Selasa, 29 November 2011

I'rab Surat Yaasiin

Agus Subandi,Drs.MBA

اعراب آيات سورة يس
{ يسۤ }
{يسۤ} [1]
قال عبدالرحمن بن أبي ليلى: لكلّ شيء قلب، وقلبُ القرآن "يسۤ" من قرأها نهاراً كُفِيَ هَمَّهُ، ومن قرأها ليلاً غُفِرَ ذنبُهُ. قال شهر/ 194 ة أ/ بن حوشب: يقرأ أهل الجنة {طه} و "يسۤ" فقط. قال أبو جعفر: في "يسۤ" أوجه من القراءات. قرأ أهل المدينة والكسائي {يسۤ وَٱلْقُرْآنِ ٱلْحَكِيمِ} بإدغام النون في الواو، وقرأ أبو عمرو والأعمش وحمزة {يسۤ وَٱلْقُرْآنِ ٱلْحَكِيمِ} بإظهار النون، وقرأ عيسى بن عمر {يسينَ وَٱلْقُرْآنِ ٱلْحَكِيمِ}، وذكر الفراء قراءة رابعة {ياسينِ وَٱلْقُرْآنِ}. قال أبو جعفر: القراءة الأولى بالإِدغام على ما يجبُ في العربية لأنّ النون تُدغَمُ في الواو لشبهها بها، ومن بَيَّنَ قال: سَبِيلُ حُرُوفِ التهجّي أن يُوقَفَ عليها، وإنما يكون الإِدغام في الأدراج، وذكر سيبويه النصب وجَعَلهُ من جهتين: إحداهما أن يكونَ مفعولاً لا يصرفه، لأنه عنده اسم أعجمي بمنزلة هَابِيلَ. والتقدير: اذكُرْ ياسين، وجَعَلَهُ سيبويه اسماً للسورة. وقوله الآخر أن يكون مبنياً على الفتح مثل "كيفَ" و "أينَ"، وأما الكسر فزعم الفراء أنه مشبهٌ بقول العرب [جيرِ لأَفعَلَن] وجيرِ لا أفعل.

{ وَٱلْقُرْآنِ ٱلْحَكِيمِ }
{وَٱلْقُرْآنِ ٱلْحَكِيمِ} [2]
"وَٱلْقُرْآنِ" قسم والواو مبدلة من باء لشَبَهَهِا بها، كما أبدلوها من رُبَّ، "ٱلْحَكِيمِ" من نعت القرآن. قال أبو إسحاق: لأنه أحكم بالأمر والنهي والأمثال وأقاصيص الأمم.

{ إِنَّكَ لَمِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ }
{إِنَّكَ لَمِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ} [3]
جواب القسم، وان مكسورة لأن في خبرها اللام ولو حُذِفَتِ اللام لكانت أيضاً مكسورة إلاّ في قول الكسائي فإِنَّهُ يُجِيزُ فتحها؛ لأن في الكلام معنى: أقسم.

اعراب آيات سورة ( يس )
{ عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ }
{عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} [4]
[قال الضحاك: أي على طريقة مستقيمة. قال قتادة: أي على دينٍ مستقيمٍ. قال أبو اسحاق: "عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ"] خبر بعد خبر، قال: ويجوز أن يكون من صلة المرسلين أي الذين أُرسلُوا على صراط مستقيم.

{ تَنزِيلَ ٱلْعَزِيزِ ٱلرَّحِيمِ }
{تَنزِيلُ ٱلْعَزِيزِ ٱلرَّحِيمِ} [5]
هذه قراءة أهل المدينة وأبي عمرو، وقرأ الكوفيون وعبدالله بن عامر اليحصبي {تَنزِيلَ ٱلْعَزِيزِ ٱلرَّحِيمِ} بالنصب وحُكِيَ الخفض. قال أبو جعفر: فالرفع على اضمار مبتدأ أي الذي أُنزِلَ إليكَ تنزيلَ العزيزِ الرحيم، والنصب على المصدر، والخفض على البدل من القرآن.

{ لِتُنذِرَ قَوْماً مَّآ أُنذِرَ آبَآؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ }
{لِتُنذِرَ قَوْماً مَّآ أُنذِرَ آبَآؤُهُمْ..} [6]
"ما" لا موضع لها من الاعراب عند أكثر أهل التفسير؛ لأنها نافية، وعلى قول عكرمة موضعها النصب؛ لأنه قال: أي قد أُنذِرَ آباؤهم فتكون على هذا مثل قوله {فَقُلْ أنذَرتُكُمْ صَاعِقَةً} أي بصاعقة. {فَهُمْ غَافِلُونَ} ابتداء وخبر.


اعراب آيات سورة ( يس )
{ لَقَدْ حَقَّ ٱلْقَوْلُ عَلَىٰ أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لاَ يُؤمِنُونَ }
{لَقَدْ حَقَّ ٱلْقَوْلُ عَلَىٰ أَكْثَرِهِمْ..} [7]
أي حق القول عليهم بالعذاب لكفرهم, ومثله {ولكن حَقَّتْ كلِمةُ العذابِ على الكافِرِينَ}.

{ إِنَّا جَعَلْنَا فِيۤ أَعْناقِهِمْ أَغْلاَلاً فَهِىَ إِلَى ٱلأَذْقَانِ فَهُم مُّقْمَحُونَ }
{إِنَّا جَعَلْنَا فِيۤ أَعْناقِهِمْ أَغْلاَلاً..} [8]
عن ابن عباس أنه قال: إن أبا جهل أقسم لئن رأيتُ محمداً صلى الله عليه وسلم يصلي لادمغنّهُ فأخَذَ حَجَراً والنبي صلى الله عليه وسلم يصلّي ليرميه به. فلما أومأ به اليه جفّتْ يدُهُ على عنقه, والتصق الحجر بيدِهِ على هذا تمثيل أي بمنزلة من غُلّتْ يَدُهُ إلى عُنُقِهِ. وروى ابن عيينة عن عمرو بن دينار قال: قرأ ابن عباس {إِنَّا جَعَلْنَا فِيۤ أَيمَانِهِمْ أَغْلاَلاً فَهِىَ إِلَى ٱلأَذْقَانِ} قال أبو إسحاق وقُرِىءِ {إِنَّا جَعَلْنَا فِيۤ أيدِيهِمْ أَغْلاَلاً} قال أبو جعفر: هذه القراءة علىالتفسير، ولا يقرأ بما خالف المصحف، وفي الكلام حذف على قراءة الجماعة فالتقدير: إنا جعلنا في أعناقهم وفي أيديهم أغلالاً فهي إلى الأذقان، فهي كناية عن الايدي لا عن الأعناق، والعرب تحذف مثل هذا، ونظيره {سرابيل تقيكم الحرّ} فتقديره: وسرابيل تقيكم البرد فحذف لأن ما وقَى الحرّ وقى البرد، ولأنّ الغُل إذا كان في العنق فلا بد من أن يكون في اليد ولا سيما وقد حال جل وعز: {فَهِىَ إِلَى ٱلأَذْقَانِ} فقد أَعلَمَ الله جل وعز أنها يرادُ بها الأيدي {فَهُم مُّقْمَحُونَ} أجلّ ما روى فيه ما حكاه عبدالله بن يحيى أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أراهم الأقماح فجعل يديه تحت لحيته/ 194 ب/ وألصقهما ورفع رأسه. قال أبو جعفر: وكان هذا مأخوذاً مما حكاه الأصمعي قال: يقال أكْمَحْتُ الدّابّةَ إذا جَذَبتَ لِجَامَهَا لِترفَعَ رأسها. قال أبو جعفر: والقاف مُبدَلَةٌ من الكاف لقربها منها، كما يقال: قَهَرتُهُ وكَهَرتُهُ. قال الأصمعي: ويقال: أكفَحْتُ الدابة إذا تلقّيتَ فاها باللجام لِتضربَهُ بِهِ. مشتقٌّ من قولهم: لَقِيتُهُ كفَاحاً أي وَجْهاً لوجهٍ، وكَفَحْتُ الدابّةَ بغير ألف إذا جَذَبتَ عنانها لِتَقفَ ولا تجرِي.

{ وَجَعَلْنَا مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدّاً ومِنْ خَلْفِهِمْ سَدّاً فَأغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ }
{وَجَعَلْنَا مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدّاً ومِنْ خَلْفِهِمْ سَدّاً..} [9]
قال محمد بن اسحاق في روايته: جلس عتبة وشيبة ابنا ربيعة وأبو جهل وأُميّة بن خلف يراصدون النبي صلى الله عليه وسلم ليبلغوا من اذاه فَخَرَجَ عليهم يقرأ أول {يس} وفي يده تراب فرماهم به، وقرأ "وَجَعَلْنَا مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدّاً ومِنْ خَلْفِهِمْ سَدّاً" إلى رأس العشر، فأطرقُوا حتى مرّ النبي صلى الله عليه وسلم وقد قيل أن هذا تمثيل كما يقال: فلان حمار أي لا يُبصِرُ الهُدَى، كما يقال:
* لَهُمْ عَنِ الرشْدِ أغلاَلٌ وأقيَادُ *
وقراءة ابن عباس وعكرمة ويحيى بن يعمر وعمر بن عبدالعزيز {فَأغَشَيْنَاهُمْ} قال أبو جعفر: القراءة بالغين اشبهُ بنسق الكلام، ويقال: غَشِيَهُ الأمرُ وأغشيتُهُ إياه فأما فأغشيناهم فإِنّما يقال لمن ضعفَ بصرُهُ حتى لا يبصر بالليل، أو لمن فعل فعله، كما قال:
مَتَى تَأتِهِ تَعشُو إلى ضَوءِ نارِهِ * تَجِدْ خَيْرَ نارٍ عندَهَا خَيرُ موقِدِ
قال قتادة: {فَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ} الهُدَى.

اعراب آيات سورة ( يس )
{ وَسَوَآءُ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لاَ يُؤمِنُونَ }
{وَسَوَآءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ..} [10]
قيل: المعنى لا يكترثون بذلك ولا يعبئون به ولا يؤمنون. قال ابن عباس: فما آمن منهم أحد.

{ إِنَّمَا تُنذِرُ مَنِ ٱتَّبَعَ ٱلذِّكْرَ وَخشِيَ ٱلرَّحْمـٰنَ بِٱلْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ }
{إِنَّمَا تُنذِرُ مَنِ ٱتَّبَعَ ٱلذِّكْرَ..} [11]
أي إنّما ينتفع بالانذار. قال أبو اسحاق: ومعنى {وَخشِيَ ٱلرَّحْمـٰنَ بِٱلْغَيْبِ} خاف الله جل وعز من حيث لا يراه أحدٌ إلاّ الله عز وجل. {فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ} قال الضحاك عن ابن عباس في معنى كريم: أي حسن، وقيل: يراد به الجنة والله جل وعز أعلم.

{ إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي ٱلْمَوْتَىٰ وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُواْ وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِيۤ إِمَامٍ مُّبِينٍ }
الأصل في {إِنَّا..} [12] إنّنا حذفت النون لاجتماع النونات {نُحْيِي} حذفت منه الضمة لثقلها، ولا يجوز ادغام الياء في الياء ههنا لئلاّ يلتقي ساكنان {وَنَكْتُبُ مَاَ قَدَّمُواْ وَآثَارَهُمْ} أي ذكرَ ما قدّموا، وأقيم المضاف اليه مقام المضاف، وتأوله ابن عباس بمعنى خطاهم الى المساجد. وهو أولَى ما قيل فيه؛ لأنه قال: إنّ الآية نزلت في ذلك لأن الانصار كانت منازلهم بعيدة من المسجد. وفي حديث عمرو بن الحارث عن أبي عشانة عن عقبة بن عامر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يُكتَبُ له بِرِجْلٍ حَسَنَةٌ، ويُحَطّ عنه بِرِجْلٍ سيئةٌ ذاهباً وراجعاً إذا خرج الى المسجد" وتأوله غير ابن عباس "وَنَكْتُبُ مَاَ قَدَّمُواْ وَآثَارَهُمْ" يعني نكتب ما قدّموا من خير وما سَنُّوا من سنة حسنة يُعمَلُ بها بعدهم. وواحد الآثار: أثَرٌ، ويقال: إثرٌ. {وَكُلَّ شيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ} منصوب على اضمار فعل، ويجوز رفعه بالابتداء إلاّ أنّ نصبه أولى ليعطف ما عمل فيه الفعل على ما عمل فيه الفعل. وهذا قول الخليل وسيبويه رحمهما الله. قال مجاهد: {فِيۤ إِمَامٍ مُّبِينٍ} في اللوح المحفوظ.

اعراب آيات سورة ( يس )
{ وَٱضْرِبْ لَهُمْ مَّثَلاً أَصْحَابَ ٱلقَرْيَةِ إِذْ جَآءَهَا ٱلْمُرْسَلُونَ }
{وَٱضْرِبْ لَهُمْ مَّثَلاً أَصْحَابَ ٱلقَرْيَةِ..} [13]
قال أبو اسحاق: أي اذكر لهم مثلاً، والضربُ هو المثال والجنس، يقال: هذا من ضَرْبِ هذا، أي من مثال هذا وجنسِهِ والمعنى ومَثَّلَ لهم مثلاً. "أَصْحَابَ ٱلقَرْيَةِ" بدل من مَثَلٍ فالمعنى مثل أصحابِ القرية {إِذْ جَآءَهَا ٱلْمُرْسَلُونَ} أي جاء أهلها المرسلون.

{ إِذْ أَرْسَلْنَآ إِلَيْهِمُ ٱثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ فَقَالُوۤاْ إِنَّآ إِلَيْكُمْ مُّرْسَلُونَ }
{إِذْ أَرْسَلْنَآ إِلَيْهِمُ ٱثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ..} [14]
وقرأ عاصم {فَعَزَزْنَا} وربما غَلِطَ في هذا بعض الناس فتوهّم أنه من عَز يَعِزُّ، وليس/ 195 أ/ منه إنما هو من قول العرب: عَازَّني فلانٌ فَعَززتُهُ أعزُّهُ أي غَلَبتُهُ وقهرتُهُ ولَهُ نظَائرُ في كلامهم، وتأول الفراء "فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ" أنّ الثالث أرسلَ قبل الاثنين وأنه شمعون وإِنّ معنى فعزّزنا به أنه غَلَبَهُمْ. والظاهر يدلّ على خلاف ما قال، ولو كان كما قال لكان الأولى في كلام العرب أن يقال: بالثالث إذ كان قد أُرسِلَ قَبلُ، كما يقال: في أول الكتاب سلامٌ عليكَ وفي آخره والسلام، وكما يقال: مَرَرتُ برجلٍ من قصّته كذا فقلتِ للرّجلُ.

{ قَالُواْ مَآ أَنتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا وَمَآ أَنَزلَ ٱلرَّحْمَـٰنُ مِن شَيْءٍ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ تَكْذِبُونَ }
{قَالُواْ مَآ أَنتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا..} [15] مبتدأ وخبره.

اعراب آيات سورة ( يس )
{ قَالُوۤاْ إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ لَئِن لَّمْ تَنتَهُواْ لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ }
قال الفراء {.. لَنَرْجُمَنَّكُمْ..} [18] أي لنقتلنّكم قال: وعامة ما في القرآن من الرجم معناه القتل.

{ قَالُواْ طَائِرُكُم مَّعَكُمْ أَئِن ذُكِّرْتُم بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ }
{قَالُواْ طَائِرُكُم مَّعَكُمْ أَإِن ذُكِّرْتُم..} [19]
فيه سبعة أوجه من القراءات: قرأ أهل المدينة {أينْ ذُكِّرْتُم} بتخفيف الهمزة الثانية، وقرأ أهل الكوفة {أاِنْ} بتحقيق الهمزتين، والوجه الثالث {أاْنْ} بهمزتين بينهما ألف، أدخلت الألف [كراهة للجمع بَيْنَ الهمزتين، والوجه الرابع {أاِانْ} بهمزة بعدها ألف وبعد الألف همزة مخففة، والقراءة الخامسة {أَاِنْ ذُكِّرْتُم} بهمزتين إلا أنّ الثانية] همزة مخففة، والوجه السادس {أَأَنْ} بهمزتين محققتين مفتوحتين. حكى الفراء: أنّ هذه قراءة أبي رَزِينٍ. وقرأ عيسى بن عمر والحسن البصري {قَالُواْ طَائِرُكُم مَّعَكُمْ أينَ ذُكِّرْتُم} بمعنى حَيثُ والمعنى: أينَ ذُكّرتم تطيّركم معَكُمْ. ومعنى أأنْ ألأَنْ، وقرأ يزيد بن القعقاع والحسن وطلحة {ذُكِرْتُمْ} بالتخفيف وزعم الفراء أن معنى "طَائِرُكُم مَّعَكُمْ" أي رزقكم وعملكم و {بَلْ} لخروج من كلام إلى كلام {أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ} ابتداء وخبر.

{ وَجَآءَ مِنْ أَقْصَا ٱلْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَىٰ قَالَ يٰقَوْمِ ٱتَّبِعُواْ ٱلْمُرْسَلِينَ }
{وَجَآءَ مِنْ أَقْصَى ٱلْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَىٰ..} [20]
وفي موضع آخر {رجل من أقصى المدينة يسعى} والمعنى واحد إلاّ أن حقّ الظروف أن تكون في آخر الكلام، وتقديمها مجاز. ألا ترى أن معنى: إنّ في الدار زيداً، إن زيداً في الدار، {قَالَ يٰقَوْمِ ٱتَّبِعُواْ ٱلْمُرْسَلِينَ}.


اعراب آيات سورة ( يس )
{ ٱتَّبِعُواْ مَن لاَّ يَسْأَلُكُمْ أَجْراً وَهُمْ مُّهْتَدُونَ }
{ٱتَّبِعُواْ مَن لاَّ يَسْأَلُكُمْ أَجْراً..} [21] هذا يدلّ على اعادة الفعل {وَهُمْ مُّهْتَدُونَ} محمول على معنى "منْ".

{ وَمَا لِيَ لاَ أَعْبُدُ ٱلَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ }
وقرأ الأعمش وحمزة {وَمَا لِيْ لاَ أَعْبُدُ..} [22] باسكان الياء وهذه ياء النفس تُفتَحُ وتُسكّنُ، إذا كانَ ما قبلَهَا متحرّكاً فالفتح لأنها اسم فكُرِه أن يكون اسم على حرف واحد ساكناً، والاسكان لاتصالها بما قبلَها، وموضع {لاَ أَعْبُدُ} موضع نصب على الحال.

{ أَأَتَّخِذُ مِن دُونِهِ آلِهَةً إِن يُرِدْنِ ٱلرَّحْمَـٰنُ بِضُرٍّ لاَّ تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئاً وَلاَ يُنقِذُونَ }
{.. إِن يُرِدْنِ ٱلرَّحْمَـٰنُ بِضُرٍّ..} [23]
شرط ومجازاة، وعلامة الجزم فيه حذف الضمة من الدال وحُذِفَتِ الياء التي قَبلَ الدال لالتقاء الساكنين. والقول في الياء التي بعد النون كما تقدّم من الفتح والاسكان إلاّ أنك إذا أسكنتها حذفتها في الادراج لالتقاء الساكنين وجواب الشرط {لاَّ تُغْنِ عَنِّي}.


اعراب آيات سورة ( يس )
{ إِنِّيۤ آمَنتُ بِرَبِّكُمْ فَٱسْمَعُونِ }
فأما ما رُوي عن عاصم أنه قرأ {إِنِّيۤ آمَنتُ بِرَبِّكُمْ فَٱسْمَعُونَ} [25] بفتح النون فلحن لأنه في موضع جزم فإِذا كسرتَ النون جاز لأنها النون التي تكون مع الياء لا نون الاعراب. قال أبو اسحاق: أشهَدَ الرسُلَ على إيمانه فقال: {إِنِّيۤ آمَنتُ بِرَبِّكُمْ فَٱسْمَعُونِ}.

{ قِيلَ ٱدْخُلِ ٱلْجَنَّةَ قَالَ يٰلَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ }
{قِيلَ ٱدْخُلِ ٱلْجَنَّةَ..} [26]
في الكلام حذفٌ لعلم السامع والتقدير: فقتلوه فَقِيل: ادخل الجنة فَلمّا رأى ما هو فيه من النعيم {قَالَ يٰلَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ}.

{ بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ ٱلْمُكْرَمِينَ }
{بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي..} [27]
فيه ثلاثة أوجه: تكون "ما" مصدراً، وتكون بمعنى "الذي"، والثالث استفهاماً، وهذا ضعيف لأن الأكثر في الاستفهام: بِم غفَر لي ربّي؟ بغير ألف {وَجَعَلَنِي مِنَ ٱلْمُكْرَمِينَ} قال أبو مجلزٍ: أي بإِيماني وتصديقي الرسل. قال أبو اسحاق: "مِنَ ٱلْمُكْرَمِينَ" أي أدخلني الجنة.

اعراب آيات سورة ( يس )
{ وَمَآ أَنزَلْنَا عَلَىٰ قَوْمِهِ مِن بَعْدِهِ مِن جُندٍ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ وَمَا كُنَّا مُنزِلِينَ }
{وَمَآ أَنزَلْنَا عَلَىٰ قَوْمِهِ مِن بَعْدِهِ مِن جُندٍ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ} [28]
أي لم يُنزِلْ جنداً من السماء ينتصرون له.

{ إِن كَانَتْ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ }
{إِن كَانَتْ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً..} [29]
في "كَانَتْ" مُضْمرٌ أي أن كانت عقوبتهم أو بليتهم إِلاّ صيحة. قرأ أبو جعفر {إِن كَانَتْ إِلاَّ صَيْحَةٌ وَاحِدَةٌ} بالرفع. قال أبو حاتم: ينبغي ألا يجوز لأنه انما يقال: ما جاءني إِلاّ جَارِيَتُك، ولا يقال: ما جاءتني إِلاّ جاريتك، لأن المعنى ما جاءني أحدٌ إِلا جاريتك أي فلو كان كما قرأ أبو جعفر لقال: إِنْ كان إِلا صيحةٌ/ 195 ب/ واحدةٌ. قال أبو جعفر: لا يمتنع من هذا شيءٌ، يقال: ما جاءتني إِلاّ جاريتك، بمعنى ما جاءتني امرأة أو جارية. والتقدير: بالرفع في القراءة ما قاله أبو إسحاق، [قال: المعنى] إِن كانت عليهم صيحةً إِلاّ صيحةٌ واحدةٌ وقدّرهُ غيرُهُ بمعنى: ما وقعت إِلاّ صيحة واحدة "وكان" بمعنى: وقع كثير في كلام العرب. وقرأ عبدالرحمن بن الأسود، ويقال: إِنه في حرف عبدالله كذلك: {إِن كَانَتْ إِلاَّ زقيةً وَاحِدَةً}. قال أبو جعفر: هذا مخالف للمصحف، وأيضاً فان اللغة المعروفة: زقا يزقو اذا صَاحَ فكان يجبُ على هذا أن يكون إِلاّ زقوةً. قال قتادة: {فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ} أي هالكون.

{ يٰحَسْرَةً عَلَى ٱلْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِمْ مِّن رَّسُولٍ إِلاَّ كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ }
{يٰحَسْرَةً..} [30]
منصوب لأنه نداء نكرة لا يجوز فيه إِلا النصب عند البصريين، وزعم الفراء أنّ الاختيار النصب وأنها لو رُفعَتِ النكرة الموصولة بالصفة لكان صواباً، واستشهدَ بأشياء منها أنه سمع من العرب: يا مهمُّ بأمرنا لا تهتمّ. وأنشد:
* يا دارُ غَيّرَهَا البِلَى تغييرا *
قال أبو جعفر: في هذا بطلان باب النداء أو أكثره لأنه يَرفَع النكرة المحضة ويرفع ما هو منزلة المضاف في طوله ويحذف التنوين متوسطاً ويرفع ما هو في المعنى مفعول بغير علة أوجبت ذلك. فأما ما حكاه عن العرب فلا يشبه ما أجازه، لأن تقدير: يا مهتمُّ بأمرنا لا تهتمّ، على التقديم والتأخير، والمعنى: يا أيّها المهتم لا تهتمّ بأمرنا. وتقدير البيت: يا أيّها الدار، ثم حوّل المخاطبة أي يا هؤلاء غَيّرَ هذه الدار البلى، كما قال جل وعز: {حتّى إِذا كُنْتُمْ في الفُلك وجَريْنَ بهم}. وكان أبو اسحاق يقول: بأن قوله جل وعز "يٰحَسْرَةً عَلَى ٱلْعِبَادِ" من أصعب ما في القرآن من المسائل، وإنما قال هذا لأن السؤال فيه أن يقال: ما الفائدة في نداء الحسرة؟ قال أبو جعفر: وقد شرح هذا سيبويه بأحسن شرح، ومذهبُهُ أن المعنى إِذا قيل: يا عَجَبَاهُ فمعناه يا عَجَبُ هذا من ابانك، ومن أوقاتك التي يجب أن تحضرها والمعنى على قوله أنه يجب أن تحضر الحسرة لهم على أنفسهم لاستهزائهم بالرسل، وفي معنى الآية قول غريبٌ اسناده جيد رواه الربيع ابن أنس عن أبي العالية قال: لما رأى الكفار العذاب قالوا: يا حسرة على العباد، يعنون بالعباد الرسل الثلاثة الذين أرسلوا اليهم تحسروا على فواتهم وان لم يحضروا حتى يؤمنوا. قال الله تعالى {ما يأتيهم من رسول إِلا كانوا به يستهزئون}.

اعراب آيات سورة ( يس )
{ أَلَمْ يَرَوْاْ كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِّنَ ٱلْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لاَ يَرْجِعُونَ }
{أَلَمْ يَرَوْاْ كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِّنَ ٱلْقُرُونِ أَنَّهُمْ..} [31]
قال الفراء: "كم" في موضع نصب من وجهين: أحدهما بِيَرَوا، واستشهد على هذا القول بأنه في قراءة عبدالله بن مسعود {أَلَمْ يَرَوْاْ مَنْ أَهْلَكْنَا}، والوجه الآخر أن تكون "كم" في موضع نصب بأهلكنا. قال أبو جعفر: القول الأول محال لأن "كم" لا يعمل فيها ما قبلها لأنها استفهام، ومحال أن يدخل الاستفهام في حيز ما قبله، وكذا حكمها إذا كانت خبراً، وإِن كان سيبويه قد أومأ الى بعض هذا فجعل "أنّهم" بدلاً من "كم"، وقد ردّ عليه محمد بن يزيد هذا أشدّ رد، وقال: "كم" في موضع نصب بأهلكنا "وأنّهم" في موضع نصب. والمعنى عنده: بأنهم أي ألم يَرَوا كم أهلكنا قَبْلَهُمْ مِنَ القرونِ بالاستئصال.

{ وَإِن كُلٌّ لَّمَّا جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ }
{وَإِن كُلٌّ لَّمَّا جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ} [32]
هذه إِن الثقيلة في الأصل خُفّفت فزال عملها في أكثر اللغات، ولزمتها اللام فرقاً بينها وبين "إِنْ" التي بمعنى "ما". وقرأ الكوفيون {وانْ كُلٌّ لَمَّا} وفيه قولان: أحدهما أنّ "لمّا" بمعنى إِلا و "إِنْ" بمعنى "ما". حكى ذلك سيبويه في قولهم: سألتُكَ بالله لَمّا فعلت، وزعم الكسائي أنه لا يعرف هذا. والقول الآخر أن المعنى: وان كلّ لَمِنْ مَا، وهذا قول الفراء. قال/ 196 أ/ وحذفت ما، كما يقال عَلْماءِ بنو فُلاَنٍ، {أراد به: على الماء بنو فلان].

{ وَآيَةٌ لَّهُمُ ٱلأَرْضُ ٱلْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبّاً فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ }
{وَآيَةٌ لَّهُمُ ٱلأَرْضُ ٱلْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا..} [33]
"آيَةٌ" رفع بالابتداء، والخبر "لهم"، ويجوز أن يكون الخبر "ٱلأَرْضُ ٱلْمَيْتَةُ". قال أبو اسحاق: ويقال: الميّتةُ، والتخفيف أكثر.

اعراب آيات سورة ( يس )
{ لِيَأْكُلُواْ مِن ثَمَرِهِ وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ أَفَلاَ يَشْكُرُونَ }
{لِيَأْكُلُواْ مِن ثَمَرِهِ وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ..} [35]
"ما" في موضع خفض على العطف أي ومما عملته أيديهم، ويجوز أن تكون "ما" ناية لا موضع لها أي ولم تعمله أيديهم فإذا كان بحذف الهاء كانت "ما" في موضع خفض، وحذف الهاء لطول الاسم. ويبعد أن تكونَ نافية.

{ سُبْحَانَ ٱلَّذِي خَلَق ٱلأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنبِتُ ٱلأَرْضُ وَمِنْ أَنفُسِهِمْ وَمِمَّا لاَ يَعْلَمُونَ }
{سُبْحَانَ ٱلَّذِي خَلَق ٱلأَزْوَاجَ كُلَّهَا..} [36]
قال أبو اسحاق: أي الأجناس من الحيوان والنبات.

{ وَآيَةٌ لَّهُمُ ٱلَّيلُ نَسْلَخُ مِنْهُ ٱلنَّهَارَ فَإِذَا هُم مُّظْلِمُونَ }
{وَآيَةٌ لَّهُمُ ٱلْلَّيْلُ..} [37] وعلامة دالّة على توحيد الله.

اعراب آيات سورة ( يس )
{ وَٱلشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَـا ذَلِكَ تَقْدِيرُ ٱلْعَزِيزِ ٱلْعَلِيمِ }
{وَٱلشَّمْسُ تَجْرِي..} [38]
ويكون تقديره وآية لهم الشمس [, ويجوز أن تكون الشمس] مرفوعة بإِضمار فعل يفسّرهُ الثاني، ويجوز أن تكون مرفوعة بالابتداء.

{ وَٱلْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّىٰ عَادَ كَٱلعُرجُونِ ٱلْقَدِيمِ }
{وَٱلْقَمَرُ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ..} [39]
يكون تقديره: وآية لهم القمر، ويجوز أن يكون القمر مرفوعاً بالابتداء. وقرأ الكوفيون {وَٱلْقَمَر} بالنصب على اضمار فعل. وهو اختيار أبي عبيد، قال: لأن قبلَهُ فعلاً وبعدَهُ فعلاً مثلَهُ قبله "نَسلخُ" وبعده "قَدّرناهُ" قال أبو جعفر: أهل العربية جميعاً فيما علمتُ على خلاف ما قال، منهم الفراء، قال: الرفع أعجبُ إِليّ، وإنما كان الرفع عندهما أَولَى لأنه معطوف على ما قبله فمعناه: وآيةٌ القمرُ والذي قاله: من أنّ قبله "نَسلخُ" فقبله ما أقربُ إِليه منه وهو يجري وقبله. والشمسُ بالرفع، والذي ذكره بعدَهُ وهو "قدّرناه" قد عَمِلَ في الهاء. ووجه ثان في الرفع يكون مرفوعاً بالابتداء، ويقال: القمرُ ليس هو المنازل فكيف قال: قدّرنا منازل؟ ففي هذا جوابان: أحدهما أن تقديره قدرناه ذا منازل مثل {وسئل القرية}. والتقدير الآخر قدّرنا له مَنَازِلَ ثم حَذَفَ اللام، وكان حذفها حسناً لتعدّي الفعل الى مفعولين مثل {واختارَ مُوسَى قومَهُ سَبعِينَ رَجُلاً}.

{ لاَ ٱلشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَآ أَن تدْرِكَ ٱلقَمَرَ وَلاَ ٱلَّيلُ سَابِقُ ٱلنَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ }
{لاَ ٱلشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَآ أَن تدْرِكَ ٱلقَمَرَ..} [40] رفعت الشمس بالابتداء، ولا يجوز أن تعمل "لا" في معرفة. وقد تكلم العلماء في معنى هذه الآية فقال: بعضهم معناها أن الشمس لا تدركُ القمر فيبطل معناه، وقيل: القمر في السماء الدنيا والشمس في السماء الرابعة فهي لا تدركه. وأحسن ما قيل في معناه وأبينه مما لا يُدْفَعُ أن سير القمر سيرٌ سريع فالشمس لا تدركه في السير. {وَلاَ ٱلْلَّيْلُ سَابِقُ ٱلنَّهَارِ} مما قد تكلموا فيه أيضاً، وقال بعضهم: هذا يدلّ على أن النهار مخلوق قبل الليل وأن الليل لم يسبقه بالخلق، وقيل: [لا يجوز أن يتقدّم أحدهما صاحبه؛ لأن وجود هذا عدم هذا ولا يقع فيهما القَبل والبَعد. وهذا قول أهل النظر، وقيل:] كل واحد منهما يجيء في وقته لا يسبق أحدهما صاحبه. قال أبو جعفر: حدثنا محمد بن الوليد وعلي بن سليمان عن محمد بن يزيد قال: سمعتُ عمارة بن عقيل بن بلال بن جرير يقرأ {وَلاَ ٱلْلَّيْلُ سَابِقُ ٱلنَّهَارَ} فقلت ما هذا؟ قال: أردتُ سابقٌ النهارَ فحذفتُ التنوين لأنه أخفّ. قال أبو جعفر: يجوز أن يكون النهار منصوباً بغير تنوين ويكون التنوين حُذِف لالتقاء الساكنين.


اعراب آيات سورة ( يس )
{ وَآيَةٌ لَّهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي ٱلْفُلْكِ ٱلْمَشْحُونِ }
{وَآيَةٌ لَّهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّاتِهِمْ فِي ٱلْفُلْكِ ٱلْمَشْحُونِ} [41]
هذه الآية من أشكل ما في السورة لقوله جل وعز "حَمَلْنَا ذُرِّيَّاتِهِمْ" لأنهم هم المحمولون. فسمعت علي بن سليمان يقول: الضميران مختلفان والمعنى: وآية لأهل مكة أنا حملنا ذريات قوم نوح في الفلك. وفيها قول آخر حسن، وهو أن يكون المعنى أن الله جل وعز خبّر بلطفه وامتنانه أنه خلق السفن يحملُ فيها من يصعب عليه المشي والركوب من الذريات والصغار، ويكون الضميران على هذا متفقين.

{ وَخَلَقْنَا لَهُمْ مِّن مِّثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ }
{وَخَلَقْنَا لَهُمْ مِّن مِّثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ} [42]
والأصل: يركبونه حُذِفت الهاء لطول الاسم، وأنه رأس آية. وفي معناه ثلاثة أقوال: مذهب مجاهد وقتادة وجماعة من أهل التفسير أنّ معنى "مِّن مِّثْلِهِ" للإِبل، والقول الثاني أنه للابل والدواب وكل ما/ 196 ب/ يركب، والقول الثالث أنه للسفن، وهذا أصحّها لأنه متصل الاسناد عن ابن عباس رواه محمد بن فُضَيْلٍ عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس "وَخَلَقْنَا لَهُمْ مِّن مِّثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ" قال: خَلَقَ لهم سفناً أمثالها يركبون فيها. وبغير هذا الاسناد أن ابن عباس احتج في أن هذا ليس للابل بأن بعده {وَإِن نَّشَأْ نُغْرِقْهُمْ فَلاَ صَرِيخَ لَهُمْ..} [43] وهو حسن لأن بعده مالا يجوز فيه إِلا الرفع لأنه معرفة وهو {وَلاَ هُمْ يُنقَذُونَ} والنحويون يختارون: لا رجلٌ في الدارِ ولا زيدٌ.

{ إِلاَّ رَحْمَةً مِّنَّا وَمَتَاعاً إِلَىٰ حِينٍ }
{إِلاَّ رَحْمَةً مِّنَّا..} [44]
قال الكسائي: هو نصب على الاستثناء، وقال أبو اسحاق: نصب لأنه مفعول له أي للرحمة {وَمَتَاعاً} معطوف عليه. قال قتادة: {إِلَىٰ حِينٍ} أي إِلى الموت.


اعراب آيات سورة ( يس )
{ مَا يَنظُرُونَ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ }
في قوله جل وعز {مَا يَنظُرُونَ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخصِّمُونَ} [49] خمس قراءات: قرأ أبو عمرو وابن كثير {وَهُمْ يَخَصِّمُونَ} بفتح الياء والخاء وتشديد الصاد، وكذا روى ورش عن نافع. فأما أصحاب القراءات وأصحاب نافع سوى ورش فإنهم رووا عنه {وَهُمْ يَخْصِّمُونَ} باسكان الخاء وتشديد الصاد على الجمع بين ساكنين وقرأ عاصم والكسائي {وَهُمْ يَخِصِّمُونَ} بكسر الخاء وتشديد الصاد، وقرأ يحيى بن وثاب والأعمش وحمزة {وَهُمْ يَخْصِمونَ} باسكان الخاء وتخفيف الصاد، وفي حرف أُبَيّ {وَهُمْ يَختَصِمُونَ}. قال أبو جعفر: القراءة الأولى {وَهُمْ يَخَصِّمُونَ} أبينها والأصل: يختصمون فأدغمت التاء في الصاد فقلبت حركتها الى الخاء، واسكان الخاء لا يجوز لأنه جمع بين ساكنين وليس أحدهما حرف مدٍّ ولينٍ وانما يجوز في مثل هذا إخفاء الحركة فلم يُضبَطْ كما لم يضبط عن أبي عمرو {فتوبوا إلى بارِئْكُمْ} إِلاّ من رواية من يضبط اللغة، كما روى سيبويه عنه أنه كان يختلس الحركة. فأما "يَخِصِّمون" فالأصل فيه أيضاً يختصمون فأُدغِمَت التاء في الصاد ثم كسرت الخاء لالتقاء الساكنين. وزعم الفراء: أن هذه القراءة أجود وأكثر، فترك ما هو أولى من القاء حركة التاء على الخاء واجتُلِبَ لها حركة أخرى وجمع بينَ ياء وكسرة، وزعم أنه أجود وأكثر وكيف يكون أكثر وبالفتح قراءة أهل مكة وأهل البصرة وأهل المدينة. قال عكرمة في قوله جل وعز {إن كانَتْ إِلا صيحةً واحدةً} قال: هي النفخة الأولى في الصُّورِ.

{ فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَلاَ إِلَىٰ أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ }
{فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً..} [50]
روى الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: ينفخ في الصور والناس في أسواقهم فَمِنْ جالب لقحةً، ومن ذارعٍ ثوباً، ومن مارٍّ في حاجة {فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَلاَ إِلَىٰ أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ} وذكر الفراء فيه قولين أحدهما لا يرجعون إِلى أهليهم قولاً، والقول الآخر لا يرجعون من أسواقهم إِلى أهليهم.

{ وَنُفِخَ فِي ٱلصُّورِ فَإِذَا هُم مِّنَ ٱلأَجْدَاثِ إِلَىٰ رَبِّهِمْ يَنسِلُونَ }
{وَنُفِخَ فِي ٱلصُّورِ..} [51]
في معناه قولان: قال قتادة: "ٱلصُّورِ" جمع صورة أي نُفخَ في الصُّورِ الأرواحُ، وصُورَةٌ وصُورٌ مثلُ سُورَةِ البناءِ وسُور. قال العجاج:
فَرُبَّ ذِي سُرَادِقٍ مَحْجُورِ * سُرتُ إِليه في أَعالِي السُّورِ
وقد رويَ عن ابن هرمز أنه قرأ {وَنُفِخَ فِي ٱلصُّوَرِ} فهذا لا إِشكال فيه. فأما "ٱلصُّوْر" بإِسكان الواو فالصحيح فيه أنه القَرْنُ جاء بذلك الحديث والتوقيف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وذلك معروف في كلام العرب. أنشد أهل اللغة:
نَحْنُ نَطَحْنَاهُمْ غَدَاةَ الغَوِرَيْنْ * بالضَّابِحَاتِ في غُبَارِ النَقْعَيْن
* نَطحاً شَدِيداً لاَ كَنَطْحِ الصُّورَيْنِ *

اعراب آيات سورة ( يس )
{ قَالُواْ يٰوَيْلَنَا مَن بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا هَذَا مَا وَعَدَ ٱلرَّحْمـٰنُ وَصَدَقَ ٱلْمُرْسَلُونَ }
{قَالُواْ يٰوَيْلَنَا..} [52]
منصوب على أنه مضاف أي من أيّامك ومن ابّانك، ويجوز أن يكون منصوباً على معنى المصدر، ويكون المنادى محذوفاً على أن الكوفيين يقدّرونَهُ "وَيْ لَنَا" منفصلةً فإِذا قيلَ لهم/ 197 أ/ فَلِمَ قلتم: وَيْلَ زَيدٍ؟ ففتحتم اللام وهي لام خفض ولم قلتم ويلٌ لَهُ؟ فَضَمَمْتُمُ اللامَ ونونتموها ثم حكيتم: وَيْلُ زَيدٍ بالضم غير مُنَوّنٍ اعتّلوا بعلل لا تصحّ. قال أبو جعفر: وسنذكرها إن شاء الله فيما يُستقبَلُ. {مَن بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا} يقال: كيف قالوا هذا وهم من المعذّبين فى قولكم فى قبورهم؟ فالجواب أن أُبَيّ بن كعب قال: ناموا نومة. وقال أبو صالح: إذا نُفخَ النفخة الأولى رُفِعَ العذاب عن أهل القبور، وهجعوا هجة الى النفخة الثانية وبينهما أربعون سنة فذلك قولهم: "مَن بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا". قال مجاهد: أي فيقول لهم المؤمنون {هَذَا مَا وَعَدَ ٱلرَّحْمـٰنُ} وقال قتادة: فقال لهم مَنْ هَدىَ اللّهُ {هَذَا مَا وَعَدَ ٱلرَّحْمـٰنُ} وقال الفراء: أي فقال لهم الملائكة "هَذَا مَا وَعَدَ ٱلرَّحْمـٰنُ". قال أبو جعفر: وهذه الأقوال متفقة لأن الملائكة من المؤمنين وممن هدى الله [وقرأ مجاهد ويُروَى عن ابن عباس {يٰوَيْلَنَا مِنْ بَعْثِنَا}. قال أبو جعفر:] وعلى هذا يتأول قول الله جل وعز: {إنّ الذينَ آمنوا وعَمِلُوا الصّالِحَاتِ أولئك خير البرية} وكذا الحديث "المؤُمِنُ عِندَ اللّهِ خيرٌ مِنْ كُلِّ ما خَلَقَ" ويجوز أن يكون الملائكة صلى الله عليهم وغيرهم من المؤمنين قالوا {هَذَا مَا وَعَدَ ٱلرَّحْمـٰنُ} والتمام على هذا "مِن مَّرْقَدِنَا" "وهذا" فى موضع رفع بالابتداء وخبره {مَا وَعَدَ ٱلرَّحْمـٰنُ}، ويجوز أن يكون "هذا" فى موضع خفض على النعت لمرقدنا فيكون التمام "مِن مَّرْقَدِنَا هَذَا" ويكون "مَا وَعَدَ ٱلرَّحْمـٰنُ" فى موضع رفع من ثلاث جهات ذكر أبو اسحاق منها اثنين، قال: يكون باضمار "هذا"، والثانية: أن يكون بمعنى حق ما وعد الرحمن، وقال أبو جعفر: والثالثة: أن يكون بمعنى بَعَثكُمْ ما وَعَدَ الرحمنُ.

{ إِن كَانَتْ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ }
{.. فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ..} [53] مبتدأ وخبره وجميع نكرة و {مُحْضَرُونَ} من نعته.

{ إِنَّ أَصْحَابَ ٱلْجَنَّةِ ٱليَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ }
{إِنَّ أَصْحَابَ ٱلْجَنَّةِ ٱليَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ} [55]
قال عبدالله بن مسعود وابن عباس: شغلهم بافتضاض العذارى، وقال أبو قلابة: بينما الرجل من أهل الجنة مع أهله إذ قيل له تَحَوّلْ إلى أهلك فيقول: أنا مع أهلي مشغول فيقال له: تَحَوّلْ أيضاً غلى أهلك، وقيل: أصحاب الجنة في شغل بما هم فيه من اللذات والنعيم عن الاهتمام بأهل المعاصي ومصيرهم الى النار وما هم فيه من أليم العذاب وان كانوا أقوياء هم وأهليهم. وقرأ الكوفيون {فِي شُغُلٍ} بضم الشين والغين، وعن مجاهد {فِي شَغَلٍ} وحكى أبو حاتم: أنّ هذا يروى عن أبي عمرو بن العلاء أنه قرأ به وهي لغات بمعنى واحد ويقال: شَغْلٌ بفتح الشين واسكان الغين {فَاكِهُونَ} خبر إنّ وعن طلحة بن مصرف أنه قرأ {فاكهين} نصبه على الحال.


اعراب آيات سورة ( يس )
{ هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلاَلٍ عَلَى ٱلأَرَآئِكِ مُتَّكِئُونَ }
{هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلاَلٍ عَلَى ٱلأَرَآئِكِ مُتَّكِئُونَ} [56]
مبتدأ وخبره، ويجوز أن يكون هم توكيداً "وَأَزْوَاجُهُمْ" عطفاً على المضمر و "مُتَّكِئُونَ" نعتاً لقوله فاكهون.

{ لَهُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ وَلَهُمْ مَّا يَدَّعُونَ }
{لَهُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ وَلَهُمْ مَّا يَدَّعُونَ} [57]
الدال الثانية مبدلة من تاء لأنه يفتعلون من دعاء.

{ سَلاَمٌ قَوْلاً مِّن رَّبٍّ رَّحِيمٍ }
{سَلاَمٌ..} [58]
مرفوع عن البدل من "ما"، ويجوز أن يكون "ما" نكرة و "سلام" نعتاً لها أي ولهم ما يدّعُونَ مُسَلّم ويجوز أن يكون "ما" رفعاً بالابتداء "سلام" خبراً عنها. وفي قراءة عبدالله بن مسعود {سَلاَماً} يكون مصدراً. وان شئت في موضع الحال أي ولهم الذي يدّعون مُسلَماً و {قولاً} مصدر أي نقوله قولاً يوم القيامة، ويجوز أن يكون معناه قال الله جل وعز هذا قولاً.


اعراب آيات سورة ( يس )
{ وَٱمْتَازُواْ ٱلْيَوْمَ أَيُّهَا ٱلْمُجْرِمُونَ }
{وَٱمْتَازُواْ ٱلْيَوْمَ أَيُّهَا ٱلْمُجْرِمُونَ} [59] ويقال: تَمَيّزُوا وانْمَازُوا.

{ أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يٰبَنِيۤ ءَادَمَ أَن لاَّ تَعْبُدُواْ ٱلشَّيطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ }
{أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ..} [60]
ويقال: أَعهِدْ بكسر الهاء يكون من عَهَدَ يَعْهِدُ. قال أبو اسحاق: ويجوز أن يكون عَهِدَ يَعْهِدُ مثل حَسِبَ يَحسِبُ {أَن لاَّ تَعْبُدُواْ ٱلشَّيطَانَ} قال الكسائي: "لا" للنهي.

{ وَأَنِ ٱعْبُدُونِي هَـٰذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ }
{وَأَنِ ٱعْبُدُونِي..} [61]
من كسر النون فعلى الأصل، من ضم كَرِهَ كسرةً بعدها ضمة.

اعراب آيات سورة ( يس )
{ وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلاًّ كَثِيراً أَفَلَمْ تَكُونُواْ تَعْقِلُونَ }
{وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلاًّ..} [62]
هذه قراءة أهل المدينة والعاصمين،/ 197 ب/ وقرأ الحسن وابن أبي اسحاق وعيسى وعبدالله بن عبيد بن عمير والنضر بن أنس {وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جُبُلاًّ} بضم الجيم والباء وتشديد اللام، قرأ ابن كثير والكوفيون إلا عاصماً {جُبُلاً} بضم الجيم والباء وتخفيف اللام، وقرأ أبو عمرو {جُبْلاً} بضم الجيم واسكان الباء وتخفيف اللام وقرأ أبو يحيى والأشهب العقيلي {جِبْلاً} بكسر الجيم واسكان الباء وتخفيف اللام. قال أبو جعفر: فهذه خمس قراءات أبينها القراءة الأولى الدليل على ذلك أنهم قد أجمعوا على أن قرءوا "والجِبِلَّة الأولينَ" ويكون جِبِل جمعَ جِبِلَّةٍ. والاشتقاق في كلّه واحد، وانما هو من: جَبَلَ اللهُ الخلقَ أي خلقهم وقد ذُكِرَتْ قراءة سادسة وهي {وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِيلاً كَثِيراً} بالياء {أَفَلَمْ تَكُونُواْ تَعْقِلُونَ} أي قد كنتم تعقلون، وهذا على جهة التوبيخ، وكذا {ألم أعهد} أي قد عهدت.

{ وَلَوْ نَشَآءُ لَطَمَسْنَا عَلَىٰ أَعْيُنِهِمْ فَٱسْتَبَقُواْ ٱلصِّرَاطَ فَأَنَّىٰ يُبْصِرُونَ }
{وَلَوْ نَشَآءُ لَطَمَسْنَا عَلَىٰ أَعْيُنِهِمْ..} [66]
أي لو شئنا لأعميناهم في الدنيا عقوبة على عصيان الله جل وعز، ولكنا أخَّرنا عقوبتهم إلى يوم القيامة {فَٱسْتَبَقُواْ ٱلصِّرَاطَ} أي فبادروا الطريق إلى منازلهم في أولِ ما يعمون ليلحقوا بأهليهم.

{ وَلَوْ نَشَآءُ لَمَسَخْنَاهُمْ عَلَىٰ مَكَـانَتِهِمْ فَمَا ٱسْتَطَاعُواْ مُضِيّاً وَلاَ يَرْجِعُونَ }
{وَلَوْ نَشَآءُ لَمَسَخْنَاهُمْ عَلَىٰ مَكَـانَتِهِمْ..} [67]
أي لو نشاء لمسخناهم في الموضع الذي اجترؤوا فيه على معصية الله عز وجل {فَمَا ٱسْتَطَاعُواْ مُضِيّاً} أي فلم يستطيعوا أن يهربوا {وَلاَ يَرْجِعُونَ} إلى أهليهم، وحكى الكسائي: طَمَسَ يَطمِسُ ويَطْمُسُ "وَلَوْ نَشَآءُ لَمَسَخْنَاهُمْ" على مكانتهم يقال: مكانٌ ومكانةٌ ودارٌ ودارةٌ. وحكى ابن الاعرابي أنّ العرب تقول: في جمع مكان أمكنة ومكِنَاتٌ وأنّ منه حديث النبي صلى الله عليه وسلم "أقرّوا الطيرَ على مكناتها". قال أبو جعفر: مَكَنَاتٌ جَمعُ مكِنَةٍ، ومكنة ومكان بمعنى واحد. وقد تكلم الناس في معنى هذا الحديث فقال: بعض الناس لا تنفروها بالليل ولا تصطادوها إلا أن الشافعي رحمه الله فسَّرهُ لسفيان بن عيينة على غير هذا، قال: كانت العرب تزجر الطير في مكناتها إذا أرادوا الحاجة يتفاءلون بها ويتطيَّرون فنهاهم النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال "أقروا الطَّيرَ على مِكناتها" أي لا تزجروها فإِن الأمور تَجرِي على ما قضى الله جل وعز. وقد رُوِيَ عن عبدالله بن سلام غير هذا في تأويل الآية وتأولها على أنها يومَ القيامة. قال: إذ كان يوم القيامة ومُدّ الصراط نادى مناد لِيَقُمْ محمد صلى الله عليه وسلم وأمته فيقومون بَرُّهُمُ وفاجرهم فيتبعونه ليجاوزوا الصراط فإِذا صاروا عليه طمس الله جل وعز أعينَ فُجّارِهِمْ فاستَبقُوا الصراط فمن أين يبصرونه حتى يجاوزوه ثم يُنَادِي ليقم عيسى صلى الله عليه وسلم وأمته فيقومون برهم وفاجرهم فتكون سبيلهم تلك السبيل، وكذلك سائر الأنبياء صلوات الله عليهم.

اعراب آيات سورة ( يس )
{ وَمَن نُّعَمِّرْهُ نُنَكِّـسْهُ فِي ٱلْخَلْقِ أَفَلاَ يَعْقِلُونَ }
{وَمَن نُعَمِّرْهُ نَنْكُـسْهُ فِي ٱلْخَلْقِ..} [68]
قال أبو اسحاق: يُبدَلُ من القوة ضعفاً، ومن الشباب هرماً. وعاصم والأعمش وحمزة يقرءون {نُنكّسْهُ} على التكثير والتخفيف يقع للقليل والكثير [بمعنى واحد].

{ وَمَا عَلَّمْنَاهُ ٱلشِّعْرَ وَمَا يَنبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُّبِينٌ }
{وَمَا عَلَّمْنَاهُ ٱلشِّعْرَ..} [69]
وقد صحّ عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال:
انا النَّبِيُّ لا كَذِبْ * أنا ابنُ عبدِ المُطَّلِبْ
فتكلم العلماء في هذا فقال بعضهم: إنما الرواية بالاعراب فإِن كانت بالاعراب لم تكن شعراً لأنه إذا فتحَ الباء من البيت الأول أو ضمَّها أو نوَّنَها وكَسَرَ الباء من البيت الثاني خرج عن وزن الشعر، وقال بعضهم ليس هذا الوزن من الشعر. قال أبو جعفر: وهذا مكابرة العيان لأن أشعار العرب على هذا قد رواها الخليل وغيره. ومن حسن ما قيل في هذا قول ابي اسحاق: إنّ معنى "وَمَا عَلَّمْنَاهُ ٱلشِّعْرَ" أي وما علَّمناه أن يشعر أي ما جعلناه/ 198أ/ شاعراً، وهذا لا يمنع أن ينشد شيئاً من الشعر، وقد قيل إنما خبر الله عز وجل ما علَّمه الشعر، ولم يخبر أنه لا ينشد شعراً، وهذا ظاهر الكلام. وقد قيل فيه قول بين زعم صاحبه أنه اجماع من أهل اللغة، وذلك أنهم قالوا: كُل من قال قولاً موزوناً لا يقصد به الى شعر فليس بشعر وإِنما وافق الشعر، وهذا قول بيّن. {وَمَا يَنبَغِي لَهُ} قال إبو اسحاق: أي وما يَتَسَهَّلُ له، وتأويله على معنى وما يتسهَّل قول الشعر لا الانشاد {إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ} أي ما الذي أنزلنا إليك {إِلاَّ ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُّبِينٌ}.

{ لِّيُنذِرَ مَن كَانَ حَيّاً وَيَحِقَّ ٱلْقَوْلُ عَلَى ٱلْكَافِرِينَ }
{لِتُنذِرَ مَن كَانَ حَيّاً..} [70]
هذه قراءة أهل المدينة، ومال اليها أبو عبيد، قال: والشاهد لها {إِنّما أنتَ مُنذِرٌ} وقراءة أبي عمرو وأهل الكوفة {لِيُنذِر} يكون معناها لينذر الله جل وعز، أو لينذر القرآن، أو لينذر محمد صلى الله عليه وسلم. وقرأ محمد بن السميفع اليماني "لِيُنذِرَ مَن كَانَ حَيّاً" قال جويبر عن الضحاك: "مَن كَانَ حَيّاً" أي من كان مؤمناً أي لأن المؤمن بمنزلة الحَيّ في قبوله ما ينفعه {وَيَحِقَّ ٱلْقَوْلُ عَلَى ٱلْكَافِرِينَ} أي يحقّ عليهم أن الله جل وعز يعذّبهم وانما يحق عليهم هذا بعد كفرهم. وحكى بعض النحويين: "لننذر مَن كَانَ حَيّاً" أي لتعلم من قولهم: نذرتُ بالقومِ أنذرُ إذا علمتَ بهم فاستعدَدْتَ لهم وحكى: ويحق القول على الكافرين بمعنى يُوجِبُ الحجة عليهم.


اعراب آيات سورة ( يس )
{ أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا خَلَقْنَا لَهُم مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَآ أَنْعاماً فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ }
{أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا خَلَقْنَا لَهُم مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَآ أَنْعاماً فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ} [71]
إن جعلتَ "ما" بمعنى الذي حذفتَ الهاء لطول الاسم، وان جعلتَ "ما" مصدراً لم يحتجْ الى اضمار الهاء. وواحد الأنعام نَعَمٌ والنَّعمُ مُذكَّرٌ.

{ وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ }
{.. فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ..} [72]
روى هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أنها قرأت {فَمِنْهَا رَكُوبتُهُمْ} قال أبو جعفر: حكى النحويون الكوفيون أنّ العرب تقول: امرأة صَبُورٌ وشكُورٌ بغير هاء، ويقولون: شاةٌ حلوبةٌ، وناقةٌ ركوبةٌ لأنهم أرادوا أن يفرقوا بينَ ما كان له الفعل وبينَ ما كان الفعل واقعاً عليه فحذفوا الهاء مما كانَ فاعلاً، وأثبتوها فيما كان مفعولاً، كما قال:
فيها اثنتَانِ وأربعُونَ حَلُوْبَةً * سُوداً كخَافِيَةِ الغُرابِ الاسحَمِ
فيجب على هذا هذا أن يكون "ركُوبَتُهُمُ" فأما أهل البصرة فيقولون: حُذِفَتِ الهاء على النسب والحجة للقول الأول ما رواه الجرمي عن أبي عبيدة قال: الركوبةُ تكون للواحدة والجماعة، والركوبُ لا يكون إلا للجماعة. فعلى هذا يكون على تذكير الجمع. وزعم أبو حاتم أنه لا يجوز "فَمِنْهَا رُكُوبُهُم" بضم الراء لأنه مصدر والرَّكُوب ما يُركَبُ وأجاز الفراء: "فَمِنْهَا رُكُوبُهُمْ" بضم الراء، كما تقول: فمنها أُكُلُهُمْ، ومنها شُرُبُهُمْ.

{ وَلَهُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَمَشَارِبُ أَفَلاَ يَشْكُرُونَ }
{وَلَهُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَمَشَارِبُ} [73]
لم ينصرفا، لأنهما من الجموع التي لا نظير لها في الواحد ولا يُجمَعُ.


اعراب آيات سورة ( يس )
{ وَٱتَّخَذُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ آلِهَةً لَّعَلَّهُمْ يُنصَرُونَ }
{وَٱتَّخَذُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ آلِهَةً لَّعَلَّهُمْ يُنصَرُونَ} [74]
هذه اللغة الفصيحة ومن العرب من يأتي بأن فيقول: لعله أن ينصر.

{ لاَ يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ وَهُمْ لَهُمْ جُندٌ مُّحْضَرُونَ }
{لاَ يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ..} [75]
يعني الآلهة، وجُمِعُوا على جمع الآدميين لأنه أخبر عنهم بخبرهم {وهم} يعني الكفار {لهم} الآلهة {جُندٌ مُّحْضَرُونَ} قال الحسن: يَمنعُونَ منهم ويدفعون عنهم، وقال قتادة: يغضبون لهم.

{ فَلاَ يَحْزُنكَ قَوْلُهُمْ إِنَّا نَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ }
{فَلاَ يَحْزُنكَ قَوْلُهُمْ..} [76]
هذه هي اللغة الفصيحة. ومن العرب من يقول: يُحزِنُكَ {إنّا} بكسر الهمزة فيما بعد القول لأنه مستأنف.


اعراب آيات سورة ( يس )
{ وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَن يُحيِي ٱلْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ }
{.. قَالَ مَن يُحيِي ٱلْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ} [78]
حذفت الضمة من الياء لثقلها، ولا يجوز الادغام لئلا يلتقي ساكنان وكذا {قُلْ يُحْيِيهَا ٱلَّذِيۤ أَنشَأَهَآ أَوَّلَ مَرَّةٍ..} [79].

{ ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُم مِّنَ ٱلشَّجَرِ ٱلأَخْضَرِ نَاراً فَإِذَآ أَنتُم مِّنْه تُوقِدُونَ }
{ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُم مِّنَ ٱلشَّجَرِ ٱلأَخْضَرِ نَار..} [80]
فذكّر الشجر ومن العرب من يقول: الشجرُ الخضراءُ كما قال جل وعز {لآكِلُونَ من شجرٍ من زقّوم. فمالِئُونَ مِنْها البُطُون}.

{ أَوَلَـيْسَ ٱلَذِي خَلَقَ ٱلسَّمَاواتِ وَٱلأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَىٰ أَن يَخْلُقَ مِثْلَهُم بَلَىٰ وَهُوَ ٱلْخَلاَّقُ ٱلْعَلِيمُ }
وحكى أن سلاماً أبا المنذر قرأ {أَوَلَـيْسَ ٱلَذِي خَلَقَ ٱلسَّمَاواتِ وَٱلأَرْضَ يقدرُ عَلَىٰ أَن/ 199 ب/ يَخْلُقَ مِثْلَهُم بَلَىٰ..} [81] أي إنّ خلق السموات والأرض أعظم من خلقهم، فالذي خَلقَ السموات والأرض يقدر على أن يبعثهم.


اعراب آيات سورة ( يس )
{ إِنَّمَآ أَمْرُهُ إِذَآ أَرَادَ شَيْئاً أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ }
وقرأ الكسائي {إِنَّمَآ أَمْرُهُ إِذَآ أَرَادَ شَيْئاً أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ} [82] بالنصب عطفاً على يقول.

{ فَسُبْحَانَ ٱلَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ }
{فَسُبْحَانَ ٱلَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [83]
قال سعيد عن قتادة: "مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ" مفاتح كل شيء. قال أبو جعفر: ملكوتي وملكوتٌ في كلام العرب بمعنى ملك. والعرب تقول: "جَبَرُوتِي خَيرٌ من رَحَمُوتِي".

Tidak ada komentar:

Posting Komentar