Selasa, 29 November 2011

I'rab Surat Ali Imran

Agus Subandi,Drs.MBA

اعراب آيات سورة آل عمران
{ الۤمۤ * ٱللَّهُ لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ ٱلْحَيُّ ٱلْقَيُّومُ }
قال أبو جعفر أحمد بن محمد النحاس بمصر في قول الله عز وجل:
{الۤمۤ} [1] {ٱللَّهُ..} [2]
وقرأ الحسن وعمرو بن عُبَيدٍ وعاصم بن أبي النجود وأبو جعفر الرؤاسي {المْ أللهُ} بقطع الألف. قال الأخفش سعيد: ويجوز {المِ الله} بكسر الميم لالتقاء الساكنين. قال أبو جعفر: القراءة الأولى قراءة العامة، وقد تكلّم فيها النحويون القدماء فمذهب سيبويه أن الميم فُتِحتْ لالتقاء الساكنين واختاروا لها الفتح لئلا يجمعوا بين كسرة وياء وكسرة قبلها. قال سيبويه: ولو أردتَ الوصل لقلتَ: المَ اللهُ ففتحت الميم لالتقاء الساكنين كما فعلت بأينَ وكيفَ. قال الكسائي: حروف التهجّي إذا لَقِيَتْها ألف الوصل فَحُذِفَتْ ألف الوصل حَرّكتها بحركة الألف فقلت: المَ اللهُ والمُ اذكُروا والمِ اقتَرَبتْ. وقال الفراء: الأصل: ألمْ أَللهُ كما قرأ الرؤاسي أُلقِيَتْ حركة الهمزة على الميم وقال أبو الحسن بن كيسان: الألف التي مع اللام بمنزلة "قد" وحكمها حكم ألف القطع لأنهما حرفان جاءا لمعنى وإنما وُصِلَتْ لكثرة الاستعمال فلهذا ابتدئَتْ بالفتح. قال أبو اسحاق: الذي حكاه الأخفش من كسر الميم خطأ لا يجوز ولا تقوله العَرَبِ لِثقَلِه. {ٱلْحَيُّ ٱلْقَيُّومُ} وقرأ عمر بن الخطاب رضي الله عنه {القَيّام} وقال خارجة في مصحف عبدالله {الحَيّ القَيِّمُ}. قال أبو جعفر: القَيّوم فَيْعُولٌ الأصل فيه قَيْوُومُ ثم وقع الادغام، والقَيّام الفَيْعَال الأصل فيه القَيْوَام ثم أَدغَمَ وقيِّمٌ فَيْعِل عند البصريين الأصل فيه قَيْوِم ثم أُدغِمِ، وزعم الفراء أنّه فَعِيل. قال ابن كيسان: لو كان كما قال لما أُعِلّ كما لم يُعَلّ سويق وما أشبَهَهُ. اسم الله عز وجل مرفوع بالابتداء، والخبر {نَزّلَ عَلَيكَ الكتابَ} و {الحَيُّ القَيّومُ} نعت، وإن شئت كان الخبر {لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ} ثم جيء بخبرٍ بَعْدَ خبر {مُصَدِّقاً} نصب على الحال، وعند الكوفيين على القطع. قال أبو جعفر: وقد ذكرنا اشتقاق {التوراة والانجيل} في الكتاب الذي قبل هذا.

{ مِن قَبْلُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَأَنزَلَ ٱلْفُرْقَانَ إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَاتِ ٱللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَٱللَّهُ عَزِيزٌ ذُو ٱنْتِقَامٍ }
{مِن قَبْلُ..} [4]
غاية وقد ذكرناه هدى في موضع نصب على الحال ولم تتبيّن فيه الاعراب لأنه مقصور {إِنَّ ٱلَّذِينَ} اسم إنّ والصلة {كَفَرُواْ بِآيَاتِ ٱللَّهِ} والخبر {لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ} {وَٱللَّهُ عَزِيزٌ ذُو ٱنْتِقَامٍ} ابتداء وخبر، وكذا {هُوَ ٱلَّذِي يُصَوِّرُكُمْ} [6] وروى العباس بن الفضل عن أبي عمرو {هُوَ ٱلَّذِي يَصُوركُم}.

{ هُوَ ٱلَّذِيۤ أَنزَلَ عَلَيْكَ ٱلْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ ٱلْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ٱبْتِغَاءَ ٱلْفِتْنَةِ وَٱبْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ ٱللَّهُ وَٱلرَّاسِخُونَ فِي ٱلْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ ٱلأَلْبَابِ }
{هُوَ ٱلَّذِيۤ أَنزَلَ عَلَيْكَ ٱلْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ ٱلْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ..} [7]
هذه الآية كلها مُشْكِلةٌ. وقد ذكرناها، وسنزيدها شرحاً إنْ شاء الله. قال أبو جعفر: أحسن ما قيل في المحكمات والمتشابهات أنّ المحكمات ما كان قائماً بنفسه لا يَحْتاج أنْ يُرجَعَ فيه الى غيره نَحوَ {ولم يكن له كفؤاً أحَدٌ} {وإنّي لَغَفّار لِمَنْ تابَ وآمَنَ} والمتشابهات نَحوُ {إنّ اللهَ يَغفِرُ الذنوبَ جَمِيعاً} يُرجَعُ فيهِ الى قَولِهِ {وإني لغفارٌ لمن تَابَ} وإلى قوله {إِنّ الله لا يَغْفِرُ أن يُشْرَكَ بِهِ} فأما تَركُ صَرفِ "أُخَرُ" فلأنها معدولة عن الألف واللام. وقد ذكرناه {فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ} "الَّذِينَ" في موضع رفع رفع بالابتداء والخبر {يَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ} ويقال زاغ يزيغ زَيْغاً إذا ترك القصد {ٱبْتِغَاءَ ٱلْفِتْنَةِ} مفعول من أجله أي ابتغاء الاختبار الذي فيه غلوّ وإفساد ذات البين ومنه فلان مفتون بفلانة أي قد غلا في حبّها {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ ٱللَّهُ وَٱلرَّاسِخُونَ} عطف على الله جل وعز. هذا أحسن ما قيل فيه لأن الله جل وعز مدحهم/ 32 ب/ بالرسوخ في العلم فكيف يمدحهم وهم جُهّال. قال أبو جعفر: وقد ذكرنا أكثر من هذا الاحتجاج فأما القراءة المرويّة عن ابن عباس {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ ٱللَّهُ ويقول وَٱلرَّاسِخُونَ فِي ٱلْعِلْمِ} فمخالفة لمصحفنا وإنْ صَحّتْ فليس فيها حجة لمن قال الراسخون في العلم ويقول الراسخون في العلم آمنا بالله فأظهر ضمير الراسخين لِيُبَيِّنَ المعنى كما أنشد سيبويه:
لا أرَى الموتَ يَسْبِقُ الموتَ شَيءٌ * نَغّصَ الموت ذا الغِنَى والفَقِيرا
فإن قال قائل: قد أشْكَلَ على الراسخين في العلم بعض تفسيره حتى قال ابن عباس: لا أدري ما الأوّاه وما غِسلينَ فهذا لا يلزم لأن ابن عباس رحمه الله قد عَلِمَ بَعْدَ ذلِكَ وَفسّرَ ما وقف عنه وجوابٌ أقْطَع من هذا إنما قال الله عز وجل "وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ ٱللَّهُ وَٱلرَّاسِخُونَ فِي ٱلْعِلْمِ" ولم يقلْ جل وعز: وكل راسخ فيجبُ هذا فإذا لم يَعْلَمْهُ أحدُهُم عَلِمَهُ الآخر. قال ابن كيسان: ويقال: الراصخون بالصاد لغة لأنّ بعدها خاءً. {يَقُولُونَ} في موضع نصب على الحال من الراسخين كما قال:
الرِّيحُ تَبكِي شَجْوَهُ * والبَرقُ يَلْمَع في الغَمامَة
ويجوز أن يكون الراسخونَ في العلم تَمامَ الكلام ويكون يقولون مستأنفاً.

اعراب آيات سورة ( آل عمران )
{ رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ ٱلْوَهَّابُ }
{رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا..} [8]
جزم لأن لفظه لفظ النهي، ويجوز لا تَزِغْ قُلُوبنا رَفْعٌ بفعلها، ويجوز لا يَزغْ قُلُوبَنا على تذكير الجميع {وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنْكَ رَحْمَةً} لم تعرب لَدُنْ لأنها غير متمكنة وفيها تسع لغات: لغة أهل الحجاز لَدُنْ ويقال: لَدَن باسكان النون ولدُنِ بكسرها. قال الفراء: بعض بني تميم يقول لَد قال العجاج:
* من لَدُ شَوْلاً فإلَى اتلائِهَا *
وحكى الكسائي لَدَ يا هذا، وحكى أبو حاتم لَدْ باسكان الدال. قال الفراء: ربيعة تقول: من لَدْنِ يا هذا باسكان الدال وكسر النون، وأسد يقولون: لُدُنْ بضم اللام والدال واسكان النون، وحكى أبو حاتم لَدُنْ يا هذا بضم اللام واسكان الدال، ويقال: لَدِي بمعنى لَدُنْ.

{ رَبَّنَآ إِنَّكَ جَامِعُ ٱلنَّاسِ لِيَوْمٍ لاَّ رَيْبَ فِيهِ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُخْلِفُ ٱلْمِيعَادَ }
{رَبَّنَآ إِنَّكَ جَامِعُ ٱلنَّاسِ..} [9]
ويجوز جامعٌ الناسَ بالتنوين والنصب وهو الأصل وحُذِفَ التنوين استخفافاً، ويجوز جامعُ الناسَ بغير تنوين وبالنصب، وأنشد سيبويه:
فألفَيتُهُ غيرَ مُسْتَعتِبٍ * ولا ذاكِرِ اللهَ إلاّ قَلِيلاَ

{ إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَن تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلاَدُهُم مِّنَ ٱللَّهِ شَيْئاً وَأُولَـٰئِكَ هُمْ وَقُودُ ٱلنَّارِ }
{إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَن تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ..} [10]
وقرأ أبو عبدالرحمن {لَن يُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ} لأنه قد فَرَقَ وهو تأنيث غير حقيقي. قال أبو حاتم: بالتاء أجود مثلُ {شَغَلَتْنا أموالُنا}. {وَأُولَـٰئِكَ هُمْ وَقُودُ ٱلنَّارِ} وقرأ الحسن ومجاهد وطلحة بن مُصَرّفٍ {وُقُودُ} بضم الواو ويجوز في العربية اذا ضم الواو أن يقول: أقُود مِثلُ {أُقّتَتْ}.


اعراب آيات سورة ( آل عمران )
{ كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا فَأَخَذَهُمُ ٱللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَٱللَّهُ شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ }
{كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ..} [11]
وقد ذكرنا موضع الكاف، وزعم الفراء أن المعنى كَفَرتِ العرب كفراً ككفر آل فرعون. قال أبو جعفر: لا يجوز أن تكون الكاف مُتَعلِّقةً بكفروا لأن كفروا داخل في الصلة وكدأب خارج منها. قال أبو حاتم: وسمعت يعقوب يذكر {كَدَأَبِ} بفتح الهمزة وقال لي وأنا غُلَيّم: على أيّ شيء يجوز كَدَأَب فَقُلتُ: أظنّه من دَئِبَ يَدأبُ دَأَباً فَقَبِلَ ذلك مِنّي وتَعجّبَ من جودة تقديري على صِغَرِي ولا أدرِي أيُقالُ ذلك أم لا؟ قال أبو جعفر: هذا القول خطأ لا يقال البَتّةَ: دَئِبَ وانما يُقالُ: دَأَبَ يَدَأَبُ، دُؤُباً ودَأْباً، هكذا حكى النحويون منهم الفراء، حكى في "كتاب المصادر" كما قال:
كَدَأْبِكَ من أمِّ الحُويْرثِ قَبلَها * وجَارَتِهَا أمِّ الرَّبَاب بِمأسَلِ
فأما الدأبُ فإنهُ يجوز كما يقال: شَعْرٌ وشَعَر ونَهْر ونَهَر لأن فيه حرفاً من حروف الحَلْقِ.

{ قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ ٱلْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَأُخْرَىٰ كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِّثْلَيْهِمْ رَأْيَ ٱلْعَيْنِ وَٱللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَن يَشَآءُ إِنَّ فِي ذٰلِكَ لَعِبْرَةً لأُوْلِي ٱلأَبْصَارِ }
{قَدْ كَانَ/ 33 أ/ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ ٱلْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ..} [13]
بمعنى إِحدَاهما فئة وقرأ الحسن ومجاهد {فِئَةٍ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَأُخْرَىٰ كَافِرَةٍ} بالخفض على البدل قال أحمد بن يحيى ويجوز النصب على الحال أي التقتا مختلفتين قال أبو اسحاق: النصب بمعنى أعنِي. {تَرَوْنَهُمْ مِّثْلَيْهِمْ} نصب على الحال ومن قرأ {تُرَوْنَهُم} فالنصب عنده على خبر تُرَى وقد ذكرنا المعنى.

{ زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ ٱلشَّهَوَاتِ مِنَ ٱلنِّسَاءِ وَٱلْبَنِينَ وَٱلْقَنَاطِيرِ ٱلْمُقَنْطَرَةِ مِنَ ٱلذَّهَبِ وَٱلْفِضَّةِ وَٱلْخَيْلِ ٱلْمُسَوَّمَةِ وَٱلأَنْعَامِ وَٱلْحَرْثِ ذٰلِكَ مَتَاعُ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَٱللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ ٱلْمَآبِ }
{زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ ٱلشَّهَوَاتِ..} [14]
اسم ما لم يُسَمّ فاعله، وحُرِّكت الهاء من الشهوات فرقاً بين الاسم والنعت ويجوز اسكانها لأن بعدَها واواً. قال ابن كيسان: قال بعضهم لا تكون {ٱلْقَنَاطِيرِ ٱلْمُقَنْطَرَةِ} أقلّ من تسعة لأن معناها المجمّعة فالثلاثةُ قناطيرُ فإذا جَمَعْتَها صارت مِثلَ قولك: ثلاثُ ثلاثاتٍ {ٱلذَّهَبِ} مؤنثة يقال: هي الذهب الحسنة، وجَمْعُها ذِهَابٌ وذُهُوبٌ ويجوز أن يكون جمع ذهبةٍ وجمع فضة فِضَضٌ، والخيلُ مؤنّثة. قال ابن كيسان: حُدِّثتُ عن أبي عُبَيْدةَ أنه قال: واحد الخيل خائل مِثلُ طائر وطير وقيل له: خائل لأنه يختال في مِشْيَتِهِ قال ابن كيسان: اذا قلتَ: نَعَمٌ لم تك إلاّ للإِبل فإذا قلتَ: انْعَامٌ وقعت للإِبل وكل ما ترعى. لا يجوز أن تدغم الثاء من "ٱلْحَرْثِ" في الذال من "ذٰلِكَ" كما فعلَت في {يَلهثَ ذلك} لأن الراء من الحَرْثِ ساكنة فلو أدْغَمتَ اجتمع ساكنان.


اعراب آيات سورة ( آل عمران )
{ قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِّن ذٰلِكُمْ لِلَّذِينَ ٱتَّقَوْا عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِّنَ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ بَصِيرٌ بِٱلْعِبَادِ }
{قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِّن ذٰلِكُمْ لِلَّذِينَ ٱتَّقَوْا عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي..} [15]
رفع بالابتداء أو بالصفة. قال أبو حاتم: ويجوز {جَنَّاتٍ} بالخفض على البدل من خير، سمعتُ يعقوبَ يذكر ذلك وغيره ويجوز {بِشَرٍّ من ذلكم النارِ} بالخفض. قال ابن كيسان: ويجوز "جنّاتٍ" بالخفض على البدل وبالنصب على إِعادة الفعل ويكون للذين مُتَعلقاً بقوله: "أَؤُنَبِّئُكُمْ" على قول الفراء وتَبْيِيناً على قول الأخفش أي ملغاة. {وَأَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ} عطف على جنات.

{ ٱلَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَآ إِنَّنَآ آمَنَّا فَٱغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ ٱلنَّارِ }
{ٱلَّذِينَ يَقُولُونَ..} [16]
في موضع خفض أي للذين اتقوا عند ربهم الذين يقولون، إن شئت كان رَفْعاً أي هم الذين ونصباً على المدح أي أُعنى الذين.

{ ٱلصَّابِرِينَ وَٱلصَّادِقِينَ وَٱلْقَانِتِينَ وَٱلْمُنْفِقِينَ وَٱلْمُسْتَغْفِرِينَ بِٱلأَسْحَارِ }
{ٱلصَّابِرِينَ..} [17]
بدل من الذين إذا كان نصباً أو خفضاً وإن كان رفعاً كان الصابرين بمعنى أعني الصابرين {وَٱلصَّادِقِينَ وَٱلْقَانِتِينَ وَٱلْمُنْفِقِينَ وَٱلْمُسْتَغْفِرِينَ} عطف كله {بِٱلأَسْحَارِ} واحدها سَحَرٌ تقول: سِيرَ به سَحَرَ يا فتى لا ينصرف لأنه معدول عن الألف واللام وهو معرفة ولا يجوز أن يُرفَعَ إذا كان معرفة لأن الظروف إِنما تُرفَع ههنا مجازاً فإذا وقعت فيها عِلّةٌ أُقِرَّتْ على بابها نصباً فان نَكّرتَه جاز فيه الرفع وصُرِفَ. قال أبو اسحاق: السحرُ من حيثُ يُدبِرُ الليل إلى أن يَطلُعَ الفَجرُ الثاني.


اعراب آيات سورة ( آل عمران )
{ شَهِدَ ٱللَّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ وَٱلْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ ٱلْعِلْمِ قَآئِمَاً بِٱلْقِسْطِ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ }
{شَهِدَ ٱللَّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ..} [18]
قد ذكرنا فيه قراءات وفسرنا إعرابها فأما قراءة أبي المهلب {شُهَداءَ ٱللَّهُ} فهِي نصب على الحال ورُوِيَ عنه {شُهَدَاءُ الله} ويُروَى عنه {شهداءَ اللهِ}. {قَآئِمَاً بِٱلْقِسْطِ} نصب على الحال المُؤَكَّدةِ وعند الكوفيين على القطع وفي قراءة عبدالله {القائِمِ بِٱلْقِسْطِ} على النعت وفي قراءته.

{ إِنَّ ٱلدِّينَ عِندَ ٱللَّهِ ٱلإِسْلاَمُ وَمَا ٱخْتَلَفَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَآءَهُمُ ٱلْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ وَمَن يَكْفُرْ بِآيَاتِ ٱللَّهِ فَإِنَّ ٱللَّهَ سَرِيعُ ٱلْحِسَابِ }
{إِنَّ الدِّينَ عِندَ ٱللَّهِ ٱلإِسْلاَمُ..} [19]
وهذا بكسر "إِنّ" لا غير. قال الأخفش: المعنى وما اختلف الذين أُوتُوا الكتاب بغياً بينهم إِلاّ من بعد ما جاءهم العلم. قال أبو اسحاق: الذي هو أجود عندي أن يكون "بَغْياً" منصوباً بما دلّ عليه "وَمَا ٱخْتَلَفَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ" أي اختلفوا بغياً بينهم {وَمَن يَكْفُرْ بِآيَاتِ ٱللَّهِ} شرط والجواب {فَإِنَّ ٱللَّهَ سَرِيعُ ٱلْحِسَابِ} ويجوز رفع يكفر يُجْعَلُ "مَنْ" بمعنى الذي.

{ فَإنْ حَآجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ للَّهِ وَمَنِ ٱتَّبَعَنِ وَقُلْ لِّلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَٰبَ وَٱلأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُواْ فَقَدِ ٱهْتَدَواْ وَّإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ ٱلْبَلَٰغُ وَٱللَّهُ بَصِيرٌ بِٱلْعِبَادِ }
{.. وَمَنِ ٱتَّبَعَنِ..} [20]
حذفَتِ الياء في السواد لأن الكسرة تَدلّ عليها والنون عوض 33/ ب {وَّإِن تَوَلَّوْاْ} شرط والجواب {فَإِنَّمَا عَلَيْكَ ٱلْبَلاَغُ} وَٱللَّهُ بَصِيرٌ بِٱلْعِبَادِ} ابتداء وخبر.


اعراب آيات سورة ( آل عمران )
{ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ ٱللَّهِ وَيَقْتُلُونَ ٱلنَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ ٱلَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِٱلْقِسْطِ مِنَ ٱلنَّاسِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ }
{إِنَّ ٱلَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ ٱللَّهِ..} [21]
الذين اسم إِن والخبر {فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} فإن قيل: كيف دخلت الفاء في خبر "إنّ" ولا يجوز: إن زيداً فمنطلق؟ فالجواب أنّ "الذي" إذا كان اسم "إِن" وكان في صلته فعل كان في الكلام معنى المجازاة فجاز دخول الفاء، ولا يجوز ذا في لَيتَ ولَعلَّ وكأنّ لأنَّ "إِنّ" تأكيد. {وَيَقْتُلُونَ ٱلنَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ ٱلَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِٱلْقِسْطِ مِنَ ٱلنَّاسِ} وقرأ حمزة {وَيُقَاتِلونَ ٱلَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِٱلْقِسْطِ} وهو وجه بَعِيدٌ جدّاً لأنّ بعضَ الكلام معطوف على بعض والنسق واحد والتفسير يَدُلّ على "يَقْتُلُون". قال أبو العالية: كان ناس من بني اسرائيل جاءهم النبيّونَ يدعونهم الى الله جل وعز فقتلوهم فقام أناس من المؤمنين بعدهم فأمروهم بالاسلام فقتلوهم فيهم نزلت هذه الآية "إِنَّ ٱلَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ ٱللَّهِ" إلى آخرها ورَوَى شعبة عن أبي اسحاق عن أبي عُبَيْدةٍ عن عبدالله قال: كانت بنو إسرائيل تقتل في اليوم سبعين نَبِيّاً ثم يقوم سوق بقتلهم من آخر النهار.
قرأ أبو السمّال العدوي {أُولَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ} [22] وهي لغة شاذة.

{ ذٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ لَن تَمَسَّنَا ٱلنَّارُ إِلاَّ أَيَّاماً مَّعْدُودَاتٍ وَغَرَّهُمْ فِي دِينِهِمْ مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ }
{ذٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ..} [24]
"ذٰلِكَ" في موضع رفع على إضمار مبتدأ أي أمرهم ذلك.

{ فَكَيْفَ إِذَا جَمَعْنَاهُمْ لِيَوْمٍ لاَّ رَيْبَ فِيهِ وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ }
{.. لِيَوْمٍ لاَّ رَيْبَ فِيهِ..} [25]
أي في يوم. وقال البصريون: المعنى لحساب يوم واللام في موضعها. ويجوز في غير القرآن {وأُفّيَتْ} مثل {أُقّتتْ}.


اعراب آيات سورة ( آل عمران )
{ قُلِ ٱللَّهُمَّ مَالِكَ ٱلْمُلْكِ تُؤْتِي ٱلْمُلْكَ مَن تَشَآءُ وَتَنزِعُ ٱلْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَآءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَآءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَآءُ بِيَدِكَ ٱلْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * تُولِجُ ٱللَّيْلَ فِي ٱلْنَّهَارِ وَتُولِجُ ٱلنَّهَارَ فِي ٱلْلَّيْلِ وَتُخْرِجُ ٱلْحَيَّ مِنَ ٱلْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ ٱلَمَيِّتَ مِنَ ٱلْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَن تَشَآءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ }
{قُلِ ٱللَّهُمَّ مَالِكَ ٱلْمُلْكِ..} [26]
الفراء يذهب فيما يرى إلى أن الأصل في "ٱللَّهُمَّ" يا اللهُ أمنَا مِنكَ بخيرٍ فلما كثر واختلط حذفوا منه وإن الضمة التي في الهاء هي الضمة التي كانت في أمَّنا لمّا حُذِفَتْ انتَقَلتْ. قال أبو جعفر: هذا عند البصريين من الخطأ العظيم حتى قال بعضهم: هذا الحادٌ في اسم الله عز وجل. قال أبو جعفر: القول في هذا ما قاله الخليل وسيبويه ان الأصل يا اللهُ ثم جاءوا بحرفين عوضاً من حرفين وهما الميمان عوضاً من "يا" والدليل على هذا أنه ليس أحد من الفصحاء يقول: "يا الَّلهُمَّ" لأنهم لا يجمعونَ بينَ الشيءِ وعِوَضهِ، والضمة التي في الّلهُمّ عندهما هي ضمة المُنادَى المرفوع. فأمّا قول الفراء: إِنّ الأصل يا الله أمنَّا فلو كان كذا لوجب أن يقال: اْؤْمُمْ وأنْ يدغم فَيُضم ويكْسر وكانَ يجبُ أن تكونَ ألفُ وصلٍ لا حكم لها، وكانَ يجبُ أن يقال: يا الّلهُمَّ، وأيضاً فكيف يصحُّ المعنى أن يقال: يا اللهُ أَمَّنا مِنكَ بخيرٍ {مَالِكَ ٱلْمُلْكِ تُؤْتِي ٱلْمُلْكَ مَن تَشَآءُ} وهذا لا يُقدِّمُهُ أحدٌ بينَ يَدَي دُعائِه {مَالِكَ ٱلْمُلْكِ} منصوب عند سيبويه على أنه نداء ثانٍ ولا يجوز أن يكون عنده صفة لقوله: اللّهُمّ من أجل الميم وخالفه محمد بن يزيد وإبراهيم ابن السَّرِيّ في هذا وقالا: يجوز أن يكون صفة كما يكون صفة إِذا جِئْتَ بِيا. {تُؤْتِي ٱلْمُلْكَ مَن تَشَآءُ} روى محمد بن اسحاق عن محمد بن جعفر بن الزبير: أنّ وَفْدَ نَجْرَانَ أَتَوا النبيَّ صلى الله عليه وسلم فقرأ عليهم سورة آل عمران وفَسّرَ لهم مِنْ أولِها الى رأس الثمانين فقال: تُؤتِي المُلكَ من تشاء "ملكَ النبوةِ". قال ابن اسحاق: وكانوانَصَارَى فأعْلَم الله جل وعز بِعنَادِهْم وكفرهم وأنّ عيسى صلى الله عليه وسلم وإنْ كان الله جل وعز أعطاه آياتٍ تدلّ على نبوّتِهِ من إحياء الموتَى وغير ذلك فإن الله عز وجل منفرد بهذه الأشياء من قوله: {تُولِجُ ٱللَّيْلَ فِي ٱلْنَّهَارِ وَتُولِجُ ٱلنَّهَارَ فِي ٱلْلَّيْلِ وَتُخْرِجُ ٱلْحَيَّ مِنَ ٱلْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ ٱلَمَيِّتَ مِنَ ٱلْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَن تَشَآءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ}[27]
فلو كان إلها لكانَ هذا إليه فكان في ذلك اعتبار وآية بَيّنَةٌ ثم حذّر الله جل وعز المؤمنين وأَمَرَهُم ألاّ يتخذوهم أولياء فقال:
{لاَّ يَتَّخِذِ ٱلْمُؤْمِنُونَ ٱلْكَافِرِينَ}

{ لاَّ يَتَّخِذِ ٱلْمُؤْمِنُونَ ٱلْكَافِرِينَ أَوْلِيَآءَ مِن دُونِ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَمَن يَفْعَلْ ذٰلِكَ فَلَيْسَ مِنَ ٱللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلاَّ أَن تَتَّقُواْ مِنْهُمْ تُقَـٰةً وَيُحَذِّرُكُمُ ٱللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَىٰ ٱللَّهِ ٱلْمَصِيرُ }
{لاَّ يَتَّخِذِ ٱلْمُؤْمِنُونَ ٱلْكَافِرِينَ..} [28]
جزماً على التي وكُسِرتِ الذَال لالتقاء الساكنين. قال الكسائي: ويجوز {لاَّ يَتَّخِذُ ٱلْمُؤْمِنُونَ} بالرفع على الخبر كما يقال: ينبغي أن تفعل ذلك. {وَمَن يَفْعَلْ ذٰلِكَ/ 34 أ/ فَلَيْسَ مِنَ ٱللَّهِ فِي شَيْءٍ} شرط وجوابه أي فليس من أولياء الله مثل {وسْئَل القريةَ} {إِلاَّ أَن تَتَّقُواْ مِنْهُمْ تُقَاةً} مصدر وكذا تَقِيّة والأصل الواو {وَيُحَذِّرُكُمُ ٱللَّهُ نَفْسَهُ} قال أبو اسحاق: أي ويحذركم الله إِيّاه ثم استغنوا عن ذلك بذا وصار المستعمل. قال: وأما {تَعْلَمُ ما في نفسي ولا أعلَم ما في نَفْسِك} فمعناه تعلم ما عندي وما في حقيقتي ولا أعلم ما عندك ولا ما في حقيقتك، وقال غيره: "وَيُحَذِّرُكُمُ ٱللَّهُ نَفْسَهُ" أي عقابه مِثلُ {وَاسأل القرية}، وقال {تعلم ما في نفسي} أي مُغَيَّبِي فَجُعِلَتِ النفسُ في موضع الاضمار لأنه فيها يكون {ولا أعلم ما في نفسك} على الأزدواج.

{ يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَراً وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوۤءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدَاً بَعِيداً وَيُحَذِّرُكُمُ ٱللَّهُ نَفْسَهُ وَٱللَّهُ رَؤُوفٌ بِٱلْعِبَادِ }
{يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَراً..} [30]
"يَوْمَ" نصب بتقدير ويحذّركم الله نفسه يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضراً ويجوز أن يكونَ التقدير والى الله المصير يوم تجد كل نفس {مَّا عَمِلَتْ} مفعول {مُّحْضَراً} حال {وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوۤءٍ} معطوف على "مَّا" الأولى ولو كانت "ما" مُنْقَطِعَةً من الأولى على أن تكونَ شرطاً وتعطف جُملةً على جملةٍ لم يجز إِلاّ أن تَجزِمَ تَودُّ ولا نعلم أحداً قرأَ بِهِ وإن كان جائزاً في النحو. {أَمَدَاً} اسم أنّ {بَيْنَهَا} ظرف {بَعِيداً} من نعته {وَٱللَّهُ رَؤُوفٌ بِٱلْعِبَادِ} ابتداء وخبر.

اعراب آيات سورة ( آل عمران )
{ قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ ٱللَّهَ فَٱتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ ٱللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }
{قُلْ إِن كُنتُمْ..} [31]
شرط {تُحِبُّونَ} خبر كنتكم {فَٱتَّبِعُونِي} أَمرٌ والفاء وما بعدها جواب الشرط {يُحْبِبْكُمُ ٱللَّهُ} جواب الأمر وفيه معنى المجازاة والمحبة من الله جل وعز الثناء والثواب ورُوِيَ أنّ المسلمين قالوا: يا رسول الله إنّنا لَنُحِبُّ ربَّنَا فأنزلَ اللهُ عز وجل "قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ ٱللَّهَ فَٱتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ ٱللَّهُ" وعنه صلى الله عليه وسلم: "من أرادَ أنْ يحبّهُ اللهُ فَعَليه بِصِدْق الحَديثِ وأدَاءِ الأمانَةِ وإنّ لا يؤذي جارَهُ" وقرأ أبو رجاء العُطَارِديّ {فَٱتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ ٱللَّهُ} بفتح الياء. قال الكسائي: يقال: يَحِبُّ وتَحِبّ واحِبّ، ويِحِبُّ بكسر الياء وتِحبُّ ونِحبّ وإِحُبّ قال: وهذه لغة بعض قيس يعني الكسر قال: والفتح لغة تميم وأسد وقيس وهي على لغة من قال: حَبّ وهي لغة قد ماتَتْ. قال الأخفش: لم تَسمَعْ حَبَبْتُ. قال الفراء: لم نَسمَعْ حَبَبْتُ إِلاّ في بيت أنشده الكسائي:
وأُقسِم لولا تَمُرهُ ما حَبَبْتُهُ * ولا كان أدْنَى من عُبيدٍ ومُشْرِقِ
قال أبو جعفر: لا يجوز عند البصريين كسر الياء من يحب لثقلِ الكسرة في الياء فأما فَتحُها فمعروفٌ يدلّ عليه محبوب. {وَيَغْفِرْ لَكُمْ} عطف على يُحبْبكم وَرَوى محبوب عن أبي عمرو بن العلاء أنه أدغم الراء من "يَغْفِرْ" في اللام من "لَكُمْ". قال أبو جعفر: لا يجيز الخليل وسيبويه ادغامُ الراء في اللام لئلا يذهب التكرير وأبو عمرو أجلُّ من أن يغلط في مثل هذا ولَعَلّه كان يُخْفي الحركة كما يفعلُ في أشياءَ كثيرةٍ.

{ قُلْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَ فإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُحِبُّ ٱلْكَافِرِينَ }
{.. فإِن تَوَلَّوْاْ..} [32]
شرط إلاّ أنهُ ماضٍ لا يُعْرَبُ والتقدير فإن تولوا على كفرهم والجواب {فَإِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُحِبُّ ٱلْكَافِرِينَ}.

{ إِنَّ ٱللَّهَ ٱصْطَفَىٰ ءَادَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى ٱلْعَالَمِينَ }
{إِنَّ ٱللَّهَ ٱصْطَفَىٰ ءَادَمَ وَنُوحاً..} [33]
قال الفراء: أي إِنّ الله اصطفى دينهم. قال أبو جعفر: هذا التقدير لا يُحتَاجُ إليه لأن المعنى اختارهم ورُوِيَ عن ابن عباس أنه قال: أدم خلق من أدِيم الأرض. قال أبو جعفر: أديم الأرض وجهها فَسُمِّيَ آدم لأنه خلق من وجه الأرض. قال أحمد بن يحيى من قال سُمّيَ آدم من أديم الأرض فقد أخطأ في العربية لأنه يجب أن يصرفه لأنه فاعل مِثلُ طَابَق قال: ولكنه مشتق من شيئين أحدهما أن يكون مُشتقاً من قولهم: أدَمْتُ فلاناً بنفس أي خلطته فقيل آدم لأنه خلق من أخلاط قال: والقول عندي أنّ آدم أَفْعَل من الأَدْمَةِ في اللون. قال أبو جعفر: الذي أنكره أحمد بن يحيى قول أكثر النحويين وقد يجوز أن يكونَ آدم أَفْعَل مُشتقاً من أديم الأرض وأن يكون فاعلاً كما قال إلاّ أنا نُقدِّرهُ أَفعلَ فلا ينصرف ونوحٌ اسم أعجمي إِلاّ أنه انصرف لأنه على ثلاثة أحرف وقد يجوز أن يُشتقَّ من نَاحَ يَنوحُ. ولم ينصرف عِمْرانُ لأن في آخره ألفاً ونوناً زائدتين.


اعراب آيات سورة ( آل عمران )
{ ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ }
{ذُرِّيَّةً..} [34[
قال الأخفش: هي نصب على الحال وقال الكوفيون: على القطع وقال أبو إسحاق/ 34ب/: هي بدل. وذرّية مشتقة من الذَرّ لكثرتها وفيها تَقديرانِ تكون فُعْلِيّة وتكون فُعْلُولَة أصلها ذرّورة فاستثقلوا التضعيف فأَبدَلوا من الراء الأخيرة ياءاً ثم أدغموا الواو في الياء [فقالوا ذُرّيّة] ويقال: ذِرّيّة. {بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ} ابتداء وخبر.

{ إِذْ قَالَتِ ٱمْرَأَتُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّراً فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنتَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ }
{إِذْ قَالَتِ ٱمْرَأَتُ عِمْرَانَ..} [35]
قال أبو عبيدة: "إذْ" زائدة وقال محمد بن يزيد: التقدير أذكر إذْ قال وقال أبو اسحاق: المعنى واصطَفَى آلَ عِمْرانَ إذْ قالت امرأة عمران {رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّراً} [منصوب على الحال، وقيل: هو نعت لمفعول محذوف أي نذرت لك ما في بطني غلاماً مُحَرّراً] أي يَخدِمُ الكنيسة. قال أبو جعفر: القول الأول أولى من جهة التفسير وسياق اللام والاعراب فأمّا التفسير فَروَى أبو صالح عن ابن عباس قال: حَمَلتِ امرأةُ عِمْران بعد ما أسَنّتْ فنذرت ما في بطنها مُحَرراً فقال لها عمران: ما صَنَعتِ وَيحَكِ فَوَلَدتْ أُنثَى فقبلها رَبُّها بقبولِ حَسَنٍ وكان لا يُحَرّرُ إلاّ الغلمان فَتَساهَمَ عليها الاحبار بالأقلام التي يَكتُبونَ بها الوحْيَ فكفلها زكرياء واتَّخذَ لها مُرْضِعاً فلما شَبّت جعل لها محراباً لا يُرتَقَى إليه إِلاّ بسُلم فكان يجد عندها فاكهةَ الشتاء في القيظ وفاكهةَ القيظِ في الشتاء قال: يا مريم أَنَّى لكِ هذا قالت: هو من عند الله فعندَ ذلك طمع زكرياء في الولد. قال: إنّ الذي يأتيها بهذا قادرٌ على أن يَرزُقَنِي ولداً، وقال الضحاك: كان أمثرُ من يُجْعَلُ خادماً للأحبار يُنَبّأ فلذلك كان لا يُقْبَلُ إلاّ الغلمان. فهذا التفسير، وسياق الكلام أنها قالت: {رب إنّي وَضَعتُها أنثّى} أي وليس الأنثى مما يُقْبَلُ فقال اللَّهُ جل وعز {فَتَقبّلَها رَبّها بِقَبُولٍ حَسنٍ} وأما الاعراب فإِنّ إقامة النعت مقامَ المنعوتِ لا يجوز في مواضع ويجوز على المجاز في أخرى وحذف اللام في مثل هذا لا يُسْتَعمَلُ.

{ فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَآ أُنْثَىٰ وَٱللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ ٱلذَّكَرُ كَٱلأُنْثَىٰ وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وِإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ ٱلشَّيْطَانِ ٱلرَّجِيمِ }
{.. قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَآ أُنْثَىٰ..} [36]
[حال، وإن شئت بدل. {وَٱللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ} وقد ذكرنا أنه يقرأ {بما وَضَعْتُ} وهي قراءة بعيدة لأنها قد قالت: إِنّي وَضَعتُهَا أنثى] ورُوِي عن ابن عباس {بما وضَعْتِ} بكسر التاء أي قيل لها هذا {وَلَيْسَ ٱلذَّكَرُ كَٱلأُنْثَىٰ} الكاف في موضع نصب على خبر ليس أو على الظرف {وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ} مفعولان ولم تنصرف مريم لأنه اسم مؤنث معرفة وهو أيضاً أعجميّ {وَذُرِّيَّتَهَا} عطف على الهاء والألف.


اعراب آيات سورة ( آل عمران )
{ فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنبَتَهَا نَبَاتاً حَسَناً وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا ٱلْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقاً قَالَ يٰمَرْيَمُ أَنَّىٰ لَكِ هَـٰذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ ٱللَّهِ إِنَّ ٱللًّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَآءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ }
{فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ..} [37]
مصدر تَقَبَّلَ تَقَبُّلٌ إِلاّ أن معنى تقبَّلَ وقَبِلَ واحد فالمعنى فَقَبِلَها ربُّهَا بقبول حسن ونَظيرُهُ:
* وقَدْ تَطَوَّيتُ انطِواءَ الحِضْبِ *
لأن معنى تطوّيتُ وانطويتُ واحد. قال أبو جعفر: الحِضبِ الحيّة ومثله:
* ولَيسَ بأنْ تَتبَّعَهُ اتَّبَاعَاً *
{وَأَنبَتَهَا نَبَاتاً حَسَناً} ولم يقلْ: إِنباتاً لأنه لما قال: أنبتَها دلّ على نَبتَ كما قال:
فَصِرْنَا الى الحُسْنَى وَرقَّ كَلامُنَا * وَرُضتُ فَذلَّتْ صَعْبةً أيَّ إِذلالِ
وإنما مصدر ذَلَّتْ ذُلٌّ ولكنه قد دلّ على معنى أَذلَلْتُ وقرأ مجاهد {فَتَقَبَّلَهَا} باسكان اللام على الطلب والمسألة {رَبُّهَا} نداء مضاف {وَأَنبَتْهَا} باسكان التاء {وَكَفَّلْهَا} بإسكان اللام {زكريَاءَ} بالمد والنصب، وقرأ الكوفيون {وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا} أي وكفَّلها الله زكرياء، وروى هارون بن موسى عن عبدالله بن كثير وأبي عبدالله المدني {وكَفِلَها زكريّاءُ} بكسر الفاء. قال الأخفش سعيد: يقال: كَفَلَ يكْفُلُ وكَفِلَ يَكفَلُ ولم أسمع كَفُلَ وقد ذكِرَتْ. قال الفراء: أهلُ الحجاز يَمدّونَ زكريّاء ويَقصُرُونَه، أهل نَجدٍ يَحذِفُون منه الألف ويصرفونه فيقولون: زَكَرِيّ. قال الأخفش: فيه أربع لغات زكَرِياءُ بالمدّ وَزَكرِيّا بالقَصْرِ وزَكَرِيّ بتشديد الياء والصرف وزَكَر ورأيتُ زَكَرِياً. قال أبو حاتم: زَكَريّ بلا صرف لأنه أعجمِيّ. وهذا غلط لأن ما كانت فيه ياء مثل هذه انصرفَ ولم ينصرف زكريّاءُ في المدّ والقصر لأن فيه ألفَ تأنيثِ والدليل على هذا أنه لا يُصرَفُ في النكرة وقال قوم: لم ينصرف لأنه أعجميّ. {كُلَّمَا دَخَلَ} منصوب بوجد/ 35 أ/ أي كلَّ دُخولِهِ أي كلَّ وقتِ دُخُولِهِ، وإن شئت أمَلْتَ الألف من حساب لكسرَة الحاء.

{ هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ ٱلدُّعَآءِ }
{هُنَالِكَ..} [38]
في موضع نصب لأنه ظرف يتضمَّن المكان وأحوال الزمان وهو مبني لأنه بمنزلة ذلك وهنا بمنزلة هذا، وبنو تميم يقولون: هناك بمنزلة هنالك واللام مكسورة لالتقاء الساكنين، {ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً} على اللفظ.

{ فَنَادَتْهُ ٱلْمَلاۤئِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي ٱلْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَـىٰ مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِّنَ ٱللَّهِ وَسَيِّداً وَحَصُوراً وَنَبِيّاً مِّنَ ٱلصَّالِحِينَ }
{فَنَادَتْهُ ٱلْمَلاۤئِكَةُ..} [39]
وقرأ عبدالله بن مسعود وابن عباس {فناداه ٱلْمَلاۤئِكَةُ} وهو اختيار أبي عُبَيْدٍ ورُوِيَ عن جرير عن مغيرة عن ابراهيم كان عبدالله يُذكّرُ الملائكة في كل القرآن قال أبو عُبيدٍ: أنا اختار ذلك خِلافاً على المشركين لأنهم قالوا الملائكةُ بناتُ الله. قال أبو جعفر: هذا احتجاجٌ لا يحصل منه شيء لأن العَرَب تقول: قالت الرجال وقال الرجال وكذا النساء وكيف يَحْتَجُّ عليهم بالقرآن ولو جاز أن يُحْتَجَّ عليهم بهذا لجاز أن يَحْتَجُّوا بقوله {وإِذْ قالتِ الملائكة} ولكن الحجة عليهم في قوله جل وعز {أَشَهِدُوا خَلْقَهُم} أي فلم يشاهدوا خَلْقَهُم فكيف يقولون: إِنهم إناثٌ فقد عُلِمَ أنّ هذا ظنٌّ وهوىً، وأما فناداه فهو جائز على تذكير الجميع ونادته على تأنيث الجماعة. {وَهُوَ قَائِمٌ} ابتداء وخبر {يُصَلِّي} في موضع رفع، وإِنّ شئتَ كان نصباً على أنه حال من المضمر. {أَنَّ اللَّهَ} وقرأ حمزة والكسائي {إِنَّ اللَّهَ} أي قالت الملائكة: إن الله {يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَـىٰ} هذه قراءة أهل المدينة وقرأ حمزة {يَبْشُرُكَ} وقرأ حَميْد بن قيس المكيّ الأعرج {يُبْشِرُكَ} بضم الياء وإسكان الباء. قال الأخفش: هي ثلاث لغات بمعنى واحد وقال محمد بن يزيد: يقال: بَشَرْتُهُ أي أخبرتُهُ بما أظهَرَ في بَشَرتِهِ السرور وبَشّرتُهُ على التكثير قال أبو اسحاق يقال: بَشَرتُهُ أَبْشُرُهُ وابشرُهُ. قال الكسائي: سمعت غَنِيّاً تقول: بَشِرتُهُ أَبشَرُهُ. قال الأخفش: يقال: بَشرتُهُ فَبَشِرَ وابشَرَ أي سَرَرْتُه فَسُرَّ ومنه {وأبْشِرُوا بالجنَّةِ} قال الفراء: لا يقال: من هذا إِلاّ أبشَرَ وحُكِي عن محمد بن يزيد بَشّرتُهُ مثل قَرَّرتُهُ فأقرَّ وفَطّرتُهُ فأفطَرَ أي طاوعني {بِيَحْيَـىٰ} لم ينصرف لأنه فعل مستقبل سُمّيَ بهِ وقيل: لأنه أعجمي، ومذهب الخليل وسيبويه أنكَ إِنْ جمعته قلتَ يَحْيَونَ بفتح الياء في كل حال، وقال الكوفيون: إنْ كان عربياً فَتحتَ الياء وإن كان أعجمياً ضَممتها لأنه لا يُعرَفُ أصلها. {مُصَدِّقاً} حال {بِكَلِمَةٍ مِّنَ ٱللَّهِ} عيسى صلى الله عليه وسلم قيل: فرضَ عليه أن يَتَّبِعه {وَسَيِّداً وَحَصُوراً وَنَبِيّاً} عطف {مِّنَ ٱلصَّالِحِينَ}. قال أبو اسحاق. الصالح الذي يُؤدِّي لله جل وعز ما افتَرَضَ عليه والى الناس حُقُوقَهُم.


اعراب آيات سورة ( آل عمران )
{ قَالَ رَبِّ أَنَّىٰ يَكُونُ لِي غُلاَمٌ وَقَدْ بَلَغَنِي ٱلْكِبَرُ وَٱمْرَأَتِي عَاقِرٌ قَالَ كَذَلِكَ ٱللَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَآءُ }
{.. وَقَدْ بَلَغَنِي ٱلْكِبَرُ..} [40]
وبَلَغتُ الكِبَر واحد {وَٱمْرَأَتِي عَاقِرٌ} ابتداء وخبر في موضع الحال، وعاقر بلا هاء على النسب ولو كان على الفعل لَقِيلَ: عَقُرتْ فهي عَقِيرةٌ كأنّ بها عُقرا يمنعها من الولادة. {قَالَ كَذَلِكَ ٱللَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَآءُ} الكاف في موضع نصب أي يفعل ما يشاء مثل ذلك.

{ قَالَ رَبِّ ٱجْعَلْ لِّيۤ آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلاَّ تُكَلِّمَ ٱلنَّاسَ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ إِلاَّ رَمْزاً وَٱذْكُر رَّبَّكَ كَثِيراً وَسَبِّحْ بِٱلْعَشِيِّ وَٱلإِبْكَارِ }
{قَالَ رَبِّ ٱجْعَلْ لِّيۤ آيَةً..} [41]
"ٱجْعَلْ" بمعنى صيّر فلذلك وجب أنْ يتعدَّى إِلى مفعولين ولي في موضع الثاني وإذا كان بمعنى خلق لم يتعدَّ إِلاّ إِلى واحد نحو قوله {خلقَ الليل والنهارَ}. {قَالَ آيَتُكَ} ابتداء {أَلاَّ تُكَلِّمَ ٱلنَّاسَ} خبره ويجوز رفع تكلّم بمعنى أنك لا تكلّم الناس مثل {ألاّ يَرجِعُ إِليهِمْ قولاً} والكوفيون يقولون: الرفع على أن تكون "لا" بمعنى ليس {ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ} ظرف وقد ذكرنا قول قتادة أن زكريّاء عُوقِبَ بمنع الكلام حين سأل وهذا قول مرغوب عنه لأن الله عز وجل لم يخبرنا أن زكرياء أذنَب ولا أنه نهاه عن هذا والقول فيه أن المعنى اجعل لي علامة تَدلّ/ 35 ب/ على كَونِ الولدِ إذ كان ذلك مُغَيّبا عَنّي. قال الأخفش: {إِلاَّ رَمْزاً} استثناء ليس من الأول. قال الكسائي؛ يقال: رَمَزَ يَرْمُزُ ويَرْمِزُ وقرأ علقمةُ ابن قيس {إلاّ رُمُزاً} وقرأ الأعمش {إلاّ رَمَزاً} وهما اسمان والمُسكّنُ المصدر. {وَسَبِّحْ} أمر أي نَزِّهْ الله جل وعز عَمّا يقول المشركون وقيل: سَبّحْ أي صَلِّ ومنه فَرَغَ فلانٌ من سُبْحَتِهِ {بِٱلْعَشِيِّ} قِيل: هو جَمعُ وقيلَ: هو واحد والأولى أن يكونَ واحداً للمستقبل. قال الأصمعي: يقال: أنا آتيك عشيّ غدٍ وأنا آتيك عَشِيّةَ اليومِ وأتيتُهُ عَشِيّةَ أمسِ وعَشِيَّ أمسِ.

{ وَإِذْ قَالَتِ ٱلْمَلاَئِكَةُ يٰمَرْيَمُ إِنَّ ٱللَّهَ ٱصْطَفَـٰكِ وَطَهَّرَكِ وَٱصْطَفَـٰكِ عَلَىٰ نِسَآءِ ٱلْعَـٰلَمِينَ }
{.. إِنَّ ٱللَّهَ ٱصْطَفَاكِ..} [42]
الطاء مبدلة من تاء لأن الطاء بالصاد أشبه.


اعراب آيات سورة ( آل عمران )
{ يٰمَرْيَمُ ٱقْنُتِي لِرَبِّكِ وَٱسْجُدِي وَٱرْكَعِي مَعَ ٱلرَّاكِعِينَ }
{يٰمَرْيَمُ ٱقْنُتِي..} [43]
أمر فلذلك حذفت منه النون {وَٱسْجُدِي} عطف عليه يقال: سَجَدَ إذا تطامن وذَلّ وركع إِذا انحَنَى ومنه يقال: رَكعَ الشيخ مع الراكعين يجوز أن يكونَ معناه اركعي مع الذين يُصَلّون في جماعةٍ أن يكونَ معناه كوني مع الراكعين وإن لم تُصلّي مَعَهُمْ.

{ ذٰلِكَ مِنْ أَنَبَآءِ ٱلْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيكَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُون أَقْلاَمَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ }
{ذٰلِكَ..} [44]
في موضع رفع أي الأمر ذلك فهو خبر الأمر ويجوز أن يكون في موضع رفع بالابتداء وخبره {مِنْ أَنَبَآءِ ٱلْغَيْبِ}. {وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُون أَقْلاَمَهُمْ} "إِذ" في موضع نصب أي وما كنت لديهم ذلك الوقت "أَقْلاَمَهُمْ" جَمعُ قَلَم من قلمَهُ إذا قَطَعَهُ وقد ذكرنا أنه قيل: أقلامُهُم سِهَامُهم وأجودُ من هذا القول أي أقلامُهُم التي يَكتبُونَ بها الوَحيَ جمعوها فَرَموا بها في نهرٍ لينظروا أيُّها يَسْتقبلُ جَرْيَ الماء فيكون صاحبه الذي يكفل مريم أي يضمن القيام بأمرها. فأما أن تكونَ الاقلام القداح فَبَعيدٌ لأن هذه هي الأزلام التي نَهَى الله عز وجل عنها إِلاّ أنه يجوز أن يكونوا فعلوا ذلك على غير الجهة التي كانت الجاهلية تفعلها. {أَيُّهُمْ} ابتداء وهو متعلق بفعل محذوف أي ينظرون أيُّهم يكفل مريم وحكى سيبويه. اذهب فانظر زيد أبو منْ هو؟ وإن نصبت انقلب المعنى.

{ إِذْ قَالَتِ ٱلْمَلاۤئِكَةُ يٰمَرْيَمُ إِنَّ ٱللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ ٱسْمُهُ ٱلْمَسِيحُ عِيسَى ٱبْنُ مَرْيَمَ وَجِيهاً فِي ٱلدُّنْيَا وَٱلآخِرَةِ وَمِنَ ٱلْمُقَرَّبِينَ }
{إِذْ قَالَتِ ٱلْمَلاۤئِكَةُ..} [45]
متعلقة بيختصمون ويجوز أن تكونَ متعلقةً بقوله: {وما كنتَ لَدَيهِم} {بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ ٱسْمُهُ ٱلْمَسِيحُ} ولم يقل: اسمها لأن معنى كلمة ولد قال ابراهيم النخعيّ: المسيح الصدّيقُ. قال أبو عُبَيْدٍ: هو في لغتهم مسيحاً وقيل: إِنما سُمِّيَ المسيح لأنه مُسِحَ بدِهْنٍ كانت الأنبياء تَتَمسَّحُ بِهِ طَيّبِ الرائحة فإذا مُسّحَ به علم أنه نَبيّ. عِيسَى اسم أعجميٌّ فلذلك لم ينصرفْ وان جَعلتَهُ عربياً لم ينصرف في معرفة ولا نكرةِ لأن فيه ألف التأنيث، ويكون مشتقاً من عاسهُ يَعوسُهُ إذا ساسَهُ وقامَ عليه، ويجوز أن يكونَ مشتقاً من العَيَسِ ومن العَيْسِ قال الأخفش {وَجِيهاً} منصوب على الحال، وقال الفراء: هو منصوب على القطع. قال أبو اسحاق: النصب على القطع كلمة محال لأن المعنى أنه بُشِّرَ بعيسى في هذه الحال ولم يُبَيِّنْ معنى القطع فإن كان القطع معنى فَلَم يُبَيِّنْهُ ما هو؟ وإن كان لفظاً فَلَمْ يُبَيِّنْ ما العامل؟ وإن كان يريدُ أنّ الألف واللام قُطِعَتَا منه فهذا محال لأن الحال لا تكون إِلاّ نكرة والألف واللام بِمَعهودٍ فكيف يُقطَعُ منه ما لم يكُنْ فيه قَطّ. قال الأخفش {ومن المُقَرَّبِينَ} عطف على وجيه أي ومُقَرَّباً وجَمع وَجيهٍ وُجَهَاء وَوِجَاه.


اعراب آيات سورة ( آل عمران )
{ وَيُكَلِّمُ ٱلنَّاسَ فِي ٱلْمَهْدِ وَكَهْلاً وَمِنَ ٱلصَّالِحِينَ }
قال الأخفش: {وَيُكَلِّمُ..} [46]
عطف على {وَجِيهاً}. قال الأخفش والفراء {وَكَهْلاً} معطوف على وجيهاً. قال أبو اسحاق: وكهلاً بمعنى ويُكلِّم الناس كَهلاً. وروى ابن جريج عن مجاهد قال: الكَهْلُ الحليم. قال أبو جعفر: هذا لا يُعرَفُ في اللغة وإنما الكهل عند أهل اللغة مَنْ ناهزَ الأربعين وقال بعضهم: يقال له: حَدَثٌ/ 36 أ/ الى ستّ عشرة سنةً ثم شابٌّ إلى اثنتين وثلاثين سنةً ثم يَكتَهِلُ في ثلاث وَثَلاثِينَ. قال الأخفش: {وَمِنَ ٱلصَّالِحِينَ} عطف على {وجيهاً}.

{ قَالَتْ رَبِّ أَنَّىٰ يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكَ ٱللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ إِذَا قَضَىٰ أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ }
{.. إِذَا قَضَىٰ أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [47]
عطف على "يَقُولُ"، ويجوز أن يكون منقطعاً أي فهو يكون. وقد تكلم العلماء في معناه فقيل: هو بمنزلة الموجود المخاطب لأنه لا بدّ أن يكونَ ما أرادَ جل وعز فعلى هذا خوطب وقيل: أخبْرَ الله جل وعز بسرعة ما يُريدُ أنه على هذا وقيل: علامته لما يريدُ كما كان نَفْخُ عيسى عليه السلام في الطائر علامة لِخَلقِ اللهِ جل وعز إِيّاه. وقيل أي يُخرِجُهُ من العدم الى الوجود فخوطب العباد على ما يعرفون. وقيل له أي من أَجلِهِ كما تقول: أنا أكرم فلاناً لك أي من أجلك.

{ وَيُعَلِّمُهُ ٱلْكِتَٰبَ وَٱلْحِكْمَةَ وَٱلتَّوْرَاةَ وَٱلإِنْجِيلَ }
{وَيُعَلِّمُهُ ٱلْكِتَابَ وَٱلْحِكْمَةَ..} [48]
وقرأ أبو عمرو وحمزة والكسائي {وَيُعَلِّمُهُ} بالنون يَردّونه على قوله {نُوحِيهِ} والياء أَولَى لقوله: {وإِذا قَضَى أمراً فإنما يقول له كُنْ فيكون} فالياء أقرب. قال الأخفش {وَيُعَلِّمُهُ} في موضع نصب عطفاً على {وجيهاً}.

اعراب آيات سورة ( آل عمران )
{ وَرَسُولاً إِلَىٰ بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ أَنِيۤ أَخْلُقُ لَكُمْ مِّنَ ٱلطِّينِ كَهَيْئَةِ ٱلطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ ٱللَّهِ وَأُبْرِىءُ ٱلأَكْمَهَ وٱلأَبْرَصَ وَأُحْيِ ٱلْمَوْتَىٰ بِإِذْنِ ٱللَّهِ وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ }
{وَرَسُولاً إِلَىٰ بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ..} [49]
في نصبه قولان أحدهما أنّ التقدير ويجعله رسولاً والآخر ويكلمهم رسولاً. {أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ} أي بأني فأنّ في موضع نصب {أَنِّيۤ أَخْلُقُ لَكُمْ مِّنَ ٱلطِّينِ كَهَيْئَةِ ٱلطَّيْرِ} بدل منها ويجوز أن يكون في موضع خفض على البدل من آية ويجوز أن يكون في موضع رفع على اضمار مبتدأ أي هي أنّي اخلق لكم من الطين كهيئة الطير. {فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ ٱللَّهِ} هذه قراءة أبي عمرو وأهل الكوفة وقرأ يزيد بن القعقاع {كهيئة الطّائِر فأنفخُ فيه فيكون طائراً} وقرأ نافع {فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْراً} والقراءتان الأوليان أَبيَنُ والتقدير في هذه فانفخ في الواحد منها أو منه لأن الطير يُذكّر ويؤنث فيكون الواحد طائراً، وطائر وطير مثلُ تاجر وتَجْر. {وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ} أي بالذي تأكلونه ويجوز أن يكونَ ما والفعل مصدراً {وَمَا تَدَّخِرُونَ} وقرأ مجاهد والزهريّ وأيوب السختيانيّ {وما تَذْخَرُونَ} بالذال معجمة مخففاً. قال الفراء: أصلها الذال يعني تَذخرون من ذَخَرْتُ فالأصل تَذْتَخِرُونَ فثقل على اللسان جمع بين الذال والتاء فأدغموا وكرهوا أن تذهب التاء في الذال فيذهب معنى الافتعال فجاءوا بحرفٍ عَدَلَ بينهما وهو الدال فقالوا: تدّخرون. قال أبو جعفر: هذا القول غَلَطٌ بَيّن لأنهم لو أَدغَموا على ما قال لوجب أن يُدغِموا الذال في التاء وكذا باب الإِدغام أن يُدغَمَ الأول في الثاني فكيفَ تذهبُ التاء والصواب في هذا مذهب الخليل وسيبويه أنّ الذال حرف مجهور يمنع النَفَسَ أن يَجرِي والتاء حرف مهموس يَجرِي مَعَهُ النَفَسُ فأبدلوا من مخرج التاء حرفاً مجهوراً أشبه الذال في جهرها فصار تَذْدَخِرُونَ ثم أُدغِمتَ الذال في الدال فصار تدّخِرونَ: قال الخليل وسيبويه: وإِنْ شئتَ أدغَمت الدال في الذال فقلتَ تذّخِرونَ وليس هذا بالوجه.

{ وَمُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ ٱلتَّوْرَاةِ وَلأُحِلَّ لَكُم بَعْضَ ٱلَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ وَجِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُونِ }
{وَمُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ ٱلتَّوْرَاةِ..} [50]
أي وجئتكم مُصدّقاً. قال أحمد بن يحيى: لا يجوز أن يكونَ معطوفاً على {وجيهاً} لأنه لو كان كذلك لوجب أن يكون لما بَينَ يديهِ {وَلأُحِلَّ لَكُم} فيه حذف ليتعلق به لام كي أي ولا حِلّ لكم جئتكم وقد ذكرنا معناه ونزيده شرحاً قيل إنّما أحَلّ لَهُم عِيسَى عليه السلام ما حُرِّمَ عليهم بذنوبهم ولم يكن في التوراة نَحوَ أكلِ الشحوم وكلّ ذِي ظُفُرٍ وقيل: إنّما أحَلَّ لهم عيسى عليه السلام أشياء حرمتها عليهم الأحبار لم تكن محرمة عليهم في التوراة.

{ إِنَّ ٱللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَٱعْبُدُوهُ هَـٰذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ }
{إِنَّ ٱللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ..} [51]
بكسر "إن" على الابتداء وحكى أبو حاتم عن الأخفش: "أنّ بالفتح على البدل من آية ورده أبو حاتم وزعم أنه لا وجه له قال: لأن الآية العلامة/ 36 ب/ التي لم يكونوا رأوها فكيف يكون قولاً. قال أبو جعفر: ليس هكذا رَوَى من يضبط عن الأخفش ولا كذا في كتبه والرواية عنه الصحيحة أنه قال: وحكَى بعضهم "أَنَّ ٱللَّهَ" بفتح "أن" على معنى وجئتكم بأن الله ربّي وربّكم وهذا قول حسن.

اعراب آيات سورة ( آل عمران )
{ فَلَمَّآ أَحَسَّ عِيسَىٰ مِنْهُمُ ٱلْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنصَارِيۤ إِلَى ٱللَّهِ قَالَ ٱلْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ ٱللَّهِ آمَنَّا بِٱللَّهِ وَٱشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ }
{فَلَمَّآ أَحَسَّ عِيسَىٰ مِنْهُمُ ٱلْكُفْرَ..} [52]
قال الفراء: أرادوا قتله. قال أبو جعفر: يقال: أحْسَسْتُ وأحَسْتُ مِثلُ ظَللْتِ وظَلْتُ وحُكِيَ حَسِيْتُ بمعنى علِمتُ وعَرَفْتُ {قَالَ مَنْ أَنصَارِيۤ إِلَى ٱللَّهِ} قال الأخفش: واحد الأنصار نصير مِثلُ شَرِيف وأَشْرَاف وناصر مِثلُ صَاحِبِ وأصْحَابِ وقال محمد بن يزيد: العرب تقول في واحد الأنصار نَصَر شَبّهُوا فَعْلا بِفَعَل {وَٱشْهَدْ بِأَنَّا} الأصل بأننا حذفت النون تخفيفاً وكذا {إِنِّي مُتَوَفِّيكَ} [آية 55] والماكر الذي يحتال لمن يكيده والمكر من الله جل وعز مجازاة وعَدْلٌ فعلى هذا {.. وَٱللَّهُ خَيْرُ ٱلْمَاكِرِينَ} [54]

{ إِذْ قَالَ ٱللَّهُ يٰعِيسَىٰ إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَجَاعِلُ ٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُوكَ فَوْقَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ }
{.. إِنِّي مُتَوَفِّيكَ..} [55]
الأصل مُتَوفيُك حذفت الضمة واستثقالاً وهو خبر "إنّ" {وَرَافِعُكَ} عطف عليه وكذا {وَمُطَهِّرُكَ} وكذا {وَجَاعِلُ ٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُوكَ} ويجوز وجاعلٌ الذين اتبعوك وهو الأصل وقد قيل: إن التمام عند قوله وَمُطَهِّرُكَ من الذين كفروا وهو قول حسن يدلّ عليه الحديث والنظر فأما الحديث فَحَدَّثَنا جعفر بن محمد الفاريابي قال حدثنا ابراهيم بن العلاء الزبيديّ قال حدثنا الوليد بن مسلم قال حدثنا مروان بن جناح عن يونس بن مَيْسَرة بن حَلْبَسٍ عن معاوية بن أبي سفيان قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن في المسجد نتحدّث فقال: "أئنكم لتتحدثُون أني من آخركم موتاً قلنا: نعم يا رسول الله قال إني من أولكم موتاً" وذكر الحديث وقال في آخره وتلا {إِذْ قَالَ ٱللَّهُ يٰعِيسَىٰ إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَجَاعِلُ ٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُوكَ} يا محمد. {فَوْقَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ}. قال أبو جعفر: وأما من جهة النظر فإِن القرآن مُنَزلٌ على النبي صلى الله عليه وسلم فكل ما كان فيه من المخاطبة فهي له إلاّ أن يَقعَ دليلٌ وعلى هذا قوله جل وعز {وأذِّنْ في الناس بالحج} يجب أن يكون للنبي صلى الله عليه وسلم.

{ فَأَمَّا ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فَأُعَذِّبُهُمْ عَذَاباً شَدِيداً فِي ٱلدُّنْيَا وَٱلآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ مِّن نَّاصِرِينَ * وَأَمَّا ٱلَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَٱللَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلظَّالِمِينَ }
{فَأَمَّا ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ..} [56]، [57]
ابتداء وخبره {فَأُعَذِّبُهُمْ} ويجوز أن يكون الذين في موضع نصب باضمار فعلٍ وكذا. {وَأَمَّا ٱلَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ} وحَكَى سيبويه {وأما ثمودَ فَهَدَيْناهُم} بالنصب وحَدّثنا أحمد بن محمد بن خالد قال: حدثنا خَلف بن هشام قال حدثنا الخفّاف عن إسماعيل عن الحسن أنه قرأ {وَأَمَّا ٱلَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ فَنُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ}. قال أبو جعفر: والمعنى واحد أي فيوفيهم الله أجورهُم.

اعراب آيات سورة ( آل عمران )
{ ذٰلِكَ نَتْلُوهُ عَلَيْكَ مِنَ الآيَاتِ وَٱلذِّكْرِ ٱلْحَكِيمِ }
{ذٰلِكَ نَتْلُوهُ عَلَيْكَ..} [58]
"ذٰلِكَ" في موضع رفع بالابتداء وخبره "نَتْلُوهُ" ويجوز أن يكون في موضع رفع باضمار مبتدأ أي الأمر ذلك ويجوز أن يكون في موضع نصب باضمار فعل. قال أبو اسحاق: يجوز أن يكون ذلك بمعنى الذي ونتلوه صلته، والخبر {مِنَ الآيَاتِ}.

{ إِنَّ مَثَلَ عِيسَىٰ عِندَ ٱللَّهِ كَمَثَلِ ءَادَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ * ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلاَ تَكُنْ مِّن ٱلْمُمْتَرِينَ }
{كَمَثَلِ ءَادَمَ..} [59]
تَمّ الكلامُ ثم قال {خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ} أي فكان والمستقبل يكون في موضع الماضي إذا عُرِفَ المعنى.
قال الفراء: {ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّكَ..} [60] مرفوع باضمار هو.

{ فَمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَآءَكَ مِنَ ٱلْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَآءَنَا وَأَبْنَآءَكُمْ وَنِسَآءَنَا وَنِسَآءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَتَ ٱللَّهِ عَلَى ٱلْكَاذِبِينَ }
{فَمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ..} [61]
شرط والجواب الفاء وما بعدها. قال ابن عباس: هم أهل نجرانَ السيّدُ والعَاقِبُ وأبو الحارث. {تَعَالَوْاْ} أمر فيه معنى التحريض وبَيانُ الحُجّة {نَدْعُ} جواب الأمر مجزوم {ثُمَّ نَبْتَهِلْ} عطف عليه وحكَى أبو عبيدة بَهَلَهُ الله يَبْهَلُه بَهْلَةً أي لَعَنَهُ ونبتهل ندعو باللعنة {فَنَجْعَل لَّعْنَتَ ٱللَّهِ عَلَى ٱلْكَاذِبِينَ} عطف.


اعراب آيات سورة ( آل عمران )
{ إِنَّ هَـٰذَا لَهُوَ ٱلْقَصَصُ ٱلْحَقُّ وَمَا مِنْ إِلَـٰهٍ إِلاَّ ٱللَّهُ وَإِنَّ ٱللَّهَ لَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ }
{إِنَّ هَـٰذَا لَهُوَ ٱلْقَصَصُ/ 37 أ/ ٱلْحَقُّ..} [62]
هو زائدة فاصلة عند البصريين ويجوز أن تكون مبتدأة و "ٱلْقَصَصُ" خبرها والجملة خبر إنّ. {وَمَا مِنْ إِلَـٰهٍ إِلاَّ ٱللَّهَ} ويجوز النصب على الاستثناء.

{ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ بِٱلْمُفْسِدِينَ }
{فَإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ بِٱلْمُفْسِدِينَ..} [63]
شرط وجوابه وتولّوا فعل ماض لا يَتَبيّن فيهِ الجزم ويجوز أن يكونَ مستقبلاً ويكون الأصل تَتَولّوا.

{ قُلْ يٰأَهْلَ ٱلْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَىٰ كَلِمَةٍ سَوَآءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ ٱللَّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِّن دُونِ ٱللَّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ ٱشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ }
{قُلْ يٰأَهْلَ ٱلْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَىٰ كَلِمَةٍ..} [64]
وقرأ قَعْنَبٌ {كِلْمَةِ} ألقى حركة اللام على الكاف كما يقال: كبْدٌ قال أبو العالية: الكلمةُ لا إلهَ إلاّ اللهُ {سَوَآءٍ} نعت لكلمة وقرأ الحسن {سواءاً} بالنصب أي استوت استواءاً. قال قتادة: السواء العدل. قال الفراء: ويُقَالُ في معنى العدل سِوىً وسُوىً. قال: وفي قراءة عبدالله {إِلَىٰ كَلِمَةٍ عَدْلٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ} {أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ ٱللَّهَ} على البدل من كلمة وان شئتَ كان التقدير هي أنْ لا نعبُدَ إلاّ الله {وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً} قال الكسائي والفراء: ويجوز {وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً} بالجزم على التوهّم إنّهُ ليس في أولِ الكلام "أن" قال أبو جعفر التوهّم لا يحصل منه شيء ولكن مذهب سيبويه أنه يجوز في "نَعْبُدَ" وما بعده الجزم على أن تكون أنْ مُفَسِّرةً بمعنى أي كما قال عز وجل: {أن امشوا} وتكون "لا" جازمة ويجوز على هذا أن يُرفَعَ نَعبُدُ وما بعده ويكون خبراً ويجوز الرفع بمعنى أنّهُ لا نَعبدُ ومثلُهُ {أن لا يَرجِعُ إليهم قولاً} ومعنى {وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِّن دُونِ ٱللَّهِ} لا نعبدُ عيسى لأنه بَشَرٌ مِثلُنا ولا نقبلُ من الرهبان تَحرِيمَهم علينا ما لم يُحَرّمْهُ الله جل وعز علينا فنكون قد اتخذناهم أرباباً.

اعراب آيات سورة ( آل عمران )
{ يٰأَهْلَ ٱلْكِتَابِ لِمَ تُحَآجُّونَ فِيۤ إِبْرَاهِيمَ وَمَآ أُنزِلَتِ ٱلتَّورَاةُ وَٱلإنْجِيلُ إِلاَّ مِن بَعْدِهِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ }
{يٰأَهْلَ ٱلْكِتَابِ لِمَ تُحَآجُّونَ فِيۤ إِبْرَاهِيمَ..} [65]
الأصل لِمَا حُذِفَتِ الألف لأن حرف الجر عوض منها وللفرق بين الاستفهام والخَبَر ولم يَجُزْ الحذفُ في الخبر لأن الألف متوسطة.

{ هٰأَنْتُمْ هَؤُلاۤءِ حَاجَجْتُمْ فِيمَا لَكُم بِهِ عِلمٌ فَلِمَ تُحَآجُّونَ فِيمَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ * مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيّاً وَلاَ نَصْرَانِيّاً وَلَكِن كَانَ حَنِيفاً مُّسْلِماً وَمَا كَانَ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ }
{هٰأَنْتُمْ هَؤُلاۤءِ حَاجَجْتُمْ..} [66]
قال أبو عمرو بن العلاء الأصل أَأَنتم فأبدل من الهمزة الأولى هاء لأنها اختها. قال أبو جعفر: وهذا قولٌ حَسَنٌ وللفراء في هذا الاسم إذا دخلت عليها الهاء مذهبٌ وسنذكره بعد هذا. قال الحسن والضحّاك قال كعب بن الأشرف اليهوديّ وأصحابُهُ ونَفَرٌ من النصارى: إبراهيمُ منّا فأنزل الله جل وعز {مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيّاً وَلاَ نَصْرَانِيّاً وَلَكِن كَانَ حَنِيفاً مُّسْلِماً..} [آية 67] يعني بالحنيف الحاجّ فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: زعمتم أنّ ابراهيم كان منكم وقد كان ابراهيم يحجّ. قال أبو جعفر: الحَنيفُ في اللغة: إقبالُ صدر القَدَمِ على الأخرى من خِلْقَةٍ لا تزول فمعنى الحَنِيفُ عند العرب المائل إلى الإسلام على الحقيقة فأما إخباره جل وعز عن إبراهيم صلى الله عليه وسلم أنه كان مسلماً فَبيّنٌ، ويُعْلِمُ أنه كانَ مسلماً وجميع الأنبياء والصالحين بأن يعرَفَ ما الاسلامُ وما الايمانُ؟ وهو أصل من أصولِ الدينِ لا يَسعُ جهله ومعرفتهُ من اللغة. قال أبو جعفر: معنى مسلم في اللغة: مُتَذلِّلٌ لأمرِ الله مُنْطاعٌ لَهُ، ومعنى مؤمن: مُصَدِّقٌ بما جاء من عند الله قابلٌ له عاملٌ به في كلّ الأوقات، فهذا ما لا يُدْفَعُ أنه دين كل نَبيّ ومَلَكٍ وصَالحٍ.

{ إِنَّ أَوْلَى ٱلنَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ ٱتَّبَعُوهُ وَهَـٰذَا ٱلنَّبِيُّ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَٱللَّهُ وَلِيُّ ٱلْمُؤْمِنِينَ }
{إِنَّ أَوْلَى ٱلنَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ ٱتَّبَعُوهُ..} [68]
اسم "إنّ" وخبرها {وَهَـٰذَا ٱلنَّبِيُّ} معطوف على الذين، ويجوز وهذا النبيَّ بالنصب تعطفه على الهاء.

اعراب آيات سورة
( آل عمران )
{ وَدَّت طَّآئِفَةٌ مِّنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ لَوْ يُضِلُّونَكُمْ وَمَا يُضِلُّونَ إِلاَّ أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ }
{.. وَمَا يُضِلُّونَ إِلاَّ أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ} [69]
يُقالُ: أهذا عذر لهم ففيه جوابان: جملتهما أنه لا عُذرَ لهم فقيل: معنى لا يشعرون لا يَعْلمونَ بِصِحّةِ الاسلام وواجب عليهم أن يعلموا لأنّ البراهين ظاهرة والحجج باهرة وجوابٌ آخر أنهم لا يشعرون بأنهم لا يَصِلُونَ الى اضلالِ المُؤمِنِينَ.

{ يٰأَهْلَ ٱلْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ ٱلْحَقَّ بِٱلْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ ٱلْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ }
{يٰأَهْلَ ٱلْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ ٱلْحَقَّ بِٱلْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ ٱلْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [71]
ويجوز "وَتَكْتُمُوا ٱلْحَقَّ" على جواب الاستفهام.

{ وَقَالَتْ طَّآئِفَةٌ مِّنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ آمِنُواْ بِٱلَّذِيۤ أُنْزِلَ عَلَى ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَجْهَ ٱلنَّهَارِ وَٱكْفُرُوۤاْ آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ }
{وَقَالَتْ طَّآئِفَةٌ مِّنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ آمِنُواْ بِٱلَّذِيۤ/ 37 ب/ أُنْزِلَ عَلَى ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَجْهَ ٱلنَّهَارِ..} [72]
على الظرف وكذا {آخِرَهُ} ومذهب قتادة أنهم فعلوا هذا لِيُشكّكُوا المسلمين ورُوِي عن ابن عباس قال: نظر اليهود الى النّبِيّ صلى الله عليه وسلم يُصلّي الصبحَ الى بيتِ المقدسِ قِبلَتِهِمْ فأعجَبَهُمْ ذلك ثم حُوّلتِ القبلة في صلاة الظهر الى الكعبة فقالت اليهود: آمِنُوا بالذِي أُنزِلَ على الذينَ آمَنُوا وَجه النهارِ يعنون صلاة الصبح حينَ صلى الى بيت المقدس {وَٱكْفُرُوۤاْ آخِرَهُ} يعنون صلاة الظهر حِينَ صلّى الى الكعبة {لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} الى قبلتكم.

اعراب آيات سورة ( آل عمران )
{ وَلاَ تُؤْمِنُوۤاْ إِلاَّ لِمَن تَبِعَ دِينَكُمْ قُلْ إِنَّ ٱلْهُدَىٰ هُدَى ٱللَّهِ أَن يُؤْتَىۤ أَحَدٌ مِّثْلَ مَآ أُوتِيتُمْ أَوْ يُحَآجُّوكُمْ عِندَ رَبِّكُمْ قُلْ إِنَّ ٱلْفَضْلَ بِيَدِ ٱللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَآءُ وَٱللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ }
{وَلاَ تُؤْمِنُوۤاْ إِلاَّ لِمَن تَبِعَ دِينَكُمْ..} [73]
قال أبو جعفر: هذه الآية من أشكل ما في السورة وقد ذكرناها والاعراب يُبَيِّنُهَا. فيها أقوال: فمن قال: إنّ في الكلام تقديماً وتأخيراً فإِنّ المعنى: ولا تؤمنوا أن يأتي أحد مِثلَ ما أوتيتم إلاّ من اتّبَع دينكم وجعل اللام زائدة فهو عنده استثناء ليس من الأول وإِلاّ لم يَجُزْ التقديم ومن قال: المعنى على غير تقديم ولا تأخير جعلَ اللام أيضاً زائدةٍ أو متعلقةٍ بمصدر أي لا تجعلوا تصديقكم إلاّ لمن اتّبع دينكم بأن يُؤتى أحدٌ من العلم برسالة النبي صلى الله عليه وسلم مِثلَ ما أوتيتم وتقدير ثالثٌ أي كراهة أن يُؤتَى أحد مِثلَ ما أوتيتم. وقال الفراء: يجوز أن يكون قد انقطع كلامُ اليهود عند قوله إلاّ لِمَنْ تَبعَ دينكم ثم قال لمحمد صلى الله عليه وسلم {قُلْ إِنَّ ٱلْهُدَىٰ هُدَى ٱللَّهِ} أي إنّ البيانَ بيان الله أن يؤتى أحدٌ مِثل ما أوتيتم أي بَيّن ان لا يؤتى أحدٌ مِثلَ ما أوتيتم وصَلُحَتْ أحدٌ لأن "أنْ" بمعنى "لا" مِثلَ {يُبَيِّنُ الله لكم أنْ تَضِلُّوا} أي أن لا تَضلّوا قال أبو جعفر: في قوله "قُلْ إِنَّ ٱلْهُدَىٰ هُدَى ٱللَّهِ" قولان: أحدهما أنّ الهدى الى الخير والدلالة على الله بيد الله جل وعز يؤتيه أنبياءه فلا تُنكروا أن يُؤتَى أحدٌ سواكم مِثلَ ما أوتيتم فإن أنكروا ذلك فَقل إنّ الفضلَ بيد الله يؤتيه من يشاءُ، والقول الآخر: قُلْ إنّ الهدى هدى الله الذي أتاه المؤمنين من التصديق بمحمد صلى الله عليه وسلم لا غيره أنْ يُؤتَى أحدٌ مثلَ ما أوتيتم من البَراهِينَ والحُجَجِ والأخبار بما في كتبهم أو يحاجوكم عند ربكم. قال الأخفش: أي ولا يؤمنوا أن يُؤتَى أحدٌ مِثلَ ما أوتيتم ولا تصدقوا أن يُحَاجّوكم يذهب إلى أنه معطوف وقال الفراء: "أو" بمعنى حَتّى وإِلاّ أنْ.

{ وَمِنْ أَهْلِ ٱلْكِتَٰبِ مَنْ إِن تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَّنْ إِن تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لاَّ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلاَّ مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَآئِماً ذٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ لَيْسَ عَلَيْنَا فِي ٱلأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ ٱلْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ }
{وَمِنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ مَنْ إِن تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ..} [75]
وقرأ أبو الأشهب {مَنْ إنْ تِيْمَنْهُ} "مَنْ" في موضع رفع بالابتداء أو بالصفة والشرط وجوابه من صلتها عند البصريين وعند الكوفيين باضمار القول وتِيْمَنهُ، على لغة من قال: نِسْتعِينُ وفي {يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ} خَمسةُ أوجهٍ قُرِىءَ منها بأربعةٍ: أجودُهَا قِراءةُ نافع والكسائي {يُؤَدِّ هِي اليكَ} بياء في الإدراج وقرأ يزيد بن القعقاع {يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ} بكسر الهاء بغير ياء وقرأ أبو المنذر سلاّم {يؤدِّه إليك} بضم الهاء بغير واو كذا قرأ أخَواتِهِ نَحوَ {نُولّهُ ما تَولّى} و "عَلَيهُ" و "إليهُ" قال أبو عُبَيْدٍ: واتّفقَ أبو عمرو والأعمش وحمزة علىوَقْفِ الهاء فقَرءُوهُ {يُؤَدِّهْ إِلَيْكَ}. قال أبو جعفر: والوجه الخامس {يُؤدِّ هُو اليك} بواو في الادرَاج فهذا الأصل لأن الهاء خَفِيّةُ فزعم الخليل: أنها أُبدِلَتْ بِحَرفٍ جَلْدٍ وهو الواو وقال غيره: اختير لها الواو لأن الواو من الشفةِ والهاء بعِيدةُ المَخْرَجِ. وقال سيبويه: الواو في المذكَّر بمنزلة الألف في المؤنّث وتُبدَل منها ياء لأن الياء أخفُّ إذا كانت قَبلَها كسرة أو ياء وتُحذَفُ الياء وتَبقَى الكسرة لأن الياء قد كانت تُحذفُ والفعل مرفوع فأثبتت بحالها ومن قال "يُؤدّهُ إليك" فحُجّتُهُ أنه حذف الواو وأبقى الضمة كما كان مرفوعاً أيضاً فأما إسكانُ الهاء فلا يجوز إلا في الشعر عند بعض النحويين وبعضهم لا/ 38 أ/ يجيزه وأبو عمرو أجَلُّ من أن يَجُوزُ عليه مِثلُ هذا والصحيح عنه أنه كان يكسر الهاء وقرأ يحيى بن وثّاب والأعمش {إِلاَّ مَا دِمْتَ} بكسر الدال مِنْ دِمْتَ تَدَامُ مِثل خِفْتَ تَخَافُ لغة أزدِ السراةِ وحكَى الأخفش: دِمْتَ تَدومِ شاذاً. {ذٰلِكَ بِأَنَّهُمْ} أي فعلهم ذلك وأمرهم ذلك بأنّهم {قَالُواْ لَيْسَ عَلَيْنَا فِي ٱلأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ} أي طَريقُ ظلم.

{ بَلَىٰ مَنْ أَوْفَىٰ بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ }
قال الله جل وعز: {بَلَىٰ..} [76]
أي بلى عليهم سبيل العذاب بكذبهم واستحلالهم. قال أبو اسحاق: وتَمّ الكلام ثم قال {مَنْ أَوْفَىٰ بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى}. قال أبو جعفر: {مَنْ} رَفْعٌ بالابتداء وهو شرط و {أَوْفَىٰ} في موضع جزم {وَاتَّقَى} معطوف عليه أي واتقى الله فلم يكذبْ ولم يَستَحِلّ ما حُرّمَ عليه {فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ} أي يحبُّ أولئِكَ.


اعراب آيات سورة ( آل عمران )
{ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ ٱللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً أُوْلَـٰئِكَ لاَ خَلاَقَ لَهُمْ فِي ٱلآخِرَةِ وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ ٱللَّهُ وَلاَ يَنظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }
{إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ ٱللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً..} [77]
{الَّذِينَ} اسم "أُوْلَـٰئِكَ" ابتداء وما بعده خبره والجملة خبر "إن" {وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ ٱللَّهُ} قد ذكرنا معناه ونشرحه بزيادة يكون المعنى لا يُسْمِعُهُمُ الله كلامه بلا سَفيرٍ كما كلّم الله موسى صلى الله عليه وسلم فهذا معناه لا يُكلِّمُهم على الحقيقة ويكلّمهم مَجازاً بأن يأمرَ الملائكة أن تحاسبَهم كما قال {فَوَربِّكَ لنسألنّهم أجمعين عَمّا كانوا يعملون} وكذا {أينَ شركائِي} فإذا قالت لهم الملائكة يقول الله لكم كذا فَقَدْ كلّمهم مَجازاً وقيل معنى لا يكلّمهم يَغضبُ عليهم وقيل: المعنى على المجاز أي ولا يكلمهم كلام راض عنهم ولكن كلام مُوبّخٍ لهم ومُقَرّرٍ ومُوقِّفٍ. و {لاَ يَنظُرُ إِلَيْهِمْ} برحمته ولا يؤتيهم خيراً كما يقال: فلان لا ينظر الى وَلَدِهِ.

{ وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقاً يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِٱلْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ ٱلْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللًّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِندِ ٱللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى ٱللَّهِ ٱلْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ }
{وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقاً..} [78]
اسم "إِنّ" واللام توكيد. {يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ} وقرأ أبو جعفر وشيبة {يُلَوُّونَ ألسِنَتَهُم} على التكثير وقرأ حُمَيْدُ بن قيس {يَلُونَ ألسنتهم} وتقديره يَلْوونَ ثم هَمزَ الواو لانضمامها وخَفّفَ الهمزة وألقى حَركتَها على ما قبلها. ألسِنَة جَمعُ لِسَانٍ في لغة من ذكّر ومن أنّثَ قال: أَلسُن.

{ مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُؤْتِيهُ ٱللَّهُ ٱلْكِتَٰبَ وَٱلْحُكْمَ وَٱلنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُواْ عِبَاداً لِّي مِن دُونِ ٱللَّهِ وَلَـٰكِن كُونُواْ رَبَّـٰنِيِّينَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ ٱلْكِتَٰبَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ }
{مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُؤْتِيهُ..} [79]
نَصبٌ بأن {ثُمَّ يَقُولَ} عطف عليه وروى محبوب عن أبي عمرو ثم يقولُ بالرفع. والنصبُ أجودَ. {وَلَـٰكِن كُونُواْ رَبَّانِيِّينَ} حَذفَ القول والتقدير ولكن يقول وقال علي بن سليمان: المعنى ولكن لِيَقُلْ ودخلت الواو على لكن وهما حرفا عطف على قول قوم لضعف لكن قال ابن كيسان: الواو هي العاطفة ولكن للتحقيق {بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ ٱلْكِتَابَ} قراءة أبي عمرو وأهل المدينة وقرأ ابن عباس وأهل الكوفة {تُعَلِّمُونَ} بضم التاء وتشديد اللام وقرأ مجاهد {تَعلَّمونَ} بفتح التاء وتشديد اللام أي تتعلّمونَ ويَدْرسُون فخولف أبو عبيد في هذا الاختيار لأن شعبة رَوَى عن عاصم عن زرٍّ عن عبدالله بن مسعود "وَلَـٰكِن كُونُواْ رَبَّانِيِّينَ" قال حُكَماءُ عُلَماءَ وقال الضحاك لا ينبغي لأحد أن يَدَعَ حِفظَ القرآن جَهْدَه فإِن الله جل وعز يقول: "وَلَـٰكِن كُونُواْ رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ ٱلْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ" أي فقهاء علماءَ فقيلَ: يَبعُدُ أن يقال: كونوا حكماء علماء بتعليمكم والحسن كونوا حكماء علماء بعلمكم.

اعراب آيات سورة ( آل عمران )
{ وَلاَ يَأْمُرَكُمْ أَن تَتَّخِذُواْ ٱلْمَلاَئِكَةَ وَٱلنَّبِيِّيْنَ أَرْبَاباً أَيَأْمُرُكُم بِٱلْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُّسْلِمُونَ }
قال سيبويه: {وَلاَ يَأْمُرُكُمْ..} [80]
فجاءت منقطعة من الأول لأنه أراد ولا يأمرُكُم الله وقال الأخفش: أي وهو لا يأمُركُم وهذه قراءة أبي عمرو والكسائي وأهل الحَرَمَيْنِ وأما رواية اليزيدي عن أبي عمرو أنه أسكن الراء فغلط. قال سيبويه: وقرأ بعضهم {وَلاَ يأمُرْكُم} على قوله: {وما كانَ لِبَشَرٍ أن يُؤتِيَهُ الله}. قال أبو جعفر: النصب قراءة ابن أبي اسحاق وحمزة وعاصم. {أَن تَتَّخِذُواْ} أي بأن تتخذوا {ٱلْمَلاَئِكَةَ وَٱلنَّبِيِّيْنَ/ 38 ب/ أَرْبَاباً} وهذا موجود في النصارى يُعَظِّمونَ الملائكة والأنبياء حتى يجعلوهم أرباباً ، ويروون عن سليمان صلى الله عليه وسلم أنه قال ربّي لِربّي: اجلس عن يميني. يعنون قال الله جل وعز للمسيح صلى الله عليه وسلم.

{ وَإِذْ أَخَذَ ٱللَّهُ مِيثَاقَ ٱلنَّبِيِّيْنَ لَمَآ آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَآءَكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَىٰ ذٰلِكُمْ إِصْرِي قَالُوۤاْ أَقْرَرْنَا قَالَ فَٱشْهَدُواْ وَأَنَاْ مَعَكُمْ مِّنَ ٱلشَّاهِدِينَ }
{وَإِذْ أَخَذَ ٱللَّهُ مِيثَاقَ ٱلنَّبِيِّيْنَ لَمَآ آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ..} [81]
أي واذكر. قال سيبويه: سألت الخليل في قوله جل وعز "وَإِذْ أَخَذَ ٱللَّهُ مِيثَاقَ ٱلنَّبِيِّيْنَ" فقال: "ما" بمعنى الذي. قال أبو جعفر: التقدير على قول الخليل للذي آتَيتُكموه ثم حذف الهاء لطول الاسم فالذي رفع بالابتداء وخبره "مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ" و "مِن" لبيان الجنس وقال الأخفش: هي زائدة ويجوز أن يكون الخبر {لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ} وقال الكسائي: "ما" للشرط فعلى قوله موضعها نصب بآتَيتُكم وقرأ أهل الكوفة {لِمَآ آتَيْتُكُم} بكسر اللام وقال الفراء: أي أَخذَ الميثاق للذي آتاهم من كتاب وحكمة وجعلَ لَنؤمنُن به من أَخذِ الميثاق كما تقول: أخذت مِيثاقَكَ لَتَفعَلَنَّ. قال أبو جعفر: ولأبي عبيدة في هذا قول حسن، قال: المعنى وإِذْ أخَذَ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لَتُؤمِنُنّ بهِ لِمَا آتيتكم من ذكره في التوراة وقيل: في الكلام حذفٌ والمعنى وإذ أخَذَ الله ميثاق النبيين لتُعَلمُنّ الناس لِمَا جاءَكُم من كتاب وحكمة ولِتَأخُذُنّ على الناس أن يؤمنوا ودل على هذا الحذف {وَأَخَذْتُمْ عَلَىٰ ذٰلِكُمْ إِصْرِي}.

{ فَمَنْ تَوَلَّىٰ بَعْدَ ذٰلِكَ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْفَاسِقُونَ }
{فَمَنْ تَوَلَّىٰ بَعْدَ ذٰلِكَ..} [82]
شرط والمعنى فمن تولى عن الإيمان بعد أخذ الميثاق والجواب {فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْفَاسِقُونَ}.


اعراب آيات سورة ( آل عمران )
{ أَفَغَيْرَ دِينِ ٱللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ }
{أَفَغَيْرَ دِينِ ٱللَّهِ يَبْغُونَ..} [83]
نصبت "غيرَ" يبتغون {وَلَهُ أَسْلَمَ مَن فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ} وإِنْ شئتَ أَدغمتَ الميم في الميم وقد ذكرنا في معناه قولين: أولهما أن يكونَ المعنى وله خَضَع وذلّ مَنْ في السموات والأرض كما تقول: أسلمَ فلانٌ نَفسَهُ للِموتِ فالمعنى أن الله جل وعز خلق الخلق على ما أراد فمنهم الحسن والقبيح والطويل والقصير والصحيح والمريض وكلهم منقادون اضطراراً فالصحيح مُنقادٌ طايع محبّ لذلك والمريض منقاد خاضع وإن كان كارهاً و {طَوْعاً وَكَرْهاً} مصدر في موضع الحال أي طايعين مُكرَهينَ.

{ قُلْ آمَنَّا بِٱللَّهِ وَمَآ أُنزِلَ عَلَيْنَا وَمَآ أُنزِلَ عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَٱلأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَىٰ وَعِيسَىٰ وَٱلنَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ }
{قُلْ آمَنَّا بِٱللَّهِ..} [84]
فيه ثلاثة أجوبة يكون قل بمعنى قولوا لأنّ المخاطبة للنبي صلى الله عليه وسلم مخاطبة لأُمّتِهِ ويكون المعنى قل لهم قولوا آمنا بالله ويكون المراد الأمّة ونَظيرُهُ {يَا أَيُّهَا النبيُّ إذا طَلّقْتُم النساءَ}.

{ وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ ٱلإِسْلاَمِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي ٱلآخِرَةِ مِنَ ٱلْخَاسِرِينَ }
{وَمَن يَبْتَغِ..} [85]
شرط فلذلك حذفت منه الياء والجواب {فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ} وزعم أبو حاتم: أنّ أبا عمرو والأعمش قرءا {وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ ٱلإِسْلاَمِ دِيناً} مُدْغَماً. قال أبو جعفر: وهذا ليس بالجيّدِ من أجل الكسرة التي في الغين {وَهُوَ فِي ٱلآخِرَةِ مِنَ ٱلْخَاسِرِينَ}. قال هشام: أي وهو خاسر في الآخرة من الخاسرين ولولا هذا لَفَرقْتَ بين الصلة والموصول وقال المازني: الألف واللام مِثْلُهُمَا في الرجل وقال محمد بن يزيد: الظرف مُتعلّق بمصدر محذوف.

اعراب آيات سورة ( آل عمران )
{ كَيْفَ يَهْدِي ٱللَّهُ قَوْماً كَفَرُواْ بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُوۤاْ أَنَّ ٱلرَّسُولَ حَقٌّ وَجَآءَهُمُ ٱلْبَيِّنَاتُ وَٱللَّهُ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلظَّالِمِينَ }
{كَيْفَ يَهْدِي ٱللَّهُ قَوْماً كَفَرُواْ بَعْدَ إِيمَانِهِمْ..} [86]
حُذِفَتِ الضمة من الياء لثقلها وحُذِفَت الياء من اللفظ لالتقاء الساكنين وثَبَتَتْ في الخطّ لأنّ الكَتْبَ على الوقفِ.

{ إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ٱزْدَادُواْ كُفْراً لَّن تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ وَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلضَّآلُّونَ }
{إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بَعْدَ إِيمَانِهِمْ..} [90]
اسم "إنّ" والخبر {لَّن تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ} وقد ذكرنا في معناه أقوالاً وقد قيل أيضاً فيه: إِن المعنى إِن الذين كفروا بعدَ إِيمانهم ثم ازدادوا كُفراً لن تُقبَلَ تَوبتُهُم عند الموت. قال أبو جعفر: وهذا القول حسن كما قال عز وجل: {ولَيسَت التوبةُ للذينَ يَعملونَ السيّئاتِ حَتّى إِذا حَضَر أحَدَهُم الموتُ قال إِنّي تُبتُ الآنَ} وقيل: لن تقبل توبتهم التي كانوا عليها قبل أن يكفروا لأنّ/ 39 أ/ الكفر قد أحبطها. قال أبو جعفر: حَدّثَنا عليّ بن سليمان قال حدثنا أبو سعيد السُّكريّ قال حدثنا محمد بن حبيب قال حدثنا محمد بن المستنير وهو قُطْرُبٌ في قول الله جل وعز "إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ٱزْدَادُواْ كُفْراً لَّن تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ" وقد قال الله جل وعز في موضع آخر {وهو الذي يَقْبَلُ التوبة عن عِبَادِهِ} فهذه الآية في قوم من أهل مكة قالوا: نَتَرَبّص بمحمد صلى الله عليه وسلم ريبَ المنون فأن بدا لنا لارجعة رجعنا إلى قومنا فأَنزلَ الله جل وعز "إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ٱزْدَادُواْ كُفْراً لَّن تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ" أي لن تُقبلَ تَوبتُهُم وهم مُقيمونَ على الكفر فَسمّاها توبةً غَيرَ مقبولةٍ لأنه لم يصح من القوم عزمٌ والله جل وعز يقبل التوبة كلّها إِذا صحّ العزم.

{ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَمَاتُواْ وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَن يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِم مِّلْءُ ٱلأَرْضِ ذَهَباً وَلَوِ ٱفْتَدَىٰ بِهِ أُوْلَـٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ وَمَا لَهُمْ مِّن نَّاصِرِينَ }
{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَمَاتُواْ وَهُمْ كُفَّارٌ..} [91]
اسم "إِنّ" والخبر {فَلَن يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِم مِّلْءُ ٱلأَرْضِ} {ذَهَباً} منصوب على البيان. قال الفراء: يجوز رفعه على الاستئناف كأنه يريد هو ذهب. وقال أحمد بن يحيى: يجوز الرفع على التبيين لِملْءٍ.


اعراب آيات سورة ( آل عمران )
{ لَن تَنَالُواْ ٱلْبِرَّ حَتَّىٰ تُنْفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُواْ مِن شَيْءٍ فَإِنَّ ٱللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ }
{لَن تَنَالُواْ..} [92]
نصب بلن وعلامة النصب حذف النون وكذا {حَتَّىٰ تُنْفِقُواْ}.

{ كُلُّ ٱلطَّعَامِ كَانَ حِـلاًّ لِّبَنِيۤ إِسْرَائِيلَ إِلاَّ مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَىٰ نَفْسِهِ مِن قَبْلِ أَن تُنَزَّلَ ٱلتَّوْرَاةُ قُلْ فَأْتُواْ بِٱلتَّوْرَاةِ فَٱتْلُوهَا إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ }
{كُلُّ ٱلطَّعَامِ..} [93]
ابتداء والخبر {كَانَ حِـلاًّ} يقال: حِلٌّ وحَلالٌ وحِرْمٌ وحَرَامٌ. {إِلاَّ مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَىٰ نَفْسِهِ} استثناء.

{ قُلْ صَدَقَ ٱللَّهُ فَٱتَّبِعُواْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ }
قال علي بن سليمان:
{.. حَنِيفاً..} [95]
بمعنى أعني.

اعراب آيات سورة ( آل عمران )
{ إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكاً وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ }
{إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ..} [96]
اسم "إنّ" والخبر {لَلَّذِي بِبَكَّةَ} واللام توكيد {مُبَارَكاً} على الحال ويجوز في غير القرآن مبارك على أن يكون خبراً ثانياً وعلى البدل من الذي وعلى إضمار مبتدأ {وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ} عطف عليه ويكون بمعنى وهو هُدًى للعالمين والمعنى إِنّ أول بيت وضع للناس مباركاً وهدًى للعالمينَ لَلّذِي بِبِدكة كما روي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه سئل عنه أهو أول بيتٍ وُضِعَ للناسِ؟ فقال: لا قد كان نوح صلى الله عليه وسلم وقومُهُ في البيوت من قبل ابراهيم عليه السلام ولكنّه أولُ بيتٍ وَضِعَتْ فيه البركةُ ويجوز في غير القرآن مباركٍ بالخفض نعتاً لبيت.

{ فِيهِ ءَايَٰتٌ بَيِّنَـٰتٌ مَّقَامُ إِبْرَٰهِيمَ وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِناً وَللَّهِ عَلَى ٱلنَّاسِ حِجُّ ٱلْبَيْتِ مَنِ ٱسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ ٱلله غَنِيٌّ عَنِ ٱلْعَٰلَمِينَ }
{فِيهِ آيَاتٌ بَيِّـنَاتٌ..} [97]
رفع بالابتداء أو بِالصفةِ مقامٌ ابراهيمَ في رفعه ثلاثة أوجه: قال الأخفش: أي منها مقام ابراهيمَ وحُكِيَ عن محمد بن يزيد قال: "مَّقَامُ" بدل من آيات والقول الثالث بمعنى مَقامُ إِبراهيمَ وقول الأخفش معروفٌ في كلام العرب كما قال زهير:
لَهَا متاعٌ وأعوانٌ غَدَونَ لَهَا * قِتْبٌ وغَرْبٌ إِذا ما أُفرِغَ انسَحَقَا
وقول أبي العباس إِنّ مقاماً بمعنى مقامات لأنه مصدر قال الله جل وعز {خَتَم الله على قُلوبِهِمْ وعلى سَمْعِهِمْ} وقال الشاعر:
إِنّ العيونَ التي في طَرفِهَا مَرَضٌ * قَتَلنَنا ثُمّ لَمْ يُحْيِينَ قَتْلانا
ويُقوّي هذا الحديثُ المرويّ "الحجُّ كلّه مَقَامُ ابراهيمَ". {وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِناً} يجوز أن يكون معطوفاً على مقام أي وفيهِ مِنَ الآياتِ مَنْ دَخَلهُ كان آمناً لأن ذلك من الآيات كان الناس يُتَخطّفُونَ حَوالَى الحَرمِ فإِذا قصده ملكٌ هَلَك. ويجوز أن يكون {مَنْ} رفعاً بالابتداء والخبر {كَانَ آمِناً} {وَللَّهِ عَلَى ٱلنَّاسِ حِجُّ ٱلْبَيْتِ مَنِ ٱسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً} {مَنْ} في موضع خفض على بدل البعض من الكلّ هذا قولُ أكثرِ النحويين وأجاز الكسائي أن تكونَ "مَنْ" في موضع رفع، و {ٱسْتَطَاعَ} شرط والجواب محذوف أي مَن استطاع إليه سبيلاً فعليه الحج/ 39 ب/.

{ قُلْ يٰأَهْلَ ٱلْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا تَعْمَلُونَ }
{قُلْ يٰأَهْلَ ٱلْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا تَعْمَلُونَ} [98]
وقبلَ هذا {وأنتم تَشْهَدُونَ} فالله شهيد عليهم وهم يشهدون على أنفسهم بالكفر بآيات الله وقد ظَهَرَت البراهينُ..

اعراب آيات سورة ( آل عمران )
{ قُلْ يٰأَهْلَ ٱلْكِتَابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ مَنْ آمَنَ تَبْغُونَهَا عِوَجاً وَأَنْتُمْ شُهَدَآءُ وَمَا ٱللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ }
{.. لِمَ تَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ مَنْ آمَنَ تَبْغُونَهَا عِوَجاً..} [99]
أي تبغون لها وَحَذفَ اللام مثل {وإذا كالوهم} أي كالوا لهم يقال: بَغَيتُ له كذا وكذا وأَبغَيتُهُ أي أعنتُهُ عليه. {وَأَنْتُمْ شُهَدَآءُ} قيل: هذا للذين يعرفونه كما يعرفون أبناءهم وقيل "شُهَدَآءُ" اي عالمون أنها سبيل الله.

{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِن تُطِيعُواْ فَرِيقاً مِّنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ يَرُدُّوكُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ }
{.. إِن تُطِيعُواْ فَرِيقاً..} [100]
شرط فلذلك حذفت منه النون والجواب {يَرُدُّوكُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ}.

{ وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ آيَاتُ ٱللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَن يَعْتَصِم بِٱللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ }
{وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ..} [101]
{كَيْفََ} في موضع نصب وفُتِحَت الفاء عند الخليل وسيبويه لالتقاء الساكنين واختير لها الفتح لأن قَبلَ الفاء ياءاً فَثَقُلَ أنْ يَجمَعُوا بَينَ ياء وكسرة وقال الكوفيون: إذا التقى ساكنان في حرف واحد فُتِحَ أحدهُما وإذا كانا في حرفين كُسِرَ. {وَأَنْتُمْ تُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ آيَاتُ ٱللَّهِ} ابتداء وخبر في موضع الحال {وَفِيكُمْ رَسُولُهُ} رفع بالابتداء وإن شئتَ بالصفة على قول الكسائي: {وَمَن يَعْتَصِم بِٱللَّهِ} شرط والجواب {فَقَدْ هُدِيَ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ}.


اعراب آيات سورة ( آل عمران )
{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُّسْلِمُونَ }
{يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ..} [102]
مصدر والأصل في تقاةٍ تُقَيَةٌ قُلِبَتْ الياء ألفاً والتاء منقلبة من واو لأنّه من وَقَى ويجوز أن تأتي بالواو فتقول: وُقاة وإِنْ شِئتَ أَبدَلَت من الواو همزة فقلتَ: أُقَاةٌ مِثلُ: "أُقِّتَتْ" وقد ذكرنا {وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُّسْلِمُونَ}.

{ وَٱعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ ٱللَّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَٱذْكُرُواْ نِعْمَتَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَآءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنْتُمْ عَلَىٰ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ ٱلنَّارِ فَأَنقَذَكُمْ مِّنْهَا كَذٰلِكَ يُبَيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ }
{وَٱعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ ٱللَّهِ..} [103]
يقال: اعتصمتُ بفلان واعتصمتُ فلاناً والمعنى واعتصموا بالقرآن من الكفر والباطل. {جَمِيعاً} على الحال عند سيبويه {ولا تَفَرَّقوا} نهى فلذلك حُذِفَتْ منه النون والأصل تتفرقوا وقُرِئَ {ولا تَّفرَّقُوا} بإدغام التاء في التاء {فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً} خبر أصبح ويقال: أخوان مِثل حُمْلاَن والأصل في أخٍ أخَوٌ والدليل على هذا قولهم في التثنية أخَوانِ وكان يجب أن يقال: مررتُ باخاً كما يقال: مررت بِعَصاً إلا أنه حُذِفَ منه لتشبيهه بِغيرِهِ وقد حكى هشام: "مكرهٌ أخَاكَ لا بَطلٌ". {وَكُنْتُمْ عَلَىٰ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ ٱلنَّارِ} الأصل في شفا شَفَوٌ ولهذا يُكتَبُ بالألف ولا يمال {فَأَنقَذَكُمْ مِّنْهَا} الهاء تعود على النار لأنها المقصود أو على الحفرة أي فأنقذكم منها بالنبي صلى الله عليه وسلم.

{ وَلْتَكُن مِّنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى ٱلْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِٱلْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ ٱلْمُنْكَرِ وَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ }
{وَلْتَكُن..} [104]
أمر والأصل وَلِتَكُنْ حُذفَت الكسرة لثقلها وحُذفَت الضمة من النون للجزم وحذفت الواو لالتقاء الساكنين {أُمّة} اسم تكن {يَدْعُونَ إِلَى ٱلْخَيْرِ} في موضع النعت وما بعده عطف عليه.


اعراب آيات سورة ( آل عمران )
{ وَلاَ تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَٱخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَآءَهُمُ ٱلْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَـٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ }
{وَلاَ تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ تَفَرَّقُواْ..} [105]
الكاف في موضع نصب على الظرف وهي في موضع الخبر. قال جابر بن عبدالله {ٱلَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَٱخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَآءَهُمُ ٱلْبَيِّنَاتُ} اليهود والنصارى جاءهم مُذكّر على الجميع وجاءتهم على الجماعة.

{ يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا ٱلَّذِينَ ٱسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكْفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُواْ ٱلْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ }
{يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ..} [106]
ويجوز تبْيَضّ وتِسْوَدّ بكسر التاء لأنك تقول: إبيَضّتُ فتكسر التاء كما تكسر الألف ويجوز {تَبْيَاضُّ} وقد قرئ به ويجوز كسر التاء فيه أيضاً ويجوز {يَوْمَ يبيّض وُجُوهٌ} على تذكير الجميع ويجوز "أُجوهٌ" مِثلُ {أُقّتَتْ} {فَأَمَّا ٱلَّذِينَ ٱسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ} رفع بالابتداء وقد ذكرناه.

{ وَأَمَّا ٱلَّذِينَ ٱبْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ ٱللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ }
{وَأَمَّا ٱلَّذِينَ ٱبْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ..} [107]
ابتداء والخبر {فَفِي رَحْمَةِ ٱللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} تكون "هُمْ" زائدة وتكون مبتدأة ويجوز نصب خالدين على الحال في غير القرآن.


اعراب آيات سورة ( آل عمران )
{ تِلْكَ آيَاتُ ٱللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِٱلْحَقِّ وَمَا ٱللَّهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِّلْعَالَمِينَ }
{تِلْكَ آيَاتُ ٱللَّهِ..} [108]
ابتداء وخبر أي تلك المذكورة حجج الله جل وعز ودلائله ويجوز أن تكون آيات الله بدلاً من تلك ولا تكون نعتاً. لا يُنْعَت المُبْهَمُ بالمضافِ.

{ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِٱلْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ ٱلْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ ٱلْكِتَابِ لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ مِّنْهُمُ ٱلْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ ٱلْفَاسِقُونَ }
{كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ..} [110]
يجوز أن تكون كنتم زائدة أي خير أمّةٍ وأنشد سيبويه:
* وَجيرانٍ لَنا كانُوا كِرامِ *
ويجوز أن يكون المعنى كنتم في اللوح المحفوظ خير أمة ورَوَى سفيان عن مَيْسَرَة الأشجعي عن أبي حازم عن أبي هريرة {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ}/ 40 أ/ قال: تَجُرّونَ الناس في السلاسل الى الاسلام فالتقدير على هذا كنتم خير أُمّةٍ وعلى قول مجاهد كنتم خير أمةٍ إذا كنتم تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وقيل إنّما صارت أمة محمد صلى الله عليه وسلم خير أمة لأن المسلمين منهم أكثروا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فيهم أفشى، وقيل هذا لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كما قال النبي صلى الله عليه وسلم "خَيرُ الناسِ قَرنِي الذينَ بُعِثْتُ فيهم".

{ لَن يَضُرُّوكُمْ إِلاَّ أَذًى وَإِن يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ ٱلأَدْبَارَ ثُمَّ لاَ يُنصَرُونَ }
{لَن يَضُرُّوكُمْ..} [111]
نصب بلن وتمّ الكلام. {إِلاَّ أَذًى} استثناء ليس من الأول. {وَإِن يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ ٱلأَدْبَارَ} شرط وجوابه وتم الكلام {ثُمَّ لاَ يُنصَرُونَ} مستأنفٌ فلذلك ثَبَتَتْ فيه النون.


اعراب آيات سورة ( آل عمران )
{ ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ ٱلذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوۤاْ إِلاَّ بِحَبْلٍ مِّنَ ٱللَّهِ وَحَبْلٍ مِّنَ ٱلنَّاسِ وَبَآءُوا بِغَضَبٍ مِّنَ ٱللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ ٱلْمَسْكَنَةُ ذٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُواْ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ ٱللَّهِ وَيَقْتُلُونَ ٱلأَنْبِيَآءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذٰلِكَ بِمَا عَصَوْاْ وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ }
{ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ ٱلذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوۤاْ..} [112]
تم الكلام {إِلاَّ بِحَبْلٍ مِّنَ ٱللَّهِ} استثناء ليس من الأول أي لكنهم يعتصمون بحبل الله من الله وهو العهد.

{ لَيْسُواْ سَوَآءً مِّنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ أُمَّةٌ قَآئِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ ٱللَّهِ آنَآءَ ٱللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ }
{لَيْسُواْ سَوَآءً..} [113]
تم الكلام {مِّنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ أُمَّةٌ} ابتداء إلاّ أنّ للفراء فيه قولاً زعم أنه يرفَعُ أمة بِسَواء وتقديره ليس تستوي أمة من اهل الكتاب قائمة يتلون آيات الله وأمة كافرة. قال أبو جعفر: وهذا القول خطأ من جهات: إحداها أنه يَرفَعُ أمة بِسَواء فلا يعود على اسم ليس شيء يرفع بما ليس جارياً على الفعل ويُضمِرُ ما لا يحتاجُ اليه لأنه قد تقدم ذكر الكافرين فليس لاضمار هذا وجه، وقال أبو عُبَيدة: هذا مثل قولهم: أكلوني البراغيث، وهذا غلط لأنه قد تقدّم ذِكرُهُم واكلوني البراغيث لم يتقدّم لهن ذكر قال ابن عباس: "مِّنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ أُمَّةٌ قَآئِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ ٱللَّهِ" مَنْ آمَنَ مع النبي صلى الله عليه وسلم. قال الأخفش: التقدير من أهلِ الكتابِ ذو أمةٍ أي ذو طَريقةٍ حسنة وأنشد:
* وهَلْ يَأثَمَنْ ذُو أُمّةٍ وهو طائِعُ *
{آنَآءَ ٱللَّيْلِ} ظرف زمان.

{ يُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِٱلْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ ٱلْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي ٱلْخَيْرَاتِ وَأُوْلَـٰئِكَ مِنَ ٱلصَّالِحِينَ }
{يُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ..} [114]
يجوز أن يكون في موضع نصب على الحال، ويجوز أن يكون في موضع نعت لأمة، ويجوز أن يكون مستأنفاً وما بَعدَهُ، عطف عليه.



اعراب آيات سورة ( آل عمران )
{ إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلاَدُهُمْ مِّنَ ٱللَّهِ شَيْئاً وَأُوْلَـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ }
{إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ..} [116]
اسم "إنّ" والخبر {لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلاَدُهُمْ مِّنَ ٱللَّهِ شَيْئاً} {وَأُوْلَـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ} ابتداء وخبر، وكذا {هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} وكذا {مَثَلُ مَا يُنْفِقُونَ فِي هَـٰذِهِ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا كَمَثَلِ رِيحٍ} [آية 117] والتقدير كَمَثَلِ مُهْلَكِ ريحٍ. قال ابن عباس: الصِرّ البرد الشديد.

{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ لاَ يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّواْ مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ ٱلْبَغْضَآءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ }
{يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ..} [118]
قال الضحاك: هم الكفار والمنافقون. قال أبو جعفر: فيه قولان: أحدُهما "مِّن دُونِكُمْ" من سِوَاكُم. قال الفراء: {ويَعْمَلُونَ عَمَلاً دُونَ ذلِكَ} أي سوى ذلك والقول الآخر: لا تَتّخذُوا بطانة من دونكم في الستر وحُسْن المذهب وهذا يدلّ على أنه يجب على أهلِ السُّنّةِ مجانبةُ أهلِ الأهواء وتَركُ مُخَالَطتِهم لأنهم لا يتقون في التلبيس عليهم قال الله جل وعز {لاَ يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّواْ مَا عَنِتُّمْ} إلى آخر الآية.

{ هَآأَنْتُمْ أُوْلاۤءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلاَ يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِٱلْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوۤاْ آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْاْ عَضُّواْ عَلَيْكُمُ ٱلأَنَامِلَ مِنَ ٱلْغَيْظِ قُلْ مُوتُواْ بِغَيْظِكُمْ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ }
{هَآأَنْتُمْ أُوْلاۤءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلاَ يُحِبُّونَكُمْ..} [119]
زعم الفراء أنّ العرب إذا جاءت باسم مكنّي فأرادَتِ التقريب فرقت بين "ها" وبين الاسم المشار اليه بالاسم المكنّى يقول الرجل للرجل: أينَ أنتَ؟ فيقول: ها أنا ذا، ولا يجوز هذا عنده إلاّ في التقريب والمُضْمَرِ. وقال أبو اسحاق: هو جائز في المُضْمَرِ والمُظْهَرِ إلاّ أنه في المُضْمَر أكثر. قال أبو عمرو ابن العلاء: ها أنتم الأصل فيه أَاأَنْتُمْ بهمزتين بينهما ألف كما قال:
* أَاأَنْتِ أَمْ أُمُّ سَالِمِ *
ثم ثَقُلَ فأبدلوا من الهمزة هاءاً {أَنْتُمْ} رفع بالابتداء و {أُوْلاۤءِ} الخبر {تُحِبُّونَهُمْ} في موضع نصب على الحال وكُسِرت أولاءِ لالتقاء الساكنين ويجوز أن يكون أولاء بمعنى الذين وتُحبّونَهم صلة {وَلاَ يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِٱلْكِتَابِ كُلِّهِ} عطف والكتاب بمعنى الكُتُب.


اعراب آيات سورة ( آل عمران )
{ إِن تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُواْ بِهَا وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً إِنَّ ٱللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ }
{إِن تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ..}/ 40 ب/ [120]
شرط {تَسُؤْهُمْ} مجازاة وكذا {وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً} حُذِفَتِ الياء لالتقاء الساكنين لأنكَ لما حَذَفتَ الضمة من الراء بَقِيَتِ الراء ساكنة والياء ساكنة فَحُذِفَت الياء وكانت أولَى بالحذف لأن قبلها ما يدلّ عليها وحكى الكسائي أنه سمِع ضَارَهُ يَضُورُهُ وأجاز {لاَ يَضُرْكُمْ} وزعم أن في قراءة أُبي بن كعبٍ {لا يَضْرُرْكُمْ} فهذه ثلاثة أوجه، وقرأ الكوفيون {لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً} بضم الراء وتشديدها. وفيه ثلاثة أوجه، والثلاثة ضعاف منها أن يكونُ في موضع جزم وضُمّ لالتقاء الساكنين واختاروا الضمة وفيه ثلاثة أوجه لضمة الضاد، وهذا بعيد لأنه يشبه المرفوع والضم ثقيل وزعم الكسائي والفراء أنّ ذلك على اضمار الفاء كما قال:
مَنْ يَفْعَلِ الحَسَنَاتِ الله يَشْكُرها * والشرُّ بالشرِّ عِندَ اللهِ مِثْلانِ
وتقدير ثالث يكون لا يَضرُّكم أنْ تَصبروا وأنشد سيبويه:
* إنّكَ إنْ يُصْرَعْ أخُوكَ تُصْرَعُ *
فتح وزعم الفراء أنه على التقديم والتأخير. ورَوَى المُفضّل الضبيّ عن عاصم {لا يَضُرّكُم} بفتح الراء لالتقاء الساكنين لِخفّةِ الفتح والوجه والسادس "لا يَضرِّكم" بكسر الراء لالتقاء الساكنين.

{ وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّىءُ ٱلْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ }
{وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّىءُ ٱلْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ..} [121]
قال ابن عباس: هذا في يوم أُحُدٍ {إذ} في موضع نصب أي اذكرْ. وحكى الفراء: وإذي بالياء وفي قراءة ابن مسعود {تُبَوِّئ للمؤمنين} والمعنى واحد أي تَتّخِذُ للمؤمنين مقاعدَ ومنازلَ ولم ينصرف مقاعدُ لأن هذا الجمع لا نظير له في الواحد ولهذا لم يُجْمَعْ {والله سَمِيعٌ عَلِيمٌ} ابتداء وخبر أي سميع لما قالوا عليم بما يُخفُونَ.

{ إِذْ هَمَّتْ طَّآئِفَتَانِ مِنكُمْ أَن تَفْشَلاَ وَٱللَّهُ وَلِيُّهُمَا وَعَلَى ٱللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ ٱلْمُؤْمِنُونَ }
{إِذْ هَمَّتْ طَّآئِفَتَانِ مِنكُمْ أَن تَفْشَلاَ..} [122]
{إذ} في موضع نصب بِتُبَوِّئُ، والمصدر هَمّاً ومَهَمة وهمّة وهَمَماً {أَن تَفْشَلاَ} نصب بأنْ فلذلك حُذِفَتْ منه النون. {وَٱللَّهُ وَلِيُّهُمَا} ابتداء وخبر {وَعَلَى ٱللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ ٱلْمُؤْمِنُونَ} وان شئت كسرت اللام الأولى وهو الأصل ومعنى توكلت على الله، تَقَوّيتُ به وتَحَفّظتُ.


اعراب آيات سورة ( آل عمران )
{ وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ ٱللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ }
{وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ ٱللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ..} [123]
جمع ذليل وجمع فَعِيل إذا كانَ نعتاً على فُعَلاء فكَرِهُوا أن يقولوا: ذُلَلاءُ لِثقلِه فقالوا: أذِلّة جعلوه بمنزلة الاسم نحو رغيف وأرغفة.

{ إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيكُمْ أَن يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلاَثَةِ ءَالَٰفٍ مِّنَ ٱلْمَلاۤئِكَةِ مُنزَلِينَ }
{إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ..} [124]
وان شئتَ أدغمت اللام في اللام وجاز الجمع بين ساكنين لأن أحدهما حرف مدَّ ولين.

{ بَلَىۤ إِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ وَيَأْتُوكُمْ مِّن فَوْرِهِمْ هَـٰذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ ءَالَٰفٍ مِّنَ ٱلْمَلاۤئِكَةِ مُسَوِّمِينَ }
{بَلَىۤ..} [125]
تم الكلام. {إِنْ تَصْبِرُواْ} شرط {وَتَتَّقُواْ وَيَأْتُوكُمْ مِّن فَوْرِهِمْ} نسق {هَـٰذَا} نعت لفورهم {يُمْدِدْكُمْ} جواب {بِخَمْسَةِ آلاۤفٍ} دخلت الهاء لأن الألف مذكّر.


اعراب آيات سورة ( آل عمران )
{ وَمَا جَعَلَهُ ٱللَّهُ إِلاَّ بُشْرَىٰ لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ وَمَا ٱلنَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ ٱللَّهِ ٱلْعَزِيزِ ٱلْحَكِيمِ }
{وَمَا جَعَلَهُ ٱللَّهُ إِلاَّ بُشْرَىٰ لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ..} [126]
لام كي اي ولتطمئنَّ قلوبكم به جَعَلَهُ {وَمَا ٱلنَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ ٱللَّهِ ٱلْعَزِيزِ ٱلْحَكِيمِ}.

{ لِيَقْطَعَ طَرَفاً مِّنَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ أَوْ يَكْبِتَهُمْ فَيَنقَلِبُواْ خَآئِبِينَ }
{لِيَقْطَعَ طَرَفاً مِّنَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ..} [127]
أي بالقتل أي ليقطع طرفاً نَصْرُكُم ويجوز أن يكون مُتَعَلقاً بِيُمْدِدْكُم. قال أبو جعفر: وقد ذكرنا {أَو يَكْبِتَهُمْ} {أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ} [128]

{ يَٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ ٱلرِّبَٰواْ أَضْعَٰفاً مُّضَٰعَفَةً وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ }
{يَآ أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ ٱلرِّبَا أَضْعَافاً..} [130]
مصدر في موضع الحال {مُضاعفةً} نعته.


اعراب آيات سورة ( آل عمران )
{ وَسَارِعُوۤاْ إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا ٱلسَّمَٰوَٰتُ وَٱلأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ }
في مصاحف أهل الكوفة {وَسَارِعُوۤاْ..} [133] عطف جملة على جملة وفي مصاحف اهل المدينة بغير واو لأنه قد عُرِف المعنى. {وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا ٱلسَّمَاوَاتُ وَٱلأَرْضُ} ابتداء وخبر في موضع خفض {أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ}.

{ ٱلَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّآءِ وَٱلضَّرَّآءِ وَٱلْكَاظِمِينَ ٱلْغَيْظَ وَٱلْعَافِينَ عَنِ ٱلنَّاسِ وَٱللَّهُ يُحِبُّ ٱلْمُحْسِنِينَ }
{ٱلَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّآءِ وَٱلضَّرَّآءِ..} [134]
نعت للمتّقين وان شئتَ كان على اضمار مبتدأ وإن شئت أضمرتَ أعني. قال عُبَيْدُ بن عُمَير: السراء والضراء الرخاء والشدة {وَٱلْكَاظِمِينَ ٱلْغَيْظَ}/ 41 أ/ نسق وإِن جعلتَ الأول في موضع رفع كان هذا منصوباً على أعنِي مِثلَ {يُؤْمِنُونَ بِما أنزِلَ إليكَ وما أنزِلَ من قبْلِكَ والمُقِيمِينَ الصَّلاةَ} {وَٱلْعَافِينَ عَنِ ٱلنَّاسِ} عطف قال أبو العالية: أي عن المماليك.

{ وَٱلَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوۤاْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ ٱللَّهَ فَٱسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ ٱلذُّنُوبَ إِلاَّ ٱللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَىٰ مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ }
{وَٱلَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً..} [135]
نسق {وَمَن يَغْفِرُ ٱلذُّنُوبَ إِلاَّ ٱللَّهُ} أي ليس أحد يغفر المعصية ولا يزيل عقوبتها إلاّ الله جل وعز {وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَىٰ مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} قيل: أي وهم يعلمون أنّي أعاقب على الاصرار وقيل: وهو قولٌ حَسَنٌ "وَهُمْ يَعْلَمُونَ" أي يذكرون ذنوبهم فيتوبون منها وليس على الانسان إذا لم يَذكُر ذنبه ولم يَعْلَمْهُ أن يتوب منه بعينه ولكن يُعتَقَدُ أنّه كلّما ذكر ذنباً تابَ منهُ.


اعراب آيات سورة ( آل عمران )
{ أُوْلَـٰئِكَ جَزَآؤُهُمْ مَّغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ ٱلْعَامِلِينَ }
{أُوْلَـٰئِكَ جَزَآؤُهُمْ مَّغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ..} [136]
ابتداءان {وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ} نسق {خَالِدِينَ} على الحال.

{ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُواْ فِي ٱلأَرْضِ فَٱنْظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلْمُكَذِّبِينَ }
{قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُمْ سُنَنٌ..} [137]
السُّنّةُ في كلام العرب الطريق المستقيم وفلان على السّنةِ أي على الطريق المستقيم لا يميل الى شيء من الأهواء.

{ وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُّؤْمِنِينَ }
{وَلاَ تَهِنُوا..} [139]
نَهيٌ، والأصل: تَوْهِنُوا حُذِفَتِ الواو لأن بَعدَها كسرةً فأتبعت يَوْهُنُ {وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ} ابتداء وخبر وحُذِفَتِ الواو لالتقاء الساكنين لأن الفتحة تدلّ عليها.


اعراب آيات سورة ( آل عمران )
{ إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ ٱلْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ ٱلأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ ٱلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَآءَ وَٱللَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلظَّالِمِينَ }
{إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ..} [140]
وقرأ الكوفيون {قُرْحٌ} وقرأ محمد اليماني {قَرَحٌ} بفتح الراء. قال الفراء: كأن القُرْحَ أَلَمُ الجِرَاحِ وكأن القرح الجِرَاحُ بعينها وقال الكسائي والأخفش: هما واحد. قال أبو جعفر: هذا مِثلُ فَقْر وفُقْر فأمّا القَرَحُ فهو مصدر قَرِحَ يَقْرح قَرَحاً. {وَتِلْكَ ٱلأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ ٱلنَّاسِ} قيل: هذا في الحرب تكون مَرَّة للمؤمنينَ لِيَنصرَ الله دينَهُ وتكون مَرَّة للكافرِينَ إذا عَصَى المؤمنون لِيَبْتَليَهُمْ الله وليمحِّص ذنوبهم. وقيل: معنى نداولها بين الناس من فرح وغَمّ وصحّة وسقم لِنكد الدنيا وفَضْلِ الآخرة عليها. {وَلِيَعْلَمَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ} وحَذَفَ الفعل أي وليعلم الله الذين آمنوا داولها {وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَآءَ} أي لِيُقتَلَ قوم فيكونوا شهداء يوم القيامة على الناس بأعمالهم فقيل لهذا شهيد قيل: إِنّما سُمّيَ شَهِيداً لأنه مشهود له بالجنّة.

{ وَلِيُمَحِّصَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَيَمْحَقَ ٱلْكَافِرِينَ }
{وَلِيُمَحِّصَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ..} [141]
نسق أيضاً وفي معناه ثلاثة أقوال قيل: يمحّص يختبر وقال الفراء: أي وليمحّص الله ذنوب الذين آمنوا والقول الثالث أي يمحّصُ يُخْلِصُ وهذا أعرفها. قال الخليل رحمه الله يقال: مَحِصَ الحَبْلُ يَمْحَصُ مَحَصاً إذا انقلع وَبُرُه منه اللّهُمَّ مَحّصْ عنّا ذُنوبَنَا أي خلّصنا من عقوبتنا. {وَيَمْحَقَ ٱلْكَافِرِينَ} أي يستأصلهم.

{ أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ ٱلْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَيَعْلَمَ ٱلصَّابِرِينَ }
{أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ ٱلْجَنَّةَ} [142]
"أن" وصلتها يقومان مقام المفعولين. {وَلَمَّا يَعْلَمِ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ} أي علم شهادة والمعنى ولم تجاهدوا فَيعلَم ذلك منكم وفَرَقَ سيبويه بَيْنَ لَمْ ولمّا، فزعم أنّ لم يَفْعلْ نفي فَعَلَ وإِنّ لَمّا يَفْعَلْ نفي قَدْ فَعَلَ. {وَيَعْلَمَ ٱلصَّابِرِينَ} جواب، النفي، وهو عند الخليل منصوب باضمار أن، وقال الكوفيون: هو منصوب على الصرف، فيقال لهم ليس يخلو الصرف من أن يكون شيئاً لغير عِلّةٍ أو لعلة فَلِعلّة نُصِبَ ولا معنى لذكر الصرف. وقرأ الحسن ويحيى بن يعمر {وَلَمَّا يَعْلَمِ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَيَعْلَمَ ٱلصَّابِرِينَ} فهذا على النسق وقرأ مجاهد {وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ ٱلْمَوْتَ مِن قَبْلِ أَن تَلْقَوْهُ} [آية 143] {أنْ} في موضع نصب على البدل من الموت و {قَبْلِ} غاية.

اعراب آيات سورة ( آل عمران )
{ وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ ٱلرُّسُلُ أَفإِنْ مَّاتَ أَوْ قُتِلَ ٱنْقَلَبْتُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ ٱللَّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي ٱللَّهُ ٱلشَّاكِرِينَ }
{وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ ٱلرُّسُلُ..} [144]
ابتداء وخبر وبَطلَ عملُ ما رُويَ عن ابن عباس أنه قرأ {قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ رُسُلٌ} بغير ألف ولام. {أَفإِنْ مَّاتَ} شرط {أَوْ قُتِلَ} عطف عليه والجواب {ٱنْقَلَبْتُمْ} وكلّه استفهام ولم/ 41 أ/ تدخلْ ألف الاستفهام في انقلبتم لأنها قد دخلت في الشرط، والشرط وجوابه بمنزلة شيء واحد وكذا المبتدأ وخبره تقول: أزيدٌ مُنطِلقٌ؟ ولا تقول: أزيدٌ أمنطلقٌ.

{ وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلاَّ بِإِذْنِ ٱللهِ كِتَٰباً مُّؤَجَّلاً وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ ٱلدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ ٱلآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي ٱلشَّٰكِرِينَ }
{وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلاَّ بِإِذْنِ الله..} [145]
"أنْ" في موضع اسم كان. قال أبو اسحاق: المعنى وما كان لنفس لتموت إلا بإِذن الله. قال أبو جعفر: لنفس تبيين ولولا ذلك لكنتَ قد فَرقتَ بين الصلة والموصول. {كِتَاباً مُّؤَجَّلاً} مصدر ودل بهذه الآية على أن كلَّ انسان مقتول أو غير مقتول قد بلغ أجله وأن الخلق لا بد أن يبلغوا آجالهم آجالاً واحدة كتبها الله عليهم لأن معنى مؤجّلاً إلى أجل.

{ وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُواْ لِمَآ أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَمَا ضَعُفُواْ وَمَا ٱسْتَكَانُواْ وَٱللَّهُ يُحِبُّ ٱلصَّابِرِينَ * وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلاَّ أَن قَالُواْ ربَّنَا ٱغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِيۤ أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وٱنْصُرْنَا عَلَى ٱلْقَوْمِ ٱلْكَافِرِينَ }
{وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قُتِلَ..} [146]
قال الخليل وسيبويه: هي أيّ دخلت عليها كاف التشبيه فصار في الكلام معنى كم فالوقف على قوله وكأيّنْ وقرأ أبو جعفر وابن كثير {وكاإنْ} وهو مخفف من ذاك وهو كثير في كلام العرب. وقرأ الحسن وعكرمة وأبو رجاء {رُبيّونَ} بضم الراء. قال أبو جعفر: [وقد ذكر سيبويه مثل هذا] وقد ذكرنا معنى الآية: وقرأ أبو السمّال العدوى {فَمَا وَهْنُواْ لِمَآ أَصَابَهُمْ} باسكان الهاء وهذا على لغة من قال: وَهْنَ. حكى أبو حاتم: وَهِنَ يَهِنُ مثل وَرِمَ يَرِمُ ويجوز {ما ضَعْفُوا} باسكان العين بحذف الضمة والكسرة لثقلها وحكى الكسائي {وَمَا ضَعَفُوا} بفتح العين ولا يجوز حذف الفتحة لخفتها.
وقرأ الحسن {وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ..} [147] جعله اسم "كان" ومن نصب جعله خبر كان وجعلَ اسمها {أنْ قَالُوا} لأنه مُوجَبٌ.

اعراب آيات سورة ( آل عمران )
{ بَلِ ٱللَّهُ مَوْلاَكُمْ وَهُوَ خَيْرُ ٱلنَّاصِرِينَ * سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلرُّعْبَ بِمَآ أَشْرَكُواْ بِٱللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَمَأْوَاهُمُ ٱلنَّارُ وَبِئْسَ مَثْوَىٰ ٱلظَّالِمِينَ * وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ ٱللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّىٰ إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي ٱلأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِّن بَعْدِ مَآ أَرَاكُمْ مَّا تُحِبُّونَ مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ ٱلآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ وَٱللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ }
أجاز الفراء {بَلِ ٱللَّهُ مَوْلاَكُمْ..} [150] بمعنى أطيعوا الله مولاكم.
{سَنُلْقِي..} [151]
فعل مستقبل وحُذِفَتِ الضمة من الياء لثقلها وقرأ أبو جعفر والأعرج وعيسى {سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلرُّعْبَ} وهما لغتان. {مَثْوَىٰ ٱلظَّالِمِينَ} رفع بئس.
ويجوز {وَلَقَدْ صَدَّقَكُمْ} [152] مدغماً وكذا {إِذْ تَحُسُّونَهُمْ} {وَعَصَيْتُمْ مِّن بَعْدِ مَآ أَرَاكُمْ مَّا تُحِبُّونَ مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا} في موضع رفع بالابتداء أو بالصفة أي منكم من يريد الغنيمة بقتاله ومنكم من يريد الآخرة بقتال. {ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ} في هذه الآية غموض في العربية وذاك ان قوله جل وعز "ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ" ليس بمخاطبة للذين عصوا وإنما هو مخاطبة للمؤمنين وذلك أنّ النبي صلى الله عليه وسلم أمَرَهُم أن ينصرفوا الى ناحية الجبل لِيَتحرّزوا إذ كان ليس فيهم فضلٌ للقتال. {وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ} للعاصين خاصة وهم الرماة وهذا في يوم أُحُدٍ كانت الغلبةُ بدْئاً للمؤمنين حتى قتلوا صاحب راية المشركين فذلك قول الله تبارك وتعالى "وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ ٱللَّهُ وَعْدَهُ" فلما عصَى الرماةُ النبي صلى الله عليه وسلم وشُغِلُوا بالغنيمة صارت الهزيمة عليهم ثم عفا الله عنهم ونظير هذا من المضمر {فأنزَلَ الله سكِينَتَهُ عليه} أي على أبي بكر الصديق قَلِقَ حتّى تبين له رسول الله صلى الله عليه وسلم فَسكَنَ {وأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لم تَرَوها} للنبي صلى الله عليه وسلم.

{إِذْ تُصْعِدُونَ وَلاَ تَلْوُونَ عَلَىٰ أحَدٍ وَٱلرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِيۤ أُخْرَٰكُمْ فَأَثَـٰبَكُمْ غَمّاًً بِغَمٍّ لِّكَيْلاَ تَحْزَنُواْ عَلَىٰ مَا فَاتَكُمْ وَلاَ مَآ أَصَـٰبَكُمْ وَٱللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ }
{إِذْ تُصْعِدُونَ وَلاَ تَلْوُونَ عَلَىٰ أحَدٍ..} [153]
وقرأ الحسن {وَلاَ تَلُوْنَ} بواو واحدة وقد ذكرنا نظيره وروى أبو يوسف الأعشى عن أبي بكر بن عَيّاش عن عاصم {ولا تُلْوُون} بضم التاء وهي لغة شاذة. {فَأَثَابَكُمْ غَمّاًً بِغَمٍّ لِّكَيْلاَ تَحْزَنُواْ عَلَىٰ مَا فَاتَكُمْ} لَمّا صاح صائح يوم أُحُدٍ قُتِلَ محمد صلى الله عليه وسلم زال غَمّهم بما أصابهم من القتلِ والجراح لغلط ما وقعوا فيه، وقيل: وقَفهُم الله جل وعز على ذنبهم. فَشُغِلوا بذلك عما أصابهم وقيل فأثابكم أن غمّ الكفار كما غموكم لكيلا تحزنوا بما أصابكم دونهم.

{ ثُمَّ أَنزَلَ عَلَيْكُمْ مِّن بَعْدِ ٱلْغَمِّ أَمَنَةً نُّعَاساً يَغْشَىٰ طَآئِفَةً مِّنْكُمْ وَطَآئِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِٱللَّهِ غَيْرَ ٱلْحَقِّ ظَنَّ ٱلْجَٰهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَل لَّنَا مِنَ ٱلأَمْرِ مِن شَيْءٍ قُلْ إِنَّ ٱلأَمْرَ كُلَّهُ للَّهِ يُخْفُونَ فِيۤ أَنْفُسِهِم مَّا لاَ يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ ٱلأَمْرِ شَيْءٌ مَّا قُتِلْنَا هَٰهُنَا قُل لَّوْ كُنتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ ٱلَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ ٱلْقَتْلُ إِلَىٰ مَضَاجِعِهِمْ وَلِيَبْتَلِيَ ٱللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ }
{ثُمَّ أَنزَلَ عَلَيْكُمْ مِّن بَعْدِ ٱلْغَمِّ أَمَنَةً نُّعَاساً..} [154]

"أمَنة" منصوبة بأنزل/ 42 أ/ ونعاس بدل منها، ويجوز أن يكون "أَمَنَةً" مفعولاً من أجلِه ونعاساً بأنزل يغشى للنعاس وتغشى للأمنة. {وَطَآئِفَةٌ} ابتداء والخبر {قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ}، ويجوز أن يكون الخبر {يَظُنُّونَ بِٱللَّهِ غَيْرَ ٱلْحَقِّ} والواو بمعنى إذ والجملة في موضع الحال، ويجوز في العربية وطائفة بالنصب على اضمار أَهَمّتْ {ظَنَّ ٱلْجَاهِلِيَّةِ} مصدر أي يظنّون ظنّاً مثل ظنِّ الجاهلية وأقيم النعت مقام المنعوت والمضاف مقام المضاف اليه. {يَقُولُونَ هَل لَّنَا مِنَ ٱلأَمْرِ مِن شَيْءٍ} "مِنْ" الأولى للتبعيض والثانية زائدة {قُلْ إِنَّ ٱلأَمْرَ كُلَّهُ للَّهِ} اسم إنّ وكلَّهُ توكيد، وقال الأخفش: بدل. وقرأ أبو عمرو وابن أبي ليلى وعيسى {قُلْ إِنَّ ٱلأَمْرَ كُلُّهُ للَّهِ} رفع بالابتداء "ولله" الخبر والجملة خبر "إنّ" {قُل لَّوْ كُنتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ}، وقرأ الكوفيون {في بِيُوتِكم} بكسر الباء أُبدِل من الضمة كسرة لمجاورتها الياء. {لَبَرَزَ ٱلَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ ٱلْقَتْلُ إِلَىٰ مَضَاجِعِهِمْ} وقرأ أبو حَيْوة {لَبُرِزَ} والمعنى لو كنتم في بيوتكم لَبرزَ الذين كُتِبَ عليهم في اللوح المحفوظ القتلُ إلى مضاجعهم، وقيل: كُتِبَ بمعنى فرض {وَلِيَبْتَلِيَ ٱللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ} وحذف الفعل الذي مع لام كي والمعنى وليَبتلي الله ما في صدوركم فرض عليكم القتال والحرب ولم يَنْصركم يوم أحد لِيَختَبر صبركم ولِيُمَحّص عنكم سَيّئاتِكُم.


اعراب آيات سورة ( آل عمران )
{ إِنَّ ٱلَّذِينَ تَوَلَّوْاْ مِنكُمْ يَوْمَ ٱلْتَقَى ٱلْجَمْعَانِ إِنَّمَا ٱسْتَزَلَّهُمُ ٱلشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُواْ وَلَقَدْ عَفَا ٱللَّهُ عَنْهُمْ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ }
{إِنَّ ٱلَّذِينَ تَوَلَّوْاْ مِنكُمْ يَوْمَ ٱلْتَقَى ٱلْجَمْعَانِ..} [155]
"ٱلَّذِينَ" اسم "انّ" والخبر {إِنَّمَا ٱسْتَزَلَّهُمُ ٱلشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُواْ} أي استدعى زللهم بأن ذكّرهم خطاياهم فَكَرِهُوا الثبوت لِئلا يقتلوا، وقيل: ببعض ما كسبوا بانهزامهم.

{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَقَالُواْ لإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُواْ فِي ٱلأَرْضِ أَوْ كَانُواْ غُزًّى لَّوْ كَانُواْ عِنْدَنَا مَا مَاتُواْ وَمَا قُتِلُواْ لِيَجْعَلَ ٱللَّهُ ذٰلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ وَٱللَّهُ يُحْيِـي وَيُمِيتُ وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ }
{يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَقَالُواْ لإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُواْ فِي ٱلأَرْضِ أَوْ كَانُواْ غُزًّى..} [156]
جمع غازٍ مثل صائم وصُوَّم ويقال: غُزّاء كما يقال: صُوّام ويقال: غُزَاة وغَزِيّ كما قال:
* قُل لِلْقَوافِلِ والغَزِيّ إذا غَزَوا *
ورُوِيَ عن الزهري أنه قرأ {غُزَىً} بالتخفيف. {لِيَجْعَلَ ٱللَّهُ ذٰلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ} فيه قولان أحَدُهُما أنّ المعنى أنّ اللهَ جل وعز جَعَلَ ظَنَّهم أن اخوانهم لو قعدوا عندهم ولم يخرجوا مع النبي صلى الله عليه وسلم ما قُتِلُوا، والقول الآخر انّهم لما قالوا هذا لم يَلتَفِتِ المؤمنون الى قولهم فكان ذلك حسرة. {وَٱللَّهُ يُحْيِـي وَيُمِيتُ} أي يقدر على أن يحيي من خرج الى القتال ويميت من أقام في أهله.

{ وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِّنَ ٱللَّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ }
{وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ أَوْ مُتُّمْ..} [157]
قال عيسى أهل الحجاز يقولون: مِتّم وسُفلَى مضر يقولون: مُتّم بضم الميم. قال أبو جعفر: قول سيبويه انه شاذ جاء على مِتّ يَمُوتُ ومثله عنده فَضِلَ يَفْضُلُ وأما الكوفيون فقالوا من قال: مِتّ قال: يَمَاتُ مثل خِفتَ تَخَافُ ومن قال: مُتّ قال يَمُوتُ، وهذا قول حسن وجواب "أو" {لَمَغْفِرَةٌ مِّنَ ٱللَّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ} وهو محمول على المعنى لأن معنى ولئن قُتِلتُم في سبيل الله أو مُتّم ليغفرنّ لكم.


اعراب آيات سورة ( آل عمران )
{ وَلَئِنْ مُّتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لإِلَى ٱلله تُحْشَرُونَ }
{وَلَئِنْ مُّتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لإِلَى ٱلله تُحْشَرُونَ..} [158]
فوعظهم بهذا أي لا تَفِرّوا من القتال ومما أمَرتُكُم به وفِرّوا من عقاب الله فإِنكم إليه تُحْشَرُونَ لا يملك لكم أحَدٌ ضراً ولا نفعاً غَيرُهُ.

{ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ ٱللَّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ ٱلْقَلْبِ لاَنْفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَٱعْفُ عَنْهُمْ وَٱسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي ٱلأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى ٱللَّهِ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلْمُتَوَكِّلِينَ }
{فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ ٱللَّهِ..} [159]
"ما" زائدة وخفضت "رَحْمَةٍ" بالباء ويجوز أن تكون "ما" اسماً نكرة خفضاً بالباء ورحمة نعتاً لما ويجوز فبما رحمةٌ أي فبالذي هو رحمةٌ أي لطفٌ من الله جل وعز {لِنتَ لَهُمْ} كما قال:
* فَكَفَى بِنَا فَضلاً على مَنْ غَيرُنَا *
وغَيرِ أيضاً {وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً} على فَعَلَ الأصل فَظَظٌ {فَٱعْفُ عَنْهُمْ وَٱسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي ٱلأَمْرِ} والمصدر مشاورة وشِوَار فأما مشورة وشُورَى فمن الثلاثي {فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى ٱللَّهِ} وقرأ جابر بن زيد أبو الشعثاء وأبو نُهَيْكٍ {فإِذا عزَمْتُ} أي فتوكل على الله أي لا تتكل على عُدّتِك وتَقوَّ بالله، {إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلْمُتَوَكِّلِينَ}.

{ إِن يَنصُرْكُمُ ٱللَّهُ فَلاَ غَالِبَ لَكُمْ وَإِن يَخْذُلْكُمْ فَمَن ذَا ٱلَّذِي يَنصُرُكُم مِّنْ بَعْدِهِ وَعَلَى ٱللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ ٱلْمُؤْمِنُونَ }
{إِن يَنصُرْكُمُ ٱللَّهُ فَلاَ غَالِبَ لَكُمْ..} [160]
شرط والجواب في الفاء وما بعدها وكذا {وَإِن يَخْذُلْكُمْ فَمَن ذَا ٱلَّذِي يَنصُرُكُم مِّنْ بَعْدِهِ وَعَلَى ٱللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ ٱلْمُؤْمِنُونَ} أي فَلْيَثقُوا بالله وليرضوا بجميع ما فعله هذا معنى التوكل.


اعراب آيات سورة ( آل عمران )
{ وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ وَمَن يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ ثُمَّ تُوَفَّىٰ كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ }
{وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ..} [161]
قد ذكرناه وذكرنا قراءة ابن عباس {يَغُلّ} {ومَن يَغْلُلْ} شرط {يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ} جوابه أي ومن يَغْلُلْ بما غلّه يوم القيامة يحمله على رؤوس الأشهاد عقوبة له وفي هذا موعظة لكل من فعل معصيةً مستتراً بها وتَمّ الكلام. {ثُمَّ تُوَفَّىٰ كُلُّ نَفْسٍ} عطف جملة على جملة.
ابتداء وخبر يكون "هُمْ" لِمَنْ اتبَعَ رِضْوانَ الله ودخل الجنة أي هم متفاضلون ويجوز أن يكونَ "هم" لِمَنْ اتبع رضوان الله ولمن.

{ هُمْ دَرَجَـٰتٌ عِندَ ٱللَّهِ وٱللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ }
{هُمْ دَرَجَاتٌ عِندَ ٱللَّهِ..} [163]
ابتداء وخبر يكون "هُمْ" لِمَنْ اتبَعَ رِضْوَانَ الله ودخل الجنة أي هم متفاضلون ويجوز أن يكونَ "هُمْ" لِمَنْ اتبع رضوان الله ولمن باء بسخطه، ويكون المعنى لكل واحد منهم حَظّه من عمله.

{ لَقَدْ مَنَّ ٱللَّهُ عَلَى ٱلْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُواْ عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ ٱلْكِتَابَ وَٱلْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ }
{لَقَدْ مَنَّ ٱللَّهُ عَلَى ٱلْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنْفُسِهِمْ..} [164]
"إذ" ظرف والمعنى في المنّة فيه أقوال منها أن يكونَ معنى من أنفسهم أنهُ بَشَرَ مِثلُهم فلما أظهر البراهين وهو بشرٌ مِثلُهم علِمَ أنّ ذلك من عند الله جل وعز، وقيل: من أنفسهم منهم، فَشَرفُوا بِهِ فكانت تلك المنة، وقيل: من أنفسهم أي يعرفونه بالصدق والأمانة فأما قول من قال معناه من العرب فذلك أجدر أن يصدقوه إِذا لم يكن من غيرهم فخطأ لأنه لا حجة لهم لهم في ذلك لو كان من غيرهم كما أنه لا حجة لغيرهم في ذلك: {يَتْلُواْ عَلَيْهِمْ} في موضع نصب نعت لرسول.

اعراب آيات سورة ( آل عمران )
{ أَوَ لَمَّآ أَصَـٰبَتْكُمْ مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّىٰ هَـٰذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }
{أَوَ لَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِّثْلَيْهَا..} [165]
المصيبة التي قد أصابتهم يوم أُحُدٍ أصابوا مِثْليهما يوم بَدْرٍ [، وقيل: أصابوا مِثْلَيْها يومَ بدر] ويوم أُحُدٍ جميعاً.

{ وَمَآ أَصَابَكُمْ يَوْمَ ٱلْتَقَى ٱلْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ ٱللَّهِ وَلِيَعْلَمَ ٱلْمُؤْمِنِينَ }
{.. فَبِإِذْنِ ٱللَّهِ..} [166]
قيل: يعلمه ولا يُعرَفُ في هذا إلاّ الأذن ولكن يكون فبإِذنِ الله فَبِتخليتهِ بَينكم وبَينَهم {وَلِيَعْلَمَ ٱلْمُؤْمِنِينَ}.

{ وَلِيَعْلَمَ ٱلَّذِينَ نَافَقُواْ وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ قَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ أَوِ ٱدْفَعُواْ قَالُواْ لَوْ نَعْلَمُ قِتَالاً لاَّتَّبَعْنَاكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلإِيمَانِ يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِم مَّا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَٱللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ }
{وَلِيَعْلَمَ ٱلَّذِينَ نَافَقُواْ..} [167]
وحذف الفعل أي خلّى بَيْنَكم وبَينَهم والمنافقون عبدالله بن أُبيّ وأصحابُهُ وانهزموا يَومَ أُحُدٍ الى المدينة فلما {قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ قَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ أَوِ ٱدْفَعُواْ قَالُواْ لَوْ نَعْلَمُ قِتَالاً لاَّتَّبَعْنَاكُمْ} فَأَكْذَبَهُمْ الله جل وعز فقال {هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلإِيمَانِ يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِم مَّا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَٱللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ}.


اعراب آيات سورة ( آل عمران )
{ ٱلَّذِينَ قَالُواْ لإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُواْ لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا قُلْ فَادْرَءُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِن كُنْتُمْ صَادِقِينَ }
{ٱلَّذِينَ قَالُواْ لإِخْوَانِهِمْ..} [168]
في موضع نصب على النعت للذين نافقوا أو على أَعنِي يجوز أن يكون رفعاً على اضمار مبتدأ. {قُلْ فَادْرَءُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ} أي فكما لا تقدرون أن تدفعوا عن أنفسكم الموت كذا لا تَقدِرونَ أن تَمنَعوا من القتل من كَتَبَ الله جل وعز عليه أن يقتل.

{ وَلاَ تَحْسَبَنَّ ٱلَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ }
{وَلاَ تَحْسَبَنَّ ٱلَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ أَمْوَاتاً..} [169]
مفعولانِ {بَلْ أَحْيَاءٌ} أي بل هم أحياء.

{ فَرِحِينَ بِمَآ آتَاهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِٱلَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُواْ بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ }
{فَرِحِينَ..} [170]
نصب على الحال ويجوز في غير القرآن رفعه يكون نعتاً لأحياء. {وَيَسْتَبْشِرُونَ بِٱلَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُواْ بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ} قيل: لم يلحقوا بهم في الفضل وقيل: هم في الدنيا. {أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ} بدل من "الذين" وهو بدل الاشتمال ويجوز أن يكون المعنى بأن لا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون.




اعراب آيات سورة ( آل عمران )
{ ٱلَّذِينَ ٱسْتَجَابُواْ للَّهِ وَٱلرَّسُولِ مِن بَعْدِ مَآ أَصَابَهُمُ ٱلْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُواْ مِنْهُمْ وَٱتَّقَواْ أَجْرٌ عَظِيمٌ }
{ٱلَّذِينَ ٱسْتَجَابُواْ للَّهِ وَٱلرَّسُولِ..} [172]
ابتداء والخبر {لِلَّذِينَ أَحْسَنُواْ مِنْهُمْ وَٱتَّقَواْ أَجْرٌ عَظِيمٌ} ويجوز أن يكونَ الذين بدلاً من المؤمنين وبدلاً من الذين لم يلحقوا بهم.

{ ٱلَّذِينَ قَالَ لَهُمُ ٱلنَّاسُ إِنَّ ٱلنَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَٱخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا ٱللَّهُ وَنِعْمَ ٱلْوَكِيلُ }
{ٱلَّذِينَ قَالَ لَهُمُ ٱلنَّاسُ..} [173]
بدل من الذين قبله {وَقَالُواْ حَسْبُنَا ٱللَّهُ} ابتداء وخبر أي كافينا الله. يقال: أَحسَبَهُ إذا كافأه {وَنِعْمَ ٱلْوَكِيلُ} مرفوع بنعم أي نِعمَ القيِّمُ والحافظ الله والناصر لمن نصره.

{ إِنَّمَا ذٰلِكُمُ ٱلشَّيْطَـٰنُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُمْ مُّؤْمِنِينَ }
وقد ذكرنا {إِنَّمَا ذٰلِكُمُ ٱلشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ..} [175]

اعراب آيات سورة ( آل عمران )
{ وَلاَ يَحْزُنكَ ٱلَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي ٱلْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَن يَضُرُّواْ ٱللَّهَ شَيْئاً يُرِيدُ ٱللَّهُ أَلاَّ يَجْعَلَ لَهُمْ حَظّاً فِي ٱلآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ }
{وَلاَ يَحْزُنكَ ٱلَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي ٱلْكُفْرِ..} [176]
هذه أفصح اللغتين وقال: "يُحزِنكَ". ويقال: إنّ هؤلاء قوم أسلموا ثم ارتَدّوا خوفاً من المشركين فاغتمّ النبيّ صلى الله عليه وسلم فأنزل الله جل وعز "وَلاَ يَحْزُنكَ ٱلَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي ٱلْكُفْرِ" {إِنَّهُمْ لَن يَضُرُّواْ ٱللَّهَ شَيْئاً} أي لن يضروا أولياءَ اللهِ حينَ تَركُوا نَصْرهُم إذ كان الله جل وعز ناصرَهُم.

{ إِنَّ ٱلَّذِينَ ٱشْتَرَوُاْ ٱلْكُفْرَ بِٱلإِيمَانِ لَن يَضُرُّواْ ٱللَّهَ شَيْئاً وَلهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }
{إِنَّ ٱلَّذِينَ ٱشْتَرَوُاْ ٱلْكُفْرَ بِٱلإِيمَانِ..} [177]
مجاز جعل مما استبدلوا به من الكفر تركوه من الاسلام بمنزلة البيع والشراء.

{ وَلاَ يَحْسَبَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوۤاْ إِثْمَاً وَلَهْمُ عَذَابٌ مُّهِينٌ * مَّا كَانَ ٱللَّهُ لِيَذَرَ ٱلْمُؤْمِنِينَ عَلَىٰ مَآ أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىٰ يَمِيزَ ٱلْخَبِيثَ مِنَ ٱلطَّيِّبِ وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى ٱلْغَيْبِ وَلَكِنَّ ٱللَّهَ يَجْتَبِي مِن رُّسُلِهِ مَن يَشَآءُ فَآمِنُواْ بِٱللَّهِ وَرُسُلِهِ وَإِن تُؤْمِنُواْ وَتَتَّقُواْ فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ * وَلاَ يَحْسَبَنَّ ٱلَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَآ آتَاهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً لَّهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَّهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُواْ بِهِ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ وَللَّهِ مِيرَاثُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ }
{مَّا كَانَ ٱللَّهُ لِيَذَرَ ٱلْمُؤْمِنِينَ عَلَىٰ مَآ أَنْتُمْ عَلَيْهِ} [179]
لام النفي وأنْ مضمرة إِلاّ أنها لا تظهر. ومن أحسن ما قيل في الآية أن المعنى ما كان الله لِيذرَ المؤمنين على ما أنتم عليه من اختلاط المؤمنين بالمنافقين حتى يُميّزَ بينَهما بالمحنة والتكليفِ فتعرفوا المؤمنَ من المنافق والخبيث المنافق والطيب المؤمن. وقيل: المعنى ما كان الله لِيذرَ المؤمنين على ما أنتُم عليه من الإِقرار فقط حتى يفرض عليهم الفرائض، وقيل: هذا خطاب للمنافقين خاصة أي ما كان الله لِيَذَرَ المؤمنين على ما أنتم عليه من عداوةِ النبيّ صلى الله عليه وسلم. {وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى ٱلْغَيْبِ} أي ما كان ليعين لكم المنافقين حَتّى تعرفوهم ولكن يُظْهِرُ ذلك بالتكليف والمحنة وقيل: ما كان الله لِيُعْلِمكُم ما يكون منهم {وَلَكِنَّ ٱللَّهَ يَجْتَبِي مِن رُّسُلِهِ مَن يَشَآءُ} فيطلعه على ما يشاء من ذلك.
قرأ أهل المدينة وأكثر القراء:
{وَلاَ يَحْسَبَنَّ} [178، 180]
بالياء في الموضعين جميعاً وقرأ حمزة بالتاء فيهما، وزعم أبو حاتم: أنه لحن لا يجوز وتابَعَهُ على ذلك جماعة، وقرأ يحيى بن وثاب {إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ} بكسر "إِن" فيهما جميعاً. قال أبو حاتم: وسمعت الأخفش يذكر كسر "إن" يحتجّ به لأهل القَدَرِ لأنه كان منهم ويجعله على التقديم والتأخير أي ولا يحسبنّ الذين كفروا إنما نُملِي لهم ليزدادوا إِثما إِنما نملي لهم خير لأنفسهم. قال: ورأيت في مصحفٍ في المسجد الجامع قد زادوا فيه حَرفاً فصار: إنّما نُملي لهم ليزدادوا إِيماناً، فنظر إليه يعقوب القارئ فَتَبَيّن اللحق فَحَكّهُ. قال أبو جعفر: التقدير على قراءة نافع أنّ "أنّ" تنوب عن المفعولين، وأما قراءة حمزة فزعم الكسائي والفراء أنّها جائزة على التكرير أي ولا تَحسبنّ الذين كفروا لا تَحْسَبنّ إنما نُملِي لهم. قال أبو اسحاق: "أنّ" بدل من الذين أي ولا يحسبن أنما نملي لهم خير لأنفسهم أي إِملاءنا للذين كفروا خيراً لأنفسهم كما قال:
فما كانَ قيسٌ هلكُهُ هُلكُ واحدٍ * وَلكِنّهُ بنيانُ قومٍ تَهَدّمَا
قال أبو جعفر: قراءة يحيى بن وثاب بكسر إِن فيهما جميعاً حسنة كما تقول: حسبت عمراً أبوه خارج. فأما {وَلاَ يَحْسَبَنَّ ٱلَّذِينَ يَبْخَلُونَ} [آية 180] على قراءة نافع فالذين في موضع رفع والمفعول الأول محذوف. قال الخليل وسيبويه والكسائي والفراء والمعنى البخل هو خيراً لهم "وهو" زائدة، عماد عند الكوفيين وفاصلة عند البصريين ومثل هذا المضمر قول الشاعر:
إذا نُهِيَ السفِيهُ جَرَى إِليهِ * وخَالفَ والسفيهُ إِلى خِلافِ
لمّا أن قال السفيه دلّ على السفل فأضمره ولما قال جل وعز: يَبْخَلُونَ دلّ على البخل ونظيره قول العرب: "من كذبَ كانَ شراً له" فأما قراءة حمزة {وَلاَ يَحْسَبَنَّ ٱلَّذِينَ يَبْخَلُونَ} فبعيدة جداً وجوازها أن يكون التقدير: ولا تحسبنّ الذين يبخلون مِثلَ {وسْئَل القرية} ويجوز في العربية "وهُوَ خَيْرٌ لَّهُمْ" ابتداء وخبر {بَلْ هُوَ شَرٌّ لَّهُمْ} ابتداء وخبر وكذا {وَللَّهِ مِيرَاثُ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ} وكذا {وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ}، البُخْلُ والبَخَلُ في اللغة أن يمنع الانسان الحق الواجب عليه فأما مَنْ منع ما لا يجب عليه فليس ببخيل لأنه لا يُذَمّ بذلك وأهل الحجاز يقولون: يَبخُلُونَ وقد بخلُوا. وسائر العرب يقولون: بَخِلوا يَبخَلُون وبعض بني عامر يقولون: يَجْدَبِي أي يَجتَبِي فيبدلون من التاء دالاً إذا كان قَبلَها جيم ويقولونَ يَجْدَلدونَ [أي يَجْتَلِدُونَ].


اعراب آيات سورة ( آل عمران )
{ لَّقَدْ سَمِعَ ٱللَّهُ قَوْلَ ٱلَّذِينَ قَالُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَآءُ سَنَكْتُبُ مَا قَالُواْ وَقَتْلَهُمُ ٱلأَنبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُواْ عَذَابَ ٱلْحَرِيقِ }
{لَّقَدْ سَمِعَ ٱللَّهُ..} [181]
وإن شئت ادغمتَ الدال في السين لقربها منها {قَوْلَ ٱلَّذِينَ قَالُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَآءُ} كسرت إِن لأنها حكاية وبعض العرب يفتح. قال أهل التفسير: لما أَنزل الله جل وعز {من ذا الذِي يُقرِضُ الله قرضاً حسناً} قال قوم من اليهود إِن الله فقير يقترض منا وإِنما قالواهذا تمويهاً على ضعفائهم لا إِنهم يعتقدون هذا لأنهم أهل كتاب ولكنهم كفروا بهذا القول لأنهم/ 43 ب/ أرادوا تشكيك المؤمنين وتكذيب النبي صلى الله عليه وسلم أي إِنه فقير على قول محمد صلى الله عليه وسلم لأنه اقترض منا. {سَنَكْتُبُ مَا قَالُواْ} نصب بسنكتب وقرأ الأعمش وحمزة {سَيُكتَبُ مَا قَالُواْ} فما ههنا اسم ما لم يسمَّ فاعله واعتبر حمزة بقراءة ابن مسعود {ويقال ذُوقُواْ عَذَابَ ٱلْحَرِيقِ} {وَقَتْلَهُمُ ٱلأَنبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ} أي ونكتب قتلهم أي رضاهم بالقتل {وَنَقُولُ ذُوقُواْ عَذَابَ ٱلْحَرِيقِ} أي نوبخهم بهذا.

{ ذٰلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ ٱللَّهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ }
{ذٰلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ..} [182]
حذفت الضمة من الياء لثقلها.

{ ٱلَّذِينَ قَالُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ عَهِدَ إِلَيْنَا أَلاَّ نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّىٰ يَأْتِيَنَا بِقُرْبَانٍ تَأْكُلُهُ ٱلنَّارُ قُلْ قَدْ جَآءَكُمْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِي بِٱلْبَيِّنَاتِ وَبِٱلَّذِي قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ }
{ٱلَّذِينَ قَالُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ عَهِدَ إِلَيْنَا..} [183]
في موضع خفض بدلاً من الذين في قوله {لقد سَمِعَ الله قولَ الذينَ قالوا}: {أَلاَّ نُؤْمِنَ} في موضع نصب. قال المُلْهَم صاحب الأخفش من أدغم بِغُنّةٍ كَتَبَ أنْ لا منفصلاً ومن أدغمَ بغيرِ غنة كتب ألاّ متصلا وقيل بل يُكتَبَ منفصلاً لأنها "أن" دخلت عليها "لا" وقيل: من نصب الفعل كتبها متصلة ومن رفع كتبها منفصلة {حَتَّىٰ يَأْتِيَنَا} نصب بحتى. وقرأ عيسى بن عمر {بِقُرُبَانٍ} بضم الراء. إن جمعت قربانا قلت: قرابين وقرابنة. {قُلْ قَدْ جَآءَكُمْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِي} على تذكير الجميع أي جاء أوائلكم واذا جاء أوائلهم فقد جاءهم. {بِٱلْبَيِّنَاتِ} بالآيات المعجزات {بِٱلَّذِي قُلْتُمْ} بالقربان {فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} أي إِن كنتم صادقين ان الله جل وعز عهد إليكم ألاّ تؤمنوا حتى تؤتوا بقربان تأكله النار.


اعراب آيات سورة ( آل عمران )
{ فَإِن كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ جَآءُوا بِٱلْبَيِّنَاتِ وَٱلزُّبُرِ وَٱلْكِتَابِ ٱلْمُنِيرِ }
{فَإِن كَذَّبُوكَ..} [184]
شرط {فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ} جوابه فهذا تعزية له صلى الله عليه وسلم.

{ كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ ٱلْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ ٱلنَّارِ وَأُدْخِلَ ٱلْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَما ٱلْحَيَاةُ ٱلدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ ٱلْغُرُورِ }
{كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ ٱلْمَوْتِ..} [185]
ابتداء وخبر {وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ} "ما" كافة ولا يجوز أن تكونَ بمعنى الذي ولو كان ذلك لقلت: أجوركم فرفعت على خبر "إِن" وفرقتَ بين الصلة والموصول. {وَما ٱلْحَيَاةُ ٱلدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ ٱلْغُرُورِ} ابتداء وخبر أي أنها فانية فهي بمنزلة ما يغر ويخدع.

{ لَتُبْلَوُنَّ فِيۤ أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَمِنَ ٱلَّذِينَ أَشْرَكُوۤاْ أَذًى كَثِيراً وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ ذٰلِكَ مِنْ عَزْمِ ٱلأُمُورِ }
{لَتُبْلَوُنَّ فِيۤ أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ..} [186]
لاما قسمٍ فإن قيل: لِمَ ثبتت الواو في "لَتُبْلَوُنَّ" وحذفت من "لَتَسْمَعُنَّ"؟ فالجواب أنّ الواو في لتَبلوَنّ قبلها فتحة فحركت لالتقاء الساكنين ولم يَجُزْ حَذْفُها لأنه ليس قَبلَها ما يدلّ عليها وحذفت في ولتَسمعُنَّ لأن قَبلَها ما يدلّ عليها ولا يجوز همز الواو في لَتبلُونّ لأن حركتها عارضة.

اعراب آيات سورة ( آل عمران )
{ وَإِذْ أَخَذَ ٱللَّهُ مِيثَاقَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَآءَ ظُهُورِهِمْ وَٱشْتَرَوْاْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ }
{وَإِذْ أَخَذَ ٱللَّهُ مِيثَاقَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ..} [187]
على حكاية الخطاب، وقرأ أبو عمرو وعاصم بالياء لأنهم غُيَبٌ والهاء كناية عن الكتاب، وقيل: عن النبي صلى الله عليه وسلم أي عن أمرِهِ.

{ لاَ تَحْسَبَنَّ ٱلَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَآ أَتَوْاْ وَّيُحِبُّونَ أَن يُحْمَدُواْ بِمَا لَمْ يَفْعَلُواْ فَلاَ تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِّنَ ٱلْعَذَابِ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }
{لاَ تَحْسَبَنَّ ٱلَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَآ أَتَوْاْ..} [188]
وروى الحسين بن علي الجُعْفِي عن الأعمش {بِمَآ أَتَوْاْ} أي أعْطوا. قيل: يراد بهذا اليهود وفي قراءة أبيّ {بما فعلوا} وقال ابن زيد: هم المنافقون كانوا يقولون للنبي صلى الله عليه وسلم: نَخرجُ ونُحاربُ مَعَكَ ثم يتخلفونَ ويعتذرونَ ويفرحونَ بما فَعَلُوا لأنهم يرونَ أنهم قد تَمّتْ لهم الحيلةُ {فَلاَ تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِّنَ ٱلْعَذَابِ} كرر "تَحْسَبَنَّ" لطول الكلام لِيُعْلِمَ أنه يرادُ الأول كما تقول: لا تَحسَبْ زيداً إذا جاءك وكلّمك لا تَحسَبْهُ مناصحا.

{ وَللَّهِ مُلْكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }
{وَللَّهِ مُلْكُ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ..} [189]
ابتداء وخبر وكذا {وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}.


اعراب آيات سورة ( آل عمران )
{ إِنَّ فِي خَلْقِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَٱخْتِلاَفِ ٱلَّيلِ وَٱلنَّهَارِ لآيَاتٍ لأُوْلِي ٱلأَلْبَابِ }
{إِنَّ فِي خَلْقِ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ وَٱخْتِلاَفِ ٱلْلَّيْلِ وَٱلنَّهَارِ لآيَاتٍ..} [190]
في موضع نصب على أنه اسم "إِنّ" {لأُوْلِي} خفض باللام وزيدت فيها الواو فرقاً بينها وبين "إِلى". {ٱلأَلْبَابِ} خفض بالاضافة وحكى سيبويه عن يونس: قد لَبُبْتَ ولا يعرف في المضاعف سواه.

{ ٱلَّذِينَ يَذْكُرُونَ ٱللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ رَبَّنَآ مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ }
{ٱلَّذِينَ يَذْكُرُونَ ٱللَّهَ..} [191]
في موضع خفض على النعت لأُولي الألبابِ {قِيَاماً وَقُعُوداً} نصب على الحال {وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمْ} في موضع حال أي مضطجعين {وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ} أي ليكون ذلك أزيد في بصائرهم ويكون "وَيَتَفَكَّرُونَ" عطفاً على الحل أو على يذكرون أو منقطعاً. {رَبَّنَآ مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً} أي ما خلقته من أجلِ باطلٍ أي خلقته دليلاً عليك، والتقدير: يقولون "باطلاً"/ 44/ أ/ مفعول من أجله. {سُبْحَانَكَ} أي تنزيهاً لك من أن يكون خلقتَ هذا باطلاً. حَدّثَنَا عبدالسلام بن أحمد بن سهل قال: حدثنا محمد بن علي بن مُحَرِّر قال حدثنا أبو أسامة قال حدثنا الثوريّ عن عثمان بن عبدالله بن مَوْهَبٍ عن موسى بن طلحة قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن معنى "سُبْحانَ اللهِ" فقال: تنزيهُ اللهِ عن السوءِ. "سبُحْاَنَكَ" مصدر وأضيف على أنه نكرة.

{ رَّبَّنَآ إِنَّنَآ سَمِعْنَا مُنَادِياً يُنَادِي لِلإِيمَانِ أَنْ آمِنُواْ بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَٱغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ ٱلأَبْرَارِ }
{رَّبَّنَآ..} [193]
نداء مضاف {أَنْ آمِنُواْ بِرَبِّكُمْ} في موضع نصب أي بأن آمنوا {وَتَوَفَّنَا مَعَ ٱلأَبْرَارِ} المعنى وتوفنا أَبراراً مع الأبرار، ومِثلُ هذا الحَذف كلّه قوله:
كأنّكَ مِنْ جمال بَني أُقَيْشٍ * يُقَعْقَعُ خَلفَ رِجْلَيْهِ بِشَنِّ
وواحد الأبرار بارٌّ كما يقال: صاحب وأصحاب، ويجوز أن يكون واحدهم بَرّاً مثلُ كَتِف وأكتاف.


اعراب آيات سورة ( آل عمران )
{ رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدتَّنَا عَلَىٰ رُسُلِكَ وَلاَ تُخْزِنَا يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ إِنَّكَ لاَ تُخْلِفُ ٱلْمِيعَادَ }
{رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدتَّنَا عَلَىٰ رُسُلِكَ..} [194]
أي على ألسن رسلك مثلُ {وسْئَل القرية}.

{ فَٱسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنْكُمْ مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَىٰ بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ فَٱلَّذِينَ هَاجَرُواْ وَأُخْرِجُواْ مِن دِيَـٰرِهِمْ وَأُوذُواْ فِي سَبِيلِي وَقَـٰتَلُواْ وَقُتِلُواْ لأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّـٰتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَـٰرُ ثَوَاباً مِّن عِندِ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ عِندَهُ حُسْنُ ٱلثَّوَابِ }
{فَٱسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي..} [195]
أي بأنّي، وقرأ عيسى بن عمر {فَٱسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ إِنِّي} بكسر الهمزة أي فقال إِني. {بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ} ابتداء وخبر أي دينكم واحد. {فَٱلَّذِينَ هَاجَرُواْ} ابتداء {وَأُخْرِجُواْ مِن دِيَارِهِمْ} أي في طاعة الله جل وعز {وَقَاتَلُواْ} أي قاتلوا أعدائي {وَقُتِلُواْ} أي في سبيلي، وقرأ ابن كثير وابن عامر {وَقَاتَلُواْ وَقُتِّلُواْ} على التكثير، وقرأ الأعمش وحمزة والكسائي {وقُتِلُوا وقَاتَلُوا} لأن الواو تدلّ على أن الثاني بعد الأول قال هارون القارئ: حَدّثَنِي يزيد بن حازم عن عمر بن عبد العزيز رحمة الله عليه أنه قرأ {وقَتلُوا وقُتِلُوا} خفيفة بغير ألف. {لأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ} أي لأسترنّها عليهم في الآخرة فلا أوبخهم بها ولا أعاقبهم عليها {ثَوَاباً مِّن عِندِ ٱللَّهِ} مصدر موكد عند البصريين، وقال الكسائي: وهو منصوب على القطع، وقال الفراء: هو مُفَسِّر.

{ لاَ يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فِي ٱلْبِلاَدِ }
{لاَ يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فِي ٱلْبِلاَدِ..} [196]
نهي مؤكد بالنون الثقيلة، وقرأ ابن أبي إِسحاق ويعقوب {لاَ يَغُرَّنَّكَ} بنون خفيفة.


اعراب آيات سورة ( آل عمران )
{ مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ ٱلْمِهَادُ }
{مَتَاعٌ قَلِيلٌ..} [197]
أي ذلك متاع قليل أي ابتداء وخبر، وكذا {مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ} والجمع مآو.

{ لَكِنِ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَوْاْ رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نُزُلاً مِّنْ عِندِ ٱللَّهِ وَمَا عِندَ ٱللَّهِ خَيْرٌ لِّلأَبْرَارِ }
{لَكِنِ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَوْاْ رَبَّهُمْ..} [198]
في موضع رفع بالابتداء، وقرأ يزيد بن القعقاع {لَكِنّ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَوْاْ} بتشديد النون {نُزُلاً مِّنْ عِندِ ٱللَّهِ} مثل ثواباً عند البصريين، وقال الكسائي: يكون مصدراً وقال الفراء: هو مُفَسّر، وقرأ الحسن {نُزْلاً} باسكان الزاي وهي لغة تميم، وأهل الحجاز وبنو أسد يُثقّلون.

{وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ ٱلْكِتَٰبِ لَمَن يُؤْمِنُ بِٱللَّهِ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيْهِمْ خَٰشِعِينَ للَّهِ لاَ يَشْتَرُونَ بِآيَـٰتِ ٱللَّهِ ثَمَناً قَلِيلاً أُوْلـٰئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ إِنَّ ٱللَّهَ سَرِيعُ ٱلْحِسَابِ }
{وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ لَمَن يُؤْمِنُ بِٱللَّهِ..} [199]
اسم "إِنّ" واللام توكيد. قال الضحاك: وما أُنزِلَ إِليكم القرآن وما أُنزِلَ إِليهم التوراة والانجيل. قال الحسن: نزلت في النجاشيّ {خَاشِعِينَ للَّهِ} حال من المضمر الذي في يؤمن، وقال الكسائي: يكون قطعاً مِنْ مَنْ لأنها معرفة وتكون قطعاً مِنْ وما أُنزِلَ إِليهم. قال الضحاك: "خَاشِعِينَ" أي أذلّة.


اعراب آيات سورة ( آل عمران )
{ يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ }
{يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱصْبِرُواْ..} [200]
أمر فلذلك حذفت منه النون {وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ} عطف عليه وكذا {وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ} أي لا يكن وكدكم الجهاد فقط اتقوا الله في جميع أموركم {لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} أي لتكونوا على رجاء من الفلاح. قال الضحاك: الفلاح البقاء.

Tidak ada komentar:

Posting Komentar