٱلْبُشْرَىٰ يُجَادِلُنَا فِي قَوْمِ لُوطٍ * إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُّنِيبٌ }
{فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ ٱلرَّوْعُ وَجَآءَتْهُ ٱلْبُشْرَىٰ يُجَادِلُنَا..} [74]، [75]
في قوم لوط، مذهب الأخفش والكسائي أن يجادلنا في موضع جَادَلَنَا. قال أبو جعفر: لما كان جواب "لمّا" يجب أن يكون للماضي جُعِلَ المستقبل مكانه كما أنّ الشرط يجب أن يكون بالمستقبل فَجُعلَ الماضي مكانه، وفيه جواب آخر يكون "يجادلنا" في موضع/ 102 ب/ الحال أي أقبل يجادلنا وهذا قول الفراء. ويقال: أناب إذا رجع، فإبراهيم صلى الله عليه وسلم كان راجعاً إلى الله جل وعز في أموره كلّها.

{ وَلَمَّا جَآءَتْ رُسُلُنَا لُوطاً سِيۤءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعاً وَقَالَ هَـٰذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ }
{وَلَمَّا جَآءَتْ رُسُلُنَا لُوطاً سِيۤءَ بِهِمْ..} [77]
وان شئتَ ضَمَمتَ السين لأن أصلها الضم. الأصل سوِيءَ بهم من السوء، قُلِبَتْ حركة الواو على السين فانقلبت ياءاً فإِن خَفّفتَ الهمزة ألقيتَ حركتها على الياء فقلت: سِـْيَ بهم مخففاً. ولغة شاذة التشديد. {وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعاً} على البيان {وَقَالَ هَـٰذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ} وَعَصَبْصَبٌ على التكثير أي مكروه مجتمعُ الشرّ، وقد عَصب أي عَصَب بالشرِّ عِصابةً، ومنهم قيل: عِصَابةٌ وعُصْبَةٌ أي مجتمعوا الكلمة ومجتمعون في أنفسهم، وَعُصبَةُ الرجلِ المجتمعون معه في النسب، وَتَعَصّبتُ لفلان صرت كَعَضَبَتِهِ، ورجل مَعصُوبٌ مجتمع الخلقِ.

{ وَجَآءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِن قَبْلُ كَانُواْ يَعْمَلُونَ ٱلسَّيِّئَاتِ قَالَ يٰقَوْمِ هَـٰؤُلاۤءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُواْ اللًّهَ وَلاَ تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَّشِيدٌ }
{وَجَآءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ..} [78]
في موضع الحال {قَالَ يٰقَوْمِ هَـٰؤُلاۤءِ بَنَاتِي} ابتداء وخبر، وكذا {هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ} وقرأ عيسى بن عمرو {هُنّ أطهَرَ لكم}، وروى سيبويه احتبى ابن مروان في اللحن، أي حين قرأ {هُنَّ أَطهَرَ لكم} قال أبو حاتم: ابن مروان قارىء أهل المدينة. قال الكسائي: "هُنَّ أَطهَرَ لكم" صواب يجعل هنّ عماداً. قال أبو جعفر: قول الخليل وسيبويه والأخفش أن هذا لا يجوز ولا تكون "هنّ" ها هنا عماداً، قال: وإنما تكون عماداً فيما لا يتمّ الكلام الا بما بَعدَها نَحوَ: كان زيدٌ هو أخاك، لتدلّ بها على أن الأخ ليس بنعت. قال أبو إِسحاق: وتدلّ على أنّ كان تحتاج الى خبر، وقال غيره: يُدَلُّ بها على أن الخبر معرفة أو ما قاربها. {وَلاَ تُخْزُونِ} في ضَيفِي أي لا تهينوني ولا تذلوني، وضيفٌ يَقعُ للاثنين والجميع على لفظ الواحد لأنه في الأصل مصدر، ويجوز فيه التثنية والجمع. {أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَّشِيدٌ} أي يرشدكم وينهاكم.
اعراب آيات سورة ( هود )
{ قَالُواْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا لَنَا فِي بَنَاتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ }
{قَالُواْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا لَنَا فِي بَنَاتِكَ مِنْ حَقٍّ..} [79]
أي لأنا لم نَتَزَوّجْ بهن.

{ قَالُواْ يٰلُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَن يَصِلُوۤاْ إِلَيْكَ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِّنَ ٱلْلَّيْلِ وَلاَ يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ إِلاَّ ٱمْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَآ أَصَابَهُمْ إِنَّ مَوْعِدَهُمُ ٱلصُّبْحُ أَلَيْسَ ٱلصُّبْحُ بِقَرِيبٍ }
{قَالُواْ يٰلُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَن يَصِلُوۤاْ إِلَيْكَ..} [81]
أي لن يصلوا إليك بمكروه فيروى أنه لَمّا قالوا له هذا خَلّى بينَ قَومِهِ وبَينَ الدخول فأَمَر جبرائيل صلى الله عليه وسلم يَدَهُ على أعينهم فَعَمُوا وعلى أيديهم فَجَفَّتْ فرجعوا إلى منازلهم مسرعين. {فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ} يقال: سَرَى وأَسرَى إِذا سار بالليل لغتان فصيحتان، {وَلاَ يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ إِلاَّ ٱمْرَأَتَكَ} نصب بالاستثناء، وهي القراءة البيّنةُ. والمعنى فأَسرِ بأَهلِكَ إِلاّ امرأَتكَ، وقد قال جل وعز {كانت من الغابرين} أي من الباقين لم يَخرُجْ بها، وان كان قد قيل فيه غير هذا، ويدل أيضاً على النصب أنه في قراءة عبد الله {فأَسرِ بأهلك إِلا امرأتَك} وقد قيل: المعنى لا يلتفت منكم أحدٌ الى ما خَلَّفَ ولْيَخرُجْ مع لوطٍ صلى الله عليه وسلم، وقرا أبو عمرو وابن كثير {إِلا امرأَتُكَ} بالرفع على البدل، فأنكر هذه القراءة جماعة منهم أبو عبيد، قال أبو عبيد: ولو كان كذا لكان "ولا يلتفتُ" بالرفع، وقال غيره: كَيفَ يجوز أن يأمرها بالالتفات؟ قال أبو جعفر: وهذا الحَمْلُ من أبي عبيد ومن غيره على مِثْلِ أبي عمرو مع جلالته ومحلّهِ من العربية لا يجبُ أن يكون، والتأويل له على ما حكى محمد بن يزيد قال: هذا كما يقول الرجل لحاجبه لا يَخْرُجْ فلانٌ فلفظ النهي لِفُلانٍ ومعناه للمخاطَبِ أي لا تَدَعْهُ يخرُج، فكذا لا يَلتَفِتْ منكم أحدٌ إِلاّ امرأتكَ، ومثله لا يَقُمْ أَحدٌ إِلاّ زيدٌ، يكون معناه انههُمْ عنِ القيام إِلاّ زيداً، ووجه آخر يكون معناه مُرْ زيداً وحده بالقيام. {أَلَيْسَ ٱلصُّبْحُ بِقَرِيبٍ} لأن لوطاً صلى الله عليه وسلم استعجلهم بالعذابِ لغيظه على قومه، وقرأ عيسى بن عمر {أَليسَ الصُّبُحُ} بضم الباء وهي لغة.

{ فَلَمَّا جَآءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ مَّنْضُودٍ }
{.. جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا..} [82]
مفعولان، حكى أبو عبيد عن الفراء/ 103 أ/ أنه قد يقال لحجارة الأرحاء {سِجِّيلٍ} وحكى عنه محمد بن الجهم أن سجّلاً طين يُطبَخُ حتى يَصيرَ بمنزلة الأرحاء، {مَّنْضُودٍ} من نعت سجيل.
اعراب آيات سورة ( هود )
{ مُّسَوَّمَةً عِندَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ ٱلظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ }
{مُّسَوَّمَةً..} [83]
من نعت حجارة. قال الفراء: زعموا أنها كانت مُخطّطةً بحمرةٍ وسوادٍ في بياضٍ، فذلك تسويمها أي علاماتها. قال: {وَمَا هِيَ مِنَ ٱلظَّالِمِينَ} يعني قوم لوط {بِبَعِيدٍ} قال: لم تكن تخطئهم.

{ وَإِلَىٰ مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْباً قَالَ يٰقَوْمِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُمْ مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ وَلاَ تَنقُصُواْ ٱلْمِكْيَالَ وَٱلْمِيزَانَ إِنِّيۤ أَرَاكُمْ بِخَيْرٍ وَإِنِّيۤ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُّحِيطٍ }
{وَإِلَىٰ مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْباً..} [84]
لم تنصرف مَديَنُ لأنها اسم مدينة.

{ بَقِيَّتُ ٱللَّهِ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ وَمَآ أَنَاْ عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ }
{بَقِيَّةُ ٱللَّهِ خَيْرٌ لَّكُمْ..} [86]
ابتداء وخبر. وقد ذكرنا معناه وقد قيل: المعنى ما يبقيه الله جل وعز لكم من رزقه وحفظه {خَيْرٌ لَّكُمْ} مِمّا تأخذونه بالبَخْسِ والظلم {وَمَآ أَنَاْ عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ} أي لا يتهيّأ لي أن أحفظكم من إِزالة نِعَمِ اللهِ جل وعز عنكم بمعاصيكم.
اعراب آيات سورة ( هود )
{ قَالُواْ يٰشُعَيْبُ أَصَلَٰوتُكَ تَأْمُرُكَ أَن نَّتْرُكَ مَا يَعْبُدُ ءابَاؤُنَآ أَوْ أَن نَّفْعَلَ فِيۤ أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ إِنَّكَ لأَنتَ ٱلْحَلِيمُ ٱلرَّشِيدُ }
{قَالُواْ يٰشُعَيْبُ أَصَلَٰوتُكَ تَأْمُرُكَ أَن نَّتْرُكَ مَا يَعْبُدُ ءابَاؤُنَآ..} [87]
{أنْ} في موضع نصب، وقال الكسائي: موضعها خفضٌ على اضمار الباء، {أَوْ أَن نَّفْعَلَ فِيۤ أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ} {أنْ} في موضع نصب لا غير عطف على {ما} والمعنى أو تَأمُرُكَ أن نتركَ أن نفعَلَ في أموالنا ما نشاء، وزعم الفراء أنّ التقدير أو تنهانا أن نفعَلَ في أموالنا ما نشاء، وقرأ الضحاك بن قيس {أو أنْ تَفعَلَ في أموالِنَا ما تَشَاءُ} بالتاء فانْ على هذه القراءة معطوفة على أنْ الأولى. {إِنَّكَ لأَنتَ ٱلْحَلِيمُ ٱلرَّشِيدُ}. قال أبو جعفر: قد ذكرناه وفيه زيادة هي أَحسنُ مِمّا تقدم ولأن ما قَبلَها يدلُّ على صِحّتِها أي أنت الحليم الرشيد فكيف تأمرنا أن نتركَ ما يَعبُدُ آباؤنا ويدلّ عليها "أَصَلَٰوتُكَ تَأْمُرُكَ أَن نَّتْرُكَ مَا يَعْبُدُ ءابَاؤُنَآ" أنكروا لَمّا رأوا من كثرة صَلاتِهِ وعبادتِهِ وأنه حليم رشيد أن يكونَ بأمرك بتَركِ ما كان يعبد آباؤهم، وهذا جهل شديد أو مكابرةٌ وبَعدَهُ أيضاً ما يدلّ عليه.

{ قَالَ يٰقَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقاً حَسَناً وَمَآ أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَىٰ مَآ أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ ٱلإِصْلاَحَ مَا ٱسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِيۤ إِلاَّ بِٱللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ }
{قَالَ يٰقَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقاً حَسَناً..} [88]
أي أفلا أنهاكم عن الضلال، {وَمَآ أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ} في موضع نصب بأريد.

{ وَيٰقَوْمِ لاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِيۤ أَن يُصِيبَكُم مِّثْلُ مَآ أَصَابَ قَوْمَ نُوحٍ أَوْ قَوْمَ هُودٍ أَوْ قَوْمَ صَالِحٍ وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِّنكُم بِبَعِيدٍ }
قرأ يحيى بن وثاب {.. لاَ يُجْرِمَنَّكُمْ..} [89] بضم الياء {شِقَاقِيۤ} في موضع رفع {أَن يُصِيبَكُم} في موضع نصب {وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِّنكُم بِبَعِيدٍ} قال الكسائي أي دورهم في دوركم.
اعراب آيات سورة ( هود )
{ قَالُواْ يٰشُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيراً مِّمَّا تَقُولُ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفاً وَلَوْلاَ رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ وَمَآ أَنتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ }
{قَالُواْ يٰشُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيراً مِّمَّا تَقُولُ..} [91]
يقال فَقِهَ يَفقَهُ اذا فَهِمَ فِقْهاً وفَقَهاً، وحكى الكسائي فِقْهَاناً وَفَقُهَ فِقْهاً إذا صار فقيهاً. {وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفاً} على الحال {وَلَوْلاَ رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ} رفع بالابتداء، وكذا {أَرَهْطِيۤ} والمعنى أرهطي في قلوبكم أعظم من الله عز وجل وهو يملككم {وَٱتَّخَذْتُمُوهُ وَرَآءَكُمْ ظِهْرِيّاً} مفعولان.

{ وَيٰقَوْمِ ٱعْمَلُواْ عَلَىٰ مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَٰمِلٌ سَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَمَنْ هُوَ كَٰذِبٌ وَٱرْتَقِبُوۤاْ إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ }
{.. سَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ..} [93]
{مَنْ} في موضع نصب مثل {يعلم المفسدَ من المُصلِحِ} {وَمَنْ هُوَ كَاذِبٌ} عطف عليها، وأجاز الفراء أن يكون موضعهما رفعاً يجعلهما استفهاماً. ويدل على القول الأول أنّ مَنْ الثانية موصولة ومحال أن يُوصَلَ بالاستفهام، وقد زعم الفراء أنهم انما جاءُوا بهو في "وَمَنْ هُوَ كَاذِبٌ" لأنهم لا يقولون: مَنْ قَائمٌ انما يقولون: مَنْ قَامَ ومن يقومُ ومن القائمُ، فزادوا هو ليكون جملة تقوم مقام فَعَلَ ويَفعَلُ. قال أبو جعفر: ويدلّ على خلاف هذا قوله:
مَن رَسُولٌ الى الثريا بأنّي * ضِقتُ ذرعاً بِهَجْرِها والكتابِ

{ كَأَن لَّمْ يَغْنَوْاْ فِيهَآ أَلاَ بُعْداً لِّمَدْيَنَ كَمَا بَعِدَتْ ثَمُودُ }
حكى أن أبا عبد الرحمن السلمي قرأ {..كما بَعُدَتْ ثَمُود} [95] بضم العين. قال أبو جعفر: المعروف في اللغة أنه يقال: بَعِدَ يَبْعَدُ بَعْداً وبُعداً اذا هلك.
اعراب آيات سورة ( هود )
{ يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ ٱلنَّارَ وَبِئْسَ ٱلْوِرْدُ ٱلْمَوْرُودُ * وَأُتْبِعُواْ فِي هَـٰذِهِ لَعْنَةً وَيَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ بِئْسَ ٱلرِّفْدُ ٱلْمَرْفُودُ }
{يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ..} [98]
يقال: قَدَمَهُمْ يَقدُمُهُم قَدْماً وقدوماً إذا تَقَدّمَهُمْ {بِئْسَ ٱلْوِرْدُ} رفع ببئس {ٱلْمَوْرُودُ} رفع بالابتداء وان شئت على اضمار مبتدأ، وكذا بئس {..ٱلرِّفْدُ ٱلْمَرْفُودُ} [99] حكى الكسائي وأبو عبيدة: رفَدْتُهُ أَرفِدُهُ رفداً أي أعنتُهُ وأَعطيتُهُ، واسم العطيَّة الرِفدُ.

{ ذَلِكَ مِنْ أَنْبَآءِ ٱلْقُرَىٰ نَقُصُّهُ عَلَيْكَ مِنْهَا قَآئِمٌ وَحَصِيدٌ }
{ذَلِكَ..} [100]
رفع على اضمار مبتدأ أي الأمر ذلك/ 103 ب/ وإِن شئتَ بالابتداء، وكذا {مِنْهَا قَآئِمٌ وَحَصِيدٌ} أي منها موجود مبني ومنها مخسوفٌ به وذاهب. قال الأخفش سعيد: حَصِيدٌ اي محصود وجمعه حَصدَى وحِصادٌ مثل مَرضَى وَمِراضٍ، قال: ويجوز فيمن يعقل حُصَدَاءُ مثل قبيل وقبلاء.

{ وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَـٰكِن ظَلَمُوۤاْ أَنفُسَهُمْ فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ ٱلَّتِي يَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ مِن شَيْءٍ لَّمَّا جَآءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَمَا زَادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ }
{وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ..} [101]
أصل الظلم في اللغة وضع الشيء في غير موضعه، {وَلَـٰكِن ظَلَمُوۤاْ أَنفُسَهُمْ} وحكى سيبويه أنه يقال: ظَلَمَ إِياهُ. {وَمَا زَادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ} مفعولان وهو مجاز لَمّا كانت عبادتهم إياها قد خَسرَتهم ثواب الآخرة قيل: ما زادوهم غير تخسير.

اعراب آيات سورة ( هود )
{ وَكَذٰلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ ٱلْقُرَىٰ وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ }
{وَكَذٰلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ..} [102]
ابتداء وخبر، وقرأ عاصم الجحدري {وَكَذٰلِكَ أَخَذَ رَبُّكَ إِذ أَخذَ ٱلْقُرَىٰ} فاذ لما مَضَى أي حِينَ أخذَ القرى، وإذا للمستقبل أي متى أَخَذَ القرى {وَهِيَ ظَالِمَةٌ} أي أهلها مثل {وسئل القرية}.

{ إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَةً لِّمَنْ خَافَ عَذَابَ ٱلآخِرَةِ ذٰلِكَ يَوْمٌ مَّجْمُوعٌ لَّهُ ٱلنَّاسُ وَذَٰلِكَ يَوْمٌ مَّشْهُودٌ }
{.. ذٰلِكَ يَوْمٌ..} [103]
ابتداء وخبر {مَّجْمُوعٌ} من نعته الناسُ اسم ما لم يُسمّ فاعله ولهذا لم يقل: مجموعون، ويجوز أن يكون الناس رفعاً بالابتداء، ومجموع له خبره ولم يقل: مجموعون لأن له يقوم مقام الفاعل.

{ يَوْمَ يَأْتِ لاَ تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلاَّ بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ }
{يَوْمَ يَأْتِ لاَ تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلاَّ بِإِذْنِهِ..} [105]
قراءة أهل المدينة وأبي عمرو والكسائي باثبات الياء في الادراج وحذفها في الوقف، وحكى أن أبيّا وابن مسعود رضي الله عنهما قرآ {يَوْمَ يَأْتي} بإثبات الياء في الوقف والوصل، وقرأ الأعمش وحمزة {يَوْمَ يَأْتِ} بغير ياء في الوقف والوصل. قال أبو جعفر: الوجه في هذا أن لا يُوقفَ عليه وأن يُوصَلَ بالياء لأن جماعة من النحويين قالوا لا وجه لحذف الياء، ولا يجزم الشيء بغير جازم فأما الوقف بغير ياء ففيه قول الكسائي قال: لأن الفعل السالم يُوقَفُ عليه كالمجزوم فَحذَفَ الياء كما يحذف الضمة على أنّ أبا عبيد قد احتج بحذف الياء في الوقف والوصل بحجتين: احداهما أنه زعم أنه رآه في الامام الذي يقال له مصحف عثمان رضي الله عنه بغير ياء، والحجة الأخرى أنه حكى أنها لغة هُذيل يقولون: ما ادْر. قال أبو جعفر: أما حجته بمصحف عثمان رضي الله عنه فشيء يرده عليه أكثر العلماء. قال مالك بن أنس رحمه الله: سألت عن مُصحف عثمان رضي الله عنه، فقيل لي قد ذَهَب وأما الحجة بقولهم: ما أدرِ فلا حُجّةَ فيه لأن هذا الحرف قد حكاه النحويون القدماء وذكروا علته، وأنه لا يقاس عليه والعلَّة فيه عند سيبويه، وان كان سيبويه حكى: لا أَدرِ، كثرةُ الاستعمال، ومعنى كثرة الاستعمال أنه نفيٌ لكل ما جُهِلَ، وأنشد الفراء في حذف الياء:
كَفّاك كفّ ما تُلِيقُ درهَما * جُوداً وأُخرى تُعْطِ بالسيف الدَّما
{لاَ تَكَلَّمُ نَفْسٌ} والأصل تتكلّم حُذِفَتْ احدى التاءين تخفيفاً.
اعراب آيات سورة ( هود )
{ فَأَمَّا ٱلَّذِينَ شَقُواْ فَفِي ٱلنَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ }
{فَأَمَّا ٱلَّذِينَ شَقُواْ..} [106]
ابتداء {فَفِي ٱلنَّارِ} في موضع الخبر، وكذا {لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ} قال أبو العالية: الزفيرُ من الصدر والشهيقُ من الحلق. قال أبو اسحاق: الزفير من شديد الانين وقبيحه، والشهيق من الانين المرتفع جداً. قال: وزعم أهل اللغة من البصريين والكوفيين أن الزفير بمنزلة ابتداء صوت الحمار في النهيق، والشهيق بمنزلة آخر صوت الحمار في النهيق.

{ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ ٱلسَّمَٰوَٰتُ وَٱلأَرْضُ إِلاَّ مَا شَآءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ }
{خَالِدِينَ فِيهَا..} [107]
نصب على الحال {مَا دَامَتِ ٱلسَّمَاوَاتُ وَٱلأَرْضُ} في موضع نصب أي دوام السموات والأرض والتقدير وقتَ ذلك، {إِلاَّ مَا شَآءَ رَبُّكَ} في موضع نصب، لأنه استثناء ليس من الأول وقد ذكرنا معناه.

{ وَأَمَّا ٱلَّذِينَ سُعِدُواْ فَفِي ٱلْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ ٱلسَّمَٰوَٰتُ وَٱلأَرْضُ إِلاَّ مَا شَآءَ رَبُّكَ عَطَآءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ }
قرأ الأعمش وحمزة والكسائي {وَأَمَّا ٱلَّذِينَ سُعِدُواْ..} [108]
بضم السين، وقال أبو عمرو: والدليل على أنه سَعِدُوا أَن الأول شَقُوا ولم يقل: أُشقُوا قال أبو جعفر: رايت علي بن سليمان يتعجّبُ من قراءة الكسائي {سُعِدُواْ} من علمه بالعربية إِذ كان هذا لحناً لا يجوز لأنه إِنما يقال: سَعِدَ فلان وأَسعَدَهُ الله جل وعز فأُسعِدَ مثل أُمرضَ وإنما احتج الكسائي/ 104 أ/ بقولهم: مسعودٌ ولا حجَّة له فيه لأنه يقال: مكانٌ مَسعودٌ فيه ثم يُحذَفُ فيه ويسمّى به واحتجّ بقول العرب: فغر فاهُ وفَغَر فوهُ، وكذا شحاه وسار الدابةُ وسرتُهُ ونَزَحت البئرُ ونَزَحتُها وجَبر العظمُ وجَبَرتُهُ، وذا لا يقاس عليه إِنما يُنطق منه بما نَطَقَتْ به العرب. قال أبو جعفر: وسمعتُ علي بن سليمان يقول: لو قال لنا قائل: كيفَ تنطقون بالمتعدّي من فَغَرَ فوه؟ ما قلنا الاّ أفغرت فاه، وهذا الذي قال حسنٌ ويكون فَغَر فاهُ ليس بمتعدّي ذلك ولكنها لغة على حِدَة. {عَطَآءً} اسم للمصدر {غَيْرَ مَجْذُوذٍ} من نعته يقال: جَذَّه وَحَذَّه كما قال:
تجذّ السلوقيّ المضاعف نسجُهُ * وَيُوقِدْنَ بالصُفّاح نَارَ الحُبَاحبِ
اعراب آيات سورة ( هود )
{ فَلاَ تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِّمَّا يَعْبُدُ هَـٰؤُلاۤءِ مَا يَعْبُدُونَ إِلاَّ كَمَا يَعْبُدُ آبَاؤُهُم مِّن قَبْلُ وَإِنَّا لَمُوَفُّوهُمْ نَصِيبَهُمْ غَيْرَ مَنقُوصٍ }
{فَلاَ تَكُ..} [109]
في موضع جزم بالنهي وحذف النون لكثرة الاستعمال. وأحسن ما قيل في معناه: قل لكل من شكّ {لاَ تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِّمَّا يَعْبُدُ هَـٰؤُلاۤءِ} إِنّ الله جل وعز ما أمرهم به وانما يَعبُدُونَهَا كما كان آباؤهم يفعلون تقليداً لهم.

{ وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَىٰ ٱلْكِتَابَ فَٱخْتُلِفَ فِيهِ وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مُرِيبٍ }
{.. وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ..} [110]
والكلمة أنّ الله جل وعز حكم أن يؤخّرهم الى يوم القيامة لما عَلِمَ من الصلاح في ذلك. ولولا ذلك لقضي بينهم بأن يُثابَ المؤمنُ ويُعاقَبَ الكافرُ. {وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مُرِيبٍ} من نعت شكٍّ.

{ وَإِنَّ كُـلاًّ لَّمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمَالَهُمْ إِنَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ خَبِيرٌ }
{وَإِنَّ كُـلاًّ لَّمَّا..} [111]
فيها ثماني قراءات خمس منها موافقةٌ للسواد. قرأ ابن كثير وأبو عمرو والكسائي بتشديد "إنّ" وتخفيف "لما"، وقرأ نافع بتخفيفهما جميعاً. وقرأ أبو جعفر وشيبة وحمزة وهو المعروف من قراءة الأعمش بتشديدهما جميعاً وقرأ عاصم بتخفيف "إِن" وتشديد "لمّا"، وقرأ الزهري بتشديد "لمّا" والتنوين، فهذه خمس قراءات، ورُوِيَ عن الأعمش {وإِنْ كُلٌّ لمّا} بتخفيف "إن" ورفع "كلّ" وتشديد "لمّا". قال أبو حاتم: وفي حرف أبيّ {وإِنْ كلٌّ إلاّ ليُوفّينّ ربُّكَ أَعمَالَهُمْ}، وفي حرف ابن مسعود {وإِنْ كلٌّ إلا لَيُوفّينَّهُمْ ربُّكَ أعمالَهُمْ}. قال أبو جعفر: القراءة الأولى أَبينُهَا يَنصبُ "كلاّ" بانّ اللام للتوكيد وما صلة والخبر في لَيُوفّينّهُم، والتقدير وأنّ كلاّ ليُوفِّيَنَّهُمْ، وقراءة نافع على هذا التقدير إلاّ أنه خَفّف "إن" وأعملها عمَل الثقيلة. وقد ذكر هذا الخليل وسيبويه وهو عندهما كما يُحذَفُ من الفعل ويُعمَلُ كما قال:
* كَأَنْ ظَبِيةٌ تَعطُو إلى نَاضِرِ السَّلَم *
وأنكر الكسائي أن تُخَفّفَ "إِن" وتعمَلُ وقال: ما أدري على أي شيء قرأ وإِنْ كلاًّ، وقال الفراء: نصب كلاًّ بقوله: لنُوفّينّهم. وهذا من كثير الغلط، لا يجوز عند أحد: زيداً لأضربنّه، والقراءة الثالثة بتشديدهما جميعاً عند أكثر النحويين لحنٌ، حُكِي عن محمد بن يزيد أن هذا لا يجوز، ولا يقال: إنْ زيداً إلا لأضرِبَنَّهُ، ولا لمَّا لأضربنَه، وقال الكسائي: الله جل وعز أعلَمُ بهذه القراءة ما أعرفُ لها وجهاً. قال أبو جعفر: وللنحويين بَعْدَ هذا أربعةُ أقوال: قال الفراء: الأصل وإِنّ كلاًّ لَممّا فاجتمعتْ ثلاثُ ميماتٍ فَحُذِفَتْ احداهن قال أبو اسحاق هذا خطأ لأنه يحذف النون من "مِنْ" فيبقى حرف واحد. وقال أبو عثمان المازني: الأصل وانّ كلاًّ لَمَا بتخفيف ما ثم ثُقِلَتْ. قال أبو اسحاق: هذا خطأ إنما يُخَفَّفُ المثقَّل ولا يثقَّلُ المُخَفّفُ، وقال أبو عبيد القاسم بن سلاّم: الأصل {وإنّ كلاًّ لَماً لَيُوفّينهم} بالتنوين من لممته لَمّاً أي جمعته ثم بنى منه فَعْلَى كما قريء {ثم أرسلنا رُسُلنا تَتْرَى} بغير تنوين وتنوين. قال أبو اسحاق: القول الذي لا يجوز عندي غيره أن "إنْ" تكون مخففة من الثقيلة وتكون بمعنى "ما" مثل {إنْ كلّ نفسٍ لَمّا علَيْهَا حافِظٌ} وكذا أيضاً تشدّد على أصلها وتكون بمعنى "ما" ولمّا بمعنى "إِلاّ" حكى ذلك الخليل وسيبويه. قال أبو جعفر: والقراءات الثلاث المخالفات للسواد تكون فيها "إِنْ" بمعنى "ما" لا غير/ 104ب/ وتكون على التفسير لأنه لا يجوز أنْ يقرأ بما خالف السواد إلاّ على هذه الجهة.
اعراب آيات سورة ( هود )
{ وَلاَ تَرْكَنُوۤاْ إِلَى ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ ٱلنَّارُ وَمَا لَكُمْ مِّن دُونِ ٱللَّهِ مِنْ أَوْلِيَآءَ ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ }
قال أبو عمرو بن العلاء {وَلاَ تَرْكَنُوۤاْ..} [113] لغة أهل الحجاز، وقال الفراء: لغة تميم وقيس رَكَنَ يَركُنُ وَرُوِيَ عن قتادة أنه قرأ {ولا تَركُنُوا} بضم الكاف. وقرأ يحيى بن وثاب والأعمش {فَتَمِسَّكُمُ ٱلنَّارُ} وأنكر هذا أبو عبيد قال: لأنه ليس فيه حرف من حروف الحلق. قال أبو جعفر: لا معنى لقوله: ليس فيه حرف من حروف الحلق؛ لأن حروف الحلق لا تَجتلبُ الكسرة، وهذه اللغة ذكرها الخليل وسيبويه عن غير أهل الحجاز اذا كان الفعل على فَعِلَ كَسَرُوا أولَ مُستقبَلِهِ ليدلّوا على الكسرة التي في ماضيه، وكان يجب أن يُكسَرَ ثانية ليتفق مع الماضي فلم يجز ذلك للزوم الثاني الاسكان فكسروا الأول، فقالوا يحذَرُ وهي مشهورة في بني فزارة وهذيل، كما قال:
* وإِخالُ أنّي لاحِقٌ مُسْتَتبعُ *
وكذا إِذا كان في ماضيه ألف وصل مكسورة كسروا أول المستقبل نحو نِستَعِينُ. قال سيبويه: وكذا ما كان يجب أن تكون فيه ألف وصل مثل تَفعَل وتَفَاعَلَ.

{ وَأَقِمِ ٱلصَّلاَةَ طَرَفَيِ ٱلنَّهَارِ وَزُلَفاً مِّنَ ٱلَّيْلِ إِنَّ ٱلْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ ٱلسَّـيِّئَاتِ ذٰلِكَ ذِكْرَىٰ لِلذَّاكِرِينَ }
{وَأَقِمِ ٱلصَّلاَةَ طَرَفَيِ ٱلنَّهَارِ..} [114]
نصب على الظرف، وحذفت النون للاضافة، وكسرت الياء لالتقاء الساكنين، ولم يحذفها لأن ما قبلها مفتوح {وَزُلَفاً} عطف. وقرأ أبو جعفر {وَزُلُفاً} بضم الزاي واللام وهو جمع زَليفٍ لأنه قد نُطِقَ بزليف ويجوز أن يكون واحداً، وقرأ ابن مُحَيصنٍ {وَزلْفاً مِّنَ ٱلْلَّيْلِ} بضم الزاي واسكان اللام والتنوين وهو مسكن من زُلُفٍ لأَزَلَفٍ لأن الفتحة خفيفة. {إِنَّ ٱلْحَسَنَاتِ} قد قيل: يعني به الصلوات ومما لا تنازع فيه أن التوبة تذهب السيئات. وأن اجتناب الكبائر يذهب السيئات الصغائر.

{ وَٱصْبِرْ فَإِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ ٱلْمُحْسِنِينَ }
{وَٱصْبِرْ..} [115] أي على أذاهم.
اعراب آيات سورة ( هود )
{ فَلَوْلاَ كَانَ مِنَ ٱلْقُرُونِ مِن قَبْلِكُمْ أُوْلُواْ بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ ٱلْفَسَادِ فِي ٱلأَرْضِ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّنْ أَنجَيْنَا مِنْهُمْ وَٱتَّبَعَ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مَآ أُتْرِفُواْ فِيهِ وَكَانُواْ مُجْرِمِينَ }
{فَلَوْلاَ..} [116]
بمعنى هَلاّ، وهذا نستعمله العرب على التعجب من الشيء أي فهلاّ كان من القرون من قبلكم قَومٌ {يَنْهَوْنَ عَنِ ٱلْفَسَادِ فِي ٱلأَرْضِ} لِمَا أعطاهم الله جل وعز من العقول وأراهم من الآيات. {إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّنْ أَنجَيْنَا مِنْهُمْ} استثناء ليس من الأول، واتّبَعَ الذينَ ظَلَمُوا ما أُترِفُوا فِيهِ} أي من الاشتغال بالمال واللذات.

{ وَلَوْ شَآءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ ٱلنَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ }
{.. وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ..} [118] خبر يزال.

{ إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ وَلِذٰلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ ٱلْجِنَّةِ وَٱلنَّاسِ أَجْمَعِينَ }
{إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ..} [119]
استثناء {وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ} معنى تَمَّتْ ثبتت، ذلك كما أخبرَ بِه.

اعراب آيات سورة ( هود )
{ وَكُـلاًّ نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ ٱلرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَآءَكَ فِي هَـٰذِهِ ٱلْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ }
{وَكُـلاًّ..} [120]
نصب بنقُصُّ {مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ} أي على الصبر على أداء الرسالة و {مَا} بدل من كل، وقال الأخفش، "وكلاّ" نصب على الحال فقدّمَ الحال كما تقول: كلاّ ضربتُ القوم. {وَمَوْعِظَةٌ} أي ما يتّعظ به من إهلاك الأمم {وَذِكْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ} أي يتذكرون ما ترك بِمَنْ هلك فيتوفَّونَ.

{ وَلِلَّهِ غَيْبُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ ٱلأَمْرُ كُلُّهُ فَٱعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ }
قال الأخفش: {.. وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ} [123] إذا لم يُخاطَبِ النبي صلى الله عليه وسلم معهم قال: وقال بعضهم: "تعملون" لأنه خاطَبَ النبي صلى الله عليه وسلم مَعَهُم أو قال قُلْ لهم: {وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ}.

Tidak ada komentar:

Posting Komentar