Selasa, 29 November 2011

I'rab surat al A'raf

Agus Subandi,Drs.MBA

اعراب آيات سورة الأعراف
{ الۤمۤصۤ * كِتَابٌ أُنزِلَ إِلَيْكَ فَلاَ يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِّنْهُ لِتُنذِرَ بِهِ وَذِكْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ }
{الۤمۤصۤ} [1] {كِتَابٌ أُنزِلَ إِلَيْكَ..} [2]
قال الكسائي: أي هذا كتاب أنزل إليك، وقال الفراء المعنى الألف واللام والميم والصاد من حروف المُقَطّع كِتابٌ أُنزلَ إليك مجموعاً. قال أبو إسحاق: هذا القول خطأ من ثلاث جهات: منها أنه لو كان كما قال لَوَجَبَ أن يكون بعدَ هذه الحروف أبداً كِتابٌ وقد قال الله جل وعز: {الۤمۤ اللهُ لا إِلهَ إِلاّ هُو} ومنها أنه لو كان كما قال ما لكانت {الۤمۤ} في غير موضع وكذا {حمۤ}، ومنها أنه أضمر شيئين لأنه يحتاج أن يُقدّر {الۤمۤ} بعض حروفِ كتابٍ أُنزِلَ إِليك ولا يكون هذا كقولك: ا ب ت ث ثمانية وعشرون حرفاً، لأن هذا اسمٌ للسورة كما تقول: الحمدُ سَبْعَ آياتٍ والدليل على هذا أنه لا يجوز ط ظ ر ن ثمانية وعشرون حرفاً. قال أبو جعفر: وقد أجاز الفراء هذا. {فَلاَ يَكُنْ} نَهيٌ وعلامة الجزم فيه حذف الضمة من النون وحُذِفَتِ الواو لسكونها وسكون النون وكانت أولى بالحذف لأن قبلها ضمةٌ تدلّ عليها. {حَرَجٌ} اسم يكن والنهي في اللفظ للحَرَجِ وفي المعنى المخاطب {لِتُنذِرَ بِهِ} نصب بلام كي {وَذِكْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ} لم تنصرف/ 75 أ/ لأن في آخرها ألف تأنيث وتكون في موضع رفعٍ ونصبٍ وخفضٍ الرفعُ عند البصريين على اضمار مبتدأ وقال الكسائي: هي عطف على "كتاب"، والنصب عند البصريين على المصدر وقال الكسائي: هي عطف على الهاء في "أنزلناه"، والخفض بمعنى للإِنذار وذكرى للمؤمنين خفض باللام.

{ ٱتَّبِعُواْ مَآ أُنزِلَ إِلَيْكُمْ مِّن رَّبِّكُمْ وَلاَ تَتَّبِعُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَآءَ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ }
{ٱتَّبِعُواْ..} [3]
أمر وهو جزم عند الفراء وبناء عند سيبويه {وَلاَ تَتَّبِعُواْ} جزم {مِن دُونِهِ أَوْلِيَآءَ} مفعول ولم ينصرف لأن فيهِ ألفُ التأنيث أي لا تعبدوا معه غيره {قَلِيلاً} نعت لظرف. أو لمصدر {مَّا تَذَكَّرُونَ} تكون "ما" زائدة وتكون مع الفعل مصدراً والأصل تتذكّرون فأُدغِمَتِ التاء في الذال لقربها منها وقرأ الأعمش وحمزة والكسائي {تَذَكَّرُونَ} فحذف التاء الثانية لاجتماع تاءين.

{ وَكَم مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا فَجَآءَهَا بَأْسُنَا بَيَاتاً أَوْ هُمْ قَآئِلُونَ }
{وَكَم مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا..} [4]
في موضع رفع بالابتداء ويجوز النصب باضمار فعل {فَجَآءَهَا بَأْسُنَا بَيَاتاً أَوْ هُمْ قَآئِلُونَ} قال الفراء: حُفِفَتِ الواو والمعنى أوْ وَهُمْ قائلون. قال أبو اسحاق: هذا خطأ إذا عاد الذكرُ استُغنِيَ عن الواو تقول: جاءني زيد راكباً أو هو ماشٍ ولا يُحتَاجُ إلى الواو.
اعراب آيات سورة ( الأعراف )
{ فَمَا كَانَ دَعْوَاهُمْ إِذْ جَآءَهُمْ بَأْسُنَآ إِلاَّ أَن قَالُوۤاْ إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ }
{فَمَا كَانَ دَعْوَاهُمْ..} [5]
خبر كان واسمُها {إِلاَّ أَن قَالُوۤاْ}.

{ فَلَنَسْأَلَنَّ ٱلَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ ٱلْمُرْسَلِينَ }
{فَلَنَسْأَلَنَّ ٱلَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ ٱلْمُرْسَلِينَ} [6]
فدلّ بهذا على أن الكفار يُحَاسَبُونَ وهذه لام القَسَمِ وحقيقتها أنها للتوكيد وكذا {فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِم بِعِلْمٍ وَمَا كُنَّا غَآئِبِينَ} [آية 7] خبر كان وبطل عمل ما.

{ وَٱلْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ ٱلْحَقُّ فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ }
{وَٱلْوَزْنُ..} [8]
رفع بالابتداء {ٱلْحَقُّ} خبره، ويجوز أن يكون الحق نَعتاً له والخبر {يَوْمَئِذٍ} ويجوز نصب الحق على المصدر {فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ} شرط وجوابه وكذا {وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَـۤئِكَ ٱلَّذِينَ خَسِرُوۤاْ أَنْفُسَهُم بِمَا كَانُواْ بِآيَاتِنَا يِظْلِمُونَ} [آية 9] مصدر أي بظلمهم.
اعراب آيات سورة ( الأعراف )
{ وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي ٱلأَرْضِ وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ }
{وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي ٱلأَرْضِ وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ..} [10]
وقرأ الأعرج {معائش} بالهمز وكذا رَوَى خَارِجةُ بنُ مصعب عن نافِع. قال أبو جعفر: والهمز لحن لا يجوز لأن الواحد معيشة فَزِدتَ ألفَ الجمع وهي ساكنة والياء ساكنة فلا بد من تحريك إِذ لا سبيل إلى الحذف والألف لا تُحرَّكُ فَحُرِّكَتِ الياء بما كان يجب لها في الواحد ونَظِيرُهُ من الواو منارةٌ ومَناوِرُ ومَقَامة ومَقاوِمُ كما قال:
وإنّي لَقَوّامٌ مَقاوِمَ لم يكنْ * جَريرٌ ولا مَولى جَريرٍ يَقُومُهَا
وكذا مصيبة ومصاوب هذا الجيد ولغة شاذة مَصايب. قال الأخفش: إنّما جاز مصايب لأن الواحدة مُعتَلّةٌ. قال أبو اسحاق: هذا خطأ يَلزَمُهُ أن يقول: مَقَايِم، ولكن القول عندي أنه مثل وسادة وإِسادة.

{ وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلاۤئِكَةِ ٱسْجُدُواْ لأَدَمَ فَسَجَدُوۤاْ إِلاَّ إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِّنَ ٱلسَّاجِدِينَ }
قال أبو جعفر: فقد ذكرنا معنى {وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلاۤئِكَةِ ٱسْجُدُواْ لأَدَمَ فَسَجَدُوۤاْ..} [11] {إِلاَّ إِبْلِيسَ..} استثناء من مُوجَبٍ {لَمْ يَكُنْ مِّنَ ٱلسَّاجِدِينَ} في موضع الخبر.

{ قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ }
{قَالَ مَا مَنَعَكَ..} [12]
{ما} في موضع رفع بالابتداء، وعند الكسائي بالعائد. والمعنى أيّ شيءٍ مَنَعَكَ {أَلاَّ تَسْجُدَ} في موضع نصب أي من أن تسجد {قَالَ أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ} ابتداء وخبر. في أنا ثلاث لغات أفصحُهَا: أَنا فَعلتُ بحذف الألف في الإدراج لأنها زائدة لبيان الحركة في الوقف. قال الفراء: وبعض بني قَيس وربيعة يقولون: أنا فعلت باثبات الألف في الإِدراج. قال الكسائي: وبعض قضاعة يقولون: أاْنَ فعلتُ، مثل عَانَ. وفي الوقف ثلاث لغات: أفصحها: أَنَا. قال الكسائي: ومن العرب من يقول: أَنَهْ قال الأخفش: ومن العرب من يقول: أَنْ في الوقف.
اعراب آيات سورة ( الأعراف )
{ قَالَ فَبِمَآ أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ ٱلْمُسْتَقِيمَ * ثُمَّ لآتِيَنَّهُمْ مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَآئِلِهِمْ وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ }
{قَالَ فَبِمَآ أَغْوَيْتَنِي..} [16]
فيها ثلاثة أجوبة: يكون من الغي ويكون مثل أَحمَدتُ الرجل، وقيل: أغواه خَيّبهُ. {لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ ٱلْمُسْتَقِيمَ} أي لأقعدن لهم في الغيّ على صراطك حُذِفَتْ "على" كما حكى سيبويه: ضُرِبَ الظَّهْرَ والبطن وأنشد:
لَدْنٌ بهزّ الكفِّ يَعْسِلُ مَتنُهُ * فِيهِ كَمَا عَسَلَ الطّرِيقَ الثَّعْلَب
والتقدير على صراطك وفي صراطك وسُمِّيَ الدين صراطاً لأنه الطريق إلى النجاة.
وأحسن ما قيل في معنى {ثُمَّ لآتِيَنَّهُمْ مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ/ 75 ب/ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَآئِلِهِمْ..} [17] في الضلالة.

{ قَالَ ٱخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُوماً مَّدْحُوراً لَّمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكُمْ أَجْمَعِينَ }
{قَالَ ٱخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُوماً..} [18]
على الحال وقرأ عاصم من رواية أبي بكر بن عَيّاش {لِّمَن تَبِعَكَ} بكسر اللام وأنكره بعض النحويين وتقديره - واللهُ أَعلمُ - من أجلِ مَنْ تَبِعَكَ كما يقال: أكرمتُ فلاناً لك وقد يكون المعنى: الدَّحْرُ لِمَن تَبِعَكَ منهم. قال أبو اسحاق مَنْ قَرأ "لَّمَن تَبِعَكَ" بفتح اللام فهي عنده لام قسم وهي تَوطِئَةٌ لقولِهِ {لأَمْلأَنَّ} وقال غيره: لَمَنْ تبعك هي لام توكيد لأَملأَنّ لام قسَم الدليل على هذا أنه يجوز في غير القرآن حذف اللام الأولى ولا يجوز حذف الثانية، وفي الكلام معنى الشرط والمجازاة أي من تَبِعَكَ عَذّبتُهُ، ولو قلت: من تبعك أعذبه لم يجزِ إلاّ أنْ تُرِيد لأعذبُهُ.

{ ويَآءَادَمُ ٱسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ ٱلْجَنَّةَ فَكُلاَ مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَـٰذِهِ ٱلشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ ٱلظَّالِمِينَ * فَوَسْوَسَ لَهُمَا ٱلشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْءَاتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَـٰذِهِ ٱلشَّجَرَةِ إِلاَّ أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ ٱلْخَالِدِينَ }
{.. وَلاَ تَقْرَبَا هَـٰذِهِ ٱلشَّجَرَةَ..} [19]
نهى {فَتَكُونَا مِنَ ٱلظَّالِمِينَ} جواب ويكون عطفاً.
قال الأخفش: {فَوَسْوَسَ لَهُمَا..} [20] أي إليهما {مَا وُورِيَ} ويجوز في غير القرآن أُورِيَ مثل "أُقِّتَتْ". {إِلاَّ أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ} خبر تكونا و {أنْ} في موضع نصب بمعنى كَرَاهَة والكوفيون يقولون: لِئلاّ وقرأ يحيى بن أبي كَثِيرٍ والضّحاك {إِلاّ أَن تَكُونَا مَلِكَيْنِ} بكسر اللام ويجوز على هذه القراءة إِسكانُهَا ولا يجوز على القراءة الأولى لخفة الفتحة، وزعم أبو عُبَيْدٍ ان احتجاج يحيى بن أبي كثير بقوله {ومُلْكٍ لا يَبْلَى} حُجّةً بَيِّنة ولكنّ الناسَ على تركها فلهذا تركناها. قال أبو جعفر: {إلاّ أَن تَكُونَا مَلِكَيْنِ} قراءة شاذة وقد أُنكِرَ على أبي عُبَيْدٍ هذا الكلام وجُعِلَ من الخطأ الفاحش وهل يجوز أن يَتَوهّم آدم صلى الله عليه وسلم أنه يَصِلُ إلى أكثَر من ملكِ الجنة وهي غاية الطالبين وإِنما معنى {ومُلْكٍ لا يَبْلَى} المُقَامُ في مُلكِ الجنّةِ والخلودُ فيه وقد بَيّنَ الله جلّ وعز فَضلَ الملائكة على جميعِ الخَلْقِ في غير موضع من القرآن فمنها هذا وهو إِلاّ أن يكونا مَلَكَيْنِ ومنها {ولا أقولُ لكم إنّي مَلَكٌ} ومنه {ولا الملائكة المُقَرَّبُونَ} وقال الحسن: فَضّلَ اللهُ عز وجل الملائِكَةَ بالصور والأجنحة والكرامةِ، وقال غيره: فَضَّلهم اللهُ جل وعز بالطاعةِ وتَركِ المعصيَةِ فبهذا يقع التفضيل في كلّ شيءٍ.
اعراب آيات سورة ( الأعراف )
{ وَقَاسَمَهُمَآ إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ ٱلنَّاصِحِينَ }
{وَقَاسَمَهُمَآ إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ ٱلنَّاصِحِينَ..} [21]
ليس "لكما" داخلاً في الصلة وللنحويين فيه ثلاثة أقوال: قال هشام: التقدير إني ناصح لكما لمن الناصحين، وقال محمد بن يزيد: يكون لكما تَبِييناً كما تقول: مرحباً بِكَ وَبِكَ مَرحَباً. قال محمد بن يزيد وقال المازني: وهو اختياري الألف واللام بمنزلتها في الرجل وليست بمعنى الذي أَلاّ تَرَى أنك تقول: نِعْمَ القائِمُ. ولا يجوز: نِعمَ الذي قَامَ.

{ فَدَلاَّهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا ٱلشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْءَاتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ ٱلْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَآ أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا ٱلشَّجَرَةِ وَأَقُل لَّكُمَآ إِنَّ ٱلشَّيْطَآنَ لَكُمَا عَدُوٌ مُّبِينٌ }
قرأ الحسن {فَلَمَّا ذَاقَا ٱلشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْءَاتُهُمَا..} [22] على واحدة والأجود الجمع ويجوز التثنية وقد ذكرناه في "سورة المائدة". {وَطَفِقَا} ويجوز اسكان الفاء وحكى الأخفش طَفَقَ يَطْفِقُ مثل ضَرَبَ يَضْرِبُ وقرأ الحسن {يَخْصِفَانِ} بكسر الخاء والأصل يَخْتَصِفَانِ فأدغَمَ وكَسَرَ الخاء لالتقاء الساكنين وقرأ ابنُ بُرَيْدَةٍ ويعقوبِ {يَخَصِّفَانِ} بفتح الخاء ألقَى حركة التاء عليها ويجوز يُخَصِّفانِ بضم الياء من خَصَفَ يخصفُ والمعنى أنهما أُمِرَا بِتَركِ اللّباسِ فبدت سوآتهما.

{ قَالاَ رَبَّنَا ظَلَمْنَآ أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ ٱلْخَاسِرِينَ }
{قَالاَ رَبَّنَا..} [23]
نداء مضاف والأصل يا ربنا وقيل في معنى "يا" معنى التعظيم {وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا} وقعت {إنْ} على {لم} لأن معناها مع ما بَعدَها الفعلُ الماضي.
اعراب آيات سورة ( الأعراف )
{ يَٰبَنِيۤ ءَادَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَارِي سَوْءَاتِكُمْ وَرِيشاً وَلِبَاسُ ٱلتَّقْوَىٰ ذٰلِكَ خَيْرٌ ذٰلِكَ مِنْ آيَاتِ ٱللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ }
{يَابَنِيۤ ءَادَمَ..} [26]
نداء مضاف {قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَارِي سَوْءَاتِكُمْ} وهو القطن والكتّان لأنهما يكونان من الماء الذي يكون من السماء وقرأ أبو عبد الرحمن والحسن وعاصم من رواية المفضّل الضبِّي وأبو عمرو ومن رواية الحسين بن عَلِيّ الجُعْفِيّ {وريَاشاً} ولم يَحكِهِ أبو عُبَيْدٍ إلا عن الحسن ولم يُفَسّرْ معناه وهو جمع ريش وهو ما كان من المال واللباس قال الفراء: رِيشٌ ورِياشٌ كما تقول: لِبْسٌ وَلِباسٌ {ولِبَاسَ ٱلتَّقْوَىٰ} هذه قراءة أهل المدينة والكسائي وقرأ أبو عمرو وابن كثير وعاصم والأعمش وحمزة {وَلِبَاسُ ٱلتَّقْوَىٰ} بالرفع، والنصب على العطف وتم الكلام والرفع بالابتداء و {ذٰلِكَ} من نَعتِهِ/ 76 أ/ وخبر الابتداء "خَيْرٌ" ويجوز أن يكون لباس مرفوعاً على اضمار مبتدأٍ أي وَسِتْرُ العورة ذلك لباسُ المتّقِينَ ورُوِيَ عن محمد بن يزيد أنه قال: الرفع والنصب حَسَنانِ إلاّ أن النصب يَحْتَمِلُ مَعَنَييْنِ أحَدُهُما أن يكونَ ذلك اشارةً إلى اللباس والآخر أن يكون إشارة الى كل ما تقدّم فأما لباس التقوى ففيه قولان: أحدُهُما ان معنى أنزل لباس التقوى ما عَلّمَهُ اللهُ جل وعز وهَدَى به هذا في النصب وفي الرفع على التمثيل، والقول الآخر أن معنى لباس التقوى لبس الصوف والخشن من الثياب مما يُتَواضَعُ به لله جل وعز. وأَولَى ما قيل في النصب أنه معطوف و "ذلك" مبتدأ أي ذلك الذي أنزلناه من اللباس والريش لباس التقوى خير من التقوى والتجرد في طوافكم فإن رفعت فقرات {وَلِبَاسُ ٱلتَّقْوَىٰ} فأولى ما قيل فيه أن ترفَعَهُ بالابتداء و "ذلك" نعته أي ولباسُ التقوى ذلك الذي عَلِمتُمُوهُ خير لكم من لباس الثياب التي يواري سوآتكم ومن الرياش الذي أنزلناه إليكم فألبسوه {ذٰلِكَ مِنْ آيَاتِ ٱللَّهِ} أي مما يدل على أنّ له خالقاً {لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ} اي ليكونوا على رجاء من التذكير.

{ يَابَنِيۤ ءَادَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ ٱلشَّيْطَانُ كَمَآ أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِّنَ ٱلْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْءَاتِهِمَآ إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا ٱلشَّيَاطِينَ أَوْلِيَآءَ لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ }
{يَابَنِيۤ ءَادَمَ..} [27]
نداء مضاف {لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ ٱلشَّيْطَانُ} نَهيٌ وهو مجاز مِثلُ {ولا تموتنّ إلا وأنتم مسلمون} أي كونوا على الاسلام حتى يأتيكم الموت. {كَمَآ} في موضع نصب نعت لمصدر {أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِّنَ ٱلْجَنَّةِ} أبٌ وأبةٌ للمؤنث فعلى هذا قيل: أبوان ويقال في النداء: يا أبَةُ للمذكر وبضم الهاء وبفتح {يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا} في موضع نصب على الحال ويكون مُستأنفاً { لِيُرِيَهُمَا} نصب بلام كي {إِنَّهُ يَرَاكُمْ} الأصل يرأاْكُم ثم خُفّفتِ الهمزة {هُوَ وَقَبِيلُهُ} عطف على المضمر وهو توكيد وهذا يدل على أنه يقبح رأَيتُكَ وعَمرٌ وأنه ليس المضمرُ كالمُظهَرِ وقيل: إن قوله "إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ" يدُلّ على أن الجنّ لا يُرَونَ إلا في وقت نَبيًٍّ ليكون ذلك دلالة على نُبوّتِهِ لأن الله جل وعز خَلَقَهُمْ خَلقاً لا يُرَونَ فيهِ وإِنما يُرَونَ إذا نُقِلُوا عن صورهم وذلك من المعجزات التي لا تكون إلا في وقت الأنبياء صلى الله عليه وسلم {مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ} وحكى سيبويه: حَيْثَ. قال أبو اسحاق هي مبنيّةٌ لِعلّتينِ: احداهُما أنها لا تدل على موضع بعينه، والأخرى أنّ ما بَعدَها صلة لأنها لا تضاف ويقال: حَوْثُ وحَوْثَ وحَكى الكوفيّون الكسرَ والاضافة. {إِنَّا جَعَلْنَا ٱلشَّيَاطِينَ أَوْلِيَآءَ لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ} أي وصفناهم بهذا.

{ قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِٱلْقِسْطِ وَأَقِيمُواْ وُجُوهَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَٱدْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ }
{.. كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ..} [29]
الكاف في موضع نصب. أي تعودون كما بدأكم أي كما خلقكم أولَ مَرةٍ يعيدكم. قال أبو إسحاق: هو متعلّق بما قبله أي ومنها تخرجون كما بدأكم تعودون.
اعراب آيات سورة ( الأعراف )
{ فَرِيقاً هَدَىٰ وَفَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ ٱلضَّلاَلَةُ إِنَّهُمُ ٱتَّخَذُوا ٱلشَّيَاطِينَ أَوْلِيَآءَ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ }
{فَرِيقاً هَدَىٰ..} [30]
نصبٌ بهدَى {وَفَرِيقاً} نصب باضمار فعل أي وأضلّ فريقاً وأنشد سيبويه:
أصبَحْتُ لا أَحمِلُ السَّلاحَ وَلاَ * أَملِكُ رَأسَ البَعِيرِ إن نَّفَرا
والذَّئبَ أخشَاهُ إنْ مَرَرتُ بِه * وَحْدِي وأخشَى الرياحَ والمَطَرَا
وقال الكسائي والفراء: التقدير يَعُودونَ فريقاً هَدَى وفريقاً أي يعودون فريقين. قال الكسائي: وفي قراءة أُبَيّ {تَعُودُونَ فَرِيقَيْن فَرِيقاً هَدَىٰ وَفَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ ٱلضَّلاَلَةُ} قال الفراء: ولو كان مرفوعاً لجاز وقرأ عيسى بن عمر {أنّهم} بفتح الهمزة بمعنى لأنهم.

{ قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ ٱللَّهِ ٱلَّتِيۤ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ ٱلرِّزْقِ قُلْ هِي لِلَّذِينَ آمَنُواْ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ ٱلآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ }
{.. قُلْ هِي لِلَّذِينَ آمَنُواْ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ..} [32]
ابتداء وخبر أي هي خالصةٌ يوم القيامة للذين آمنوا في الدنيا وهذه قراءة ابن عباس وبها قرأ نافع وسائر القراء يقرؤون {خَالِصَةً} على الحال أي يَجِبُ لهم في هذه الحال، وخبر الابتداء {لِلَّذِينَ آمَنُواْ} والاختيار عند سيبويه النصب لتقدم الظرف. {كَذَلِكَ نُفَصِّلُ ٱلآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} الكاف في موضع نصب نعت لمصدر.

{ قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ ٱلْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَٱلإِثْمَ وَٱلْبَغْيَ بِغَيْرِ ٱلْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُواْ بِٱللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَن تَقُولُواْ عَلَى ٱللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ }
{قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ ٱلْفَوَاحِشَ..} [33]
نصب بوقوع الفعل عليها {مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ} بدل {وَٱلإِثْمَ وَٱلْبَغْيَ بِغَيْرِ ٱلْحَقِّ} قال الفراء: الاثم ما دون الحدّ، والبغي/ 76/ ب الاستطالة على الناس. قال أبو جعفر: فإمّا أن يكون الاثم الخمر فلا يُعرَفُ ذلك وتحريم الخمر موجود نَصّاً في كتاب الله جل وعز وهو قوله {إِنّما الخمرُ والميسرُ والأنصابُ والأزلامُ رجسٌ من عَمَلِ الشيطانِ فاجتَنِبُوهُ} وحقيقة الإثم أنه جميع المعاصي كما قال:
إِنّي وَجَدتُ الأَمرَ اَرشَدُهُ * تَقَوى الإِلهِ وشَرُهُ الاثمُ
والبغيُ التجاوزُ في الظلم. {وَأَن تُشْرِكُواْ بِٱللَّهِ} في موضع نصب عطف وكذا {وَأَن تَقُولُواْ عَلَى ٱللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ} يبيّنُ أن كلّ مشركٍ يقولُ على اللهِ ما لا يعلم.
اعراب آيات سورة ( الأعراف )
{ وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَآءَ أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ }
{وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَآءَ أَجَلُهُمْ..} [34]
أي الوقت المعلوم عند الله {لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً} ظرف زمان {وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ} فدلّ بهذا على أن المقتول إِنما يُقتَلُ بأَجَلهِ.

{ يَابَنِيۤ ءَادَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي فَمَنِ ٱتَّقَىٰ وَأَصْلَحَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ }
{يَابَنِيۤ ءَادَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ..} [35]
شرط ودخلت النون توكيداً لدخول ما {فَمَنِ ٱتَّقَىٰ وَأَصْلَحَ} شرط وما بعده جوابه وهو وجوابه جواب الأول، وأصلح منكم وقيل المعنى فمن اتقى وأصلح فليطعم وحَذفَ هذا ودلّ قوله جل وعز {فَمَنِ ٱتَّقَىٰ وَأَصْلَحَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ} إِن المؤمنين يوم القيامة لا يخافون ولا يحزنون ولا يلحقهم رعب ولا فزع.

{ وَٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَٰتِنَا وَٱسْتَكْبَرُواْ عَنْهَآ أُوْلَـٰئِكَ أَصْحَٰبُ ٱلنَّارِ هُمْ فِيهَا خَٰلِدُونَ }
{وَٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَٱسْتَكْبَرُواْ عَنْهَآ..} [36]
ابتداء {أُوْلَـٰئِكَ} ابتداء ثان {أَصْحَابُ ٱلنَّارِ} خبر الثاني والثاني وخبره خبر الأول.
اعراب آيات سورة ( الأعراف )
{ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ أُوْلَـٰئِكَ يَنَالُهُمْ نَصِيبُهُم مِّنَ ٱلْكِتَابِ حَتَّىٰ إِذَا جَآءَتْهُمْ رُسُلُنَا يَتَوَفَّوْنَهُمْ قَالُوۤاْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ تَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ قَالُواْ ضَلُّواْ عَنَّا وَشَهِدُواْ عَلَىٰ أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُواْ كَافِرِينَ }
{فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً..} [37]
ابتداء وخبر وكذا {أُوْلَـٰئِكَ يَنَالُهُمْ نَصِيبُهُم مِّنَ ٱلْكِتَابِ} لأن التقدير نائل لهم {حَتَّىٰ إِذَا جَآءَتْهُمْ} قال الخليل وسيبويه في "حتّى" و"إما" و "إلا" لا يُمَلْنَ لأنهم حروفٌ فَفُرِقَ بَينَهُنّ وبين الاسماء نحو حُبْلَى وسكَرى. قال أبو إسحاق: تُكتَبُ "حتى" بالياء لأنها أشبهت سَكْرَى ولو كُتِبَتْ "إلا" بالياء لأشبهت "الى" ولم تُكتَبْ "إِما" بالياء لأنها "إِنْ" ضُمّتْ اليها "ما".

{ قَالَ ٱدْخُلُواْ فِيۤ أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُمْ مِّن ٱلْجِنِّ وَٱلإِنْسِ فِي ٱلنَّارِ كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَّعَنَتْ أُخْتَهَا حَتَّىٰ إِذَا ٱدَّارَكُواْ فِيهَا جَمِيعاً قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لأُولاَهُمْ رَبَّنَا هَـٰؤُلاۤءِ أَضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَاباً ضِعْفاً مِّنَ ٱلنَّارِ قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَـٰكِن لاَّ تَعْلَمُونَ }
{.. كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ..} [38]
ظرف {حَتَّىٰ إِذَا ٱدَّارَكُواْ} أي اجتمعوا وقرأ الأعمش {تَدَارَكُوا} وهذا الأصل ثم وقع الادغام فاحتيج إلى ألف الوصل وقرأ مجاهد {حَتَّىٰ إِذَا أَدْرَكُوا} أي أدركَ بَعضهُم بعضاً {جَمِيعاً} على الحال {قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَـٰكِن لاَّ تَعْلَمُونَ} ما تجدون من العذاب.

{ وَقَالَتْ أُولاَهُمْ لأُخْرَاهُمْ فَمَا كَانَ لَكُمْ عَلَيْنَا مِن فَضْلٍ فَذُوقُواْ ٱلْعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْسِبُونَ }
{وَقَالَتْ أُولاَهُمْ لأُخْرَاهُمْ فَمَا كَانَ لَكُمْ عَلَيْنَا مِن فَضْلٍ..} [39]
أي قد كفرتم وفعلتم كما فعلنا فليس تستحقون تخفيفاً من العذاب.
اعراب آيات سورة ( الأعراف )
{ إِنَّ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَٰتِنَا وَٱسْتَكْبَرُواْ عَنْهَا لاَ تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ ٱلسَّمَآءِ وَلاَ يَدْخُلُونَ ٱلْجَنَّةَ حَتَّىٰ يَلِجَ ٱلْجَمَلُ فِي سَمِّ ٱلْخِيَاطِ وَكَذٰلِكَ نَجْزِي ٱلْمُجْرِمِينَ * لَهُمْ مِّن جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِن فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ وَكَذٰلِكَ نَجْزِي ٱلظَّالِمِينَ }
{إِنَّ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَٱسْتَكْبَرُواْ عَنْهَا..} [40]
اسم "إِن" والخبر في {لاَ تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ ٱلسَّمَآءِ} هذه قراءة نافع وقرأ الأعمش وحمزة والكسائي {لا يُفْتَحُ} بالباء على تذكير الجميع والتأنيث على تأنيث الجماعة والتخفيف يكون للقليل والكثير والتثقيل للكثير لا غير والتثقيل هنا أَولَى لأنه على الكثير أدلّ.
ويجوز {لَهُمْ مِّن جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِن فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ..} [41]
التنوين عند سيبويه عِوَضٌ من الياء وعن أصحابِهِ عوضٌ من الحركة {وَكَذٰلِكَ نَجْزِي ٱلظَّالِمِينَ} الكاف في موضع نصب لأنها نعت لمصدر محذوف.

{ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ لاَ نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا أُوْلَـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ }
{وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ..} [42]
ابتداء والجملة الخبر ومعنى {لاَ نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا} أي الا ما تقدر عليه وتتسعُ له.

{ وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ ٱلأَنْهَٰرُ وَقَالُواْ ٱلْحَمْدُ للَّهِ ٱلَّذِي هَدَانَا لِهَـٰذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلاۤ أَنْ هَدَانَا ٱللَّهُ لَقَدْ جَآءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِٱلْحَقِّ وَنُودُوۤاْ أَن تِلْكُمُ ٱلْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ }
{وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ..} [43]
إِن احتَجتَ الى جمع غلٍّ قلتَ: غِلاَلٌ. {تَجْرِي} في موضع نصب على الحال وقد يكون مستأنفاً {وَقَالُواْ ٱلْحَمْدُ للَّهِ ٱلَّذِي هَدَانَا لِهَـٰذَا} فيه قولان: أحدُهُمَا هدانا الى ما أدّى الى هذا، والقول الآخر أن المعنى الذي هدانا إلى الجنة بالتمكين لنا والتعريف {وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ} لام نفي {لَوْلاۤ أَنْ هَدَانَا ٱللَّهُ} "أن" في موضع رفع {وَنُودُوۤاْ أَن تِلْكُمُ ٱلْجَنَّةُ} "أنْ" في موضع نصب مخفّفة من الثقيلة وقد يكون تفسيراً لما نودوا به فلا يكون لها موضع {تِلْكُمُ ٱلْجَنَّةُ} ابتداء وخبر.
اعراب آيات سورة ( الأعراف )
{ وَنَادَىۤ أَصْحَابُ ٱلْجَنَّةِ أَصْحَابَ ٱلنَّارِ أَن قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقّاً فَهَلْ وَجَدتُّم مَّا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقّاً قَالُواْ نَعَمْ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَن لَّعْنَةُ ٱللَّهِ عَلَى ٱلظَّالِمِينَ }
{وَنَادَىۤ أَصْحَابُ ٱلْجَنَّةِ أَصْحَابَ ٱلنَّارِ..} [44]
تُمِيلُ من أجل الراء لأنها مخفوضةٌ وهي بمنزلة حرفين ويجوز التفخيم {أَن قَدْ وَجَدْنَا} مثل "أنْ تلكم" {فَهَلْ وَجَدتُّم مَّا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقّاً} مفعولان {قَالُواْ نَعَمْ} وقرأ الأعمش والكسائي {قَالُواْ نَعِمْ} بكسر العين ويجوز على هذه اللغة اسكان العين. {فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَن لَّعْنَةُ ٱللَّهِ عَلَى ٱلظَّالِمِينَ} هذه قراءة أبي عمرو وعاصم/ 77 أ/ ونافع. وقرأ ابنُ كَثِيرٍ وحمزة والكسائي {أَنّ لَّعْنَةُ ٱللَّهِ عَلَى ٱلظَّالِمِينَ} {أن} في موضع نصب على القراءتين ويجوز في المخففة أن لا يكون لها موضع وتكون مفسرةً وحَكى أبو عبيدٍ أن الأعمش قرأ {أَنْ لَّعْنَةَ ٱللَّهِ} وحكى عصمة عن الأعمش أنه قرأ {إِنّ أَن لَّعنَةُ ٱللَّهِ} بكسر الهمزة فهذا على اضمار القول كما قرأ الكوفيون {فَنَاداهُ الملائكةُ وهُو قائِمٌ يُصَلّي في المحراب إِنّ الله}.

{ ٱلَّذِينَ يَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجاً وَهُمْ بِٱلآخِرَةِ كَافِرُونَ }
{ٱلَّذِينَ يَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ..} [45]
في موضع خفض نَعتٌ للظالمين ويجوز الرفع والنصب على إضمارٍ.

{ وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ وَعَلَى ٱلأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسِيمَاهُمْ وَنَادَوْاْ أَصْحَابَ ٱلْجَنَّةِ أَن سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ }
{وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ..} [46]
وهو السُّورُ الذي ذكره الله جل وعز {وَعَلَى ٱلأَعْرَافِ رِجَالٌ} أي وعلى أعراف السور وهي شُرَفُهُ ومنه عُرْفُ الفَرَسِ وقد تَكلَّم العلماء في أصحاب الاعراف فقال قوم: هم مَلاَئِكَةٌ وقيل: هم قوم استوتْ حَسَنَاتُهُم وسَيّئاتُهُمْ، ومن أحسنِ ما قيل فيه أنّ أصحاب الأعراف عُدُولَ القيامة وهم الشهداء من كل أمة الذين يشهدون على الناس بأعمالهم فهم على السور بَينَ الجنةِ والنارِ وقال جل وعز {يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسِيمَاهُمْ وَنَادَوْاْ أَصْحَابَ ٱلْجَنَّةِ أَن سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ} أي سَلِمتُمْ من العقوبة {لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ} أي لم يدخل الجنة أصحاب الاعراف أي لم يدخلوها بعْدُ، وهم يَطمَعُونَ على هذا التأويل وهم يعلمون أنّهم يدخلونها، وذلك معروف في اللغة أن يكونَ طَمِعَ بمعنى عَلِمَ.
اعراب آيات سورة ( الأعراف )
{ وَإِذَا صُرِفَتْ أَبْصَارُهُمْ تِلْقَآءَ أَصْحَابِ ٱلنَّارِ قَالُواْ رَبَّنَا لاَ تَجْعَلْنَا مَعَ ٱلْقَوْمِ ٱلظَّالِمِينَ }
{وَإِذَا صُرِفَتْ أَبْصَارُهُمْ تِلْقَآءَ أَصْحَابِ ٱلنَّارِ قَالُواْ رَبَّنَا لاَ تَجْعَلْنَا مَعَ ٱلْقَوْمِ ٱلظَّالِمِينَ} [47]
وقد عَلِمُوا أنه لا يجعلهم معهم فهذا سبيل التذلُّلِ كما يقول أهل الجنة {رَبَّنا أَتمِمْ لنا نُورَنا} ويقولون: {الحَمدُ للهِ} على سبيل الشكر لله جل وعز ولهم في ذلك لَذّةٌ.

{ وَنَادَىٰ أَصْحَابُ ٱلأَعْرَافِ رِجَالاً يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيمَاهُمْ قَالُواْ مَآ أَغْنَىٰ عَنكُمْ جَمْعُكُمْ وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ }
{وَنَادَىٰ أَصْحَابُ ٱلأَعْرَافِ رِجَالاً يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيمَاهُمْ..} [48]
أي من أهل النار.

{ أَهَـۤؤُلاۤءِ ٱلَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لاَ يَنَالُهُمُ ٱللَّهُ بِرَحْمَةٍ ٱدْخُلُواْ ٱلْجَنَّةَ لاَ خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلاَ أَنتُمْ تَحْزَنُونَ }
{أَهَـۤؤُلاۤءِ..} [49]
إشارة الى قوم المؤمنين الذين أقسمتم لا ينالهم الله برحمةٍ أي أقسمتهم في الدنيا لا ينالهم الله في الآخرة برحمةٍ يُوبّخونَهم بذلك وَزِيدُوا غَمّاً بأن قيل لهم {ٱدْخُلُواْ ٱلْجَنَّةَ} وقرأ عكرمة {دَخَلواْ ٱلْجَنَّةَ} بغير ألف والدال مفتوحة وقرأ طلحة بن مصرف {أُدخِلُواْ ٱلْجَنَّةَ} يكسر الخاء على أنه فعل ماض.
اعراب آيات سورة ( الأعراف )
{ وَنَادَىٰ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ أَصْحَابَ ٱلْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُواْ عَلَيْنَا مِنَ ٱلْمَآءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ ٱللَّهُ قَالُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى ٱلْكَافِرِينَ }
{.. أَنْ أَفِيضُواْ عَلَيْنَا مِنَ ٱلْمَآءِ..} [50]
مثل {أنْ تِلكُمُ الجنّةُ} وجمع {.. تلقاء..} [آية 47] تلاقيّ.

{ ٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ دِينَهُمْ لَهْواً وَلَعِباً وَغَرَّتْهُمُ ٱلْحَيَٰوةُ ٱلدُّنْيَا فَٱلْيَوْمَ نَنسَـٰهُمْ كَمَا نَسُواْ لِقَآءَ يَوْمِهِمْ هَـٰذَا وَمَا كَانُواْ بِآيَٰتِنَا يَجْحَدُونَ}
{ٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ دِينَهُمْ لَهْواً وَلَعِباً..} [51]
في موضع خفضٍ نعتٌ للكافرين وقد يكون رفعاً ونصباً بإضمارٍ {كَمَا نَسُواْ} في موضع خفض بالكاف {وَمَا كَانُواْ بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ} عطف عليه أي وكما كانوا بآياتنا يجحدون.

{ وَلَقَدْ جِئْنَاهُمْ بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَىٰ عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ }
{وَلَقَدْ جِئْنَاهُمْ بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ..} [52]
أي بَيّناه حتى يَعرِفَهُ مَنْ تَدبَّرهُ وقيل: فَصّلناهُ أنزلناه متَفرّقاً {عَلَىٰ عِلْمٍ} منّا بِهِ {هُدًى وَرَحْمَةً} قال الفراء هو نصبٌ على القطع. قال أبو اسحاق: أي هادياً ذا رحمة فجعله حالاً من الهاء التي في "فَصَّلْنَاهُ". قال الكسائي والفراء: ويجوز "هُدًى وَرَحْمَةٍ" بالخفض. قال الفراء: مثل {وهذا كتابٌ أنزلناه مباركٌ}. قال أبو اسحاق: ويجوز "هدًى ورحمةٌ" بمعنى هو هدًى ورحمةٌ.
اعراب آيات سورة ( الأعراف )
{ هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ ٱلَّذِينَ نَسُوهُ مِن قَبْلُ قَدْ جَآءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِٱلْحَقِّ فَهَل لَّنَا مِن شُفَعَآءَ فَيَشْفَعُواْ لَنَآ أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ ٱلَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ قَدْ خَسِرُوۤاْ أَنْفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ }
{هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ تَأْوِيلَهُ..} [53]
بالهمز لأنه من آل يؤول وأهل المدينة يُخَفّفونَ الهمزة ويجعلونها ألفاً، وفي معناه قولان: أحدُهُمَا هل ينظرون إلا ما وعدوا به في القرآن من العقاب والحساب، والقول الآخر هل ينظرون إِلاّ تأويله من النظر إلى يوم القيامة {يَوْمَ يَأْتِي} نصبٌ بيقول {فَهَل لَّنَا مِن شُفَعَآءَ} "مِنْ" زائدة للتوكيد {فَيَشْفَعُواْ لَنَآ} نصبٌ لأنه جواب الاستفهام {أوْ نُرَدُّ} قال الفراء: المعنى أَوْ هَلْ نُرَدُّ وقال أبو اسحاق: هو عطف على المعنى أي هل يَشفَعُ لنا أَحدٌ أَوْ نردُّ وقرأ ابن أبي اسحاق {أَوْ نُرَدَّ فَنَعْمَلَ} بنصبهما جميعاً والمعنى إِلاّ أن نُرَدّ كما قال:
فَقُلتُ لَهُ لا تَبْكِ عَينُكَ إِنّما * نُحاوِلُ مُلْكاً أَو نَمُوت فَنُعْذَرا
وقرأ الحسن {أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلُ} برفعهما جميعاً [والقراءة المجمع عليها {أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ}] {قَدْ خَسِرُوۤاْ أَنْفُسَهُمْ} اي لم ينتفعوا بها وكلّ من لم ينتفع فقد خَسِرَهَا {وَضَلَّ عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ} ما كانوا يعبدونه من الأوثان.

{ إِنَّ رَبَّكُمُ ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ ٱسْتَوَىٰ عَلَى ٱلْعَرْشِ يُغْشِي ٱلَّيلَ ٱلنَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً وَٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ وَٱلنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلاَ لَهُ ٱلْخَلْقُ وَٱلأَمْرُ تَبَارَكَ ٱللَّهُ رَبُّ ٱلْعَالَمِينَ }
{إِنَّ رَبَّكُمُ..} [54]/ 77/ ب
اسم "إِنّ" {ٱللَّهُ} خبرها {ٱلَّذِي} نعت ويجوز في القرآن إِن ربّكم اللهَ الذي يكون "ٱلَّذِي" الخبر {خَلَقَ ٱلسَمَاوَاتِ وَٱلأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ} ولو أراد جل وعز خَلْقَهُما في أقلّ الأوقات لَفَعَلَ ولكنّه علم أن ذلك أصلَحُ لِيُظهِرَ قُدرَتَهُ للملائكة شيئاً بَعدَ شَيءٍ {يُغْشِي ٱلْلَّيْلَ ٱلنَّهَارَ} أي يَجعَلهُ له كالغشاء وهو في موضع نصب على الحال ويجوز أن يكونَ مُستَأنفاً وكذا {يَطْلُبُهُ حَثِيثاً} نعت لمصدر محذوف {وَٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ وَٱلنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ} قال الأخفش: هي معطوفة على السموات أي وخلق الشمس وَرُوِيَ عن عبد الله بن عامر {وَٱلشَّمْسُ وَٱلْقَمَرُ وَٱلنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ} على الابتداء والخبر.

{ وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي ٱلأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا وَٱدْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً إِنَّ رَحْمَتَ ٱللَّهِ قَرِيبٌ مِّنَ ٱلْمُحْسِنِينَ }
{.. إِنَّ رَحْمَتَ ٱللَّهِ قَرِيبٌ مِّنَ ٱلْمُحْسِنِينَ..} [56]
اسم "إِنّ" وخبرها فأما قريبٌ ولم يقل قريباً ففيه ستة أقوال: من أحسنها أنّ الرحمةَ والرُحْمَ واحد وهي بمعنى العفو والغفران كما قال:
إِنّ السَّمَاحَةَ والمُرُوءَةَ ضُمْنَا * قَبراً بِمَرْوَ على الطَّرِيقِ الواضِحِ
ومذهب الفراء أن قريباً إنما جاء بلا هاء لِيُفْرَقَ بين قريبٍ من النسب وبينه، وقال من احتج له: كذا كلام العرب كما قال:
لَهُ الويل إِنْ أمسَى ولا أُمُّ هاشِمٍ * قريب ولا بَسباسَةُ ابنةِ يَشْكُر
قال أبو اسحاق: هذا خطأ لأن سبيل المذكر والمؤنّث أن يُجريا على أفعالهما ومذهب أبي عُبَيْدةَ أن تذكير قريب على تذكير المكان. قال علي بن سليمان: هذا خطأ ولو كان كما قال لكان قريب منصوباً في القرآن كما تقول: إِنّ زيداً قَرِيباً منك. قال أبو جعفر: والذي قاله أبو عبيدة قد أجاز سيبويه مِثلهُ على بُعْدٍ كما قال:
فَغَدَتْ كِلاَ الفَرْجَيْنِ تَحسِبُ أَنّهُ * مَولَى المَخَافَةِ خَلْفُهَا وأَمَامُهَا
فهذه ثلاثة أقوال، وقال الأخفش: يجوز أن يذَكَّرَ كما يذكّر بعض المؤنّث وأنشد:
فَلاَ مُزنَةٌ وَدَقَتْ وَدْقَهَا * وَلاَ أرضَ أَبقَلَ إِبقَالَهَا
قال: ويجوز أن تكون الرحمة ههنا للمطر، والقول السادس أن يكون هذا على النَسَبِ كما يقال: امرأةٌ طالقٌ وحائضٌ.
اعراب آيات سورة ( الأعراف )
{ وَهُوَ ٱلَّذِي يُرْسِلُ ٱلرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّىٰ إِذَآ أَقَلَّتْ سَحَاباً ثِقَالاً سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَّيِّتٍ فَأَنْزَلْنَا بِهِ ٱلْمَآءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِن كُلِّ ٱلثَّمَرَاتِ كَذٰلِكَ نُخْرِجُ ٱلْموْتَىٰ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ }
{وَهُوَ ٱلَّذِي يُرْسِلُ ٱلرِّيَاحَ..} [57]
ابتداء وخبر والرياح جَمعُ رِيحٍ في أكثر العدد وفي أقَلِّهِ أرواحٌ لأن الياء في ريح منقلبة من واو إِذْ كانت قبلَها كسرة وهي ساكنة {بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ} فيه ست قراءات وسابعة تجوز: قرأ أهل الحرمين وأبو عمرو {نُشُراً} بضم النون والشين وقرأ الحسن وقتادة {نُشْراً} بضم النون واسكان الشين. وقرأ الأعمش وحمزة والكسائي {نَشْراً} بفتح النون واسكان الشين وقرأ عاصم {بُشْراً} بالباء واسكان الشين والتنوين ورُوِي عنه {بَشْراً} بفتح الباء فهذه خمس قراءات وقرأ محمد اليماني {بُشْرَى بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ} في وزن حُبْلَى والقراءة السابعة {بُشُراً} بضم الباء والشين. قال أبو جعفر: وقد ذكرنا معانيها [في كتابنا المعاني] وهي في موضع نصب على الحال وما كان منها مصدراً فهو مثل قوله: "قَتَلتُهُ صَبْراً". {حَتَّىٰ إِذَآ أَقَلَّتْ سَحَاباً} يُذَكّرُ ويُؤَنّثُ وكذا كلّ جمع بَيْنَهُ وبَيْنَ واحدته هاء ويجوز نعته بواحد فتقول: سَحَابٌ ثَقِيلٌ وثقيلةٌ {سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَّيِّتٍ} وإِلى بلد بمعنى واحد {كَذٰلِكَ} الكاف في موضع نصب.

{ وَٱلْبَلَدُ ٱلطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَٱلَّذِي خَبُثَ لاَ يَخْرُجُ إِلاَّ نَكِداً كَذٰلِكَ نُصَرِّفُ ٱلآيَاتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ }
{وَٱلْبَلَدُ ٱلطَّيِّبُ..} [58]
رفع بالابتداء {يَخْرُجُ نَبَاتُهُ} في موضع الخبر وقرأ عيسى ابن عمر {يُخرِجُ نَبَاتَهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ} بضم الياء و "ٱلْبَلَدُ ٱلطَّيِّبُ" هو الطيب تربتُهُ والذي خبث هو الذي في تربته حجارة وفي أرضه شوك شبَّه سريع الفهم بالبلد الطيب. والبلد الذي خبث {لاَ يَخْرُجُ إِلاَّ نَكِداً} نصب على الحال وقرأ طلحة {إِلا نَكْداً} حذف الكسرة لثقلها ويجوز أن يكون مصدراً بمعنى ذا نكد وقرأ أبو جعفر {إلاّ نَكَداً} فهذا مصدر بمعنى ذا نَكدٍ كما قال:
* فإِنّما هِيَ إِقبالٌ وإِدبَارُ *

{ لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَىٰ قَوْمِهِ فَقَالَ يَاقَوْمِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُمْ مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ إِنِّيۤ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ }
{لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَىٰ قَوْمِهِ فَقَالَ يَاقَوْمِ..} [59]
الفاء تدلّ على أنّ الثاني بَعدَ الأول "يَا قَوْمِ" نداء مضاف ويجوز يا قومي على الأصل {ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُمْ مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ} هذه قراءة أبي عمرو وشَيْبَةٍ ونافع وعاصم وحمزة وقرأ يحيى بن وثّاب والأعمش/ 78 أ/ والكسائي وأبو جعفر {غَيرِهِ} بالخفض وهو اختيار أبي عُبَيْدٍ. قال أبو عمرو: ولا أعرف الجر ولا النصب وقال عيسى بن عمر: النصب والجر جائزان. قال أبو جعفر: والرفع من جهتين: إحداهُما أن يكون "غير" في موضع "إلاّ" فتقول ما لكم إلهٍ إلا اللهُ وما لكم إلهٌ غيرُ اللهِ فعلى هذا الوجه لا يجوز الخفض لا يجوز: ما جاءني من أحدٍ إلا زيدٍ لأن مِنْ لا يكون إلاّ في الواجب. قال سيبويه: لأن "علي" و "عن" لا يُفعَلُ بهما ذلك أي لا يُزاد أن البتّة ثم قال: ولا "مِنْ" في الواجب، والوجه الآخر في الرفع أن يكون نعتاً على الموضع أي ما لكم إلهٌ غيرُهُ والخفض على اللفظ، ويجوز النصب على الاستثناء وليس بِكَثيرٍ غير أنّ الكسائي والفراء أجازا نصب "غير" في كلّ موضع يحسن فيه "إلاّ" في موضعها تَمّ الكلام أو لم يَتِمّ، وأجازا ما جاءني غَيرَكَ. قال الفراء: هي لُغةُ بَعضِ بَنِي أسدٍ وقضاعة وأنشد:
لَمْ يَمنَعِ الشَّربَ مِنْهَا غَيْرَ أنْ هَتَفت * حَمَامَةٌ في سُحُوقٍ ذَاتِ أوقَالِ
قال الكسائي: ولا يجوز جاءني غَيرَك لأنّ إلاّ لا يقع ههنا. قال أبو جعفر: لا يجوز عند البصريين نصب غير إذا لم يَتِمّ الكلام وذلك عندهم من أقبح اللحنِ. قال أبو اسحاق: وإنما استَهْوَاهُ - يعني الفراء - البيتُ الذي أنشده سيبويه منصوباً وانما نُصِبَ غَيرُ في البيت لأنها مضافة إلى ما لا إعراب فيه فأما ما جاءني غَيرَكَ فلحن وخطأ.
اعراب آيات سورة ( الأعراف )
{ أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاَتِ رَبِّي وَأَنصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنَ ٱللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ }
{أُبَلِّغُكُمْ..} [62]
وأُبلِّغُكُمْ واحد كما يقال: أَكرَمَهُ وكَرّمَهُ وكما قال:
* وَمَنْ لاَ يُكَرِّمْ نَفسهُ لا يُكَرَّمِ *

{ أَوَ عَجِبْتُمْ أَن جَآءَكُمْ ذِكْرٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَلَىٰ رَجُلٍ مِّنْكُمْ لِيُنذِرَكُمْ وَلِتَتَّقُواْ وَلَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ }
{أَوَ عَجِبْتُمْ..} [63]
فُتِحَتِ الواو لأنها واو عطف دخلت عليها ألف الاستفهام للتقرير وانما سبيل الواو أن تدخل على حروف الاستفهام إلاّ الألف لِقُوّتِها.

{ وَإِلَىٰ عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً قَالَ يَاقَوْمِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُمْ مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ أَفَلاَ تَتَّقُونَ }
{وَإِلَىٰ عَادٍ..} [65]
وإن شئت لم تَصْرِفْهُ يكون اسماً للقبيلة كما قال جل وعز {وإنه أهلَكَ عادَ الأُولَى} ومن صَرَفَ جَعَلَهُ اسماً لِلحَيّ {أَخَاهُمْ} عطف وهو عطف البيان والتقدير وأرسلنا إلى عاد أخاهم {هُوداً} بدل والصرف وهو أعجَميّ لِخفّتِهِ لأنه على ثَلاَثَةِ أحرفٍ وقد يجوز أن يكون عربياً مشتقاً من هاد يَهُودُ.
اعراب آيات سورة ( الأعراف )
{ قَالَ يَٰقَوْمِ لَيْسَ بِي سَفَاهَةٌ وَلَٰكِنِّي رَسُولٌ مِّن رَّبِّ ٱلْعَٰلَمِينَ }
{.. لَيْسَ بِي سَفَاهَةٌ..} [67]
ولو كان ليست جاز والتذكير لأنه مصدر وقد فُرِقَ بَيْنَهُ وبَيْنَ الفعل.

{ أَوَ عَجِبْتُمْ أَن جَآءَكُمْ ذِكْرٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَلَىٰ رَجُلٍ مِّنكُمْ لِيُنذِرَكُمْ وَٱذكُرُوۤاْ إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَآءَ مِن بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزَادَكُمْ فِي ٱلْخَلْقِ بَصْطَةً فَٱذْكُرُوۤاْ ءَالآءَ ٱللَّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ }
{.. خُلَفَآءَ..} [69]
جمع خليفة على التذكير والمعنى وخلائف على اللفظ {وَزَادَكُمْ فِي ٱلْخَلْقِ بَسْطَةً} قال الفراء: ويُروَى أنّ أطولَهُمْ كان مائةَ ذِراعٍ وأقصَرَهُمْ سِتّينَ ذراعاً. ويجوز {بَصْطَةً} بالصاد لأن بَعدَها طاءاً.

{ قَالَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُمْ مِّن رَّبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ أَتُجَٰدِلُونَنِي فِيۤ أَسْمَآءٍ سَمَّيْتُمُوهَآ أَنْتُمْ وَآبَآؤكُمُ مَّا نَزَّلَ ٱللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ فَٱنْتَظِرُوۤاْ إِنِّي مَعَكُمْ مِّنَ ٱلْمُنْتَظِرِينَ }
{.. فِيۤ أَسْمَآءٍ سَمَّيْتُمُوهَآ..} [71]
وحَذَفَ المفعول الثاني أي سميتموها آلهة.
اعراب آيات سورة ( الأعراف )
{ وَإِلَىٰ ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً قَالَ يَاقَوْمِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُمْ مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَآءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ هَـٰذِهِ نَاقَةُ ٱللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِيۤ أَرْضِ ٱللَّهِ وَلاَ تَمَسُّوهَا بِسُوۤءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }
{وَإِلَىٰ ثَمُودَ..} [73]
لم ينصرف لأنه جُعِلَ اسماً للقبيلة، وقال أبو حاتم: لم ينصرف لأنه أعجميّ وهذا غلط لأنه مشتق من الثَمَدِ وقد قرأ الفراء {إلاّ أن ثموداً كفروا رَبّهم} على أنه اسم للحيّ وقرأ يحيى بن وَثّاب {وَإِلَىٰ ثَمُودٍ أَخَاهُمْ صَالِحاً} بالصرف.

{ وَٱذْكُرُوۤاْ إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَآءَ مِن بَعْدِ عَادٍ وَبَوَّأَكُمْ فِي ٱلأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِن سُهُولِهَا قُصُوراً وَتَنْحِتُونَ ٱلْجِبَالَ بُيُوتاً فَٱذْكُرُوۤاْ آلآءَ ٱللَّهِ وَلاَ تَعْثَوْا فِي ٱلأَرْضِ مُفْسِدِينَ }
وقرأ الحسن {.. وَتَنْحِتُونَ ٱلْجِبَالَ..} [74] بفتح الحاء وهي لغة وفيه حرف من حروف الحلق فلذلك جاء على فَعَلَ يَفعَلُ قرأ الأعمش {وَلاَ تِعْثَوْا} بكسر التاء أخذاً من عَثِيَ يَعْثَى لا من عثا يعثو.

{ وَلُوطاً إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ ٱلْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّن ٱلْعَالَمِينَ * إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ ٱلرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ ٱلنِّسَآءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ }
{وَلُوطاً..} [80]، [81]
نصب لأنه عطف أي وأرسلنا لوطاً ويجوز أن يكون منصوباً بمعنى واذكروا وكذا ما تَقدّمَ من نظيره إلاّ أن الفراء أجاز وإِلى عادٍ أخوهم هودٌ لأن له مرافعاً ولا يجوز عنده في لوط هذا. قال أبو اسحاق: زعم بعض النحويين يعني الفراء أن لوطاً يكون مستقاً من لُطْتُ الحوض قال: وهذا خطأ لأن الأسماء الأعجمية لا تُشتَقُّ. {أَتَأْتُونَ ٱلْفَاحِشَةَ} استفهمام فيه معنى التقرير. واختلف القراء في الذي بعده فقرأه أبو عمرو بالاستفهام إلاّ أنه لَيّنَ الهمزة فَجَعَلَها بين الهمزة والياء وقرأ عاصم وحمزة بالاستفهمام أيضاً غير أنهما حَقَّقَا الهمزة فقرأ {أَاِنّكم} وقرأ الكسائي ونافع الثاني بغير همز وهو اختيار أبي عُبَيْدٍ واحتج هو والكسائي جميعاً بقوله عز وجل {أفإِنْ مُتَّ فَهُمُ الخالِدُونَ} ولم يقل: أفهم وبقوله: {أفإِن ماتَ أو قُتِلَ انقَلبْتُمْ} ولم يقل: أنقلبتم. قال أبو جعفر:/ 78 ب/ وحُكِيَ عن محمد بن يزيد أنه كان يذهب الى قول أبي عُبَيْدٍ والكسائي وهذا من أقبحِ الغلط لأنهما شَبَّهَا شيئين بما لا يَشْتَبِهَان لأن الشرط وجَوَابَهُ بمنزلة شيءٍ واحدٍ فلا يكون فيهما استفهامان كالمبتدأ وخَبَرِهِ فلا يَجُوزُ: أفإِن مُتَّ أفهُمُ الخالِدُونَ كما لا يجوز: أزيدٌ أمنطلقٌ وقصّه لوطٍ صلى الله عليه وسلم فيها جملتان فلك أن تَستَفهِمَ عن كل واحدة منهما ويجوز الحَذْفُ من الثانية لدلالة الأولى عليها إلا أن الاختيار تخفيف الهمزة الثانية وهذا قول الخليل وسيبويه. {بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ} ابتداء وخبر.
اعراب آيات سورة ( الأعراف )
{ وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَن قَالُوۤاْ أَخْرِجُوهُمْ مِّن قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ }
{وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ..} [82]
ويكون الخبر {أَن قَالُوۤاْ} فإِذا نَصبتَ فالاسم "أَنْ قالوا" أي إِلاّ قَولَهُمْ.

{ فَأَنجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلاَّ ٱمْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ ٱلْغَابِرِينَ }
{فَأَنجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ..} [83] عطف على الهاء {إِلاَّ ٱمْرَأَتَهُ} استثناء من موجب.

{ وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَّطَراً فَٱنْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلْمُجْرِمِينَ }
{وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَّطَراً..} [84] تؤكيد.
اعراب آيات سورة ( الأعراف )
{ وَإِلَىٰ مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْباً قَالَ يَاقَوْمِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُمْ مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَآءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ فَأَوْفُواْ ٱلْكَيْلَ وَٱلْمِيزَانَ وَلاَ تَبْخَسُواْ ٱلنَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي ٱلأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا ذٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ مُّؤْمِنِينَ }
{وَإِلَىٰ مَدْيَنَ..} [85]
لم تنصرف لأنها اسم مدينة وَقِيلَ: لأنها اسم قبيلة وقيل: للعجمة وأصَحُّها الأول {أَخَاهُمْ} عطف {فَأَوْفُواْ ٱلْكَيْلَ} من أوفى ويقال: وفَى وعلى هذه اللغة فأوفوا.

{ وَلاَ تَقْعُدُواْ بِكُلِّ صِرَاطٍ تُوعِدُونَ وَتَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ مَنْ آمَنَ بِهِ وَتَبْغُونَهَا عِوَجاً وَٱذْكُرُوۤاْ إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلاً فَكَثَّرَكُمْ وَٱنْظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلْمُفْسِدِينَ }
قال الأخفش {وَلاَ تَقْعُدُواْ بِكُلِّ صِرَاطٍ..} [86] أي في كل صراط، وفلان بالبصرة وفي البصرة واحد {وَتَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ} أي عن الطريق التي تُؤدِّي إلى طاعة الله جل وعز {وَتَبْغُونَهَا عِوَجاً} مفعولان والتقدير يبغون لها عوجاً. يقال: في الدين وفي الأمر عِوَجٌ وفي العود عَوَجٌ.

{ وَإِن كَانَ طَآئِفَةٌ مِّنكُمْ آمَنُواْ بِٱلَّذِيۤ أُرْسِلْتُ بِهِ وَطَآئِفَةٌ لَّمْ يْؤْمِنُواْ فَٱصْبِرُواْ حَتَّىٰ يَحْكُمَ ٱللَّهُ بَيْنَنَا وَهُوَ خَيْرُ ٱلْحَاكِمِينَ }
{وَإِن كَانَ طَآئِفَةٌ..} [87] مُذَكَّر على المعنى وعلى اللفظ كانت.
اعراب آيات سورة ( الأعراف )
{ قَدِ ٱفْتَرَيْنَا عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً إِنْ عُدْنَا فِي مِلَّتِكُمْ بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا ٱللَّهُ مِنْهَا وَمَا يَكُونُ لَنَآ أَن نَّعُودَ فِيهَآ إِلاَّ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ رَبُّنَا وَسِعَ رَبُّنَا كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً عَلَى ٱللَّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا ٱفْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِٱلْحَقِّ وَأَنتَ خَيْرُ ٱلْفَاتِحِينَ }
{.. وَمَا يَكُونُ لَنَآ أَن نَّعُودَ..} [89]
فيها اسم يكون {إِلاَّ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ} في موضع نصب وفيه تقديران: قال أبو اسحاق: أي إلا بِمَشِيئَةِ اللهِ جل وعز. قال: وهذا قول أهل السُّنّةِ، والتقدير الآخر أنه استثناء ليس من الأول وفي معناه قولان: أحدُهُمَا: إِلاّ أن يشاء الله أن يَتَعبَّدنَا بشيء مما أنتم عليه، والقول الآخر: أن يكون مثل {حَتّى يَلِجَ الجَمَلُ في سَمّ الخِيَاط}.

{ فَتَوَلَّىٰ عَنْهُمْ وَقَالَ يٰقَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَـٰلَـٰتِ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ فَكَيْفَ ءَاسَىٰ عَلَىٰ قَوْمٍ كَٰفِرِينَ }
قرأ يحيى بن وثّاب والأعمش وطلحة بن مُصَرّفٍ {فَكَيْفَ آسَىٰ عَلَىٰ قَوْمٍ كَافِرِينَ} [93] وهذه لغة تميم يقولون: أنا إضْرِبُ.

{ أَفَأَمِنَ أَهْلُ ٱلْقُرَىٰ أَن يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَٰتاً وَهُمْ نَآئِمُونَ * أَوَ أَمِنَ أَهْلُ ٱلْقُرَىٰ أَن يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ }
{أَفَأَمِنَ أَهْلُ ٱلْقُرَىٰ..} [97]
مثل أَوَعَجِبْتُم وكذا {أَوَ أَمِنَ..} [98] على هذه القراءة ورُوِيَ عن نافع وجهان: روى قالون وأكثر الناس عنه أنه قرأ {أَوْ أمنَ} باسكان الواو، وروى عنه ورش {أَوَمِنَ} بتحريك الواو وإِذهاب الهمزة والوجهان يرجعان الى معنى واحد لأنه ألقى حركة الهمزة على الواو لمّا أراد تخفيفها وحذفها ومعنى {أَوْ} ههنا الخروج من شيء إلى شيء ونظيره قوله جل وعز {إنْ يَشَأ يَرحَمْكُمْ أوْ إن يَشَأْ يُعذّبْكُمْ}.
اعراب آيات سورة ( الأعراف )
{ أَوَلَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ ٱلأَرْضَ مِن بَعْدِ أَهْلِهَآ أَن لَّوْ نَشَآءُ أَصَبْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَنَطْبَعُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ }
قرأ أهل الحرمين وأبو عمرو {أَوَلَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ..} [100] بالياء فأنْ في موضع رفع على هذا وقرأ مجاهد وأبو عبد الرحمن بالنون {أَوَ لم نَهدِ} قال أبو عمرو والقراءة بالنون محال. قال أبو جعفر: يكون "أَنْ" في موضع نصب على قراءة من قرأ بالنون بمعنى لأن أصبناهم ببعض ذنوبهم وتمّ الكلام ثم قال جل وعز {وَنَطْبَعُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ} ولا يكون معطوفاً على أَصَبْنَاهُمْ لأن أصبناهم ماض ونطبع مستقبل وأجاز الفراء العطف لأن المستقبل والماضي يقعان هَا هُنَا بمعنى واحد.

{ تِلْكَ ٱلْقُرَىٰ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَآئِهَا وَلَقَدْ جَآءَتْهُمْ رُسُلُهُم بِٱلْبَيِّنَٰتِ فَمَا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ بِمَا كَذَّبُواْ مِن قَبْلُ كَذَٰلِكَ يَطْبَعُ ٱللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِ ٱلْكَٰفِرِينَ}
{.. فَمَا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ بِمَا كَذَّبُواْ مِن قَبْلُ..} [101]
قال الأخفش أي فما كان لِيُحْكَمَ لهم بالايمان بتكذيبهم أي ليسو المؤمنين بتكذيبهم وقال غيره: هذا لقومٍ بأعيانهم {كَذَلِكَ يَطْبَعُ ٱللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِ ٱلْكَافِرِينَ} في موضع نصب.

{ وَمَا وَجَدْنَا لأَكْثَرِهِم مِّنْ عَهْدٍ وَإِن وَجَدْنَآ أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ }
{وَمَا وَجَدْنَا لأَكْثَرِهِم مِّنْ عَهْدٍ..} [102]
في موضع نصب فالمعنى وما وجدنا لأكثرهم عهداً ومن زائدة للتوكيد وفيه قولان: أحدهما أن يكون المعنى وما وجدنا لأكثرهم وفاءاً بالعهد أي وفاء عَهدٍ أي إذا عُوهِدُوا لم يوفوا، والقول الثاني أن يكون العهد بمعنى الطاعة لأنّ على الانسان الطاعةَ كما عليه الوفاء بالعهد. {وَإِن وَجَدْنَآ أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ} الفراء يقول: المعنى وما وجدنا أكثرهم إلا فاسقثين، وسيبويه يذهب إلى أنّ "إِنْ" هذه هي الثقيلة خُفّفَتْ ولزمت اللام.



اعراب آيات سورة ( الأعراف )
{ حَقِيقٌ عَلَىٰ أَنْ لاَّ أَقُولَ عَلَى ٱللَّهِ إِلاَّ ٱلْحَقَّ قَدْ جِئْتُكُمْ بِبَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ فَأَرْسِلْ مَعِيَ بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ }
{حَقِيقٌ عَلَيّ أَنْ لاَّ أَقُولَ عَلَى ٱللَّهِ إِلاَّ ٱلْحَقَّ..} [105]
هذه قراءة نافع وشيبة وقرأ أبو جعفر وأبو عمرو وأهل مكة وأهل الكوفة {عَلَى أَلاّ} مخففة بمعنى جدير/ 79 أ/ وخلقِ يقال: فلان خليق بأن يَفعلَ [وجدير أن يَفعلَ] وعلى أن يفعلَ بمعنى واحد ومعنى "حقيق عَليَّ" واجبٌ عَلّي وأنْ على هذه القراءة في موضع رفع وهي في السواد موصولة في موضع ومفصولة في موضع. وقد تكلّم النحويون في ذلك فقال المُلْهَمُ من العرب من يُدغِمُ بغُنّةٍ ومنهم من يُدغِمُ بلا غنّة، فمن أدغَمَ بغُنّةٍ كَتَبها مفصولةً ومن أدغَمَ بلا غنّةٍ كَتَبَها موصولة لأنه قد أذهب النون وما فيها من الغُنّةِ، وقال القُتَبيّ من نصب بها كتبها موصولة ومن لم ينصب بها كتبها مفصولة نَحوُ {أَفلاَ يَرَوْنَ أن لا يَرجِعُ إليهم قولاً} فهذه مفصولة لأن فيها إضماراً. قال أبو جعفر: وسَمِعتُ أبا الحسن علَّي بنَ سليمان يقول لا يجوز أن يُكتَبَ مِنْ هذا شَيءٌ إلاّ مفصولاً لأنها "أَنْ" دخلت عليها "لا".

{ فَأَلْقَىٰ عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُّبِينٌ }
{فَأَلْقَىٰ عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ..} [107]
حُذِفَتِ الواو لسكونها وسكون الألف ويجوز {فألقى عَصا هُو فإذا هي} بالواو بين الساكنين هاء. {فَإِذا هِيَ ثُعْبَانٌ مُّبِينٌ} ابتداء وخبر والمعنى مبينٌ أنه ثعبان لا يلبِسُ وهذه "إِذا" التي للمفاجأة تقول: خَرجتُ فإذا عَمرٌ وجالسٌ ويجوز النصب. قال الكسائي: لأن المعنى فاجأته. قال بعض البصريين لو كان كما قال لَنُصِبَ الاسم. قال علي بن سليمان: سألتُ أبا العباس محمد بن يزيد كيف صارت "إِذا" خبراً لِجُثّةٍ فقال: هي ها هنا ظرف مكان قال علي بن سليمان: وهو عندي بمعنى الحدوث.

{ يُرِيدُ أَن يُخْرِجَكُمْ مِّنْ أَرْضِكُمْ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ }
{يُرِيدُ أَن يُخْرِجَكُمْ مِّنْ أَرْضِكُمْ..} [110]
نصب بِيُرِيدُ {فَمَاذَا تَأْمُرُونَ} ويجوز أن يكون "قالوا" لفرعون وحده "فماذا تأمرون" كما يُخاطَبُ الجبارون، ويجوز أن يكون "قالوا" له ولأصحابه و (ما) في موضع رفع على أنّ (ذا) بمعنى الذي وفي موضع نصب على أنّ (ما) و (ذا) شيء واحد.

Tidak ada komentar:

Posting Komentar