Selasa, 29 November 2011

I'rab Surat at Taubah

Agus Subandi,Drs.MBA

اعراب آيات سورة ( التوبة )
{ بَرَآءَةٌ مِّنَ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى ٱلَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِّنَ ٱلْمُشْرِكِينَ }
قوله جل وعز {بَرَآءَةٌ مِّنَ ٱللَّهِ..} [1]
رفع بالابتداء، والخبر {إِلَى ٱلَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِّنَ ٱلْمُشْرِكِينَ}. وحَسُنَ الابتداء بالنكرة لأنها قد وُصِلَتْ، ويجوز أن تَرفَعَ براءة على أنها خبر ابتداء محذوف. يقال: بَرئتُ مِنَ العهدِ والدَّيْنِ والرجُل بَرَاءةً، وبَرأتُ من المَرَضِ أبرؤاً، ولا يُعرَفُ فَعَلتُ أفعَلُ مما لامه همزة إلا هذا ويقال: بَرِئتُ من المرض أَبَرأ بُرْءاً وَبُرُؤاً، وبَريتُ القَلَم وأَبَريْتُ الناقةَ جَعَلتُ في أنفها برة. وهي حَلقةٌ من حديدٍ، فإِن كانت من خَشبٍ فهي خشاش، وإِن كانت من شَعَرٍ فهي خزامة. والوقفُ براءة بالهاء. قال سيبويه: أرادوا أنْ يَفرُقُوا بَيْنَ هذه التاء والتاء التي هي من نفس الحرف نحو تاء ألقَت. قال: وزعم أبو الخطاب أنّ ناساً من العرب يقولون: طَلَحتْ كما فعلوا بتاء الجميع، {مِّنَ ٱللَّهِ} فُتِحَتِ النون لالتقاء الساكنين هذه اللغة الفصيحة، وللنحويين فيها أقوال: قال الكسائي: أصل {مِنْ} مِنَا حذفوا الألف وأبقوا الفتحة، وقيل: كرِهُوا الجمعَ بَيْنَ كسرتين فحركوها في أكثر المواضع بالفتح. قال أبو جعفر: وأحسنُ ما قِيلَ في هذا قول سيبويه قال: لما كثر استعمالهم لها ولم يكن فعلاً وكان الفتح أخف عليهم فتحوا وشبهوها بأين وكيفَ. قال سيبويه: وناس من العرب يكسرون فيقولون: مِن اللهِ على القياس. قال أبو حاتم: زعم هارون أن أبا عمرو بن العلاء قرأ {بَرَآءَةٌ مِّنَ ٱللَّهِ إِلَى ٱلَّذِينَ عَاهَدْتُمْ} وإِنْ شئتَ قُلتَ: عاهَدْتُمو على الأصل والحذف لأن الواو ثقيلة.

{ فَسِيحُواْ فِي ٱلأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي ٱللَّهِ وَأَنَّ ٱللَّهَ مُخْزِي ٱلْكَافِرِينَ }
{فَسِيحُواْ فِي ٱلأَرْضِ..} [2]
قال الكسائي: المصدر سُيُوحاً وسَيَحاناً وسياحةً. قال الفراء: وساح الماء سَيْحاً/ 88 أ/ {أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ} أثبتَ الهاء فَرقاً بين المذكر والمؤنث. قال أبو جعفر: وقد ذكرناه، وذكرنا ما هذه الشهور {وَٱعْلَمُوۤاْ أَنَكُمْ} في موضع نَصبٍ باعلموا وان شئتَ قلت: إنّكُمو كما تقدّمَ غَيرُ مُعجِزِي الله حَذَفت النون للإضافة. ويجوز على قول سيبويه أن تَحذِفَها لالتقاء الساكنين وتنصب.

{ وَأَذَانٌ مِّنَ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى ٱلنَّاسِ يَوْمَ ٱلْحَجِّ ٱلأَكْبَرِ أَنَّ ٱللَّهَ بَرِيۤءٌ مِّنَ ٱلْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ فَإِن تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي ٱللَّهِ وَبَشِّرِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ }
{وَأَذَانٌ مِّنَ ٱللَّهِ..} [3]
عطف على براءة {يَوْمَ ٱلْحَجِّ ٱلأَكْبَرِ} ظرف وقد ذكرنا ما قيل فيه، والحج الأصغر العُمْرة {أَنَّ ٱللَّهَ بَرِيۤءٌ مِّنَ ٱلْمُشْرِكِينَ} في موضع نصب، والتقدير بأن الله ومن قرأ {إنّ ٱللَّهَ} قَدّرَهُ بمعنى قال إِنّ الله، {بَرِيۤءٌ} خبر {وَرَسُولُهُ} عطف على الموضع، وإِنْ شِئتَ على المُضمَرِ كلاهما حَسَنٌ لأنه قد طال الكلام، وقرأ ابن أبي اسحاق وعيسى بن عمر {أَنَّ ٱللَّهَ بَرِيۤءٌ مِّنَ ٱلْمُشْرِكِينَ وَرَسُولَهُ} عطف على اللفظ
اعراب آيات سورة ( التوبة )
{ إِلاَّ ٱلَّذِينَ عَاهَدتُّم مِّنَ ٱلْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنقُصُوكُمْ شَيْئاً وَلَمْ يُظَاهِرُواْ عَلَيْكُمْ أَحَداً فَأَتِمُّوۤاْ إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَىٰ مُدَّتِهِمْ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلْمُتَّقِينَ }
{إِلاَّ ٱلَّذِينَ عَاهَدتُّم مِّنَ ٱلْمُشْرِكِينَ..} [4] في موضع نصب بالاستثناء.

{ فَإِذَا ٱنسَلَخَ ٱلأَشْهُرُ ٱلْحُرُمُ فَٱقْتُلُواْ ٱلْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَٱحْصُرُوهُمْ وَٱقْعُدُواْ لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلَٰوةَ وَءَاتَوُاْ ٱلزَّكَٰوةَ فَخَلُّواْ سَبِيلَهُمْ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }
قال الأخفش التقدير واقعدوا لهم على كل مرصد وحُذِفَتْ "على" قال أبو جعفر: قد حكى سيبويه: ضُرِبَ الظهرَ والبطنَ، بحذف "على" إلاّ أنّ {.. كُلَّ مَرْصَدٍ..} [5] نصبُه على الظرف جَيّدٌ كما تقول: قَعدتُ له كُلَّ مذهبٍ.

{ وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ ٱلْمُشْرِكِينَ ٱسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّىٰ يَسْمَعَ كَلاَمَ ٱللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْلَمُونَ }
{وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ ٱلْمُشْرِكِينَ ٱسْتَجَارَكَ..} [6]
أي من القتل و {أَحَدٌ} مرفوع باضمار فعل كالذي بعده وهذا حَسَنٌ في "إِنْ" وقَبِيح في أخَواتِها، ومَذهب سيبويه في الفرق بَيْنَ إنْ وأخواتها أنها لَمّا كانت أمّ حروف الشرط لأنها لا تكون لغيره خُصّتْ بهذا، وقال محمد بن يزيد: أما قوله لأنها لا تكون في غيره فغلط لأنها تكون بمعنى "ما"، وزائدة، ومخففة من الثقيلة ولكنها مبهمة وليس كذا غيرها وأنشد سيبويه:
لا تَجْزَعي إنْ مُنفِساً أهلكتُهُ * وإِذا هَلَكتُ فَعِنْد ذلِكَ فاجْزَعِي
{ثُمّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ} مفعولان حذف من أحدهما الحرف والجمع مآمن.
اعراب آيات سورة ( التوبة )
{ كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِندَ ٱللَّهِ وَعِندَ رَسُولِهِ إِلاَّ ٱلَّذِينَ عَاهَدْتُمْ عِندَ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ فَمَا ٱسْتَقَامُواْ لَكُمْ فَٱسْتَقِيمُواْ لَهُمْ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلْمُتَّقِينَ }
{كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ..} [7]
اسم يكون {إِلاَّ ٱلَّذِينَ عَاهَدْتُمْ} استثناء. قال محمد بن اسحاق: هم بنو بكر.

{ كَيْفَ وَإِن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لاَ يَرْقُبُواْ فِيكُمْ إِلاًّ وَلاَ ذِمَّةً يُرْضُونَكُم بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَىٰ قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ }
{كَيْفَ وَإِن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ..} [8]
قال الأخفش سعيد: أضمر، أي كيف لا تقتلونهم والله أعلم، وقال أبو اسحاق: المعنى كيف يكون لهم عَهدٌ ثم حذف كما قال:
وخَبَّرتُمَاني أنّما المَوْتُ بالقُرَى * فكيْفَ وهذا هَضْبَةٌ وكَثِيبُ
قال: التقدير وكيف مات {لاَ يَرْقُبُواْ فِيكُمْ إِلاًّ وَلاَ ذِمَّةً} وبَعدَهُ {لاَ يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلاًّ وَلاَ ذِمَّةً..} [10] وليس هذا تكريراً ولكن الأول لجميع المشركين والثاني لليهود خاصة، والدليل على هذا قوله {اشتروا بآيات اللهِ ثَمَناً قليلاً} يعني اليهود باعوا حجج الله جل وعز وبيانه بطلب الرئاسة وطمع في شيء وجَمعُ إِلٍ آلالٌ في القليل، والكثير ألالٌ، وذمّة وذِمَمٌ.

{ فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلَٰوةَ وَءَاتَوُاْ ٱلزَّكَٰوةَ فَإِخْوَٰنُكُمْ فِي ٱلدِّينِ وَنُفَصِّلُ ٱلأيَـٰتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ}
{.. فَإِخْوَانُكُمْ فِي ٱلدِّينِ..} [11]
أي فهم اخوانكم.
اعراب آيات سورة ( التوبة )
{ وَإِن نَّكَثُوۤاْ أَيْمَانَهُم مِّن بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُواْ فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوۤاْ أَئِمَّةَ ٱلْكُفْرِ إِنَّهُمْ لاَ أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنتَهُونَ }
{.. فَقَاتِلُوۤاْ أَئِمَّةَ ٱلْكُفْرِ..} [12]
جمع امام، والأصل أأمِمَةٌ كمثال وأمثلة ثم أُدغِمَتِ الميم في الميم، وقلبت الحركة على الهمزة فاجتمعت همزتان فأبدلَتْ من الثانية ياء، وزعم الأخفش أنّك تقول: هذا أيَمُّ من هذا بالياء. قال المازني: أوَمّ بالواو. وقرأ حمزة {فَقَاتِلُوۤاْ أاِمّةَ ٱلْكُفْرِ}. فأكثر النحويين يذهب إلى أنّ هذا لحنٌ لا يجوز لأنه جمع بين همزتين في كلمة واحدة، وزعم أبو اسحاق أنه جائز على بعد، قال: لأنه قد وقَعَ في الكلمة عِلّتان الادغام والتضعيف فلمّا أُلقِيَتْ حركة الميم على الهمزة تركت الهمزة لتدلّ بحركتها على ذلك.

{ أَلاَ تُقَاتِلُونَ قَوْماً نَّكَثُوۤاْ أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّواْ بِإِخْرَاجِ ٱلرَّسُولِ وَهُم بَدَءُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَٱللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَوْهُ إِن كُنتُمْ مُّؤُمِنِينَ }
{أَلاَ تُقَاتِلُونَ..} [13] توبيخ وفيه معنى التحضيض.

{ قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ ٱللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ * وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ ٱللَّهُ عَلَىٰ مَن يَشَآءُ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ }
{قَاتِلُوهُمْ..} [14]، [15]
أمر {يُعَذِّبْهُمُ ٱللَّهُ} جوابه وهو جزم بمعنى المجازاة، والتقدير إنْ تقاتلوهم يُعَذّبُهُم اللهُ {بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ}. {وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ..} [15] كُلّهُ عطف، ويجوز فيه كله الرفع على القطع من الأول ويجوز النصب على اضمار أن وهو محمول على المعنى، والكوفيون يقولون على الصرف كما قال:
فَإِن يَهْلِكْ أبُو قَابُوسَ يَهْلِكْ * رَبِيعُ النّاسِ وَالشّهْرُ الحَرَامُ
ونأخُذْ بَعْدَهُ بِذِنَابِ عَيشٍ * أَجَبَّ الظهرِ لَيْسَ لَهُ سَنَامُ
وإن شئتَ رَفَعتَ ونأخذ وإِن شئتَ/ 88 ب/ نَصبتَهُ. {وَيَتُوبُ ٱللَّهُ عَلَىٰ مَن يَشَآءُ} القراءة بالرفع لأنه ليس من جنس الأول لأن القتال غير موجب لهم التوبة من الله جل وعز وهو موجب لهم العذاب والخزي وشفاء صدور المؤمنين وذهاب غيظ قلوبهم، ونظيره {فإِن يَشَأْ اللهُ يَختِمْ على قلبك} تم الكلام ثم قال {ويمحو الله الباطل} وقرأ ابن أبي اسحاق {ويَتُوبَ ٱللَّه} بالنصب وكذا روي عن عيسى والأعرج: {وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} ابتداء وخبر.
اعراب آيات سورة ( التوبة )
{ أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تُتْرَكُواْ وَلَمَّا يَعْلَمِ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَلاَ رَسُولِهِ وَلاَ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً وَٱللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ }
{أَمْ حَسِبْتُمْ..} [16]
خروج من شيء إلى شيء {أَنْ تُتْرَكُواْ} في موضع المفعولين على قول سيبويه، وعند أبي العباس أنه قد حذف الثاني، {وَلَمَّا يَعْلَمِ ٱللَّهُ} جزم بِلَمّا وإِنْ كانَتْ "ما" زائدة فإنّها عند سيبويه تكون جواباً لقولك قد فعلت وكُسِرَتِ الميم لالتقاء الساكنين. قال الفراء {وَلِيجَةً} بطانة من المشركين يَتّخذونَهُمْ ويفشون إليهم أسرارَهُمْ وَيَعلِمُونَهُمْ أُمورَهُمْ.

{مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَن يَعْمُرُواْ مَسَٰجِدَ ٱللهِ شَٰهِدِينَ عَلَىٰ أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَٰلُهُمْ وَفِي ٱلنَّارِ هُمْ خَٰلِدُونَ }
{.. أَن يَعْمُرُواْ مَسَاجِدَ الله..} [17]
اسم كان {شَاهِدِينَ} على الحال {أُوْلَئِكَ} ابتداء {حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ} الخبر.

{إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَٰجِدَ ٱللَّهِ مَنْ ءَامَنَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ وَأَقَامَ ٱلصَّلَٰوةَ وَءَاتَىٰ ٱلزَّكَٰوةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ ٱللَّهَ فَعَسَىٰ أُوْلَـٰئِكَ أَن يَكُونُواْ مِنَ ٱلْمُهْتَدِينَ }
{إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ ٱللَّهِ ..} [18]
{ما} كافة والفعل مُتَقدِّمٌ لأنه لمن {وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ ٱللَّهَ} حُذِفَتْ الألف للجزم. قال سيبويه: واعلَمْ أنّ الآخِرَ إذا كان يَسكنَ في الرفع حُذِفَ في الجزم لئلاّ يكونَ الجزم بمنزلة الرفع {فَعَسَىٰ أُوْلَـٰئِكَ أَن يَكُونُواْ مِنَ ٱلْمُهْتَدِينَ} وعَسَى من الله جل وعز واجبه.
اعراب آيات سورة ( التوبة )
{ أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ ٱلْحَاجِّ وَعِمَارَةَ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ لاَ يَسْتَوُونَ عِندَ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلظَّالِمِينَ }
{أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ ٱلْحَاجِّ..} [19]
التقدير في العربية أَجَعَلتُمْ أصحابَ سقايةِ الحاجّ وقيل: التقدير كإِيمانِ مَنْ آمَنَ باللهِ وجُعِلَ الاسمُ موضع المصدر إذ عُلِمَ معناه مثل إِنّما السخاءُ حاتمٌ وإِنّما الشعرُ زُهَيرٌ. {وَعِمَارَةَ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ} مثل {وَسْئَلِ القريَةَ} وقرأ أبو وجزة {أَجَعَلتُمْ سُقَاةَ ٱلحَاجِّ وعَمَرةَ ٱلمَسجِدِ ٱلحَرَامِ} سُقَاة جمعُ سَاقٍ والأصلُ فيه سُقَيَةٌ على فُعَلَة كَذا الجَمعُ المعتلّ من هذا نحو قاضٍ وَقُضَاةٍ وَنَاسٍ ونُسَاةٍ فإِن لم يكن معتلاً جُمِعَ على فَعَلَةٍ نحو نَاسِىءٍ ونَسَأَةٍ للذين كانوا يَنْسَئُونَ الشهور.

{ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِندَ ٱللَّهِ وَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْفَائِزُونَ }
{ٱلَّذِينَ آمَنُواْ..} [20]
في موضع رفع بالابتداء، وخبره {أَعْظَمُ دَرَجَةً عِندَ ٱللَّهِ} و {دَرَجَةً} على البيان.

{ خَالِدِينَ فِيهَآ أَبَداً إِنَّ ٱللَّهَ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ }
{خَالِدِينَ..} [22] نصب على الحال.
اعراب آيات سورة ( التوبة )
{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُوۤاْ آبَآءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَآءَ إِنِ ٱسْتَحَبُّواْ ٱلْكُفْرَ عَلَى ٱلإِيمَانِ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ مِّنكُمْ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلظَّالِمُونَ }
{يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُوۤاْ آبَآءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَآءَ..} [23]
مفعولان {إِنِ ٱسْتَحَبُّواْ ٱلْكُفْرَ عَلَى ٱلإِيمَانِ} أي لا تطيعوهم ولا تَخْتَصّوهُمْ.

{ قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ ٱقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَآ أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِّنَ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُواْ حَتَّىٰ يَأْتِيَ ٱللَّهُ بِأَمْرِهِ وَٱللَّهُ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلْفَاسِقِينَ }
{قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ..} [24]
اسم "كان" وما بعده معطوف عليه {أَحَبَّ إِلَيْكُمْ} خبر كان ويجوز في غير القرآن رفع "أَحَبُّ" على الابتداء والخبر واسم كان مضمر فيها، وأنشد سيبويه:
إذا مُتُّ كانَ النّاسُ صِنفَانِ شَامِتٌ * وَآخَرُ مُثْنٍ بالذِي كُنْتُ أصنَعُ
وأنشد:
هِيَ الشِّفَاءُ لِدَائِي لو ظَفرتُ بِهَا * ولَيْسَ مِنْهَا شِفَاءُ الداءِ مَبْذُولُ

{ لَقَدْ نَصَرَكُمُ ٱللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئاً وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ ٱلأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ }
{لَقَدْ نَصَرَكُمُ ٱللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ..} [25]
قال الفراء: لم ينصرف مواطنُ لأنه جمع ليس لها نظير في المفرد وليس لها جماع إلاّ أن الشاعر ربما اضطرّ فجمع وليس يوجد في الكلام ما يجوز في الشعر، وأنشد:
* فَهُنّ يَعْلُكْنَ حَدَائِداتِها *
قال أبو جعفر: رأيتُ أبا اسحاق يتعجّبُ من هذا قال: أخذ قول الخليل رحمه الله وأخطأ فيه لأن الخليل يقول لم ينصرف لأنه جمع لا نظير له في الواحد ولا يجمع جمع التكسير فأما بالألف والتاء فلا يمتنع.
{وَيَوْمَ حُنَيْنٍ} ظرف أي ونصركم يوم حنين. وانصرف حنين لأنه مذكر اسم واد ومن العرب من لا يجريه يجعله اسماً للبقعة، {فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ} حذِفَتِ الياء للجزم.
اعراب آيات سورة ( التوبة )
{ ثُمَّ أَنَزلَ ٱللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ وَعَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ وَأَنزَلَ جُنُوداً لَّمْ تَرَوْهَا وَعذَّبَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَذٰلِكَ جَزَآءُ ٱلْكَافِرِينَ }
{ثُمَّ أَنَزلَ ٱللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ وَعَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ..} [26]
أي أنزل عليهم ما يُسَكّنُهُمْ ويُذهِبُ خوفهم حتى اجترؤا على قتال المشركين، {وَأَنزَلَ جُنُوداً لَّمْ تَرَوْهَا} وهم الملائكة يُقَوّونَ المؤمنينَ بما يُلقُونَ في قلوبهم من الخواطر والتثبيت ويُضعِفُونَ الكافرين بالتجبين لهم من حيث لا يرونهم ومن غير قتال لأن الملائكة صلوات الله عليهم لم تقاتل إلا في يوم بدر.

{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِنَّمَا ٱلْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلاَ يَقْرَبُواْ ٱلْمَسْجِدَ ٱلْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَـٰذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ ٱللَّهُ مِن فَضْلِهِ إِن شَآءَ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ }
{.. إِنَّمَا ٱلْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ..} [28]
ابتداء وخبر {فَلاَ يَقْرَبُواْ} نهي فلذلك حذفت منه النون.

{ وَقَالَتِ ٱلْيَهُودُ عُزَيْرٌ ٱبْنُ ٱللَّهِ وَقَالَتْ ٱلنَّصَارَى ٱلْمَسِيحُ ٱبْنُ ٱللَّهِ ذٰلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَبْلُ قَاتَلَهُمُ ٱللَّهُ أَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ }
{وَقَالَتِ/ 89 أ/ ٱلْيَهُودُ عُزَيْرٌ ٱبْنُ ٱللَّهِ..} [30]
للنحويين في هذا أقوال: فمن أحسنها أنه مرفوع على اضمار مبتدأ والتقدير صاحبنا عُزَيرٌ، وأنشد الأخفش:
لَعَمْرُكَ ما أدرِي وإِنْ كُنتَ دَارِياً * شُعَيبُ بنُ سَهْمٍ أمْ شُعَيْبُ بنُ مِنْقَرِ
ويجوز أن يكون {عُزَيْرٌ} رفع بالابتداء و{ٱبْنُ} خبره، ويحذف التنوين لالتقاء الساكنين أجاز سيبويه مثل هذا بعينه، وقول ثالث لأبي حاتم قال: لو قال قائل إنّ عزيراً اسم عجمي فلذلك حذفت منه التنوين. قال أبو جعفر: هذا القول غلط لأن عزيراً اسم عربيّ مشتق قال الله جل وعز {وتعزِّرُورهُ وتُوَقّرُوهُ} ولو كان عَجَمياً لانصرف لأنه على ثلاثة أحرف في الأصل ثم زِيدَتْ عليه ياء التصغير، وقد قرأ القراء من الأئمة في القراءة واللغة {عُزَيرٌ} منوناً. قرأ ابن أبي اسحاق وعيسى بن عمر وأبان بن تغلب وعاصم والكسائي "وَقَالَتِ ٱلْيَهُودُ عُزَيْرٌ ٱبْنُ ٱللَّهِ" وهذا بَيّنٌ على الابتداء والخبر وكذا {وَقَالَتْ ٱلنَّصَارَى ٱلْمَسِيحُ ٱبْنُ ٱللَّهِ} وكذا {ذٰلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ}، وقرأ عاصم وطلحة {يُضَاهِئُونَ قَوْلَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ} وجعل الهمزة من الأصل وقَدّر ضَهْيَئاً فَعْيَلاً. وَتَرك الهمز أجود لأنه لا نعلم أحداً من أهل اللغة حكى انّ في الكلام فَعَيلاً وإِذا لم يهمز قَدّرَ ظَهْيَاءَ فَعْلاء، الهمزة زائدة كما زيدت في شأملٍ وغرْقىءٍ إلا أنه يجوز أن يكون فَعْيلاً لا نظير له كما أن كَنَهْبُلاً فَنَعْلُلٌ لا نَظِير له كما أن قَرَنْفُلاً فَعَنْلُلٌ لا نَظِيرَ له.
اعراب آيات سورة ( التوبة )
{ ٱتَّخَذُوۤاْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ ٱللَّهِ وَٱلْمَسِيحَ ٱبْنَ مَرْيَمَ وَمَآ أُمِرُوۤاْ إِلاَّ لِيَعْبُدُوۤاْ إِلَـٰهاً وَاحِداً لاَّ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ }
{ٱتَّخَذُوۤاْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ ٱللَّهِ..} [31]
مفعولان {وَٱلْمَسِيحَ ٱبْنَ مَرْيَمَ} منصوب على إِضمار فعل ويجوز أن يكون عطفاً.

{ يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئُواْ نُورَ ٱللَّهِ بِأَفْوَٰهِهِمْ وَيَأْبَىٰ ٱللَّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ ٱلْكَٰفِرُونَ }
{يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئُواْ نُورَ ٱللَّهِ..} [32]
جعل البراهين بمنزلة النور لما فيها من البيان {بِأَفْوَاهِهِمْ} جمع فُوهٍ على الأصل لأن الأصل في فم فوه مثل حوضٍ وأحواض، {وَيَأْبَىٰ ٱللَّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ} يقال: كيف دخلت إِلاّ وليس في الكلام حرف نفي؟ ولا يجوز ضربتُ إِلاّ زيداً فزعم الفراء أن "إِلاّ" إنما دخلت لأن في الكلام طرفاً من الجحد، قال أبو اسحاق: الجحد والتحقيق ليسا بذوي أطراف وأدوات الجَحْدِ "ما ولا ولم ولن وليس" وهذه لا أطراف لها يُنطَقُ بها، ولو كان الأمر كما أراد لجاز كَرِهتُ إِلا زيداً ولكن الجواب أنّ العرب تحذف مع "أبَى" والتقدير ويأبَى الله كلَّ شيءٍ إِلاّ أن يُتِمّ نوره. قال علي بن سليمان: إِنما أجاز هذا في يأبى لأنها منع أو امتناع فَضَارَعَتِ النَفْيَ. قال أبو جعفر: وهذا قول حَسَنٌ كما قال:
وَهَل لِيَ أُمٌّ غَيْرُهَا ان تَرَكْتُهَا * أَبَى الله إِلاّ أنْ أكُونَ لَهَا ابنما

{ هُوَ ٱلَّذِيۤ أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِٱلْهُدَىٰ وَدِينِ ٱلْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى ٱلدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ ٱلْمُشْرِكُونَ }
{.. لِيُظْهِرَهُ..} [33]
لام كي أي ليظهره بالحجة والبراهين وقد أظهره.
اعراب آيات سورة ( التوبة )
{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّ كَثِيراً مِّنَ ٱلأَحْبَارِ وَٱلرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ ٱلنَّاسِ بِٱلْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ وَٱلَّذِينَ يَكْنِزُونَ ٱلذَّهَبَ وَٱلْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ }
{.. إِنَّ كَثِيراً مِّنَ ٱلأَحْبَارِ وَٱلرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ ٱلنَّاسِ..} [34]
دخَلتِ اللامَ على يَفْعَلُ ولا تدخل على فَعَلَ بِمُضَارعةِ يَفْعَلُ الأسماء {وَٱلَّذِينَ يَكْنِزُونَ ٱلذَّهَبَ وَٱلْفِضَّةَ} رفع بالابتداء ويجوز أن يكون معطوفاً على ما في يأكلون أي ويأكلها الذين يكنزون الذهب والقضة {وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ} ولم يَقُلْ ينفقونهما ففيه أربعة أقوال يكون التقدير ولا ينفقون الكنوز، ويكون ولا ينفقون الأموال، ويكون ولا ينفقون الفضة وَحُذِفَ من الأول لدلالة الثاني عليه وأنشد سيبويه:
نَحنُ بِمَا عِندَنَا وأنتَ بما عِنْـ * ـدَكَ راضٍ والرأيُ مُختَلِفُ
والتقدير الرابع أن يكون ينفقونها للذهب والثاني معطوفاً عليه. {فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} في موضع خبر الابتداء أي اجعل لهم موضِعَ البشارة عذاباً أليماً.

{ يَوْمَ يُحْمَىٰ عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَىٰ بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَـٰذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُواْ مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ }
{يَوْمَ..} [35]
ظرف والتقدير يُعذَّبُونَ {يَوْمَ يُحْمَىٰ عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ} {فَتُكْوَىٰ بِهَا جِبَاهُهُمْ} اسم ما لم يُسمّ فاعله {وَجُنوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ} عطف {هَـٰذَا مَا كَنَزْتُمْ} أي يقال لهم.

{ إِنَّ عِدَّةَ ٱلشُّهُورِ عِندَ ٱللَّهِ ٱثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ ٱللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ مِنْهَآ أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذٰلِكَ ٱلدِّينُ ٱلْقَيِّمُ فَلاَ تَظْلِمُواْ فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقَاتِلُواْ ٱلْمُشْرِكِينَ كَآفَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَآفَّةً وَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلْمُتَّقِينَ }
{إِنَّ عِدَّةَ ٱلشُّهُورِ عِندَ ٱللَّهِ ٱثْنَا عَشَرَ شَهْراً..} [36]
اسم "إنّ" وخبرها وأعربت {ٱثْنَا عَشَرَ} دون نظائرها لأن فيها حرف الاعراب أو دليله، {ذٰلِكَ ٱلدِّينُ ٱلْقَيِّمُ}/ 89 ب/ ابتداء وخبر وَرُوِيَ عن علي ابن أبي طلحة عن ابن عباس "ذٰلِكَ ٱلدِّينُ" أي ذلك القضاء، {فَلاَ تَظْلِمُواْ فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ} الأكثر أن يكون هذا للأربعة لأن أكثر ما تستَعْمِلُ العربُ فيما جاوز العَشَرَة فيها ومنها. {وَقَاتِلُواْ ٱلْمُشْرِكِينَ كَآفَّةً} مصدر في موضع الحال، قال أبو اسحاق: مثل هذا من المصادر عافاه الله عافيةً، وعاقَبَه عاقبةً لا يُثَنَّى ولا يجمع وكذا عَامّةً وخاصّةً. قال: ومعنى كافةً معنى مُحِيطينَ بهم مُشتَقّ من كُفّةِ الشيء وهي حَرفُهُ لأنك إِذا بَلَغتَ إليه كَفَفْتَ عن الزيادة.
اعراب آيات سورة ( التوبة )
{ إِنَّمَا ٱلنَّسِيۤءُ زِيَادَةٌ فِي ٱلْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يُحِلُّونَهُ عَاماً وَيُحَرِّمُونَهُ عَاماً لِّيُوَاطِئُواْ عِدَّةَ مَا حَرَّمَ ٱللَّهُ فَيُحِلُّواْ مَا حَرَّمَ ٱللَّهُ زُيِّنَ لَهُمْ سُوۤءُ أَعْمَالِهِمْ وَٱللَّهُ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلْكَافِرِينَ }
{إِنَّمَا ٱلنَّسِيۤءُ زِيَادَةٌ فِي ٱلْكُفْرِ..} [37]
هكذا يقرأ أكثر الأئمة ولم يرو أحد عن نافع عَلِمنَاهُ {إِنَّمَا ٱلنَّسِيُ} بلا همز الا ورْشٌ وحده، وهو مُشتَقٌّ من نَسَأَهُ وأَنسَأَهُ إِذا أخره. حكى اللغتين الكسائي، فَنَسِىءٌ بمعنى مَنْسُؤ أو مُنْسأ. قال أبو عبيد: وقرأها ابن كثير بغير مدّ ولا همز قال أبو حاتم: قرأها ابن كثير باسكان السين. قال أبو جعفر: المعروف عن قراءة ابن كثير "إِنَّمَا ٱلنَّسِيۤءُ زِيَادَةٌ فِي ٱلْكُفْرِ" على فَعِيلٍ. قرأ أهل الحرمين وأبو عمرو {يَضِلُّ بِهِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ} وقرأ الكوفيون {يُضَلُّ بِهِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ} وقرأ الحسن وأبو رجاء {يُضِلُّ بِهِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ} بضم الياء وكسر الضاد. والقراءات الثلاث كل واحدة منها تؤدي عن معنى. وقال النبي صلى الله عليه وسلم "أُوتِيتُ جوامعَ الكِلمِ" فَيضِلّ به الذين كفروا، إِلاّ أنهم يَحسبُونَهُ فَيَضِلّونَ بِهِ، ويُضَلّ به الذين كفروا بمعنى المَحسُوبِ لهم، "ويُضِلُّ بِهِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ" وقد حُذِفَ منه المفعول أي يضل به الذين كفروا من يَقبَلُ منهم. {لِّيُوَاطِئُواْ} نصب بلام كي {فَيُحِلُّواْ} عطف عليه.

{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ ٱنفِرُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ ٱثَّاقَلْتُمْ إِلَى ٱلأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا مِنَ ٱلآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا فِي ٱلآخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ }
{.. مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ ٱنفِرُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ ٱثَّاقَلْتُمْ إِلَى ٱلأَرْضِ..} [38]
الأصل تَثَاقَلتُمْ أُدغِمَتِ التاء في الثاء لقربها منها فاحتجت الى ألف الوصل لِتصل إلى النطق بالساكن، والمعنى اثّاقَلْتُمْ الى نَعيم الأرضِ والى الإقامة بالأرض، والتقدير أرضيتم بنعيم الدنيا من نعيم الآخرة. {فَمَا مَتَاعُ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا فِي ٱلآخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ} ابتداء وخبر.

{ إِلاَّ تَنفِرُواْ يُعَذِّبْكُمْ عَذَاباً أَلِيماً وَيَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ وَلاَ تَضُرُّوهُ شَيْئاً وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }
{إِلاَّ تَنفِرُواْ..} [39]
شرط فلذلك حُذِفَتْ منه النون والجواب {يُعَذِّبْكُمْ} {وَيَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ وَلاَ تَضُرُّوهُ شَيْئاً} عطف {وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} ابتداء وخبر.
اعراب آيات سورة ( التوبة )
{ إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ ٱللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ ٱثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي ٱلْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ ٱللَّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ ٱللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلسُّفْلَىٰ وَكَلِمَةُ ٱللَّهِ هِيَ ٱلْعُلْيَا وَٱللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ }
{إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ ٱللَّهُ..} [40]
شرط ومجازاة {إِذْ أَخْرَجَهُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ} ظرف {ثَانِيَ ٱثْنَيْنِ} نصب على الحال أي أخرجوه منفرداً من جميع الناس إِلا من أبي بكر رضي الله عنه أي أحد اثنين. قال علي بن سليمان: التقدير فخرج ثاني اثنين مثل {والله أنبتَكُم من الأرضِ نباتاً}. {إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ ٱللَّهَ مَعَنَا} فأشاد جل وعز بذكر أبي بكر رضي الله عنه، ورفع قدره بخروجه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وَبَذْلِهِ نَفْسَهُ ولو أرادَ أن يهاجر آمناً لَفَعَلَ وقوله {لاَ تَحْزَنْ} فيه معنى آمنهِ كما قال {لا تَخفْ إنكَ أنت الأعلى} وقال في قصة لوطٍ عليه السلام {لا تَخفْ ولا تَحزَنْ} وفي قصة إبراهيم صلى الله عليه وسلم {لا تَخفْ} وقال {إِنَّ ٱللَّهَ مَعَنَا} أي ينصرنا ويمنع منا فأوجب لأبي بكر رضي الله عنه بهذا التُقَى والإحسان كما قال جل وعز {إِنّ الله مَع الذينَ اتقَوا والذِينَ هم مُحسِنُونَ}. {فَأَنزَلَ ٱللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ} القول عند أكثر أهل التفسير وأهل اللغة أن المعنى فأنزل الله سكينته على أبي بكر لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد علِمَ أنه معصوم والله جل وعز أمرَهُ بالخروج وأنه ينجيه والدليل على هذا أنه قال لأبي بكر {لاَ تَحْزَنْ إِنَّ ٱللَّهَ مَعَنَا} فسكن أبو بكر رضي الله عنه قال الله جل وعز فأنزل الله سكينته عليه ومعنى الفاء في العربية أن يكون الثاني يتبع الأول، فكما قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم لا تَحزَنْ إِنّ الله معنا سَكَنَ واطمأن، وليس هذا مثل {فأَنزل الله سَكِينَتَهُ على رسوله وعلى/90 أ/ المؤمنين} لأن هذا في يوم حنين لَمّا اضطرب المسلمون خاف النبي صلى الله عليه وسلم وقد عَلِمَ أنه في نفسه معصوم، فَلَمّا أيّد الله المؤمنين ورجعوا سَكَنَ النبي صلى الله عليه وسلم لذلك وزال خَوفهُ الذي لَحِقَهُ على المؤمنين، {وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا} الهاء تعود على النبي صلى الله عليه وسلم فالضميران مختلفان، وهذا كثير في القرآن وفي كلام العرب قال الله جل وعز {أرأَيتَ إِنْ كانَ على الهُدَى أو أَمَرَ بالتقوَى أرأَيتَ إِن كَذّبَ وتَولَّى} ثم قال {ألم يَعْلَمْ بأنّ اللهَ يَرَى}. {وَجَعَلَ كَلِمَةَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلسُّفْلَىٰ} أي وَصَفَهَا بهذا، {وَكَلِمَةُ ٱللَّهِ} ابتداء {هِيَ ٱلْعُلْيَا} ابتداء وخبر، والابتداء والخبر خبر الأول، ويجوز أن يكون "العُلْيَا" الخبر، و "هي" فاصلة، وقرأ الحسن ويعقوب {وَكَلِمَةَ ٱللَّه} بالنصب عطفاً على الأول، وزعم الفراء أنّ هذا بعيد. قال: لأنك تقول: أعتَقَ فُلانٌ غُلامَ أبيهِ ولا تقول: غلام أبي فلان، وقال أبو حاتم نحواً من هذا، قال: كأَن يكون وَكلِمَتَهُ هي العليا. قال أبو جعفر: الذي ذكره الفقراء لا يشبه الآية ولكن يشبهها ما أنشده سيبويه:
لا أَرَى المَوْتَ يَسبِقُ الموتَ شَيءٌ * نَغّص المَوْتُ ذَا الغِنَى والفَقِيرا
وهذا جيد حَسَنٌ لأنه لا إِشكال فيه بل يقول النحويون الحذّاق: إِنّ في إِعادة الذِّكْرِ في مثل هذا فائدةً وهي أنّ فيه معنى التعظيم. قال الله جل وعز {إِذا زلزِلَتِ الأرضُ زِلزَالَهَا وأَخرَجَتِ الأرضُ أَثقَالَهَا} فهذا لا إشكال فيه. {وَٱللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} ابتداء وخبر.

{ ٱنْفِرُواْ خِفَافاً وَثِقَالاً وَجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ ذٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ }
{ٱنْفِرُواْ..} [41]
حكى الأخفش "ٱنْفُرُواْ"، {خِفَافاً وَثِقَالاً} نَصْبٌ على الحال، وفيه قولان: أحَدُهُما أنه منسوخ بقوله {فَلَولا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرقَةٍ منهم طَائِفَةٌ}، والآخر أنه غير منسوخ لأن الجهاد فرضٌ إِلاّ أنّ بعضَ المسلمين يَحمِلُهُ عن بَعضٍ فإِذا وَقَعَ الاضطرار وَجَبَ الجهاد على كُلّ أحدٍ.

{ لَوْ كَانَ عَرَضاً قَرِيباً وَسَفَراً قَاصِداً لاَّتَّبَعُوكَ وَلَـٰكِن بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ ٱلشُّقَّةُ وَسَيَحْلِفُونَ بِٱللَّهِ لَوِ ٱسْتَطَعْنَا لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ }
{لَوْ كَانَ عَرَضاً قَرِيباً..} [42]
خبر كان {وَسَفَراً قَاصِداً} عطف عليه {لاَّتَّبَعُوكَ} وهذه الكناية للمنافقين لأنهم داخلون فيمن خُوطِبَ بالنفير. وهذا موجود في كلام العرب يذكرون الجملة ثم يأتون بالاضمار عائداً على بعضها كما قيل في قول الله جل وعز {وإِنْ مِنْكُم إِلاّ وارِدُهَا} إِنها القيامة ثم قال جل وعز: {ثم ننجي الذين اتّقَوا ونَذَرُ الظالِمينَ فيها جثِيّاً} يعني جل وعز جَهَنّمَ. حكى أبو عُبَيْدَةَ: إِنّ {ٱلشُّقَّةُ} السفر، وحكى الكسائي: إِنه يقال: شُقَّةٌ وشِقّةٌ.
اعراب آيات سورة ( التوبة )
{ عَفَا ٱللَّهُ عَنكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكَ ٱلَّذِينَ صَدَقُواْ وَتَعْلَمَ ٱلْكَاذِبِينَ }
{عَفَا ٱللَّهُ عَنكَ..} [43]
في معناه قولان: أحدهما أنه افتتاح الكلام كما تقول: أصلحك الله كان كذا وكذا، والقول الآخر وهو أولَى لأن المعنى عفا الله عنك ما كان من ذنبك في أنْ أَذِنتَ لهم ويَدُلّ على هذا {لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ} لأنه لا يقال: لِمَ فَعَلتَ ما أَمرتُكَ بِهِ؟ والأصل "لِمَا" حُذِفَتِ الألف فرقاً بَيْنَ الاستفهام والخبر وانّ "ما" قد اتّصلَتْ باللام ولا يُوقَفُ عليها إلاّ بالهاء لِمَهْ.

{ لاَ يَسْتَأْذِنُكَ ٱلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ أَن يُجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ بِٱلْمُتَّقِينَ * إِنَّمَا يَسْتَأْذِنُكَ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ وَٱرْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ }
{لاَ يَسْتَأْذِنُكَ ٱلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ أَن يُجَاهِدُواْ..} [44]
في موضع نصب. قال أبو اسحاق: التقدير في أن يُجَاهِدُوا، وقال غيره: هذا غلط وإنما المعنى ضدّ هذا ولَكِنِ التقديرُ {إِنَّمَا يَسْتَأْذِنُكَ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ..} [45] في التَّخَلّفِ لِئلاّ يجاهدوا، وحقيقته في العربية كراهَةَ أن لا يجاهدوا كما قال جل وعز {يُبَيِّنُ الله لكُمْ أَنْ تَضِلّوا}.

{ وَلَوْ أَرَادُواْ ٱلْخُرُوجَ لأَعَدُّواْ لَهُ عُدَّةً وَلَـٰكِن كَرِهَ ٱللَّهُ ٱنبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ ٱقْعُدُواْ مَعَ ٱلْقَاعِدِينَ }
{.. وَلَـٰكِن كَرِهَ ٱللَّهُ ٱنبِعَاثَهُمْ..} [46]
لأنهم قالوا إن لم يُؤْذَنْ لنا في الجلوس أفسَدْنَا وَحَرّضنَا علىالمسلمين ويدلّ على هذا أن بعده {لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلاّ خبالاً}، {فَثَبَّطَهُمْ} الله جل وعز {وَقِيلَ ٱقْعُدُواْ مَعَ ٱلْقَاعِدِينَ} يكون التقدير قال لهم النبي صلى الله عليه وسلم ويكون هذا هو الإذنُ الذي تَقَدَّمَ ذِكرُهُ وقيل: المعنى وقال لهم أصحابُهُمْ هذا.
اعراب آيات سورة ( التوبة )
{ لَوْ خَرَجُواْ فِيكُم مَّا زَادُوكُمْ إِلاَّ خَبَالاً ولأَوْضَعُواْ خِلاَلَكُمْ يَبْغُونَكُمُ ٱلْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ بِٱلظَّالِمِينَ }
{.. يَبْغُونَكُمُ ٱلْفِتْنَةَ..} [47]
مفعول ثان، والمعنى يطلبون لكم الفتنة أي الافساد والتحريض، ويقال: بَغَيتُهُ كذا أي أعَنتُهُ على طلبه وبغيته كذا طلبته له.

{ لَقَدِ ٱبْتَغَوُاْ ٱلْفِتْنَةَ مِن قَبْلُ وَقَلَّبُواْ لَكَ ٱلأُمُورَ حَتَّىٰ جَآءَ ٱلْحَقُّ وَظَهَرَ أَمْرُ ٱللَّهِ وَهُمْ كَارِهُونَ }
{لَقَدِ ٱبْتَغَوُاْ ٱلْفِتْنَةَ مِن قَبْلُ..} [48]
أي لقد طلبوا/90 ب/ الافساد من قبل أن يَظهَرَ أمرُهُمْ وَيَنزلَ الوَحي بما أسرّوهُ وبما سيفعلونه لأنه قال جل وعز {سَيَحلِفُونَ بالله لكم} أخبر بعيبهم وَقَلّبُوا لَكَ الأُمورَ أي دَبَّرُوا واحتالوا في التضريب والإفساد.

{ وَمِنْهُمْ مَّن يَقُولُ ٱئْذَن لِّي وَلاَ تَفْتِنِّي أَلا فِي ٱلْفِتْنَةِ سَقَطُواْ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِٱلْكَافِرِينَ }
{وَمِنْهُمْ مَّن يَقُولُ ٱئْذَن لِّي..} [49]
مِنْ أَذِنَ يَأذَنَ فإذا أمَرتَ زِدْتَ هَمزَةً مكسُورةً وقَبلَهَا همزة هي فاء الفِعْل ولا يجتمع همزتان فأبدلت من الثانية ياءاً لكسرة ما قبلها فَقُلتَ: إيذن لي، فإذا وصلت زَالَتِ العِلّةُ في الجمع بَينَ همزتين فَهَمَزتَ فَقُلتَ: "وَمِنْهُمْ مَّن يَقُولُ أْذَنْ لِّي" وَرَوى وَرْشٌ عن نافع "وَمِنْهُمْ مَّن يَقُولُ: ٱذَنْ لِّي" خفف الهمزة، قال أبو جعفر: يقال: إِيذَنْ لِفُلانٍ ثم ايذَنْ لِفُلانٍ وهجاء الأول والثاني واحد بألفٍ وباءٍ قَبلَ الذال في الخطّ فإن قٌلت: إِيْذَنْ لفلان وَأْذَنْ لغيره كان الثاني بغير ياء، وكذلك الفاء والفرق بَينَ ثم والفاء والواو أنّ ثم يُوقف عليها ويَنْفَصِلُ والفاء والواو لا يُوقَفُ عليه ولا ينفصلان.
اعراب آيات سورة ( التوبة )
{ إِن تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ يَقُولُواْ قَدْ أَخَذْنَا أَمْرَنَا مِن قَبْلُ وَيَتَوَلَّواْ وَّهُمْ فَرِحُونَ }
{إِن تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ..} [50]
شرط ومجازاة وكذا {وَإِن تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ يَقُولُواْ قَدْ أَخَذْنَا أَمْرَنَا مِن قَبْلُ وَيَتَوَلَّواْ} عطف.

{ قُل لَّن يُصِيبَنَآ إِلاَّ مَا كَتَبَ ٱللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلاَنَا وَعَلَى ٱللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ ٱلْمُؤْمِنُونَ }
{قُل لَّن يُصِيبَنَآ..} [51]
نَصبٌ بِلَنْ وحَكَى أبو عُبَيْدَة أن من العرب من يجزم بها. وقرأ طلحة بن مُصَرِّفٍ {هل يُصِيبنا} وَرُوِيَ عن أعيُنَ قاضي الري أنه قرأ {قُل لَّن يَصِبَنّا} بنون مُشدّدةٍ وهذا لَحنُ لا يؤكَّدُ بالنون ما كان خبراً ولو كان هذا في قراءة طلحة لجاز، قال الله جل وعز {هل يذهبنّ كَيدُهُ ما يغيظ} {مَا كَتَبَ ٱللَّهُ لَنَا} {ما} في موضع رفع. {هُوَ مَوْلاَنَا} ابتداء وخبر، {وَعَلَى ٱللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ ٱلْمُؤْمِنُونَ} جزم لأنه أمرٌ وكُسِرَتِ اللام الثانية لالتقاء الساكنين، وإِن شِئتَ كَسَرتَ الأولى على الأصل والتسكين لثقل الكسرة.

{ قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَآ إِلاَّ إِحْدَى ٱلْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَن يُصِيبَكُمُ ٱللَّهُ بِعَذَابٍ مِّنْ عِندِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا فَتَرَبَّصُوۤاْ إِنَّا مَعَكُمْ مُّتَرَبِّصُونَ }
{قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَآ..} [52]
والكوفيون يدغمون اللام في التاء، فأما لام المعرفة فلا يجوز معها إلاّ الادغام كما قال جل وعز {التائِبُونَ} لكثرة لام المعرفة في كلامهم، ولا يجوز الادغام في قوله {قُلْ تَعَالَوا} لأن قُلْ مُعتَلٌ فلم يجمعوا عليه علتين. وواحد {ٱلْحُسْنَيَيْنِ} الحُسْنى والجمع الحُسْنُ ولا يجوز أن يُنطَقَ به إلاّ مُعَرَّفاً، ولا يقال: رأيتُ امرأة حُسْنَى. {وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَن يُصِيبَكُمُ ٱللَّهُ} في موضع نصب بنَتَربّصُ.
اعراب آيات سورة ( التوبة )
{ قُلْ أَنفِقُواْ طَوْعاً أَوْ كَرْهاً لَّن يُتَقَبَّلَ مِنكُمْ إِنَّكُمْ كُنتُمْ قَوْماً فَاسِقِينَ * وَمَا مَنَعَهُمْ أَن تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلاَّ أَنَّهُمْ كَفَرُواْ بِٱللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلاَ يَأْتُونَ ٱلصَّلاَةَ إِلاَّ وَهُمْ كُسَالَىٰ وَلاَ يُنفِقُونَ إِلاَّ وَهُمْ كَارِهُونَ }
{قُلْ أَنفِقُواْ طَوْعاً أَوْ كَرْهاً..} [53]
مصدر في موضع الحال ولَفْظُ أنفِقُوا لفظ أمرٍ، ومعناه الشرط والمجازاة. وهكذا تستعمل العرب في مثل هذا تأتي بأو كما.
أسِيئي بِنَا أَو أَحسِنِي لا مَلُومَةٌ * لَدْينَا ولاَ مقلِيّةٌ إنْ تَقَلّتِ
والمعنى إن أسأتِ أو أحسنَتِ فَنَحنُ لَكِ على ما تعرفين، ومعنى الآية إن أنفقتم طائعين أو مُكرَهِينَ فلن يُقبَلَ منكم ثم بَيّنَ جل وعز لم لم يقبَلْ منهم فقال:
{وَمَا مَنَعَهُمْ أَن تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلاَّ أَنَّهُمْ كَفَرُواْ بِٱللَّهِ وَبِرَسُولِهِ..} [54]
{أَن} الأولى في موضع نصب والثانية في موضع رفع، والمعنى وما منعهم من أن تقبل منهم نفقاتهم إلا كفرهم، وقرأ الكوفيون {أَن يُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ} لأن النفقات والانفاق واحد. قال أبو اسحاق: ويجوز وما مَنَعَهُمْ أن يقبل منهم نفقاتهم {إِلاَّ أَنَّهُمْ} بمعنى وما منعهم من أن يقبل الله نفقاتهم "إِلاَّ أَنَّهُمْ كَفَرُواْ" فإِن الأولى والثانية في موضع نصب ويجوز عند سيبويه أن يكونا في موضع جر.

{ لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَئاً أَوْ مَغَارَاتٍ أَوْ مُدَّخَلاً لَّوَلَّوْاْ إِلَيْهِ وَهُمْ يَجْمَحُونَ * وَمِنْهُمْ مَّن يَلْمِزُكَ فِي ٱلصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُواْ مِنْهَا رَضُواْ وَإِن لَّمْ يُعْطَوْاْ مِنهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ }
{لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَئاً} [57]
كذا الوقف عليه وفي الخط بألفين الأولى همزة والثانية عوض من التنوين وكذا رأيتُ جزأاْ {أَوْ مَغَارَاتٍ} من غار يغير. قال الأخفش: ويجوز {مُغَارَاتٍ} من أغار يغير كما قال:
الحَمدُ للهِ مُمْسَانَا ومُصبَحَنا * بالخَيرِ صَبَحَنَا ربّي ومَسّانا
{أَوْ مُدَّخَلاً} فيه خمس قراءات: هذه إحداها، وَرُوِي عن قتادة وعيسى والأعمش {أو مُدّخَّلاً} بتشديد الدال والخاء، وفي حرف أبي {أَو مُتَدَخَّلاً} وقرأ الحسن وابن أبي اسحاق وابن محيصن {أَو مَدْخَلاً} بفتح الميم واسكان الدال. قال أبو اسحاق: ويُقرأُ {أَو مُدْخَلاً} بضم الميم واسكان الدال. قال أبو جعفر: الأصل/ 91 أ/ في مُدَّخَل مُدْتَخَل، قُلِبَتِ التاء دالاً لأن الدال مجهورة والتاء مهموسة وهما من مخرج واحد، والأصل الأولى في مُدّخّل مُدْتَخّل وقيل الأصل فيه مُتَدَخّل على مُتُفَعَّل، كما في قراءة أبي. ومعناه دخول بعد دخول أي قوماً يدخلون مَعَهُمْ، ومَدْخَل مِنْ دَخَلَ، ومَدْخَل من أُدخِل كذا المصدر والمكان والزمان كما أنشد سيبويه:
* مُغَارَ ابنِ هَمّامٍ على حَيِّ خَثْعَما *
{وَهُمْ يَجْمَحُونَ} ابتداء وخبر.
وقرأ الأعرج {وَمِنْهُمْ مَّن يَلْمُزُكَ..} بضم الميم [58] والأكثر في المتعدي يَفعِلُ بكسر العين.

{ إِنَّمَا ٱلصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَآءِ وَٱلْمَسَاكِينِ وَٱلْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَٱلْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي ٱلرِّقَابِ وَٱلْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَٱبْنِ ٱلسَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ }
{.. فَرِيضَةً مِّنَ ٱللَّهِ..} [60]
مصدر {وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} ابتداء وخبر. قال الفراء: ويجوز "فَرِيضَةٌ مِّنَ ٱللَّهِ"، بمعنى ذلك فريضةٌ من الله.
اعراب آيات سورة ( التوبة )
{ وَمِنْهُمُ ٱلَّذِينَ يُؤْذُونَ ٱلنَّبِيَّ وَيِقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَّكُمْ يُؤْمِنُ بِٱللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِّلَّذِينَ آمَنُواْ مِنكُمْ وَٱلَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ ٱللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }
{وَمِنْهُمُ ٱلَّذِينَ يُؤْذُونَ ٱلنَّبِيَّ..} [61]
{ٱلَّذِينَ} في موضع رفع و {يُؤْذُونَ} مهموز لأنه من آذى، وإِن شئتِ خَفّفتَ الهمزة فأبدلتَ منها واواً. {وَيِقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ} ابتداء وخبر وكذا {قُلْ أُذُنُ خَيْرٌ لَّكُمْ} على قراءة الحسن، وقرأ أهل الكوفة {قُلْ أُذُنُ خَيرٍ لَّكُمْ} وقرأوا {ورَحَمَةٍ} خَفضاً عطف على خير، وهذا عند أهل العربية بعيد لأنه قد باعد بين الاسمين وهذا يَقبُحُ في المخفوض، والرفع عطفاً على أُذُنٍ، والتقدير قل هو أُذُنُ خَير وهو رحمة أي هو مُستَمِعُ خيرٍ لكم أي مُستَمِعُ ما يَجِبُ استماعه وقابلٌ ما يجب أن يَقبَلهُ وروى علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله جل وعز ويقولون هو أُذُنٌ قال مُستَمِعٌ وقائل. قال: {يُؤْمِنُ بِٱللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ} يُصَدّقُ بالله ويُصَدّق المؤمنين. قال أبو جعفر: فاللام على هذا زائدة عند الكوفيين ومثله {هم لرَبِّهِمْ يرهبون} وعند محمد بن يزيد مُتَعَلِّقَةٌ بمصدر دلّ عليه الفعل.

{ يَحْلِفُونَ بِٱللَّهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ وَٱللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَن يُرْضُوهُ إِن كَانُواْ مُؤْمِنِينَ }
{.. وَٱللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَن يُرْضُوهُ..} [62]
ابتداء وخبر، فيذهب سيبويه أن التقدير واللهُ أحق أن يرضوه ورسُولُهُ أحَقُّ أن يرضوه ثم حُذِفَ، وقال محمد بن يزيد ليس في الكلام حذف. والتقدير واللهُ أحق أن يُرضُوهُ ورسوله على التقديم والتأخير، وقال الفراء: المعنى أحقّ أن يرضوه واللهُ افتتاحُ كلام كما تقولُ ما شَاءَ اللهُ وشِئتَ. قال أبو جعفر: وقول سيبويه أولاهَا لأنه قد صَحّ عن النبي صلى الله عليه وسلم النهي عن أن يُقالُ ما شَاءَ اللهَ وشِئتَ ولا يُقَدّرُ في شيء تقديم ولا تأخير ومعناه صحيح.

{ أَلَمْ يَعْلَمُوۤاْ أَنَّهُ مَن يُحَادِدِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِداً فِيهَا ذٰلِكَ ٱلْخِزْيُ ٱلْعَظِيمُ }
{أَلَمْ يَعْلَمُوۤاْ..} [63]
حُذفَت النون للجزم {أنّه} في موضع نصب بيعلموا والهاء كتابة عن الحديث، {مَن يُحَادِدِ ٱللَّهَ} في موضع رفع بالابتداء {فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ} يقال: ما بعد الفاء في الشرط مُبتدأ فكانَ يجب أن يكون "فإِنّ له" بكسر إِنّ فللنحويين في هذا أربعة أقوال: مذهب الخليل وسيبويه أنّ "أن" الثانية مُبدَلةٌ من الأولى، وزَعَمَ أبو العباس أنّ هذا القول مَردُودٌ وأنّ الصحيحُ ما قال الجَرَمي قال: أنّ الثانية مكررة للتوكيد، ونظيره {وهم في الآخرة هُمُ الأخْسَرونَ}، وكذا {فكَانَ عاقِبَتَهُمَا أنّهما في النار خَالِدِينَ فيها}. قال الأخفش: المعنى فَوُجُوبُ النارِ له. قال أبو العباس: قول الأخفش هذا خطأ لأنه يبتدئ أنّ ويُضمِرُ الخَبَر. وقال علي بن سليمان: المعنى فالواجبُ أنّ له نار جهنم وأجاز الخليل وسيبويه فإِنّ له نار جَهَنّمَ بالكسر. قال سيبويه: وهو جيد وأنشد:
وَعلْمِي بأَسدَامِ الميَاهِ فلم تَزَلْ * قَلائِصُ تَخْدِي في طريقٍ طَلائِح
وأنّي إذا مَلّتْ رِكَابِي مُنَاخَها * فإِني على حَظِّي مِن الأمرِ جَامحُ
اعراب آيات سورة ( التوبة )
{ يَحْذَرُ ٱلْمُنَافِقُونَ أَن تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِم قُلِ ٱسْتَهْزِءُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ مُخْرِجٌ مَّا تَحْذَرُونَ }
{يَحْذَرُ ٱلْمُنَافِقُونَ..} [64]
خبر ويدلّ على أنه أنّ بعده {إِنَّ ٱللَّهَ مُخْرِجٌ مَّا تَحْذَرُونَ} لأنهم كفروا عناداً وقيل: هو بمعنى الأمر كما يقال يفعل ذلك. {أَن تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ} في موضع نصب [أي من أن تنزلَ عليهم، ويجوز على قول سيبويه أن يكون في موضع خفض على حذف "مِنْ"، ويجوز أن يكون في موضع نصب] على أنها مفعولة لأنّ سيبويه أجاز حَذِرْتُ زيداً وأنشد:
حَذِرٌ أُمُوراً لا تَضِيرُ وآمِنٌ * ما لَيْسَ مُنْجِيَهُ مِنَ الأقدارِ
وهذا عند أبي العباس مما غلط فيه سيبويه/91 ب/ ولا يَجُوزُ عنده أنا حَذِرٌ زَيْداً لأن حذراً شيء في الهيئة فلا يَتَعدَّى. قال أبو جعفر: حَدّثَنا علي بن سليمان قال: سمعت محمد بن يزيد يقول: حَدّثني أبو عثمان المازني قال: قال لي اللاحقي: لَقيَنِي سيبويه فقال لي: أَتعرفُ في إعمَالِ فَعلٍ شعراً؟ ولم أكن أحفظ في ذلك
حَذرٌ أموراً لا تَضِيرُ وآمنٌ * ما لَيْسَ مُنجِيَهُ مِنَ الأقدارِ

{ وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِٱللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِءُونَ * لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِن نَّعْفُ عَن طَآئِفَةٍ مِّنْكُمْ نُعَذِّبْ طَآئِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُواْ مُجْرِمِينَ }
{وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ..} [65]
فَأعلمَ الله جل وعز أنهم قد كفروا فقال: "لاَ تَعْتَذِرُواْ" أي لا تعتذروا بقولكم إنما كنّا نخوض ونلعب. {قُلْ أَبِٱللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِءُونَ} ثم قال جل وعز {.. قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِن نَّعْفُ..} [66] حُذِفَتِ الألف للجزم. قال الكسائي: وقرأ زيد بن ثابت {إن نَعفُ عن طائفةٍ منكُمْ نُعذّبْ طائِفة} بالنون ونصب طائفة بنعذّب، وكذا قرأ عبد الرحمن وعاصم، وقرأ الجحدري {إن يَعفُ عن طَائِفَةٍ} بفتح الياء وضم الفاء {يُعَذِّبْ} بضم الياء وكسر الذال "طائفةً" نصب بالفعل. والمعنى إن يَعْفُ عن طائفة قد تابتْ يعذّبْ طائفة لم تَتُبْ. وحكى أهل اللغة منهم الفراء أنه يقال للواحد: طائفة وانه يقال: أكلتُ طائفةً من الشاة أي قطعة. قال أبو اسحاق: ويُروَى أن هاتين الطائفتين كانت ثلاثة إثنان هزئا وواحدٌ ضَحِكَ فجاء واحد لطائفة كما يقال: جاءتني طائفة أي رجل واحد، وتقديره في العربية جاءتني نفسٌ طائفةٌ.

{ ٱلْمُنَافِقُونَ وَٱلْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِّن بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِٱلْمُنكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ ٱلْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُواْ ٱللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ ٱلْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ }
{ٱلْمُنَافِقُونَ وَٱلْمُنَافِقَاتُ..} [67]
ابتداء {بَعْضُهُمْ} ابتداء ثان ويجوز أن يكونَ بدلاً ويكون الخبر من بعض. قال أبو اسحاق: هذا مُتّصِلٌ بقوله: {وَيَحلِفُونَ باللهِ إِنَّهم لَمِنْكُمْ وما هم منكم} أي لَيسُوا من المؤمنين ولكن بَعضُهُم من بعض أي متشابهون في الأمر بالمنكر والنهي عن المعروف وقَبْضِ أيديهم عن الجهادِ.
اعراب آيات سورة ( التوبة )
{ وَعَدَ الله الْمُنَافِقِينَ وَٱلْمُنَافِقَاتِ وَٱلْكُفَّارَ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا هِيَ حَسْبُهُمْ وَلَعَنَهُمُ ٱللَّهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّقِيمٌ }
{.. خَالِدِينَ..} [68]
نصب على الحال {هِيَ حَسْبُهُمْ} ابتداء وخبر.

{ كَٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ كَانُواْ أَشَدَّ مِنكُمْ قُوَّةً وَأَكْثَرَ أَمْوَالاً وَأَوْلاَداً فَٱسْتَمْتَعُواْ بِخَلاقِهِمْ فَاسْتَمْتَعْتُمْ بِخَلاَقِكُمْ كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ بِخَلاَقِهِمْ وَخُضْتُمْ كَٱلَّذِي خَاضُوۤاْ أُوْلَـٰئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي ٱلدنْيَا وَٱلآخِرَةِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ ٱلْخَاسِرُونَ }
{كَٱلَّذِينَ..} [69]
قال أبو اسحاق: الكاف في موضع نصب أي وعد الله الكفار نار جَهنّمَ وَعداً كما وَعَدَ من قبلهم. {كَانُواْ أَشَدَّ مِنكُمْ قُوَّةً} خبر كان ولم ينصرف لأنه أفعل صفة الأصل فيه أشددُ أي كانوا أشدّ منكم قوة فلم يتهيأ لهم دفع عذاب الله جل وعز {فَٱسْتَمْتَعُواْ بِخَلاقِهِمْ} أي انتفعوا بنصيبهم من الدنيا كما فَعَلَ الذين من قبلهم.

{ أَلَمْ يَأْتِهِمْ نَبَأُ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَقَوْمِ إِبْرَٰهِيمَ وَأَصْحَـٰبِ مَدْيَنَ وَٱلْمُؤْتَفِكَـٰتِ أَتَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِٱلْبَيِّنَـٰتِ فَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَـٰكِن كَانُوۤاْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ }
{أَلَمْ يَأْتِهِمْ..} [70]
حَذفَ الياء للجزم {نَبَأُ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ} رفع بِيأتي {قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ} بدل، ومَنْ لم يصرف ثمودَ جعله اسماً للقبيلة، {وَٱلْمُؤْتَفِكَاتِ} قيل يراد به قو لوط لأن أرضهم ايتَفَكَتْ بهم أي انقَلَبَتْ، وقيل: المؤتَفِكَاتُ كلّ من أُهلِكَ كما يقال: انقَلَبَتُ عَلَيهِ الدنيا.
اعراب آيات سورة ( التوبة )
{ وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِّنَ ٱللَّهِ أَكْبَرُ ذٰلِكَ هُوَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ }
{.. وَرِضْوَانٌ مِّنَ ٱللَّهِ أَكْبَرُ..} [72]
ابتداء وخبر أي أكبر من نعيمهم ويجوز في غير القرآن النصب لأن هذا مما وُعِدُوا به.

{ يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ جَاهِدِ ٱلْكُفَّارَ وَٱلْمُنَافِقِينَ وَٱغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ ٱلْمَصِيرُ }
{.. جَاهِدِ ٱلْكُفَّارَ وَٱلْمُنَافِقِينَ..} [73]
كُسِرَتِ الدال لالتقاء الساكنين والفعل غير مُعرَبٍ ولا يكون فعل الأمر إلا مستقبلاً عند جميع النحويين، وكذا سَيَفعلُ وسوفَ يَفْعَلُ فأما يَفعَلُ فقد اختلف فيه النحويون فالبصريون يقولون يكون مستقبلاً وحالاً. والكوفيون يقولون: يكون مستقبلاً لأن هذه الزوائد إنما جِيءَ بها علامة للاستقبال، وفاعل عند البصريين كَيَفْعَلُ، وهو عند الكوفيين للحال إلاّ أن يكُونَ مجازاً.

{ يَحْلِفُونَ بِٱللَّهِ مَا قَالُواْ وَلَقَدْ قَالُواْ كَلِمَةَ ٱلْكُفْرِ وَكَفَرُواْ بَعْدَ إِسْلاَمِهِمْ وَهَمُّواْ بِمَا لَمْ يَنَالُواْ وَمَا نَقَمُوۤاْ إِلاَّ أَنْ أَغْنَاهُمُ ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ مِن فَضْلِهِ فَإِن يَتُوبُواْ يَكُ خَيْراً لَّهُمْ وَإِن يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ ٱللَّهُ عَذَاباً أَلِيماً فِي ٱلدُّنْيَا وَٱلآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ فِي ٱلأَرْضِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ }
{.. وَلَقَدْ قَالُواْ كَلِمَةَ ٱلْكُفْرِ وَكَفَرُواْ بَعْدَ إِسْلاَمِهِمْ..} [74]
يدلّ على أن المنافقين كفار وفي قوله {ذلك بأنّهم آمنوا ثم كَفَرُوا} دليل قاطع. {ِوَمَا نَقَمُوۤاْ إِلاَّ أَنْ أَغْنَاهُمُ ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ مِن فَضْلِهِ} {أَنْ} في موضع نصب {فَإِن يَتُوبُواْ يَكُ خَيْراً لَّهُمْ} شرط ومجازاة، وكذا {وَإِن يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ ٱللَّهُ}.
اعراب آيات سورة ( التوبة )
{ وَمِنْهُمْ مَّنْ عَاهَدَ ٱللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِن فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ ٱلصَّالِحِينَ }
{وَمِنْهُمْ مَّنْ عَاهَدَ ٱللَّهَ..} [75] في موضع رفع..

{ فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقاً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَىٰ يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَآ أَخْلَفُواْ ٱللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُواْ يَكْذِبُونَ }
{فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقاً..} [77] مفعولان إلى يومِ يَلقُونَهُ في موضع خفض.

{ ٱلَّذِينَ يَلْمِزُونَ ٱلْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ إِلاَّ جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ ٱللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }
{ٱلَّذِينَ يَلْمِزُونَ ٱلْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ..} [79]
في موضع رفع بالابتداء والأصل المُتَطوّعِينَ أدغِمَتِ التاء في الطاء {وَالَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ إِلاَّ جُهْدَهُمْ} في موضع خفض/ 92 أ/ عطف على المؤمنين ولا يجوز أن يكون عطفاً على المطّوّعين لأنك لو عَطَفتَ عليهم لَعَطفت على الاسم قَبلَ أن يَتمّ لأن {فَيَسْخَرُونَ} عطف على يَلمِزُونَ. {سَخِرَ ٱللَّهُ مِنْهُمْ} خبر الابتداء.
اعراب آيات سورة ( التوبة )
{ فَرِحَ ٱلْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلاَفَ رَسُولِ ٱللَّهِ وَكَرِهُوۤاْ أَن يُجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَقَالُواْ لاَ تَنفِرُواْ فِي ٱلْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرّاً لَّوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ }
{فَرِحَ ٱلْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلاَفَ رَسُولِ ٱللَّهِ..} [81]
مفعول من أجله وإِن شئتَ كان مصدراً {قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ } ابتداء وخبر. {حَرّاً} على البيان.

{ فَلْيَضْحَكُواْ قَلِيلاً وَلْيَبْكُواْ كَثِيراً جَزَآءً بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ }
{فَلْيَضْحَكُواْ قَلِيلاً..} [82]
أمر فيه معنى التهديد، والأصل أن تكُونَ اللام مكسورة فَحُذِفَتِ الكسرةُ لثقلها، {قَليلاً} و {كَثيراً} نصب على أنهما نعت لظرف أو لمصدر {جَزَآءً} مفعول من أجله أي للجزاء.

{ وَلاَ تُصَلِّ عَلَىٰ أَحَدٍ مِّنْهُم مَّاتَ أَبَداً وَلاَ تَقُمْ عَلَىٰ قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُواْ وَهُمْ فَاسِقُونَ }
{وَلاَ تُصَلِّ عَلَىٰ أَحَدٍ مِّنْهُم..} [84] حذفتَ لأنه مجزوم بلا.
اعراب آيات سورة ( التوبة )
{ وَإِذَآ أُنزِلَتْ سُورَةٌ أَنْ آمِنُواْ بِٱللَّهِ وَجَاهِدُواْ مَعَ رَسُولِهِ ٱسْتَأْذَنَكَ أُوْلُواْ ٱلطَّوْلِ مِنْهُمْ وَقَالُواْ ذَرْنَا نَكُنْ مَّعَ ٱلْقَاعِدِينَ }
{وَإِذَآ أُنزِلَتْ سُورَةٌ أَنْ آمِنُواْ..} [86] في موضع نصب أي بأن آمنوا.

{ رَضُواْ بِأَن يَكُونُواْ مَعَ ٱلْخَوَالِفِ وَطُبِعَ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لاَ يَفْقَهُونَ }
{رَضُواْ بِأَن يَكُونُواْ مَعَ ٱلْخَوَالِفِ..} [87]
جمع خالفة أي النساء وقد يقال للرجل: خَالِفَةٌ وخَالِفٌ إِذا كان غير نجيب، الاَّ أنّ فواعل جمع فاعله ولا يجمع فاعل صفةً على فواعل إلا في الشعر إِلاّ في حرفين وهما فارسٌ وهالكٌ فأما هالك فعلى المثل وأما فارس فلا يَشكِلُ.

{ لَـٰكِنِ ٱلرَّسُولُ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ جَاهَدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَأُوْلَـٰئِكَ لَهُمُ ٱلْخَيْرَاتُ وَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ }
{لَـٰكِنِ ٱلرَّسُولُ..} [88]
ابتداء {وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ} عطف عليه {جَاهَدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ} في موضع الخبر.
اعراب آيات سورة ( التوبة )
{ أَعَدَّ ٱللَّهُ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذٰلِكَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ }
{.. ذٰلِكَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ} [89]
ابتداء وخبر.

{ وَجَآءَ ٱلْمُعَذِّرُونَ مِنَ ٱلأَعْرَابِ لِيُؤْذَنَ لَهُمْ وَقَعَدَ ٱلَّذِينَ كَذَبُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ سَيُصِيبُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }
{وَجَآءَ ٱلْمُعَذِّرُونَ..} [90]
قرأ الأعرج والضحاك {ٱلمُعْذِرُونَ} ورُوِيَتْ هذه القراءة عن ابن عباس رواها أصحاب القراءات إِلاّ أنّ مدارها على الكلبي. وهي من أَعذَرَ اذا بالغ في العذر. وأما المُعَذّرُونَ بالتشديد ففيه قولان: قال الأخفش والفراء وأبو حاتم وأبو عُبَيْدٍ: الأصل المعتذرونَ ثم أدغمت فألقيت حركة التاء على العين ويجوز عندهم المُعُذِّرونَ بضم العين لالتقاء الساكنين ولأن ما قبلها ضمة ويجوزُ المُعذّرُون الذين يعتذرون ولا عذر لهم. قال أبو العباس محمد بن يزيد ولا يجوز أن يكون فيه المعتذرين ولا يجوز الادغام فيقع اللبس وذكر إسماعيل بن اسحاق أن الادغام مُجتَنَبٌ على قول الخليل وسيبويه وأن سياق الكلام يدلّ على أنّهم مَذمُومُونَ لا عذر لهم. قال لأنهم جاءوا {لِيُؤْذَنَ لَهُمْ} ولو كانوا من الضعفاء والمرضى أو الذين لا يجدون ما ينفقون لم يحتاجوا أن يستأذنوا. قال أبو جعفر: أصل المَعْذِرَةِ والاعذار والتعذير من شيء واحد وهو مما يصعبُ ويتعذّرُ، وقول العرب "مَنْ عَذيرِي من فُلانٍ، معناه قد أَتى أمراً عَظِيماً يَستَحِقّ أن أعاقِبَهُ عليه ولم يَعلَم الناس به فمن يَعذرُني إنْ عاقبته". {لِيُؤْذَنَ لَهُمْ} نصب بلام كي.

{ لَّيْسَ عَلَى ٱلضُّعَفَآءِ وَلاَ عَلَىٰ ٱلْمَرْضَىٰ وَلاَ عَلَى ٱلَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ مَا يُنفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُواْ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى ٱلْمُحْسِنِينَ مِن سَبِيلٍ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }
{.. وَلاَ عَلَى ٱلَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ مَا يُنفِقُونَ حَرَجٌ..} [91]
اسم ليس. {مَا عَلَى ٱلْمُحْسِنِينَ مِن سَبِيلٍ} في موضع رفع اسم {مَا}.
اعراب آيات سورة ( التوبة )
{ وَلاَ عَلَى ٱلَّذِينَ إِذَا مَآ أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لاَ أَجِدُ مَآ أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَّأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ ٱلدَّمْعِ حَزَناً أَلاَّ يَجِدُواْ مَا يُنْفِقُونَ }
{.. وَّأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ ٱلدَّمْعِ..} [92]
الجملة في موضع نصب على الحال {حَزَناً} مصدر {أَلاَّ يَجِدُواْ} نصب بأن. قال الفراء ويجوز "أَن لاَ يجدونَ" يجعل "لا" بمعنى ليس، فهو عند البصريين بمعنى أنّهم لا يجدون.

{ إِنَّمَا ٱلسَّبِيلُ عَلَى ٱلَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ وَهُمْ أَغْنِيَآءُ رَضُواْ بِأَن يَكُونُواْ مَعَ ٱلْخَوَالِفِ وَطَبَعَ ٱللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ }
{.. رَضُواْ بِأَن يَكُونُواْ مَعَ ٱلْخَوَالِفِ..} [93]
أي النساء اللواتي يَخفُلْنَ أزواجهن.

{ ٱلأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْراً وَنِفَاقاً وَأَجْدَرُ أَلاَّ يَعْلَمُواْ حُدُودَ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ }
{ٱلأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْراً..} [97]
نصب على البيان {وَنِفَاقاً} عطف عليه {وأَجْدَرُ} عطف على أشدّ {أَلاّ} في موضع نصب بأن كما يقال: أنت خَلِيقٌ أن تَفَعلَ ولا يجوز أنت خليق الفعل. قال أبو اسحاق: لأن "ما" بعد أنْ يدلّ أنّ الفعل مستقبل يجعل الحذف عوضاً، وقال غيره: الحذف لطول الكلام.
اعراب آيات سورة ( التوبة )
{ وَمِنَ ٱلأَعْرَابِ مَن يَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ مَغْرَماً وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ ٱلدَّوَائِرَ عَلَيْهِمْ دَآئِرَةُ ٱلسَّوْءِ وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ }
{وَمِنَ ٱلأَعْرَابِ مَن يَتَّخِذُ..} [98]
في موضع رفع بالابتداء {مَا يُنفِقُ مَغْرَماً} مفعولان، والتقدير ينفقه حذِفَتِ الهاء لطول الاسم {عَلَيْهِمْ دَآئِرَةُ ٱلسَّوْءِ} هذه قراءة أهل الحرمين وأهل الكوفة الاّ أنْ مجاهداً وأبا عمرو وابن محيصن قرءوا {دَائِرةُ ٱلسُّوءِ} بضم السين وأَجمَعُوا على فتح السين في قوله جل وعز {ما كانَ أبوكِ امْرَأَ سَوْءٍ} والفرق بَينَهُمَا. وهو قول الأخفش والفراء، أنْ السُّوءَ بالضم المكروه. قال الأخفش: اي عليهم/ 92 ب/ دائرة الهزيمة والشر. قال الفراء: أي عليهم دائرة العذاب والبلاء قالا: ولا يجوز امرأ سُوءٍ بالضم كما لا يقال: هو امرءٌ عَذَابٍ ولا شّرٍ، وحُكِيَ عن محمد بن يزيد قال: السَوء بالفتح الرداءة قال: وقال سيبويه: مررتُ برجلِ صِدْقٍ. معناه بِرَجلِ صَلاحٍ، وليس من صِدْقِ اللسان ولو كان من صدق اللسان لما قلت: مَرَرتُ بثوبِ صدقٍ ومَرَرْتُ برجلٍ سُوْءٍ ليس هو من مصدر سُؤتُهُ سَوءاً ومَسَاءَة وسَوائِيَةً ومَسائِيَة سُؤْتُهُ وإنما معناه مررتُ برجلِ فَسَادٍ، وقال الفراء: السَّوء بالفتح مصدر سُؤتُهُ سَؤاً وَمَسَاءَة وسَوائِيَةً ومَسائِيَةً.

{ وَمِنَ ٱلأَعْرَابِ مَن يُؤْمِنُ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ قُرُبَاتٍ عِندَ ٱللَّهِ وَصَلَوَاتِ ٱلرَّسُولِ أَلاۤ إِنَّهَا قُرْبَةٌ لَّهُمْ سَيُدْخِلُهُمُ ٱللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }
{وَمِنَ ٱلأَعْرَابِ مَن يُؤْمِنُ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ قُرُبَاتٍ عِندَ ٱللَّهِ..} [99]
الواحدة قُربةٌ والجمع قُرَبٌ وقُرُبَاتُ وقَرَبات وقُرْباتٌ وقد ذكرنا علله. قال أبو جعفر: قال الأخفش: ويقال : قُرُبةٌ. وحكى ابن سعدان أن يزيد بن القعقاع قرأ {أَلاۤ إِنَّهَا قُرُبَةٌ لَّهُمْ}.
وَرُوي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قرأ {وَٱلسَّابِقُونَ ٱلأَوَّلُونَ مِنَ ٱلْمُهَاجِرِينَ وَٱلأَنْصَارِ..} [100] رفعاً عطفاً على السابقين. قال الأخفش: الخفض في الأنصار الوجهُ لأن السابقين منهما {أَبَداً} ظرف زمان {ذٰلِكَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ} ابتداء وخبر.

{ وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِّنَ ٱلأَعْرَابِ مُنَٰفِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ ٱلْمَدِينَةِ مَرَدُواْ عَلَى ٱلنِّفَاقِ لاَ تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُم مَّرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَىٰ عَذَابٍ عَظِيمٍ }
{وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِّنَ ٱلأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ..} [101]
ابتداء أي قوم منافقون. وقد ذكرنا أنّ المنافِق مُشتَقّ من النافقاء، وفي الحديث "المنافقُ الذي إذا حَدّثَ كَذَبَ وإذا وَعَدَ أَخلف وإذا أؤتمِنَ خَانَ". {وَمِنْ أَهْلِ ٱلْمَدِينَةِ مَرَدُواْ عَلَى ٱلنِّفَاقِ} يكون قولك مَرَدُوا نَعتاً للمنافقين، ويجوز أن يكون تقديره ومن أهل المدينة قوم مَرَدُوا على النفاق.
اعراب آيات سورة ( التوبة )
{ خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَٰوتَك سَكَنٌ لَّهُمْ وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ }
{خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا..} [103]
وهي الزكاة المفروضة فيما رُويَ وفيها خمسة أوجه: قال أبو اسحاق: الأجود أن تكونَ المخاطبةُ للنبي صلى الله عليه وسلم أي فإنك تُطهّرُهُمْ وتُزكّيهم بها، ويجوز أن يكونَ في موضع الحال. قال الأخفش: ويجوز أن تكون للصدقة، ويكون {بِهَا} توكيداً، ويجوز أن يكونَ تُطهِّرهم للصدقة وتُزكّيهم للنبي صلى الله عليه وسلم، والوجه الخامس أن تجزم على جواب الأمر كما قال:
* قِفَا نَبْكِ مِنْ ذِكْرَى حَبِيبٍ وعرْفَان *
{وَصَلِّ عَلَيْهِمْ} فيه جوابان: أحدهما أنه منسوخ بقوله جل وعز {ولا تصلّ على أحَدٍ منهم ماتَ أبداً}. والآخر أنه غير منسوخ وأنّ المعنى وادْع لهم إذا جاؤك بالصدقات، وكذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل والعلماء على هذا ويدلّ عليه {إِنَّ صَلَٰوتَك سَكَنٌ لَّهُمْ} أي إِذا دَعَوتَ لهم حين يأتون بصدقاتهم سكّنَ ذلك قلوبهم وفرحوا وبادروا رغبةً في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم، وَحَكَى أهل اللغة جَمِيعاً فيما علمناه أن الصلاة في كلام العرب الدعاء، ومنه الصلاة على الجنازة.

{ أَلَمْ يَعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ ٱلتَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ ٱلصَّدَقَاتِ وَأَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلتَّوَّابُ ٱلرَّحِيمُ }
{أَلَمْ يَعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ ٱلتَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ..} [104]
فَتَحتَ {أَنّ} يعلموا، ولو كان في خبرها اللام لَكسرْتَها وهي فاصلة وإن شئتَ مبتدأة.

{ وَقُلِ ٱعْمَلُواْ فَسَيَرَى ٱللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَٱلْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَىٰ عَالِمِ ٱلْغَيْبِ وَٱلشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ }
{وَقُلِ ٱعْمَلُواْ فَسَيَرَى ٱللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَٱلْمُؤْمِنُونَ..} [105]
هذا من رؤية العين لا غير لأنه لم يَتَعدّ الا الى مفعول واحد.
اعراب آيات سورة ( التوبة )
{ وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لأَمْرِ ٱللَّهِ إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ }
{وَآخَرُونَ مُرْجَؤنَ لأَمْرِ ٱللَّهِ..} [106]
معطوف والتقدير ومنهم آخرون مُرْجَؤُنَ لأمرِ اللهِ مِنْ أَرجَأتُهُ أي أَخّرتُهُ، ومنه قيل: المُرجِئَةُ لأنهم أَخّروا العمل، ومَنْ قرأ {مُرْجَوْنَ} فله تقديران: أَحَدُهُما أن يكون من أَرجَيتُهُ، وحَكَى لنا علي بن سليمان عن محمد بن يزيد قال لا يقال: أرجَيتُهُ بمعنَى أَخّرتُهُ ولكن يكون من الرجاء {إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ} "أما" في العربية لأحد الأمرين والله جل وعز عالم بمصير الأشياء ولكن المخاطبة للعباد على ما يعرفون أي ليكن أمرهم عندكم على الرجاء لأنه ليس للعباد أكثر من هذا.

{ وَٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ مَسْجِداً ضِرَاراً وَكُفْراً وَتَفْرِيقاً بَيْنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَاداً لِّمَنْ حَارَبَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ مِن قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ ٱلْحُسْنَىٰ وَٱللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ }
{وَٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ مَسْجِداً ضِرَاراً وَكُفْراً..} [107]/ 93 أ/
معطوف أي ومنهم الذين اتخذوا مسجداً، ويجوز أن يكون رفعاً بالابتداء، ومن قرأ {ٱلَّذِينَ} بلا واو وهي قراءة المدنيين فهو عنده رفع بالابتداء لا غير، وفي الخبر قولان: زعم الكسائي أن التقدير الذين اتخذوا مسجداً لا تُقمْ فيه أبداً أي لا تُقِمْ في مسجدهم كما قال:
* مِنْ بابِ مَن يُغلِقُ مِنْ دَاخِلِ *
قال: يريد من باب مَنْ يُغلِقُ بَابَهُ من داخل. قال أبو جعفر: هذا خطأ عند البصريين ولا يجوز في شعر ولا غيره ولو جاز هذا لَقُلتَ: الذي اشتَرَيتُ عمرٌو بمعنى الذي اشتريت داره عمرو. قال أبو جعفر: يكون خبر الابتداء لا يزال بنيانهم الذي بنوا ريبةً في قلوبهم. {ضِرَاراً} مصدر مفعول من أجله {وكُفْراً وَتَفْرِيقاً بَيْنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَاداً} عطف كله.

{ لاَ تَقُمْ فِيهِ أَبَداً لَّمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى ٱلتَّقْوَىٰ مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُواْ وَٱللَّهُ يُحِبُّ ٱلْمُطَّهِّرِينَ }
{.. لَّمَسْجِدٌ..} [108]
ابتداء {أُسِّسَ عَلَى ٱلتَّقْوَىٰ} نعت {أَحَقُّ} خبر الابتداء {أَنْ تَقُومَ فِيهِ} في موضع نصب أي بأن تقوم فيه. قال سعيد بن المسيب: المسجد الذي أُسّسَ على التقوى مسجد المدينة الأعظم، وَرُويَ عن ابن عباس أنه مسجد قُبَاء، وكذا قال الضحاك وقد ذكرنا الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سئل عنه فقال: هو مسجدي هذا {فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُواْ} قال الشَّعبي: هم أهل مسجد قُبَاءٍ أنزل الله جل وعز وفيهم هذا. قال أبو جعفر: يكون على قول الشعبي فيه لِمَسجدِ قُبَاءٍ ويكون الضميران مختلفين، وقد يجوز أن يكونا مُتَّفِقَيْنِ ويكونا لِمَسجدِ النبي صلى الله عليه وسلم.
اعراب آيات سورة ( التوبة )
{ أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَىٰ تَقْوَىٰ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَم مَّنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَىٰ شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَٱنْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَٱللَّهُ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلظَّالِمِينَ }
{أَفَمَنْ أُسِّسَ بُنْيَانَهُ عَلَىٰ تَقْوَىٰ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ..} [109]
مَنْ بمعنى الذي وهو في موضع رفع بالابتداء وخبره {خَيْرٌ}، {أَم مَّنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ} عطف على الأولى، وهذه قراءة زيد بن ثابت وبها قرأ نافع. وفيه أربع قراءات سوى هذه القراءة: قرأ أبو جعفر يزيد بن القعقاع وأبو عمرو وعاصم والأعمش وحمزة الكسائي {أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ} بفتح الهمزة ونصب البنيان وهو اختيار أبي عُبَيْدٍ لكثرة من قرأ به وأن الفاعل سُمِيّ فيه، وقرأ نصر بن عاصم {أَفَمَنْ أَسَسُ بُنيَانِهِ} رفع أَسساً بالابتداء وخفض بنيانه بالاضافة والخبر "عَلَىٰ تَقْوَىٰ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ" والجملة في الصلة وأَسَسُ وأُسٌّ بمعنى واحد مثل عَرَبٍ وَعُرْبٍ. قال أبو حاتم: وقرأ بعض القراء {أَفَمنْ أَسَاسُ بُنَيانِهِ}. قال أبو جعفر: أَسَاسٌ واحد وجمعه أَسُسٌ، والقراءة الخامسة حكاها أبو حاتم أيضاً وهي {أَفَمَنْ أساسُ بُنيانِهِ} وهذا جمعُ أُسّ كما يقال: خُفٌّ وأَخفَافٌ والكثير أَسَاسٌ مثل خِفَافٍ وقال الشاعر:
أَصبَحَ المُلكُ ثَابِتَ الأسَاسِ * بالبَهَالِيلِ مِنْ بَنِي العَبّاسِ
{خَيْرٌ أَم مَّنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ} مثل الأول {عَلَىٰ شَفَا} والتثنية شَفَوان والجمعُ أشفاءٌ وشُفِيّ وشِفِيّ وَجُرُفٌ وَجِرفَةٌ هارٍ، والأصل هائر، وزعم أبو حاتم أن الأصل فيه هاورُ ثم يقال: هائر مثل صائم ثم يُقلَبُ فيقال: هارٍ، وزعم الكسائي أنه يكون من ذوات الواو ومن ذوات الياء وأنه يقال: تَهوّرَ وتَهَيَّرَ. وحكى أبو عُبَيْدٍ أنّ أبا عمرو بن العلا كان يُحبّ أن يُمِيلَ اذا كانت الراء مكسورةً بعد ألف فان كانت مفتوحةً أو مضمومةً لم يُمِلْ. قال أبو جعفر : هذا قول الخليل وسيبويه والعلّةُ عندهما في ذلك أنّ الراء إذا كانت مكسورةً فكأنّ فيها كسرتين للتكرير الذي فيها فَحَسُنَت الامالةُ فإذا كانت مفتوحة فكأنّ فيها فتحتين فلا تجوز الامالةُ وكذا إِذا كانت مَضمُومَةً نحو {وبِئسَ القَرَارُ}، وأما "كافر" فإنما أُمِيلَ لكسرة الفاء.

{ لاَ يَزَالُ بُنْيَانُهُمُ ٱلَّذِي بَنَوْاْ رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ إِلاَّ أَن تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ }
{.. رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ..} [110] خبر لا يزال.

{ إِنَّ ٱللَّهَ ٱشْتَرَىٰ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ ٱلْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي ٱلتَّوْرَاةِ وَٱلإِنْجِيلِ وَٱلْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَىٰ بِعَهْدِهِ مِنَ ٱللَّهِ فَٱسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ ٱلَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ }
{.. بِأَنَّ لَهُمُ ٱلّجَنَّةَ..} [111]
اسم أنّ {وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً} مصدران مُؤكّدانِ {وَمَنْ أَوْفَىٰ بِعَهْدِهِ مِنَ ٱللَّهِ} {مَنْ} في موضع رفع بالابتداء وخبره "أَوْفَىٰ".
اعراب آيات سورة ( التوبة )
{ ٱلتَّائِبُونَ ٱلْعَابِدُونَ ٱلْحَامِدُونَ ٱلسَّائِحُونَ ٱلرَّاكِعُونَ ٱلسَّاجِدونَ ٱلآمِرُونَ بِٱلْمَعْرُوفِ وَٱلنَّاهُونَ عَنِ ٱلْمُنكَرِ وَٱلْحَافِظُونَ لِحُدُودِ ٱللَّهِ وَبَشِّرِ ٱلْمُؤْمِنِينَ }
{ٱلتَّائِبُونَ..} [112]
رفع على اضمار مبتدأ عند أكثر النحويين أي هُم التائِبُونَ وفيه قولان سوى هذا: قال أبو اسحاق/ 93 ب/ يجوز أن يكون بدلاً أي يقال التائبون، قال: ويجوز أن يكون رفعاً بالابتداء قال: وهو أحسن عندي، ويكون التقدير التائبون لهم الجنة وفي قراءة عبد الله {ٱلتائِبينَ ٱلعابِدينَ ٱلحَامِدينَ} وفيه تقديران يكون نعتاً للمؤمنين في موضع خفض ويكون منصوباً على المدح.

{ وَمَا كَانَ ٱسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لأَبِيهِ إِلاَّ عَن مَّوْعِدَةٍ وَعَدَهَآ إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لأَوَّاهٌ حَلِيمٌ }
{وَمَا كَانَ ٱسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لأَبِيهِ..} [114]
اسم كان، والخبر {إِلاَّ عَن مَّوْعِدَةٍ وَعَدَهَآ إِيَّاهُ} والمَوعِدةُ عند العلماء كانت من أبي إبراهيم لإبراهيم صلى الله عليه وسلم. قال أبو اسحاق: يُروَى أنّهُ وَعَدَهُ أنّهُ يُسْلِمُ فاستغفر له، وقال غيره: لا يجوز أن يكون استغفر له إلاّ وقد أسلَمَ ولكنّهُ وَعَدَهُ أنّهُ يظهرُ إسلامه فاستغفر له فَلَمّا لم يُظهِرْهُ تَبَيّنَ له أنّهُ عَدُوٌّ للهِ فَتَبَرّأَ مِنْهُ. قال أبو اسحاق: لما أقام على الكفر تَبَيّنَ له أنه عدو لله، ورَوى سفيان الثوري عن حبيب ابن أبي ثابت عن سعيد بن جبير عن ابن عباس فَلَمّا تَبَيّنَ له أنه عدوٌّ للهِ، قال مات كافراً. {إِبْرَاهِيمَ لأَوَّاهٌ حَلِيمٌ} اسم انّ وخبرها.

{ لَقَدْ تَابَ الله عَلَىٰ ٱلنَّبِيِّ وَٱلْمُهَاجِرِينَ وَٱلأَنصَارِ ٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ ٱلْعُسْرَةِ مِن بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِّنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ }
{.. ٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُوهُ..} [117]
في موضع خفض على النعت للمهاجرين والأنصار، {مِن بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِّنْهُمْ} سيبويه: يجوز أن تُرفَع القلوب بتزيغ ويُضْمَرَ في كادَ الحديث، وان شئتَ رَفَعتَهَا بكاد، ويكون التقدير مِنْ بَعْدِ ما كَادَ قُلُوبُ فَرِيقٍ منهم تَزِيغُ، وزعم أبو حاتم أنّ من قرأ "يزيغ" بالياء فلا يجوز له أن يَرفعَ القلوب بكادَ. قال أبو جعفر: والذي لم يجزه جائز عند غيره على تذكير الجميع. حَكى الفراء: رَحِبتِ البلادُ وأَرحَبَتْ، وَرَحُبَتْ لغة أهل الحجاز.
اعراب آيات سورة ( التوبة )
{ يَـٰأيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَكُونُواْ مَعَ ٱلصَّادِقِينَ }
{يَـۤأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَكُونُواْ مَعَ ٱلصَّادِقِينَ..} [119]
أي مع النبي صلى الله عليه وسلم ومن اتّبَعَهُ وَرَوَى شُعبَةٌ عن عمرو بن مُرَّة عن أبي عُبَيْدَة عن عبد الله قال: الكَذِبُ لَيْسَتْ فيهِ رخصة اقرءوا إنْ شِئتم "يَـۤأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَكُونُواْ مَعَ ٱلصَّادِقِينَ" أَهَلْ تَرَونَ في الكذبِ رُخصَةً لأحدٍ؟.

{ مَا كَانَ لأَهْلِ ٱلْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِّنَ ٱلأَعْرَابِ أَن يَتَخَلَّفُواْ عَن رَّسُولِ ٱللَّهِ وَلاَ يَرْغَبُواْ بِأَنْفُسِهِمْ عَن نَّفْسِهِ ذٰلِكَ بِأَنَّهُمْ لاَ يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلاَ نَصَبٌ وَلاَ مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَلاَ يَطَأُونَ مَوْطِئاً يَغِيظُ ٱلْكُفَّارَ وَلاَ يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَّيْلاً إِلاَّ كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ ٱلْمُحْسِنِينَ }
{.. أَن يَتَخَلَّفُواْ عَن رَّسُولِ ٱللَّهِ..} [120]
اسم كان {ذٰلِكَ} في موضع رفع على اضمار مبتدأ أي الأمر ذلك {لاَ يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ} رفع بيصيبهم أي عَطَشٌ {وَلاَ نَصَبٌ} عطف أي تعب و"لا" زائدة للتوكيد وكذا {وَلاَ مَخْمَصَةٌ} أي مجاعة {وَلاَ يَطَأُونَ} عطف على يصيبهم {يَغِيظُ} في موضع نصب لأنه نعت لِمَوطِىءٍ أي غائظاً {وَلاَ يَنَالُونَ} قال الكسائي: هو من قولهم أَمرٌ مَنِيل وليس من التناول [إنّما التناولُ] من نِلتُهُ بالعَطِيّة.

{ وَلاَ يُنفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلاَ كَبِيرَةً وَلاَ يَقْطَعُونَ وَادِياً إِلاَّ كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمُ ٱللَّهُ أَحْسَنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ }
{.. وَلاَ يَقْطَعُونَ وَادِياً..} [121]
والعرب تقول: وادٍ ووادية، ولا يُعْرَفُ فيما عَلِمتُ فاعِلٌ وأفعِلَةُ سواه، والقياس أن يُجمَعَ وَوَادِي فاستثقلوا الجمع بَيْنَ واوين وهم يستثقلون واحدة حتى قالوا: أُقّتَتْ في وُقِّتَتْ، وقال الخليل وسيبويه: هي تصغير واصل اسم رجل أو يصِلٌ ولا يقولون غيره، وحكى الفراء في جمع وادٍ أَودَاء.
اعراب آيات سورة ( التوبة )
{ وَمَا كَانَ ٱلْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَآفَّةً فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي ٱلدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوۤاْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ * يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ قَاتِلُواْ ٱلَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِّنَ ٱلْكُفَّارِ وَلْيَجِدُواْ فِيكُمْ غِلْظَةً وَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلْمُتَّقِينَ }
{وَمَا كَانَ ٱلْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَآفَّةً..} [122]
لفظ خبر ومعناه أمر. قال أبو اسحاق: ويجوز والله أعلم أن تكون هذه الآية تدلّ على أن بعض المسلمين يُجزِي عن بعض في الجهاد {فَلَوْلاَ نَفَرَ} قال الأخفش: أي فَهَلاّ نَفَرَ.
قرأ أبانُ بنُ تَغِلبَ {.. وَلْيَجِدُواْ فِيكُمْ غُلْظَةً..} [123] وروى المفضل عن الأعمش وعاصم {وَلْيَجِدُواْ فِيكُمْ غَلْظَةً} بفتح الغين وإسكان اللام. قال الفراء: لغة أهل الحجاز وبني أسد غِلْظَةٌ بكسر الغين ولغة تميم غُلْظَةٌ بضم الغين.
يجوز أن يكون {.. صَرَفَ ٱللَّهُ قُلُوبَهُم..} [127] دعاء عليهم أي قولوا لهم هذا ويجوز أن يكون خبراً.

{ لَقَدْ جَآءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِٱلْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ }
{لَقَدْ جَآءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ..} [128]
رفع بجاءكم {عَزِيزٌ عَلَيْهِ} نعت وكذا {حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ} وكذا {رَءُوفٌ رَّحِيمٌ} قال الفراء: فلو قرئ: عَزيزاً عليه ما عَنِتّم حَريصاً رؤوفاً رحيماً، نصباً جاز بمعنى لقد جاءكم كذلك. قال أبو جعفر: عَنِتّمْ من قوله: أكَمَةٌ عَنُوتٌ إذا كانت شَاقّةً مُهلِكةً. وأحسنُ ما قِيلَ في هذا المعنى مما هو موافق لكلام العرب/ 94 أ/ ما حَدَّثَنَا به أحمدُ بن محمد الازدِيّ قال: حدثني عبد الله بن محمد الخزاعي قال: سمعتُ عمرو بن علي يقول سمعت عبد الله بن داود الجُرَيبِيّ يقول في قول الله جل وعز "لَقَدْ جَآءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ" قال: إنْ تدخلوا النار، حريصٌ عليكم قال: إنْ تدخلوا الجنة.

{ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُلْ حَسْبِيَ ٱللَّهُ لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ ٱلْعَرْشِ ٱلْعَظِيمِ }
{.. فَقُلْ حَسْبِيَ ٱللَّهُ..} [129]
ابتداء وخبر وكذا {وَهُوَ رَبُّ ٱلْعَرْشِ ٱلْعَظِيمِ} ومن رفع العظيم جَعَلَهُ نعتاً لِرَبٍّ.

Tidak ada komentar:

Posting Komentar